السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2013-01-31

حب أم ... !!


حب أم ... !!
يحكى أن  ابنا أراد أن يتخلص من أمه العجوز المريضه ، فحملها على كتفه وذهب بها إلى إحدى الجبال ليتركها تموت هناك ، وفى طريقه مر وسط الغابات الكثيفه والأشجار الكثيره فى طرق متسعة وكانت أمه و هى على كتفه تقطع أغصان الأشجار و أوراقها وترميها على جانبي الطريق .....

ترك الأبن أمه فوق الجبل وهم بالعودة بمفرده و لكنه وقف حائراً ، فقد أدرك أنه ضل الطريق ....

نادته أمه فى لطف وحنان وقالت له "يا بنى خوفا عليك من أن تضل طريقك فى عودتك ، كنت أطرح الأغصان و الأوراق فى الطريق لتتبع آثارها فى طريق عودتك وتصل بالسلامة . . . .

ارجع بالسلامة يا بني ,,,,,

ترقرقت الدموع فى عينى الأبن ورجع إلى نفسه وحمل أمه إلى البيت مُكرما إيّاها

ياللعجب ابنها يفكر فى موتها وهي تفكر فى سلامته إنها الأم دائما بقلبها المحب ما أعظم حنانها .....وماأكبر قلبها!!!

2013-01-29

شهد الأنام بفضله حتى العِدا



كان نبينا وحبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرجح الناس عقلا، وأعفهم نفسا، وأصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، شهد له بذلك أصحابه وأعداؤه، وكان يسمي قبل نبوته " الصادق الأمين "، ويُتَحاكم إليه في الجاهلية قبل الإسلام، فقد نشأ - صلى الله عليه وسلم - من أول لحظة من لحظات حياته متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، يُضرب به المثل، فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله - صلى الله عليه وسلم - منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه، وأبعدهم عنه، شهد له بذلك العدو والصديق في الماضي والحاضر .

                  مَحَاسِنُ أَصْنَافِ النَّبِيِّينِ جَمَّةُ     وَمَا قَصَبَاتُ السَّبْقِ إِلا لأَحْمَد

قال القاضي عياض : " وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخُلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ " .

وإذا كان من الطبيعي أن يثني التابعون على متبوعهم، فالعجيب هو ثناء الأعداء والمخالفين لعدوهم، فلم يشهد بصدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحسن أخلاقه المؤمنون به فقط، بل شهد له الكثير من المنصفين من أعدائه الذين لم يؤمنوا به، هذه هي الحقيقة التي أبصرتها عقول منصفة، فنطقت بها ألسنتهم لتكون حجة على كل من يكابر ويعاند، ويأبى إلا الكذب والافتراء، لحقده أو كِبْرِه، وإليك بعض تلك الأقوال التي تشهد للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتثني عليه وعلى أخلاقه، ممن لم يؤمن به وكان مخالفاً له في القديم والحديث ..

في القديم :

شهادة كفار قريش بأمانته وصدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

حينما قامت قريش ببناء الكعبة قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - تنازعوا في رفع الحجر الأسود إلى مكانه، واتفقوا على تحكيم أول من يدخل عليهم الباب، فكان أول داخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففرحوا جميعاً، وقالوا: جاء الأمين، جاء محمد، وقد كانوا يلقبونه بلقب الصادق الأمين، لما يعلمونه من أمانته وصدقه - صلى الله عليه وسلم ـ .
ولما نزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قول الله تعالى: { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }(الشعراء:214)، صعد إلى الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي ـ لبطون قريش ـ حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟، قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) رواه البخاري .

أبو جهل : 

فرعون هذه الأمة، مع شدة عداوته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شهد بصدقه حينما قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إنا لا نكذبك، لكن نكذب ما جئت به " ، فأنزل الله تعالى: { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }(الأنعام:33) .
وذكر ابن القيم في كتابه " هداية الحيارى ": أن المسور بن مخرمة سأل أبا جهل عن حقيقة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: " يا خالي هل كنتم تتهمون محمدا بالكذب قبل أن يقول ما قال؟، فقال: يا ابن أختي والله لقد كان محمد فينا وهو شاب يدعى الأمين فما جربنا عليه كذبا قط، قال: يا خال فما لكم لا تتبعونه؟ قال: يا ابن أختي تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف فأطعموا وأطعمنا، وسقوا وسقينا، وأجاروا وأجرنا، حتى إذا تجاثينا (جلسنا للخصومة) على الركب كنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي فمتى ندرك مثل هذه؟ " . 
وذكر ابن كثير والطبري في تفسيرهما أن الأخنس بن شريق قال يوم بدر لأبي جهل: " يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فانه ليس ها هنا من قريش أحد غيري وغيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل: ويحك والله إن محمداً لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء و الحجابة و السقاية والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟! ". 
وكذلك شهد أبو سفيان ـ قبل إسلامه ـ بين يدي هرقل ملك الروم بصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ ووفائه، حينما سأله هرقل : " فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟، قلت: لا، قال: فهل يغدر؟، قلت: لا " رواه البخاري .

في العصر الحديث :

رودنسن : ولد عام 1915، وهو من أساتذة مدرسة الدراسات العليا بباريس، ثم مديرها يقول : " بظهور عدد من المؤرخين الأوروبيين المستنيرين في القرن الثامن عشر، بدأت تتكامل معالم صورة، هي صورة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحاكم المتسامح والحكيم والمشرع " .

ـ جاك ريسلر :

باحث وكاتب فرنسي معاصر، وأستاذ بالمعهد الإسلامي بباريس، والحاصل على جائزة الأكاديمية الفرنسية يقول : " كان لزامًا على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يبرز في أقصر وقت ممكن تفوّق الشعب العربي عندما أنعم الله عليه بدين سام في بساطته ووضوحه، وكذلك بمذهبه الصارم في التوحيد في مواجهة التردد الدائم للعقائد الدينية، وإذا ما عرفنا أن هذا العمل العظيم أدرك وحقق في أقصر أجل أعظم أمل لحياة إنسانية، فإنه يجب أن نعترف أن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يظل في عداد أعظم الرجال الذين شرف بهم تاريخ الشعوب والأديان .

ـ ليف تولستوي: 

ولد عام 1828م وتوفي عام 1910م، من الروائيين الروس الكبار، ومن أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر، يقول: " يكفي محمداً فخراً، أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمد ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة ".

ـ آرنولد توينبي :

ولد في لندن عام 1889م في لندن وتوفي عام 1975م، من أشهر المؤرخين في القرن العشرين، وتقلَّب في عدَّة مناصب، منها: أستاذ الدراسات اليونانيَّة والبيزنطيَّة في جامعة لندن، ومدير دائرة الدراسات في وزارة الخارجية البريطانية، يقول : " لقد أخذت سيرة الرسول العربي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بألباب أتباعه، وسمت شخصيته لديهم إلى أعلى علّيين، فآمنوا برسالته إيمانًا جعلهم يتقبلون ما أوحي به إليه وأفعاله كما سجّلتها السنة، مصدرًا للقانون، لا يقتصر على تنظيم حياة الجماعة الإسلامية وحدها، بل يرتب كذلك علاقات المسلمين الفاتحين برعاياهم غير المسلمين الذين كانوا في بداية الأمر يفوقونهم عددًا " .

ـ ويليام جيمس ديورانت :

(
من 1885م - إلى 1981م ) فيلسوف ومؤرخ وكاتب أمريكي يقول : " إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان من أعظم عظماء التاريخ . 

ـ مايكل هارث : عالم أمريكي فيزيائي معاصر، صاحب كتاب " أعظم مائة شخص في التاريخ" يقول: " إن اختياري محمداً ليكون الأول في قائمة أهم رجال التاريخ ربما أدهش كثيراً من القراء إلى حد قد يثير بعض التساؤلات ، ولكن في اعتقادي أن محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي .. إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الديني والدنيوي معا، يخوّله أن يعتبر أعظم شخصية ذات تأثير في تاريخ البشرية " . 
ويقول: " إن محمدًا هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي، وبعد أربعة عشر قرنًا ما يزال أثره قويًا متجددًا "، " ويقول : "لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقى حروفه كاملاً دون تحوير سوى القرآن الذي نقله محمد " .

ـ مهاتما غاندي :

(
ولد عام م1869م ـ توفي عام1948م ) كان السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند يقول : " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر .. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته، مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته .. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف .. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة " .

تلكم بعض شهادات وأقوال المنصفين الذين لم يؤمنوا بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قديما وحديثا ـ تحمل شهادتهم وأقوالهم الحقيقة التي تشع من سيرة سيد الأنبياء والمرسلين ـ صلى الله علي، بخلاف من أعمى الله بصره وبصيرته، فراح ينكر ضوء الشمس في رابعة النهار

              قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ        ويشتكي الفم طعم الماء من سِقم

إن المنصفين والعقلاء قديما وحديثا ـ ولو كانوا مخالفين ـ للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما اطلعوا على شمائله وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لم يملكوا إلا الاعتراف له بالفضل وحسن الخلق والسيادة، فأي فضل أعظم من فضل من شهد له الأعداء الذين لم يجدوا فيه مغمزاً لثالب أو قادح، ولا مطعناً لجارح أو فاضح

                       شَهِدَ الأَنَامُ بِفضْلِهِ حتى الْعِدَا      وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ به الأَعْدَاءُ

كان نبينا وحبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرجح الناس عقلا، وأعفهم نفسا، وأ

الرحمة النبوية بالعصاة



من نعم الله علينا وعلى البشرية بأسرها أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما بُعِث إلا لتحقيق ونشر الرحمة بين الناس جميعا، كما قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }( الأنبياء:107) ، وقال تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }(التوبة:128) ، ويؤكد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك بقوله : ( أنا نبي الرحمة ) رواه مسلم .

فمن سمات الكمال التي تحلّى بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير، تلكم الرحمة التي صارت له سجيّة، فشملت الصغير والكبير، والمؤمن والكافر، والطائع والعاصي، وإذا كان الناس ـ عامة ـ بحاجة إلى الرحمة والرعاية، فإن الذي زل ووقع في المعصية بحاجة خاصة أن نأخذ بيده لا أن نتركه واقعا، أو نهيل عليه التراب فنكون عونا للشيطان عليه، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ برجل قد شرب الخمر، فقال: اضربوه، فمنا الضارب بيده ، والضارب بثوبه، والضارب بنعله، ثم قال: بكتوه، فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله ؟ ! ما خشيت الله ؟ ! وما استحييت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ! ، فقال بعض القوم: أخزاك الله ! قال: لا تقولوا هكذا ! لا تعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ) رواه أبو داود .

وسيرة النبي ـ صلى الله عل يه وسلم ـ وأحاديثه عامرة برحمته مع العصاة، تلكم الرحمة التي لا تضيق بضعفهم وتقصيرهم، فإنهم بشر من بني آدم، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ( كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي .

الأمل والرجاء :

من هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع العاصي مهما ارتكب من ذنوب أن نفتح له أبواب الأمل والرجاء والطمع في رحمة الله وعفوه، فعن عبدالرحمن بن جبير - رضي الله عنه - عن أبي الطويل: شطبٍ الممدود قال: ( أنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : أرأيت من عمل الذنوب كلها، ولم يترك منها شيئا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة (صغيرة أو كبيرة) إلا أتاها، فهل لذلك من توبة؟! ، قال: فهل أسلمت ؟، قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. قال: تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك خيرات كلهن، قال : وغدراتي وفجراتي ؟ قال: نعم، قال: الله أكبر ، فما زال يكبر حتى توارى ) رواه الطبراني . 

الرفق :

كان هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أصحاب المعاصي الرفق، وكان يعظهم ويبين لهم الحكمة التي شرعها الله في تحريم الحرام، فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : ( إن فتى شابا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادْنُه ، فدنا منه قريبا، فجلس، قال : أتحبه لأمك ؟، قال: لا والله ، جعلني الله فداءك، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال : أفتحبه لابنتك ؟، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال : أفتحبه لأختك ؟، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال : أفتحبه لخالتك ؟، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، ثم وضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ) رواه أحمد .

وإذا كان العاصي جاهلاً وارتكب المعصية وهو يظن جوازها، تلطف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معه بالإنكار عليه ولم يعنفه، فعن معاوية بن الحكم السلمي ـ رضي الله عنه ـ قال: ( بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثُكْلَ أُمِّياه (وافَقْد أمي لي)، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟!، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت ، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني (ما نهرني ولا عبس في وجهي)، ولا ضربني، ولا شتمني، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) رواه مسلم .

قال النووي : " فيه بيان ما كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ من عظيم الخُلق الذي شهد الله تعالى له به، ورفقه بالجاهل، ورأفته بأمته وشفقته عليهم .. وفيه التخلق بخلقه ـ صلى الله عليه و سلم ـ في الرفق بالجاهل، وحسن تعليمه واللطف به، وتقريب الصواب إلى فهمه " .

ومع أن الرفق هو الأصل في معاملة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للعاصي إلا أنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كان أحيانا يغلظ في الإنكار على العاصي لمصلحة تربوية يراها، فعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: أأمك أمرتك بهذا؟، قلت: أغسلهما، قال: بل أحرقهما )، وفي رواية: ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما ) رواهمسلم .
الثياب المعصفرة ليست من ملابس الرجال، وإنما تلبسها النساء، فإذا لبسها الرجل تشبه بالمرأة، وقد لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعلها قد كانت من ملابس الروم أو فارس، فلذلك قال: ( من ثياب الكفار ) .

بل ربما بالغ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تأديب العاصي، فهجره وأمر الناس بهجره، إن كان في ذلك مصلحة تربوية للعاصي نفسه أو لمن حوله، كما حصل مع الثلاثة الذين خُلفوا في غزوة تبوك، مع الأخذ في الاعتبار العلم بأن تطبيق هذا الهجر وهذه الشدة يجب أن تتم مع أمن الوقوع في الفتنة لمن يُطَبَق عليه ذلك .

الستر : 

كثرت النصوص النبوية التي تحثُّ على ستر المسلم، وتحذر من تتبُّع عوراته وزلاَّته، ومن ذلك قوله - صلَّى الله عليْه وسلم -: ( مَن ستر مسلمًا ستَرَه الله يوم القيامة ) رواه البخاري . 
قال ابن حجر عند شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( مَن ستر مسلمًا ) : " أي: رآه على قبيحٍ فلم يُظهِره، أي للناس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه " . 
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليْه وسلم -: ( مَن ستَر عورةَ أخيه المسلم، ستر الله عورته يومَ القيامة، ومَن كشفَ عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته ) رواه ابن ماجه . وعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من علم من أخيه سيئة فسترها عليه ستر الله عليه يوم القيامة ) رواه أحمد . 

فائدة:

الأصل فيمن رأى المنكر أن يقوم بالإنكار على فاعله مع الستر عليه وعدم التشهير به، لما ورد في قصة ماعز ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لرجل من أسلم يقال له هزال : ( ياهزال لو سترته بردائك لكان خيراً لك ) رواه الطبراني . 
فهذا فيمن لم يكن مجاهراً بالمعصية، فإذا كان مجاهراً ومفتخرا بالمعصية فإنه يجوز الكلام عنه لردعه وردع غيره حتى لا تنتشر الذنوب ولا يُتهاون بشأن المعصية ..
قال الحافظ في الفتح: " وقد ذكر النووي أن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به، دون ما لم يجاهر به " ..

لا شك أن المذنب والعاصي له حق على مجتمعه، يتمثل في نصحه وتقويم اعوجاجه بأفضل الطرق وأقومها، فلو أن المسلمين ـ وخاصة الدعاة ـ اقتدوا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وبذلوا جهدهم في النصح للعاصي بهذا الأسلوب النبوي الكريم، وما فيه من رفق وستر، وشفقة ورحمة، لأثروا بأسلوبهم في العصاة والمذنبين، تأثيراً يجعلهم يسارعون لتنفيذ أوامر الله، ويتمسكون بهدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..