السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-10-11

هلا اشتغلت بعيوب نفسك؟؟؟


هلا اشتغلت بعيوب نفسك؟؟؟
لو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس ؛ لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أول وسيسأل عنها قبل غيرها، وقد قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}... (المدثر:38). وقال: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}.. (الإسراء : 15). وقال سبحانه : {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.. (الأنعام : 164). قال الشاعر: المرء إن كان عاقلا ورعا أشغله عن عيوب غيره ورعه كما العليل السقيم أشغله عن وجع الناس كلهم وجعه وإذا كان العبد بهذه الصفة ـ مشغولا بنفسه عن غيره ـ ارتاحت له النفوس، وكان محبوبا من الناس، وجزاه الله تعالى بجنس عمله، فيستره ويكف ألسنة الناس عنه، أما من كان متتبعا عيوب الناس متحدثا بها مشنعا عليهم فإنه لن يسلم من بغضهم وأذاهم، ويكون جزاؤه من جنس عمله أيضا؛ فإن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته. يقول الشاعر: لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا فيهتك الله ستراً عن مساويكا واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ولا تعب أحداً منهم بما فيكا وقد يكون انشغال العبد بعيوب الناس والتحدث بها بمثابة ورقة التوت التي يحاول أن يغطي بها عيوبه وسوءاته، فقد سمع أعرابي رجلا يقع في الناس، فقال: "قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس؛ لأن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها". يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى: [والشخص الذي يرى صورة نفسه صغيرة جداً تجده دائماً يضخم عيوب الآخرين، ولذا تبرز شخصية الإنسان من خلال نصيبه من هذه القضية، فإذا عُرف بأنه مشغول بتضخيم عيوب الآخرين والطعن في الناس، فهذه مرآة تعكس أنه يشعر بضآلة نفسه وبحقارتها وأن حجم نفسه صغير؛ لأنه يعتقد أنه لن ينفتح إلا على أنقاض الآخرين، فدائماً يحاول أن يحطم الآخرين، ولذا يكثر نقد الناس وذكر عيوبهم، وهذه مرآة تعكس أن إحساسه وثقته بنفسه ضعيفة، وأنه في داخل نفسه يحس أنه صغير وحقير، فلذلك يشتغل بعيوب الآخرين. يقول عون بن عبد الله رحمه الله: لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها عن نفسه. وعن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى قال: كنا نحدث أن أكثر الناس خطايا أفرغهم لذكر خطايا الناس. وكان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول: كفى بالمرء إثماً ألا يكون صالحاً، ثم يجلس في المجالس ويقع في عرض الصالحين. وقال ابو عاصم النبيل: لا يذكر الناس فيما يكرهون إلا سفلة لا دين لهم]. وقال بكر بن عبد الله: " إذا رأيتم الرجل موكّلا بعيوب الناس، ناسيا لعيوبه ـ فاعلموا أنه قد مُكِرَ به". والإنسان ـ لنقصه ـ يتوصل إلى عيب أخيه مع خفائه، وينسى عيب نفسه مع ظهوره ظهورا مستحكما لا خفاء به. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه". قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه ويذكر عيبا في أخيه قد اختفى ولو كان ذا عقل لما عاب غيره وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى إن الانشغال بعيوب الناس يجر العبد إلى الغيبة ولابد، وقد عرفنا ما في الغيبة من إثم ومساوىء يتنزه عنها المسلم الصادق النبيل. كما أن الانشغال بعيوب الناس يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع ، فحين يتكلم المرء في الناس فإنهم سيتكلمون فيه ، وربما تكلموا فيه بالباطل إذا أنت عبت الناس عابوا وأكثروا عليك، وأبدوا منك ما كان يُسترُ وإذا رجعت إلى السلف الصالح رضي الله عنهم لوجدت منهم في هذا الباب عجبا؛ إذ كانوا مشغولين بعيوب أنفسهم عن عيوب غيرهم، بل ينظرون إلى أنفسهم نظرة كلها تواضع مع رفعتهم وعلو شأنهم رضي الله عنهم، بل كانوا يخافون إن تكلموا في الناس بما فيهم أن يبتلوا بما ابتلي به الناس من هذه العيوب كما قال الأعمش: سمعت إبراهيم يقول: "إني لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكلّم فيه إلا مخافة أن أُبتلى بمثله". وبالإضافة إلى هذا كانوا يوقنون ويعملون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". وقد لقي زاهد زاهداً فقال له: يا أخي! إني لأحبك في الله، فقال الآخر: لو علمتَ مني ما أعلم من نفسي لأبغضتني في الله، فقال له الأول: لو علمتُ منك ما تعلم من نفسك لكان لي فيما أعلم من نفسي شغل عن بغضك. فيا أيها الحبيب لك في نفسك شغل عن عيوب غيرك ؛ ففيك أضعاف أضعاف ما تراه في الآخرين ، فلا تفتح على نفسك باب الغيبة وسوء الظن وهتك أستار الناس بالانشغال بعيوبهم ، ولا تفتح على نفسك باب شر لا يسد بالكلام عن الناس فيتكلموا عنك: متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم عيوبا ولكن الذي فيك أكثر فسالمهم بالكف عنهم فإنهم بعيبك من عينيك أهدى وأبصر وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بقلم عبد النور خبابة

هناك 15 تعليقًا:

  1. بارك الله فيك

    ردحذف
  2. فهذه مرآة تعكس أنه يشعر بضآلة نفسه وبحقارتها وأن حجم نفسه صغير؛ لأنه يعتقد أنه لن ينفتح إلا على أنقاض الآخرين، فدائماً يحاول أن يحطم الآخرين، ولذا يكثر نقد الناس وذكر عيوبهم، وهذه مرآة تعكس أن إحساسه وثقته بنفسه ضعيفة، وأنه في داخل نفسه يحس أنه صغير وحقير،...
    واقع مر .
    بارك الله فيك يا الشيخ

    ردحذف
  3. حضور حروفك يشبه حضورالعيد نزف رائع وجميل وآخآذ و
    طرح راقي الحضورو كما يقول ابن المقفع :(( من أشد عيوب الإنسان خفاء عيوبه عليه ، فإن من خفي عليه عيبه خفيت عليه محاسن غيره )) ..

    ردحذف
  4. أخي غير المعروف لكنك صرت في مدونتي معروفا بحضورك المميز ، بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ونفع بك خالص تحياتي عزيزي.

    ردحذف
  5. أختي فاكمة الزهراء الاديبة الأريبة:
    بل حضورك هو الأجمل وتعليقك هو الأكثر تميزا يسرني كثيرا زيارتك وإطلالاتك البهية خالص تحياتي .

    ردحذف
  6. السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

    أستاذنا الكريم عبد النور .أحييك على مقالك الرائع.فأنا ( غير المعرف) صاحب التعليقات في موضوعي(عقل النمل , و بصمة في قبر).
    و لست غير المعرف في أول تعليقات هذه الصفحة.

    مقالك جميل و رائع و مفيد .
    لكنني كعادتي ربما ثقيل الظل قليلا.

    أنا أوافقك الرأية مئة بالمئة جين يتعلق الحديث عن ذكر عيوب الناس .كعيوب.

    لكن نقد كلام العلماء و الشيوخ و تحليله و محاولة فهمه .و أحيانا نقضه بالبرهان الحق , لا يعد من قبيل الإشتغال بعيوب الناس .

    لأن هذا المضمار مضمار علم .

    و السكوت فضيلة إلا إذا كانت سكوتا عن الحق .

    جاء مقالك الرائع بعد مداخلاتي .لذا فهمت بعض المقصود من بين سطور المقال .

    لكنني أشكرك و أشد على يديك .و أحييك .

    ردحذف
  7. كلام جميل ينسب إلى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه , حين أشار عليه أحد بعدم الرد على المبتدعة.فقال ما معناه: لو سكت أنت و سكت أنا فمن ذا الذي ينصر الدين؟.

    خطأ في مداخلتي السابقة ( الرأي و ليس الرأية) .شكرا.

    ردحذف
  8. أستاذنا العزيز , بعد الآن إن شاء الله سأكتب باسم الناقد 1.

    شكرا.

    ردحذف
  9. حتى لو اردنا التعليق على كلامك فاننا لن نستطيع ذلك ...لأن أقلامنا لا تكتب الا لمن يعرفون بأنفسهم...عيب أن تكتب باسم مجهول يا اخي الكريم ...دمت ناقدا مجهولا ان شاء الله ...لك مني أجمل الامنيات و أصدق التحيات ....سلام عليك

    ردحذف
  10. أخي غير االمعروف الناقد1 أهلا بك دوما ، كلامك عن نقد العلماء والشيوخ نعم بشرط إن كنت تملك آليات ذلك من علم بأصول الفقه، وأصول الحديث ، وأصول الحوار والنقد ، وأدب الحديث والمناظرة، وأصول اللغة العربية لك ذلك أما أن تكون من الجماعة التي تهرف بما لا تعرف ممن تضج بهم الساحة اليوم أصحاب العلم من المطويات والرسائل، فلا . لأنه ما منا إلا راد ومردود عليه إلا الرسول عليه الصلاة والسلام. تحياتي عزيزي

    ردحذف
  11. أشكر الأخت فاطمة الزهراء على أجمل أمنياتها و أصدق تحياتها , لمن ترى أنه واقع في عيب لأنه مجهول.

    كم من مجاهيل علموا الكثيرين .

    و كم من أعلام معروفين ضلوا و أضلوا .


    و أشكر أخي العزيز عبد النور,

    أخي الكريم ما تراه أنت أدوات ضرورية لنقد كلام العلماء , أراه أنا عبارة عن باركور مضني الهدف منه تمرير كلام بشر نسميهم علماء حتى و إن أخطأوا الطريق.


    علماء اليهود , أحبارهم و فريسيوهم , هم من كفر المسيح بن مريم عليه السلام.


    أشراف مكة و مثقفيها إن صح التعبير هم من كفروا خاتم النبيين صلى الله عليه و آله و سلم .

    و أبسط الناس هم من قبلوا دعوة الأنبياء عبر التاريخ .

    فمن يكون بلال رضي الله عنه أمام أبي سفيان في منظور البشر قبل أن يأتي خاتم النبيين-ص- ليخرج الناس من الظلمات إلى النور؟.



    و لك عبرة أظن أنك لم تنتبه إليها حتى الآن في خير خلق الله .الأنبياء الكرام .

    هل منهم نبي واحد تتلمذ على يد علماء أرضيين؟.

    لا أدعي النبوة و العياذ بالله.

    لكن لتعرف أن الشهادات تبقى مجرد وثائق من ورق و حبر.و لا تصلح أن تكون معيارا لمعرفة الحق من الباطل.


    من ثمارهم تعرفونهم :

    صار لدي الآن بعض المداخلات في مدونتك الجميلة.و من خلالها ستدرك من الذي يهرف بما لا يعرف .

    هل من يطعن في نبوة رسول الله خاتم النبيين بادعاء وقوعه تحت السحر ؟.
    أم من ينزه رسول الله محمدا-ص-عن أن يكون فريسة لسحر اليهود طرفة عين .

    (( و قال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا)).

    الإسلام دين العقائد الواضحة و المنهج الفكري البسيط و العقلاني في نفس الوقت ..


    لذا لسنا في حاجة لشهادات يصدرها البشر بعضهم لبعض ليضلوا بها كثيرا من خلق الله .


    شكرا.
    و أرجو أن لا يضيق صدرك بوجودي عندك.فأنا لا أداهن يا عزيزي , لذا سأظل ناقدا مجهولا.

    الناقد 1.
    شكرا .

    ردحذف
  12. عزيزي الناقد 1:
    انا لم آتي على ذكر الشهادات أصلا، لا أدري محل ذكرها من الإعراب في كلامك ؟؟؟ وأما ما ذكرت من آليات لنقد العلماء فلا نقاش فيها، ومحاولة اطراحها محض سفاهة عقد وصعود سلم بالمقلوب،اعلم عزيزي ان صدري لا يضيق ولن يضيق كن واثقا من هذا أخي ويسرني كثيرا مداخلاتك دمت ناقدا، نستفيد منك، لكن يسرني أكثر أن أعرفك .

    ردحذف
  13. فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَ‌حْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴿٦٥﴾ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُ‌شْدً. / صدق الله العظيم

    أليس هذا نبي الله موسى من الرسل أولو العزم..يطلب من عبد من عباد الله آتاه علما (يعني بشرا عالما)؟.

    ردحذف
  14. يا صديقي غير معرف.

    كي تعرف التفسير الصحيح لقصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح , ينبغي لك أن تمتلك فقط منهجية تدبر القرآن الكريم .و سبق الإشارة إليها .

    و عليك أن تطرح ألف سؤال قبل أن تقول أن موسى تعلم من رجل لا يجزم أحد بنبوته أصلا.فضلا عن وجوده في الواقع.

    فهل ما زلت تؤمن بالخضر الذي شرب من عين الحياة و هو حي الآن؟.

    و هل يمكن أن يتعلم نبي من شخص مجهول ؟.
    ثم ماذا تعلم عنه ؟.

    تعلم منه كيف يكسر سفينة لقوم أحسنوا إليهما .

    و كيف يقتل غلاما قبل أن يرتكب جريمة .

    و كيف يبني جدارا لم يدع إلى بنائه.


    ثم متى حدثت هذه القصة؟.

    غاب موسى عن قومه أربيعن يوما فاتخذوا العجل إله من دون الله .

    و رحلة إلى أقرب مجمع بحرين أيام عيسى كانت تتطلب أشهرا.


    و هنا ستدرك أن الرحلة لم تكن سوى رؤيا .
    بدليل أن الغداء دبت فيه الحياة و عاد الحوت إلى البحر.
    و ربك أخبرنا أنه يمسك النفس التي قضى عليها الموت .

    إن الرجل الذي كان يعلم موسى عليه السلام هو سيده و إمام المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم .و كل ذلك كان رؤيا .


    و الأحداث التي مرت في القصة فيها من العبر و الفوائد ما لا يوجد إلا في كلام الله علام الغيوب.


    إما تفسيرات علمائنا القدامى , فأخطأت طريق الحق .بل صارت تفسيرات مخجلة لأتباعهم اليوم.

    فكيف تبرر قتل غلام قبل ارتكابه جرما ؟.

    الناقد1.

    ردحذف
  15. هل اذا بحثتُ لي عن تفسيرك لكتاب الله أجده بعنوان:
    " تفسير الناقد1" ؟؟
    اللهم ارحم ورثة نبيك محمد صلي الله عليه و سلم علماء الأمة و ألحقنا بهم مشرَّفين بتبعيتهم من غير خجل..

    ردحذف