السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2021-03-26

تدبر - مع الذين أنعم الله عليهم


 فمن منا لا يحب أن يكون ممن أنعم الله عليهم؟؟؟ من منا لا يحب أن يكون من أصفيائه؟؟؟ ترى من هم هؤلاء الذين أنعم الله عليهم؟؟؟ عندما حدثنا القرآن عن أهم سؤال يجب أن يسأله المسلم لله رب العالمين وهو طلب الهداية إلى صراطه المستقيم, هذا الطالب الذي يكرره العبد في صلواته على مدار اليوم والليلة, وصفه الله لنا بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم من عباده. 

فمن منا لا يحب أن يكون ممن أنعم الله عليهم؟؟؟ من منا لا يحب أن يكون من أصفيائه؟؟؟ ترى من هم هؤلاء الذين أنعم الله عليهم؟؟؟ فسر القرآن لنا وفصل هؤلاء في سورة النساء , قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69)} [النساء] قال الإمام ابن كثير رحمه الله: أي : من عمل بما أمره الله ورسوله ، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله ، فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ، ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة ، وهم الصديقون ، ثم الشهداء ، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم . ثم أثنى عليهم تعالى فقال : ( وحسن أولئك رفيقا ) وقال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة " وكان في شكواه التي قبض فيه ، فأخذته بحة شديدة فسمعته يقول : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) فعلمت أنه خير . وكذا رواه مسلم من حديث شعبة ، عن سعد بن إبراهيم به . 

وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : " اللهم في الرفيق الأعلى " ثلاثا ثم قضى ، عليه أفضل الصلاة والتسليم . وقال الإمام السعدي رحمه الله: أي: كل مَنْ أطاع الله ورسوله على حسب حاله وقدر الواجب عليه من ذكر وأنثى وصغير وكبير، { فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة { مِنَ النَّبِيِّينَ } الذين فضلهم الله بوحيه، واختصهم بتفضيلهم بإرسالهم إلى الخلق، ودعوتهم إلى الله تعالى { وَالصِّدِّيقِينَ } وهم: الذين كمل تصديقهم بما جاءت به الرسل، فعلموا الحق وصدقوه بيقينهم، وبالقيام به قولا وعملا وحالا ودعوة إلى الله، { وَالشُّهَدَاءِ } الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله فقتلوا، { وَالصَّالِحِينَ } الذين صلح ظاهرهم وباطنهم فصلحت أعمالهم، فكل من أطاع الله تعالى كان مع هؤلاء في صحبتهم { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } بالاجتماع بهم في جنات النعيم والأُنْس بقربهم في جوار رب العالمين. فاللهم اجعلنا منهم ومعهم برحمتك وفضلك يا كريم



شهر شعبان فضائل وأعمال



 «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»

المؤمن الفطن من وزن الدنيا بميزانها، وأعطاها مستحقها، ولم يجعلها أمله وغايته ونهايته؛ فإن الدنيا مرحلة عمل وسعي، يعقبها موت وحياة برزخية في القبر لا يدري العبد كم يمكث فيه، فربما مكث ألف سنة أو ألفين أو أكثر أو أقل، ثم يعقبها حياة كاملة سرمدية في الدار الآخرة، ومن الغبن العظيم أن يعمل العبد لدنياه وهي بضعة عقود فقط، قد تصل إلى قرن إذا عُمر الإنسان، وينسى حياة برزخية قد تمتد إلى قرون طوال، ويهمل دار باقية سرمدية، لا موت فيها أبدا، بل بقاء وخلود؛ فإما منعم وإما معذب. 
ومن أدرك ذلك حق الإدراك كان عمله لما بعد الموت أكثر من عمله لدنياه. وشهر شعبان شهر عظيم يقع بين شهر رجب المحرم، وبين شهر رمضان المعظم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام فيه؛ كما جاء في حديث عَائِشَةَ رَضَيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ الله ﷺ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله ﷺ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ» رواه الشيخان. وفي رواية لمسلم: «وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا». وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم سبب كثرة صيامه في شعبان؛ كما في حديث أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (رواه النسائي)
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم سببين لصيامه في شعبان: أولهما: غفلة الناس عنه، وسبب هذه الغفلة أن شعبان وقع بعد شهر رجب، وهو شهر محرم، وقد قال الله تعالى في الأشهر الحرم {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، وقبل شهر رمضان، وهو شهر الصيام والقيام والقرآن والإحسان.
 وهذا الحديث أصل في استحباب ذكر الله تعالى في وقت الغفلة، وقد دل على ذلك نصوص عدة، منها: قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» (رواه مسلم)
والهرج هو الفتنة واختلاط الأمر، وحينها ينشغل الناس بالفتنة، ويغفلون عن العبادة، فكانت العبادة إذ ذاك كالهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
 ومنها: قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ» رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وجوف الليل وقت نوم، وغالب من يسهرون فيه يسهرون على لعب ولهو وغفلة، فحرض النبي صلى الله عليه وسلم على الذكر في ذلكم الوقت لكثرة الغفلة فيه. ومنها: قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ» » وذكر منهم: «وَالْقَوْمُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سُرَاهُمْ حَتَّى يُحِبُّوا أَنْ يَمَسُّوا الْأَرْضَ، فَيَنْزِلُونَ، فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُمْ، فَيُصَلِّي حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ» (رواه أحمد وصححه ابن حبان)
فهذا الرجل صلى في استراحة من سفر طويل، وهي حال غفلة وطلب للنوم، فاستحق محبة الله تعالى. ومنها ما جاء في الحديث القدسي: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» رواه الشيخان، والخلو بالنفس مظنة الغفلة، وذكر الله تعالى يدل على اليقظة، كما يقطع فيه بالإخلاص؛ ولذا كان من السبعة الذين يظلهم الله تعالى يوم القيامة «وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» (رواه الشيخان)
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: «وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل؛ كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة». وفي حديث حذيفة رضي الله عنه أنه حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب قَالَ: «فَجِئْتُهُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَامَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ خَرَجَ» رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان. وجاء عن جمع من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون بين العشائين، وهو وقت غفلة. «وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد: منها: أنه يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل... ومنها: أنه أشق على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس. وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهد من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة؛ لكثرة المقتدين بهم، فسهلت الطاعات. وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس، فيشق على نفوس المستيقظين طاعاتهم؛ لقلة من يقتدون بهم فيها... ومنها: أن المنفرد بالطاعة ... 
قد يدفع البلاء عن الناس كلهم فكأنه يحميهم ويدافع عنهم». ومما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب صيام شعبان: قوله صلى الله عليه وسلم «وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» فعمل العام يرفع في شعبان.
 كما أن في صيام شعبان رياضة على الصيام استعدادا لرمضان. نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وان يرزقنا العمل بما علمنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه سميع مجيب.
 فاتقوا الله تعالى واعملوا صالحا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [هود: 23]
أيها المسلمون: ينبغي للمؤمن أن يكثر من قراءة القرآن في شعبان، حتى يعتاد ذلك، فلا يدخل عليه رمضان إلا وقد ألف كثرة القراءة، فلا يصيبه الملل والسأم، ويروض نفسه على التلذذ بآيات القرآن الكريم. «قال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن». 
وليلة النصف من شعبان جاء فيها حديثان ضعيفان لا يعول عليهما، وليس لها مزية على غيرها من الليالي، فلا يخص نهارها بصوم، ولا ليلها بقيام، بل هي كسائر الليالي؛ فمن اعتاد على الصيام في شعبان صام يوم النصف لأنه يصوم شعبان، ومن اعتاد قيام الليل قام ليلة النصف على عادته في القيام، لا لأنها ليلة النصف من شعبان. ويُنهى عن صيام آخر شعبان إذا كان على سبيل الاحتياط لرمضان، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ»  (رواه الشيخان). وفي حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال «مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه أهل السنن. فإذا وافق يوما كان يصومه كصيامه الاثنين أو الخميس فلا بأس أن يصومه؛ لأنه لم ينو بصيامه الاحتياط لرمضان.
 وبكل حال فإنه ينبغي للمؤمن أن يغير من حاله في شعبان؛ استعدادا لرمضان، وأن يكثر فيه من الصيام وقراءة القرآن؛ لئلا يكون من الغافلين؛ ولكي يستعد لرمضان، فلا يدخل عليه إلا وقد ألف الصيام والقرآن، فيكون أنشط في العبادة في رمضان. 
وصلوا وسلموا على نبيكم...



شعبان والعبادة في زمن الغفلة

 


من أسباب كثرة صيام شعبان أيضا، إعداد النفس لاستقبال رمضان.. كما ذكر ذلك ابن رجب في "لطائف المعارف"، فكان عليه الصلاة والسلام يعلمنا ويأمرنا بإكثار العبادات في شعبان حتى إذا جاء رمضان كان الإنسان قد تهيأ تماما لعمارته بأحسن ما يمكن من العبادات

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصوم حتى نقول: لا يُفطرُ، و يفطرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، وما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استكمل صيامَ شهرٍ قطُّ إلا رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ منه صيامًا في شعبانَ].
زاد مسلم في روايته : [كان يصومُ شعبانَ كلَّه، كان يصومُ شعبانَ إلا قليلًا]. وفي الترمذي عن أم سلمة [كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلا، بل كان يصومه كله].. 
وعنها قالت: [ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يصومُ شهرينِ متتابعينِ إلَّا شعبانَ ورمضانَ] (رواه الترمذي والنسائي) 
وخلاصة القول أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يصوم شعبان كله، لكن يصوم أكثره حتى يظن البعض من كثرة صيامه فيه أنه يصومه كاملا. وقد ثبت عن عائشة وأم سلمة وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين أنه صلى الله عليه وسلم ما صام شهرا كاملا إلا رمضان. وقد فضل بعض أهل العلم صوم شعبان عن صيام الأشهر الحرم وصيام المحرم، ولكن الظاهر خلافه لضعف ما استدلوا به.. لكن يبقى صيام شعبان كالتوطئة بين يدي رمضان، فهو سفير كريم بين يدي حبيب عظيم، وهو بالنسبة له كصلاة النافلة بين يدي الفريضة، فهو يهيئ المرء ويعده لاستقبال رمضان.
 سبب كثرة صيام شعبان: 
وقد بين عليه الصلاة والسلام سبب كثرة صيامه فيه حين سأله أسامة بن زيد رضي الله عن ذلك فقال فيما روى الترمذي والنسائي عن أسامة قَال: قُلتُ: يا رسول الله، لمْ أرَكَ تصوم شهْرًا من الشهور ما تصوم مِنْ شعْبان، قال: «ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ»
فبين أن سبب ذلك أمران: الأول: أنه [شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ]..
 وهكذا كان حاله في كل وقت يرفع فيه العمل إلى ربه.. وهو ما علل به أيضا صيام يوم الاثنين والخميس كما في حديث أسامة هذا نفسه في أوله قال: [قلتُ يا رسولَ اللهِ إنكَ تصومُ لا تكادُ أن تُفطِرَ وتُفطِرُ حتى لا تكادُ أن تصومَ إلا يوميْنِ إن دخلا في صيامِكَ وإلا صُمتهما. قال: «أيُّ يوميْنِ»؟ قال: قلتُ: يومَ الاثنينِ ويومَ الخميسِ. قال: «ذانِكَ يومانِ تُعرضُ فيهما الأعمالُ على ربِّ العالمينَ وأُحِبُّ أن يُعرضَ عملي وأنا صائمٌ». 
وسبب آخر علل به صيام هذين اليومين جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، يقول: أنظرا هذين حتى يصطلحا». 
فيستحب للعبد عند رفع عمله أن يكون على هيئة حسنة؛ ليكون أرجى لقبول العمل، ومغفرة الزلل، والتجاوز عن الخطأ والخطل.   الثاني: غفلة الناس عنه: وأما العلة الثانية لكثرة صيامه في شعبان فهو غفلة الناس عنه؛ وسبب هذه الغفلة أنه يأتي بعد شهر رجب الحرام وقبل رمضان.. فيهتم الناس بهما ويغفلان عنه، فأحب أن يذكر الله وقت غفلة الناس. 
فإن العبادة تستحب وقت الغفلة لأمور: 
أولها: الانفراد بعبادة الله: فيصوم المرء حين يفطر الناس، ويقوم حين ينام الناس، ويذكر حين يغفل الناس، ويتقدم حين يحجم الناس، ويتصدق حين يبخل الناس.. فإن العبادة عند انتشار الغفلة لها أثر كبير على النفس، وأجر عظيم يناله العبد، ومحبة خاصة عند الرب. وقد كان جماعة من السلف يحيون ما بين العشاءين ويقولون: هو وقت يغفل الناس عنه.. وقد جاء في حديث عمرو بن عبسة في الترمذي والنسائي قال عليه الصلاة والسلام: «أقربُ ما يكون الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ فإنِ استطعتَ أن تكون ممن يذكرُ اللهَ في تلكَ الساعةِ فكُنْ».
 ثانيها: أنها أعظم أجرا وقد  دل علي ذلك أحاديث كثيرة منها حديث السوق، وقد رواه الحاكم في المستدرك عن عمر بن الخطاب: «مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فقال: لا إله إلاَّ الله وَحْدَه لا شَريكَ له، له المُلْكُ وله الحمْد، يُحْيِي ويُمِيت وهو حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِه الخَيْرُ وهو على كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - كَتبَ الله له ألفَ ألْف حسنَةٍ، ومَحَا عنْه ألْفَ ألْف سيِّئةٍ، ورَفَعَ له ألْفَ ألْف درَجَة» (رواه الترمذي وحسنه الألباني) 
وكما في حديث الثلاثة الذي رواه أبو الدرداء عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: «ثلاثَةٌ يحبُّهُمُ اللهُ عزَّ وجلَّ، ويَضْحَكُ إليهِمْ، ويَسْتَبْشِرُ بِهمْ: الذي إذا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ؛ قاتَلَ ورَاءَها بِنفسِهِ للهِ عزَّ وجلَّ، فَإِمَّا أنْ يُقتلَ، وإِمَّا أنْ يَنْصُرَهُ اللهُ ويَكْفيهِ، فيقولُ اللهُ: انظُروا إلى عَبدي كَيْفَ صَبَّرَ لي نفسَهُ؟! والذي لهُ امرأةٌ حَسْناءُ، وفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ الليلِ، فيقولُ: يَذَرُ شَهْوَتَهُ، فَيَذْكُرُنِي ويُناجِينِي، ولَوْ شاءَ رَقَدَ! والذي يكونُ في سفرٍ، وكان مَعَهُ رَكْبٌ؛ فَسَهَرُوا ونَصَبُوا، ثُمَّ هَجَعُوا، فقامَ مِنَ السحر في سَرَّاءٍ أوْ ضَرَّاءٍ» ](حسنه الألباني والمنذري والهيثمي). 
  ثالثها: أنه أخفى: فيكون أبعد عن الرياء، وأقرب للإخلاص، وأدعى للقبول، وأعظم للأجر. قال عليه الصلاة والسلام في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» (متفق عليه) وقد كان السلف يحبون إخفاء العمل: حتى قال بعضهم: "لا أعد ما ظهر من عملي شيئا". 
وذكر ابن الجوزي "أن بعضهم صام أربعين سنة لا يعلم به أحد، كان يعمل في السوق فإذا خرج من بيته أخذ رغيفين فتصدق بهما في طريقه، ثم يطوي اليوم حتى يعود في المساء.. فيظن أهله أنه أكل في السوق، ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته". وكان الرجل يأوي إلى وسادته فيبكي حتى يبل وسادته من البكاء، وأهله بجانبه لا يشعرون به.  
رابعها: أنه أشق على النفس: لأنه ليس هناك من تتأسى به، فالتأسي يسهل العمل ويعين عليه، ويسلي صاحبه، وأصعب ما يكون العمل عند عدم المعين: قال عليه الصلاة والسلام: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء». (رواه مسلم) وفي رواية عند الطبراني "قيل: من هم يارسول الله؟ قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس». وفي الحديث [ «إنَّ مِن ورائِكم أيامَ الصَّبرِ، لِلمُتَمَسِّكِ فيهنَّ يومئذٍ بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم»، قالوا: يا نبيَّ اللهِ أو منهم؟ قال: «بل منْكم» (حسنه ابن حجر وصححه الألباني) وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [العبادة في الهرج كهجرة إلى]
خامسها: أنه يدفع به البلاء: ففي عبادة الله عند الغفلة ملاذ من الفتن، ومخرج من البلايا والمحن، ونجاة من العقوبات.. قال بعض السلف: لولا من يذكر الله في غفلة الناس لهلك الناس. وقد روى البزار بسند ضعيف عن أبي هريرة يرفعه: "مهلا عن الله مهلا.. فلولا عباد ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع، لصب عليكم العذاب صبا". وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال: لولا الــذين لهــم ورد يقـــومــونــا .. .. وآخــرون لهم سـرد يصومونـا لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا .. .. فإنكم قــوم ســوء لا تطيعونا وفي بعض الآثار: إن الله ليدفع بالرجل الصالح عن أهله وولده وذريته ومن حوله.   شعبان وقضاء الفوائت: ومن أسباب كثرة الصيام في شعبان أيضا قضاء ما قد يكون فات المرء من واجب أو نفل.. فمن كان عليه صيام واجب أفطره في رمضان الفائت قضاه في شعبان، كما كانت عائشةَ رضيَ اللهُ عنها تقول: كان يكون عليَّ الصومُ من رمضانَ. فما أستطيعُ أن أقضيَه إلا في شعبانَ"(رواه مسلم)، وذلك لمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن كان له عمل دائم فاته شيء منه لسبب فليقضه حفاظا على عمله [فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل وكان صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته](صحيح أبي داود).. 
وكان صلى الله عليه وسلم إذا فاته شيء من عمله قضاه. شعبان والاستعداد لرمضان: ومن أسباب كثرة صيام شعبان أيضا، إعداد النفس لاستقبال رمضان.. كما ذكر ذلك ابن رجب في "لطائف المعارف"، فكان عليه الصلاة والسلام يعلمنا ويأمرنا بإكثار العبادات في شعبان حتى إذا جاء رمضان كان الإنسان قد تهيأ تماما لعمارته بأحسن ما يمكن من العبادات بجميع أنواعها وأشكالها، فإن في ذلك تطهيرا لأنفسنا من الذنوب والمعاصي، وتنقية لبيوتنا من المخالفات والمنكرات، فإن نفوسنا كمثل الثياب ورمضان عطر ولا يعطر الثوب حتى يغسل. ولذا قيل : رجب شهر الغرس، وشعبان شهر السقي، ورمضان شهر الحصاد.



روح الصيام ومعانيه - استقبالك رمضان


 فاللهم وفقنا للإقبال على الشهر..وكأنه آخر شهر ..وتقبله منا وتقبلنا فيه وارزقنا فيه تمام المثوبة والأجر.. وأعده علينا وعلى المسلمين وهم آمنين سنوات عديدة ، وأزمنة مديدة.. 

استقبالك رمضان #..

إذا زرت مكانا، أو استقبلت إنسانا، او عملت عملا؛ وأنت محب لذلك، واستشعرت أن ذلك لن يتكرر؛ فلابد أن ذلك سيضاعف في نفسك الشعور بضرورة اغتنام الفرصة التي قد لا تعود، ولذلك لما استمع الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب؛ قالوا: (كأنها موعظة مودع فأوصنا..) رواه أبوداود(٤٦٠٤) والترمذي(٢٨٧١) فاغتنموا مشاعر الوداع لاستجماع وصية قد لا تعود مناسبتها.. 

# .. ولما حج الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأحس أنه لن يلقى أمته في الدنيا مرة أخرى في مثل هذا الجمع؛ جمع لهم من النصيحة في كلمات ؛ ما تفرق في دعوته خلال عقود وسنوات قائلا : «لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه» . مسلم(١٢٩٧)..

ولهذا سميت حجته تلك " حجة الوداع"..وسميت خطبته الجامعة فيها (خطبة الوداع).. 

# .. وفي وصية جامعة مودعة قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ( «يا معاذُ إنَّك عسى ألَّا تَلقاني بعدَ عامي هذا؛ لعلَّك أنْ تمُرَّ بمسجدي وقبري » ) 

فبكى معاذٌ خَشَعًا لفِراقِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ثمَّ التفَت النبي نحوَ المدينةِ فقال : ( «إنَّ أهلَ بيتي هؤلاءِ يرَوْنَ أنَّهم أَوْلى النَّاسِ بي؛ وإنَّ أَوْلى النَّاسِ بي المتَّقونَ مَن كانوا وحيث كانوا » ) أخرجه ابن حبان، وصححه الأرناؤط برقم(٦٤٧) والألباني في الصحيحة (٢٤٩٧) . 

#.. من هنا ندرك معنى ومغزى وصيته - صلى الله عليه وسلم- لأحد أصحابه؛ حين قال له ولكل المسلمين معه : ( «إذا قُمْتَ في صَلاتِكَ فَصَلِّ صَلاةَ مُوَدِّعٍ» ) ،أخرجه ابن ماجه(٤١٧٢) وأحمد (٢٣٥٤٥) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة(٤٠١) 

فتصور إنسانا أقبل على صلاة وهو يعلم أنه يودع بها الدنيا..كيف ستكون في تمامها وفي شدة إخلاصها وصدق دعائها.. ؟ 

#.. بمشاعر الوداع هذه نحتاج إلى استقبال رمضان بإقبال المودعين ..واستقبالنا له مودعين مستودعين ؛ لا ينافي إقبالنا عليه ونحن فرحين مستبشرين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدومه ليحسنوا استقباله ويغتنموا إقباله ، فيقول ( «أتاكم شهرُ رمضانَ ، شهرٌ مبارَكٌ ، فرض اللهُ عليكم صيامَه ، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ ، و تُغلَق فيه أبوابُ الجحيم ، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ» ) [أخرجه النسائي ( ٤/١٢٩) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٥٥)] فاللهم وفقنا للإقبال على الشهر..وكأنه آخر شهر ..وتقبله منا وتقبلنا فيه وارزقنا فيه تمام المثوبة والأجر.. وأعده علينا وعلى المسلمين وهم آمنين سنوات عديدة ، وأزمنة مديدة..



2021-03-05

واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم

 أوصيك أيها الزوج الحنون بأن تخاف الله في زوجتك وتعاملها كما تحب أن تُعامل ابنتك يومًا ما من زوج ستختاره أنت وهى معًا 

 التفاهم في الزواج أساس الأسرة السعيدة، فكلما كان التفاهم والود بين الزوجين هو رابط القوة وجسر العبور الذي تعبر عليه الأوقات الصعبة بسلام، كانت حياة كلا منهما سعيدة ومليئة بالحب والود والتفاهم والرحمة  .

أما إن استخدم الرجل قوامتة بطريقة خاطئة انقلبت الحياة الهانئة والأحلام الوردية إلى بركان من المشاكل التي لا ولن تهدأ 

   كم تتألم الكثير من النساء اليوم وهى تشعر بأنها أسيرة لدى زوجها، تعامل بحدة لا تستطيع حتى إبداء رأيها وفتح نقاش حتى وإن كان بسيطًا، حينها تنهال عليها الكلمات والعبارات وكيف أنه لم يطلب رأيها لتتكلم  

كم تعاني الكثير من النساء وهى تذرف الدموع أنهارًا بسبب سوء معاملة الزوج لها  كم من النساء اليوم نراها تبكي على حالها في صمت لا تستطيع الاعتراض على أبسط الأشياء 

 كم من فتيات أعرضن عن الزواج بسبب الخوف من أن يعاملن بنفس وتيرة ما يرون مع ما حولهن من النساء الأخريات  والسبب........ الزوج الرجل والإفراط في استخدام قوامته الزوج الرجل...... الذي فهم القوامة خطأ وورث الشدة والقسوة بدون وعي منه، إنها تلك العادات والتقاليد التي يتوارثها الأجيال وفهم القوامة الخطأ لدى البعض منهم بدايةً يتلهف الشاب لشريكة تؤنس حياته، وتحلم الفتاة بزوج يرسم البسمة على وجهها تستمر الحياة هكذا قليلاً ثم سرعان ما تبدأ المشاكل بينهما، أحيانًا تكون الزوجة السبب، وتارةً أخرى يكون الزوج هو السبب ولكن لماذا لا يستخدم الزوج قوامته ويظهر الجانب الحنون من شخصيتة ويحتوي زوجته عند غضبها بل ويعلم متى هى غاضبة ومتى هى سعيدة انظر إلى رسولك وحبيبك المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه كيف كان يعرف مشاعر زوجاته عند الغضب وهو أشرف الخلق واكرمهم  تقول السيدة عائشة رضي الله عنها  قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : «( إنَّني لَأعلَمُ إذا كُنْتِ عنِّي راضيةً وإذا كُنْتِ علَيَّ غَضْبى ) قالت : وبمَ تعرِفُ ذلكَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ( إذا كُنْتِ عنِّي راضيةً فحلَفْتِ قُلْتِ : لا وربِّ مُحمَّدٍ وإذا كُنْتِ علَيَّ غَضْبى قُلْتِ : ( لا وربِّ إبراهيمَ ) قُلْتُ : أجَلْ ما أهجُرُ إلَّا اسمَكَ»

ولكن الذي يحدث أن بعض الرجال يجدون في كلمات الاعتذار والمواساة تقليلاً من شأنهم  ولأنه هو دائمًا الرجل الذي لا يخطأ أبدًا فعلى الزوجة الانكسار له والاعتذار عما لم يحدث منها، أو تقبلها لما هو يقول في صمت  

 بل هناك رجال يتفننون في إذلال المرأة ونسوا أنها تركت بيت أبيها لتعيش في حمايته لا في قسوته وشدته المفرطة عليها مابين الحين والحين في كل صغيرة وكبيرة  

أتساءل لماذا دائمًا يرى الرجل أن في قسوته وعنفه، قوامته عليها؟ لماذا يرى أن الحنان وحسن العشرة ينافي القوامة ؟ لماذا لا يسارع باحتوائها بتلك الكلمات العذبة التي بها يذوب أي خلاف  لماذا لا يدعها تنفس عن غضبها قليلاً، ويتحمل صدودها، في حدود معينة بالطبع، فالزوج له كامل الاحترام من زوجته عن عمر بن الخطاب قال : صخبت علىّ امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني! قالت : ولم تنكر أن أراجعك؟ فوا لله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، و إن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. رواه البخارى 

هى بشر مثلك أيها الزوج الحنون تشعر بالألم والغضب،  تشعر بالسعادة والفرح  تريد منك الحب والتفاهم، تريد منك اشراكها في عالمك الخاص وتأخذ برأيها  

عجبًا..... أليس رسولك وقدوتك وهو نبي الله ورسوله كان يأخذ برأي زوجاته  وفي ذلك استشارته صلى الله عليه وسلم لأم سلمة في صلح الحديبية عندما أمر أصحابه بنحر الهدي وحلق الرأس، فلم يفعلوا لأنه شق عليهم أن يرجعوا ولم يدخلوا مكة، فدخل مهمومًا حزينًا على أم سلمة في خيمتها، فما كان منها إلا أن جاءت بالرأي الصائب:"أخرج يا رسول الله فاحلق وانحر، فحلق ونحر، وإذا بأصحابه كلهم يقومون قومة رجل واحد فيحلقون وينحرون". 

هذا هو هدي نبيك مع زوجاته فكيف أنت في أهل بيتك  لماذا أرى بعض الرجال اليوم يتأففون من مرض زوجاتهن؛ أليست هى بشر يتعب ويمرض لماذا لا تكون أنت طبيبها ورفيقها في رحلة مرضها  عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحدٌ من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات» . [رواه مسلم] 

لماذا تدعها تنام باكية دامعة العينين أليس لها قلب يتألم من تلك الوحدة ومن ذاك الهجر الذي وقع بدون سبب لماذا أرى اليوم بعض الرجال يستحي أن ينادي زوجته باسم رقيق يسعد قلبها  أليس رسولنا الكريم كان يداعب زوجته السيدة عائشة ويقول لها ( ياعائش) ويا ( حميراء) فكانت تفرح بهذا التدليل وبهذه الألقاب التي تسعد قلبها  أليس رسولنا الكريم كان يقول ( لا تؤذوني في عائشة)  فلماذا نرى ذاك التهاون في حق الزوجة إن أخطأ شخص ما في حقها بل انظر إلى  شدة حب رسولك إلى السيدة خديجة رضي الله عنها  قال صلى الله عليه وسلم عن خديجة «"أنى رزقت حُبها "» [رواه مسلم]  

 فلماذا يتبدد مثل هذا الحب الرقيق بين كل منهما انظر إلى حال بيت رسول الله في المودة والرحمة بينهما  تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : «  كنتُ أشربُ منَ القدَحِ وأنا حائضٌ فأناولُهُ النَّبيَّ فيضعُ فاهُ على موضعِ فيَّ فيشربُ منْهُ وأتعرَّقُ منَ العرقِ وأنا حائضٌ فأناولَهُ النَّبيَّ فيضعُ فاهُ على موضعِ فيَّ . »

 انظر إلى رسولك واقتدي به في مساعدة أهل بيته فإن قصرت زوجتك يومًا فلا تتأفف وتغضب من تقصيرها بل تآسى بحبيبك المصطفى فقد كان كما روت السيدة عائشة أنه كان في مهنة أهله أخرج البخاري عن الأسود قال: «سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني: خدمة أهله  - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة» لماذا نرى بعض الازواج ينزعج عند فضفضة الزوجة له عما يؤلمها حتى وإن كان شيئًا بسيطًا  أنصت إليها عند حديثها ولا تتأفف منها فهي عندما تتحدث لا تريد حلاً وإنما هى بحاجة إلى الإنصات باهتمام. كانت صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تبكي وتقول حملتني على بعير بطيء فجعل رسول الله يمسح بيديه عينيها ويسكتها.."رواه النسائي أيها الزوج الحنون رفقا بزوجتك، إن أردت حياة سعيدة هانئة؛ فعليك بعدم الإنصات إلى أولئك الذين يقولون أن قوة الرجل في بيته هى بقهر زوجته  أيها الزوج الحنون لكل قلب طاقة وقدرة تحمل، فلا تتعجب يومًا عندما تراها ثائرة لا تبالي بما تفعل أو تقول لأنك قد تحاملت عليها كثيرًا، فأنشأت دون شعور منك بركانًا مستعدا للثوران داخلها في لحظات، لأنها لم تعد تتحمل أو تقوى على الصمت وباتت غير قادرة  على التغافل أيها الزوج الحنون إذا أخطأت في حقها فبادر بالاعتذار حتى وإن كانت عبارات قليلة تدخل بها السرور على قلبها فهي ستسعد كثيرًا بها  اشتر لها هدية وإن كانت بسيطة في نظرك فهي كبيرة في قلبها ونفسها وسترى السعادة بنفسك في قلبها بادية على وجهها قد تكون الهدية هى رسالة حب وود منك لها فكثير من الرجال لا يجيدون الاعتذار، حينها تكفي همسة رقيقة أو هدية جميلة بسيطة  اتبع سنة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حينما قال (تهادوا تحابوا)..... 

داعبها وتبسم في وجها كما كان يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام من ادخال السرور والمرح على زوجاته  حيث قالت عائشة (رضى الله عنها): " «زارتنا سودة يومًا فجلس رسول الله بيني وبينها، إحدى رجليه في حجري، والأخرى في حجرها، فعملت لها حريرة فقلت: كلى! فأبت فقلت: لتأكلي، أو لألطخن وجهك، فأبت فأخذت من القصعة شيئًا فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها لتستقيد منى، فأخذت من القصعة شيئًا فلطخت به وجهي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك» ". [رواه النسائي] . 

أيها الزوج الحنون تذكر أنها اختارتك ورضيت بقوامتك عليها وتركت وراءها الأهل والأصدقاء فلا تغلق عليها بابها وتمنع عنها من أحبت من أهلها  أوصيك أيها الزوج الحنون بأن تخاف الله في زوجتك وتعاملها كما تحب أن تُعامل ابنتك يومًا ما من زوج ستختاره أنت وهى معًا أوصيك أيها الزوج الحنون بمن هى وصية رسول الله عندك فإذا رأيت منها عيبًا أو خُلقًا سيئًا ارتضي منها الآخر، فمن منا اتصف بالكمال يومًا. 

رفقًا ثم رفقًا ثم رفقًا بهن فإنهن عوان عندكم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « «اتقوا الله في النساء، فإنهن عوانٌ عندكم، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» » (رواه مسلم).

 أي أن الزوجة بمنزلة الأسرى في بيت زوجها إن شاء طلقها وإن شاء أبقاها فلتتق الله فيها أيها الزوج الحنون ليكن رسولك قدوتك في أهل بيتك ما أعظمك وما أحلمك يارسول الله زوجًا فقد كنت طيب المعشر حسن الخُلق فلو سار الرجال على نهجك واتبعوا سنتك لكانت منازل المسلمين تضيئها الآن الرحمة والمحبة والود والتفاهم     فلتتبع الآن سنة حبيبك المصطفى وهديه حينما قال : « «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» » ولتعمل بكتاب الله  يقول الله عزوجل:-﴿ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ﴾ [النساء: 19]، أي عاشروا النساء بالمعروف، فالمعاشرة بالمعروف تكون بطِيب القول، وببشاشة الوجه.  



هل نتعلم بحجم أخطائنا؟!



 لمَ لا نَستسلم للتغيير نحو تعلُّمٍ أفضل، عوضًا عن الغوص في مستنقعٍ من وحل الإنكار والاستكبار؟

مثلما قُدِّر للإنسان أن تكون أعمق جراحاته تلك التي يَصنعها بيده، فإن الله ألهمه القدرة لتعلُّم أفضل ما يُمكن تعلُّمه بعد أي جرْح تسبَّبت فيه خطوته العاثرة تلك، شريطة أن يقوم بفعل ما يَنبغي عليه فعله دونما تخاذُل متسلِّحًا بالصبر.  
 إنك أنْ تَعترف لنفسك أولاً بوقوع الخطأ - حيث لا يُمكن لذاكرتك نسيان ما تُحاول أن تتجاهَله - أبلَغُ في إيقاف الضلالات المتدفِّقة على وجدانك وفِكرك، وبعدها حاوِلْ جاهدًا تقصِّي كيفية تحويلها لنجاحات جديدة.   
في كتاب جيرارد ج. نيرين برج "Do It Right The First Time" (افعل ما ينبغي أن تفعله أول مرة) يُطلعنا الكاتب على كيفية تعلم أفضل ما يُمكِننا فعله من أخطائنا التي لا تُنسى، ومِن عثراتنا وسقطاتنا المؤلمة. 
  هو أيضًا صاحب كتاب "فن التفاوض" و"كيف تقرأ شخصًا كما تقرأ الكتاب؟" How to" "Read a Person Like a Book.   وهي من الكتب التي يُفضفض لها بوحك بصمتٍ وبثقة؛ لأنَّ الكاتب يعلمنا كيف نُصارح النفس التي تناهض الاعتراف بالخطأ، حينها سنتعلم ما ينبغي علينا فعله.  
 انشغل البعض بقراءة أفكار الآخرين، ونَقدِها، وتحليلها، وهذا ليس بالأمر السهل، ربما، لكن ذلك ليس المهم؛ الأجدى أولاً أن نقرأ أفكارنا بوعي، وسنعترف عند تلاحق الأسئلة التي ستطرق رأسنا كما لو لم نسمعها من قبل، حينها ستعترف بأنك أخطأت، وحينها فقط ستتعلم.  
 هل شاهدت حجَّارًا وهو يكسر الأحجار؟ إنه يطرقها مائة مرة دون أن يتبيَّن له أثر كسر، ويهمُّ بطرقها كل حين كما لو أنه يفعل ذلك للمرة الأولى، وما تلبَث أن تنكسر أمام عينيه تلك الصخرة القاسية، إنَّ ما كسَرَها ليست الضربة الأخيرة؛ وإنما المائة ضربة التي سبقتْها.  
 وكذا المشكلة قد لا يُصلحها السؤال الأول الذي تطرحه على نفسك، ولكن قد تهتدي لما ينبغي عليك تداركه عند السؤال الخمسين مثلاً.   هكذا لا نتعلَّم بقدر حجم أخطائنا ومشكلاتنا فقط، بل بحجم تأمُّلنا لما ينبغي علينا فعله، ويُقال: "إنَّ أي شخص يَفشل في إدراك مشاكله، يَترك بابًا مفتوحًا تندفع المآسي من خلاله"؛ باولو كويلو.   
وهكذا ينبغي أن نعلِّم أنفسنا ألا نرهنها حبيسة منطقة الظلِّ والاستجداء بالماضي أو الانكسار عند نقطة ما.   إنَّ لحظة إيقاف الأفكار المتدفِّقة والتأمُّل ومعرفة النفس والاعتراف لها في لحظات العزلة التي ينبغي أن نقتطعها لأنفسنا - ستصنَع لنا عالَمًا جميلاً مِن التصالُح مع الرُّوح دونَما إذلال لكرامتِنا أو سجنِها في حدود عثراتنا السابقة.   هكذا يَجب أن نتخيَّل أنفسنا عندما نجدها في مأزق: الوعي بحدوث المشكلة، والاعتراف بحدودها، وطرح التساؤلات، والإجابة عنها بصدق، واختيار البدائل الأكثر أمنًا، والأقل إيلامًا وضررًا، مع الابتعاد عن الشعور بالندم الذي يُغلِّف المزاج بالصدأ، ويَخبو معه كل لمعان للإبداع والتعلم، ثم الاستعانة بالله أولاً وآخرًا على التوفيق للعمل الجادِّ دون يأسٍ.  
 لنتعلم ترميم الأخطاء، وطبطبة الجراح، واندمال القروح، بدلاً من أن ننكأها بجَلدِنا لذواتِنا إيهامًا مِنا بأن هذا هو سبيل التصحيح، ونُعيد اجترارها من غياهب الإنكار.  
 منَحَنا الله القدرة والرغبة معًا على التعلُّم من أخطائنا دونما ندمٍ أو ألم، ليس لأننا ملائكة، بل لنُحقِّق حكمته في قوله عزَّ وجلَّ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]، وهذا هو البلسَم الرقراق الذي يَمشي على أفكارك فيَغسلها دونما ألم.   
لمَ لا نَستسلم للتغيير نحو تعلُّمٍ أفضل، عوضًا عن الغوص في مستنقعٍ من وحل الإنكار والاستكبار؟



من أين تأتي راحة البال؟

غضبك من الآخرين وانشغال بالك بهم، لن يؤثر سوى فيك وحدك، وحتمًا سيكون تأثيرًا سلبيًّا، أما الآخرين، فقد تكون خارج دائرة اهتماماتهم، ولا يشغلهم مطلقًا سواء أكنت غاضبًا منهم، أو لم تسامحهم.

راحة البال، والشعورُ بالطمأنينة والسكينة: مطلبُ كلِّ إنسان. قد نفتقد هذا الهدوء النفسيَّ ونشعر بالضيق، ونشتاق إلى مشاعرَ تُطمئن أنفسَنا، وتبهج أرواحنا.  
 كيف يُمكن الوصول إلى راحة البال؟ من أين تأتي هذه الراحة؟ هناك بعض النقاط التي قد تعينك لتعرف إجابة هذه الأسئلة:
حينما تخلص النية لله وَحده، ويكون هدفك الأساسي هو إرضاءَه وطاعته. 
حينما تكُفُّ عن القلق الزائد والخوفِ والتردُّد. 
حينما تتوقف عن تأنيب نفسك بقسوة، ولا تفعل سوى عتابها وتدميرها بالكلمات السلبية.  
 فالأفضل لك أن تُفكر في حلول واقعية، وتسعى إليها جاهدًا، وتصبر وتتوكل، وتفوِّض أمرك إلى الله، ولا تستعجل النتائج. 
حينما تعرف أن المثالية والكمال لن تصل إليهما مهما فعلت؛ فهذه طبيعة البشر. 
حينما توجِّه كلَّ تفكيرك نحو ما ينفعك في هذه الدنيا وفي آخرتك.   حينما تفكر فيما تفيد به نفسَك وغيرك، وتسعى نحو الارتقاء بنفسك، وتنمية مواهبك وقدراتك، وتتعلم علمًا ينفعك، وتعم فائدتُه عليك وعلى الآخرين. 
حينما تزيل كلَّ آثار عدم التسامح والرغبة في الانتقام ممن تعمَّد إيذاءك. 
كلما شعرت بالحزن والضيق  تذكر أن تتخلص من التفكير في مواقفَ محزنة، لا فائدة من تذكُّرها سوى تعذيب نَفْسك. 
توقَّف عن تذكُّر أشخاص قد يكونون تسببوا في إلحاق الضرر بك، أو ظلموك؛ لأنه لا جدوى من تذكُّرهم.  
 اشغل تفكيرك وخاطرك بما هو نافع لك، تذكَّرْ مواقفك الإيجابية، تذكر حسناتٍ وصفات ومواقفَ طيبةً رأيتها من الآخرين، وتعلَّم منهم واكتسب مهاراتٍ جديدة. 
علِّق قلبك وفكرك بكل ما هو إيجابي. غضبك من الآخرين وانشغال بالك بهم، لن يؤثر سوى فيك وحدك، وحتمًا سيكون تأثيرًا سلبيًّا، أما الآخرين، فقد تكون خارج دائرة اهتماماتهم، ولا يشغلهم مطلقًا سواء أكنت غاضبًا منهم، أو لم تسامحهم.   
وقَد لا يعبؤون بك؛ فأنت لست مهمًّا لديهم، ومشاعرُك نحوهم لا قيمة لها. 
أنت بذلك تؤذي نفسك، وتشحنها بمشاعر سلبيَّة؛ أضرارها عليك وحدك. 
إن لنفسك عليك حقًّا، فاسعَ نحو الارتقاء بها، وتحصينها ضد أي مشاعر تلحق الضرر بها. 
لا تقارن حياتك بالآخرين، ولا تشغل بالك بالبشر كثيرًا. 
ركز في حياتك وفي النعم العديدة التي منحها الله لك. حينما تعرف كيف تتخلص من كلِّ الأفكار السلبية المدمرة المحبطة.  
 حينما تكُف عن الشكوى واللوم والعتاب والانتقادات التي توجهها للآخرين، وتبدأ أُسلوبًا جديدًا لتتعامل به في مواقف حياتك، والشخصيات التي تتعامل معها، أُسلوبًا أكثر حكمة وهدوءًا وتريثًا، أُسلوبًا يوجِّهُه ويرشده العقلُ والتفكُّر. 
حينما لا تيئس من رحمة الله. 
حينما لا تفقد الأمل في قدرة الله ومشيئته على تبديل حالك إلى أفضل حال. 
راحة البال تأتي  من الرِّضا.
 حينما يتملكك الشعور بالرضا، ستبصر راحة البال، وستعرف معنى انشراح الصدر والطمأنينة. 
  راحة البال في ذكر اللَّه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
 حينما تُدرك أن الدنيا دار ابتلاء، وحتمًا سيحدث ما يحزنك ويقلقك أو يخيفك، وحتما قد يظلمك البعض، وقد تعتريك مشكلات متعددة في رحلة حياتك. 
قد تصاب في صحتك، ويتمكَّن المرض منك، وستعاني من أمراض القلوب، وهذه الأمراض لا طبيب ولا دواء لها سوى أن تهذِّب نفسك من هذه الأمراض، وتلتجئ إلى الله ليداويَك منها.
 الذكر والدعاء أفضل علاج للحصول على راحة البال.  
 قال سبحانه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124].
أحسِنِ الظن بالله، وأخلِص النية له، واسعَ نحو التخلص من الأفكار والمشاعر السلبية، واستبدل بها أخرى إيجابية. ارتقِ بنفسك واصبر؛ حتى تنعم براحة البال.



إن أمره كله خير


  أما الرب سبحانه فهو علام الغيب ، الذي أحاط بكل شيء علما ، ووسع كل شيء رحمة ، وهو سبحانه لا يقضي للعبد قضاء إلا كان خيرا له ، وهو الأعلم بعباده ، والأعلم بما يصلحهم في العاجلة والآجلة .   في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له»  

ومن المعاني العظيمة التي تضمنها هذا الحديث أن حقيقة الخير أوسع كثيرا من أن تقتصر على ظاهر ما يدركه العبد من السراء والضراء ، أو العافية والبلاء ، أو العطاء والمنع ، وليس كل ما يكرهه العبد ، أو يتضرر منه شرا . 

ومن آمن وسلم الأمر لربه صارت المحنة في حقه منحه ، والضراء خيرا ، والمنع عطاء ، وليس معنى ذلك بحال ترك سؤال العافية ، فليس يعدلها شيء ، ولم يؤت العبد عطاء خيرا ولا أوسع منها ، وإنما المقصود : الرضا تحت مجاري الأقدار ، والتسليم لكل ما قضاه الودود اللطيف ، العزيز الغفار ، وترك التبرم أو السخط . ومشكلة ابن آدم أنه قصير النظر ، محدود الإدراك ، لا يكاد يرى أبعد مما تحت قدميه ، ولم يؤت من العلم إلا قليلا ، وعلمه مسبوق بالجهل ومحفوف بالوهم والخطأ والنسيان ، ثم إنه مولع بالعاجلة ، ومتعلق بالدنيا ، وغافل عن العواقب ، وجاهل بمآلات الأمور ، وربما ظن في الأمر خيرا وهو شر له ، أو ظنه شرا وفيه خير كبير ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) 

أما الرب سبحانه فهو علام الغيب ، الذي أحاط بكل شيء علما ، ووسع كل شيء رحمة ، وهو سبحانه لا يقضي للعبد قضاء إلا كان خيرا له ، وهو الأعلم بعباده ، والأعلم بما يصلحهم في العاجلة والآجلة .



الفرد ومسؤولية إصلاح المجتمعات

 

هذه مهمة الفرد المسلم العامة بعد أن يقوم بمهمته الخاصة في إصلاح نفسه وتزكيتها وتهذيبها.. فعلى كل فرد أن يضطلع بهذه المهمة المنوطة به، ويقوم بها أتم القيام إذا أراد أن يكون مجتمعه مجتمعا صالحا يرضي الرب ويسعد الخلق..

الإسلام دين الله، وهو خاتم أديان السماء، فلا عجب أن يكون مثاليا في جميع تشريعاته، وكافة تنظيماته، لن نجد له مثيلا في تناسق نظمه وتشريعاته، وانسجام تعاليمه. والنظام الاجتماعي ـ كأحد أنظمة الإسلام ـ غايته إيجاد المجتمع المتكامل في جميع جوانبه، المحقق لرضا ربه، المستحق لسعادة الدارين.. وذلك بأن يكون مجتمع المسلمين مجتمعا نظيفا في كل جوانبه، بعيدا عن الفواحش في كل زواياه، سليما من الآفات خليا عن المنكرات، فإن وقع شيء من ذلك فينبغي أن يكون شذوذا عن الأصل، محارَبا من كل أفراد ومؤسسات المجتمع المسلم. 
ولا يمكن للمجتمع أن يبلغ هذا المبلغ إلا إذا تحمل كل فرد فيه مسئوليته، ولذلك كانت المسؤولية مشتركة بين أنظمة الدولة وقياداتها وأصحاب التوجيه فيها، وبين أفراد المجتمع باختلاف مناصبهم وأقدارهم.. القرآن والإصلاح حث القرآن أفراد المجتمع على السعي في إصلاحه ونهاهم عن الإفساد فيه فقال سبحانه وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، وقال سبحانه: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} [الأعرف: 56].
 وأخبر أن هذه صفة المؤمنين اللازمة لهم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71]
والمعروف الذي يأمرون به: هو اسم جامع لكل ما طلبه الشرع، والمنكر الذي ينهون عنه: هو كل ما نهى الشرع المطهر عنه، ويدخل في ذلك بداهة كل ما يصلح المجتمع ويطهره من الفساد. وهو أمر يتوارثه أهل الإيمان ويوصي به كبيرهم صغيرهم كما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان:17]
وقد ذم القرآن المفرطين في العمل على الإصلاح والدعوة إليه حتى هلك قومهم فقال: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} [هود:116]..
 أي: هلا كان منهم أصحاب طاعة ودين وعقل ينهون قومهم عن الفساد في الأرض؟. الإصلاح في السنة: جاء في السنة أحاديث كثيرة تقرر مسئولية الفرد عن إصلاح المجتمع، وأوضحها وأشهرها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ. وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ».
 فالمسلم يسعى ما أمكنه لدفع الشر ومنعه وتغييره طاقته، فإن لم يقدر على إزالته كرهه بقلبه، ولم يرض عنه، ولم يقبل به؛ وهذا وإن كان أضعف الإيمان إلا أنه لازم؛ لأن كراهية المنكر هي أولى منازل السعي لإنكاره متى أمكن ذلك، فإن لم يتمكن كان قد أدى ما عليه. مسئولية الفرد لماذا؟ لماذا يطالب الفرد بإصلاح المجتمع مع مطالبته بإصلاح نفسه؟ إن لهذا أسبابا كثيرة..
 منها: أولا: أن البيئة مؤثرة فتصح نفس المرء وتمرض، ويقوى دينه أو يضعف تبعا لحال المجتمع الذي يعيش فيه.. فكلما كان المجتمع طاهرا صالحا، كلما عم الصلاح والطهر قلوب أهله، والعكس بالعكس. 
ثانيا: صلاح المجتمع ضرورة: لأن الله خلق الخلق لغاية هي عبادته بمعناها الشمولي، فتكون أقواله وأفعاله وأحواله وتصرفاته وعلاقاته الظاهرة والباطنة على وفق هذه الغاية وذاك المقصد، ولن يستطيع أن يصوغ المرء حياته ويصبغها بهذه الصبغة إلا إذا كن المجتمع الذي يعيش فيه منظما ومقاما على نحو يسهل عليه هذه الصياغة بأن يكون مجتمعا إسلاميا صالحا.. ومن ثم أمر المسلم بالهجرة من المجتمعات الكافرة وعدم الإقامة بها أو الإقامة بين ظهراني المشركين حيث لا يتمكن من إقامة شعائر دينه ويعلن بها إلى مكان يمكنه فيه عبادة الله كما أمره. 
ولهذا كانت أولى مهمات الدولة المسلمة أن تقيم هذا المجتمع: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41]
ثالثا: النجاة من العقاب الجماعي فإن تقاعس الأفراد عن القيام بواجب الإصلاح والنهي عن الإفساد يعرّض الجميع لخطر العقوبة الجماعية التي تعم الكل ولا تستثني أحدا ولا حتى أهل الصلاح منهم.. قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25]
قال ابن عباس: أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب". وقال ابن كثير: "يحذر الله تعالى عباده المؤمنين فتنة، أي اختبارا ومحنة، يعم بها المسيء وغيره ولا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب بل يعمها". 
وارتباط النجاة بالإصلاح لا بالصلاح، وهو أمر معلوم من القرآن والسنة والتاريخ كما أخبر الله تعالى عن القرية التي كانت حاضرة البحر فقال: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف:165].
 وفي سورة هود قال سبحانه: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}، مع قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله: [أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم! إذا كثر الخبث» (متفق عليه). فدل على أن وجود الصالحين لا يمنع من نزول البلاء وحلول النقمة ما لم يكونوا يأمرون بالصلاح والخير، وينهون عن الفساد والشر. وحديث النعمان بن بشير واضح الدلالة على هذا حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «مثلُ القائمِ على حدودِ اللَّهِ والواقعِ فيها كمثلِ قومٍ استَهموا على سفينةٍ، فأصابَ بعضُهم أعلاَها وبعضُهم أسفلَها، فَكانَ الَّذينَ في أسفلِها إذا استقوا منَ الماءِ مرُّوا على من فوقَهم. فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يترُكوهم وما أرادوا هلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا» (رواه البخاري).
 فمجرد الصلاح الفردي دون العمل على الإصلاح لا يكفي لحفظ الأمم والمجتمعات، وهو عين ما أراد أبو بكر رضي الله عنه أن يوصل فهمه للناس حين قال: "أيُّها الناسُ إنَّكم تقرؤونَ هذهِ الآيةَ {يَا أَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، وإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «إنَّ الناسَ إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على يدَيهِ أوشكَ أن يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابٍ منهُ» (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح)
فهذه مهمة الفرد المسلم العامة بعد أن يقوم بمهمته الخاصة في إصلاح نفسه وتزكيتها وتهذيبها.. فعلى كل فرد أن يضطلع بهذه المهمة المنوطة به، ويقوم بها أتم القيام إذا أراد أن يكون مجتمعه مجتمعا صالحا يرضي الرب ويسعد الخلق..