السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2016-08-27

عثرات الحياة



المشكلة ليست أن الحياة بها عقبات ، ولكنك قد لا تعرف سنن الله في خلقه . إذا لم تكن شخصاً ناجحاً، فإن أغلب أمور الحياة ستبدو غير متوازنة بالنسبة لك. الحقيقة تكمن في أن الحياة لها نظام مختلف، وطرق النجاح هذه موجودة ومنطقية ، لكنها معقدة وغير مريحة ولذلك لا يتعلمها الآكثرون. لذلك، دعونا نحاول:
القاعدة الأولى: الحياة عبارة عن منافسة
تلك التجارة التي تديرها؟ تجارة مع الله
وتجارة في حياتك الدنيا ...
هناك شخص يريد إخفاقها. تلك الوظيفة التي تُعجبك؟ هناك شخص يود أن يستبدل مكانك ببرنامج كمبيوتر. تلك الفتاة ، الشاب ، الوظيفة المرموقة| الشهادة التي تود الحصول عليها؟ لست وحدك، كل الأشخاص يريدونها.
كلنا في سباق، على الرغم من أننا نفضل أن نتجاهل ذلك. أغلب الإنجازات ملحوظة لأننا نقارنها بإنجازات الآخرين: أنت تسبح أكثر أميالاً من غيرك، أو تسبح أفضل، أو تحصل على كمية أكبر من ال”لايك” في موقع الفيسبوك. ممتاز.
لكن من المؤلم أن تصدق، ولذلك يدعم بعضنا بعضاً “افعل ما بوسعك”، “أنت في سباق مع نفسك”. المُضحك في هذه العبارات أنها صُممت لتجعلك تجتهد أكثر. إذا كانت المنافسة غير مهمة، سنُخبر أطفالنا أن يتوقفوا عن المحاولة وأن يستسلموا. لحسن الحظ، نحن لا نعيش في عالم يقتل بعضه بعضاً من أجل المنافسة. بزمن الحضارة الحديثة هناك فرص كافية للجميع حتى وإن لم نتنافس بشكل مباشر.
لكن لا تنخدع بالوهم القائل أن الحياة ليست سباقاً، فالناس يهتمون بمنظرهم من أجل أن يحصلوا على شريكٍ للحياة، يكافحون في المقابلات الوظيفية من أجل الحصول على عمل. إذا كنت تنكر أن المنافسة غير موجودة، فإنك واهم. كل أمر مرغوب في هذه الحياة يكون في ميزان المنافسة. والأفضل يحصل عليه هؤلاء الذين يريدون أن يتقاتلوا من أجله.
القاعدة رقم 2: يُحكم عليك من خلال ماتفعله، ليس من خلال ما تؤمن به
المجتمع يحكم على الناس من خلال مايستطيعون فعله من أجل الآخرين. هل تستطيع إنقاذ طفل في منزل مشتعل بالنيران؟ أو أن تزيل ورم سرطاني؟ أو أن تُضحك غرفة مليئة بالناس؟ لديك قيمة هنا.
لكن هذا ليس مانفعله نحن تجاه أنفسنا، نحن لا نحكم على أنفسنا إلا بالأفكار. “أنا شخص جيد”، “أنا شخص طموح”، “أنا أفضل من هذا”.. هذه الأفكار الخاملة ربما تريحنا في الليل، لكنها ليست ضمن المعايير التي يرانا بها الآخرون. وليست حتى معاييرنا التي نرى بها الآخرون.
النوايا الطيبة ليست مهمة. الإحساس الداخلي بالفخر والحب والواجب ليس مهماً. المهم ماذا تستطيع أن تفعل للآخرين وماذا قدّمت للعالم.
القدرات لا تُكافئ من أجل مزاياها، ولذلك أي تقدير يصدر من المجتمع يكون من منظور أناني: عامل النظافة المجتهد أقل تقديراً من سمسار الأسهم القاسي. باحث في السرطان أقل تقديراً من عارضة أزياء. لماذا؟ لأن هذه القدرات (سمسار الأسهم، وعارضة الأزياء) أكثر ندرة وتؤثر على أشخاص أكثر.
في الحقيقة، التقدير الإجتماعي عبارة عن تأثير شبكة علاقات: المكافآت تُقدم إلى الأشخاص الأكثر شهرة.
اكتب كتاباً ولا تنشره، لا أحد يعرفك. أكتب انقذ شخصاً، أنت بطل المدينة ولكن عالج مرض السرطان، ستصبح أسطورة. لسوء الحظ، هذه القاعدة تنطبق على كل المواهب، حتى التافهة منها: تعرّى أمام شخص فيتبسم.
يبدو أنك ستكره هذه الحقيقة، لأنها قد تجعلك تشعر بالغثيان. لكن الحقيقة كذلك: يُحكم عليك من خلال قدراتك، وعلى عدد الناس الذين ستؤثر عليهم من خلال قدراتك هذه. إذا لم تتقبل هذا الأمر، سترى الحياة غير مجديه
قاعدة رقم 3: أفكارنا عن العدل هي أفكار أنانية
يحب الناس أن يخترعوا سلطة أخلاقية. ولذلك، لدينا رجال حسبه في الميدان. وقضاة في المحاكم: لدينا غريزة بالصواب والخطأ، ونتوقّع من العالم أن يلتزم بها. في البيت يخبرنا والدينا بذلك، وفي المدرسة نتعلم من أساتذتنا كذلك. كن ولداً طيباً وسوف تحصل على قطعة من الحلوى.
لكن الواقع مختلف. درست بجد ولكنك رسبت في الإمتحان. عملت بمجهود كبير ولكنك لم تُرقّى في الوظيفة. تحبها والدتك ولكنها لم ترد على إتصالاتك.. ليست المشكلة في أن الحياة غير جميلة، ولكن في أفكارك المتصدعة عن الجمال.
ألقِ نظرة على الشخص الذي يعجبك ولكنك لم تعجبه. إنه شخص متكامل: شخص لديه سنوات من الخبرة في أن يكون إنساناً مختلفاً عنك. الشخص الحقيقي هو الذي يتفاعل مع مئات أو آلاف الأشخاص كل سنة.
لكن العجيب في كل هذا هو أنك تريد أن تكون الشخص المحبوب لديه لأنك فقط موجود في هذه الحياة؟ لأنك تشعر بإعجاب تجاهه؟ قد يكون هذا الأمر مهماً بالنسبة لك، لكن قرارات الأشخاص ليست بالضرورة أن تكون عنك.
وبالمثل، نحب أن نكره مدرائنا وآبائنا والصحفيون. قراراتهم غير صائبة وغبية. لأنهم لا يتفقون معي! ويجب عليهم أن يتفقوا معي! لأنني وبدون مناقشة أفضل شخصية وُجدت على الأرض!
في الحقيقة يوجد أشخاص كريهون بالطبع. لكن ليس كل الأشخاص في العالم سيئون، أو وحوش أنانية يملئون جيوبهم بمآسيك. أغلبهم يحاول أن يفعل ما بوسعه ولكن في ظروف مختلفة عن ظروفك.
قد يعرفون أموراً لا تعرفها، ومن الممكن أن لديهم أولويات مختلفة عنك. لكنهم يجعلونك تشعر، أفعال الآخرين ليست حكم وجودي على وجودك، بل هي محصلة وجودهم في هذه الحياة.
لماذا الحياة متعبة؟

فكرتنا عن السعادة ليست سهلة: هي عباءة نغطّي بها أفكارنا التي نتمناها.
هل تستطيع أن تتخيل كيف ستكون الحياة مجنونة إذا كانت عادلة لكل الأشخاص في العالم؟ لا يستطيع أحد أن يحصل على إعجاب الآخرين بدون أن يكون شريكاً لهم حتى لا يُحطّم قلوبهم. ستفشل الشركات فقط إذا وظّفت الأشخاص السيئين. ستنتهي العلاقات فقط إذا مات الشريكان سوية. ستحل المصائب فقط بالأشخاص السيئين. أغلبنا يشغل تفكيره بكيف يجب أن تكون الحياة ولكننا لا نستطيع أن نرى كيف تكون الحياة أصلاً. لذلك، مواجهة الحقيقة ستكون كالمفتاح الذي يجعلنا نفهم العالم، ويجعلك تفهم إمكانياتك.

خطوات عملية لحل المشكلات الصعبة

في الحقيقة أنا لا أعتقد أن هناك طريقة واحدة لحل مشكلتك الصعبة ، كما أن الطرق التي سوف تستخدمها لحل المشكلة تعتمد على طبيعة المشكلة نفسها.
لكن لدي مجموعة من النصائح التي ساعدتني في حل المشكلات ، ربما من النادر أن أعمل بكل هذه النصائح سوياً في حل المشكلات ، كما أن هذه النصائح ليست مرتبة أو منظمة في تصنيفات.
على كل حال لقد وجدت أن تطبيق بعضا من هذه النصائح في بداية المشكلة يقلل من حدتها ويساهم في حلها بشكل أسرع ، ويقلل من المضاعفات والآثار السلبية للمشكلة.
١. القضاء على المشكله قبل أن تكبر :
إن هذا هو أول ما يجب أن تقوم به عندما تبدأ التعامل مع مشكلة ما ، فمتى ما عالجت المشكلة ، حقيقة أن المشكلة موجودة فعلا واعترفت بها ، وتوقفت عن مقاومتها وإهمالها فإنك ستتوقف عن إلقاء الجمر على النار وإذكاء المشكلة بمشاعرك السلبية تجاهها ، إن المشكلة موجودة فوفر طاقتك النفسية واصرف جهدك بشحنات موجبة في ابتكار الحل لها عاجلاً لا من صرفها على شكل شحنات سالبة في مقاومة قبول وجودها.
٢.اسأل نفسك:
ما هو أسوأ شيء يمكن حدوثه؟
هذه نصيحة أخرى يجب أن تقوم بها في بدايات حدوث المشكلة ، توقع أسوأ النتائج إن تفكيرك يمكنه بسهولة أن يعقد المشكلة ، وقد يقودك إلى أن تشعر بأنها ضخمة وخارج نطاق احتمالك ، لذا ، فإنك عندما تسأل نفسك هذا السؤال ستضع المشكلة في حجمها الطبيعي ، وستكتشف أن أسوأ سيناريو لها -إذا كنت قد جاوبت على السؤال وحددتها بوضوح- وإن كان مزعجا وغير محبب إلا أن التعامل معه في نهاية الأمر وارد وممكن.
٣. اجمع معلومات جيدة ووافية عن المشكلة:
إن جمع المعلومات الدقيقة والحقيقية والصحيحة عن مشكلتك غالبا ما يقلل القلق غير المبرر والمخاوف غير الحقيقية التي تواجهها عندما تتحدى المشكلة ، المعرفة تبدد غيوم الخوف التي تحيط بالمشكلة ، وتكشف لك غالبا أن المشكلة ليست بالخطورة التي توقعتها.
٤. حاول أن تتنبأ بإمكانية حدوث المشكلة طوال الوقت:
إنه أمر يمكنك أن تفعله ولو لم تنشأ المشكلة ، كن مستعدا ، واستفد من المعلومات التي جمعتها -كما ذكرنا في الخطوة السابقة- وحاول أيضا أن تكتشف ما هي الاحتمالات التي قد تحدث في مثل موقفك وحالتك ، وما التحديات التي قد تواجهها ، أسأل الآخرين ، فإن لم تجد من تسأله فإن الكتب و المدونات و المنتديات هي مصادر ثرية لخبرات الآخرين ، إضافة إلى ذلك كن متابعا جيدا للمجموعات المحلية والمنظمات التي قد تفيدك ، ومواقع الاستشارات ،ابحث في جوجل عن تجارب مشابهة لك وتأمل في نتائج البحث ، وإذا كان سمعك مصغيا و عينك متيقظة فإنك حتما ستلتقط شيئا مفيدا لك بإذن الله.
٥.اطلب المساعدة:
يمكنك أن تطلب الناس نصيحتهم في الذي ينبغي عليك أن تفعله ، أوتسألهم عن الذي فعلوه في حالات مشابهة لحالتك ، ومن ناحية أخرى فيمكنك أن تطلب منهم أشياء أكثر عملية ، وأن يساهموا ويتدخلوا في حل المشكلة ، لا يجب عليك أن تكون مسؤولا وحدك عن حل مشاكلك بشكل دائم ، إن وجود الآخرين في صفك يشعرك بالارتياح نفسيا ، حتى لو لم يكن منهم سوى الدعم النفسي.
٦.تخلص من شعور (يجب أن أكون على صواب) !:
كن منفتحا على الحلول التي قد تنجح في حل المشكلة بدلا من الحكم المتسرع عليها بناء على خبرات قليلة و معلومات غير دقيقة ، إن الخوف من الخطأ والشعور الداخلي بضرورة النجاح و بغض الفشل قد يدفعك إلى أن تتجاهل حلولا ناجحة وناجعة في معالجة المشكلة هي أقرب ما تكون في متناول يدك.
٧. حاول أن تصل إلى أكثر من حل :
لا يمكن أن تكتشف -فعليا- جدوى الحل والقرار الذي اتخذته قبل أن يطبق على أرض الواقع، ما يبدو أنه حل مثالي نظريا يمكن أن يخفق عند التطبيق الميداني ، لذا حاول أن توجد مجموعة من الحلول ، على الأقل عبر العصف الذهني ، وفي حال فشلت في الحل الأول انتقل إلى الثاني و هكذا.
٨.أعد تعريف "الإخفاق والفشل":
إن هذه النصيحة مهمة لسببين ، أولهما كيفية تعاملك ومعالجتك للخوف من الفشل من المشكلة ، والثاني هو استخدام وتجربة الحلول المختلفة دون تردد ، إن تعريف الفشل الذي ترعرعنا عليه ونشأنا فيه قد لا يكون هو التوصيف الصحيح للفشل ، وبنظرة سريعة على الناجحين من حولنا ستكتشف أنهم يختلفون عادة في استجابتهم للإخفاق عن الآخرين ، إنهم لا يتعاملون مع الفشل بصورة سلبية و أنه نهاية العالم بل بدلا عن ذلك يحاولون البحث في الجانب الجيد لتجربة الفشل و يحاولون التعلم من أخطائهم و يبحثون في الأمر الذي جعلهم يفشلون وكيف يمكنهم تجنب ذلك في المرة القادمة ، إن لديهم سعة أفق ، ويعلمون أن الفشل في العمل يبدو حماقة في بادئ الأمر ، لكنه لا يستمر كذلك ، فيتعلمون و يحاولون مرة أخرى ، علينا إعادة تعريف الإخفاق و الفشل على أنه درس وتغذية راجعة لممارساتنا ، كما أن حدوثه أمر طبيعي وهو جزء من النجاح في الحياة.
٩.فتت المشكلة إلى أجزاء صغيرة:
إنجاز المهمة تماما أو حل المشكلة بالكامل قد يبدو أمرا صعب المنال أو مستحيلا عند التعامل مع المشكلة كبنية وكتلة واحدة، ولتخفف من القلق النفسي والارتباك الذهني الذي تسببه المشكلة ولتنظر إليها بوضوح ، حاول أن تجزئها ، حاول أن تحدد المكونات الرئيسية لها والمشكلات الصغيرة التي أدت إليها و الأشخاص الذين لهم تعلق بها ، ثم حاول أن توجد إجراء أو حلا مصغرا لكل مكون على حدة،هذه الاجراءات والحلول الجزئية قد لا تحل المشكلة بالكامل وربما قد تحل أجزاء صغيرة منها لكن هذا الأمر مفيد في التخفيف منها ، ولو استمر الحال بهذه الصورة لكافة المكونات فلربما حلت المشكلة بالكامل عبر جزيئاتها الصغيرة.
١٠.استخدم الوقت النسبي :
استخدم 80 % من وقتك لإيجاد حل للمشكلة ، و 20 % من الوقت للمراجعة مع النفس والتفكر ، قد يبدو ذلك صعبا لمن هم تحت وطأة المشكلات ، لكن تركيز الجهد والطاقة والتفكير في التحرك العملي لحل المشكلة أكثر نفعا وجدوى من هدر الوقت في الشكوى والإحباط والانشغال الذهني برسم سيناريوهات الآثار الأسوأ لاستمرار المشكلة.
١١.استحضر قانون "باركنسون":
يقول قانون باركنسون أن (العمل يتمدد ليملأ الوقت) ، فإذا حددت لنفسك أسبوعا لحل المشكلة، فإن المشكلة ستنمو وتتمدد لتشغل الحيز الذي أعطيته لها ، وسيزداد الأمر تعقيدا تبعا لذلك ، ركز جهدك في الفترة التي ستحل فيها المشكلة ، وحدد لنفسك ساعة بدلا من يوم كامل ، أو يوما واحدا فقط بدلا من أسبوع كامل لحلها ، هذه الطريقة ستدفع عقلك للتفكير والتحرك الفعلي للحل ، وإذا دمجت استحضار قانون باركنسون مع قاعدة 20/ 80 فسوف تجد أن حلك للمشكلات سيصبح أسرع وأكثر فعالية.
١٢.استخرج الدروس والفرص التي في المشكلة:
غالبا ما يكون هنالك جوانب مضيئة في المشكلة ، فربما كانت تنبيها لنا لتطوير ذواتنا وتحسين أعمالنا ، أو ربما تعلمنا منها أن الحياة ليست بدرجة السوء التي توقعناها ، إن البحث عن الجوانب الإيجابية للمشكلة يقلل من آثارها النفسية السلبية ، وقد يجعلنا نرى المشكلة كفرصة حقيقية للتحسين ، فإذا وجدت نفسك متورطا في مشكلة ما ، اسأل نفسك هذه الأسئلة: كيف يمكن أن أستفيد منها؟
ما هي الجوانب الإيجابية في الموضوع؟ ماالذي سأتعلمه من هذا الموقف؟
ما هي الفرص التي كانت غائبة عني و أبرزتها لي هذه المشكلة؟
١٣.تحدث عن المشكلة بواقعية ووضوح:
قد تتفاقم المشكلات بسبب أن شخصا ما قد أساء تفسير ما قاله شخص آخر ، وللتأكد من أن فهمك للموقف هو نفس الفهم الموجود لدى الآخرين الذين تتعلق بهم المشكلة ، اطلب منهم أن يعيدوا لك شرح الموقف وتصورهم له ، لترى هل التصور متطابق بينكم أم أن هناك اختلاف أو تناقض في الفهم ، في حالة وجود الاختلاف ، تحدث مرة أخرى في الموضوع بحياد متخلصا من الانطباعات والمشاعر الشخصية التي قد تؤثر على الموضوع ، لكي يكون النقاش أكثر أريحية وأقل شحنا من الناحية النفسية و أكثر وضوحا في الحديث عن التفاصيل ، إن الاتفاق على تعريف المشكلة وتداخلاتها يصل بالجميع لحل يتبنونه.
١٤. "لا تثر المشاكل !" :
كثير من المشاكل نحن السبب الرئيسي في حدوثها ، احم نفسك من الوقوع في المشكلات عبر الاستباقية لحدوثها والتفكير جيدا قبل الإقدام على العمل أو الحديث ، وتحاش صناعة الأزمات التي ليس لها ضرورة حتمية ، طبق الحكمة التي قالها دايل كارنيجي -قدر المستطاع- والتي تقول ( لا تنتقد أو تشتكي أو تدين أبداً ) لأنها تعتبر أحد الطرق التي تقلل من حدوث المشكلات ، كثير من المشكلات التي تواجهنا تتصل بشكل أو آخر بالعلاقات مع الآخرين لذا فإن تطوير المهارات الاجتماعية في الاتصال والتعامل مع الغير والحوار والإقناع...إلخ من شأنه أن يقلل من حدوث المشكلات.
١٥. استخدم كلمات إيجابية :
تتعامل عقولنا في الغالب مع الكلمات التي تصف الأشياء وتأخذ الانطباع عنها، كلمة "مشكلة" كلمة لها إيحاء سلبي ، ويمكن استخدام كلمة ذات إيحاء إيجابي بديلا عنها مثل كلمة "تحدي" على سبيل المثال ، قد تبدو هذه النصيحة فارغة أو قد تبدو عديمة الجدوى ، ولكن -بالنسبة لي على الأقل- وجدت هذا الشيء الصغير مؤثرا في الانطباع النفسي السلبي/الإيجابي الذي أنظر به إلى الحالة .
١٦. حافظ على الدافعية العالية:
من السهل أن تصبح محبطا ،وبخاصة إذا كنت خائفا من الفشل ، أو أن الحل الذي طبقته قد فشل في علاج المشكلة ، سوف تشعر بالاستسلام ، عند هذه النقطة يجب أن تعطي نفسك شحنة إيجابية ودافعية ، جرب مجموعة من التكتيكات ،إن تغيير طريقة تفكيرك لمزيد من التفاؤل والإيجابية والتحفيز تصنع الفرق كله ، ستجعلك تستمر في العطاء والكفاح ، حتى في تلك اللحظات التي تشعر في بدايتها أن الأمل مفقود. انتهى

التغافل، وأخلاق الكبار.



مُعظَمُ النَّاسِ يَسْعَونَ جاهدينَ لتحقيقِ السَّعادةِ والنَّجاحِ، ونَجَاحُ الإنسانِ في حياتِهِ يَكمُنُ في صِدْقِهِ، وإخلاصِه مع رَبِّهِ وتطبيقِه لأحكامِ شَرعِهِ، ومعاشرتِه للنَّاسِ بأحسنِ الأخلاق وأفضلها، وحماية اللسان من الخوض فيما لا يَعني و لا يُغني، لأنّ الرسولَ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد وجّه المسلمَ لاغتنام طاقاتِه فيما ينفعُه، وتركِ ما يضرُّه، ففي الحديث الصحيح: "مِن حُسْنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُه مَا لا يَعنِيهِ" رواه الترمذيّ وحسّنه.
ومن حِرصِهِ – صلى الله عليه وسلم- على غرسِ المحبّةِ والأخوّةِ بين أفرادِ أمّتِهِ قال عليه الصّلاة والسّلام: "مَنْ رأى منكُم مَنكَرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإنْ لم يستطِعْ فَبِلسَانِهِ، فإنْ لم يستطِعْ فبقلبِهِ، وذلك أضعفُ الإيمانِ" رواه مسلم.
فقوله عليه الصلاة والسلام "مَنْ رأى" دليلٌ عَلَى أَنَّ الإِنكَارَ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّؤْيَةِ، فَلَوْ كَانَ مَسْتُورًا فَلَمْ يَرَهُ، وَلَكِنْ عَلِمَ بِهِ، فالْمَنْصُوصُ عَنْ الإمام أَحْمَدَ-رحمه الله- فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لا يَعْرِضُ لَهُ، وَأَنَّهُ لا يُفَتِّشُ عَمَّا اسْتَرَابَ بِهِ".
لذا لا يجوز للإنسان أنْ يظنَّ بالنّاس سُوءاً أو أنْ يقولَ فيهم سوء ظناً منه أو اعتقاداً في ارتكابهم للمنكر، لأنّ مَنْ "رأى" ليس كمن ظنَّ أو اعتقد، كما أنَّ مِن سلامة الإنسان تغافُلُه عن معاصي الناس وأخطائِهم ما لم يُجاهروا بها. ومن أسباب سلامة الإنسان أيضاً عدمُ التدقيق في كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.
وفي صحيح الجامع ( برقم 7984 و 7985 ) يقول عليه الصلاة والسلام: "من تَتَبَّعَ عورةَ أخيه تَتَبَّعَ اللهُ عورَتَهُ، ومن تَتَبَّعَ اللهُ عورَتَه يَفضَحْهُ ولو في جَوفِ بَيتِهِ".
فاتّقِ اللهَ يا من تَتْبَعُ عوراتِ النّاسِ وفضائِحَهم وتَنْشُرُها في وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، وفي غيرِها من المجالسِ والمنتدياتِ، و أعلمْ أنّ مَن تَتبّع عوراتِ النّاس كانَ مِنْ شِرارِ خَلقِ اللهِ، إذ يقول الشاعر:
شرُّ الورى بمساوي النَّاسِ مُشْتَغلٌ ** مثلُ الذُّبابِ يُراعِي موضعَ العللِ
واجعل السّعادةَ الأخرويّةَ هدفاً من أهدافِكَ في هذه الحياةِ ليَستُرَ اللهُ حالَكَ، فلا يُوجد مَنْ ليسَ له عُيوبٌ، واعلم أنَّ كلامَك مكتوبٌ وقولَكَ محسوبٌ، و اسألْ ربَّكَ أنْ يَستُرَ عيوبَكَ.
كانَ الإمامُ مالكٌ بنُ أنسٍ - رحمه الله- يقولُ: أدركتُ بهذه البلدة - يعني المدينة - أقواماً لم تكن لهم عُيوبٌ، فعابوا الناسَ؛ فصارتْ لهم عُيوبٌ. وأدركت بها أقواماً لهم عُيوبٌ، فسكتوا عن عُيوبِ النَّاسِ؛ فنُسيتْ عُيوبُهم". مجموع أجزاء الحديث.
فالسكوتُ عن عيوبِ النَّاسِ من أخلاقِ الكبارِ، مِثْلُهُ مِثْلُ التَّغافُلِ عن سَفَهِ الشَّبابِ وزلاتِهِم، والكَيِّسُ العاقلُ هو الفَطِنُ المتغافلُ عن الزَّلاتِ، وسَقَطَاتِ اللِّسانِ- إذا لم يَتَرَتَّبْ على ذلك مفاسدُ-.
إذا أنت عِبْتَ النَّاس عابوا وأكثروا ** عليك وأبدوا منك ما كان يُسْتَرُ
فإن عِبْتَ قومًا بالذي ليس فيهمُ ** فذلك عنــدَ الله والنّـــَاسِ أكبرُ
وإن عِبْتَ قومًا بالذي فيك مثله ** فكيف يَعِيب العُورَ من هو أعورُ

والإسلامُ أمَرَ بِسَتْرِ عوراتِ المسلمينَ، واتِّقاءِ مواضعِ التُّهَمِ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) [النور: 19].
كما يدعو إلى التَّغافُلِ عن الزَّلاتِ، و إظهارِ عَدَمِ رُؤيَتِها.
ومِنْ فَضَائِلِ التَّغافُلِ مَا رواه الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الإِمَامِ أحمدَ عَن عُثْمَانَ بن زَائِدَةَ قَالَ: "الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ". فحدَّثتُ به أحمد بن حنبل فقال: "العافيةُ عشرةُ أجزاءٍ كُلُّهَا في التَّغَافُلِ".
وكَثِيرًا مَا وَصَفَتْ الْعَرَبُ الْكُرَمَاءَ وَالسَّادَةَ بِالتَّغَافُلِ وَالْحَيَاءِ فِي بُيُوتِهَا وَأَنْدِيَتِهَا.
قَالَ الشَّاعِرُ :
نَزْرُ الْكَلامِ مِنْ الْحَيَاءِ تَخَالُهُ ** صَمْتًا وَلَيْسَ بِجِسْمِهِ سَقَـمُ
وَقَالَ آخَرُ:
كَرِيمٌ يَغُضُّ الطَّرَفَ دُونَ خِبَائِهِ ** وَيَدْنُو وَأَطْرَافُ الرِّمَاحِ دَوَانِـي
وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
وَمَنْ لَمْ يُغْمِضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ ** وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهْوَ عَاتِبُ
وَمَنْ يَتَطَلّـَبْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ ** يَجِدْهَا وَلا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ
وفي وصف ابن الأثير-رحمه الله- لصلاح الدين الأيوبي قال: "وكان -رحمه الله- حليماً حَسَنَ الأخلاقِ، ومتواضعاً، صبوراً على ما يَكْرَهُ، كثيرَ التَّغافُلِ عن ذُنُوبِ أصحابِهِ، يَسمعُ من أحدِهم ما يَكْرَهُ، ولا يُعلِمُهُ بذلك، ولا يَتَغَيَّرُ عليه".
وهذه لعمري هي أخلاقُ الكبارِ وسادةِ القَومِ، وعلى الإنسان إذا ما أرادَ أن يعيشَ سعيدًا مسرورًا محبوبًا معدودًا في جُملةِ الكِبارِ أن يتحلَّى بها.
وكانت العربُ تردِّدُ هذا البيتَ كثيرًا:
ليسَ الذكيُّ بسيّدٍ في قومِهِ ** لكنَّ سيّدَ قومِهِ المُتَغَابِي
وفي حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: "جَلَسَتْ إحدى عَشْرةَ امرأةً، فتعاهَدْنَ وتعاقَدْنَ أنْ لا يَكْتُمْنَ من أخبارِ أزواجهنَّ شيئاً. وقالت إحداهن: "زوجي إذا دَخَلَ فَهِد، وإذا خَرَجَ أَسِدَ، ولا يَسْألُ عَمَّا عَهِدَ" رواه البخاريّ في بابِ حُسْنِ المعاشرةِ مع الأهلِ.
ومِنْ صفاتِ الفَهْدِ التَّغَافُلَ.
تذكّرْ -أيٌّها الموفَّق- ما مرّ في يومك وليلتك من مواقف تعاملت فيها مع أهلِك، أو أصدقائِك، أو طلابِك، أو معلميك، أو عامّةِ النَّاسِ، ثم انظرْ هل تَغافلتَ عن أخطائِهم؟ أم حاسبْتَهم عليها حِسابَ الشَّريكِ لشريكِهِ؟
إنْ لم تكنْ قد تغافلتَ عن ذلك فيما مَضَى؛ فلديكَ فيما بقيَ من عُمُرِكَ فُرصٌ جديدةٌ تستحقُّ الاغتنامَ، واغتنامُها يكونُ بالتَّغَاضِي والتَّغافُلِ وغَضِّ الطَّرفِ:
ولسْتَ بمُسْتَبْقٍ أخاً، لا تَلُمُّهُ ** على شَعَثٍ، أيُّ الّرجال المُهَذَّبُ؟
التَّغَافُلُ خُلُقٌ جَميلٌ من أخلاقِ الكِبارِ، وهو من فضل الله الذي يؤتيه من يشاء، فاللهُمَّ ارزقْنا مِنْ وَاسِعِ فَضْلِكَ.
كتبه : عبدالرحمن بن عبدالله الطريف

حاجتنا إلى القرآن العظيم

من أنت؟
أنا، وأنت!.. ذلك هو السؤال الذي قلما ننتبه إليه! والعادة أن الإنسان يحب أن يعرف كل شيء مما يدور حوله في هذه الحياة، فيسأل عن هذه وتلك، إلا سؤالا واحدا لا يخطر بباله إلا نادرا! هو: من أنا؟ نعم، فهل سألت يوما نفسك عن نفسك: من أنت؟
ولعل أهم الأسباب في إبعاد ذلك وإهماله يرجع في الغالب إلى معطى وهمي، إذ نظن أننا نعرف أنفسنا فلا حاجة إلى السؤال! تغرنا إجابات الانتماء إلى الأنساب والألقاب، وتنحرف بنا عن طلب معرفة النفس الكامنة بين أضلعنا، التي هي حقيقة (من أنا؟) و(من أنت؟) ويتم إجهاض السؤال في عالم الخواطر؛ وبذلك يبقى الإنسان أجهل الخلق بنفسه، فليس دون الأرواح إلا الأشباح!
ولو أنك سألت نفسك بعقلك المجرد: من أنتِ؟ سؤالا عن حقيقتها الوجودية الكاملة؛ لما ظفرت بجواب يشفي الغليل! وإذن تدخل في بحر من الحيرة الوجودية!
أنا وأنتَ، تلك قصة الإنسان منذ بدء الخلق إلى يوم الناس هذا.. إلى آخر مشهد من فصول الحياة في رحلة هذه الأرض! وهي قصة مثيرة ومريرة!
ولذلك أساسا كانت رسالةُ القرآن هي رسالة الله إلى الإنسان؛ لتعريفه بنفسه عسى أن يبدأ السير في طريق المعرفة بالله؛ إذْ معرفة النفس هي أول مدارج التعرف إلى الله. وليس صدفة أن يكون أول ما نزل من القرآن: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ)(العلق:1-2). ثم تواتر التعريف بالإنسان – بَعْدُ - في القرآن، في غير ما آية وسورة، من مثل قوله سبحانه: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا. إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)(الإنسان:1-3) وكذلك آيات السيماء الوجودية للإنسان، الضاربة في عمق الغيب، من قوله تعالى: (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ)(السجدة:6-9).
ومن هنا أساسا كانت قضية الشيطان - بما هو عدو للإنسان - هي إضلاله عن معالم الطريق، في سيره إلى ربه! بدءا بإتلاف العلامات والخصائص المعرفة بنفسه، والكاشفة له عن حقيقة هويته، وطبيعة وجوده! حتى إذا انقطعت السبل بينه وبين ربه ألَّهَ نفسَه، وتمرد على خالقه!
ولم يزل الإنسان في قصة الحياة يضطرب بين تمرد وخضوع، في صراع أبدي بين الحق والباطل إلى الآن! فكانت لقصته تلك عبر التاريخ مشاهدُ وفصول! وكانت له مع الشيطان ومعسكره معاركُ ضارية، فيها كَرٌّ وفَرٌّ، وإقبالٌ وإدبار!
قال عز وجل حكايةً عن إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً. قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا. وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا. إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً)(الإسراء:62-65).
من أجل ذلك كان للإنسان في كل زمان قصةٌ مع القرآن، وقصةٌ مع الشيطان!
فيا حسرة عليك أيها الإنسان! هذا عمرك الفاني يتناثر كل يوم، لحظةً فلحظة، كأوراق الخريف المتهاوية على الثرى تَتْرَى! اُرْقُبْ غروبَ الشمس كل يوم؛ لتدرك كيف أن الأرض تجري بك بسرعة هائلة؛ لتلقيك عن كاهلها بقوة عند محطتك الأخيرة! فإذا بك بعد حياة صاخبة جزءٌ حقير من ترابها وقمامتها! وتمضي الأرض في ركضها لا تبالي.. تمضي جادةً غير لاهية – كما أُمِرَتْ - إلى موعدها الأخير! فكيف تحل لغز الحياة والموت؟ وكيف تفسر طلسم الوجود الذي أنت جزء منه ولكنك تجهله؟ كيف وها قد ضاعت الكتب كلها؟ ولم يبق بين يديك سوى هذا (الكتاب)!
فأين تجد الهداية إذن يا ابن آدم؟ وأنى تجدها إن لم تجدها في القرآن؟ وأين تدرك السكينة إن لم تدركها في آياته المنصوبة - لكل نفس في نفسها – علامات ومبشرات في الطريق إلى الله؟ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا. وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)(الإسراء:9 - 10).
نَعَم، بقي القرآن العظيم إعجازا أبديا، يحي الموتى، ويبرئ المرضى، ويقصم قلوب الجبابرة، ويرفع هامات المستضعفين في العالمين، ويحول مجرى التاريخ! وكل ذلك كان - عندما كان - بالقرآن، وبالقرآن فقط! وهو به يكون الآن، وبه يكون كلما حَلَّ الإبَّانُ من موعد التاريخ، ودورة الزمان! على يد أي كان من الناس! بشرط أن يأخذه برسالته، ويتلوه حق تلاوته! وتلك هي القضية!
ماذا حدث لهؤلاء المسلمين؟ أين عقولهم؟ أين قلوبهم؟ أليس ذلك هو القرآن؟ أليس ذلك هو كلام الله؟ أليس الله رب العالمين؟ أليس الخلق - كل الخلق - عبيده طوعا أو كرها؟ ففيم التردد والاضطراب إذن؟ لماذا لا ينطلق المسلم المعاصر يشق الظلمات بنور الوحي الساطع، الخارق للأنفس والآفاق؟
ألم يقل الله في القرآن عن القرآن، بالنص الواضح القاطع: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ! وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)؟(الحشر:21). فهل هذه خاصية ماتت بموت محمد رسول الله؟ أم أن معجزة القرآن باقية بكل خصائصها إلى يوم القيامة؟ ورغم أن الجواب هو من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة لكل مسلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقي البشرى إلى هذه الأمة، نورا من الأمل الساطع الممتد إلى الأبد! فقد دخل عليه الصلاة والسلام المسجدَ يوما على أصحابه ثم قال:‌ (أبشروا.. أبشروا..! أليس تشهدون ألا إله إلا الله وأني رسول الله؟‌ قالوا ‌:‌ بلى، قال ‌:‌ فإن هذا القرآن سَبَبٌ، طرفُه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به! فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً!) ومثله أيضا قولهe بصيغة أخرى: (كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض). تلك حقيقة القرآن الخالدة، ولكن أين من يمد يده؟
ألم يأن للمسلمين – وأهل الشأن الدعوي منهم خاصة – أن يلتفتوا إلى هذا القرآن؟ عجبا! ما الذي أصم هذا الإنسان عن سماع كلمات الرحمن؟ وما الذي أعماه عن مشاهدة جماله المتجلي عبر هذه الآيات العلامات؟ أليس الله – جل ثناؤه – هو خالق هذا الكون الممتد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة؟ أليس هو – جل وعلا – رب كل شيء ومليكه؟ الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟ أوَليس الله هو مالك الملك والملكوت؟ ذو العزة والجبروت؟ لا شيء يكون إلا بأمره! ولا شيء يكون إلا بعلمه وإذنه! أوَليس الخلق كلهم أجمعون مقهورين تحت إرادته وسلطانه؟ فمن ذا قدير على إيقاف دوران الأرض؟ ومن ذا قدير على تغيير نُظُم الأفلاك في السماء؟ من بعد ما سوَّاها الله على قدر موزون، (فَقَالَ لَهَا وَلِلاَرْضِ إيتِيَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً قَالَتَا أتَيْنَا طَائِعِينَ)؟(فصلت:10) ومن ذا مِنَ الشيوخ المعمَّرين قديرٌ على دفع الهرم إذا دب إلى جسده؟ أو منع الوَهَنِ أن ينخر عظمه، ويجعد جلده؟ ويحاول الإنسان أن يصارع الهرم والموت! ولكن هيهات! هيهات!
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً لِيُوهِنَهَا *** فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ!
الموت والفناء هو اليقينية الكونية المشتركة بين جمع الخلق، كافرهم ومؤمنهم!
يولد الإنسان يوما ما.. وبمجرد التقاط نفَسِه الأول من هواء الدنيا يبدأ عمره في عَدٍّ عَكْسِي نحو موعد الرحيل..! فكان البدءُ هو آية الختام! هكذا يولد الإنسان وبعد ومضة من زمن الأرض تكون وفاته! (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالاِكْرَامِ)(الرحمن:24-25).
ذلك هو الله رب العالمين، يرسل رسالته إلى هذا الإنسان العبد، فيكلمه وحيا بهذا القرآن! ويأبى أكثرُ الناس إلا تمردا وكفورا! فواأسفاه على هذا الإنسان! ويا عجبا من أمر هؤلاء المسلمين! كأن الكتاب لا يعنيهم، وكأن الرسول لم يكن فيهم! (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ! مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزءُون!)(يس:30)
إن هذا القرآن هو الروح الذي نفخه الله في عرب الجاهلية؛ فأخرج منهم خير أمة أخرجت للناس! وانبعثوا بروح القرآن من رماد الموت الحضاري؛ طيوراً حية تحلق في الآفاق، وخرجوا من ظلمات الجهل ومتاهات العمى أدِلاَّءَ على الله، يُبْصِرون بنور الله ويُبَصِّرون العالم الضال حقائق الحياة! ذلك هو سر القرآن، الروح الرباني العظيم، لا يزال هو هو! روحا ينفخ الحياة في الموتى من النفوس والمجتمعات؛ فتحيا من جديد! وتلك حقيقة من أضخم حقائق القرآن المجيد! قال جل ثناؤه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ. وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا. وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ. أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ)(الشورى:52-53).
من أنت؟ تلك قصة النبأ العظيم! نبأ الوجود الضخم الرهيب، من البدء إلى المصير! النبأ الذي جاءت به النُّذُرُ من الآيات: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا: يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ!)(الأنبياء:97). وقريبا جدا – واحسرتاه! – تنفجر به الأرض والسماوات! (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ! كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)(الأنبياء:104).
ذلكم هو النذير القرآني الرهيب! ولقد أعذر من أنذر! وما بقي لمن بلغه النبأ العظيم من محيص؛ إلا أن يتحمل مسؤوليته الوجودية، ويتخذ القرار، قراراً واحدا من بين احتمالين اثنين، لا ثالث لهما: النور أو العَمَى! وما أنزل الله القرآن إذْ أنزله إلا لهذا! ولقد صَرَّفَه على مدى ثلاث وعشرين سنة؛ آيةً آيةً، كل آية في ذاتها هي بصيرة للمستبصرين، الذين شَاقَهُم نورُ الحق فبحثوا عنه رَغَباً ورَهَباً؛ عسى أن يكونوا من المهتدين. وبقي القرآن بهذا التحدي الاستبصاري يخاطب العُمْيَ من كل جيل بشري! قال الحقُّ جل وعلا: (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)(الأنعام:104).
من أجل ذلك؛ نرجع آئبين إلى رسالة الله، نقرؤها من جديد، نستغفره تعالى على ما فرطنا وقصرنا! قدوتنا في هذه السبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته الزكية، التي لم تكن في كل تجلياتها النبوية – قولا وفعلا وتقريرا - إلا تفسيرا للقرآن العظيم! وكفى بكلمة عائشة أم المؤمنين، في وصفه – عليه الصلاة والسلام – لما سئلت عن خُلُقِهe؛ فقالت بعبارتها الجامعة المانعة: (كان خُلُقُه القرآن!) ولقد ضل وخاب من عزل السنة عن الكتاب!
نرجع إذن إلى القرآن، نحمل رسالته إن شاء الله – كما أمر الله – نخوض بها تحديات العصر، يحدونا اليقين التام بأن لا إصلاح إلا بالصلاح! وأن لا ربانية إلا بالجمع بينهما! وأن لا إمكان لكل ذلك – صلاحاً وإصلاحاً وربانيةً - إلا بالقرآن المجيد! وهو قول الحق - جل ثناؤها – في آية عجيبة، آية ذات علامات – لمن يقرأ العلامات – ولكل علامة هدايات. قال تعالى ذِكْرُه: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)(الأعراف:170) التَّمْسِيكُ بالكتاب، وإقامُ الصلاة: أمران كفيلان برفع المسلم إلى منـزلة المصلحين! هكذا: (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ). وإن تلك لآية! ومثلها قوله تعالى: (وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)(آل عمران:79). وقد قُرِئَتْ: (تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ) و(تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ)؛ للجمع بين وظيفتي التَّعَلُّم والتعليم، والصلاح والإصلاح، إذْ بذلك يكون التدارس لآيات القرآن العظيم، بما هي علامات دالة على الله، وراسمة لطريق التعرف إليه جل وعلا، في الأنفس والآفاق. وتلك هي السبيل الأساس للربانية، كما هو واضح من دلالة الحصر المستفادة من الاستدراك في الآية: (ولكن كونوا ربانيين).

2016-08-18

مشروعك في الحياة


ما هو مشروع الحياة ؟
"هو مشروع تتضح في ذهن صاحبه أهدافه، وتستولي فكرته على فكره وعقله ويبذل له جميع طاقاته،مشروع يتناسب أولاً مع قدراتك وإمكاناتك ، ثم تعيش همه في كل لحظة من حياتك ، ثم تبذل له جميع ما تملك من فكر وعمل ومتابعة " من كتاب مشروع العمر
@ هل لديك مشروع حياة ؟
@ هل فكرت ؟
@ هل جال في خاطرك يوماً أن تعمل شيئاً ؟
تعجبني : "اترك بصمة"، "اجعل لك أثرا " ، كن رجلاً إن أتوا بعده, يقولون : مرَّ وهذا الأثرْ .. لأقول لنفسي كثيراً : سأعمل شيئاً أنفع بها نفسي يوم ألقاه سبحانه ,, ولا أشك أنك ستختلف معي ،، كنت صغيراً أو كبيراً ، رجلاً أو امرأة ، شاباً أو فتاة ، غنياً أو فقيراً ، كيفما وأينما وحيثما كنت،،، في البداية أضع لك بعض ما كتبته : 
* لماذا أعمل :
1- ابتغِ ما عند الله من الرحمة والغفران.. ولا أعلم ما العمل الذي سيدخلني الجنة.
2- قضاء الوقت بما ينفع والشعور بمعنى الحياة وأن هناك هدف أعيش من أجله.
* يجب أن أعرف :
1- لن أجد عملا مفصلا بمقاسي.
2- أي عمل يحتاج جهدا ووقتا وتضحية وتعبا وصبرا - من يتصبر يصبره الله - .
* عند البحث:
- ابحث عن عمل يوافق ميولي ورغباتي واهتماماتي وما 
أستطيع قعله وأحبه وأتقنه.
- ابحث في: قدراتي + إمكاناتي + مهاراتي + مواهبي.. نقاط قوتي؟ ماذا أحب؟ وماذا أتقن؟
- أتعرف على نفسي – هل قرأت كتبا عن الشخصيات أو جربت اختبارات تحليل الشخصية ؟
"كل إنسان لديه مواعيد في الحياة ،، أرجوك خذ موعدا مع ذاتك"
* العقبات :
1- الحماس والاستمرارية.
(وعليه يجب أن أكون مقتنعا حتى الثمالة وأن اقرأ أهدافي بشكل دوري و أعيد الحماس كلما فترت بكتابة أمثلة وعبارات ونماذج أو مشاهدة وسماع ما يحفزني).
3- الموازنة بين مطالب الحياة وأشغالها والوقت. 
مشروع الحياة بتعريفي الشخصي : 
أي عمل مفيد تقوم به ، وتستمر عليه.
هذا العمل مختلف وبعيد عن عملك الذي يكون مصدر دخلك، وبعيد عن أسرتك وعائلتك ، وبعيد عن أصدقائك ومباهجك.
لنبسطها أكثر وأكثر .. لنقول : ماذا يعرف من حولك عنك ؟ بماذا تتميز ؟ 
- شئت أم أبيت فأنت :
تملك شيىا، تعرف شيىا ، تتقن شيىا ، تحب شيىا، تميل إلى شيء ، تهوى شيىا ، ترغب في شيء ..
هل تعرف ماذا قال عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما ؟
"إنِّي لأمقت أن أرى الرجلَ فارغاً، لا في عمل دنيا، ولا آخرة"
ابن مسعود -رضي الله عنه-
"إنِّي لأكره أن أرى أحدَكم سبهللاً، لا في عمل دنيا، ولا في عمل آخره"
عمر بن الخطاب رضي الله عنه 
# لكي نبدأ ولكي نستمر :
لا ننسى الإخلاص والنية الصالحة ودعاء الله بالتوفيق ، ثم :
العزيمة – القناعة - الجدية – الاستشارة – الاستخارة
# الآن ، ماذا افعل ؟
1- اختر عملا أيا كان.
2- اعرف من أين تنطلق.
3- ابدأ .. ابدأ .. ابدأ.
# شروط اختيار المشروع : 
1-أن يكون عملا بسيطا
2-أن يستهلك وقتا قليلا.
3-لا يتعارض مع أي ارتباط آخر.
عندما تجد العمل الذي تحبه .. اجعله مشروع حياتك .. كافح من أجله ..اسهر للعمل عليه ..اشرب ونم بجواره ..كن دوماً قريبا منه ..ادعو له في صلاتك .. وستفرح فرحاً شديداً بالنتائج ، في الدنيا والآخرة.
* نحن اليوم بحاجة إلى مئات الألوف من المشروعات الصغيرة التي يتبناها ويرعاها ويعمل على انجازها ملايين الأبطال الصغار من فرسان الأمة الذين أخذوا على عاتقهم سد الثغرات الصغيرة ودفع العربة خطوة في طريق الألف ميل. 
أ.د. عبدالكريم بكار
أمثلة لمشـاريع :
د.عبدالرحمن السميط في أفريقيا – إغاثة المساكين – نشر الدعوة – حفظ القرآن – تربية الأولاد – الألباني في الحديث – رعاية الوالدين – العناية بالمعاقين – العناية بالمرضى – تعليم – تدريب - ...
* اجعل لك مشروعاً تملأ به حياتك، وتصرف فيه جهودك، وتزوّد بالاطلاع وقراءة السير الذاتية للعظماء والمصلحين لتقتبس من أفكارهم وحماسهم.
* لكي لا تموت وأنت على قيد الحياة  عليك أن تتشبث بمشاريع عديدة .. تُعلّم وتتعلم وتأخذ وتعطي وتمنح البعيد شيئا من الاهتمام، والقريب شيئاً من التأثير.
د.سلمان العودة
معلومة مهمة : قد يتحدد مشروع الحياة بعد تجربة أعمال كثيرة ومختلفة والتي ربما قد تستغرق سنوات .. 
:: أذكرك بأن : الوقت لا يتوالد ، لا يتمدد ، لا يتوقف، لا يتراجع للوراء ::
الحياة فرصة .. لك ولي .. وللجميع .. فلا تضيع هذه الفرصة
كتب صغيرة الحجم كبيرة النفع :
1- كتاب : مشروعك الذي يلائمك. محمد صالح المنجد
2- كتاب : مشروع العمر. مشعل الفلاحي
3- كتاب : حتى لا تكون كلاً. د.عوض القرني

في السفر.. أفكار عند التنقل والانتظار

يشمل كل سفر على وقت مستقطع إلزامي ، وهو الوقت المصروف في عملية التنقل والانتظار و مهما كان نوع الناقل (طائرة – سيارة – قطار-باخرة)، سواء كان من بلدك إلى البلد المقصود أو حتى في التنقلات الداخلية بين المدن أو الأماكن السياحية البعيدة ، يعتبر هذا الوقت عند بعض الناس فرصة للقراءة والتأمل والكتابة والاستمتاع ، بينما يعتبره الآخرون وقتاً مملاً ويجلب الخمول ، ويبحثون عن عمل أو فكرة أو تجربة أي شيء يقع بين أيديهم ، تستطيع أن تجعل من هذا الوقت فترة استمتاع مختلفة عن الآخرين، وربما تحتاج لوقت بسيط للتحضير المسبق له. 
* * * * * * بعض المقترحات و الأفكار * * * * * *
# أولاً : مقترحات لمحبي القراءة :
1- قـــراءة الـقــرآن أو حفظ شيء منه ( من المصحف / من جهاز الجوال ) . 
2- قراءة مجلة من النوع الذي تفضله وتستمتع به ( عن الكمبيوتر أو عن السيارات أو عن الأسرة أو عن التربية أو ... ) .
3- قراءة كتاب أو نشرة حــول الدولة التي ســـوف تسافر لها.
4- قراءة رواية ( شاهد دليل الروايات www.NovelsGuide.net ) والاستفادة من القارئ الإلكتروني بشكل عام.
# ثانياً : مقترحات لمحبي الاستماع والمشاهدة :
1- الاستماع إلى مجموعة من المقاطع الصوتية المنوعة من الجوال أو MP3 ( قرآن / أناشيد / دورات تطويرية ومهارية / محاضرات شرعية / محاضرات تربوية ) ويمكنك الاستفادة من موقع طريق الإسلامwww.islamway.com ومن خلال البحث في شبكة الإنترنت عن المواد الصوتية .
2- الاستماع ومشاهدة ما يعرض من برامج على شاشة المقعد.
# ثالثاُ : مقترحات لمحبي الألعاب والذكاء :
1- إحضار لعبة من ألعاب الذكاء والتنافس ( مثل : لعبة أبالون/لعبة تشيكرزCheckers ) .
2- استخدام أحد الألعاب الإلكترونية الصغيرة ( مثلاً : PSP من شركة سوني أو Game Boy وغيرها ) أو من خلال جهاز الطائرة.
3- إحضار الألعاب الورقية مثل : لعبة الكلمات المتقاطعة أو لعبة سودكو أو غيرها .
# رابعاً : مقترحات عامة :
1- النوم ( لا تنس شراء وسادة الرقبة المخصصة للنوم وغطاء العينين ). 
2- ذكر الله من استغفار وتسبيح وتهليل والتأمل والتفكـــر في مخـلوقـاته.
3- إضافة ملحـوظـات أو تعلـيقـات عـــلى أهدافـك أو خططــك الشخصية أو تخـطيطـك حول الـرحلة.
4- كتابة فكرة أو مشروع ( تجاري أو دعوي أو في مجال عملك ودراستك) حسب اهتمامك ويمكن مناقشتها مع زميل السفر.
5- الحــديـــث والتعرف والاســتــفـــادة مــن تــجـــارب من بـجـانــبـــــك وتعريفهم ببلدك.
6- استخدام الكمبيوتر المحمول ( كالإطلاع على ملفاتك ومجلداتك أو الاستماع أو القراءة أو اللعب من خلالـه ) .
7- كتــابــة خـــواطــر أو أشــعـــار أو ذكريـــــات أو يـــومــيـات.
8- تدوين الملحوظات وما يلفت انتباهك عن عادات الشعوب وتعاملهم وتفكيرهم والحديث معهم حولها.
|| لا تنس الاهتمام بما يسلي ويفيد الأطفال ويجعل أوقاتهم عامرة بالأنس والمتعة، فمثلا : إحضار القصص المناسبة لأعمارهم ودفاتر التلوين وبعض الألعاب المناسبة. ||

تعلمت من حياتي


يعيش الإنسان في هذه الدنيا : يتعلم ، يتدرب ، يحاول ، يشاهد ، يتأمل ، يجرب ، ينجح ، يخفق ، يفرح ، يحزن ، ويتمنى الأفضل، وخير العيش ما كان لله وطلبا لرضوانه وجنته 
# تعلمت أنه لا يوجد أحد على وجه الأرض مرتاح وسعيد ومبتهج وهذا حال الدنيا، اصبر وكن قريبا من الله واعمل وازرع وانصح ووجه.
# تعلمت أن كل إنسان حريص على منفعة نفسه أولاً .. لا مانع من ذلك ولكن كن معطاءً بمقدار ما تحصل عليه ولا تمنع الناس من الخير ذاته ..
# لكي تنجح .. لا تقارن نفسك بنجاح الآخرين.
# اعمل وخطط وابن حياتك ولكن لا تكن متشددا وحازماً في تنفيذها بل كن مرناً قدر ما تستطيع واجعل في خطتك فسحة للطوارئ وفسحة للراحة والاستجمام.
# عامل الناس كما يفهمون واطلب منهم ما يقدرون ويستطيعون .. تحصل على ما تريد وتجعلهم سعداء فيما يقدمون.
--------------
# كل إنسان ميسر لما خلق له وكل إنسان له عمل يختص به ولا يجيده إلا هو أيا كان ذلك العمل عالياً أو قليل المستوى فليكن أداؤك له متميزا ً.
# تعلمت أن الحياة مكتوبة ومقدرة ( الأحمق يظنها حظوظاً ومصادفات والعاقل يدرك أنها عمل متقن ).
# نقطة النهاية .. نقطة التمني .. نقطة الرغبات .. نقطة التوقف.. هو الموت يجب أن لا ننساه لأني أعتقد أننا سنحيا حياة متّزنة حينما نذكره دائماً ، لأن تذكره يجعلنا نعمل لما بعده وتذكره يجعلنا نزهد في جميع الأشياء ، وتذكره باختصار يجعلنا نعيد التفكير في كل أمور حياتنا.
# تعلمت أن الناس مختلفون في طبائعهم وعاداتهم وطريقة عيشهم وحياتهم وسعادتهم وحزنهم.
# تعلمت أن الحياة هي كما نراها .. فالأشياء والأماكن والطعام والناس وكل شيء كما نراه ، فدع نظرتك رائعة وحلوة وتفاؤلية وايجابية.  
----------
# تعلمت أن السعادة في الحياة هي البساطة و التواضع وحب الخير والصلاح والفلاح للآخرين.
# تعلمت أن المريض والسقيم لا يتمنى مالا وسيارة فارهة وقصرا مشيدا..إذا فالإنسان مخلوق ضعيف فلا تغتر بقوتك أو كثرة مالك وأولادك وتجارتك.
# تعلمت مما كتبته سابقا أن لا نكون حزينين ونفقد الأمل ونيأس من الحياة وننتظر الموت بل نعيش ونتمتع بالطيبات وبكل ما أحل الله لنا في هذه الدنيا ونجعل حياتنا كلها لله عندها نجمع بين السعادة و الرضا والطمأنينة ورغد العيش في السراء والضراء.
# تعلمت أن لكل شيء ضريبة إما إيجابية أو سلبية .. حسنة أو سيئة .. حلوة أو مرة .. كل شيء نفعله في حياتنا مثلاً : (( الراحة في البداية تجعلك متعبا في النهاية والتعب في البداية يجعلك مرتاحاً في النهاية وهكذا )) .
# تعلمت أن أشكر الناس كثيرا واذكر محاسنهم .. وأتجاهل عيوبهم وأخطاؤهم قدر ما أستطيع.
------------
# الإنسان متقلب الأحوال فهو يرضى ويغضب ويحب ويكره ويطمع ويقنع ويصح ويمرض ويفرح ويحزن وهذه عادة الإنسان.
# تعلمت أن جمال الحياة في تدرجها وأن الأرقام تبدأ من الصفر وأن الإنسان يولد طفلاً لا يقرأ ولا يتكلم ولا يكتب .. فلا تستبق الأحداث ولا تطلب شيئاً قبل أوانه وخذ الأشياء واحداً واحداً والأكل لقمة لقمة فما هو مكتوب لك سيصلك وما هو غير مكتوب لك فلن يصلك أبدا مهما عملت .. ( من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه ) .تكن سعيدا ومنبسطاً طول حياتك.
# كل إنسان يملك طاقة وموهبة ونعمة ليست موجودة عند الآخر ، فمثلاً : يملك المال الكثير ولكن أمه ميتة ـ يملك عقلا وتفكيرا رائعا لكنه لا يملك المال الكافي لعيشه .
-----------
# تعلمت أنه يجب أن نتعلم كيف نكون منصفين في الحق أو الباطل، ومنصفين عندما نسمع أو نرى أحداً من الناس، ويكون مرجعنا في البداية والنهاية هو الكتاب والسنة .. عقيدتنا ومبادؤنا وقيمنا التي تربينا عليها.
# لا تكره شيئا فربما يكون خيراً لك، ولا تحب شيئا فقد يكون شراً لك ، فلا تحزن على ما فاتك وكن مع الله دوما، قال تعالى { وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً } و كما قيل : ( لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع ).
# تعلمت أن لا تعمل ولا تتعلم أكثر من جهدك وطاقتك فأخشى أن تضيع كثرة الأعمال والمجهودات هباءً منثوراً .. ركز واشدد همتك وعزيمتك واعمل في أشياء معينة ومحددة تفيدك الآن وفي المستقبل وربما بعد الممات.
# البساطة لا تعني الضعف وعدم الاحترام وعدم القدرة على البناء والصناعة.
# تعلمت أن إحسان الظن يجب ويجب ويجب في جميع الأشياء والأوقات والأماكن لتنعم بحياة موفقة سعيدة مسخرة من رب السماء.
-----------------
# تفاعل مع الحدث أيا كان (سعادة/فرحة/حزن/منظر جميل/قصة مأساوية) وليظهر ذلك واضحاً على قسمات وجهك .. فهذه مشاركة وجدانية و مشاعرية مهمة، تُسعدك وتُسعد الآخرين.
# كن في مكان الآخر إذا أردت أن تعرف شيئا ما أو أن تعرف شعوره أو أن تعرف أمنياته (( كن مكان الأم التي فقدت ابنها لتعرف مقدار الألم ، وكن في مكان المريض لتعرف مقدار النعمة ، وكن في مكان الإنسان لحظة نجاحه لتعرف مقدار الفرحة والسعادة )).
# الفرحات الأولى لا تعود ولا تتدارك.
# تعلمت أن ما لا يدرك كله لا يترك جله .. مثلاً لا تستطيع النوم 8 ساعات في اليوم فأنت لا تترك النوم بالكلية بل تنام ما تقدر عليه ومثله مع الكتاب الدراسي / القراءة / الاستمتاع باليوم فاعمل ما تستطيع واستمتع.
# تعلمت أن العمل الحقيقي هو العمل لما بعد الموت وأنه إذا كان عملا صالحا طول حياتك فلا يضرك أنك تموت وأنت لا تملك سيارة جديدة أو بيتاً ملكاً أو لغة انجليزية أو مالا كثيرا.
** فلا تحزن ولا تيأس ولا تهن ولا تضعف ولا يضيق صدرك ما دمت مع الله ومن وجد الله فماذا فقد ؟!!

شذرات معرفية

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
نذكر فيما يلي شيء من الفوائد مما في الكتب .. أسأل الله أن ينفع بها .
قال ابن الجوزي :
ومن أحب الا ينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم بالتدوين والتعليم .
[ التذكرة (٥٥) ]
يقول الخطيب البغدادي -رحمه الله-: 
(كان بعض أهل العلم يكتب على ظهور كتبه التي يعيرها: 
يا رب من حفظ كتابي فاحفظه، ومن أضاعه فلا تحفظه !!
- وكتب آخر:
ليس من أهل العلم من أضاع كتاب علم.
- وكتب آخر:
الكتاب أمانة وهو حقيق بالصيانة. 
- وكتب آخر:
أكرم الله من أكرمك وردك كما تسلمك. 
- وكتب آخر:
كتابي أعز شيء علي، وإحسانك إليه إحسانك إلي).
[تقييد العلم ص: ١٤٨].
قال الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله:
(وقع بيني وبين أحد العلماء نزاع في مسألة، فلم يقتصر على ما يراه صحة لرأيه، بل زاد على ذلك كلاماً لا يتعلق بالبحث.
فأجبته بذكر الحقيقة والتاريخ، وقلت له: 
ما زاد على ذلك، فغير أهل العلم أقدر عليه من أهل العلم).
[الموسوعة الكاملة ٨٤٤/٢].
يقول د. سليمان الرحيلي حفظه الله:
(لو أن الإنسان وضع سحوره بين يديه وأذن المؤذن ، والمؤذن يؤذن على الوقت في غالب الظن ، فهل له أن يأكل ؟
نقول : أما إن كان وضع السحور فقط فإنه ليس له أن يأكل ؛ لأن النبي ﷺ جعل أذان ابن أم مكتوب مانعًا من السحور .
أما إذا شرع في الفعل فإنه يكمل ما شرع ، هذا ضابط ؛ إذا كان قد شرع في الفعل يكمل ما شرع فيه ولا يبتدأ ، ولهذا صورتان :
الصورة الأولى : أن يكون أخذ الإناء في يده ، شرع في الطريق ليشرب ، شرع في الشرب فأذن المؤذن ؛ هنا يكمل فيشرب ما في الإناء .
الصورة الثانية : أن يكون رفع اللقمة إلى فيه ، وهنا في هذه الحال يأكلها على الصحيح ، وهو قول جمهور أهل العلم ؛ أنه يُلحَق هذا بهذا بجامع تعلق النفس بكلٍّ مع مع بذل السبب والشروع في الفعل .أما الابتداء فلا يبتدأ ، لا يمد يديه ليرفع لقمة ولا يرفع يديه ليرفع إناء ؛ لأن النبي ﷺ قال : «إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ؛ فلا يضعه حتى يقصي حاجته منه» رواه أبو داود بإسناد صحيح .
ومثله إذا كانت اللقمة قد رفعها إلى فيه فإن له أن يأكل ، وقول النبي «هذا قيد» ، يراد به دفع ما عداه ، فلو كان الإناء على الأرض أو نحو هذا فإنه لا يأكل).
[ شرح كتاب الصيام من منار السبيل (ص: ٧٧-٧٨)]
سئل العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله:
(هل يشرع الوعظ في خطبة النكاح؟
الجواب: 
لا أرى هذا، إلا إذا كان لها سبب، مثل: أن يسمع منكرا فيتكلم ويعظ، أما أن يجعلها راتبة فكلما جاء الناس لعرس وعظهم فهذا خلاف السنة ولا شك، وما عهدنا رسول الله ﷺ وعظ في حفل زواج، بل كان يقول: "أرسلوا من يغني").
[شرح صحيح البخاري ٥١١/٤].
نقل أبو بكر عبد الله المالكي في (رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية ٦٩/٢)؛ في ترجمة: سعيد بن محمد الغساني، المعروف بابن الحداد المالكي، قوله:
(ليس الفقه حمل الفقه، وإنما الفقه: 
- معرفة الفقه.
- والفطنة فيه.
- والفهم بمعانيه).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(ترك أهل العلم لتبليغ الدين كترك أهل القتال للجهاد، وترك أهل القتال للقتال الواجب عليهم كترك أهل العلم للتبليغ الواجب عليهم؛ كلاهما ذنب عظيم).
[مجموع الفتاوى ١٨٨/٢٨].
يقول الإمام أبو عمرو الأوزاعي رحمه الله:
(لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف).
[رواه أبو الحسن الحربي في (الفوائد المنتقاة) -ومن طريقه: السلفي في الطيوريات (٢٥٧)-، وصحح إسناده الألباني في آداب الزفاف (ص: ١٦٦)].
أخرج البخاري (٣٢٩٥)، ومسلم (٢٣٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا؛ فإن الشيطان يبيت على خيشومه).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
(وفي مبيت الشيطان على الخيشوم سر يعرفه من عرف أحكام الأرواح، واقتران الشياطين بالمحال التي تلابسها؛ فإن الشيطان خبيث يناسبه الخبائث، فإذا نام العبد لم ير في ظاهر جسده أوسخ من خيشومه،فيستوطنه في المبيت). [حاشية السنن ٨٥/١].
إن كنت على الجادة فلا يضرك من يحضر مجلسك ومن يغيب:
‏ولي المزي المدرسة الأشرفية لم يحضر كثيرون لسلفيته؛ فقال الحافظ ابن كثير: «وما عليه منهم؛ فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده، وبعدهم عنه أنس».
[البداية والنهاية ١٧١/١٨]
روى أبو سعيد الإدريسي قال: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن سعيد النيسابوري الرجل الصالح بسمرقند يقول:
كنا مع أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في بعض الطريق من نيسابور، وكان معنا أبو حاتم البستي، وكان يسأله ويؤذيه.
فقال له محمد بن إسحاق بن خزيمة: (يا بارد، تنح عني لا تؤذني)، أو كلمة نحوها.
فكتب أبو حاتم مقالته، فقيل له: تكتب هذا ؟ ! 
فقال: (نعم أكتب كل شئ يقوله).
[معجم البلدان ٤١٩/١]
يقول أبو العباس ابن تيمية رحمه الله:
(فتدبَّرْ العدل والبغي، واعلم أن عامة الفساد من جهة البغي، ولو كان كل باغٍ يعلم أنه باغٍ لهانت القضيةُ، بل كثير منهم أو أكثرهم لا يعلمون أنهم بُغاة، بل يعتقدون أن العدل منهم، أو يُعرِضون عن تصور بَغْيِهم، ولولا هذا لم تكن البغاة متأولين، بل كانوا ظلمةً ظلمًا صريحًا، وهم البغاة الذين لا تأويل معهم.
وهذا القدر من البغي بتأويل، وأحيانًا بغير تأويل، يقع فيه الأكابر من أهل العلم، ومن أهل الدين؛ فإنهم ليسوا أفضل من السابقين الأولين...
والفتن التي يقع فيها التهاجر والتباغض والتطاعن والتلاعن ونحو ذلك هي فتنٌ، وإن لم تَبلُغِ السيفَ، وكل ذلك تفرق بغيًا. 
فعليك بالعدل والاعتدال والاقتصاد في جميع الأمور، ومتابعة الكتاب والسنة، وردّ ما تنازعت فيه الأمة إلى الله والرسول، وإن كان المتنازعون أهل فضائل عظيمة ومقامات كريمة، والله يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، انتهى.
[جامع المسائل ٤١/٦-٤٢]
هل يصح أن نقول عن الله سبحانه: (إنه على ما يشاء قدير) ؟
يقول العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
(يرد كثيرا على لسان بعض الناس: "إنه على ما يشاء قدير"، كما يوجد في بعض الكتب، وهي غير صواب؛ لأنها تقيد القدرة على ما يشاؤه سبحانه وتعالى، فالجملة فيها تقديم المعمول وهو يفيد الحصر، أي: أن قدرة الله سبحانه وتعالى محصورة فيما يشاؤه فقط. 
بينما الصواب أن القدرة تكون فيما يشاؤه وما لم يشأه.
كما أن في هذا اتباعا لرأي المعتزلة في تقييد قدرة الله عز وجل في مشيئته، أما أعمال العبد فيقولون: إنه سبحانه وتعالى لا يقدر عليها، وهذا مما يراد بهذه الجملة.
فالله سبحانه وتعالى قدير على ما يشاؤه وما لا يشاؤه، لكن إن اقتضت حكمته إيجاده أوجده، وإن اقتضت عدم إيجاده لم يوجده).
[التعليق على المنتقى ٤٥١/١].
سئل شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله عن حديث: (ماء زمزم لما شرب له)، فأجاب:
(له طرق كثيرة يشد بعضها بعضا، إن شربه لعطش يوم القيامة رجي له، أو لطلب العلم).
[مسائل الإمام ابن باز ١٤٣/٢].
قال ابن حجر عن جلال الدين البلقيني:
"وما رأيت أحدا ممن لقيته أحرص على تحصيل الفائدة منه، بحيث إنه كان إذا طرق سمعه شيء لم يكن يعرفه، لا يقر ولا يهدأ ولا ينام، حتى يقف عليه، ويحفظه"
[رفع الإصر عن قضاة مصر:227]
قال الحافظ السخاوي رحمه الله:
(قال أبو الفتح نصر بن أحمد:
إن الله تعالى قد قسم العلوم بين عباده كما قسم الأرزاق والآجال وسائر الأحكام).
[الجواهر والدرر ٧٥/١]
قال أبو علي القالي في أماليه [٥٩/٢]:
(قيل لبعض الحكماء: أي الأصحاب أبر ؟ 
قال : العمل الصالح.
قيل : فأيهم أضر ؟ قال: النفس والهوى.
قيل : ففيم المخرج ؟
قال : في قطع الراحة وبذل المجهود).
قال ابن الجوزي في الأذكياء (ص: ١٧):
(ومتى بلغ الصبي ولم يكن له همة تحثه على اكتساب العلم بعد؛ فلا فلاح له).
يقول القاضي أبو يعلى الفراء:
(وأما الصمت فإنه:
- يلقح العقل.
- ويعلم الورع.
- ويجلب التقوى).
[كتاب التوكل، ص: ٦٤]
قال شيخ الإسام ابن تيمية: 
(والتداوي غير واجب ومن نازع فيه خَصِمته السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الصبر على البلاء ودخول الجنة وبين الدعاء بالعافية، فاختارت البلاء والجنة).
مجموع الفتاوى(٢١/ ٥٦٣)
ذكر للإمام أحمد رجل (يعني: ما تقول فيه)؟
فقال: ما أعلم إلا خيرا.
قيل له: قولك فيه خلاف قوله فيك!
فتبسم! وقال: ما أعلم إلا خيرا.
هو أعلم وما يقول، تريد أن أقول ما لا أعلم؟!
وقال: رحم الله سالما زحمت راحلته راحلة رجل، فقال الرجل لسالم: أراك شيخ سوء.
قال: ما أبعدت).
[الورع لأحمد ٦١٨]
‏قال حرب: قلت لإسحاق:
الرجل يقول للمشرك: إنه رجل عاقل!
قال: لا ينبغي أن يقال لهم؛ لأنهم ليست لهم عقول.
[أحكام أهل الذمة لابن القيم ١٣٢٥/٣]
‏قال العلامة العثيمين رحمه الله:
"فكم من سعة صدر وبساطة وجه ولين جانب أدخلت في دين الله أفواجاً من الناس".
[الفتاوى ١١١/٢٧]
قال ابن عابدين الحنفي رحمه الله:
(فإنا نرى الرجل يأتي مستفتيا عن حكم شرعي، ويكون مراده التوصل بذلك إلى إضرار غيره، فلو أخرجنا له فتوى عما سأل عنه نكون قد شاركناه في الإثم؛ لأنه لم يتوصل إلى مراده الذي قصده إلا بسببنا).
[رسائل ابن عابدين ١٣١/٢]
قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله: أخبرنا الثوري، عن عطاء بن السائب، عن إبراهيم، قال:
(كان أصحاب عبد الله [ابن مسعود] يستحبون أن يحرموا ليلا؛ مخافة الشهرة).
[المناسك الكبير، ص: ١٨٤، برقم: ٣١٣].
قال الإمام مالك رحمه الله: 
"كان السلف يعلمون أولادهم حب أبي بكر وعمر كما يعلمونهم السورة من القرآن".
رواه اللالكائي في [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة]، برقم: (2325).
جاء في كتاب "الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع" للقاضي عياض ص193:
( أخبرنا القاضي أبو علي، أخبرنا بن أبي نصر، قال: قرأت على أبي البركات الحسين بن إبراهيم بن الفرات، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الغنى ابن سعيد قال:
حمل إلي عمر بن داود النيسابوري كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح" الذي صنعه أبو عبد الله بن البيع النيسابورى، فوجدت فيه أغلاطا، فأعلمت عليها وأوضحتها في كتاب، فلما وصل الكتاب إليه، أجابني على ذلك بأحسن جواب، وشكر عليه أتم شكر، وذكر في كتابه إلي أنه لا يذكر ما استفاده من ذلك أبدا إلا عني، وذكر في كتابه إلي أن أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثهم، قال: أخبرنا العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت أبا عبيد [ القاسم بن سلام] يقول: 
من شكرِ العلم أن تستفيد الشيء، فإذا ذكر قلت: خفي علي كذا وكذا، ولم يكن لي به علم؛ حتى أفادني فلان فيه كذا وكذا؛ فهذا شكر العلم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل).
[مجوع الفتاوى ٣٢/ ٢٣٩]
** الكتاب المحجوز **
تحت هذا العنوان كتب محمود الأرنؤوط مقالاً ، نشره في مجلة الثقافة الأسبوعية بدمشق الشام عام 1980 م ، يقول : حينما كنت تلميذا في المرحلة الإعدادية ، كنت فقير الحال بحيث لم أكن أستطع شراء الكتب ، ولذلك أعتدت أن أقرأ الكثير منها في المكتبة العامة ، فإن لم أجدها هناك ، ترددت على المكتبات التجارية الكبيرة مرات للاطلاع على الكتاب الذي أريده وأنا أقلب صفحاته متظاهراً برغبتي في شرائه .
وفي ذات يوم احتجت إلى كتاب نادر ، فلم أجده إلا في مكتبة تجارية واحدة ، فأخذت أتردد عليها بضعة أيام متوالية لكي أقرأه على مراحل ، وحين كان الكتاب كبيراً بحيث تتطلب قراءته أياما كثيرة على حالتي تلك ، قررت شراءه ، فاقترضت ثمنه من أحد زملائي وذهبت إلى المكتبة في اليوم التالي ، ولكني وجدت النسخة الوحيدة قد وضعت في مكان خاص ، وألصقت عليه ورقة كتب عليها (محجوز ) فكاد اليأس يستولي عليّ ، فتقدمت من صاحب المكتبة وقلت له : ألا يوجد لديكم نسخة أخرى من هذا الكتاب ؟ فأجابني وهو يبتسم بقوله : لقد حجزت لك هذه النسخة لكونها الأخيرة لديّ ، لأنني خشيت أن تباع قبل أن تتمّ قراءته ، فسررت لكلماته تلك وخجلت منها في ذات الوقت ، فشرحت له حالي وأعلمته بضيق ذات يدي ، فما كان منه إلا أن أحضر الكتاب وتقدّم مني قائلا : أمسك ياصغيري ، فأمسكت بالكتاب وقلت له : كم تريد ثمنا له ؟ فقال : إنه هديتي لك ، فشكرته مرات عدّة ، ولم أنقطع عن مكتبته. لشراء حاجتي من الكتب منها منذ ذلك اليوم وفاءً لتلك الهدية . انتهى .
قال العلامة ابن حجر آل بوطامي:
وما أكثر ما نرى كثيرا من النساء في هذا العصر، خصوصا الجاهلات يطفن بالبيت وهنّ غير متحجبات ولا مستترات الستر الشرعي، وتراهن يزاحمن الرجال، ويحتككن بهم في الطواف؛ ولا سيما عند الحجر الأسود وعند السعي؛ ولاسيما عند الصفا والمروة، فينبغي نهيهن عن ذلك وتعليمهن صفة الطواف الشرعي والصلاة الشرعية، وأنه لا ينبغي لهن مزاحمة الرجال واختلاطهن بهم.
[مجموع مؤلفاته ٣٠٣/٢].
‏قال العلامة حمود التويجري :
ولا يجوز وصف أعداء الله تعالى بصفات الإجلال والتعظيم كالسيد، والعبقري، والسامي ونحو ذلك.
[ تحفة الإخوان (٢٦) ]
‏المعصية بعد النعمة 
‏أشد من المعصية قبل النعمة
‏قال ﷻ:
‏{ وعَصَيتُم مِن بَعدِ ما أراكُم مَا تُحِبُّونَ }
‏الشيخ/ ابن عثيمين رحمه الله
‏قال أبو الفرج ابن الجوزي:
(ويحك ما تصنع بادخار مال:
- لا يؤثر حسنة في صحيفة. 
- ولا مكرمة في تاريخ ؟!). صدق رحمه الله
[الآداب الشرعية ٣١٩/٣]

2016-08-11

حيث يحسن وحيث يحب



من مظاهر الحرية في النموذج الحضاري الإسلامي إطلاق صراح الناس إلى ما يحبون.. إلى ما يحسنون.. حين يشب المرء يشتد إلى ما يحب أو إلى ما يحسن، إن كان محبًا للقتال التحق بالثغور. يتدرب ويتسلح ويجاهد مع المجاهدين دفاعًا عن الدين واعتاقًا لرقاب المستضعفين من المتكبرين في الأرض بغير حق؛ وإن كان من أهل التجارة ذهب إلى السوق يتاجر؛ وإن كان حرفيًا فإلى ما يريد؛ وإن كان ممن يحبون العلم تعلم، وتخصص فيما يريد من العلم إن فقهًا وإن حديثًا، وإن شعرًا...
ولم تكن الحرية في التوجه العام فقط. بل كان التوجه العام الواحد(جهاد، تجارة، زراعة، تعلم، حرفية...) به عديد من التخصصات؛ فهذا الذي قد يمم وجهه شطر حِلَقِ العلم -مثلًا- يجد نفسه أمام ثمار شهية، أعلاها وأجملها القرآن كريم (تلاوة .. قراءات)، وبعضها تفسير، وبعضها حديث، وبعضها فقه، وبعضها شعر، وبعضها مما ابتدع في الدين (كعلم الكلام، والاعتزال)...
وليس فقط تعدد أفقي للتخصصات. بل وتعمق في كل تخصص، ففي كل تخصص عديد من الطبقات، فأهل الفقه ليسوا سواء، وأهل التفسير ليسوا سواء، والقراء ليسوا سواء... طبقات بعضها فوق بعض.. كل حسب جهده ... حتى ينتهي الأمر بأن يكون الفرد علامة على نفسه، يقف حيث هو وحده مميزًا بما من الله به عليه من صفاتٍ.
والدولة لا دخل لها بحركة الأفراد، لا تأمر أحدهم بأن يتخصص في هذا أو ذاك. بل تكفل للفرد الحد الأدنى من المعيشة من بيت المال. ففي كل تجمع سكاني حاكم، وبيت مال، يأخذ الحاكم من الغني ما فرضه الله عليه من زكاة ويوضع في بيت المال ويوزع بعد ذلك على الفقراء والمساكين ويوزع في التمكين للدين، فلا فقر ولا مهانة..لا يمنُّ الغني على الفقير، ولا يمد الفقير يده للغني. حرية وأمان مادي، وتفعيل تام للإنسان حيث يحب .. حيث يحسن.
وهكذا كان الصحابة، رضوان الله عليهم، كل حيث يحسن، بعضهم لا تكاد تسمع به إلا في التجارة، وبعضهم في القتال، وبعضهم في الرأي والمشورة.... كلٌ نجمٌ ساطعٌ في مكانه.. والجميع يحضر المواقف العامة، أو يحضر المواقف الخاصة كأحد العامة.
ولا يظنن أحدٌ أن الناس إن تركوا فإنهم يسيرون في اتجاه واحد. أبدًا.. أبدًا.. لخمسةٍ:
أولها: في مثل هذا المجتمع يكون التفاضل بالتقوى لا بالوظيفة كما هو حاصل اليوم، ففي نموذجنا الحضاري أكرم الناس أتقاهم، وأحسنهم خلقًا. {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات : 13].
وثانيها: أن الناس بطبعهم مختصون، كلٌ له ما يحسنه؛ وحين يترك لهم العنان لا يتجمعون في نقطة واحدة، هذا يحدث الآن فقط في النموذج الغربي المضاد للفطرة. فالآن لو تركتهم لتجمعوا في عددٍ قليل من الوظائف ذات الدخل العالي أو النفوذ الاجتماعي، وذلك لارتباط الأرزاق والوجاهة الاجتماعية بالوظائف ظاهريًا، ولأن الناس لا يفاضلون بالتقوى.
وثالثها: أن في الشريعة ما يعرف بـ "فرض الكفاية"، وهو ما إن ترك يأثم الجميع. فأحوال الناس كلها بين فروضٍ واجبة وفروضِ كفايات، وبالتالي تسد كل حاجاتهم، ويستقيم المجتمع متزنًا بلا خلل، كما قد كان لقرون طوال.
ورابعها: أن الفرد كان يتحرك في مساحة كبيرة من الأرض دون أدنى عائق سلطوي أو اجتماعي، حيث شاء يحط رحاله كأنه قد ولد في ذات البلد، فمن الصين (تركستان المحتلة الان) إلى شمال أسبانيا يتحرك من شاء متى شاء آمنًا مطمئنًا.
وخامسها: في نموذجنا الحضاري تكون الرتب بالأفعال لا بالدعاوى، والمهام تسند ولا تطلب، فالناس لا يستفتون جاهلًا لأنهم أتقياء، أو متدينون في الجملة، والعالم يعيش بينهم ويعرفونه، ولا يدعي أحد الجندية ثم هو يجلس بينهم، بعيدًا عن الثغور يعربد تجارةً وإرهابًا للآمنين؛ ولا يؤمن المجتمع الخائن على ما أوقفوه لفروض الكفايات، فهي أموالهم، دفعوها من قوتهم أو ينتظرون الإفادة منها،،،،،
واليوم:
نساق كلنا في مسارٍ واحدٍ، لا ينظرون للفروق الفردية، لا ينظرون للمواهب الشخصية، كأننا قطيع مواشي وسائقنا فقط من قد رشد.. نساق إلى مسارٍ واحد: الذكور والإناث، الأذكياء والأغبياء، محبي الحرفة ومحبوا التعلم والمطالعة؛ ولذا يتسرب الناس من التعليم، ولذا يكون الفرد مزدوج الشخصية، يتأرجح بين تخصصين أو أكثر، ما يحسنه وما هو مضطر إليه كسبًا لقوت يومه، فتجده صيدلي وسياسي، مهندس وشاعر، مدرس وبلطجي، محامي وتاجر، فلا يحسن الهندسة ولا يحسن الشعر. ويفقد المجتمع التخصصية العالية التي تنفع الناس. إننا نمتلك أرقى وأبهى نموذج في التاريخ، وإننا -اليوم بما استوردناه من حضارة غيرنا- نضيع الأوقات والأعمار، فمتى نعود؟!.

2016-08-06

حسن الجوار



عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال -صلى الله عليه وسلم-: ( خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره )
يتيقن صاحب الفكر المستنير والنظرة الواعية لآداب الأخوة والجوار في الإسلام أنها تتمتع بمسحة اجتماعية تقوي أواصر النسيج الاجتماعي الذي يقرب بين الأخلاء والجيران في المكان والزمان، وكذلك في المصالح العامة والمنافع المشتركة التي يقتضيها القرب المكاني والمضايفة، وإذا كان التضامن أو التكافل هو التعاون المثمر الذي يقيمه الناس فيما بينهم، فإن الجار أحق الناس في إقامة هذا التعاون والتبادل البناء والمثمر لتقدم الجار على غيره، ومن هنا كانت حكمة الإسلام في دعوة المسلمين إلى تعميم الإحسان ونشر البر على الجار بغض النظر عن القرابة في الدين أو النسب، فقال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ..} [النساء:36]
ولقد أفاضت السنة النبوية في بيان رعاية حقوق الجار، والوصية به، وصيانة عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسد خلَّته. ومن أجلى تلك النصوص قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( ما زال جبريل يوصيني بالجـــار حتى ظننت أنه سيورثه )  فلم تكن الوصية الخالدة التي أوصى بها جبريل عليه السلام نبينا -صلى الله عليه وسلم- بالجار وصية كباقي الوصايا، بل زادت أهميتها بتلك الصيغة التي بالغ فيها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بقوله ( حتى ظننت أنه سيورثه).
قال الإمام الغزالي: آداب الجار أن يبدأ بالسلام ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عليه وعن حاله السؤال، ويعوده في مرضه، ويعزيه عند مصيبته، ويقوم معه في عزائه، ويهنئه في فرحه، ويشاركه في سروره، ويتلطف في معاملة أولاده، ويصفح عن زلاته، ويعاتبه برفق عند هفواته، ويغض بصره عن حرمه، ويعينه في نوائبه، ولا يتطلع من السطح إلى عوراته ولا يضايقه بصوته، ولا يؤذيه بوضع الجذع على جداره، ولا يصيب الماء في ميزابه، ولا يطرح التراب في فنائه، ولا يضيق طريقه إلى داره، ولا يتبعه بالنظر فيما يحمله إلى بيته، ويستر ما ينكشف من عوراته، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته، ولا يسمع عليه كلاما من عدوه، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.
قال -صلى الله عليه وسلم-: ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ...)  وأوصى -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر -رضي الله عنه- بقوله: ( يا أبا ذر! إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك ) 
وعن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قلت: يا رسول اللَّه إِنَّ لي جَارَيْنِ، فَإِلى أَيِّهما أُهْدِى؟ قال: ( إلى أَقْربهمِا مِنْك باباً )
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ( كن ورعا تكن أعبد الناس، وكن قنعا تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما ) 
ومن حق الجار التعرف عليه وتفقد أحواله، فمن الناس من لا يعرف جاره الملاصق، وربما دامت الجيرة سنوات عديدة وهم على هذا الحال، إما تجاهلاً أو تهاوناً أو اشتغالاً بالدنيا. وهذا يكثر في المدن الكبرى؛ التي ترزح تحت وطأة المدنية الحديثة، ولا ريب أن هذا الصنيع تفريط وتقصير؛ فمن حق الجار أن تتعرف عليه وتجعل لفرحه وحزنه ومشكلاته حيزاً من تفكيرك ومشاعرك، ولا يحصل هذا إلا بتفقد أحواله، والسؤال عن حاجاته، فقد يكون مريضاً وقد يكون مديوناً، وقد وقد.
كم من إنسان ينام قرين العين وجاره قد أطارت الهموم والأحزان النوم عنه.. فهل يليق هذا؟! وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ) 
ويروى أنه كان محمد بن الجهم جارًا لسعيد بن العاص عاش سنوات ينعم بجواره فلما عرض محمد بن الجهم داره للبيع بخمسين ألف درهم، وحضر الشهود ليشهدوا، قال: بكم تشترون مني جوار سعيد بن العاص؟ قالوا: إن الجوار لا يباع، وما جئنا إلا لنشتري الدار. فقال: وكيف لا يباع جوار من إذا سألته أعطاك، وإن سكتَّ عنه بادرك بالسؤال، وإن أسأت إليه أحسن إليك، وإن هجته عطف عليك؟ فبلغ ذلك الكلام جاره سعيد بن العاص فبعث إليه بمائة ألف درهم وقال له: أمسك عليك دارك .
وإذا كان الأذى بغير حق محرم، فأذية الجار أشد تحريماً وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ...) 
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ( والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه [أي ْغَوَائِله وَشُّرُّوره] )
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه )
وقيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل، وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا خير فيها، هي من أهل النار). قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة، وتصدق بأثوار من الأقط، ولا تؤذي أحدا؟ فقال رسول الله: ( هي من أهل الجنة )
فلو حقق الناس آداب الشرع في نفوسهم لسعدت البشرية جمعاء وعاش الناس في أمن وطمأنينة ولم نجد هذا التصدع في صرح البناء الاجتماعي للأسرة والمجتمع بل تخطى ذلك إلى تصدع بين الدول العربية والإسلامية، ولو أقام المسلمون آداب الجوار التي بينتها لنا السنة النبوية المطهرة وأخذوا بها في واقعهم لذاب هذا التشرذم وتوطدت أواصر المحبة بين الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول.
 

تطوير الذات و (النجاح الزائف)



*تطوير الذات
مصطلح هلامي حديث لا يتفق أحد على (مفهومه) ولا تتوحد الآراء حول (معناه) لكنه يشهد انتشاراً واسعاً كانتشار النار في الهشيم وتلقى (دوراته) رواجاً سريعاً كغيثٍ استدبرته الريح
ويتداعى الناس على (كتبه) كما تتداعى الأكلة على قصعتها
ولكن من الناحية العملية فإن مخرجات هذه الدورات ومجتنى هذه الكتب ‏﴿ كسرابٍ بِقِيعَةٍ يحسَبُه الظمئان ماءً حتى إذا جآءه لم يجدْهُ شيئًا﴾
قد يكون هناك تأثر نفسي لما يسمعه الفرد من عبارات تحفيزية وكلمات تشجيعية وقصص تفاؤلية
وهذا أمرٌ لا ينكر
ونتيجةٌ لا تُجحد
ويعرف عند دهاقنة العلوم النفسية بـ(علم النفس الإيجابي)
فأثر هذه الدورات (النفسية لا التدريبية) هو المساعدة في تحسين المزاج وعلاج الاضطرابات النفسية
‏لقد أصبحتْ (دورات تطوير الذات) البديل الإجتماعي المقبول لجلسات العلاج النفسي.
لكنّ النجاحَ و (تطوير الذات) لا يتحقق بهذه الجلسات النفسية فقط!!
تطوير الذات يتطلب مجاهدة النفس و أطرها على النجاح ومكابدة العوائق.
والأهم في ذلك أن تدرك أنّ تحديد (وجهتك) في طريق النجاح أهم من زيادة سرعتك أثناء السير إليه.
فما الفائدة من نجاحٍ في أمر غير ذي بال؟
وما الثمرة من تفوقٍ في شأنٍ ليس بذي قيمةٍ؟
* لقد كان من دعاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ)
ونجاحٌ لا يثمر = كعلمٍ لا ينفع
كلاهما حريٌ بكل لبيب أن يلظ بالعوذ بالله منهما في دعائه.
*يقول أينشتاين :
لا تسع إلى أن تكون ناجحاً
وإنما اسع لأن تكون شخصاً ذا قيمة
* ‏ويقول فرانسيس تشان:
يجب ألا يكون أكبر مخاوفنا هو الخوف من الفشل!!
ولكن من نجاحنا في أمور غير مهمة فعلياً في الحياة.
* دعك من دورات تطوير الذات (النفسية) واسألْ نفسك دائماً:
ماهي الأشياء التي تجعل مني رجلاً له قيمة في الحياة ؟
وإذا حدث شيءٌ ما فالسؤال :
هل هذا الشيء يجعلني ذا قيمة في الحياة؟
ثم تدثـّر بالصبر، وتسربل بالمجاهدة حتى تبلغ ذلك الشأو أو تهلك دونه.
* ‏إنك يا صاحبي إن لم تزدْ على الدنيا شيئاً= كنتَ زائداً عليها
وإن لم تضفْ في الوجود جديداً= كنتَ ضيفاً ثقيلاً فيه!!
* عليك في كل مرةٍ أن تفعل ماهو صائب..لا ماهو سهل
وأن تنجز ماله قيمة..لا ماله بريق
فالنجاح أمرٌ عظيم، ولكنه يسيرٌ على من يسره الله عليه
وتطلاب تيسير الله يكون بالصبر، والمجاهدة، وصدق الإرادة، ونبل الهدف
* النجاح يا سادة ليس كليماتٍ اكتتبها (رواد تطوير الذات) ليتلوها عليكم في دوراتهم بكرةً وأصيلاً!!
بل ‏هو كفاحٌ حتى النجاح
وتضحياتٌ حتى تتحقق الإنجازات
وتحرّقٌ حتى إحراز التفوق.
*النجاحُ في سفساف الأمور =هو نجاحٌ بنكهة الفشل
*إن المجتمعَ الذي رموزه هم مشاهير الحماقة، ونجومه هم (أرباب التهريج في وسائل التواصل الاجتماعي) = مجتمعٌ يعاني خطلاً في بنيته الفكرية
* ( يحكي أن رجلاً استأذن هارون الرشيد فقال:
إني أصنع ما تعجز الخلائق عنه
فقال الرشيد: هات.
فأخرج أنبوبة فصب فيها عدة إبر ثم وضع واحدة في الأرض وقام على قدميه، وجعل يرمي إبرة إبرة من قامته فتقع كل إبرة في عين الإبرة الموضوعة حتى فرغ .
فأمر الرشيد بضربه مائة سوط ثم أمر له بمائة دينار!!
فسئل عن جمعه بين الكرامة والهوان فقال:
وصلته لجودة ذكائه
وأدبته لكي لا يصرف فرط ذكائه في الفضول.)سراج الملوك ١/٥٥
* ختاماً:
‏أهم من النجاح = أن يكون الأمر الذي تود النجاح فيه له قيمة