السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-11-24

ما هو العصف الذهني ؟

ما هو العصف الذهني
كثيرًا ما يواجه مدراء الشّركات التّجاريّة المختلفة مشاكل في كيفيّة الوصول إلى القرارات المناسبة من أجل تطوير مؤسّساتهم وتطوير الموظفين فيها وتحفيزهم، فترى المدير يبذل الوقت الكثير للوصول إلى حلٍّ لمعضلة معيّنة دون أن يتوصّل إلى نتيجةٍ مفيدة صالحة أو فكرة مجدية، وقد واجه أحد مدراء الشّركات قديمًا ويدعى أليكس أوزبورن مشاكل كثيرة في شركته دعته إلى ابتكار طريقةٍ جديدة وفريدة من نوعها علّها تحدث تغييرًا في أسلوب حلّ المشكلات واتخاذ القرارات، وقد سمّيت هذه الطّريقة بأسلوب العصف الذّهني؛ حيث تخرج الأفكار من قبل المجتمعين في قاعةٍ معيّنة مثل: العواصف بكلّ اتجاه، ومن دون قيودٍ أو عوائق ما دامت نهاية تلك العواصف ستتمخّض عن هدوءٍ في نهاية الأمر، ووصولٍ إلى برّ الأمان؛ حيث يظفر المشاركون في جلسات العصف الذّهني بفكرةٍ معيّنة أو حلٍّ مناسب لمعضلاتهم ومشاكلهم. وقد كتب اليكس كتابًا أسماه التّخيّل التّطبيقي؛ حيث وضع فيه قواعداً لأسلوب العصف الذّهني، وكيف تتم جلساته بالشّكل الذي تنتج فيه الفائدة والثّمرة المرجوة منها، وقد وضع أربعة مبادىء لجلسة العصف الذّهني ترتكز عليها وهي: 
التّركيز على الكمّ؛ إذ إنّ الهدف من هذه الجلسات هو أن يقدّم كلّ مشارك رأيه أو فكرته بكلّ صراحة ومن دون تحديد لعدد المقترحات أو الأفكار المطروحة من قبل كلّ مشارك، فلكلّ مشاركٍ أن يطرح ما يحلو له من أفكار مهما كثرت حتّى يتسنّى فيما بعد عرض تلك الأفكار ومناقشتها مناقشةً صحيحة. 
البعد عن النّقد: فالهدف من جلسات العصف الذّهني ليس إضاعة الوقت على النّقد، بل الهدف طرح الأفكار بكلّ سلاسةٍ وحريّة . طرح الأفكار الإبداعيّة وغير الاعتياديّة: فقد يخشى الإنسان في بعض الأحيان من أن يطرح فكرةً قد تبدو غريبةً على النّاس، بينما تتيح جلسات العصف الذّهني للمشاركين حريّة طرح الأفكار الإبداعيّة الجديدة التي لا تخشى النّقد أو تتقيّد بالمحظورات أو ما يعرف بالتابو، فلكلّ مشاركٍ حريّة الانطلاق في فضاء التّفكير الرذحب . 
خلط الأفكار مع بعضها بصورةٍ تنتج فكرةً صالحةً إيجابيّة، ويشبه هذا المبدأ فكرة (مكعّبات الليغو)؛ حيث يحاول الطّفل وضع المكعّب المناسب في مكانه المناسب، وكذلك الأفكار فإنّ جلسات العصف الذّهني تمكّن المشارك من البحث عن الفكرة المناسبة، واختيارها لوضعها مع الفكرة التي تلائمها لتكوين فكرةٍ عامّةٍ صالحة.
 وأخيرًا فقد أثبتت أساليب الإدارة الحديثة جدوى العصف الذّهني في ابتكار الحلول والأفكار الخلاّقة لحلّ المشكلات والتّخطيط للمشاريع وإدارة الحملات التّجاريّة والإعلانيّة .
ويطلق عليه أيضاً اسم القدح الذهنيّ، هو عبارة عن طريقة إبداعيّة جماعيّة، حيث يتم بها محاولة إيجاد حلّ لمشكلةٍ ما عن طريق إطلاق حلول عفويّة ضمن إطار المجموعة، وتدوين تلك الأفكار والحلول، جاء تعريف العصف الذهني في كتاب التخيل التطبيقيّ لأليكس أوزبورون، حيث إنّ اقترح أوزبورون في كتابه هذا بالإضافة للعصف الذهنيّ، القواعد الفعّالة لاستضافة مجموعات تعقد جلسات من العصف الذهنيّ. نتيجةً لانتشار العصف الذهنيّ، أثارت هذه الجلسات انتباه الأكاديميين، حيث أجريت العديد من الدراسات استناداً لكتاب أوزبورون والذي يوضح فيه بأنّ جلسات العصف الذهني أكثر كفاءة من العمل الفردي لخلق الأفكار واستنتاجها، وتوصل العديد منهم إلى أنّ هذه الفرضيّة خاطئة، بينما توصّل آخرون لاكتشاف أخطاءه في هذه البحوث وقالوا بأنّ نواتج العصف الذهنيّ ليست حاسمة، فقاموا بإضافة بعض التعديلات والتغييرات المقترحة للعصف الذهنيّ، في محاولةٍ منهم لتحسين إنتاجية أفكار واقتراحات العصف الذهنيّ، وعلى الرغم من هذا لا يوجد أي دليل مطبّق يشير إلى حدوث أي تغيير أو تطوير فعّال عن الطريقة الأساسيّة. 
استخدامات العصف الذهني 
يمكن أن يكون للعصف الذهنيّ استخدامات كبيرة وفاعليّة، عن طريق تواجد مجموعة تعمل على تقليل العمليّات التي تقلل من كفاءة هذه المجموعة. 
إيجاد حلول للمشاكل. بناء مجموعات وفرق للعمل. إدارة المشاريع على اختلافها. التخطيط العمليّ. الإعلانات التجاريّة. 
القواعد العامة للعصف الذهني
قام أوزبورون بإيجاد العصف الذهني عام 1939م، كنوع من الطرق الإبداعيّة لمواجهة المشاكل وحلِّها، وذلك نتيجةً لشعوره بالإحباط من عدم قدرة الموظفين على إيجاد وتطوير أفكار بناءة وخلاقة لمواجهة الصعاب والتحديات التي تعترضهم أثناء الحملات الإعلانيّة، حيث جاء كتابه كرد فعل، حيث عمل على استضافة جلسات للتفكير الجماعي، ووجد بأن المشاكل أخذت تتلاشى تدريجيّاً نتيجة هذه الجلسات، ومن هنا جاء كتابه التخيّل التطبيقيّ، الذي احتوى على العديد من الطرق لحلّ المشاكل بطرق إبداعيّة، ومن هنا جاء مصطلح العصف الذهني، واستند في كتابه هذا على مبدأين اثنين هما :
 تأجيل الحكم. 
الوصول للحل عن طريق عدد من المباديء، وهي عبارة عن القوانين العامة للعصف الذهني، وهي : حجب النقد.
 التركيز على الكم. 
الترحيب بالأفكار الإستثنائيّة. 
تدوين والعمل على تطوير هذه الأفكار.
 ظهر مؤخراً العصف الذهني الإلكترونيّ، والذي يواكب التطوّر الحضاري في هذا المجال، وهو أحد الطرق التي تمكّن المدراء في مختلف المؤسسات من التوصل لقرارات واتخاذها، حيث يقومون بالاجتماع داخل غرفٍ مغلقة، ويوضع أمام كلّ عضوٍ شاشة كمبيوتر ترتبط مع جهاز تحكم مركزي، وتبدأ مرحلة تحديد المشاكل، حيث تحدد على الشاشات الإلكترونية جميع المشاكل، ويتمّ تدوين جميع الإقتراحات التي تخطر في ذهن أي عضو ضمن نطاق الغرفة المغلقة دون مناقشتها، وبعد الانتهاء من طرح الإقتراحات وتجميعها، ويتمّ اختيار البديل الأنسب في الإقتراحات عن طريق التصويت، ومن هنا يتم اتّخاذ القرار بأسرع وقت وباستشارة جموافقة جمبع المختّصين، ومن ميّزات هذه الطريقة السريّة، حيث يقوم كل عضو بتقديم اقتراحه بسرية تامّة، الأمر الذي يمنع الحساسيّات التي تحدث عادةً بين الموظفين، ومن هنا يتمّ التصويت بأريحيّة دون أي نوع من الحزازيّات.

أهمية العلم في الإسلام

أهمية طلب العلم في الإسلام
يعرّف العلم على أنّه معرفة الأمر على حقيقته بعد بذل جهد كبير يوصلك إلى المعرفة، وهناك الكثير من أنواع العلم نذكر منها: علم العقائد، وعلم التراجم، وعلم اللغات، وعلم الأنساب، وعلم الرياضيات، وعلم الفيزياء، وعلم الكيمياء، ولقد أولى ديننا الحنيف عناية فائقة بالعلوم على اختلافها، فبالعلم تسمو الأمم وترتقي الحضارات، لذا سنعرفكم  على أهمية العلم في الإسلام، والعلم في الحضارة الإسلامية، إضافة إلى المنهج العلمي عند المسلمين. أهمية العلم في الإسلام 
حظي العلم على اهتمام كبير من قبل الإسلام، ومما يدل على ذلك نزول أول آية في القرآن لتحث على القراءة والعلم، قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1]، ونزلت العديد من الآيات التي تدعو إلى استخدام العقل، والسعي إلى طلب المعرفة، فبالعلم يتعرف الإنسان على الله تعالى، ويُطبق مهمته في الأرض المتمثلة بالاستخلاف، ولقد فرق الله تعالى بين من يعلمون، ومن لا يعلمون، وذلك بقوله: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ) [الزمر: 9]
للعلماء مكانة خاصة في الإسلام تجعلهم بمركز أعلى من غيرهم في الدنيا، وفي الآخرة، فيتميز أهل العلم بسرعتهم في إدراك الحق، وفي الإيمان، فهم يحكمون عقلهم في كافة الأمور مما يجعلهم من السباقين إلى الإيمان. 
العلم في الحضارة الإسلامية 
ابتكر المسلمون العديد من العلوم الجديدة التي لم تُعرف قبلهم، وأطلقوا عليها أسماء عربية، ومن الأمثلة عليها علم الجبر، وعلم الكيمياء، وعلم المثلثات، كما ابتكروا المنهج العلمي المُستخدم في البحث والكتابة، وهو المنهج القائم على التجربة، والمشاهدة، والاستنتاج، أدخلوا الرسوم التوضيحية، كرسوم الآلات، والعمليات الجراحية في الكتب العلمية، إضافة إلى إنشائهم للقواميس، العلمية، والموساعات المُرتبة بحسب الأحرف الهجائية، وتميزت المكتبة الرئيسية آنذاك باحتوائها على جهاز مُختص بالترجمة، وجهاز مُختص بالنسخ والنقل، وجهاز مُختص بالحفظ والتوزيع، وانتشر المرتجمون من كافة الأجناس الذين أتقنوا اللغة العربية إلى جانب لغتهم الأم. المنهج العلمي عند المسلمين تطورت الأساليب العلمية لدى المسلمين وحدث تقدم مُبهر في المنهجية المتبعة، ووصل ذلك إلى أَوجِه في القرن الحادي عشر الميلادي، ويظهر ذلك في أعمال العالم ابن الهيثم الذي يُعد رائداً بالفيزياء التجريبية، حيث تم استعمال التجريب، والقياس الكمي من أجل التمييز بين عدد من النظريات العلمية المتكافئة تحت إطار من التوجه التجريبي بصورة عامة، وقد ألف ابن الهيثم كتابه المعروف باسم البصريات، وصحح العديد من الأمور في مجال البصريات، وأثبت عن طريق التجربة أنّ الرؤية تحدث نتيجة للأشعة الضوئية التي تنعكس على العين، وقد قام باختراع أول جهاز شبيه بالكاميرا، وكان يُسمى باسم (قمرة).
أهمية طلب العلم في الإسلام 
أُشير من خلال العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلى أهمية طلب العلم ومكانته في الإسلام، وكيف حثَّ الإسلام على طلب العلم والاجتهاد لأجل ذلك بشتّى الوسائل والطرق، ويُمكن الإشارة إلى بعض الأمور التي تُظهر أهمية طلب العلم في الإسلام من خلال النقاط التالية:
 طلب العلم يوصل إلى معرفة الله وإفراده بالألوهيّة والعبادة، كما أنّ المسلم من خلال طلبه للعلم والإمعان في مظاهر قدرة الله في مخلوقاته سيصل إلى توحيد الله وتنزيهه عن جميع صفات النقص والخلل، قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)، فالناظر في الكون وجزئياته وتفاصيله وإبداع صنعه سيظهر له قدرة الله في خلقه وإحسانه في تدبير أموره؛ ممّا ينفي عنه الشريك والمثيل، قال تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
 طلب العلم أساسُ الوصول إلى صحةِ الاعتقادِ وتمام العباداتِ؛ من خلال معرفة ما يجب وينبغي على المسلم القيام به، وما ينبغي عليه الانتهاء عنه.
 طلبُ العلمِ عبادةٌ موصِلةٌ إلى رضى الله ورسوله. طلب العلم طريقٌ يهيّؤه الله لعبده حتى يصل به إلى الجنة، فقد رُوي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عن رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: ( .. مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ..)
بطلب العلم ينال المسلم ويكسبُ خشية الله ومخافته، ويوصله علمه إلى التواضع للخَلق ولين الجانب لهم وبسط يد الرحمة والمحبة بينهم، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
 أجر طلب العلم 
يبقى حتى بعد انقطاعِ عمل الإنسان بانتهاء أجله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إذا ماتَ الرجلُ انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ، أو صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ يُنتَفعُ بِهِ).
 طالب العلم ينال رفعةٌ في الدُّنيا ومنزلةً خاصةً في الآخرة؛ قال تعالى: ﴿ ... يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
كما قال تعالى في سورة الزمر: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الْأَلْبَابِ)
طلب العلم الشرعي دليلٌ على خيريّةِ العبدِ، وأنّ الله قد اصطفاه بأن يسّر له طلب العلم؛ خصوصاً علم الفقه وسائر العلوم الشرعية الأخرى على وجه الخصوص، فقد ثبت عن النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّه قال: (مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهْه في الدِّينِ).
حكم طلب العلم 
لم يترك الإسلام أمراً إلا بيَّن حكمه الشرعي وفصَّل فيه؛ لذلك فقد تكلّم العلماء في حكم طلب العلم سواء كان المقصود بذلك العلم الشرعي أو غيره من العلوم، ويجدر الإشارة إلى أنّ الحكم الشرعي للعلم يصدق على جميع أنواع الأحكام التكليفية الخمسة التي هي الفرض والسنّة والاستحباب أو الندب والإباحة والكراهية والتحريم، وفيما يلي بيان شيءٍ من تلك الأحكام مع توضيحها ببعض الأمثلة: طلب العلم فرض عين: يكون طلب العلم فرضَ عينٍ على جميع المكلّفين، فيجب على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ أن يسعى إلى تحصيل تلك العلوم والإلمام بها، فإن قصَّر في ذلك أُثِم شرعاً، ويصدُق ذلك بحق العلوم التي يجب على كل مسلم معرفتها؛ كعلوم الشريعة التي تتعلّق بأحكام العبادات؛ كالصلوات والزكاة والحج والطهارة وأحكام الصيام وما يتعلق بالبيع والشراء، فهذا النوع من العلوم لا تستقيم عبادة المسلم لربه دون معرفته به. 
طلب العلم فرضٌ على الكفاية: ويصدق ذلك على العلوم التي تكون الأمة الإسلامية بحاجةٍ لها ولا تستقيم أمور الحياة إلا بها، فإذا تعلمها فئة من الناس (حتى اكتفت الأمة بهم) سقط الحكم عن الباقين، وإن لم تكتفِ الأمة بمن تعلَّم تلك العلوم واحتاجت لغيرهم أُثِم الجميع حتى يصل الحد بالأمة في تلك العلوم إلى درجة الكفاية، وتلك العلوم مثل: علم الطب والصيدلة ومعرفة أحكام الإرث والوصايا، قال ابن عبد البر: (قد أجمع العلماء على أنّ من العلم ما هو فرض عين متعين على كل امرئ في خاصته بنفسه، ومنه ما هو فرض على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه على أهل ذلك الموضع). 
طلب العلم مندوبٌ شرعاً ويكون ذلك في باقي العلوم التي تعتبر مكملةً للعلوم المفروضة؛ كعلم الفقه الذي من خلاله يتعلّم المسلم ما يتعلق بالشرائع وكيفية استخراج الأحكام من الأدلة النقليّة، أو علم الأصول والتفسير وغير ذلك من العلوم الشرعية. 
طلب العلم محرّمٌ شرعاً: ويصدق ذلك في حق بعض العلوم والمعارف التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالناس؛ كتعلُّم السحر والعرافة والدجل والكهانة وغير ذلك.

كيف أنظف قلبي من الذنوب؟

كيف تتخلص من الذنوب
تنظيف القلب من الذنوب 
شعور المرء بالتقصير تجاه الخالق عزّ وجل ينبع من ضميره الحيّ والواعي، إذ إنّ شعور الإنسان بثقل ذنوبه عليه وكأنه يحمل حملاً ثقيلاً على كاهله، يولّد لديه الحاجة الماسّة لتنقية قلبه ونفسه مما علق بهما من ذنوب وآثام، وهي بداية طريق خيرٍ وصلاح، وهي من أهم خطوات الرجوع إلى المسار الصحيح.
 ومن رحمة الله عز وجل بعباده أنّ رحمته وسعت كل شيء، ومن أبواب رحمته الواسعة أنّه سبحانه وتعالى فتح باب التوبة والمغفرة، فهي أول خطوات تنقية القلب من الذنوب. 
كيفية تنظيف القلب من الذنوب التوبة: فيتوجّه العبد المسيءُ المذنب إلى ربّه، ويتوب لكل ذنب أذنبه مع تَيقُّنِه التام والمطلق بأن الله تعالى سيغفر له ذنوبه وسيتوب عليه، وتكون نية التوبة والاستغفار مطلقة لله مع نيته الخالصة بعدم العودة لارتكاب الذنب. فالله عز وجل يتقبّل توبةَ العبد بعد الإسراف في المعاصي، ويفتح أبواب التوبة للتائبين، ويَقبَلُ ندم النادمين، فهو لم يجعل للقنوط من رحمته سبيلاً على خَلقه، فمن صفاته الغفور الرحيم، فقال عز وجل في محكم التنزيل: " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) صدق الله العظيم. 
عدم تكرار الذنب: مع الابتعاد عن مسببات الوقوع في المعصية: فيجب على المرء أن يأخذ نفسه بالشدة ويمنعها عن ارتكاب الذنب، فبعد التوبة يأتي الإصرار على عدم تكرار المعصية والرجوع التام عنها، والابتعاد التام عن أي ظروف قد تتسبب الرجوع إلى المعصية من رفاق السوء وغيره، فالتوبة النصوح هي التوبة التي يَعزِمُ فيها الشخص على عدم العودة أبداً الى ذنبه، فالواحد منّا لا يعلم متى تأتيه ساعة الموت، وما أسوأ من المِيتَةِ في ساعةِ الغفلة. الالتزام بالصلاة: الالتزام بالفروض الخمسة التي فرضها الله عز وجل علينا، مع مراعاة الخشوع فيها وتجديد الوضوء الذي يُطهّر البدن والقلب، ويُحصّن الإنسان من همزات الشياطين. 
تلاوةُ القرآن الكريم: فقراءة وِردٍ يومياً من القرآن الكريم تزيدُ المسلمَ ثباتاً على دينه، وتحفظ الصلةَ الروحانية بينَه وبين الله عز وجل، كما أنها تجلبُ رِقّة القلب ونقاءَ السريرةِ والطمأنينة وراحة البال، كما وتحفز المسلم على الالتزام بأخلاق القرآن الكريم، وهو بذلك سيبتعد من تلقاءِ نفسهِ عن الوقوع في الإثم والخطأ قدر ما أمكن.
 الالتزام بأذكار الصباح والمساء: فالتزام المرء بأذكار الصباح والمساء، تحصِّنُه وتُبعد عنه الشيطان ووساوسه، وتُبعد عنه كُلّ سوء، كما أن الذكر يُحي القلب وينعش الروح ويزيل عن القلب سوادَه.
إن الله سبحانه وتعالى لما خلق الإنسانَ، أمره بعبادته وحده لا شريك له، وأن تكون حياته كلُّها من أجل ربه جل وعلا، قال تعالى: ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، ولكن الإنسان مجبولٌ بطبعه على التقصير والخطأ، فهذه طبيعة خلقهِ، لأن الله بحكمته لم يجعلنا معصومين، بل نقع في الذنب والخطأ، والتقصير في حق الله جل وعلا. 
ولا بدّ أن يُدرِكَ الإنسانُ أن الذنب جرحٌ، والجرحُ يزداد ألمه بمقدارِ أهمية العضوِ الذي يصيبه، فجرحٌ في اليدِ ليس كجرحٍ في الرأسِ مثلاً، والذنوب تصيب أهم عضوٍ في جسد الإنسان، ألا وهو القلب، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، فالذنب يجرح القلب مباشرةً، وكلما زادتِ الذنوب زادت جروح القلب، حتى يصل إلى الموت، والقلوب الميتة هي القلوب القاسية التي وصفها الله سبحانه وتعالى في القرآن بالحجارة، كما قال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) ومن هنا تأتي أهمية معالجة هذه الجروح بالتوبة والعودة إلى الله عز وجل، ولزوم طاعته وتجنُّبِ معصيتِه. التخلص من الذنب 
لا يمكن لأي إنسانٍ في هذه الدنيا أن يكون بلا ذنبٍ في حياته، فكل ابن آدم خطَّاء، ولكن يستطيع الإنسان أن يتخلَّصَ من هذه الذنوب ، ويُعالِجَ هذه الجراح، بخطواتٍ واضِحةِ المعالمِ، يستطيع - إذا وفقه الله- أن يخطوها، وهي في النقاط التالية : 
لا بدّ ابتداءً أن يُدرِكَ أنَّه مُذنِب، وأن لا يُهَوِّنَ ذنبهُ في عينيه، فأول خطوةٍ للعلاج هي الاعترافُ بالمرض، فلو أنكرَ المريض مرضهُ، صَعُبَ عِلاجُهُ، فينبغي على الإنسانِ أن يُقِرَّ بِذنبه، ويعترِفَ بخطئِه. الدعاء لله سبحانه وتعالى، أن يطهِّرَ القلبَ من الذنوب والمعاصي، فالدعاءُ سلاحُ المؤمنِ الصادق، والله أمرنا أن ندعوه، كما قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).
 يجبُ على المُذنبِ أن يتذكَّرَ الجنة والنار، والبعث والجزاء، وأننا محاسبون على أعمالنا، فالله سبحانه لم يَخلُقنا عبثاً، ولم يُعطِنا الاختيار أن نعمل في دنيانا ما نشاء من الذنوب والمعاصي دون حِساب، بل إننا سنُحاسبُ على كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، فإما أن يؤاخِذنا الله بها، وإما أن يغفر لنا ويتوب علينا، وهو التواب الرحيم. 
لا بدّ أن يعلم الإنسانُ الذي وقع في الذنب، أن الله عز وجل غفور رحيم بعباده، يغفر لهم ويعفو عنهم، فلا ينبغي على المُذنِبِ أن ييأس من رحمة الله التي وَسِعت كلَّ شيء.
 ينبغي أن يتوب إلى الله توبةً صادقة، يعزم فيها على ألا يرجع للذنب أبداً، فيندم على ما فاته، وعليه أيضاً أن يعيد الحقوق إلى أصحابها، إن كان قد اعتدى على حقوق الناس. 
كثرة الاستغفار من الذنب، فالاستغفار يطهِّرُ القلب، ويمحو الله به الخطايا. القيام بالأعمال الصالحةِ الحسنةِ التي تمحو الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأتبعِ السيئة الحسنة تمحها)، فالإسلام دين عمليّ، يعلُمُنا أن لا نقف كثيراً عند النَّدمِ على الذَّنب، بل يجب المسارعة بالأعمال الحسنةِ، والتي يُساعدُ الانشغال بها على الابتعاد عن الذنب. 
ما بعد التخلص من الذنب 
حتى لا يعودَ الإنسان إلى الذنبِ بعد التخلُّصِ منه، لا بدّ من خطواتٍ عملية : لا بدّ أولاً أن يترك الإنسان الأماكن والمَواطِن التي توصله إلى الذنب، فإذا كان هناك مكانٌ معينٌ كان يذهبُ إليه ليرتكب الذنب، فيجب أن يبتعد عنه قدر المستطاع. 
ترك صحبة السوء، التي تجرُّ الإنسان إلى الذنب، فالمرءُ على دين خليله، وكل إنسانٍ يتأثر بأصدقائه ومحيطه بلا شك، فلا يُمكِنُ لصاحب سوءٍ أن يدلَّ على الخير، كما أنه لا يمكن لصاحب خيرٍ أن يدل على السوء. 
الانشغال بالأعمال المفيدة النافعة، التي تُشغِلُ وقت الإنسان، فلا يفكِّرُ في الذنب إذا انشغلَ بِها، لأن الفراغَ القاتل هو ما يدفعُ الإنسانَ إلى الذنوب، فأحياناً قد يرتكب الإنسان الذنب لمجرَّد أنه يريد قضاء وقت فراغه.! 
الذهاب للمسجد، للصلاة وقراءة القرآن، والاستماع للدروس الدينية، فهذا مما يٌساعِدُ على الابتعاد عن الذنب، لأنه سيرٌ في طاعةِ الله. 
مُجاهدةُ النَّفس، وعدم الخضوع لكل ما تشتهيه النَّفس وترغبه، فشهواتُ الإنسان كثيرة، لو ركض ورائها فسيقضي عمره كله في الشهوات والمعاصي، فينبغي الحرص على جهاد النفس. 
لا بدّ من قطع كل الوسائل التي تؤدي إلى الذنب، فقد يؤدي إلى الذنب نظرةٌ أو كلمةٌ أو غير ذلك من أبسطِ الأشياء، فينبغي الانتباه وعدم الوقوع في شيء من الممكن أن يؤدي للذنب. 
معرفة الإنسان أن الله - سبحانه وتعالى- مطَّلِعٌ عليه، واستحضار مراقبة الله عز وجل دائماً، فلا يمكن للإنسان أن يرتكبَ الذنب، وهو يستحضر نظر الله إليه، وعلم الله به وبحاله، فيستحي من الله، وكما قال الشاعر: وإذا خلوت بريبةٍ في ظُلمةٍ والنَّفسُ داعيةٌ إلى الطغيان فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني الخوف من الله تعالى، فهذا يُبعِدُ الإنسان عن العودة للذنب ويردعه، ويكون الخوفُ من الله، بتذَكُّرِ عذاب الله، واستحضار هيبة الرب جل جلاله، واستصغار العبد لنفسه أمام عظمة الله. الرجاء في مغفرة الله ورحمته، فلا بدّ أن يعيش الإنسان بين الخوفِ والرجاء، خوف من عذاب الله، ورجاءٌ في رحمة الله، فالأصلُ في الإنسان أن يعيش بين الخوفِ والرجاء، ولا يُغَّلِّبُ أحدَ الأمرين، لأن تغليب أحدِ الأمرين يؤدي بالإنسان إلى الانحراف عن المسار الصحيح، فمن غلَّبَ جانِبَ الخوف، أصابه اليأس والقنوط، فييأس ويستسلم، ويظن أن الله لن يغفر له، وهذا مما يدفعه إلى العودة إلى الذنب مرةً أخرى، يأساً منه واستسلاماً، ومن غلَّب جانب الرجاء، اطمئن واستصغر ذنبه، وأمن على نفسه من مكر الله، فتراه يرتكبُ الذنب ويعود إليه مرةً بعد مرة، بحجةِ أن الله سيغفرُ له، وكأنه وقَّع عهداً مع الله بذلك! كره الذنوب، والنظر إليها باستخفاف، واحتقارها وعدم إقامة أي وزنٍ لها، وعدم الالتفات لأي مغريات قد تجر إليها. 
ويقابلُ ذلك حب الطاعات والأعمال الصالحة، ففرقٌ بين من يعمل عملاً صالحاً لأنّ ذلك واجبٌ عليه، وبين من يعمل الصالحات، حباً فيها ولأنه متعوِّدٌ عليها، لا يستطيع مفارقتها. 
الإكثار من ذكر الله عز وجل، بمُختَلَفِ الأذكار، فذكر الله يُطَمْئِنُ القلب، كما قال تعالى: (ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ‏)، والإنسانُ الذي لا يذكر الله، يكون غير مطمئن، قلقاً في حياته، مضطربةً نفسه، وتراه غالباً في همٍ وضيقٍ وحزن لا يفارقه، وهذا نتيجةٌ طبيعية للابتعاد عن ذكر الله . 
 إنّ الإنسان منا يعيش في هذه الدنيا كعابرِ سبيلٍ مرَّ على بلدةٍ غريبةٍ، ويريد أن يُكمِلَ طريقه، فيأخذُ منها ما يحتاجه للمسير، ولا يزيدُ على ذلك، وهكذا الدنيا، لا بدّ أن نأخذ منها ما يعيننا على الدار الآخرة، لا أن نغرق فيها وفي شهواتها ومعاصيها، فهذا انشغال عن الغاية بالوسيلة، فالوسيلة لو لم تؤدي إلى الغاية، فلا حاجة لنا بها.

فوائد الاستغفار والتسبيح

فوائد الاستغفار والتسبيح
أمر الله سبحانه وتعالى خاتم رسله نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالاستغفار بقوله: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ"، يعرف الاستغفار على أنه طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى، أي وقاية العقاب على الذنوب المرتكبة، أما التسبيح فهو ترطيب اللسان بحضور القلب في ذكر الله سبحانه وتعالى بالقول الطب؛ لتنزيه الخالق عن أي شيء آخر. 
فوائد الاستغفار 
يكفر السيئات. 
يقي من عاقبة الذنوب والعذاب.
 تفريج الهموم والخروج من المضايق. 
البركة في الأرزاق وكثرتها. 
بث القوة في الأرض من نزول للغيث المدرار. 
ينزل الرحمة واللطف الرباني بالعباد، والفلاح بالدنيا والآخرة. 
دفع البلاء عن الأمة ورفع المحن والفتن.
 زيادة نسل الأمة ونماؤها. وكثرة النعم في الفيافي والقفار. 
إغاظة الشيطان. 
العيش الهانئ للمستغفرين والنعم بحياة طيبة وسعيدة. 
تخفيف الأوزار عن المستغفرين بالليل والنهار.
 فوائد التسبيح 
قوة البدن والوقاية من المجاعة. 
يفرج الكروب والهموم. 
يكفر الذنوب. 
يقضي الحاجات. 
يزيل غضب الله ويجلب رضاه. 
شروط التسبيح 
التسبيح يكون لله وحده خالصاً لوجه الكريم.
 يكون بالتلفظ بأحسن الأقوال والألفاظ، المستمدة من آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة.
 أن يكون التسبيح نابعاً من القلب. 
التسبيح يجوز بكل وقت، ولكن هناك بعض الأوقات حددها لنا الله عز وجل، يكون فيها التسبيح أكثر أجراً وفضلاً. 
ويجوز في كل الأمكنة الطاهرة، ولكن يستحب في أحب الأمكنة إلى الله مثل الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. شروط الاستغفار 
الاستغفار يجوز بكل الأوقات، لكن هنالك بعض الأوقات يكون للاستغفار فيها مزيداً من الفضل والأجر، مثل عقب العبادات المختلفة ؛ لسد النقص والخلل الذي حدث فيها، كالصلوات المفروضة، وفي ختام صلاة الليل، وبعد الإفاضة من عرفات، وفي ختم المجالس، وفي ختام العمر.
 الاستغفار بعد ارتكاب الكبائر، وجميع الذنوب كبيرها وصغيرها، مثل ارتكاب الفاحشة، الظلم، ما دون الشرك الأكبر. 
أن يكون حالة باطنية خارجة من القلب مع الشعور بالندم والعزم على عدم ارتكاب الذنب مرة أخرى. 
تأدية حقوق العباد المسلوبة. 
تأدية حق الله في فروضه من أجل قبول الاستغفار.
 عند الاستغفار يجب على العبد البدء بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة بقلب خاشع ذليل.
 ليس هناك تحديد لصيغة معينة من الاستغفار؛ فكيفما استغفر العبد ربه فهو خير، كأن يقول أستغفر الله، أو ربي اغفر لي، الخ. 
لم يتم تحديد قدر معين للاستغفار، بل يجب الكثرة منه بقدر المستطاع دون تحديد لعدد المرات.
 يجوز الاستغفار لقضاء حاجة من حوائج العبد، بشرط أن تكون حلالاً ولا تخالف الشرع.

فضل قيام الليل والدعاء

فضل قيام الليل في استجابة الدعاء
يعد قيام الليل والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى من أعظم العبادات وأروعها التي يتقرّب بها العبد منه سبحانه، وتعد هذه العبادة دأبَ الصالحين والمتقين الذين يرجون رحمة الله ورضاه في الدنيا والآخرة، غير أن العبد بحاجة إلى الله في جميع أمور الحياة ومتطلباتها، ولا يتطلب القيام بذلك سوى القليل من الوقت والنية الخالصة لله تعالى.
 يبدأ قيام الليل بعد صلاة العشاء إلى قبيْل طلوع الفجر، يُصلّى ركعتين ركعتين ويُختم بالوتر، وفيه يكون الدعاء والقنوت من الله تعالى، حيث يتوسل العباد له بالسؤال، ففي ذلك الراحة والطمأنينة والسعادة والأمل في الدنيا، فالكثيرون يشكون من الألم والهم والضّيق، وكذلك من يريد الرزق والولد الصالح وغير ذلك من متطلبات الحياة وحاجاتها، فالقيام والدعاء يحقق كل ما يتمناه العبد. ويفضل أن يكون القيام والدعاء في الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا وهو أعلم بعظمة نزوله، ويسأل عباده إن كان هناك من داعٍ يدعو فيستجيب له، وإن كان من مستغفر يغفر له، وإن كان من سائل فيعطيه، وهذا من رحمته وفضله على العباد الذي لا يبخل بإعطائهم ورزقهم من حيث لا يحتسبون.
 فضل قيام الليل والدعاء
 يعد قيام الليل والدعاء من أعظم الشعائر الدينية ومن أكثر العبادات التي تقرّب العبد من الله سبحانه وتعالى، وهي أعطية وهبة من الله لعباده المتقين الصالحين؛ فهي دأبهم وتجارتهم للحياة الآخرة للفوز بالجنة والابتعاد عن نار جهنم؛ حيث يقومون والناس نيام، يتركون فراشهم لمناجاة ربِّ الكون وسؤاله من فضله متيقنين بالإجابة منه، فهو القائل في محكم كتابه: "ادْعوني أستجِبْ لكم"، وذلك يعني أن الله سبحانه يحثُّنا على الدعاء ففيه الإجابة. 
ولا يشترط بأن تكون الاستجابة مباشرة للدعاء، فقد تكون بعد حين وقد يبعد الله بها مصيبة عن داعٍ، وقد يؤخرها إلى يوم القيامة وذلك أفضل الإجابة، وقد يكون السبب في تأخرها أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يسمع صوت عبده وهو يناجيه ويدعوه ويسأله من فضله، لذلك يفضل الدعاء من الله سبحانه وتعالى في كل حين، وألا يقتصر دعاؤه فقط في القيام، ففي أوقات كثيرة مباركة يستجاب فيها الدعاء. 
للقيام والدعاء فضل كبير لفاعله ففيه يستجاب الدعاء، وفيه التقرّب من الله سبحانه وتعالى، وهو من صفات المتقين الأبرار الذين يكونون أعلى منزلة عند الله، ويعد كذلك أفضل من الصلاة في النهار فالأجر والثواب أكبر، وسبباً في دخول الجنة بأعلى الدرجات مع الصدّيقين والشهداء، وفي الدعاء تتغير الأقدار، وفي ذلك الشفاء من الأمراض والسعة والبركة في الرزق، وبذلك يبتعد الشخص عن المعاصي والآثام، فكم من مريض شافاه الله بسبب القيام والدعاء منه، وكم من محتاج رزقه الله من فضله بسبب قيامه والالتجاء إليه، وكم من مهموم زال همه، ومهما عددنا عن فضل قيام الليل والدعاء لا يمكن حصر ذلك. 
ولكي يقوم الشخص الليل وينال الأجر من الله لا بدّ من الابتعاد عن كل ما حرم الله، والقيام بالعمل الصالح، والالتزام بالطاعات والعبادات وذكر الله سبحانه وتعالى؛ فذلك ييسّر القيام والدعاء من الله.
 فالنحرص على قيام الليل واستغلال الوقت بالدعاء والتضرع من الله سبحانه وتعالى والتقرّب منه، وذلك بأن يجعل العبد ساعة واحدة من الليل يستغلها في طاعة الله وعبادته بالصلاة والدعاء والاستغفار، فذلك لا يحتاج الوقت والجهد الكبيرين، ويكفي أنه في الثلث الأخير ينزل الله سبحانه إلى السماء الدنيا، وهو أعلم بعظمة نزوله ليجيب حاجات العباد ويغفر لهم ويعطيهم من من فضله، وبذلك الأجر والثواب و السعادة في الدارين الدنيا والآخرة.
فضائل قيام اللّيل 
حثّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام المسلمين في أكثر من حديث على قيام اللّيل وبيّن فضيلته وثماره، ويمكن أن نوجز هذه الثّمار والفوائد فيما يلي : 
قيام اللّيل هو شرف المسلم في الدّنيا؛ ففي الحديث الشّريف أنّ جبريل عليه السّلام أتاه فذكر له أمورًا من بينها ذكر قيام اللّيل وأنّه شرف المؤمن في الدّنيا.
 قيام اللّيل هو اقتداء بالصّالحين من قبل، فقد حرص الأنبياء والصّالحون قديمًا على فضيلة قيام اللّيل لما لها من أجرٍ كبير وفوائد جمّة. يقرّب العبد إلى ربّه جلّ وعلا، فالمسلم حريصٌ على أن يتقرّب من الله تعالى بالأعمال الصّالحة والنّوافل من العبادات، وإنّ قيام اللّيل مما يحقّق له هذه الغاية السّامية .
 يكفّر السّيئات ويمحو الخطايا ويرفع الدّرجات؛ فقيام اللّيل يعدّ من نوافل العبادات التي تكفّر خطايا المسلم وذنوبه، كما أنّه يرفع في درجاته عند الله تعالى ويزيد حسناته في الميزان . 
ينهى عن الفحشاء والمنكر، فصلاة اللّيل تبقي المسلم على صلة بربّه جلّ وعلا وبالتّالي تقوّي إيمانه وتزيد خشوعه وتحصّنه من الوقوع في الفواحش والمعاصي . قيام الليل صحّة للجسد ووقاية من الأمراض، فلا شكّ بأنّ البدن الذي يتعوّد على الرّاحة والكسل هو بدنٌ ضعيف يكون عرضةً لهجوم الجراثيم والأوبئة، بينما يقوّي الحرص على الصّلاة في اللّيل جسد المسلم ويشحن عزائمه، ويوقظ خلاياه بذكر الرّحمن وتلاوة القرآن. 
فضل قيام اللّيل في استجابة الدّعاء 
لا شكّ بأنّ قيام اللّيل له ثمارة وفوائده في استجابة الدّعاء؛ ففي الحديث الشّريف عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام ذكر نزول الله سبحانه وتعالى إلى السّماء الدّنيا في الثّلث الأخير من اللّيل؛ حيث يُنادي جلّ وعلا هل من مستغفر فاغفر له، هل من داعٍ فأستجيب له، وهذا الأمر لا يدرك ولا يتأتّى بالأماني، وإنّما قيام اللّيل حيث مظنّة استجابة الدّعاء، وتوفّر أسبابه بالتّعرض لرحمات الله ونفحاته .

من صفات المؤمنين

صفات المؤمن
ماهية الإيمان 
الإيمان لغةً 
هو الاعتقاد بأمرٍ ما والاطمئنان إليه وتصديقه، ثمّ تطبيقه قولاً وعملاً، أي أن يكون الاعتقاد به باللسان، والقلب، والعمل، أمّا شرعاً فهو الإيمان بالله، وكتبه، ورسله، وملائكته، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه فيما يعرف بأركان الإيمان، غير أنّ الناس ينقسمون بين مطبقٍ لهذا، أي أنّهم مصدّقون ومعتقدون بوجود الله، ومنكرون لهذا فيما يعرف بالكفار، فالكافر من أنكر وجود الله ولم يصدق به ولم يتبع أوامره ويجتنب نواهيه، وقد ذكر الله صفات المؤمنين في القرآن الكريم كما وردت بالترتيب وهي الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة والزكاة والإيمان بالرسل السابقين جميعاً والإيمان باليوم الآخر. المؤمن هو من آمنَ بالله وملائكته وكُتبه ورسله بقلبه إيماناً صادقاً، ولا يعني كونك تقوم بعباداتك وصلاتك وصيامك أنّك مؤمن، بل يعني أنّك مسلم، لأنّ الإيمان هو درجةٌ أعلى من الإسلام، ويكون موقعها باطن العبد وتفكيره الدّاخلي، وهو ينعكس في اعتقادات وتفكير العبد، ويظهر أثرهُ في صفاته وأخلاقه، فما هي صفات المؤمن؟ 
سنتعرّف على بعضها راجين من الله أن نكون وإيّاكم من المؤمنين والمسلمين. 
صفات المؤمن 
يعبد المؤمن الله وحده كصفةٍ أساسيةٍ أولى، لا يشرك به شيئاً أو أحداً، فلا يعتقد إلا بقوة الله وحده ولا يطيع أحداً سواه أو معه، وهو راضٍ بأقدار الله فإن كانت خيراً شكر وإن كانت شراً صبر، كما أنّه يؤمن بالرسل عليهم الصلاة والسلام والكتب السماوية التي أنزلت عليهم، ويؤمن بيوم الحساب وفيه يجازي الله المؤمنين بالجنة وبثوابٍ لم يتخيلوه أو يحلموا به، ويعاقب الكفار والمشركين بالنار عقاباً على عصيانهم وتكبّرهم وعنادهم له ولأوامره، بالإضافة إلى أنّ المؤمن ملتزمٌ بالصلاة ومصرٌ على إقامتها، والفرق بين الصلاة وإقامة الصلاة هو أنّ الصلاة هو أداؤها بشكلٍ عادي تقليدي وربما بسرعةٍ كأي واجبٍ آخر، أمّا إقامة الصلاة فهي أداؤها بإحسانٍ وخشوعٍ وتأني، والمؤمن أيضاً يزّكي ليطهّر أمواله وليبارك له الله فيها؛ لأنّه بطبيعته يشعر مع إخوانه ويساندهم في عوزهم واحتياجهم، كما أنّ المؤمن يتميز بأخلاقه الطيبة وصفاته الحميدة، مثل الكرم فهو لا يبخل على أهله ونفسه وضيفه ومن طلب مساعدته في ضائقةٍ ماليةٍ مثلاً، وهو صادقٌ لا يحب الكذب في الحديث، وهو أمينٌ بعيدٌ عن الخيانة والغدر بالوعود والعهود فيأتمنه الناس ويحبونه، وهو مخلصٌ في أداء واجباته فيشعر برقابة ضميره وخوفه من عقاب الله إن قصّر، فينجز أعماله بكل إتقانٍ وأمانة، كما أنه متواضعٌ لا يعرف التكبر والكبرياء، لين المعاملة ورقيق القلب.
 يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سمة أمة الإسلام التي تميّزها عن باقي الأمم والمجتمعات، كما ورد عن سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهذا من شأنه أن يصلح الأمة ويقومها، لأنه يحس نفسه جزءاً فاعلاً منها، وبالتالي تقع على عاتقه مسؤولية نصيحة إخوانه حين يراهم مبتعدين عن طريق الصواب، فالمؤمن ليس صاحب شخصيةٍ سلبيةٍ أو أنانيةٍ لا يعنيها إلّا نفسها.
وقد خاطب الله سبحانه وتعالى عباده في كتابه الكريم بصيغة المؤمن، فمن هو المؤمن؟
 ذكر الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم صفاتً للمؤمنين في عددٍ من أحاديثه، ومنها: يشكر في السّرّاء، ويصبر في الضّرّاء: المؤمن الحقّ يؤمن بقضاء الله وقدره، ويؤمن بأنّ أمر الله كلّه به خيرٌ له؛ فهو عبد الرّحمن الرّحيم اللّطيف بعباده، ولا يُريد بعباده سوى كلّ خير، لذا يصبر على أيّ ضرِّ أصابه، فالله سبحانه وتعالى ما ابتلاه إلّا لأنّه أحبّه، ولأنّه يختبره، وفي وقت الفرج لا ينسى أن يشكر ربّه، ويحمده على نعمه. 
ليس المؤمن هو من يغيّر تفكيره وعبادته لخالقه مع تغيير الظّروف، أي أن يخفّ دعاؤه وصلاته وقت السّرّاء، ويذكر ربّه وقت الضّرّاء فقط، بل يكون المؤمن حقّاً من يذكر ربّه ويدعوه ويتبجّل إليه في كلّ الظّروف، خيرها وشرّها. 
يفرح لفرح المؤمنين، ويحزن لحزنهم: ذكر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أنّ المؤمن حقّاً يهتمّ لما يحصل بإخوانه المؤمنين، ولا يعيش بعزلةٍ عنهم من دون أن يحزن لحزنهم، بل يضرّه ما ضّرّهم بنفس القدر، ويحاول جاهداً مساعدتهم، فيواسي من أصابته مصيبةٌ ولا يشمت به مهما كانت الظّروف، ويشارك فرحة أخيه المؤمن من دون أن يحسد وينقم نعم الله عليه.
 قارئ للقرآن:المؤمن الحقّ يحبّ كلام الله عزّ وجلّ، ويقرؤه بخشوعٍ وفهم، ويحاول الاقتداء به، فالله يخاطبه به، ويجد فيه من السّكينة والرّاحة وملء الفراغ ما يجعله مطمئنّاً ومحبّاً له.
 يتّصف بالصّفات الحميدة: ذكر رسولنا الكريم أنّ المؤمن يُعرف من صفاته الحميدة بين النّاس، فهو كريمٌ، وحليمٌ، وشجاعٌ، ومتواضعٌ، وصبورٌ، ولطيف الكلام. 
لا يطعن بإخوانه، ولا يذمّ، ولا يلعن: من الصّفات الّتي ذكرها رسولنا الكريم عن المؤمن الحقّ، امتناعه عن الطّعن بإخوانه والحديث عنهم من وراء ظهورهم، تجنّباً لوقوع الفتن والمشاكل، كما يمتنع عن الذّمّ، والسّبّ، واللّعن في أيّ وقت، كما نشهد كثيراً من هذه الوقائع في وقتنا هذا.
الفرق بين المسلم والمؤمن 
يضربُ العلماء مثلاً في استِخدام الألفاظ للدلالة على المعاني في اللغة العربية كلمتي الفقير والمسكين، فهاتان الكلمتان إذا افترقتا دلّت كلّ واحدة منهما على نفس معنى الكلمة الأخرى، أما إذا اجتمعتا فالفقير اسمٌ يدلّ على جميع المحتاجين، بينما تدلّ كلمة المسكين على بعض الأفراد من هؤلاء المحتاجين ولا تدلّ على المُحتاجين جميعاً.
 ومن الألفاظ التي تدلّ على المعنى نفسه إذا افترقت الإيمانُ والإسلام، فإذا افترق اللفظان دلّ كلٌّ منهما على الآخر، فإذا قيل الإسلام دلّ على معناه وعلى معنى الإيمان، وإذا ذُكر الإيمان دلّ على معناه وشَمِل معنى الإسلام، وقد استخدم الرسول الكريم هذا الأسلوب وتكلّم عن الإسلام بدلالته الإيمانيّة. 
رُوي عن عمرو بن عَبَسة، قال: (قال رجل: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: أنْ تُسلمَ قلبك، وأنْ يَسلمَ المسلمون من لسانكَ ويدكَ، قال: فأيُّ الإسلامِ أفضل؟ قال: الإيمان، قال: وما الإيمان؟ قال: أنْ تؤمن بالله وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ والبعثِ بعد الموتِ، قال: فأيُّ الإيمان أفضل؟ قال: الهجرة، قال: وما الهجرة؟ قال: أنْ تهجرَ السُّوءَ، قال: فأيُّ الهجرةِ أفضل؟ قال: الجهاد، قال: وما الجهاد؟ قال: أنْ تقاتلَ الكفَّار إذا لقيتَهم، قال: فأيُّ الجهادِ أفضل؟ قال: مَن عُقرَ جوادُهُ وأُهريقَ دمُهُ، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ثمَّ عَملانِ هما أفضلُ الأعمالِ إلا من عَملَ بمثلِهما؛ حجَّةٌ مبرورةٌ أو عمرةٌ) 
 وأمّا إذا اجتمع اللفظان فإنَّ الإسلام يدلّ على جميع الأفراد؛ لأنَّ الإسلام اسمٌ عامٌ، أمّا الإيمان فيدلّ على جزءٍ محدّدٍ مخصوصٍ من المسلمين، الذين تميّزوا بإسلامهم فاستحقوا وَصْفهم بالمؤمنين، قال أبو بكر الإسماعيلي في رسالته إلى أهل الجبل: (قال كثيرٌ من أهل السنّة والجماعة: إنَّ الإيمان قولٌ وعملٌ، والإسلام فعلُ ما فُرض على الإنسان أن يفعله، إذا ذُكر كلّ اسمٍ على حِدَته مضموماً إلى آخر فقيل: المؤمنون والمسلمون جميعاً مفردَيْن، أُريدَ بأحدهما معنىً لم يُرَد بالآخر، وإذا ذُكر أحد الاسميْن، شمِل الكلَّ وعمَّهم). وخُلاصة القول في الفرق بين الإسلام والإيمان إذا دخل الشخص في الإسلام، أو كان مُسلماً لأبوين مسلمين، ثمّ بدأ يُدرك معنى الإسلام فهو في المرتبة الأولى من مَراتب الدين الإسلامي الإيمانية، ولم يصل إلى الإيمان بعد؛ ثمّ إذا ارتقى هذا الإسلام ليُحقّق بعض القواعد الإيمانية فإنّه يكون في المرتبة الثانية بعد الإسلام وهي مرتبة الإيمان، فمراتب الإيمان الإسلامي ثلاثة؛ تبدأُ بالإسلام فإذا ارتقى المسلم وصل إلى مرتبة الإيمان، ثم إذا وصل إيمانه لمرحلةٍ يعبد فيها الله كأنه يراه ويطّلع عليه فقد وصل إلى أعلى مَراتب الإيمان، وهي مرتبة الإحسان.
 حقيقة الإسلام والإيمان 
حقيقة الإسلام
 الإسلام هو استسلام العبد المُسلم لله استِسلام خُضوع واستسلام انقياد، وذلك يكون بالأعمال الظاهرة قولاً وعملاً، والعبادات القوليّة الظاهرة، مثل شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمَّداً رسول الله، والعبادات العمليّة الظاهرة مثل إقامة الصلاة؛ وهي عبادةٌ جسديّةٌ ظاهرة، وإيتاء الزكاة؛ وهي عبادةٌ ماليّةٌ ظاهرة، والحجّ لمن كان بَعيداً عن مكّة يُعتبرُ عبادةً جسديّةً وماليّةً في آنٍ واحدٍ؛ لِما في الحجِّ من مشقّة جسديّة وماليّة عندما تكون المسافة بعيدة، ومثل الصوم كذلك فهو عِبادة جسديّة ظاهرة[٤]. بيّن الرسول صلى الله عليه وسلّم معنى الإسلام في الحديث الشريف لمّا سُئل عن الإسلام، فأجاب -عليه الصلاة والسلام-: (الإسلام أنْ تشهد أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمَّداً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتُقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحجّ البيت، إنْ استطعت إليه سبيلاً)[٥] حقيقة الإيمان الإيمانُ هو التصديقُ والإقرارُ والمعرفة القلبيّة، وقد فسَّر النبيُّ الكريمُ -عليه الصلاة والسلام- الإيمان بأعمال القلوب الباطنة، التي لا يطّلعُ عليها إلا الله سبحانه وتعالى، فقال مُفسِّراً الإيمان ومبيِّناً له: (أنْ تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه)
الإيمان يُمكن أن يُطلق عليه قولُ القلب؛ فإنّ للقلب قولاً وعملاً، فأمّا القول فهو التصديق القلبي، وأمّا عمل القلوب فهو كمَحبّة الله سبحانه وتعالى، ومحبّة الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، ومحبّة كلّ ما يُحبّه الله ورسوله، ونحو ذلك من أعمال القلوب.
الإيمان والإسلام في القرآن الكريم
تحدّث القرآنُ الكريم عن الإيمان والإسلام، ومن أهمّ الآيات التي تناوَلت الإيمان والإسلام سواءً باستخدام اللفظين مُجتمعين في الآية نفسها، أو باستِخدام الإيمان والإسلام بأن يستقلّ كلٌّ من اللفظين منفصلاً عن الآخر، وفيما يأتي بعض الآيات التي تحدّثت عن الإيمان والإسلام: قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) قال تعالى: (إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ، الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ، أُولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ) قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّـهِ فَإِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّـهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)

فضل بر الأم والوالدين

ثمرات بر الوالدين
بر الوالدين 
يتربع بر الوالدين على رأس قائمة الأعمال السامية الشريفة التي حثَّت عليها الفطرة الإنسانية السليمة، والتي أكدتها الديانات السماوية كلها، وذلك لما لهما من فضل عظيم لا يستطيع ذو عقل إنكاره، فهما من يرعيان الإنسان منذ الصغر، ويقفان إلى جانبه في سائر محطات حياته. 
ولمَّا كانت الأم تضطلع بدور عظيم في التربية، وتُرهِق نفسها، وجسَدها، وتفكيرها من أجل توفير الراحة لأبنائها، فقد كانت لها مكانة خاصة وعظيمة، وفضل عظيم يناله الإنسان إذا تقرَّب منها، وحرص على راحتها، وبرِّها، وفيما يأتي تفصيل ذلك. 
فضل بر الأم
بر الأم من أعمال وصفات الأنبياء بر الوالدين بشكل عام، والأم بشكل خاص هو من أعظم صفات الأنبياء التي امتازوا بها، وجاء في غير موضع من كتاب الله تعالى ذكر برِّ رسول الله عيسى عليه السلام بوالدته السيدة مريم، فقال تعالى على لسان عيسى عليه السلام حينما تكلَّم في المهد صبياً: (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) [مريم: 32]، وهذا رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم يجلس عند قبر والدته السيدة آمنة بنت وهب، ويبكي بكاءً شديداً. التأكيد على بر الأم في الكتاب والسنة ذكر الله تعالى الأم في مواضع من كتابه الكريم، وحثَّ على ضرورة برِّها، ووصَّى الإنسان بها، ومن أبرز الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14]، إلى جانب ذلك، فقد أكَّدت أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهمية وفضل برِّ الأم، فكان صلى الله عليه وسلم دائماً يوصي الناس بأمَّهاتهم ويحُثُّهم على برِّهن، والإحسان إليهن. بر الأم طاعة لله تعالى في بر الأم تقرُّب من الله تعالى، وفي عقوقها عصيان له سبحانه، ومن هنا فإن الإنسان الكيِّس يُعِّد العدة للقاء الله تعالى، ويحرص كل الحرص على نيل رضا والدته، وعدم إغضابها، أو رفع الصوت عليها، وتلبية كل رغباتها مهما كانت.
 بر الأم واجب حتى لو كانت غير مسلمة ليس لدين الأم علاقة ببرِّها، فقد أكد الشرع على ضرورة الإحسان إليها، ونيل رضاها مهما كان دينها، وفي ذلك منتهى الإنسانية، فحب الإنسان لأمه فطريٌّ، ولا يمكن لإنسان عاقل سليم الفطرة أن يتنكَّر لأمِّه لسبب أو لآخر. دعاء الابن البارّ مستجاب من أعظم فضائل برَِّ الوالدين، والأم، أن دعاء الابن البار مستجاب، وذلك لعظم المكانة التي يتمتع بها الإنسان البار عند الله تعالى، ولعظم مكانة الوالدين لديه سبحانه.
 قال تعالى: {وَقضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا إِما يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَو كِلاَهُمَا فَلا تَقُل لّهُمَا أَفٍّ وَلاَ تَنهَرهُمَا وَقُل لّهُمَا قولاً كَرِيمًا وَاخفِض لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَّبِّ رحَمهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}، الإسراء
إنّ برّ الوالدين طاعة لله ورسوله؛ فقد جعلها الله مقرونة بعبادته وقد أوجب على الأبناء طاعة الوالدين وبرهما، وجعل ذلك من أهمّ الفرائض والواجبات عليهم وقد جعل الله عقوق الوالدين من الكبائر التي تدخل صاحبها النار. 
فوائد برّ الوالدين 
لبرّ الوالدين الكثير من الأجر والثواب ونيل السعادة في الدنيا والآخرة ومن ذلك: الفوز برضا الله سبحانه وتعالى وبذلك ينال العبد السعادة في الدنيا والآخرة. 
ينال العبد البركة في العمر والرزق؛ ذلك أن صلة الأرحام تزيد في بركتهما، فكيف بالوالدين وهما أحق الناس بحسن صحابة الشخص وخاصة الأم. 
إنّ البارّ بوالديه يبرّه أبناؤه، وذلك لأنّ جزاء الإحسان من جنس العمل. 
من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى وهو مقدّم على الجهاد في سبيله، والبرّ بذلك يكون سبباً في دخول الجنة.
 العمل على ما يرضي الله في برهما يعمل على تفريج الكروب ومصائب الدنيا عن صاحبه. 
يكون صاحب البرّ بوالديه مجاب الدعاء وهذا من رضى الله عليه. كيف تكون طاعة الوالدين 
من يعرف شيئاً يقرّبه من الله ويزيد من حسناته ويدخله الجنة يعمل به، فكيف لمن عرف أجر وثواب برّ الوالدين في الدنيا والآخرة، إنّ من يعمل خيراً يعامل من جنس العمل بالمعروف فكيف فيمن قضى عمره وشبابه في سبيل جعل أبنائه أفضل الناس وأكثرهم سعادة منذ صغرهم لكي لا يحتاجوا شيئاً من غيرهم، لذلك لا بدّ من تقديم ما يرضي الوالدين لنيل السعادة في الدنيا والآخرة ويمكن ذلك عن طريق: 
التواضع للوالدين ومعاملتهما بالرفق والإحسان بالقول والعمل. عدم التحدّث معهما بصوت مرتفع والابتعاد عن الحديث الذي يزعجهما، واستخدام الكلمات الطيّبة معهما. 
رعايتهما وخاصّة في حال الكبر والقيام بالواجبات التي تطلب على أكمل وجه. 
مساعدة الأم في جميع الأعمال وبرّها وطاعتها؛ وذلك أنّها تقوم برعاية الأبناء منذ الحمل بهم ورضاعتهم والسهر معهم وغير ذلك ممّا تقوم به الأم، وقد أوصى الرسول صلّى الله عليه وسلّم بها أكثر من الأب. 
إن كان الابن متزوجاً فعليه أن يجعل اهتمامه بوالديه يفوق زوجته وأبناءه وخاصة في الكبر؛ إذ يكونان بأمسّ الحاجة لمن يرعاهما والأبناء أحقّ بذلك من غيرهم، وكذلك تربية أبنائه على حبّ والديه وطاعتهما والتقرب منهما. 
الإحسان لهما وتقديم أمرهما على أيّ شيء، ومجاهدة النفس على إرضائهما حتّى وإن كانا غير مسلمين.
 كذلك لا بدّ من برّ الوالدين بعد وفاتهما؛ وذلك بالدعاء لهما وأن يغفر الله لهما ويرحمهما وأن يدخلهما الجنة، والصدقة عن الوالدين، وزيارة الأقارب من جهة الأب والأم وأصدقائهما، والقيام بالأعمال التي تزيد في حسناتهم وتخفف سيئاتهم. 
إنّ البرّ بالوالدين يزيد من حسنات الشخص ويخفف من سيئاته، وينال الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى وبذلك يفوز بالسعادة في الدنيا قبل الآخرة حيث جنة عرضها السموات والأرض بإذن الله تعالى ورحمته.
ثمرات برّ الوالديّن 
إنجاب أبناء بارّين، كما حدث مع إبراهيم عليه السَّلام البارّ بأبيه الكافر؛ فقد وهبه الله مكافأةً لبرِّه ابناً بارّاً هو إسماعيل عليه السَّلام. حصول البركة للبارّ: والبركة قد تكون على عدّة صورٍ منها الزِّيادة في العمر مع سلامة العقل والعافية في الصِّحة ووفرة المال، وكمال الأخلاق ومحبة النَّاس، والحصول على العلم الغزير، والتَّوفيق للنَّجاح في العمل وتقلُّد المناصب الهامّة، والذُّرية الصَّالحة المباركة من الله تعالى.
 الحصول على رضا الله تعالى في الدُّنيا بتيسير كافّة أموره وحمايته من أشرار النَّاس، وفي الآخرة دخول الجنّة. 
الحماية من غضب الله وعذابه؛ فبرُّ الوالديّن حاجزٌ بين العبد وعذاب الله. 
تحقيق دعواته، وزرع محبته في القلوب، ونيل القبول لدى النَّاس. دعاء والديه له سببٌ لينال ما يتمنّاه في الدُّنيا والآخرة، وتستمر تلك البركة ترافقه هو وذريته حتّى بعد وفاتهما.

2017-11-08

كيف أزيد ايماني ؟

كيف ازيد ايماني
ممّا يعلم من عقيدتنا الإسلاميّة أنّ الإيمان يزيد وينقص في القلوب، فلا يوجد أحدٌ يكون قادراً على الحفاظ على مستوىً واحد من الإيمان، ذلك بأنّ النّفس تتعرّض لكثيرٍ من الفتن والتّحديات في الحياة، وقد تواجه النّفس عدداً من المغريات التي تحرّك شهوات النّفس وبالتّالي يرتكب الإنسان إثماً أو خطيئةً وتكون النّتيجة أن يقلّ إيمانه أو يضعف قليلاً، ولكن العظيم في الأمر أنّ الإنسان المسلم يكون قادراً باستمرار على إعادة مستوى الإيمان في قلبه إلى المستوى الذي ينشد، وسبب سعى المسلم إلى الوصول إلى مستوىً معيّن من الإيمان هو أنّ الإيمان كالسّلاح الذي يحمله الجندي في المعركة، وهو الزّاد الذي يتقوّى به كلّ من أراد مواجهة الحياة بمغرياتها وشهواتها، وبالتّالي يعدّ الوصول إلى مستوىً معيّن من الإيمان تحديّاً للكثير، كما أنّه مطلبٌ في نفس الوقت للكثير، وهناك عددٌ من النّصائح نوجّهها للذي يرغب بأن يزيد إيمانه، ونذكر منها
 أن يسعى الإنسان باستمرار إلى الاستزادة من النّوافل فلكلّ عبادةٍ من العبادات نافلة كالصّلاة والصّيام والصّدقة وغيرها، فلا يكتفي المسلم بأن يؤدّي ما افترضه الله تعالى عليه من الصّلوات مثلاً، بل يقوم بالتّنفل بالصّلاة، فيقوم الليل، أو يختار وقتاً من الليل فيتهجّد لله تعالى، كما أنّ هناك النّافلة في الصّيام وكما يعلم بأنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم الإثنين والخميس من كلّ شهر ويحثّ عليها، كما حثّ على صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر وغير ذلك من صيام النّافلة، وكذلك الحال بالنسبة للبذل من المال، فل يكتفي المسلم بأن يؤدّي فريضة الزّكاة بل يقوم بالتّصدق من ماله نافلةً على الفقراء والمساكين، وإنّ كلّ وجوه الخير تلك ممّا يقرّب العبد إلى ربّه سبحانه وتعالى حتّى يصبح سمع المسلم وبصره ومشيه كلّه في سبيل الله تعالى . 
كما أنّ من الأمور التي تزيد الإيمان في قلب المؤمن اجتناب ما حرّم الله تعالى من الفواحش والآثام، فكما يعلم بأنّ القلب وحين يذنب الإنسان ينكت عليه من آثار الذّنوب، وبالتّالي يحتلّ الذّنب حيّزاً في قلب الإنسان، فإذا سمع الذّكر أو النّصيحة لم يتأثّر كحال من كان قلبه عامرٌ بالإيمان، فعلى المسلم أن يكون حريصاً على اجتناب المعاصي التي تقلّل من إيمان الإنسان وتضعفه .
يقول الله تعالى { و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون } ، فالإنسان يعيش في هذه الدنيا لإعمارها و العمل على طاعة الله سبحانه و تعالى إبتغاء جنّته و رضوانه ، و الطّاعة و العمل لرضى الله تعالى تتطلّب الإيمان بالله سبحانه و قدرته في خلقه ، و الخوف من غضبه و نقمته على غير المؤمنين .
 و يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :" ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربّاً ، و بالإسلام ديناً ، و بمحمد نبيّاً و رسولاً " ، فمن هنا يخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أول طريق الإيمان و حلاوته و العيش في رضى طاعة الله عز و جل ، أن ترضى بالله رباً هو أن تؤمن من أعماقك أن لا قدرة لمخلوق دون مشيئة الخالق ، و أنّه لو إجتمعت الإنس و الجن على أمر لا يحدث إلا بأمر الله تعالى ، و هذا يعني الطمأنينة أنّه لا يحدث من أمر في الدّنيا لك إلا و قدّره الله تعالى ، أمّا الإسلام فهو الطّريق لرضى الله سبحانه و تعالى و جنّته ، فإتّباع تعاليم الإسلام بدءاً بالفروض من الصّلاة و الزّكاة و الصّوم و حج البيت إن إستطاع له الإنسان سبيلاً ، إلى إعمار الأرض و التّعامل مع الآخرين بأخلاق الإسلام التي تدعو إلى المحبة و التّسامح و سيادة التّراحم و الود بين البشر . 
ذلك هو المسلك الإيماني الذي يدعو إليه الله تعالى ، فمن فعل ذلك ذاق حلاوة الإيمان . 
و أمّا الرضا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبياً و رسولاً يكون بإتباع سنته و التخلق بخلق رسول الله الكريم الذي أشاد به غير المسلمين قبل المسلمين ، و يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم : { و إنك لعلى خلق عظيم }
فما أعظم الإيمان و الشعور برضى الله تعالى و إستحضار هيبته عند الصلاة و قراءة القرآن و عند العمل على الطاعات . يقول الله تعالى في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي " ، فكما يظن المؤمن بالله تعالى أن رحمة الله تغلب غضبه ، و أنه يفرح بعودة العبد إليه و التقرب إليه بالطاعات ، يجزيه الله تعالى أفضل الجزاء في الدنيا و في الآخره يحشره مع الصالحين ، و يذق المؤمن حلاوة الإيمان و العيش في رضا الله تعالى كلما تقرب إليه بالفروض والنوافل و الدعاء .

ما أهمية صلاة الفجر

ما فوائد صلاة الفجر
الصلاة عمود الدين، وأول ما يُسأل عنه الإنسان في قبره، وهي الصلة بيننا وبين الله تعالى، ففيها يكون العبد بين يدي ربه، فأقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، ففي سجوده يدعو الله بما يشاء ويخبره بما حل به من مشاكل وهموم ويطلب فيه من الله أن يغفر له ذنوبه ويصفح عنه، وقد فرض الله عزّ وجلّ علينا خمس صلوات يومياً، أولها صلاة الفجر ومن ثم الظهر فالعصر فالمغرب وآخرها صلاة العشاء، ولكل صلاة من الصلوات فضل وأهمية في حياة المسلم. لكل صلاة من الصلوات الخمس وقت معين يجب أداء الصلاة فيه وعدم تأخيرها عنه، فقد قال عزّ وجلّ : " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً " ، ولا تصح الصلاة إلا عند ادائها ضمن الوقت المحدد، وكذلك أداء الصلاة بالطريقة الصحيحة التي علمنا إياها نبينا الكريم كما في قوله عليه الصلاة والسلام: " صلوا كما رأيتموني أصلي "، فإذا أدى المسلم صلاته على أكمل وجه وبكامل خشوعه فإن الله تعالى سيتقبلها منه، أما إذا لم يؤدها بالطريقة الصحيحة فإن الله يردها إلى صاحبها ولا يتقبلها منه ، لكن في مقالنا هذا سنتحدث عن صلاة الفجر وفضلها في حياة المسلم. 
أولى الصلوات صلاة الفجر أو ما تسمى صلاة الصبح، هي مقياس حب العبد لله عزّ وجلّ، لأن الإنسان يترك نومه ويقوم للحي القيوم الذي لا ينام ليتوضأ ويصلي صلاة الفجر، فنجدها الصلاة الوحيدة التي ينفرد آذانها بنهايته بعبارة " الصلاة خير من النوم "، فهي من أعظم الصلوات، واهتم الله تعالى بشأنها وحثّ على إقامتها كما جاء في قوله الكريم : " وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا "، فصلاة الفجر عبارة عن ركعتين مفروضتين ولها سنة قبليّة عددها ركعتين، وتُصلى في وقت طلوع الفجر إلى شروق الشمس وهي صلاة جهرية.
 أهمية صلاة الفجر 
كما ذكرنا سابقاً أن لكل صلاة يصليها المسلم فضل وأهمية في حياة المسلم، فما هي أهمية صلاة الفجر في حياة المسلم ؟ من صلى الفجر حفظه الله عزّ وجلّ في ذمته، كما في قول رسولنا الكريم : " من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله "
جعل الله عزّ وجلّ صلاة الفجر في جماعة نور للمسلم يوم القيامة، كما جاء في الحديث الشريف : "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة "
وقد جعل الله عزّ وجلّ صلاة الفجر أحد أسباب دخول الجنة والعتق من النار، فقد قال عليه الصلاة والسلام : " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها "
التخلف عن صلاة الفجر يمنع الرزق وبركته. 
من صلى الفجر يرتفع اسمه إلى الله عزّ وجلّ، وسيرتفع عنك تقرير مشرف إلى الملك جل وعلا، كما في قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهر ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسالهم الله وهو اعلم كيف وجدتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون واتيناهم وهم يصلون ".
فوائد صلاة الفجر
وصلاة الفجر شأنها شأن أي شيء كلفنا الله به، له فوائد على صعيد الدنيا والآخرة، وهنا وفي هذا المقام سنتطرق لفوائد صلاة الفجر على صعيد الدنيا والآخرة. 
فوائد عامة تشترك بها صلاة الفجر مع بقية الصلوات هي أفضل الأعمال عند الله بعد التوحيد، كما أخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهي الفيصل بين الإيمان والكفر، وهي عمود الدين وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة. والصلاة سبب لمغفرة الذنوب، كما أخبرنا سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام. 
تضبط السلوك وتذهب النفس؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. تقوي الروابط الاجتماعية بين المسلمين، حيث أن الصلاة في جماعة هي فرصة للالتقاء بين أبناء المنطقة الواحدة مما يقوي الروابط ويزيد العلاقات والأخوة والصداقات والتعاون في أمور الخير.
 الوضوء للصلاة له فوائد عظيمة على كافة الصعد، فهو يُنظف الأجزاء الظاهرة من البدن بشكل متكرر كل يوم، وهو يريح النفس لأن الإنسان النظيف يكون طيب النفس، وينشط الذهن والجسد مما ينعكس على مناعة الإنسان ضد الأمراض. 
إن القيام بحركات الصلاة المتنوعة، يعتبر تمرينا في حد ذاته وينعكس إيجاباً على جسم الإنسان، حيث أن العلماء يقولون أن أفضل التمرينات هي التمرينات الغير مجهدة اليومية المتكررة خلال اليوم والموزعة على أوقات اليوم وكل هذه الأشياء موجودة في الصلاة، وحركات الصلاة يمكن للجميع أن يؤديها كبيراً كان أم صغيراً، ذكراً كان أم أنثى، غنياً كان أم فقيراً. 
إن حركات الصلاة تشمل العضلات والفقرات والعظام وتقي الإنسان الكثير من المتاعب الصحية. الصلاة ومن ضمنها صلاة الفجر، تقي الإنسان الكثير من الأمراض والأوجاع كالأمراض العصبية وأمراض الأوعية الدموية، مثلاً حينما يسجد الإنسان يتدفق الدم إلى الرأس بسبب الجاذبية، وحينما يرفع رأسه ينخفض الضغط فجأة وهذا يكسب شرايين المخ مرونة عجيبة ويقويها. 
إن التحسن في المزاج والصحة النفسية الذي تحدثه جميع الصلوات في الإنسان يرفع من قوة جهاز المناعة مما بدوره يرفع درجة الوقاية من الأمراض وخاصة المستعصية. 
الصلاة مع الصبر تعين على مواجهة ظروف الحياة كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى، كما وأن الصلاة تعين على تنظيم الأوقات والانضباط وتمنح الإنسان الإرادة والصلابة لمواجهة أعباء الحياة. فالصلاة تمنح الإنسان القدرة على معالجة التوتر والإرهاق والتخلص من ضغوط العمل، وهي تساعد الإنسان على التحكم بتصرفاته وتعلمه الهدوء والسكينة والتواضع. 
المشي للصلاة يمنحك الأجر والثواب؛ لأن في كل خطوة لك بالصلاة صدقة، وهذا المشي أيضاً هو بمثابة رياضة خفيفة رائعة تحسن من صحتك وتزيل الاكتئاب والهم عنك في كل يوم. 
مكانة صلاة الفجر 
إن صلاة الفجر اختصت بمكانة عظيمة من بين الصلوات، فلها أجر زيادة، وفضل أكبر، وثواب أعظم؛ لأن فيها التمايز بين العباد، وهي الامتحان الصعب الذي يختبر الإيمان، من نجح في هذا الامتحان حاز على الجوائز العظيمة في الدنيا والآخرة، وهنا بعض هذه الفوائد التي يجنيها ذلك المجتهد المحظوظ إضافة لما ذكرناه سابقاً عن كل الصلوات،
 وللفجر فوائد تخصها دون غيرها من الصلوات: هي نور لصاحبها في الدنيا والآخرة.
 شهادة الملائكة لك بأنك أذعنت لأمر الله عز وجل. من صلَ الفجر ثم لم ينصرف مباشرةً وجلس في مصلاه، تصلي عليه الملائكة بقولها: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه وذلك كما أخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام. 
ومن صلى الفجر في جماعة وجلس يذكر الله حتى تطلع الشمس وقام بعدها بصلاة ركعتين، حصل على أجر حجة وعمرة كاملة كما أخبرنا الصادق الصدوق محمد عليه الصلاة والسلام.
 يتجنب المسلم بصلاة الفجر أن يبول الشيطان في أذنه وأن يصبح كسلاناً خبيث النفس، عابس الوجه، ضيق الصدر، مرهق البدن. من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله سبحانه وتعالى أي في حفظه. 
إن أداء صلاة الفجر في جماعة وأداء صلاة العشاء في جماعة يعادل قيام الليل كله. إن أداء صلاة الفجر في جماعة في وقتها مع أداء صلاة العصر في وقتها من أسباب دخول الجنة؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول " من صلى البردين دخل الجنة " .
 إن الإستيقاظ مبكراً لصلاة الفجر يعينك على تنظيم موعد نومك واستيقاظك بما فيه منفعة لك في الدنيا والآخرة، فالاستيقاظ مبكراً يجلب البركة للصحة والرزق.
 إن القيام لصلاة الفجر يجعلك تبدأ يومك بطاعة الله مما يجعله يوماً ناجحاً ومثمراً.
 إن المواظبة على صلاة الفجر تنفي عنك صفقة المنافقين، كما وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف بأنها أثقل صلاة على المنافقين، هي وصلاة العشاء، وقال أنهم لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً. 
إن أداء صلاة الفجر في وقتها يزيد النشاط ويريح النفس، ويبعد عن الإنسان الضيق والاكتئاب والكسل. 
صلاة الفجر صلاة مباركة مشهودة، فيها أجر عظيم. صلاة الفجر في جماعة تجلب النور لك يوم القيامة لبشرى سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال " بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة "
ركعتا الفجر "أي سنة الفجر" خير من الدنيا وما فيها، فما بالك عزيزي القارئ بصلاة الفجر. الكثير من العلماء يعتبرون أن أفضل الأوقات يمكنك أن تستفيد خلالها من أشعة الشمس هو وقت الشروق ووقت الغروب، لذلك فإن صلاة الفجر لها تأثير إيجابي كبير في هذا الجانب، لأن الأشعة المنتشرة تساعد جسمك على تكوين فيتامين دال الذي يسهم في نمو العظام ويقي من أمراضها كالكساح واللين. 
وكذلك لها فائدة كبيرة لأنها تكسر نومك الطويل، فالنوم لمدة زمنية طويلة يضر بصحة الإنسان. 
في وقت صلاة الفجر يكون تركيز غاز الأوزون بالجو كبيراً ولهذا الغاز فوائد صحية كثيرة لجسم الإنسان، حيث أنه ينشط وظائف الدماغ والتفكير وينشط العضلات والدورة الدموية وكذلك فإنه يريح النفس ويبهجها، وبالتالي فإن صلاة الفجر تحضر الإنسان لعمله ومشاغله وهو في أفضل درجة تأهب على الصعيد الجسدي والنفسي والذهني وهذا بدوره يجلب البركة ويضاعف الإنتاج والرسول عليه الصلاة والسلام دعا أن يبارك الله لأمته في بكورها. وعند بداية بزوغ الفجر يبدأ الجسم بإفراز الكورتيزون ويبدأ ضغط الدم بالارتفاع مما يجعل الإنسان متحفزاً لأداء النشاطات البدنية ويشعر الإنسان بنشاط وحيوية. 
صلاة الفجر هي من أكثر الصلوات التي تمنحنا الصبر والجلدة والانضباط؛ لأن فيها في الكثير من الأحيان مجابهة لشهوة النوم، وخاصة في البرد الشديد حيث يصبح الوضوء بالنسبة للبعض أمراً شاقاً. 
إن القيام لصلاة الفجر يمنحك على طبق من ذهب فرصة؛ لأن تكون مستعداً للقيام بواجباتك الذهنية الصعبة، مثل المذاكرة للإمتحان أو حل مسألة صعبة أو حفظ شيء استعصى حفظه خلال اليوم. فضل صلاة الفجر الله سبحانه وتعالى أقسم بالفجر ورفع من شأنه والرسول عليه الصلاة والسلام اختصه بالكثير من الفضل، وجعل هذه الصلاة أهم صلاةٍ مفروضة، والمنطق يقول أن من يصلي الفجر في جماعة سيتمكن من أداء كل الصلوات ولكن ليس من صلى كل الصلوات يستطيع أداء الفجر، والفجر له شأن عظيم في الإسلام والفجر هو آخر الليل ومقدمة النهار، وكم نستخدم كلمة الفجر في أقوالنا لنستدل على نهاية الألم والظلام وبداية النصر، وكم من شخص قد غيرت صلاة الفجر حياته وقلبتها رأساً على عقب، فخرج من ظلمة المادية والشقاء ومشاكل الحياة إلى نور السعادة والهناء، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يحافظون على هذه الصلاة ويحصلون على كنوزها في الدنيا والآخرة.

2017-11-07

كيف نعامل اليتيم؟

ما اجر كافل اليتيم
يشعر الإنسان حين يفقد إحدى أبويّه أو كليهما باليتم في حياته ، فوجود الأبوين في حياة الإنسان مهّم للغاية ، فكلّ واحدٍ منهما له دوره الذي يؤدّيه في نطاق الأسرة ، و كلّ واحدٍ منهما له صفاته و ميزاته التي تختلف عن الآخر ، فالأمّ لها دورٌ في رعاية الأطفال داخل المنزل من جميع النّواحي و توفير بيئةٍ تملؤها الرّحمة و السّكينة و تظلّلها المحبّة و الحنان ، و كذلك الأب في الأسرة له صفاته التي تميّزه و يؤدّي من خلالها دوره بكلّ اقتدارٍ ، فهو الذي يوفّر متطلبات الأسرة من طعامٍ و شرابٍ و كساءٍ و نفقةٍ ، و هو الذي يوفّر الحماية للأسرة و يشعر أفرادها بالأمان دائماً ، و بأداء كل فردٍ في الأسرة دوره تتكامل الأدوار و تستمر سفينة الأسرة بالمسير تمخر عباب الحياة بكلّ مسؤوليةٍ و تحمّل ، و قد جعل الله سبحانه و تعالى لمن يرعى اليتيم جزاءاً و أجراً ، فما هو أجر كافل اليتيم ؟ 
روي أنّه قد جاء إلى النّبي صلّى الله عليه و سلّم رجلٌ يشكو قسوة قلبه فدلّه على أمرٍ يلين به قلبه و هو أن يسمح على رأس اليتيم و يطعمه من طعامه ، فالتّعامل مع الأيتام له آثارٌ عجيبةٌ في القلب و جعله رقيقاً مستشعراً لآلام النّاس و أوجاعهم ، و قد رفع النّبي صلّى الله عليه و سلّم أصبعيه السّبابة و الوسطى و فرّج بينهما و قال ، أنا و كافل اليتيم في الجنّة كهاتين ، فانظر أخي المسلم حال كافل اليتيم و كيف يكون أجره مرافقة النّبي عليه الصّلاة و السّلام في الجنّة و ما أعظمه من جزاء .
 و قد نهى الله سبحانه و تعالى عن أكل مال اليتيم بل و عدّه رسول الله عليه الصّلاة و السّلام من كبائر الذنوب ، و قد علمنا أنّ الكبائر هي كلّ عملٍ ربطه الله بالوعيد و العقاب ، و قد جعل الله سبحانه من مصارف الزّكاة إنفاق المال على اليتامى و المساكين . 
و المجتمع المتراحم هو المجتمع الذي يرحم اليتيم و الصّغير و ذي الحاجة و تسود فيه معاني التّكافل و التوادّ و التّراحم في ظلّ أحكام الشّريعة و توجيهاتها الرّبانيّة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم كهاتين - وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى-)
 العلم أساس نهضة الأُمم وتقدُمها ورفعتها، وبالعلم تُدرك الأمور وتتفتح العقول ويرقى الأشخص بتصرفاتهم، والعلم مطلب أساسي في الدين الإسلامي ويكفي أن " إقرأ" كانت أول كلمة نَزَلَت على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في الغار. 
وعند العلم بأن اليتيم لا حول له ولا قوة في هذة الدُنيا وأن أحدنا قد يكون مكانه لولا لُطف الله تعالى بنا، وأن أجر حُسن التعامل معه وتربيته عظيم عند الله، وعند الشعور ولو للحظة بأن أبناءنا قد يكونون في أي لحظة يُغافلنا فيها الموت مكان هذا اليتيم، سنعرف ونحس بشعور هذا اليتيم وحُرقة قلبه التي لا شك فيها، ويكفي شعوره بأن كل من حوله من الأطفال يملك أماً وأباً وأنه محروم ليس لشخصه وإنما هي حكمة الله سبحانه وتعالى. 
بعض الأطفال لا يعي ولا يعرف أن الله سبحانه وتعالى دائما يختار للشخص الأفضل، وكثيرٌ منهم من هو ناقم على هذه الدنيا التي لا يملك فيها أباً أو أماً أو كلاهما ولا يستطيع أن ينطق بهذه الكلمة تجاه أحد، لا وحتى لا يستطيع أن يطلُب من أحد أن يأتيه بأي شيء من حاجياته، كم هو قاسٍ هذا الشعور، والأقسى من ذلك أن نُدرِكَ هذا الشعور ولا نحرك ساكناً تجاه الأيتام. 
نبدأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولا أن الفضل والأجر الكبير لمن يرعى الأيتام لما كان رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة، فهناك الكثير من الأعمال الخيرة التي تتقدم أحب الأعمال الى الله كالصلاة على وقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله ولكل منها أجره، ولكن لم يقُل عليه الصلاة والسلام عن صاحبها أنه رفيقاً له في الجنة. 
طُرق التعامل مع اليتيم 
كثيرة وهدفها واحد وهو أن لا يشعُر أنه يتيم، ومنها: التعامل معه كما يتعامل الشخص مع أبناءِه ويعتبرهُ أحدُهم بل أفضلُهم وأقربهُم الى قلبِه وذلك إن كان كافلاً له بشكل رسمي. 
النفقةُ علية كما يُنفق على أبناءه. حُسن تربيتهِ وتأديبة وتعليمة. توفير المسكن الكريم له والمأكل والملبس بل وإن كان في ضيق من العيش مراعاته أفضل من مراعاتهِ لأبناءِه. 
عدم ذكر والديه أمامهُ او تذكيرُه بهم بأي شكل من الأشكال. عدم أذيته نفسياً تحت أي ظرف من الظروف حتى وإن أخطأ فلا يجب توبيخة أو تذكيرة بالماضي أو وصفه أنه عديم التربية أو إنسان بدون أهل أو لقيط. 
مراعاة ومراقبة الله عز وجل في جميع التصرفات وطريقة التعامل معه وإرشاد الأشخاص المحيطين بعدم أذيته نفسياً. 
تزويجة وتعليمة في الكبر عندما يُصبح شاباً أو فتاةً ناضجةً. زيارته بشكل دوري و توفير الدعم المادي والمعنوي له في المناسبات إن لم يكن مكفولاً وكان يقطُن في دار لرعاية الأيتام أو كان يتيم الأب. 
إدراجُة بالمجتمع بشكل عادي وطبيعي وعدم إشعارُه بأي شكل من الأشكال بأنه يتيم وذلك لأن هذه الصفة لم يكتسبها بإرادته. 
إن حُسن التعامل مع الأيتام يورث الرقة في القلب واللين وحُب المساكين، وقد كان هذا دُعاء أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام وهو حُب المساكين. 
ومما جاء من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( الخلق عيال الله وأحبُهم الى الله أنفعُهم لعياله).

عمل خيري سهل

عمل خيري سهل
الأعمال الخيرية 
الأعمال الخيرية هي بعض المساعدات المادية، وغير المادية التي يقدّمها الشخص بهدف حلّ مشاكل العديد من الأشخاص، ومنحهم شيئاً من المتطلبات التي تلزمهم ولا يستطيعون تأمينها لأنفسهم، ولا تقصر الأعمال الخيرية بتقديم المساعدة المادية للأشخاص الفقراء بل يمكن عمل الأعمال الخيرية للمساجد والمستشفيات، كما يمكن تقديم الأعمال الخيرية المعنوية، حيث إنّ البعض يحتاج المساعدة في اكتساب بعض المهارات دون دفع الأموال.
عمل خيري سهل
 زيارة دار الأيتام أحد الأعمال الخيرية السهلة، وذلك بأخذ بعض الهدايا والألعاب إلى الأطفال الأيتام، لإدخال الفرحة إلى قلوبهم، وشراء بعض مستلزماتهم الضرورية كالملابس، والقرطاسية، والجلوس معهم والتقرب لهم، ولك بتبادل الحديث معهم ومعرفة ما يدور في داخلهم، كما يفعل الآباء مع أطفالهم، وتقديم المشورة والنصيحة لهم، كما يفضل تكرار زيارتهم مرة أسبوعياً أو كل أسبوعين لبناء علاقة وثيقةٍ معهم؛ لأنّهم يشعرون بالعزلة، والوحدة، ويمكن اصطحاب عددٍ من الأصدقاء أو الأقارب والذهاب معاً. 
التبرع ببعض الأدوات التي تلزم المساجد، مثل: محارم ورقية، وملابس صلاة وكراسي لكبار السن. التبرع بعدد من المصاحف لدور تحفيظ القرآن. 
التبرع للأسر الفقيرة والمحتاجة عن طريق تلبية احتياجاتهم لبعض مستلزماتهم اليومية، والشهرية، والموسمية. التبرع بالملابس القديمة والصالحة للاستخدام، أو جمع الأموال وشراء ملابس جديدة، خصوصاً للأطفال. 
التطوع في بيوت العجزة، وزيارة المرضى في المستشفيات والبيوت. 
توزيع التمر في الحرم المكي أو النبوي، والمساجد وحتى لو لم يكن شهر رمضان. وضع الماء، والطعام الزائد في طبق للقطط والطيور. إماطة الأذى عن الطريق، مثل: إزالة الأحجار التي تلحق الضرر بالسيارات. 
التبرع بالدم للمرضى الذين يحتاجون له. تنظيف المساجد وتطيّبها بالعطر.
 تسخير الوقت والقدرات والإمكانيات في خدمة الدين، كعمل حلقات لتحفيظ القرآن للأطفال في المسجد أو في البيت. 
مساعدة الناس في قضاء حوائجهم. 
الإصلاح بين الناس والتأليف بين قلوبهم. التبرع بالدواء لمريض فقير، او دفع ثمنه في حال القدرة على ذلك. 
المساعدة في تغسيل الميت وتكفينه. التبرع بالمال لعمال النظافة، وعمال المساجد والحرم. 
عمل جمعيات بسيطة بين الأقارب والمعارف لجمع التبرعات. وضع حصالة بيتية لجمع التبرعات اليومية من أفراد المنزل. 
بناء مظلات في ملاعب المدارس، ومواقف السيارات، والعديد من المناطق. 
مساعدة طلاب الجامعة الفقراء في دفع الأقساط وتأمين الكتب والقرطاسية لهم، والمصروف المادي. 
مساعدة العجزة والكبار في العمر بخدمتهم وتقديم العون لهم. مساعدة كفيف في عمل عملية جراحية، واستعادة نظره. 
وضع مبلغ مادي في المخابز والمحلات التجارية للأشخاص الفقراء. 
التبرع بالأثاث القديم الصالح للاستخدام للعائلات المحتاجة. توصيل شخصٍ مسن إلى المكان الذي يريده بالسيارة الشخصية. التبرع بحاوية للطريق للحفاظ على النظافة العامة. 
التبرع بكسوةٍ لمولود جديد لعائلة فقيرة، او تجهيز شخصٍ يريد الزواج.
 مساعدات الطلاب في الدراسة وبالأخص الذين يعانون من ضعف الاستيعاب والتركيز. 
التبرع بالمدافئ للأسر المحتاجة في فصل الشتاء، والبطانيات والسجاد.

أضرار الكذب

علامات الكذب
الكذب 
الكذب، هو آفة اجتماعية خطيرة، تتضمن البعد عن قول الحقيقة، والتحايل عليها، كشهادة الزور، ونقل الأحداث بتلوينها وتبديلها، يقول الله تعالى : " إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب "، وقد يكون للكذب دوافع عديدة، كالطمع، والرغبة في إفساد العلاقات بين الناس بسبب الغيرة والحسد. 
الكذب من الصفات السيئة والمنبوذة في جميع المجتمعات، ويقوم الكذب على إخفاء الحقائق أو تزييفها بشكل كلي أو جزئي، بالإضافة إلى خلق العديد من الروايات والأحداث المزيفة والتي لا تمتّ للحقيقة بأي صلة، وهناك الكثير من العلامات التي تظهر على الشخص الكاذب، والتي من خلالها يتمكن الطرف المقابل من معرفة مدى الكذب الذي يتحلى به هذا الشخص، ولأهمية هذا الموضوع سوف نقوم بعرض بعض هذه العلامات.
قد يكون الكذب لأجل الحصول على مديح الآخرين المزيف، أو تحقيق مناصب بالغش والتزوير، أو بدافع العداوة مع الآخرين، وهناك أيضاً كذب بدافع الضحك والسخرية، وهو من أنواع الكذب القبيحة، التي تتسبب بالكثير من المشاكل، كما أن خلف المواعيد يعتبر من الكذب، الذي يسبب أضراراً عديدة. 
الكذب محرمٌ في جميع الشرائع السماوية، ومكروه ومنبوذ من جميع المجتمعات والناس، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى عقوبة الكذب بالعذاب الشديد، ووصف الأشخاص الكاذبين بأبشع الصفات، كما حذر النبي عليه الصلاة والسلام من الكذب، ووصف الشخص الكاذب بأنه فاجر، وجعل الكذب علامة تدل على نفاق صاحبه، لأن الأصل في الأقوال والأفعال هو الصدق، وأية مخالفة لهذا تندرج تحت مسمى الكذب. 
أضرار الكذب
للكذب أضرار عديدة وجسيمة، ومنها ما يلي: يورث لصاحبه السمعة السيئة، فيفقد احترامه ومهابته بين الناس، ولا يصدقه أحداً أبداً حتى لو نطق بالصدق فيما بعد، وتصبح شهادته غير مقبولة أبداً، ولا يصدق أحدٌ مواعيده ووعوده وعهوده.
 يسبب لصاحبه الإحراج أمام الله والناس، خصوصاً عندما ينسى كذباته التي يختلقها، فيصبح في موقفٍ اجتماعيٍ سيءٍ لا يحسد عليه، فيفتضح أمره بين الناس، ويصبح مثار سخريتهم وحديثهم. يضعف ثقة الناس به، ويصبح محط خوف وقلة ثقة، فلا يؤمنّون عليه أبداً. 
يتسبب في ضياع الوقت، وتبذير الجهد، ويصبح التمييز بين الصدق والكذب صعباً جداً. 
يطمس الحقائق، ويضيع حقوق الناس، ويتسبب بالظلم لأشخاصٍ على غير وجه حق، بسبب قول الزور، أو الإدلاء بشهادة كاذبة. يسبب موت القلب، وبلادة النفس والروح، فلا يستشعر الكذاب قرب الله تعالى منه أبداً. 
يسبب العديد من الأمراض العضوية للجسم، بسبب بقاء الكاذب في حالة توتر، وخوف، وجزع، خشية أن يفتضح أمره، فيصاب بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع السكري، والصداع المزمن، والأرق، والفزع، وعدم القدرة على النوم العميق، والشعور بالاكتئاب والتوتر والضغط النفسي والجسدي، فيصبح الكاذب شخصاً مريضاً جسدياً وروحياً. 
يولد الشعور بالذنب وتأنيب الضمير الدائمين، فلا يشعر الكاذب بالراحة أبداً. 
يسبب بتربية العداوات بين الناس والشخص الكاذب، فيجلب الكراهية والعداوة لصاحبة. 
يسبب إفساد المجتمع، وحدوث الكثير من المشاكل بين الناس، والإفساد بينهم.
علامات الكذب 
هناك العديد من العلامات التي تظهر على الإنسان عندما يبدأ في الكذب وهي:
 تغيير وضعية الرأس: عندما يتم ملاحظة حدوث أي تغيير في حركات الرأس للشخص الموجه له السؤال أو الخطاب، فإن هذه الحركات أو التغيير علامة واضحة من علامات الكذب، وتكون إما بتحريك الرأس إلى الخلف أو إلى الأمام أو تحريكه بطريقة مائلة في أحد الاتجاهين، وتحدث هذه الحركات في وقت سابق لإجابته على السؤال الموجه له. 
تغيير وتيرة انتظام تنفسه: من أبرز علامات الكذب التغير في عملية التنفس عند الشخص، بحيث تصبح أنفاسه ثقيلة وغير اعتيادية وطبيعية، وملاحظة الارتفاع الحاصل في كتفيه بطريقة مختلفة عن الطريقة الاعتيادية، بالإضافة إلى تغير في نبرة صوته بحيث تصبح منخفضة عما هي في الأصل، وذلك لأن الكذب يعمل على ارتفاع في معدل نبضات القلب ومعدل ضخ الدم، مما يؤدي إلى ظهور تلك العلامات.
 الظهور بثبات مبالغ فيه: وقوف الشخص بطريقة ثابتة وغير اعتيادية علامة واضحة من علامات الكذب، وذلك لأن الثبات يكون دليلاً على مقاومة الشخص للأعصاب الداخلية التي تسيطر عليه، فالشخص في الأوضاع العادية وعند قيامه بإجراء أي نقاش أو حديث، يكون متفاعلاً وأكثر حركة، ومن هنا نستنتج أن ثبات الحركة دليل واضح على الكذب، وعلى المشاعر غير الطبيعية التي يشعر بها الشخص الكاذب.
 تكرار الجمل والكلمات: تعد هذه العلامة من العلامات الواضحة لمعرفة مدى كذب الشخص، فهو يلجأ لهذه الطريقة من أجل المحاولة لإقناع الطرف الأخر بأن كلامه صادقاً وخالياً من الكذب والتأليف، فيظهر حديثه مكرراً دون أن يشعرَ بذلك، إلا أن الطرف المقابل يلاحظ كذبه من خلال التكرار المبالغ في بعض الجمل والكلمات. 
لمس أو تغطية الفم: تغطية الفم بواسطة اليد تعد من العلامات الواضحة للكذب، بالإضافة إلا أنها دليل قاطع على وجود الكثير من الكلام الذي لا يرغب هذا الشخص في الإفصاح عنه. 
التحدث في الكثير عن المعلومات: يلجأ الشخص الكاذب لتقديم الكثير من المعلومات التي لم تطلب منه، ولا يوجد أي داعي لإعطائها أو الحديث عنها، فهذه الطريقة دليل واضح على الكذب الذي يتحلى به هذا الشخص، وإخفاؤه للحقائق بشكل كامل، بل يسعى من وراء إعطاء هذه المعلومات إلى إقناع الطرف الأخر وإبعاده عن المعلومات الأساسية والضرورية.

لماذا اهتم الإسلام بالإحسان للجار؟

من فوائد الإحسان إلى الجار
الإحسان إلى الجار في الإسلام
 لم تأت شريعةٌ من الشّرائع السّماويّة بمثل ما أتت به الشّريعة الإسلاميّة حينما عالجت جميع جوانب حياة الإنسان العقديّة والسّلوكيّة والأخلاقيّة، فقد أوصت الشّريعة الإسلاميّة المسلم كثيراً من الوصايا التي تضمن له منهجاً قويماً في الحياة وصراطاً مستقيماً لا اعوجاج فيه، ومن بين تلك الوصايا الوصيّة بالجار، فمن هو جار المسلم؟ وما هي أبرز الوصايا به؟ وما هي فوائد الإحسان إلى الجار؟
اهتمّ الدين الإسلامي في كثيرٍ من القضايا والمسائل المتعلّقة بالحياة الاجتماعية والتعامل بين الناس، ومنها الإحسان إلى الجار وكيفيّة التعامل معه، وقد وردت الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي حثت على الاهتمام بالجار ورعايته بغضّ النظر عن دينه أكان مسلماً أو مسيحيّاً أو يهوديّاً أو سوى ذلك، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه)، وقال الله سبحانه وتعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) [النساء:36]
 أسباب اهتمام الإسلام بالإحسان للجار 
هناك الكثير من الأسباب التي أدّت إلى اهتمام الإسلام بهذا الموضوع، كونه ثمرة من ثمرات الإيمان، ومنها: 
إنشاء مجتمع متماسك، وقائم على التعاطف والتراحم. تسهيل مصاعب الحياة، ومشاقها على الناس، والتعزيز من أواصر التعاون والبرّ بينهم وزيادة تكاتفهم. 
تحقيق السعادة ونشرها بين الناس. 
المساهمة في تعزيز القيم الأخلاقية في نفوس الأفراد. 
حماية المجتمع من الفساد، والشر، والفتن. 
المساهمة في نشر الأمان والطمأنينة في المجتمع.
 زيادة الأرزاق، والبركة في الأعمار، وإعمار البيوت. 
غفران الذنوب ومحوها، ونيل رضا الله. 
قضاء المصالح والمنافع. 
تقدّم الأمة وتطوّرها، والتعظيم من شأنها. 
أنواع الجيران 
الجار البعيد المسلم: وله حقوق العقيدة، والجوار. 
الجار الكافر: وله حق الجوار.
 الجار القريب المسلم: وله حق القرابة، والعقيدة، والجوار. 
حقوق الجار 
إكرامه، والتبسّم في وجهه. 
مشاركته بالفرح، ومساندته في الحزن والمصائب.
 زيارته في حالة المرض.
 احترام حرمات بيته، وصيانة عرضه. 
مساعدته وقت الحاجة، والوقوف بجانبه، وتقديم أفضل النصائح والإرشادات له عند حاجته لذلك. 
تقديم الهدايا له. 
عدم إيذائه بالأقوال البذيئة، والألفاظ الفاحشة. 
تجنّب ارتكاب الخطأ بحقه، أو التقصير به. 
ردّ السلام عليه، والإجابة على دعوته. 
مسامحته عند الخطأ، وقبول أعذاره، والتغافل عنها. 
أسباب فساد العلاقة بين الجيران 
إصدار الأصوات المزعجة التي تقلق راحتهم. 
الاختلاف، وحدوث المشاكل بين الأبناء.
 إفشاء أسرارهم، وفضحهم، والحديث عن عيوبهم أمام الآخرين. التباهي بالمال، أو البيوت، أو السيارات، تحديداً إذا كان الجار يعاني من الفقر؛ لأنّ ذلك يزيد من حزنه وشعوره بالنقص. 
الحسد وتمني زوال نعمته، وعدم مشاركته أفراحه. 
التجسّس على خصوصيات حياته.
 الأنانية وحبّ الذات في التعامل معه. 
الزيارات في أوقات غير مناسبة، أو الإكثار من الزيارات. التقصير في النظافة مثل: وضع النفايات على باب بيته، أو عدم تنظيف المداخل المشتركة للبيوت.
الوصيّة بالجار 
أوصى ديننا الحنيف بالجار والإحسان إليه كثيراً، ومن بين تلك الوصايا أنّ جبريل عليه السّلام قد أتى النّبي عليه الصّلاة والسّلام فظلّ يوصيه بالجار مراراً وتكراراً حتّى ظنّ النّبي الكريم أنّه سيورّثه، وإنّ تكرار الوصيّة يدل بلا شكّ على أهميّة الموصى به وعظيم قدره. 
ذكر عند النّبي الكريم أنّ امرأةً كانت تصوم وتقوم الليل ولكن كانت تؤذي جيرانها، فقال النّبي الكريم إنّها في النّار، فإيذاء الجار بلا شكّ هو سببٌ من أسباب غضب الله على العبد ودخوله النّار. عدّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام الإحسان إلى الجار علامةً من علامات الإيمان، ففي الحديث الشّريف: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره)، فالإحسان إلى الجار هي من سمات المتّقين الذين يبتغون من هذا العمل الصّالح الأجر من الله تعالى ودخول الجنّة.
 عدّ النّبي الكريم في المقابل عدم الإحسان إلى الجار نوعٌ من أنواع النّفاق والبعد عن الدّين، ففي الحديث الشّريف: (والله لا يؤمن والله لا يؤمن ثلاثاً، من لا يأمن جاره بوائقه)، والبوائق هي الشّرور والمهالك. فوائد الإحسان إلى الجار لا شكّ بأنّ للإحسان فوائد عظيمة جليلة تنعكس على حياة المتجاورين والمجتمع ككلّ، ونذكر منها: حصول الودّ والألفة والاتفاق بين المتجاورين، فالجار عندما يحسن إلى جاره ويشركه في أفراحه وأتراحه، ويدعوه ويلبّي دعوته، ويهدي إليه ويقبل هديته، ويبادره بالسّلام ويسّلم عليه، تحصل بينهم بسبب ذلك الأخوّة الصّادقة التي تتمثّل فيها جميع معاني المحبّة والائتلاف. 
تحقيق التّكافل الاجتماعيّ بين النّاس، فالجار المحسن إلى جاره تراه يحرص على تفقّد حاله باستمرار، ولا يرضى أن يبيت شبعاناً وجاره جائع، أو أن يراه مهموماً مكروباً ولا يسعى لإزالة همّه أو تفريج كربه.

2017-11-06

صلة الرحم

فوائد صلة الرحم
من فضائل الأعمال الّتي يقوم بها العباد صلة الأرحام، فصلة الرّحم معناها تفقّد الأهل والأقارب وزيارتهم والسّؤال عنهم وتفقّدهم إذا غابوا، وزيارة مريضهم والرّحمة بصغيرهم والسّعي في حاجة مكروبهم، وكلّ عملٍ يقوم به الإنسان ويكون فيه اتّصال مع أقاربه، وإنّ الرّحم وكما قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الشّريف معلّقة بعرش الرّحمن تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله، وإنّ النّاظر في أحوال العباد يجد أكثرهم صلة للرّحم أتقاهم لله، قال تعالى: (والّذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب )، فصلة الأرحام هي علامة من علامات التّقوى والإيمانأهميّة صلة الرحم إنّ أهميّة صلة الأرحام تتمثّل في عدّة نقاط: 
صلة الأرحام هي سبب لزيادة الرّزق والبركة في العمر؛ فالمسلم حين يصل رحمه فإنّه يجد آثار ذلك في حياته وتجارته وماله، حيث يبارك الله تعالى له في رزقه ويخلفه خيرًا بما فعله من العمل الصّالح حين خصّص جزءًا من وقته وماله من أجل أن يتفقّد أهله ورحمه، فكان العوض من جنس العمل، فكما بذل العبد الوقت والمال في سبيل إرضاء الله تعالى وصلة أرحامه فإنّ الله تعالى يعوّضه مقابل ذلك مثل ما عمل وزيادة.
 صلة الأرحام هي سبب لدخول الجنّة، فقد جاء رجل إلى النّبي عليه الصّلاة والسّلام يسأله عن عمل يقوم به يدخل بسببه الجنّة، فذكر النّبي الكريم له عدّة أعمال ومن بينها صلة الرحم، كما أنّ قطع الأرحام يكون سبباً في سخط الله تعالى من عبده، ويكون سببًا من أسباب دخول النّار والعياذ بالله؛ ففي الحديث لا يدخل الجنّة قاطع رحم. إنّ قطع الأرحام هي من الأعمال التي يعجّل الله تعالى لصاحبها العقوبة في الدّنيا بالإضافة إلى ما يدّخر له من العذاب يوم القيامة، ففي الحديث ما من ذنب أجدر أن يعجّل الله تعالى لصاحبه العقوبة مع ما يدّخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرّحم . 
إنّ صلة الأرحام هي سبب من أسباب شيوع المحبّة والودّ والتّكافل بين النّاس، وهي سلوك يحقّق الأمان الاجتماعي بينهم، فالأسر التي تصل بعضها البعض تجدها أسرًا متحابّةً متكافلة يرحم بعضها بعضا، كما تتجلّى فيها جميع المعاني السّامية التي تحقّق للفرد الأمن النّفسي والاجتماعي. 
أخيرًا إنّ صلة الأرحام هي من موجبات قبول الأعمال عند الله تعالى، ذلك أنّ الأعمال تعرض على الله تعالى عشيّة كلّ يوم خميس فمن كان قاطعًا للرّحم لم يقبل منه عمل.
وقد اختلف علماء الدّين في تعريف الرّحم؛ فمنهم من حصر الرّحم على أنّهم المحرَّمون من الأرحام، ومنهم من حصرهم بأنّهم الأقارب مِمّن يرثون، ومنهم من قال إنّهم الأقارب سواء يرثون أم لا، والأصحّ هو قول العلماء الّذين قالوا بأنّهم الأقارب سواء يرثون أم لا أي الأقارب جميعهم من النّسب من جهة الأب والأمّ وليس من الرّضاعة. 
صلة الرّحم هي التّواصل ووصل الأقارب وعدم قطيعتهم لما لها من آثارٍ تعود على الفرد وانقياداً لما أمرنا اللّه سبحانه وتعالى به في محكم آياته، لبقاء الودّ والمحبّة بين النّاس وإبعاد البغضاء والمشاكل، ورفع من قيمتها وقال بأنّ قاطع الرّحم لا يدخل الجنّة. فضائل صلة الرّحم لم يحثّ الله تعالى ورسوله عليه الصّلاة والسّلام على صلة الرّحم من دون منفعةٍ وفضائل تعود على صاحبها؛ حيث تعود صلة الرّحم على من يصلها بالعديد من النّتائج الملموسة على حياته، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، ومنها كما ذُكر في الكتاب والسّنّة: يُبارك اللّه لمن يصل رحمه في عمره وعمله، ويُعطيه قوّة الجسد وسدادة العقل؛ ليعيش حياةً هانئةً وحافلة. 
يزيد الله لواصل الرّحم في الرّزق ويُبارك له فيه. يجعل الله صلة الرّحم دليلاً على إيمانه وقوّته. 
يرحم الله واصل الرّحم برحمته. يُضاعف الله تعالى ثواب الصّدقة على الأرحام؛ حيث تُعدّ من أفضل أنواع الصّدقات.
 يُعدّ الله تعالى صلة الرّحم من أهمّ الأسباب الّتي تُدخل صاحبها إلى الجنّة. 
قطع الرّحم عدّ الله تعالى قطيعة الأرحام من الكبائر الّتي تَمنع صاحبها من دخول الجنّة، حيث قال تعالى في محكم كتابه: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ)[محمد: 22-23 ]، وقطيعة الأرحام هي عدم التّواصل مع الأرحام لأسبابٍ قد تَكون تافهةً في الغالب؛ حيث تجد العديد من الأقارب يُسبّبون المشاكل لأقاربهم، ولا يَتحدّثون مع إخوانهم وأهلهم، ولكنّهم يجدون نتائج ذلك في حياتهم الدّنيا قبل الآخرة، من عدم توفيقٍ لأعمالهم، وانعدام البَركة في رزقهم، وخاصّة إذا كان الرّحم أحد الوالدين؛ حيث وصّى الرّسول عليه الصلاة والسّلام بهما، وجعل اللّه رضاه عزّ وجلّ من رضاهما، ومن هنا نستدلّ على عظمة صلة الرّحم.
الأرحام 
الوالدان وهما الأب والأم. 
الجدّ والجدّة. 
الأبناء، وأبناء الأبناء. 
الإخوة، والأخوات، وأولادهم. 
الأعمام، والعمات وأبناؤهم. 
الخالات، والأخوال، وأبناؤهم. 
فوائد صلة الرحم 
تعدّ صلة الرحم من الأوامر الإلهية التي أوصى الله سبحانه وتعالى بها، لما لها من أثرٍ عظيمٍ وفوائدَ كبيرةٍ وجمة، ونذكر منها ما يلي: الفوز بالجنة. 
صلة الرحم أحد أحب الأفعال لله سبحانه وتعالى. 
تقوّي مشاعر الأخوّة والودّ والمحبّة والتكاتف. 
كثرة النعم ودفع النقم عن الإنسان. 
زيادة الرزق.
 بناء المجتمعات المتكاتفة والمتماسكة وبالتالي القوية والقابلة للتقدّم والازدهار. 
سببٌ في طول العمر والبركة فيه. من أفضل الأخلاق التي من الممكن أن يتحلى بها الإنسان. 
تقي من ميتة السوء. طرق صلة الرحم تتمّ صلة الرحم وأداء الواجبات المختلفة تجاه أصحابها عن طريق ما يلي: 
الزيارات. 
* مشاركة الأفراح والأحزان.
 ردّ الأذى والسوء عنهم. تفقّد أحوالهم. 
أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. 
احترام الكبير والعطف على الصغير. 
إصلاح ذات بينهم عند وقوع المشاحنات والخصامات والبغضاء. مساعدتهم ماديّاً ومعنويّاً. 
عيادة المرضى منهم.
 تبادل الهدايا معهم. 
حضور جنازاتهم والصلاة عليهم. 
الترحيب بهم عندما يزورون الشخص. 
قطيعة الرحم بالمقابل فإنّنا نجد الكثير من الأشخاص من حولنا ممّن يسيؤون إلى أقاربهم بالقول، والغيبة، والنميمة، والأفعال السيّئة، والبعد عنهم، وهجرانهم، وعدم زيارتهم أو الإحسان إليهم، وهؤلاء موعودون بعقاب الله، لما للرحم من أهميةٍ عظيمةٍ عند الله عزّ وجلّ، وتعدّ واحدةً من الواجبات الاجتماعيّة ذات البعد الديني