السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2018-04-28

كيف نتعامل مع القران الكريم؟

لا يتوفر نص بديل تلقائي.
كيف نتعامل مع القران الكريم؟
منزلة القرآن الكريم يعدّ القرآن الكريم كتاب الله -تعالى- الخالد إلى يوم القيامة، وختم الله -تعالى- به الكتب والرّسالات السماويّة جميعها وجعله حُجّة على الناس جميعاً، وأنزل فيه أحكاماً وشرائعاً ومنهاجاً يحقّق للنّاس الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وهو معجزة الله -عزّ وجلّ- التي آتاها لرسوله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وتحدّى بها الجنّ والإنس جميعاً، فما استطاعوا ولن يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وفي عجزهم دليل على أنّ القرآن الكريم كتاب من الله -تعالى- وليس من البشر.
 وقد وصف الله -تعالى- القرآن الكريم بعدّة أوصاف توضّح منزلته الرفيعة وفضله العظيم؛ منها: الرّوح؛ والروح تعني وتشير إلى الحياة؛ حيث قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٢] ووصفه كذلك بالنّور الذي تكون به الرؤية ويمكّن الإنسان من الإبصار؛ حيث قال الله تعالى: (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ)،ووصفه أيضاً بأنّه يهدي إلى الخير؛ حيث قال: (إِنَّ هـذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا)،[٤] وكذلك وصفه بأنّه هدى وشفاء لمن يؤمن به ويتّبعه؛ فقال: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)، وتأكيداً لفضل القرآن ومنزلته العالية جزم الله -تعالى- بأنّه كتاب حقّ لا يعرض له الباطل أبداً؛ فقال: (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)
وورد في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وصف عظيم للقرآن؛ تنبيهاً بمكانته العالية وأهميّته الكبيرة، حيث قال: (أَبشِروا أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللهُ، وأني رسولُ اللهِ؟ قالوا: بلى، قال: إنَّ هذا القرآنَ سببٌ طرفُه بيدِ اللهِ، و طرفُه بأيديكم، فتمسَّكوا به؛ فإنكم لن تضِلُّوا ولن تهلِكوا بعده أبداً)، وقال أيضاً: (إنَّ اللهَ يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ به آخرِينَ)
وورد عنه كذلك أنّه قال: (ألا وإنّي تاركٌ فيكم ثقلَين: أحدُهما كتابُ اللهِ عزَّ وجلَّ، هو حبلُ اللهِ من اتبعه كان على الهُدى، ومن تركه كان على ضلالةٍ).
 كيفيّة تعامل المسلم مع القرآن الكريم الواجب على المسلم احترام شعائر الله -تعالى- جميعها، وتعظيم ما عظمه الله تعالى، والقرآن الكريم كلام الله -عزّ وجلّ- يلزم تبجيله واحترامه وصيانته، وأجمعت الأمّة على وجوب ذلك على المسلم كما نقل النوويّ رحمه الله، وورد ذلك المعنى في قول الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)، وعلى المسلم أن يكون عالماً بكيفيّة التعامل مع القرآن الكريم من خلال عدّة أمور؛ منها:
أن يحرص المسلم على عدم مساس المصحف إلّا إذا كان طاهراً؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه لا يجوز مسّ المصحف إلّا من كان طاهراً. 
أن يترك المسلم توسّد المصحف أو الاتكاء عليه، حيث ذكر العلماء ذلك ونهوا عنه. 
أن لا يمدّ المسلم رجليه تجاه المصحف، ولا يستدبره أو يتخطّى من فوقه ولا أي فعل يدلّ عدم احترام كلام الله عزّ وجلّ. 
أن لا يضع المسلم فوق المصحف أي شيء، فهو دائماً أعلى من غيره. 
أن لا يرمي المسلم القرآن الكريم لغيره رمياً، بل يناوله إيّاه باليد؛ لِما في الرمي من امتهان وعدم احترام. 
أن يأخذ المسلم القرآن الكريم ويناوله ويمسكه بيده اليمنى؛ حيث ورد في الشّرع استحباب التيامن في كلّ شيء، وهكذا كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على التيامن في كلّ أموره.
أن لا يضع المسلم القرآن الكريم على الأرض مباشرةً وإنّما يرفعه على شيءٍ مرتفع؛ مثل: طاولة أو رف أو كرسيّ أو غير ذلك. 
أن لا يُدخل المسلم القرآن الكريم إلى بيت الخلاء؛ لِما في بيت الخلاء من نجاسة.
أن لا يترك المسلم القراءة من القرآن الكريم مع النظر فيه حتى لو كان حافظاً له، حيث كان بعض السلف يستحي أن يمرّ يومه دون أن ينظر في القرآن الكريم.
 أن لا يترك المسلم القرآن مفتوحاً بعد الانتهاء من القراءة فيه. 
أن يحرص المسلم على القرآن الكريم من التلف، فلا يتركه في مكان فيه بلل أو يتعرّض فيه لأشعة الشّمس. 
حال السلف مع القرآن الكريم 
كان السلف الصالح يحترموا القرآن الكريم احتراماً عظيماً، وبيان بعض مواقف السلف فيما يأتي: كان من طبع الصحابيّ ثابت بن قيس -رضي الله عنه- أن يرفع صوته أثناء الكلام، فلمّا نزلت آية سورة الحجرات التي ينهى الله -تعالى- فيها الصحابة عن رفع صوتهم في حضرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فظنّ ثابت -رضي الله عنه- أنّه في النّار، وجلس يحدّث نفسه بذلك وترك الذّهاب إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فترةً، حتى سأل عنه النبيّ لعلّه يكون مريضاً، فلمّا أخبره الصّحابة بحاله قال بأنّ ثابت في الجنّة. كان الأسود بن يزيد -رضي الله عنه- يختم القرآن مرّة كلّ ست ليالٍ، وفي رمضان مرّةً كلّ ليلتين.
 كان عمر -رضي الله عنه- يمرّ بآيةٍ من القرآن الكريم أثناء الليل فيبكي حتى يقع على الأرض، ويبقى بعد ذلك في البيت يزوره النّاس بسبب مرضه.

فضل الأم

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏يبتسم‏، و‏‏‏طفل صغير‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏‏

الأم هذه الكلمة المكونة من ثلاثة حروف ولكنها تعادل العالم بأجمعه بما فيه، فلولا وجود الأم لما كانت الحياة سويّة، فهي التي تحمل وتزوّد الجنين بما يحتاجه من مواد ولو كان على حساب صحتها وجسمها قال تعالى ((وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)) 
فالحمل رحلة من العذاب والتعب والألم، إذن فخدمة الأم لأبنائها بدأت عندما كان هو عبارة عن مضغة في الرحم، وتستمر مسيرة عطائها بعد ولادة الطفل فهي التي تسهر على العناية به وتزويده بما يحتاجه وتحافظ عليه وتحميه من الأمراض وتستمر هكذا حتى بعد أن يكبر هؤلاء الأبناء تأبى أن ترتاح وإنّما تبقى متابعة لجميع نشاطاتهم، ومع هذا كله ماذا يجب على هؤلاء الأبناء عرفاناً منهم بجميل هذه الأم الفاضلة. 
واجب الأبناء تجاه أمهم 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمُّـك"، قال: ثم من؟ قال: "أمُّك"، قال: ثمّ من؟ قال "أمُّـك"، قال ثم من؟ قال: "أبوك". 
إنّ هذا تأكيد صريح من سيد الخلق أجمعين على أهمية الأم ومنزلتها ووجوب برها وأهمية ذلك في ديننا الحنيف، ومن واجبات الأبناء تجاه أمهاتهم: البر واطاعتها والاستماع الى حديثها بكلّ احترام وإنصات وعدم الاستهزاء بأيّ شيء تقوله وعدم تركها لوحدها في البيت من دون ونيس. 
احترام النصيحة التي قد تقدّمها بل يجب اشعارها بأهمّيّتها وبأنّها ستنفذ بكلّ حبّ، والعمل على إدخال السعادة إلى قلبها والفرح والسرور والابتعاد عن إزعاجها أو التسبّب في غضبها أو حزنها. 
الحديث أمامها عن تميّزها وأمجادها وفضلها وطلب الرضا منها بشكل دائم. العمل على خدمتها وتقديم الطعام اليها والعمل على إراحتها من العمل والمحافظة على نظافة بيتها. 
احترام صديقاتها وأقاربها وصلتهم وخاصة بعد وفاتها.
إذا كانت لا تستطيع القراءة يجب قراءة القرآن أمامها وتعليمها أمور الدين وما هو مفروض عليها. تقديم الهدايا لها بين الحين والآخر وتخصيص مبلغ ماليّ شهري يقدم إليها لتشتري ما تحتاجه وترغبه. 
إخراجها من المنزل لتغيير الجو وإعلامها بأيّ تطوّرات جديدة في العالم حتى لو كانت لا تستوعب كثير من الحديث إلا أنّ هذا الحديث يزيد من ثقتها بنفسها؛ لأنهّ لابد من التذكّر دائماً أنّها هي من علمتك قبل أن تستطيع القراءة وفهم ما يدور حولك. الدعاء لها بالغفران والهداية والرحمة وطلب أعلى منازل الجنة لها سواء كانت على قيد الحياة أو متوفاة، بل يجب التصدّق عنها بأي شكل كان بعد وفاتها.

كيف تمتصين غضب الزوج؟

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏

طرق امتصاص غضب الزوج 
تشتكي كثيرٌ من الزّوجات من حالات العصبيّة والغضب التي تنتاب أزواجهنّ وفي أحوال كثيرة من حياتهنّ، فتذكر إحداهنّ كيف غضب منها زوجها لمجرّد أنّها تأخّرت في تجهيز طعام الغذاء له أو لسببٍ آخر لا يستحق الغضب، وعلى الرّغم من أنّ هناك عددٌ من الأمور التي تجعل الرّجال في أحيان كثيرة يشعرون بالغضب والعصبيّة منها مسؤوليّات الحياة الكثيرة وأعباءها إلا أنّ ذلك لا يعدّ مبررًّا للتّنفيس عن تلك المشاعر السّلبيّة في وجه الزّوجة والأبناء وإنّما هناك طرائق كثيرة لإخراجها، وفي كلّ الأحوال المرأة الذّكيّة الحكيمة هي التي تحسن امتصاص غضب زوجها واحتوائه باتباعها عددٍ من الأساليب في ذلك ونذكر منها : الاعتذار، فعلى الزّوجة أن تقوم بالاعتذار إلى زوجها في حال إدراكها أنّها أخطأت معه، وإنّ الاعتذار لهو خير وسيلة تتمكّن من خلالها الزّوجة من امتصاص غضب زوجها إذ يدرك الزّوج أنّ زوجته لا تكابر عن الاعتراف بالخطأ كما يدرك نبل أخلاقها ومعدنها الأصيل في قدرتها على تقديم الاعتذار له. 
عدم مقابلة مشاعر الزّوج الغاضبة برد فعل مماثل، فعلى الزّوجة الحكيمة أن تحرص على أن لا تؤجّج الغضب لدى زوجها بمقابلة تلك الحالة بحالة غضب مماثلة لديها فلا تطفىء النّار بالنّار، وإنما تطفىء النّار بالماء، فعلى الزّوجة أن تتحلّى بالهدوء حتّى تنتهي المشكلة ثمّ وفي لحظات الهدوء وزوال الغضب تأتي إليه لتبيّن له سوء الحالة التي كان عليها وتناقشه في أسباب المشكلة وطرق حلّها. 
الابتسامة، فمهما غضب الزّوج تراه يزول غضبه في دقائق معدودة عندما يرى زوجته تقترب منه وهو غاضب لتبتسم في وجهه وتضع يدها على كتفه أو يده لتبيّن له وقوفها معه حتّى في أشدّ اللّحظات وأحلكها، وكذلك اتباع أسلوب المزاح والمداعبة اللطيفة، فهناك من الزّوجات من تحسن أسلوب المزاح اللّطيف والمداعبة لزوجها حتى في لحظات الغضب حيث إنّ صنع الابتسامة على وجه الزّوج تغير من حالته النّفسيّة وتزيل الغضب عنه. 
أن تقوم الزّوجة بعمل شيء يحبّه الزّوج ومثال على ذلك أن تقوم الزّوجة بصنع طبق معيّن من الطّعام يفضّله زوجها وإنّ من شأن ذلك أن يعمل على امتصاص غضب الزّوج حينما يشعر بأنّ زوجته تلبّي له كلّ ما يرغب به ويحبّه. 
الاستماع إلى الزّوج وإتاحة الفرصة له لبثّ همومه ومشاكله، فمما يزيل الغضب لدى الزّوج أن يرى زوجته تسمح له على الدّوام ببثّ ما في جعبته وإخراج طاقاته السّلبيّة.


إ

2018-04-24

أسباب محبة الله للعبد

أسباب محبة الله للعبد
المحبة في الله 
المحبة بين المؤمنين من نِعم الله العظمى، وهي تزيد الصلة والمودّة بينهم، فعندما يُحبّ أحدنا شخصاً وجب عليه إخباره بذلك، لما له من تأثير بالغ في النفوس، والمتحابّون في الله على منابر من نور يوم القيامة يَغبطهم على تلك المنزلة الأنبياء والشهداء، وهم من السبعة الذين يُظلّهم الله عزّ وجل في ظلّه يوم القيامة. 
محبة الله 
هنيئاً لِمن أحبه الله عز وجل، وعجباً لِمن استشعر هذه المحبة وفَرّط بها، ولم ينتصر على ضعف نفسه في نهيها عن اتباع الهوى والشهوات، وعن كل ما يُغضب محبوبه، فالله عز وجل إذا أحبّ فلاناً أمر جبريل - عليه السلام - وأهل السماء بِمحبته فيحبونه، ويضع له القبول في الأرض فيحبه أهل الأرض، ولكن كيف يَستشعر العبد أنّ الله يُحبه، وما هي الأسباب التي توّجته بهذه المحبة؟ أسباب محبة الله للعبد الإخلاص لله تعالى في كلّ أعماله وأحواله، وأقواله ونياته، ويريد بذلك وجه الله تعالى، لا سُمعةً فيها ولا رِياء. الصدق في الأقوال والأفعال مع الله أولاً، ثمّ مع النّاس. الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، في اللسان، والقلب، وفي جميع الأوقات، والطاعات.
 الحرص على أداء الفرائض في أوقاتها، فضلاً عن ذلك القيام بالنّوافل من الطاعات والعبادات.
 الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبّره وتطبيقه، وتخصيصُ أعز الأوقات لِذلك، لا في فضول الوقت وزيادته. 
الإقرار بِنعمِ الله سبحانه، وأنّها منه وبفضله وكرمه، وحَمْدَهُ عليها دائماً وأبداً، وإخبار النّاس بها اعترافاً بمنّهِ وكرمِه. 
معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى، ودراسة شرحها؛ فبذلك يتعرّف على قدرة الله عز وجل، ورحمته، وعظمته، والتفكر في أفعاله وتصريفه لهذا الكون العظيم، فتسمو نفسه بذلك، ويزداد تَوحيده له ومحبته. 
قراءة الأحاديث النبوية الشريفة، وآيات القرآن الكريم، فيتعرّف العبد بها لما أعده الله لِعباده إنْ هم أطاعوه من نعيمٍ في الدنيا، وجنةِ النّعيم في الآخرة والتي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، وزيادة على ذلك رؤية وجهه الكريم الذي لا يُضاهيه نعيم. 
إيثار ما يُحبّه الله عزّ وجل على ما تهواه النّفس وتشتهيه، وكذلك إيثار طاعته على طاعة كائنٍ من كان من الخلق إن كان في معصية، فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق. 
الانكسار لله تعالى والتذلّل له. مصاحبةُ أولياء الله وعباده المتقين ومحبتهم، والبراءة من أعداء الله وشرّ الخلق وبغضهم. 
قيل: المحب عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه، مُتصلٌ بِذكر ربه، قائمٌ بأداءِ حقوقه، ناظرٌ إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هَيبته، فإنْ تكلمَ فَبالله، وإنْ نطق فعنْ الله، وإن تحركَ فبأمر الله، وإنْ سكت فمع الله.
علامات محبة الله للعبد 
إنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنس والجن لكي يعبدوه، ولم يجعل فرقاً بين أعجمي أو أعربي إلا بالتقوى، فذلك يدل على العدل السماوي، وعندما يؤمن الإنسان بالله تعالى ويقيم فرائضه يُكرمه الخالق بمحبة مميزة عن الآخرين، وتظهر تلك المحبة بعلامات في الدنيا، وكسب الأجر والجنة في الآخرة. 
أسباب محبة الله تعالى للعبد 
إقامة الصلاة في وقتها وعدم تأخيرها والالتزام بها كما أمرنا الرسول الكريم. 
إخراج الصدقات وإيتاء الزكاة، فالله عز وجل جعل للفقراء حقاً في أموال الأغنياء من المسلمين؛ لكي يعم الحب والاحترام بين المسلمين ويقل الحقد والغيرة بينهم.
 صلة الرحم وزيارة الأقارب. الجهاد في سبيل الله لمن استطاع له سبيلا، والجهاد له عدة أنواع أفضلها قتال الكافرين والمعتدين على أرض المسلمين، أما الأنواع الأخرى فتتضمن الجهاد بالمال أو الجهاد بالقول. 
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتعم الأخلاق الحميدة بين أفراد المجتمع الإسلامي.
 ستر العورات والالتزام باللباس الشرعي للرجال والنساء على حد سواء. 
اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى في ذلك : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم"
علامات محبة الله للعبد 
الابتلاء بالمصائب، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم، ..."، وقد جعل الله عز وجل الابتلاء طريقاً للمؤمن لإثبات إيمانه وحبه للدين الإسلامي، فإن صبر على ما ابتلي به وشكر الله تعالى كان له الأجر في الدنيا والآخرة، وإن تذمر وكفر بابتلاء الله ولم يشكره فقد خسر الأجر وخسر محبة الخالق، كما أن الابتلاء سبيل لإزالة الذنوب عن المؤمن، وقد يكون الابتلاء بمرض أو فقر أو فقدان شخص عزيز. 
حب الناس له في الأرض، فمن أحبه الله جعل الناس أيضاً يحبونه، ومن علامات حب الناس له أنهم لا يهتمون بوضعه العلمي أو المادي، بل يحبونه بالله. 
استجابة الدعاء، فعندما يدعو الإنسان المؤمن ربه يستجيب له ويُحقق له ما يتمنى. 
يوفق الله المؤمن المحبوب للعمل الصالح، فيسعى المؤمن في الأرض لإقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أنه يُخرج الزكاة عن أمواله للفقراء. 
يُحسن الله التدبير له في كافة أمور حياته، فينور عقله، ويجعله صافي القلب ونقي النفس.
 يُبعد الله العبد عن المعاصي ويُدخل حب طاعته في قلبه ويزيد إيمانه ويدفع عنه السوء والبلاء بلا حول ولا قوة منه. 

كيف يرزق الله عباده؟

كيف يرزق الله عباده
سُنّة الله في الرزق 
خلقَ الله -سبحانه وتعالى- الخلق وتكفّل بأرزاقهم ومعايشهم وأقواتهم، قال الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)
وقد جعل الله -عزَّ وجلَّ- للرزق مجموعة قوانين يعرفها الناس من تدبّر آيات الله واستشعارها في حياته، ومن هذه القوانين والسُّنن أنّ الرزق يحتاج إلى السعي والطلب؛ فمن أراد الرزق فعليه أن يسعى لطلب رزقه وتحصيله، فإنّ رزق العبد لن يأتيه ما دام متكاسلاً قاعداً إلّا أن يكون قد قدَّر الله له ذلك، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)
ومن قوانين الرزق أيضاً أنّه من الله وحده، فيجب التوكّل عليه في طلب الرزق، ولطلب الرزق آداب يجب مراعاتها منها أن يعلم المسلم العلم اليقينيّ بأنّ الرزق بيد الله وحده ينزله بحِكمة ويرفعه بحِكمة، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
وأن يعلم العلم اليقيني بأنّ رزقه له، فلا يستبطئه ولا يطلبه بالحرام، وأنّ ما يُصيب الإنسان من فقر بعد بذله للأسباب إنّما هو كفارة لذنوبه أو رفع لدرجاته.
 كيفية رزق الله لعباده 
تكفّل الله -سبحانه وتعالى- برزق الإنسان، وقد جعل الله للرزق أسباباً تزيد وتبارك فيه، منها ما يلي:
 تحقيق التوحيد لله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
 إقامة الصلاة وأمَرَ الأهل بإقامتها، قال الله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ).
 تقوى الله -سبحانه وتعالى- ومخافته، فبالتقوى تكون عزّة المرء في الدنيا والآخرة وتكون البركة في الرزق، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
 التوكل على الله -تعالى- يقيناً، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لو أنَّكم تَوَكَّلُونَ علَى اللهِ تعالَى حَقَّ تَوَكُلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كمَا يَرْزُقُ الطيرَ، تغدُو خِماصاً، وتروحُ بِطاناً).
 كثرة الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، فإذا تاب العبد ورجع إلى ربه بارك الله له في رزقه، قال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).
 صلة الرّحم التي أمر الله -تعالى- بها، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من سَرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقِه، أو يُنسأَ له في أَثَرِهِ، فليَصِلْ رحِمَه).
 النفقة والتصدّق في جوانب الخير المختلفة، فمن يسّر على معسر يسّر الله عليه.
 أداء الحجّ والعمرة والمتابعة بينهما.
 الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله -تعالى- والإلحاح في ذلك. شكر الله -سبحانه وتعالى- على نعمِه، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
 معنى الرزق الرزق في اللغة: اسم وجمعه أَرزاق، ويُقصد به عدّة معاني، منها ما يلي:
 اسم لما يُعطى من الأشياء التي ينتفع بها الإنسان من ثروة، أو ربح، أو مكسب، ونحوه، فيُقال: قُطع رزق فلان؛ أيّ مُنِعَت عنه أسباب العيش، وأسباب الرزق وأبوابه طُرُقه ووسائله. الرزق بمعنى المطر، قال الله سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا).
 الرزق بمعنى الشكر، فربما يكون المُراد بالرزق في بعض المواضع الشكر، قال الله سبحانه وتعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ).
 الرزق بمعنى الثواب، قال الله تعالى: ( قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقًا).
 الرزق بمعنى النفقة التي تجب على الآباء، قال تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
 الرزق في الاصطلاح: عرّفه الجرجاني بأنّه اسمٌ لما يسوقه الله -سبحانه وتعالى- إلى الحيوان من حلال أو حرام فيأكله، أمّا الإمام القرطبيّ فقد عرّفه بأنّه ما يتغذّى به الكائن الحي، ويكون له فيه بقاء لروحه ونماء لجسده، وفي موضع آخر عرّف الرزق بأنه العطاء، كما في قول الله سبحانه وتعالى: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)وعند أهل السنّة والجماعة يُعرّف الرزق بأنّه ما صحّ الانتفاع به، سواءً كان المُنتفَع به حلالاً أو حراماً.
 أنواع الرزق 
رزق الله -تعالى- لعباده ينقسم إلى نوعين رئيسين، هما على النحو الآتي: 
 رزق يطلب العبد، ومثال هذا النوع الميراث، فالميراث لا يُحصّله العبد الوارث بكدّه وتعبه، بل يكون له من غير سعي ولا اكتساب، ويأتيه في موعد يشاؤه الله -تعالى- ويختاره. 
‏رزق يطلبه العبد، والأمثلة على هذا النوع كثيرة ويدخل فيه ما يحصل عليه الزّراع ‏والتُجّار والعمّال وغيرهم من أجور ومكافآت على عملهم، وهذا النوع من الرزق لا يحصل للعبد إلّا ‏بسعيٍ منه واكتساب وجِدٍّ وعمل. وكلا هذين النوعين مقدّر ومقسوم من الله -سبحانه وتعالى- ولا يتدخَّل العبد مطلقاً في ذلك، فإنّ رزق الإنسان يكون بتقدير الله تعالى، وإن أُبطئ الرزق على العبد مع سعيه، فذلك لحِكمةٍ من الله تعالى، قال الإمام ابن تيمية: (الأسباب ‏التي يحصل بها الرزق هي ‏من جملة ما قدّره الله وكتبه، فإن كان قد تقدّم بأنّه يرزق العبد بسعيه واكتسابه، ألهمه ‏السعي والاكتساب، ‏وذلك الذي قدّره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدّره له بغير اكتساب كموت مورثه ‏يأتيه به ‏بغير اكتساب‎).

توكيل الرزق لله

توكيل الرزق لله
الرزق 
إنّ الرزق هو من عند الله، هذا ما يؤمن به الغالبية، ولكنه للأسف الشديد غير مطبق في الحياة العلمية، فتصرفاتهم تشي بأنهم يعتقدون أن الرزق بأيديهم، حيث أنهم قد يتجبورون على العمال لديهم، كما أنهم قد يعملوا نصب المكائد والأفخاخ لبعضهم البعض إضافة إلى أمراض القلوب كالحيد والغيرة والنفاق والدهان والرياء، كل ذلك لتغول الأموال وجمعها وكسبها، ووضعها في رصيد بنكي، لو كان هؤلاء الناس متيقنين أن الرزق من عند الله تعالى لما آلت أمورهم إلى هذه الأخوال ولما تهافتوا على الأموال كل هذا التهافت القمئ، ولتركوا فرصة لغيرهم ليعى ويكد ويعمل ويسترزق. التوكل على الله تعالى إن التوكل على الله تعالى مطلوب دائماً وأبداً وهو واجب حتى لا يظن الإنسان أنه يرزق نفسه بنفسه أو أنه مستغن كاف نفسه بنفسه فتأخذه العزة بالإثم، فالتوكل على الله تعالى هام وضوروي إلى أبعد حد وأبعد مدى.
 ومن هنا يتوجب على الإنسان أن يخضع قلبه دائماً وأبداً إلى التعلق بالله تعالى حتى يطمئن هذا القلب ويستطيع أن ييضئ درب صاحبه، فإذا كانت القلوب معتمة لا وجود لنهور الله تعالى فيها، أظلمت على حياة صاحبها، أما إذ كانت القلوب مضيئة مشعة بيضاء نقية فإنها حتماً ستضئ درب صاحبها. 
التوكل على الله تعالى لا يكون بالقعود عن العمل وانتظار الرزق، بل يكون باستمرار الاعتماد على الله تعالى في كل صغيرةوكبيرة يخطوهاالإنسان حتى يكون مرعياً ومحمياً بحماية الله تعالى وحفظه ورعايته، التوكل على الله تعالى بالرزق لا يكون أيضاً بالقعود والاستكانة والراحة، بل يكون بالعمل الشاق المضن المتعب المجهد، سعياً وراء لقمة العيش، حيث أن الرزق رمبوط بالعمل فالعمل والجد والتعب هي من الشروط الأساسية والتي يرزق بها الله تعالى عباده، فقد خلق الله تعالى الإنسان حتى يسعى في الأرض ويكد ويتعب فالأرض ليست داراً للراحة والسكون وإنما هي دار للحركة والنشاط والبحث عن الرزق، ولا يجب أن يقتصر الإنسان في بحثه عن رزقه على مكان واحد فقط بل يجب أن يتعداه هذا البحث إلى أماكن أخرى أوسع وأبعد وأشمل، هذا إن لم يجد عملاً في مكان سكنه، كما يتوجب على الإنسان أن يؤخذ بكافة الأسباب التي تؤهله للعمل في المنطقة وحسب القوانين المفروضة والأنظمة المعمول بها، عن طريق التعلم والفهم وأخذ الدورات التدريبية وتطوير المهارات وتنميتها، كل هذه الأسباب هي من أفضل الأسباب التي يظهر بها الإنسان أنه متوكل على الله بالقول والفعل.
مظاهر التّوكل الحقيقي على الله 
إنّ التوكل على الله تعالى يكون من خلال الإيمان الحقيقي بأنّه لا وكيل يوكّل في أمور النّاس كالله عزّ وجل، فالله سبحانه هو الذي يحفظ الإنسان ويحميه ويرعاه بمشيئته النّافذة، ورحمته الواسعة، وعطائه الذي لا ينفد، ونعمه التي لا تحصى، وملكه الذي لا يُضام، وهو الذي يُسخر ملائكته بالليل والنّهار لتقوم بمهام الحفظ الإلهي للمسلم وإنزال السّكينة على قلبه. 
إنّ التوكل على الله يكون من خلال الأخذ أولاً بجميع الأسباب الدنيوية المادية، ثمّ التوكل على الله، فلا يصح التوكل بدون الكد والعمل والأخذ بالأسباب، فالسّاعي إلى تحصيل الرّزق الحلال الطيب لا يتصور تحصيله إذا قعد في بيته وركن إلى زاويته، وإنّما يكون تحصيل ذلك من خلال السّعي والكد والحيلة. لقد وردت في ذلك آثار كثيرة، فقد وجد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه جماعة في المسجد معتكفين معتزلين لا يعملون ولا يكدّون فما كان منه إّلا أنْ نهرهم وعلاهم بالدرة قائلاً: إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، كما ذكر أنَّ أعرابياً ترك بعيره يوماً بدون عقال بحجة توكله على الله حيث قال للنبي عليه الصلاة والسلام: أرخيها ثمّ أتوكل؟ فعلمه النبي الكريم درساً في التوكل الحقيقي على الله حينما قال له: بل اعقلها وتوكّل. التوكل على الله سبحانه يكون من خلال الإيمان الصادق بأنّه لا رازق إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا هو التوحيد الخالص الذي لا تشوبه شائبة، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله في مسألة التّوكل الحقيقي على الله في الرزق (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً)، ولا شك في أنّ كثيراً من النّاس من ينقص إيمانه وتوكله الحقيقي بالله حينما يعتقد أنَّ أحداً من النّاس أو الأنداد يملك القدرة على أنْ يسوق إليه الرزق أو يحجبه عنه، فالمسلم الحقيقي المتوكل على الله يوقن بأنّ من يرزقه هو الله، والنّاس مجرَّد أدوات لتحقيق إرادة الله تعالى ومشيئته في الكون. يكون التوكل من خلال القناعة بما قسمه الله تعالى للإنسان، فالمسلم الذي يرضى برزقه وقسمته هو مسلمٌ متوكلٌ على الله؛ لأنّه يعلم بأنّ الرازق هو الله الذي فضل النّاس بعضهم على بعض في الرزق، والذي لا يقبض روحاً حتى تستوفي أجلها ورزقها.

سر سورة يس

سر سورة يس
سورة يس 
 سورة مكيَّةٌ في ما عدا الآية الخامسة والأربعين منها، تقع في الجزء الثّالث والعشرين من القرآن الكريم في الحزب الخامس والأربعين، تبلغ عدد آياتها ثلاثاً وثمانين آيةً، وتتكون من سبعمئةٍ وتسعٍ وعشرين كلمةً، نزلت بعد سورة الجن، وهي السّورة السّادسة والثلاثون في ترتيب المُصحف الشّريف. 
سبب تسميتها عائدٌ إلى كون السّورة قد بدأت بها، وهي من الحروف المُقطّعة التي يُرجِّح المُفسّرون أنَّ الله تعالى ابتدى بها عدد من السّور -بما فيها سورة يس-؛ لبيان إعجاز القرآن الكريم المُتمثّل بتحدّي العرب الذين نزل عليهم القرآن وهم أهل الفصاحة والبيان، وتأكيد عجزهم عن الإتيان بمثله.
[١] أسباب نزول سورة يس 
نزل قول الله تعالى من سورة يس: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ)
[٢] في بني سلمة، فقد كانوا يَسكنون في أطراف المدينة بعيداً عن مسجد رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، وشكوا إليه بُعد منازلهم عن المسجد، وطلبوا منه أن يرتحلوا ليسكنوا قرب المسجد، فأمرهم النّبي عليه الصّلاة والسّلام أن يبقوا في مساكنهم وأنَّ أجرهم سيُكتب لهم من الله تعالى، فأنزل -سبحانه وتعالى- هذه الآية.
[٣] وورد أنَّ قول الله تعالى من سورة يس: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
[٤] نزل في أُبيَّ بن خَلف -وهو أحد زعماء قريش- حيث جاء إلى النّبي -عليه الصّلاة والسّلأام- وبيده عظامٌ باليةٌ، فسأل أُبيُّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام: هل يُحيي الله هذه العظام بعدما فَنيت وبليت؟ فأجابه النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وأنزل الله تعالى هاتين الآيتين الكريمتين.
[٥] سرُّ سورة يس يكمن سرُّ سورة يس في فضائلها التي جاءت الكثير من الرّوايات والآثار بالحديث عنها، رغم أنَّ كثيراً من هذه الرّوايات والآثار لم تَصِحّ، وبيَّن كثيرٌ من علماء الحديث والتفسير ما كان مكذوباً منها وما لم يصحّ، ويمكن ذكر بعض ما صحَّ من الفضائل: لقّب النبي عليه الصّلاة والسّلام هذه السّورة بقلب القرآن، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: (إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قلبًا وقلب القرآن يس).
[٦] من قرأ سورة يس طلباً لمرضاة الله تعالى غُفر له ذنبه، كما روى جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ).
[٧] ذهب جمعٌ من العلماء إلى استحباب قراءة سورة يس على المُحتضِر عند احتضاره؛ وعلَّلوا ذلك لاشتمال السّورة على مواضيع التّوحيد والبعث، والتّبشير بالجنَّة في ثنايا آياتها لمن مات على التّوحيد، فتستبشر الرّوح ويسهل خروجها
[٨] وفي ذلك قول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)
[٩] وقد روى معقل بن يسار -رضي الله عنه- عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- قوله: (اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ سُورَةَ يَس).
[١٠] وردت في سورة يس قصّةٌ من القصص القرآنيّ، وهي قصة أصحاب القرية والرّجل الصّالح الذي لُقِّب بمؤمن آل يس، وقيل إنَّ اسمه حبيب بن مُرّة أو حبيب النجّار؛ لأنَّه كان نجّاراً كما نَقَلت بعض الرّوايات، وقد أخبرت سورة يس عن أصحاب القرية الذين أرسل الله تعالى لهم رسولين يدعونهم للهداية فكذّبوهم، فأرسل الله تعالى رسولًا ثالثاً وكذبوه كذلك وتآمروا على الرّسل الثلاثة، وكان في القرية حبيب الصّالح الذي جاء يسعى لينهاهم عن إعراضهم، وينصحهم بالإيمان بالله واتّباع الرّسل وعدم إيذائهم، وذلك كما في قول الله تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)
[١١] فلم يستجيبوا لحبيب، وأشارت الآيات إلى أنَّهم قتلوه، من قول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)
[١٢] ففي هذه الآية كنايةٌ أنَّ حبيب قُتِل شهيداً؛ حيث أُتبِعت دعوته وموعظته لهم بأمر الله تعالى له بدخول الجنَّة مباشرةً دون انتقال.
 مواضيع سورة يس تناولت سورة يس مواضيعَ عديدةً بدءاً بإعجاز القرآن الكريم والقَسَم به، والتّأكيد على رسالة النّبي محمد -عليه الصّلاة والسّلام- وغايتها السّامية، ثمَّ تحدَّثت عن إعراض أكثر العرب عن دعوة الإسلام ورفضهم لقبول الحقِّ، كما جاءت السّورة على ذكر أهل القرية الذين ضُرِبَ المثل في فريقين فيها مُتَّبعين لدعوة الرّسل ومُعرِضين لها، وكيف كان جزاء كلِّ فريقٍ منهما، وتناولت السّورة قضيَّة البعث والنّشور وإثباتهما بالأدلّة والبراهين، ثمَّ ساقت السّورة آياتٍ حول توحيد الله تعالى مُبرهنةً عليه بتعداد النِّعم الكثيرة التي أنعم الله تعالى بها على الخَلق وبثَّها في الكون، وكلُّ هذه النِّعم الدَالّة على وحدانيّة الله تعالى تستوجب الشّكر عليها بالإيمان والتّقوى والإحسان.

2018-04-17

أنواع الصبر

أنواع الصبر
الابتلاء في الحياة 
جعل الله -تعالى- الابتلاء سنّة ماضية في الحياة الدنيا، يختبر المولى -سبحانه- عباده بها، ويميّز بها الخبيث من الطيّب، ويرفع بها درجات المؤمنين، الذين يتلَقّون كلّ ابتلاء بالصّبر والرّضا عن أفعال الله تعالى، ومن حِكمة الله -سبحانه وتعالى- أنّ هذه الابتلاءات التي تعرِض للعبد في دنياه من شأنها أنْ تزيد تعلّقه فيما عند الله تعالى، وتعمّق إيمانه بهوان الدّنيا ونقصان ملذّاتها، وأنّ الدار الآخرة هي دار الخلود، والجنّة مكان تحصيل الشّهوات والملذّات، ومن هنا حثّ الإسلام على التّحلي بالصَّبْر؛ فما هو الصَّبْر، وما هي فضيلته، وما هي أنواعه؟ 
أنواع الصَّبْر 
الصَّبْر الواجب على المسلم ثلاثة أنواع:
[١] الصَّبْر على فعل الطّاعات وأداء الواجبات: حيث إنّ النفس بطبعها تميل إلى الشّهوات، وهذا مانع للعبد من الانقياد السريع لفعل الطّاعة، لذا يلزم المرء في هذا النوع من أنواع الصَّبر أنْ يعوّد نفسه على خُلُق الصَّبر في ثلاثة مواضع؛ الأوّل: قبل البدء بالطّاعة يَحْسُن بالمسّلم أنْ يتفقّد نيّته ويطهّرها من كل شائبة رياء، ويستحضر الإخلاص لله -تعالى- وحده، والثّاني: الصَّبْر أثناء قيامه بالطّاعة، فيحرص المسّلم على أدائها على الوجه المشّروع وفق ما جاء به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والثّالث: الصَّبْر بعد أداء الطّاعة، فيحرص أنْ لا يُدخل لنفسه العَجب أو محبّة ثناء الخَلْق؛ فيُفسِد على نفسه عمله، وعلى الدّاعية إلى الله -تعالى- أنْ يعلم أنّ الصَّبْر سلاحه في طريق الدّعوة، وأنْ يستذكر خطى الأنبياء وسيرتهم في تحمّل الأذى وصنوف الصدّ عن الدّعوة، من نوح -عليه السّلام- إلى خاتم الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وسلّم. الصَّبْر عن فعل المعاصي وارتكاب المحرّمات: حيث إنّ الدنيا بملذّاتها وشهواتها تُشكّل ابتلاء من نوع آخر في مسيرة حياة المسلم، لذا فإنّ العبد محتاج لسلاح الصَّبْر لمواجهة هذه المُغريات الكثيرة والمتنوعة التي تعرضُ له في حياته، ومن شهوات الدنيا التي يدفعها المسّلم عن نفسه بالصَّبْر كي لا تُعْسِر عليه سلامة المسير وفق مراد الله -تعالى- شهوة النّساء والمال والمتاع وغيرها، ويستذكر المسّلم في هذا المقام قصة قارون ومصيره بعد أنْ أغدق الله -تعالى- عليه من صنوف المال والذّهب والفضة، ثمّ أنكر فضل الله -سبحانه وتعالى- عليه؛ فخسف الله به الأرض، وجعله عبرة لأولي القلوب والأبصار، قال الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ).[٢] الصَّبْر على أفعال الله والابتلاءات والنّوازل العصيبة: حيث إنّ من طبيعة الحياة الدنيا أنّها لا تصفو لأحد، ولا يسلم من آلامها وبلائها بَرّ ولا فاجر، ولكنّ المؤمن بدافع الرّضا عن أفعال الله -سبحانه- وأقداره يواجه كلّ الابتلاءات بثبات وجَلَد، وهو بذلك هادىء النّفس مطمئن البال؛ لأنّه على يقين أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويرى المؤمن أنّ أنبياء الله -تعالى-وهم صفوة خَلْقه، وأفضل إنسه قد ابتلاهم المولى -سبحانه- بأنواع كثيرة من الابتلاءات، لكنّهم واجهوها بالرّضا والتّسليم والصَّبْر الجميل، ولقد صبر أيوب -عليه السّلام- على المرض وفقدان الأهل والولد، وصبر يوسف -عليه السّلام- على ما حلّ به من بلاء السّجن والافتراء إلى أن حصحص الله -تعالى- الحقّ وأظهره، أمّا النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فقد صبر في مواقف كثيرة منذ بعثته إلى وفاته. 
تعريف الصَّبْر وأهميّته وفضله 
للصّبر دلالة لغوية تعين على فهم مفهومه الشرعي المُراد. 
تعريف الصَّبْر 
الصَّبْر في اللغة: صَبْر اسم، والفعل منه صبَرَ ومصدر الفعل هو صَبْر، ونقول: صبَرَ على وصبَرَ عن، فهو صابِر، وصبَر المرء: بمعنى رَضِي وتحمّل وانتظر باطمئنان ودون تعجّل، والصَّبْر هو حُسْن التّحمّل والجَلَد دون شكوى أو جزَع.
 الصَّبْر في الشّرع: هو منع المرء نفسه عمّا حرّم الله تعالى، وإلزام النّفس بما فرض الله سبحانه وتعالى، وحَبْسها عن الشكّوى والسّخط على أفعال الله عزّ وجلّ، وقيل الصَّبْر هو: منع النّفس من الشكاية حال وقوع البلاء دون الصًّبْر عن الشكّوى إلى الله تعالى.
أهميّة الصَّبْر وفضله 
الصَّبْر في الإسلام أخذ جانباً واسعاً من الاهتمام؛ فقد ذُكر في القرآن الكريم في ما يزيد على تسعين موضعاً، ثمّ إنّ شعائر الدّين وشعائر الإسلام ترتبط به ارتباطاً وثيقاً، فلا غنى للمسّلم عن الصَّبْر في عباداته بكلّ مجالاتها،
 أمّا فضائل الصَّبْر فهي أكثر من أنْ تُحصى، وفي ثمرات تحصيله عون للمرء على اكتسابه، وتعويد النّفس عليه، ومن فضائل الصَّبْر ما يأتي:
 الصَّبْر يعمل على تمكين الإيمان بالله -تعالى- في قلب العبد: وقد عدّه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من مراتب الإيمان. 
الصَّبْر سبب لتحصيل الإخبات والخضوع إلى الله تعالى؛ حيث قال: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ*الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).
 إنّ الصَّبْر سبيل لتمكين المؤمن من مهمّة الاستخلاف في الأرض؛ فقد قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ).
 إنّ الصَّبْر سبب نزول رحمة الله تعالى، قال الله سبحانه وتعالى:(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
 إنّ الصَّبْر سبب في محو الخطايا؛ ففي الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذىً، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ).
 إنّ الصّابر موعود من الله -تعالى- بالأجر العظيم، فقد قال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ).
 إنّ الصّابر يحظى برعاية الله -تعالى- ومعيّته ومحبّته، قال الله سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ مَعَ الصّابِرينَ)،
 وقال أيضاً: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).

إحسان النبي وأصحابه في التعامل مع اليهود والنصارى

إحسان النبي وأصحابه في التعامل مع اليهود والنصارى
خلق الرسول عليه الصّلاة والسّلام مع أهل الذمة قدّم سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التّعامل مع غير المسلمين من اليهود والنّصارى؛ فعندما أسسّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام الدولة الإسلاميّة في المدينة المنورّة، وامتدّت بقاع الإسلام في كل مكان، أصبح التعامل مع اليهود والنّصارى واجباً على المسلمين، ولكن ضمن إطار وثوابت شرعيّة حددّها الله عز وجل، وامتثل لها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وهي التعامل معهم بالبر، والقسط، والحزم، ما لم يتم نقضاً للعهود. قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
 إحسان الرسول عليه الصّلاة والسّلام وأصحابه مع اليهود والنّصارى 
سوف نقدم بعض الأمثلة التي تبين إحسان وفضل الرسول عليه الصّلاة والسّلام مع اليهود والنصارى. 
موافقة ومخالفة الرسول عليه الصّلاة والسّلام لليهود والنصارى كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام لا يتوانى عن أيّ فرصة لدعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام، وكان لطيفاً، رحيماً أثناء دعوتهم إلى الدين، وفي بداية قدومه عليه الصّلاة والسّلام إلى المدينة كان يوافقهم على عاداتهم ليُؤلّف قلوبهم على الإسلام، ولكنّهم عندما أصرّوا على جحودهم أمر بمخالفتهم.
 عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ).
 منح حرية اختيار الدين قبل الرسول عليه الصّلاة والسّلام أن يعيش اليهود والنصارى مع المسلمين في داخل المدينة، وأقرّ لهم حقوقاً تحميهم، وتكفّل بتطبيقها مثل حق الحياة لهم، فلم يقتل يهودياً أو نصرانياً بسبب ديانته، وسمح لهم بحريّة اختيار الدين، ولم يُجبرهم على اعتناق الإسلام. 
قيل إنّه أتى رجل من الأنصار، وله أبناء تنصّروا قبل بعثة رسول عليه الصّلاة والسّلام، فدعاهم أباهم للإسلام، ولكنّهم رفضوا واختصموا إلى الرسول عليه الصّلاة والسّلام، فقال الرجل: (يا رسول الله، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟)، فأنزل الله سبحانه وتعالى تلك الآية: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).
عدل الرسول عليه الصّلاة والسّلام ورفع الظلم عن اليهود 
كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يُعاملهم بعدل، ويرفع الظّلم عنهم، ويدفع الديّة لهم، ولو كان على حساب المسلمين. 
سرق رجل مسلم أنصاري درعاً من جارٍ له مسلم، وخبّأها عند رجل من اليهود، ثم اتّهم صاحب الدّرع اليهودي بسرقتها، وكاد الّرسول عليه الصّلاة والسّلام أن يصدّقهم بسبب الدلائل، ويعاقب اليهودي، فأنزل الله تعالى هذه الآيات من سورة النساء: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) إلى قوله تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)، ثم قام الرسول عليه الصّلاة والسّلام أمام الملأ، وأعلن براءة اليهودي، وأنّ السّارق مسلم.
 يوجد مثال آخر، وهو أنّه لمّا قُتل الصحابي عبد لله بن سهل من قبل يهود أهل خيبر لم يثبت ذلك عليهم بالبيّنة، فلم يُعاقبهم الرسول عليه السّلام، ودفع الديّة من بيت مال المسلمين.
 معاملة الرسول عليه الصّلاة والسّلام بالخلق والأمانة 
كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يعاملهم بالحُسنى، والبر، والعدل، والتقوى، وحسن الخلق، حفظ الأمانة، ومن الأمثلة أنّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام استدان بعض الدراهم من يهودي ولم يحن وقت دفع الدين بعد، وبينما كان الرسول جالساً مع أصحابه، إذا بالرجل دخل على الرسول عليه الصّلاة والسّلام وتجاوز جميع الصحابة، وشدّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام شداً عنيفاً، وقال له بغلظة: أوفِ ما عليك من الدين يا محمد، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وطلب من الرسول عليه الصّلاة والسّلام قتله، فقال الرّسول عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب: مُرْهُ بحسن الطلب ومرني بحسن الأداء، فردّ اليهودي: والذي بعثك بالحق يا محمد ما جئت لأطلب منك ديناً إنما جئت لأختبر أخلاقك، فأنا أعلم أنّ موعد الدين لم يحن بعد، فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله. وحسُن إسلام ذلك اليهودي.
 دعاء الرسول لهم كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يدعو لهم دائماً بالهداية، وراحة البال.
 عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ فَيَقُولُ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ).
 بر الرسول عليه الصّلاة والسّلام كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يبّرهم، ويزور مريضهم.
 عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ: أََسلِم. فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه: أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ). عفو الرسول عليه الصّلاة والسّلام عليهم كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يعفو عن زلاتهم، ويطمئن على جيرانه اليهود، ويقبل منهم الهدايا، ويعفو عن الإساءة؛ فعندما حاولت المرأة اليهودية قتله بالشاة المسمومة لم يأمر بقتلها، ولم ينتقم لنفسه ولكنّه قتلها بعد أن قتلت هي صحابيّ آخر: فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ، قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَيّ، قَالُوا: أَلَا تقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا.
 تعامل الرسول المالي مع اليهود 
كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يتعامل مع اليهود بالتجارة والمعاملات الماليّة بصدق، ويفي معهم، فأعطى يهود خيبر أرض، وطلب منهم أن يزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها، كما كانت أسواق المسلمين مليئة باليهود، وكذلك أسواق اليهود مليئة بنساء المسلمين، وهذا يدلّ على وجود الأمن بينهم.
 عن عائشة رضي الله عنها: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ‏اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ).
 معاملته لليهود والنصارى كان الرسول عليه الصّلاة والسّلام يتواضع لليهود والنصارى، ويُخالطهم، ويتحاور، ويتناقش معهم حتى لو كانوا يقصدون مجادلته ونعته فقط، وسمح لهم الرسول عليه الصّلاة والسّلام بإصدار قوانينهم حسب تعاليم دينهم، ولم يُجبرهم على الالتزام بتعاليم الإسلامي، إلاّ إذا طلبوا محاكمة الرسول عليه الصّلاة والسّلام فكان يحكم بينهم بتعاليم الإسلام. عندما قدم وفد نجران وكانوا من النصارى دخلوا على الرسول عليه الصّلاة والسّلام واجتمعوا معه في مسجده، وعندما حان وقت صلاتهم قاموا يصلّون في المسجد، فأراد الصحابة منعهم، إلاّ أن الرسول عليه الصّلاة والسّلام قال: (دعوهم).
 منح اليهود حق التملك أجاز الرسول عليه الصّلاة والسّلام لليهود بالتملّك، ولم يُصادر أملاكهم يوماً، ولم يجبرهم على التّنازل بها للمنفعة العامة؛ فعندما اشترى عثمان بن عفان رضي الله عنه بئر رومة من يهودي، وكان هذا البئر يخدم المدينة ومرافقها، كان من الممكن إجبار اليهودي بالتّنازل عن البئر لصالح المنفعة العامة، إلاّ أنّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام حافظ على مُلكيّات اليهود، ولم يجبرهم على التنازل بها للمسلمين، وإنّما تمّت عملية البيع والشراء، وقد ورد أنّ عثمان بن عفان رضي الله عنه اشترى من اليهودي نصف البئر، ثمّ قال لليهودي: (اخترْ إمَّا أن تأخذَها يوماً وآخذَها يوماً، وإمَّا أن تنصب لك عليها دلواً، وأنصب عليها دلواً. فاختارَ يوماً ويوماً).
 وكان الرسول عليه الصّلاة والسّلام أيضاً يأمر بالإحسان إليهم، ويأمر برعايتهم والاهتمام بهم كشؤون المسلمين. 
بالمقابل حافظ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على حرمات المسلمين، ونهى اليهود عن انتهاكها، والتمادي بها؛ فكان يعاقب كلّ من ظلم وانتهك حق مسلم، فعندما حاول يهود بني قينقاع الاعتداء على امرأة مسلمة وكشف عورتها قام الرسول عليه الصّلاة والسّلام بإجلائهم من المدينة، وكان يُنذرهم قبل ذلك، وأيضاً عندما حاول يهود بني النضير قتل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أكثر من مرّة، قام بإجلائهم من المدينة.

كيف كان يقضي الرسول يومه ؟

كيف كان يقضي الرسول يومه
حين سئلت السّيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، قالت كان خلقه القرآن ، فقد تمثّلت في شخص النّبي الكريم جميع الأخلاق من كرمٍ و شجاعةٍ و صدقٍ و أمانةٍ و حسن تعاملٍ و صفاء سريرةٍ حتّى كان قرآناً يمشي على الأرض ، و أحبّه الصّحابة الكرام رضوان الله عليهم حبّاً كبيراً ، فكانوا يحرصون على ملازمته و أخذ الحديث و العلم منه ، و قد كان النّبي الكريم يعاملهم أحسن معاملةٍ ، فيبشّ في وجوههم ، و يتواضع للكبير منهم ، و يحسن إلى مسكينهم و يحنّ على صغيرهم ، و قد كان متواضعاً يمازح الصّغار ، فقد حدث يوماً أنّه رأى غلاماً اسمه عمير و هو حزينٌ لموت طائرٍ كان يربّيه و يتعاهده ، فيأتيه النّبي عليه الصّلاة و السّلام و يقول له مسليّا لنفسه ، يا عمير ، ما فعل النّغير ، و لا ريب بأنّ هذا الموقف لا يخرج إلا من نفسٍ طاهرةٍ اكتملت فيها جميع صور الأخلاق . 
و قد سئلت السّيدة عائشة يوماً عمّا كان يصنع النّبي الكريم عليه الصّلاة و السّلام ، فقالت ، يكون في مهنة أهله ثمّ إذا حضرت الصّلاة خرج ، و هذا الحديث يعبّر عن عظمة أخلاق النّبي الكريم ، فقد كان لا يتكبّر على مساعدة أهله و زوجاته ، و في الحديث الآخر أنّه كان يخصف نعله و يخيط ثوبه ، و قد كان النّبي عليه الصّلاة و السّلام قوّاماً صوّاماً ، يواصل بين الأيام أحياناً لما أعطاه الله من قوةٍ على ذلك ، و يقوم الليل حتى تتفطّر قدماه فيراه أهله على تلك الحال فيلومونه مشفقين عليه ، و كيف يجهد نفسه بالقيام و العبادة و قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر ، فيقول أفلا أكون عبدا شكورا . 
و قد كان همّ الدّعوة و الرّسالة يستحوذ على قلبه و عقله عليه الصّلاة و السّلام ، لذلك كان يجالس الصّحابة و يعلّمهم أمور دينهم ، و يشرح لهم سنّته ، و يتعرّض للقبائل و يقابل وفودها لتبليغ الدّين ، و يجهّز الجيوش و يشحذ همم المسلمين لبذل الغالي و النّفيس في سبيل رفعة الدّين .

2018-04-04

كيف يكون الخلاص من الذنوب ؟

كيف يكون الخلاص من الذنوب
الذنوب والمعاصي 
يعد ارتكاب الذنوب والمعاصي مخالفة لشرع الله، وفعل ما نهى عنه القرآن الكريم، والسنة النبوية، كترك الصلاة، والكذب، والنميمة والغيبة، والربا، والزنا، علماً أنّ الإنسان قد يقع في هذه الأمور بغواية من الشيطان، الأمر الذي يبعده عن منهج الله وسنة رسوله ويجعله أكثر عرضةً لعقابه، إلا أنّه يتوجب المسارعة في الخلاص من هذه الذنوب، وذلك عن طريق اتباع بعض الخطوات التي سنعرفكم عليها في هذا المقال. 
كيف يكون الخلاص من الذنوب ؟
التوبة إلى الله عزّ وجل 
التوبة تعني الندم على ما مضى من الذنوب والسيئات التي ارتكبها العبد، والإقلاع عنها في الحال، ومعاهدة الله على عدم العودة إليها في المستقبل، والتحلل من حقوق العباد إذا كانت في حقهم، والتوبة هي فرضٌ دائمٌ على كل مسلم قدر استطاعته، وهي واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها في معصية صغيرة أو كبيرة، وهي الطريق الصحيح للفلاح والفوز برضى الله عزّ وجل، وربطها الله بالفلاح في قوله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، وقرن الله تعالى الفلاح بفعل الترجي لتفيد الآية بأنه لا يرجو الفلاح إلا التائبون، لذلك يجب على العبد أن يتوب إلى الله توبة صحيحة نصوحة؛ حيث إنّ تلك التوبة هي التوبة المقبولة التي يتردد صاحبها بين الخوف من عدم قبولها، ويرجو من الله أن تقبل مع المداومة على فعل الطاعات والخيرات. الاستغفار الاستغفار يعني طلب المغفرة من الله عزّ وجل بالجوارح واللسان والقلب، ويتضمن ذلك معاهدة الله على ترك المعاصي، والإقبال على فعل الخيرات، وقرن الله بين المغفرة والعذاب في الكثير من الآيات القرآنية؛ لأنّ العذاب يحصل بسبب الذنوب، والمغفرة من الله مانعة من عذابه، والاستغفار هو بمثابة الإقرار بالذنب والندم عليه، وطلب إزالة أثره، قال تعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) [هود: 3]، ومن ثمرات الاستغفار 
اطمئنان القلب، وانشراح الصدر، وزوال الهم والغم، واليقين برحمة الله ورضوانه، وانبعاث معاني العفو وحسن الخلق والصفح في نفس العبد. 
الإكثار من الحسنات يحتاج العبد إلى الإكثار من الحسنات ليضمن تكفير الذنوب والمعاصي التي يقع فيها، علماً أنها تعتبر سبيلاً لمحو السيئات التي يرتكبها العبد سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، إلا أنه يجب الأخذ بالاعتبار أنّ السيئات الكبيرة تحتاج إلى حسنات كبيرة لتمحوها، أي أن تكفير ذنب الشرك مثلاً لا يكون إلا بدخول الإسلام، علماً أنّ الإسلام يجبُّ ما قبله، أي يغفر كل الذنوب السابقة له، لكن ارتكاب الخطايا يقلل قيمة الحسنات وأجرها، وبذلك لا يبلغ صاحبها الدرجات العليا.

اتق الله في نفسك

اتقي الله في نفسك
التقوى هي مخافة الله عز وجل وجعل النفس في وجل وخوف مستمر من ربها تبارك وتعالى مما يجعلها تحرص على الاتيان بالطاعة وتحرص على اجتناب المعصية وذلك بسبب الخوف من الله عز وجل ، فالتقوى تحمل الخوف من الله عز وجل والحذر من الوقوع في معصيته التي يترتب عليها غضب الله عز وجل ومعنى التقوى هوا اتقاء غضب الله تبارك وتعالى وبطشه ويكون ذلك بالالتزام بطاعته والعمل من أجل ارضائه والتقوى هي الرباط الوحيد الذي يكون سببا في أن يعل النفس عن أن تسرح وتمرح حسب رغباتها الدنيوية وحسب أهوائها التي تكون سببا في ضياعها فالتقوى قيد وثيق وقوي جدا ومحكم جيدا لا يستطيع الانسان المسلم الملتزم بالايمان أن يتفلت من هذا القيد الوثيق اذا كان يشخى ربه تبارك وتعالى ويتقيه ، ولأن التقوى هي الضابط الأساسي الذي يقوم بضبط سلوك الأفراد في طريق الحياة كان من الأهمية بمكان أن يراجع كل منا تقوى الله عز وجل في نفسه فان كان هناك حاجز بين النفس والمعصية يمنعك من الاقتراب من المعصية ويدفعك نحو الولوج في الطاعة فنعم التقوى التي تحملها في جنبات فؤادك والا فعليك أن تراجع نفسك أخي الحبيب فالتقوى هي الأساس التي إن توفرت في الإنسان فيمكن أن تأخذ بصاحبها إلى جنة عرضها السموات والأرض كما قال عز وجل في كتابه الكريم : ( وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) وأن التقوى اذا لم تكن موجودة في نفس الانسان فان انعدامها عند الانسان سيأخذه الى جهنم والعياذ بالله ، ومن الأهمية التي تكمن في معنى التقوى أن الانسان لا يمكن أن يفهم نصوص القرآن الكريم ولا يمكن أن يفهم السنة النبوية الا اذا توفرت فيه عدة شرط من أهم هذه الشروط تقوى الله عز وجل فالانسان يجب أن يتقي الله في نفسه ولا يرمي بها الى التهلكة وذلك بحرصه على أداء الصلوات وانتهائه عن ارتكاب المحرمات وذلك حتى يستطيع أن يريح نفسه فراحة النفس في الطاعات وتعبها وكدرها في المعاصي والملهيات ، فالتقوى ان توفت في النفس كانت سببا للنجاة من النار وكانت أيضا سببا في الفوز بالجنان لذلك حث الاسلام العظيم على التقوى وذلك أن التقوى كنز لا يفنى وكنز لا يقدر بأي ثمن والتقوى جوهر بلا نظير وهوا مفتاح ذو أسرار يفتح من خلاله جميع أبواب الخير ويغلق أيضا من خلاله جميع أبواب الشر ، ولا ينال الانسان التقوى ولا يتمسك بها الا باجتناب صغائر الذنوب واجتناب الأمور المشتبهات وهذا كله يتطلب معرفة دقيقة في الحلال والحرام وكل ذلك يتوفر بتوفر المعرفة الجيدة بالله عز وجل وقوته وجبروته الأمر الذي يكون سببا في تمسك الانسان بالطاعات واجتنابه للمعاصي والملهيات .

اللهم حقق أمانينا

اللهم حقق امانينا
اللهم حقق امانينا الله هو خالق الكون وحده لا شريك له ، فله الصلاة والدعاء ، ولا يكتمل الإنسان إلا بصلاح دينه ، وما من كبيرة أو صغيرة تتحقق في الدنيا إلا بإذن الله عز وجل ، والمسلم الحق يؤمن أن لا أمنية تتحقق إلا بالله وحده ، ومن العبر الكبيرة في الدنيا على أن الله هو محقق الأماني والرجاء ، هو عندما بلع الحوت العظم سيدنا يونس (عليه السلام) ، فقد لبث كما قيل (ثلاثة أيام أوسبعة والعلم عند الله) ولم يستطع الخروج من جو الحوت إلا عندم لجأ لله تعالى في تحقيق رجاءه وهو بالدعاء الذي سمي باسمه وهو : "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ".
 ولا ننسى سيدنا يوسف عليه السلام عندما ذهب مع أخوته لرعي الأغنام في الصحراء ، وذلك أنه عندما اشتدت فيهم الكيد والمكر والغيرة من أخيهم يوسف عليه السلام ، فقد خططوا مع سبق الإصرار بأن يضروا بأخيهم ، ولذلك قرروا أن يضروا بأخيهم وأن يقتلوه دون على أبيهم زكريا (عليه السلام) ، ومن وقف من أخووته معه في هذه اللحظة بإذن الله هو أخيه لاوي ، الذي أحال دون قتله وافق على رميه في الجب على أن يقتلوه ، وكتم هذا السر سنيناً طوال كباقي إخوته إلى أن شاء الله بأن يأتي عابر سبيل اشتراه من أخوته بمبلغ من المال ، فأخذو قميصه ولطخوه بدم الحيوانات ليقنعوا أباه أن الذئب الخبيث أكله... وقد كان دعاءه في البئر له تعالى هو : "اللهم يا مؤنس كل غريب، ويا صاحب كل وحيد، ويا ملجأ كل خائف، ويا كاشف كل كربة ويا عالم كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، ويا حاضر كل ملإ.. يا حي يا قيوم أسألك أن تقذف رجاءك في قلبي، حتى لا يكون لي هم ولا شغل غيرك، وأن تجعل لي من أمر فرجا ومخرجا، إنك على كل شيء قدير"
وأراد الله تعالى أن أنجاه من الموت في هذا البئر الجاف الذي قلبه الله تعال لبئر يملؤه الماء. وهذه بعض الأدعية المختارة التي بإذن الله ستكون مستجابة عند الله تعالى : من قال هذا الدعاء فسيتم الله نعمته عليه بإذن الله: " اللهـم اني اصبــحت منك في نعمـه وعافيـه وستــر فأتم نعــمتـــك علي وعافيتــك وســترك في الدنيا والاخره"
دعاء يزيل الهم والحزن: "لا االه الا الله قبل كل شي ولا اله الا الله بعد كل شي ولا اله الا الله يبقـى ويفنــى كل شي" وهذا دعاء ينزع الهموم ويزيل الفقر: "اللهم إنــك تـــعلم سري وعلانيــتي فأقبـل معذرتـي وتعلـم حاجتــي فأعطني سؤالــــي وتعلــم مافي نفســي فأغفــر لي ذنــوبي اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلـبي ويقيناً صـادقـاً حتـى أعلـم أنه لن يصيبـني إلا ماكتـبته علي والرضــا بمـا أقسـمتـه لي ياذا الجلال والإكــرام.
" وهذا دعاء لعسر المعيشة: "بسم الله علا نفسـي ومالي وديـني اللهم رضني بقضـآئك.. وبارك لي فيمـا قدرت لي حتـى لا أحب تعجيـل مآخرت ولاتآخير مأعجـلت" 
وهذا الدعاء لتيسير الأمور وإزالة الهموم : "اللهم بحق العرش ومن علاه , وبحق الوحــي ومن اوحـآه , وبحق النبـي ومن نبـآه , وبحق البيــت ومن بنـآه , وياسآمـع كل صـوت , يآجآمع كل فـوت , و يابارئ النفــوس بعد الموت’ آأتــني فرجـآً من عندك بشهآدة ان لا اله الا الله وام محمد عبدك ورسولـك"

تقوى الله في السر و العلن

تقوى الله في السر و العلن
إني أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية، والإخلاص له في الأعمال والأقوال، والاقتداء برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في جميع أعمالنا وفي كل ما نتقرب به إلى ربنا عز وجل، فإن تقوى الله تبارك وتعالى هي السبب العظيم في تحصيل سعادة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى:(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
 لقد كانت التقوى هي وصية الله عز وجل للأولين والآخرين، قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّه) والإخلاص هو أصل قبول الأعمال، فلا يقبل الله من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، فلم يشرك صاحبها فيها مع الله غيره، ولا يقصد بها رياء ولا سمعة ولا شهرة ولا محمدة ولا ثناء من أحد، قال الله تعالى) :وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ( وقال تعالى:( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) وقال تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وهو قدوة المخلصين ): قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) ، وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) وقال سبحانه) :وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ(ولكون الشرك يحبط الأعمال ويضيع ثوابها حذر الله عز وجل منه عباده، كما في الآيات السابقة، وكما في قوله تعالى: (مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) وقوله تعالى: ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا) وقال عز وجل: (وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُون) وفي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه(( رواه مسلم رحمه الله، والرياء هو الشرك الخفي الذي يبطل الأعمال ويفوت الثواب، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)، وعن جندب بن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من سمّع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به(( متفق عليه. قال النووي رحمه الله ((سمّع)) بتشديد الميم ومعناه أظهر عمله للناس به ((سمع الله به (( أي فضحه يوم القيامة. ومعنى ((من راءى، راءى الله به(( أي من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم. (راءى الله به( أي أظهر سريرته على رؤوس الخلائق. 
والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما نتقرب به إلى ربنا هو الأصل الثاني الذي يترتب عليه قبول الأعمال، فقد أمرنا الله عز وجل باتباعه وحذرنا من مخالفته، فقال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) وقال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(. والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن بلغ الناس ما أنزل إليه من ربه أكمل البلاغ، وبعد أن بين للناس ما نزل إليهم أتم بيان، كما قال الله تعالى له: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) ، وكما قال جل شأنه: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وقد أنزل الله عز وجل عليه مصداق ذلك، حيث قال سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) فكل ما لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناً فليس اليوم بدين. وفي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد( رواه مسلم رحمه الله، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد( متفق عليه.
 فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتقيا الله عز وجل، وأن يخلصا في أعمالهما وأن يتقيدا بكتاب الله وسنة رسوله أوصيكم أيها الأخوة في الله بالحرص على التواصي بالحق، والصبر فيما بينكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البروالتقوى شارك المقالة فيسبوك تويتر