السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2016-12-23

لكل ( حل ) ألف مشكلة !

نعم . . ليس هناك خطأ في العنوان . .
هو كما تقرؤون : لكل ( حل ) ألف مشكلة !
بعض الناس يريد ان يعيش حياته بلا أي ( متاعب )
بلا أي ( كفاح ) ..
هناك من يردّد دائما  عقب كلّ مشكلة تصادفه
( مستحيل ) و ( ما أقدر ) ( لا أستطيع ) ( لا تقل لي افعل كذا وكذا ) أريد حلاًّ آخر ؟!
وكأنه يريد حلولاً مثل كبسولات الدواء ( يبتلعها ) ثلاث مرات باليوم حتى تزول المشكلة !
حقيقة ( نتمنى ) - وما نيل المطالب بالتمنّي - أن يكون هناك ( كبسولات حل المشاكل ) .. لكن للأسف حتى الآن مع تقدم العلم والطفرة الحضاريّة لم يتوصّل العلماء ولا الخبراء إلى كبسولات يمكن أن يتناولها الشخص فتُحل جميع مشاكله .. دون أن يبذل أي جهد غير جهد رفع كأس الماء إلى فيه !
ورثنا من آبائنا ومن بعض المربين المخلصين عبارة ( المشكلات ملح الحياة ) !
حينها فعلا لم نكن ندرك معنى أن ( المشكلات ملح الحياة ) . .
لكن الحياة تعلّمنا أن ( المشكلات ) هي . .
( فرص استثماريّة ) . .
فرص لقياس الأداء . .
فرصة لتحسين المهارات . .
المشكلات . .
تعلمنا شيئا جديداً ..
ومحاولات جديدة ..
ومهارات جديدة . .
وخبرات جديدة . .
يكون ذلك فقط حينما نعتقد أن لكل ( مشكلة ) ألف حل لا العكس !
المشكلات . .
تبرز لنا جوانب الخلل والثغرات في شخصياتنا أو ما ينقصنا من المهارات . .
المشكلات . .
مثل النار ( تصفّي ) الذهب من غيره من شوائب الأرض ومعادنها الأخرى !
كيف ستتعلّم الزوجة الصبر ومعنى الودّ مالم يكن هناك ( مشكلات ) !
وكيف سيتعلّم الزوج معنى الحب والوفاء .. مالم تكن هناك مشكلات ؟!
إن الحب والودّ الذي يكون في ( سعة من الأمر ) قد لا يكون حبّاً أو ودّاً حقيقيّاً مالم تصقله ( المشكلة ) و ( المنعطف المؤلم ) في الحياة .
حين تقع في أي مشكلة ..زوجية كانت أو أسريّة أو اجتماعية أو حتى ماديّة . .لا تستصعب أي ( حل ) ما دام أنه في :
- حدود ( المشروع ) ..
- ويمكن تطبيقه ..
وتذكروا دائماً . .
أن متعة الحياة ليس في خلوّها من المشاكل . .
إنما متعة الحياة في الكفاح والانجاز واستثمار كل فرصة لاكتساب شيء جديد .

ست مبادئ في الرزق


قال الله تعالى {وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}


** قول الله تعالى {على الله رزقها} ، تفيد الالزام ، فالله ألزم نفسه تبارك وتعالى برزق جميع الكائنات الحية !!
ومما ينبغي لكل فرد في الأسرة أن يؤمن به أن :
1- الله هو الرزاق، وقد تكفل برزق الجميع.
2- الرزق أمر مقدر قبل ولادة الإنسان.
3- تقسيم الأرزاق وتفاوت الناس إنما هو قسمة الرزاق الكريم.
4- الإنفاق وسيلة لزيادة الرزق.
5- الرزق لا يطلب إلا من الله.
6- لا تلازم بين محبة الله وسعة الرزق.

من علامات حب الله للعبد


في الحقيقة هذا الأمر عظيم ! محبة الله للعبد والإحاطة بالعلامات والإمارات من الصعوبة مماكان لكن هناك أمور دلت عليها بالكتاب والسنة .
أول دليل على محبة الله للعبد وإرادته الخير به هدايته للدين ، فالعبد الذي يهتدي بهداية الله ويلتزم طاعة الله عزوجل كان هذا من أعظم الدلائل على أن الله يحبه وان الله يُرِيد به خير لأن الله يُعطي الدنيا من أحب وكره ولكن لايعطي الدين الا لمن أحب . لايعطي نعمة الدين الإ لمن أحب !
واعلم علم اليقين ان السجدة التي تسجدها بين يدي الله وتعلم مقدار فضل الله عليك بها لتقطع لسانك بالثناء على الله وما أديت شيء من حقه
كيف هداك للتوحيد ؟ وكيف أعانك ووفقك وسددك وصرف عنك كل الفتن حتى تسجد بين يديه ؛ فترفع درجتك وتكفر خطيئتك !
ياليت الناس يشعرون بنعمة الله عزوجل عليهم !
أعظم دليل على حب الله للعبد هدايته للدين ثم إذا أردت ان تعرف مقدار منزلة العبد لمحبة الله له فأنظر مقدار هذا الدين في قوله وعمله واعتقاده ؛ فإذا وجدت انه انصرف الى الله عزوجل بكليته قلباً وقالباً فأعلم ان محبة الله له تامة وان محبة الله له كاملة
إذا وجدت عبد مليء القلب بالله وحده لاشريك له لا تسمع منه شكوى يشتكي فيها لغير الله وحده لاشريك له لاتجده يتذمر ولا يسخط تجده راضٍ عن الله في جميع أحواله مستمسك بدين الله عزوجل فَلَو صبت عليه فتن الدنيا لايمكن ان يفرط بشعرة من دين الله عزوجل الذي هداه إليه !
هكذا كان حال الصحابة رضوان الله عليهم وحال أئمة الرضا الذين حازوا من الحب أجمله و أكمله وأفضله ولذلك فتح الله لهم أبواب الرحمة ويسر لهم أبواب الخير كانوا في القلب أفضل مايكونون محبة لله فتجد الواحد لا يفكر الا في الشيء الذي يقربه من الله كيف يفعله والشيء الذي يٌبعد عن الله كيف يجتنبه وتجد الواحد منشرح دائم السرور مطمئن النفس مُبتهج القلب فإذا انُتهكت حرمة من حرمات الله تغيرت الحياة عنده فتنكدت فتجده في هم وغم وكرب فإذا ذكر الله كل الهموم والغموم تتبدد عنه ، هذا من كمال محبة الله عزوجل وكمال محبة الله للعبد !
مُفرغ العبد من كل شيء الا لله وحده لا شريك له ثم كذلك أيضا تجده في قوله وفعله وسمعه وبصره وظاهره وباطنه وفي أخذه وتركه وولاءه وعداءه كله يصير وفق مرضاة الله عزوجل
إذا وجدت هذه الأمور وجدت الدين ووجدت الكتاب والسنة في قوله وفعله وظاهره وباطنه فأعلم ان نعمة الله عليه تمت .
قد يكون ظاهره على هذا لكن تمام النعمة الاعتقاد فتجد كل هذه الأمور تصدر منه ومع ذلك يٌحس من توفيق الله له ومعونة الله له وتيسير الله له مايقرع باب من الخير الا فتحه الله في وجهه ولا يسلك سبيل من سُبل الطاعة والبر الا وجدته يسبق بعزيمة وقوة وطمأنينة وانشراح صدر لأن الله يحبه .
أحباب الله سبحانه وتعالى دائماً أمور الخير لهم مُيسرة .. مفتوحة مُسهله لكن إذا أراد ان تزل قدمه عن صراط الله عزوجل وجدت الحفظ من الله سبحانه وتعالى وجدت الصيانة وجدت بارك الله له في الرحمة وجدت العصمة من الله سبحانه وتعالى فيجعل بينه وبين المعاصي الحواجز يجعل بينه وبينها أمد بعيد فيباعد بينه وبين الخطايا ويباعد بينه وبين أهل الخطايا ويباعد بينه وبين كل شيء يُحبب الى هذه الخطايا ، لأن الله يحبه والله إذا أحب عبد قربه ممايحب ومن دلائل حبه تجده دائماً يبحث عن الشيء الذي يرضي الله عزوجل في أكمل حال .
لو أنه بعيد في الصلاة يفكر كيف يكون في الصف الأول لأنه يعلم أن الله يحب عبده المصلي على أتم المحبة
ووالله انه ليخرج من بيته وقلبه متفطر هل يدرك الصف الأول أم لا ؟ ثم إذا يُسر له في بعض الأوقات الا انه قد يصعب عليه في بعض الأحيان ومع ذلك تجد الله سبحانه وتعالى يُيسر له ويعينه ويوفقه حتى ذكر بعض الأخيار : إني دخلت ذات مرة مسجد وكنت لا أستطيع ان أصلي في غير الصف الأول اتعب نفسيا فقلبي معلق بهذا الصف الأول بشكل عجيب فيقول في يوم من الأيام احتاجني الوالدان لأمر فتأخرت بالخروج فلما جأت قبل الإقامة بيسير وانا يأس أن أدرك الصف الأول ويسر الله سبحانه وتعالى فإذا بي أبلغ الصف الثاني فلما أُقيمت الصلاة وإذا بالناس متراصون تماما ليس هناك مكان فقلت ياربي أنت تعلم مافي قلبي وأسألك ان لاتحرمني هذا المقام بين يديك يقول وشاء الله عزوجل ان يُرعف الذي أمامي ويخرج من الصف وأدخل مكانه ايي والله حتى إني ندمت وقلت مرة ثانية لا أفعلها !
الله إذا أحب العبد يسر له أبواب الخير وجاءت أمور الخير سهلة مُيسرة ومن أتم النعم وأظهر الدلائل على محبة الله عزوجل للعبد العلم ! .
ليس هناك أحب الى الله بعد أنبياءه من العلماء العاملون الائمة المهتدون الذين تعلموا هذا العلم فجاهدوا واجتهدوا لتعليمه وعملوا بهذا العلم فإجتدوا واجتهدوا بتطبيقه واجتهدوا في نفع الناس
تجد من دلائل محبة الله للداعي ومحبة الله للخطيب ومحبة الله لإمام المسجد تجده دائما موفق في أمر الناس للخير ونهيهم عن الشر فلايرى منكر الإ نصح فيه ولا يرى خير الا ثبت عليه فإذا أردت ان ترى دلائل محبة الله لإمام المسجد وجدته على أتم الأمر في طاعة الله والنهي عن معصية الله والتقريب لكل شيء يقرب الى الله عزوجل فدلائل محبة الله كُلها تدور حول طاعة الله سبحانه وتعالى وتوفيقه فإذا وفق العبد في ذلك ووجدت ان معه الله .. الله مُعين ونصير له فأعلم انه من أحباب الله عزوجل فلذلك كفاه الله أمور الدنيا وأهلها وابداً لن تجد عبداً يحب الله ويحبه الله الإ وجدته بأحسن الأحوال في أمور دينه ودنياه وأخرته
والله ولو وجدته مرقع الثياب ولو وجدته حلقي القدم !
فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مايملك الواحد منهم قوت يومه وقلبه معلق بالله جل وعلا وهو في منازل الرضا التي هي من أعظم المحبة من الله عزوجل ﴿وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ ﴾ [التوبة: ١٠٠]
نسأل الله العظيم ان يجعلنا منهم وان يمن علينا فنحشر في زمرتهم
ايضا الحرص على طاعة الله عزوجل ، فإذا كنت دائماً تفكر ماهي مراتب الطاعة التي ترضي الله عزوجل ؟ ولذلك ليس هناك أتم ولا أكمل ولا أعظم من شيء واحد وهو رضوان الله عزوجل للعبد ، لذلك لما ذكر الله نعيم أهل الجنة وذكر الله عزوجل صورها ومافيها من الخير جعله شيء من رضوانه سبحانه وتعالى ولذلك قال الله تعالى : ( ورضوان من الله أكبر ) وفي الحديث الصحيح ان الله تعالى يطّلع على أهل الجنة وقد غمروا في نعيمهم وسرورهم (﴿ إِخوانًا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلينَ﴾ [الحجر: ٤٧] فبينما هم في لذة النعيم ونشوة النعيم وغاية النعيم إذ به سبحانه يقول هل ترضون ؟ قالوا ياربنا مالنا لا نرضى وقد أعطيتنا وأعطيتنا فيقول الله تعالى الا أزيدكم أُحِل عليكم رضاي فلا أسخط أبداً
فالعبد الذي يحبه الله لا يسخط عليه أبداً
جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحاتم بن أبي بلتعه رضي الله عنه وأرضاه لما حصل منهم كتب الكتاب لكفار قريش قال عمر يارسول الله -عليه الصلاة والسلام - دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم دعه يا عمر ومايدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم !
الله أكبر إذا رضي الله عن العبد وأحبه ! اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم !

فإذا كان العبد في منزلة المحبة عند الله سبحانه وتعالى والرضا فهذه هي الغاية ! والأمنية التي اسأل الله بعزته وجلاله ان يجعلنا من أهلها وان لا يحول بيننا وبينها انه ولي ذلك والقادر عليه.

هل عرفت نبيك حقًا ؟


إن معرفة النبي ﷺ هي أحد الأصول الثلاثة التي يجب على المسلم معرفتها وسيسأل عنها في قبره ؛ عندما يقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟
فماذا تعرف أيها المسلم عن سيرة نبيك ؟ وعن أخلاقه ؟ وعن صفاته ؟
وما نوع معرفتك به ؟ أهي معرفة اتباع واقتداء ؟
أم مجرد معلومات لا تجاوز مسامعك !
قال الله تعالى ﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴾
فالمعرفة به ﷺ ليس مجرد قراءة لسيرته واطلاع على أخباره فحسب ؛ ولكنها معرفة تستوجب اتباعه وتصديقه في كل ماجاء به ﷺ .
وأن يكون شعار المؤمن " إن كان قال فقد صدق".
لقد كان كفار قريش يعرفون النبي ﷺ بأنه صادق وأمين ويلقبونه بذلك ؛ ولكن تلك المعرفة لم تنفعهم شيئًا لأنهم كذبوه ولم يتبعوا ما جاء به.
قال ابن كثير : " قال - الله سبحانه - منكرًا على الكافرين من قريش: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} أي: أفَهُم لا يعرفون محمدًا وصدقه وأمانته وصيانته التي نشأ بها فيهم، أفيقدرون على إنكار ذلك والمباهتة فيه؟ ولهذا قال جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، للنجاشي ملك الحبشة: أيها الملك، إن الله بعث إلينا رسولًا نعرف نسبه وصدقه وأمانته. وهكذا قال المغيرة بن شعبة لنائب كسرى حين بارزهم. وكذلك قال أبو سفيان صخر بن حرب لملك الروم هرقل، حين سأله وأصحابه عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه وصدقه وأمانته، وكانوا بعد كفارًا لم يسلموا، ومع هذا ما أمكنهم إلا الصدق فاعترفوا بذلك ." [تفسير ابن كثير ٥/ ٤٨٤]
كذلك لم ينتفع أهل الكتاب بمجرد معرفتهم بالنبي ﷺ لأنهم عاندوا واستكبروا ولم يؤمنوا به ولم يتبعوه.
أما المسلمون فإنهم ينبغي أن يعرفوا النبي ﷺ أكثر من غيرهم وأن تكون معرفة اتباع وانتفاع وطاعة ( وإن تُطِيعُوه تهتدوا ).
والذي يتأمل في كتاب الله يجد بأنه لم يذكر تفاصيل حياة النبي صلى الله عليه وسلم وولادته ونشأته ولم يذكر زوجاته ولا أولاده ؛ وترك هذه التفاصيل من السيرة ليقوم الصحابة بروايتها ونشرها.
وإنما بيّن منهجه صلى الله عليه وسلم وحياته في الدعوة وعبادته وصبره وخلقه وعلمه وحكمته واجتهاده.
والله ﷻ يريد لنا معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة حقيقة نابعة عن إيمان واتباع وطاعة واقتداء .
كيف نعرف نبينا ﷺ ؟
يجب أن نتعرف على أخلاقه ومنهجه في الدعوة كما بينها القرآن وأن نحفظ أحاديثه ونقرأ سيرته ونوقره ونصلي عليه .
وألا نحصر التعرف على سيرته في شهر من السنة أو يوم من الشهر .
كذلك فإن من معرفته أن نعرف قدر سنته صلى الله عليه وسلم وأنها مصدر للتشريع .
قال صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه" . [رواه ابن ماجه بسند صحيح]
وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ ، وَقَالُوا : أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ : (اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ) .[سنن أبي داود]
كذلك فإن من عرف نبيه ينبغي أن يعرف أهل بيته وصحابته رضوان الله عنهم وأن يعرف لهم قدرهم ويترضى عليهم وينافح عنهم .


لا تتوقف عن أهدافك

 

 كم مرة سمعت ــ عزيزي القارئ الكريم ــ من يرثي حظه العاثر ويقول: " أهذا كل ما هناك؟ ".
إن رواد سفينة (أبوللو) الذين وهبوا حياتهم كلها للحظة الوصول إلى القمر كانوا غاية في التفاؤل والسعادة في تلك اللحظة الخالدة العظيمة، ولكن بعد رجوعهم إلى الأرض أصيب بعض منهم بحالة اكتئاب شديدة فبعد رحلتهم العظيمة لم يبق هناك شيء بالنسبة لهم يتطلعون إليه: كيف يكون هناك هدف أكبر من وصولهم للقمر واكتشاف عالم مجهول جديد مثل الفضاء الداخلي المتمثل في العقل والقلب؟!.
نحن جميعاً في حاجة إلى إحساس مُستمرٍ بالنمو العاطفي والروحي؛ فهو الغذاء الذي تحيا به أرواحنا وتزدهر وتتطور وبالتالي تستمر.
ولذلك فعندما تقترب من تحقيق أهدافك التي سعيت إليها اعمل فوراً على وضع أهداف جديدة تُجدّد بها  نفسك
ما هو الهدف النهائي؟ ربما يكون التطلع إلى المساهمة في الحياة بشيء له قيمة!؟ أو إنجاز شيء ما لا طالما حلمت به؟ حقيقة أنا لا أعلم ما هي أهدافك إلا أن إيجاد طريقة لمساعدة الآخرين - هؤلاء الذين يهموننا ونهتم بهم بحق -يمكن أن يُهمنا دائماً وأبداً طوال حياتنا.
وهناك دائماً مكانٌ في حياتنا لهؤلاء الذين يريدون أن يهبوا وقتهم، وطاقتهم، ورأسمالهم، ومقدرتهم على الابتكار، ثم الالتزام بكل ذلك.
ما هو التصرف البسيط المليء بالرحمة والعطف الذي يمكن أن تفعله لشخص آخر اليوم؟ قد يكون إماطة آذى عن الطريق؟ وقد يكون مساعدة ضرير لعبور الشارع؟ وقد يكون إرشاد تائه لطريق ما يقصده !!؟؟ وكما في الحديث الشريف : ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة... وأمرٍ بالمعروفِ صدقة.. ).
اتخذ قرارك الآن. وتصرف بناءً عليه، ثم انظر كيف تشعر بعد ذلك، وتأكد من تقديرك لهذا الشعور الجديد بالسعادة.
فحياتنا لا تتوقّف بمجرّد تحقيق أهدافنا بل تبدأ دائما بقلب متجدّد يحبّ الحياة بشكل جديد ومختلف .

2016-12-12

مكانة المرأة في الإسلام



مكانة المرأة في الإسلام عبد النور خبابة 
نزولا عند رغبة البعض في الاطلاع على ما جاء في مداخلتي المرتجلة التي كانت بجامعة محمد البشير الابراهيمي برج بوعريريج ضمن فعاليات اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية حسيبة بن بوعلي لترقية المراة والطفل عن العنف ضد المرأة ، أضع بين يدي الطالبين والقراء هذه المادة. فأقول :
________________________________________

لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة.
وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.
وإذا كانت أماً كان برُّها مقروناً بحق الله-تعالى-وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، والفساد في الأرض.
وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها.
وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة.
وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها؛ فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي.
وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك.
وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.
ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك، والإجارة، والبيع، والشراء، وسائر العقود، ولها حق التعلم، والتعليم، بما لا يخالف دينها، بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكراً أم أنثى.
بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كُلاً منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة؛ فأمرها بالحجاب والستر، والبعد عن التبرج، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها.
ومن إكرام الإسلام لها: أن أمر الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، والحذر من ظلمها، والإساءة إليها.
بل ومن المحاسن-أيضاً-أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولات الإصلاح، وحين تصبح حياتهما جحيماً لا يطاق.
وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالماً لها، سيئاً في معاشرتها، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه، فتدفع له شيئاً من المال، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن يضرب زوجته بلا مسوغ، وجعل لها الحق الكامل في أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أن ترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله-تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الإسراء.
وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليف واجب.
قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها) رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث من أبلغ ما يمكن أن يقال في تشنيع ضرب النساء؛ إذ كيف يليق بالإنسان أن يجعل امرأته - وهي كنفسه - مهينة كمهانة عبده بحيث يضربها بسوطه، مع أنه يعلم أنه لا بد له من الاجتماع والاتصال الخاص بها.
ولا يفهم مما مضى الاعتراض على مشروعية ضرب الزوجة بضوابطه، ولا يعني أن الضرب مذموم بكل حال.
لا، ليس الأمر كذلك؛ فلا يطعن في مشروعية الضرب إلا من جهل هداية الدين، وحكمة تشريعاته من أعداء الإسلام ومطاياهم ممن نبتوا من حقل الغرب، ورضعوا من لبانه، ونشأوا في ظله.
هؤلاء الذين يتظاهرون بتقديس النساء والدفاع عن حقوقهن؛ فهم يطعنون في هذا الحكم، ويتأففون منه، ويعدونه إهانة للمرأة.
وما ندري من الذي أهان المرأة؟ أهو ربّها الرحيم الكريم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟
أم هؤلاء الذين يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذا انتهت مدة صلاحيتها ضربوا بها وجه الثرى؟
إن هؤلاء القوم يستنكفون من مشروعية تأديب المرأة الناشز، ولا يستنكفون أن تنشز المرأة، وتترفع على زوجها، فتجعله-وهو رأس البيت-مرؤوساً، وتصر على نشوزها، وتمشي في غلوائها، فلا تلين لوعظه، ولا تستجيب لنصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره.
تُرى كيف يعالجون هذا النشوز؟ وبم يشيرون على الأزواج أن يعاملوا به الزوجات إذا تمَرَّدْنَ ؟
لعل الجواب تضمنه قول الشنفرى الشاعر الجاهلي حين قال مخاطباً زوجته:
إذا ما جئتِ ما أنهاكِ عنه *** فلم أنكر عليك فطلقيني
فأنتِ البعلُ يومئذٍ فقومي *** بسوطك-لا أبا لك- فاضربيني
نعم لقد وجد من النساء - وفي الغرب خاصة - من تضرب زوجها مرة إثر مرة، والزوج يكتم أمره، فلما لم يعد يطيق ذلك طلَّقها، حينئذٍ ندمت المرأة، وقالت: أنا السبب؛ فلقد كنت أضربه، وكان يستحيي من الإخبار بذلك، ولما نفد صبره طلَّقني!
وقالت تلك المرأة القوامة: أنا نادمة على ما فعلت، وأوجه النصيحة بألا تضرب الزوجات أزواجهن!
لقد أذن الإسلام بضرب الزوجة كما في قوله-تعالى-: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) النساء: 34.
وكما في قوله - عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع: (ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح).
ولكن الإسلام حين أذن بضرب الزوجة لم يأذن بالضرب المبرح الذي يقصد به التشفي، والانتقام، والتعذيب، وإهانة المرأة وإرغامها على معيشة لا ترضى بها.
وإنما هو ضرب للحاجة وللتأديب، تصحبه عاطفة المربي والمؤدب؛ فليس للزوج أن يضرب زوجته بهواه، وليس له إن ضربها أن يقسو عليها؛ فالإسلام أذن بالضرب بشروط منها: 
أ- أن تصر الزوجة على العصيان حتى بعد التدرج معها.
ب- أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير؛ فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد، ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر؛ ذلك أن العقاب بأكثر من حجم الذنب ظلم.
ج- أن يستحضر أن المقصود من الضرب العلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛ فيراعي التخفيف فيه على أحسن الوجوه؛ فالضرب يتحقق باللكزة، أو بالمسواك ونحوه.
د- أن يتجنب الأماكن المخوفة كالرأس والبطن والوجه.
هـ - ألا يكسر عظماً، ولا يشين عضواً، وألا يدميها، ولا يكرر الضربة في الموضع الواحد.
و- ألا يتمادى في العقوبة قولاً أو فعلاً إذا هي ارتدعت وتركت النشوز.
فالضرب - إذاً - للمصلحة لا للإهانة، ولو ماتت الزوجة بسبب ضرب الزوج لوجبت الدية والكفارة، إذا كان الضرب لغير التأديب المأذون فيه.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام؛ فأين النظم الأرضية من نظم الإسلام العادلة السماوية، فالنظم الأرضية لا ترعى للمرأة كرامتها، حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.
وأين إكرامُ الإسلام للمرأة، وجَعْلُها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة، وتسلبها حقها في الملكية والمسؤولية، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار، وتعدها مخلوقاً نجساً؟.
وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟.
وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعة تنتقل فيه الزوجة؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت؛ لتنظر في حقيقة المرأة وروحها أهي من البشر أو لا؟ !.
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها، ورعاية زوجها، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها، أو شبابها، أو هرمها، وفي حال فقرها أو غناها، أو صحتها أو مرضها.
وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام-فإنما هو بسبب القصور والجهل، والبُعد عن تطبيق شرائع الدين، والوزر في ذلك على من أخطأ والدين براء من تبعة تلك النقائص.
وعلاج ذلك الخطأ إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعاليمه؛ لعلاج الخطأ.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال: عفة، وصيانة، ومودة، ورحمة، ورعاية، وتذمم إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.
أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية، وأنها لابد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط؛ فذلك سر السعادة عندهم.
وما علموا أن تبرج المرأة وتهتكها هو سبب شقائها وعذابها.
وإلا فما علاقة التطور والتعليم بالتبرج والاختلاط وإظهار المفاتن، وإبداء الزينة، وكشف الصدور، والأفخاذ، وما هو أشد؟ !.
وهل من وسائل التعليم والثقافة ارتداء الملابس الضيقة والشفافة والقصيرة؟!.
ثم أي كرامة حين توضع صور الحسناوات في الإعلانات والدعايات؟! 
ولماذا لا تروج عندهم إلا الحسناء الجميلة، فإذا استنفذت السنوات جمالها وزينتها أهملت ورميت كأي آلة انتهت مدة صلاحيتها؟ !.
وما نصيب قليلة الجمال من هذه الحضارة؟ وما نصيب الأم المسنة، والجدة، والعجوز؟.
إن نصيبها في أحسن الأحوال يكون في الملاجىء، ودور العجزة والمسنين؛ حيث لا تُزار ولا يُسأل عنها.
وقد يكون لها نصيب من راتب تقاعد، أو نحوه، فتأكل منه حتى تموت؛ فلا رحم هناك، ولا صلة، ولا ولي حميم.
أما المرأة في الإسلام فكلما تقدم السن بها زاد احترامها، وعظم حقها، وتنافس أولادها وأقاربها على برها-كما سبق-لأنها أدَّت ما عليها، وبقي الذي لها عند أبنائها، وأحفادها، وأهلها، ومجتمعها.
الإسلام رفعَ شأن المرأة في بلاد العرب وحَسَّنَ حالها، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى الزوجات بطاعة أزواجهن، وقد أمر بالرفق بهن، ونهي عن تزويج الفتيات كُرهاً وعن أكل أموالهن، ولم يكن للنساء نصيبٌ في المواريث أيام الجاهلية، بل إنَّ الرجل كان إذا بشَّره أهله ببنتٍ اسودَّ وجهُهُ، وقد حكى القرآن ذلك فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾]، ومن صور تكريمها أيضاً قد نزلت سورة خاصة بهنَّ تسمى سورة النساء توضح فيها أحكام المواريث، وكيفية معاملة المرأة في حال نشوزها فقال عز وجل: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾
فقد بيَّن الله تعالى صفة المرأة الصالحة في هذه الآية، والمرأة التي في حال نشوزها بأن يعاملها الرجل بتدرج لطيفٍ رحيمٍ بالمرأة، حيث بدأ بالموعظة لها، ثم بهجرها في المضاجع، ثم في المرحلة القصوى بضربها بشرط أن يكون ضرباً غير مبرحٍ، وهذا يعدُّ من التكريم العظيم للمرأة من قِبَل الله الخالق الرحيم الرحمن.
ومن تكريمها أيضاً مساواة المرأة بالرجل في تعدد ألفاظ كل منهما في هذه السورة، وقد بيَّن الله تعالى فيها أحكام المواريث، ووعد فيها بالعقاب لمن خالف حدوده فيها، وجعل هذا التقسيم خاصاً به سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارَ خالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14] [
ولا شك أنَّ الإسلام أمر بحُسن معاشرة الزوجة، وقد أباح للزوج مفارقة زوجته رغم أنَّه بغض الطلاق، فقال عز وجل: ﴿ ..... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾[
في الجاهلية كانوا يقتلون البنات وهنَّ أحياء، ولمَّا جاء الإسلام حثَّ على تحريم وَأْد البنات، فقال عز وجل: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾[]، وأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل، وقد حرَّم الله تعالى فيما يسمى بزواج المتعة حديثاً، وحَمْل الإماء على البغاء فيما سمَّاه القرآن الكريم، فقال عز وجل: ﴿ ... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[، وذلك حرصاً على سلامة المرأة من المخاطر التي تتعرض لها في شخصها، والفتك بالمجتمع إذا سلكت هذا السبيل الذي نهي عنه ربنا، ونهي عنه نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-.
ضعف النساء:
لا شك أنَّ في النساء صورةٌ من صور الضعف، وهو ليس ضعفًا مذمومًا، فإنه من جانبٍ ليس مقصودًا منهن، ومن جانبٍ آخر محمود مرغوب، فأما الجانب غير المقصود فهو ضعف البِنيةِ والجِسم، وهذه لا حيلة لهنَّ فيها، فلا يلومهنَّ أحدٌ عليها، وأما الجانب المحمود فهو في ضعف القلب والعاطفة، بمعنى رقََّة المشاعر، وهدوء الطباع، وهو لا شكَّ أمرٌ محمودٌ في النساء، وكلما زاد - دون إفراط أو تفريطٍ - كان ألطفَ وأجملَ.
استوصوا بالنساء خيراً:
كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُقَدِّر هذا الضعف في النساء، ويحرص على حمايتهنَّ من الأذى الجسدي أو المعنوي، ويُظهِر رحمته بهنَّ بأكثر من طريقةٍ، وفي أكثر من موقفٍ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائمَ الوصية بالنساء، وكان يقول لأصحابه: [ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ]، وتكررت منه نفس النصيحة في حجة الوداع، وهو يخاطب أمته، وكان يوقن أنَّ هذه الوصية من الأهمية بمكانٍ حتى يُفردَ لها جزءًا خاصًا من خطبته في هذا اليوم العظيم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: [... وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فإنهن خُلقنَ من ضِلَعٍ، وإنَّ أعوجَ شئٍ في الضلَع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً ].
ويوضح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جملة بلاغية أنَّ النساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة، ولا ينتقص منهن أبداً كونُهنَّ نساء، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: [ إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ]].
صور من رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء:
في هذا العصر الذي تكالبت فيه قوى الظلم والبغي والعدوان للنيل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نجد الدعوات الصارخة من الحاقدين الحاسدين على الإسلام، والجاهلين بأخلاقياته وآدابه، لمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات دون تفضيل، بل وتمييز المرأة أحياناً بأمور كثيرة عن الرجل، وذلك بدعوى أنهم في القرن الحادي والعشرين، يريدون أن يتقدموا بمثل هذه الأساليب البعيدة عن الإسلام وقيَمِه ومبادئهِ وتعاليمه، وكذبوا ظناً منهم بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان منذ أربعة عشر قرناً، فالحضارة الآن في نظرهم هي: التقدم والرقي ومحاكاة الغرب في جميع أفعالهم وأحوالهم، يريدون بالمرأة أن تخرج من خِدْرها، كي تلتهمها الذئابُ البشرية، وهم أول من يريدون التهامها، والهتكَ بعِرْضها، ولكن هيهات هيهات، وأين الثرى من الثريا، فقد جاء الإسلام الحنيف محافظاً على المرأة، آمراً إياها أن تلتزم بيتها، وإنْ خرجت تخرج في إطار ما سمح لها به الشرع، فقال الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً ﴾[10]،كما جاء الإسلامُ كذلك ناصراً للمرأة في كل أحوالها وأعمارها، فقد كرمها الإسلام أُماً، وكرمها زوجاً، وكرمها طفلةً، غير أن الذي يُلفتُ النظرَ بصورة أكبر في رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء هو جانب التطبيق العملي في حياته - صلى الله عليه وسلم -، فلم تكن هذه الكلماتُ الرائعة مجردَ تسكينٍ لعاطفة النساء، أو تجمُّلٍ لا حقيقةَ له، بل كانت هذه الكلمات تُمارَس كلَّ يومٍ وكلَّ لحظةٍ في بيته - صلى الله عليه وسلم - وفي بيوت أصحابه رضوان الله عليهم.
فبهذه الصورة الميسرة حول تكريم الإسلام للمرأة، يتحدى كلُّ مسلمٍ موحدٍ بالله تعالى العالمَ أجمع أن يأتي لنا بموقفٍ من حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آذى فيه امرأةً أو شقَّ عليها، سواء من زوجاته أو من نساء المسلمين، بل من نساء المشركين، ويكفي أن نتأمَّلَ بعضَ مواقفه - صلى الله عليه وسلم - مع النساء؛ لندرك مدى رحمته - صلى الله عليه وسلم - بهنَّ.
[ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها - ابنته- عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ الرجُلِ ؟، قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَهُمَا قَدْ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلانِي في سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي في حَرْبِكُمَا فَقَالَ النبي: قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا ][11
فرحمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنا قد فاقت رحمة الأب، فأبو عائشة رضي الله عنها - هو أبو بكر الصديق- أراد أن يعاقبها على خطئها، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرحمته بها حجز عنها أباها!
تكريم الإسلام للمرأة بكونها أماً:
لقد كرَّم الإسلام المرأة بكونها أُماً بأنْ أوصى الأبناء بحُسْن معاملة الآباء، وخاصةً الأم، فقد صوَّر القرآن الكريم هذا الأمر في تصويرٍ بليغٍ ومُعجزٍ في أكثر من موضعٍ، فقال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾
وقال تعالى في الموضع الثاني: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
وقال تعالى في الموضع الثالث: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾
وقال تعالى في الموضع الأخير ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ﴾[].
وقد ورد في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يُعَضِّدُ ذلك، [ فقد جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ اللهِ، مَنْ أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي ؟ قال: أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَنْ ؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم مَن ؟ قال: ثم أبوك 
فقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأم ثلاث مراتٍ، لِما لها من تكريمٍ ومكانةٍ عظيمة، ورفعةً لشأنها، فما كُرمَتْ المرأةُ في أي شريعةٍ سوى شريعة الإسلام.
وعن طلحة بن معاوية السلمى قال: [ أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إني أريدُ الجهادَ في سبيلِ اللهِ تعالى، فقال: أُمُّكَ حَيَّةٌ ؟ فقلتُ: نعمْ، فقال: الزم رِجْلَها فثمَّ الجنَّة ][].
تكريم الإسلام للمرأة بكونها زوجاً:
ومما يمكن أن يُذكر في هذا الموضع ما أوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، إذ أوصى بالنساء، فقال: [... فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله... ].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ إِنَّما النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ .
فقد جعلها الإسلام شقيقةً للرجل في كل أحواله وأفعاله، تشترك معه في تربية الأولاد، وتعمل على خدمتهم، واستقرار بيتهم، وباستقرار البيت بالزوجين يخرج بيتاً طيباً على الهدى النبوي، يساهم هذا البيت في بناء المجتمع، لذا يمكن أن يقال أنَّها نصف المجتمع، بل أكثر من نصفه، فالمرأةُ هي الأم، والزوجة، والبنت، والأخت.
تكريم الإسلام للمرأة بكونها طفلةً:
لمَّا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - كرَّم الطفلة، وجعل لها حقوقاً وعليها واجبات، وحذَّر من قضية وأد البنات التي كانت منتشرةً في الجاهلية، فمنذ ظهر نور الإسلام إذ نزل القرآن الكريم متعجباً من هذه القضية، ومن عدم توريث البنات الذي نراه الآن في مجتمعاتنا المعاصرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: [ دخلتْ امرأةٌ معها ابنتانِ لها تسأَلُ، فلم تجدْ عندي شيئًا غيرَ تمرةٍ، فأَعطيتُهَا إيَّاها، فَقَسَمَتْهَا بينَ ابنتيْها، ولم تأكُلْ منها، ثم قامتْ فخرجتْ، فدخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علينا فأخبرتُهُ، فقال: من ابْتُلِىَ من هذهِ البناتِ بشيءٍ كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ ][].
تكريم الإسلام للمرأة بكونها أرملةً:
لقد رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدر الذي يرعى شؤون الأرملة إلى درجة لا يتخيلها أحد، ومن أفضل ما يمكن ذكره هنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللَّهِ أَو الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ]]. فأيُّ فضلٍ وأيُّ عظمة هذه، ليس هذا إلا تكريماً وحفاظا على المرأة، فهي كالجوهرة في الإسلام، حيث يدافعُ عنها بكل قوةٍ وشجاعةٍ.
تكريم الإسلام للمرأة بكونها أَمَةً:
إنَّ هناك ما هو أعجب من ذلك، وهو رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالإِمَاء، وهُنَّ الرقيق من النساء، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه إذ قال: [ إِنْ كَانَتْ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ ][23].
وقد علَّق ابن حجر رحمه الله على ذلك فقال: "والتعبير بأخذ اليد إشارة إلى غاية التصرف، حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها على ذلك، وهذا دالٌ على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكِبْرِ.
تعقيبٌ:
هل سمع العالم برئيس دولةٍ، أو قائدِ أمةٍ يذهبُ هنا وهناك ليقضى بنفسه حاجةَ امرأةٍ بسيطةٍ لا تعدو أن تكون خادمةً، بل هي أَمَةٌ مملوكةٌ، لا تملك من أمرها شيئًا؟
إن هذا الذي نراه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معاملاته، وتكريمه للمرأة لمَن أبلغ الأدلة على نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فلا تتأتَّى مثل هذه الأخلاق الرفيعة حقيقةً إلا من نبي، وصدق الله تعالى حيث قال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾[24].
وأخيراً، أقول: إنَّ الإسلام قد رحم المرأة فأسقط عنها الصلاة والصيام أثناء الحيض والنفاس رحمة بها لما تعانيه من أتعاب حال الدورة والنفاس مع أنَّ الصلاة لا تسقط عن الرجل بأي حال، إلا الصوم فله فيه الرخصة المعلومة.
الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها النفقة فلا تُنفق على ولدها ولا والديها ولا زوجها بل لا تنفق على نفسها هي، ويلزم زوجها بالنفقة عليها.
الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها حضور الجُمَع والجماعات لاشتغالها بزوجها وبيتها.
الإسلام رحم المرأة فأوجب لها مهراً كاملاً يدفعه الزوج لمجرد الخلوة بها، أو نصفه بمجرد العقد عليها.
الإسلام رحم المرأة فورثها من زوجها حتى لو مات بمجرد عقده عليها.
الإسلام رحم المرأة فقال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك، تكريماً واعترافاً بحقها.
الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها الشهادة في الدماء والجنايات تقديراً لضعفها، ورعايةً لمشاعرها عند رؤية هذه الحوادث.
الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها فريضة الجهاد.
الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها فريضة الحج إذا لم يكن معها محرم يحرسها ويخدمها حتى ترجع.
الإسلام رحم المرأة فجعل التقصير لها عند تمام النسك حفاظاً على جمالها وإبقاءً على رغبتها ولها أجر الحَلْق.
الإسلام رحم المرأة فحَرَّم طلاقَها وهي حائضٌ مراعاةً لحالها، وحتى لا تطول عليها العدة.
الإسلام رحم المرأة فجعل لها ميراثاً من زوجها وإخوانها وأولادها ووالديها رغمَ أنها لا تتحمل شيئاً من النفقة.
الإسلام رحم المرأةَ فأوجب لها مهراً وحرَّمَ أخذ شيءٍ منه إلا بطيبِ نفسٍ منها.
الإسلام رحم المرأة فحرَّم نكاحها بلا وليٍ ولا شهودٍ، حتى لا تُتَّهَمَ في عِرضها ونسب أولادها.
الإسلام رحم المرأة فأوجب على مَنْ قَذَفَها في عِرْضِهَا جَلْدَ ثمانينَ جلدةً، ويُشَهَّر به في المجتمع ولا تُقبلُ شهادته أبداً.
الإسلام رحم المرأة فجعل من يُقتل في سبيلها ليحافظ على عرضه ويدافع عنها جعله شهيداً.
الإسلام رحم المرأة حتى بعد موتها فلا يُغسلها إلا زوجها أو نساء مثلها.
الإسلام رحم المرأة فجعل كفنها أكثر من كفن الرجل فتكفن في خمسة أثواب رعاية لحرمتها.
الإسلام رحم المرأةَ فأجاز لها الخلع إذا كرهت زوجها وأبى طلاقها.
الإسلام رحم المرأة حتى عند الصلاة عليها تكون أبعد عن الإمام ويقف وسطها ليستر جسدها ممن وراءه.
عبد النور خبابة

"قُوا أنفُسكم وأهليكم"


الجمعة 09 12 2016م
قاعة الإخوة مجذوب برج بوعريريج.
ندوة "قُوا أنفُسكم وأهليكم"
احتضنت قاعة الإخوة مجدوب ندوة ولائية من تنشيط الشيخ سعيد نفيسي،استهلت الندوة بكلمة ترحيبية من طرف أعضاء المكتب ، وهي عبارة على رسالة محبة في الله وشكرا على تلبية الدعوة للإخوان والأخوات ، تلتها تلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها على مسمع الجمع الكريم الأستاذ: خبابة عبد النور إمام ببرج الغدير جزاه الله عنا خيرا على حسن التلاوة ، ليعزف بعدها النشيد الوطني الذي وقف له الجميع وقفة احترام وتقدير وترحم على من ضحوا بالنفس والنفيس من شهداء ثورة التحرير من أجل الحرية والاستقلال الذي ننعم به .
أحيلت الكلمة بعدها إلى الدكتور المحاضر : سعيد نفيسي ، الذي شخص الداء وأعطى الدواء ولو بنسب متفاوتة ، ولهذا حرص الجمع الكريم على الإكثار من هذه الندوات المحلية الهادفة . 
قال تعالى : ( يا أيها آمنوا قـوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ).
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يقوموا بلوازم الإيمان وشروطه, ومن ذلك ما ورد في هذه الآية الكريمة من الأمر بوقاية النفس والأهل والأولاد سَخَطَ اللهِ وعذابَهِ, فبدأ أولاً بالأمر بإصلاح النفس ووقايتها عذاب الله بقوله: ( قـوا أنفسكم ) أي: أَلْزِمُوها تقوى الله, والتقوى يا عباد الله هي:أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل الواجبات وترك المحرمات, مع التوبة عما يُسْخِط الله، ثم أمر بوقاية الأهل وهم: زوجتك وأولادك من بنين وبنات, ومَنْ تحتَ ولايتِك وتَصَرُّفِك.
احرص على إصلاح أولادك ومن تحت تصرفك وولايتك وذلك بما يلي:
أولا: أمرهم بالتوحيد الذي هو حق الله على العبيد, وهو إفراد الله تعالى بالعبادة, لأن التوحيد هو مفتاح الجنة بعد رحمة الله, ولأن المشرك لا يدخل الجنة أبدا، وقد كان الأنبياء يهتمون بذلك اهتماما بالغاً, قال تعالى: ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك من قبل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ).
ثانيا: أمرهم بالتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والإقتداء به, ودراسة سيرته, ومحبته أكثر من النفس والأهل والمال والناس أجمعين.
ثالثاً: أمرهم بالصلاة إذا بلغوا السن السابعة, وضربهم عليها إذا بلغوا السن العاشرة, امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
فإن كثيراً من الآباء يتساهلون في أمر أولادهم بالصلاة وضربهم عليها, وهذا هو سبب تخلف كثيرٍ منهم عنها في الكِبَر. فالواجب على الآباء أن يمتثلوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فيربون أبناءهم على الصلاة التي هي عمود الدين.
رابعا: أن يكون الأب قدوة لأبنائه في الخير, وذلك بأن يكون من أهل القرآن والمحافظة على الصلاة وبرالوالدين, وصلة الرحم وحسن الجوار, وإكرام الضيف, ومجالسة أهل الخير, لأن الابن يقتدي بأبيه, ويتأثر به, فإذا رآه يتخلف عن الصلاة ويشرب الدخان ويعق والديه ويقطع الرحم, ويسيء الجوار, ويجالس أهل الفسق, ويتلفظ الألفاظ البذيئة ويتابع الأفلام المحرمة والصور الخليعة فسوف يقتدي به غالباً, ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه ).
خامساً: تربيتهم على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال, من البر والصلة وحسن الجوار، ونهيهم عن ضد ذلك من العقوق والقطيعة وسوء الجوار وأذية الناس.والأذية من قِبَلِ المراهقين في هذه الأيام كثيرة بل ملفته للنظر، انظروا إلى حال كثير من أبنائنا وهم يقودون السيارات ويُضيقون على الناس بحركاتهم المخزية! انظروا إلى الجدران وما يكتبون عليها! انظروا إلى حالهم أثناء إقامة الصلاة!
وهؤلاء هم: أبناؤنا ـ ابني وابنك, وأخي وأخوك ـ تخرّجوا من بيوتنا ومدارسنا. مما يدل دلالة واضحة على تساهُل كثير منّا في التربية.
سادساً: تربية الأولاد على الحب في الله والبغض في الله لأن ذلك أوثق عرى الإيمان. 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ). ولأن المرء على حسب جليسه سواء كان صغيراً أو كبيرا, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم منْ يخالل ).
فلا بد أن تنظر إلى جلساء أبنائك من هم؟
هل هم أهل الصلاة والقرآن والبر والصلة والكلام الطيب؟ أم هم: أهل السهر بالليل وشرب الدخان والعقوق والقطيعة والأخلاق السيئة والنوم عن الصلاة؟ ،وحتى إذا كانوا من الحريصين على الخير لابد أن تعرف من يجالسون.، هل يجالسون أهل الاعتدال؟ هل هم من المرتبطين بالعلماء؟ هل هم سالمون من الغلو والتكفير؟ هل ألسنتهم سالمة من النيل من العلماء وولاة الأمر؟ 
ومن أبرز ما يمحو خصلة الحب في الله والبغض في الله من قلوبهم:
إحياء النعرات الجاهلية النَّتِنَة في قلوبهم, والفخر بالأحساب والطعن في الأنساب, وهذا مما ينشر العداوة والبغضاء بين النشء, وهو مصادم لقوله تعالى: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فالميزان هو الإيمان والتقوى, أيّاً كان حسب الشخص ونسبه ولونه ولغته وجنسه 
ا لأخ لخضر بن عامر

2016-12-10

مولد الرسول صلى الله عليه وسلم



الحمدُ للهِ ثم الحمدُ لله، الحمدُ لله الواحدِ الأحدِ الفردِ الصمدِ الذي لم يلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كفواً أحد. الحمدُ لك رَبَّنَا على ما أنعمتَ عَلينا، الحمدُ للهِ الذي هدانا لِهذا وما كنَّا لنهتديَ لَوْلا أنْ هدانا اللهُ والصلاةُ والسلامُ على سَيدِنَا وحبِيبِنَا وعَظيمِنَا وقائدِنا وقرةِ أعينِنَا محمد، أرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى اللهِ بإذنِهِ سراجاً وهاجاً وقمراً منيراً فَهَدَى اللهُ به الأمَّةَ وكشفَ بِهِ عنها الغُمَّة وبلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأمةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائِهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ الا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ تنزَّهَ عن الأينِ والزمانِ والمكانِ، تنزّهَ عن مُشابَهَةِ المخلوقينَ ومماثَلَةِ المصنوعينَ حيٌّ قيّومٌ لا ينامُ لا يفنى ولا يبيدُ ولا يكونُ إلا ما يريدُ فعّالٌ لما يريدُ.
والصَّلاةُ والسلامُ على سيدِنا وحبيبِنا وعظيمِنا وقرةِ أعينِنَا أحمدْ، من جَعَلَهُ رَبُّهُ خاتماً للأنبياءِ والمرسلينَ سَبَقَتْ ولادَتَه البشائِرُ، عُرِفَ بالنبوةِ بينَ الملأِ الأعلى سُكانِ السماءِ الملائكةِ قبل أن تكتمِلَ خلقةُ ءادمَ عليه السلامُ. الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا سيدي يا رسولَ اللهِ، الصلاةُ والسلامُ عليكَ.
يَا خيرَ مَنْ دُفِنَتْ في القاعِ أَعْظُمُهُ وطابَ مِنْ طيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ

نفسي الفداءُ لِقَبرٍ أنتَ سَاكِنُهُ فيهِ العفافُ وفيهِ الجودُ والكَرَمُ

أنتَ الشفيعُ الذي تُرجى شَفَاعَتُهُ عندَ الصِراطِ إذا ما زَلَّتِ القَدَمُ

وَصَاحِبَاكَ فَلا أنسَاهُما أبداً مِني السَّلامُ عَلَيكُمْ ما جَرى القَلَمُ
أما بعدُ أيُها الأحبةُ المسلمونَ، نحنُ اليومَ في اوائلِ شهرِ ربيعٍ الأولِ الذي ولِدَ فيهِ سيدُ العالمينَ محمدٌ، نحنُ اليومَ نستقبلُ مناسبةً عظيمةً وذكرىً طيبةً عطرةً، ذكرى ولادَةِ فخرِ الكائناتِ سيدِنا محمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ.
اللهُ عظّمَ قدرَ جَاهِ محمــدٍ وَأَنَالَهُ فَضلاً لديهِ عَظِيما
في مُحكَمِ التنزيلِ قَالَ لِخَلقِهِ صَلُّوا عليهِ وَسَلِمُوا تَسْلِيما
بَعدَ أن رُفِعَ عيسى بنُ مريمَ عليهِ السلامُ إلى السَّماءِ إلى محلِ كرامَةِ اللهِ بأقلَ من ستِمائةِ سنةٍ ولدَ مُحمدُ ابنُ عبدِ اللهِ الهاشميِ القرشيِ في مكَّةَ المكرمةِ وَسَبقَتْ ولادَتَهُ البشائرُ في الكتبِ السَّماويةِ وعلى لِسانِ الأنبياءِ كما روى غيرُ واحدٍ من المحدثينَ رواياتٍ تدعَمُ ثبوتَ هذه البَشائرِ.
ومِنها ما رواهُ الحاكِمُ النيسابوريُّ في المستدرَكِ من أنَّه لمّا اقترفَ آدمُ الخطيئةَ أي أكلَ من الشجرةِ وقد نهاهُ اللهُ عن أن يأكلَ منها قال: يا ربِ اسألُكَ بحقِ محمدٍ إلا غَفَرتَ لي، وهذا قبلَ أن يولدَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم فقالَ الله الذي لا تخفى عليه خافية ولا يغيب عن علمه شئ: وكيفَ عرفتَ محمداً ولم أخلقْهُ بعدُ، قالَ: رفعتُ رأسي إلى قوائِمِ العرشِ فوجدتُ مكتوباً لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ فعرفتُ أنكَ لم تُضِفْ إلى اسمِكَ إلا أحبَّ الخلقِ إليكَ.
الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا سيدي يا رسولَ اللهِ بشّرَ بك ءادمُ عليهِ السلامُ وَعَرِفَتِ الملائكةُ بِنُبُوتِكَ وبِعْثَتِكَ قَبلَ أن تَكْتَمِلَ خِلْقَةُ ءادمَ عليهِ السلامُ وهذا معنى كلامِ النبيِ صلى الله عليه وسلم كنتُ نبياً وءادمُ بينَ الروحِ والجسدِ، أي عُرِفتُ بِوصفِ النبوةِ بينَ الملأِ الأعلى سكانِ السماءِ الملائكةِ ولم تَكتَمِلْ خِلْقَةُ ءادمَ عليه السلامُ وكذلك بَشَّرَ به نبيُ اللهِ إبراهيمُ كما أخبرَنَا اللهُ تَعَالى في القرءانِ الكريمِ عن ابراهيمَ أنَّهُ قالَ: {ربَّنَا وابعَثْ فيهم رَسُولاً منهم يَتلُو عليهم ءاياتِكَ وَيُعلِمُهُمُ الكتابَ والحكمةَ ويزكِيهم إنك أنتَ العزيزُ الحكيمُ} وفي هذا روى الإمامُ أحمدُ عن أبي أمامةَ قُلتُ يا رسولَ اللهِ ما كانَ بدءُ أمرِكَ قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ أبي إبراهيم" أَلَيسَ قالَ اللهُ تعالى إخباراً عن عيسى بنِ مريمَ عليه السلامُ {ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمد} أَلَيسَ قالَ رسول الله: "ورأت أمّي انه يخرُجُ منها نُورٌ أضاءت لَهُ قُصورُ الشامِ".
هَذا النبيُ العظيمُ الذي سَبَقَتْ ولادتَهُ البشائرُ وُلِدَ يتيماً قد كانَ ماتَ أبوهُ قبلَ ذلك ولما كانَ ابنَ سِتِ سنين مَاتَتْ أُمُه بالأبواءِ بين مكةَ والمدينةِ المنّورةِ ولما صارَ عُمرُهُ ثَماني سنين مَاتَ جدُهُ عبدُ المطلبِ وشبَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونشأَ صلى الله عليه وسلم حتى بلغَ أن كانَ رجلاً أفضلَ قَومِهِ مُروءةً وأحْسَنَهُم خُلُقاً وأكرمَهُم مخالطَةً وأحسَنَهُمْ مُجاورةً وأعظَمَهُمْ حِلماً وأمانةً وأبعَدَهُمْ عن الفحشاءِ والأذى والرذائِلِ. لَمْ يُعرَفْ عليه رذيلةٌ واحدةٌ لا قبلَ النبوةِ ولا بعدَهَا، تَزوجَ وكانَ أولَ ما تزوجَ وكانَ ابنَ خمسٍ وعشرينَ تزوجَ امرأةً شريفةً في قومِهَا عَفيفةً، خديجةَ بِنتَ خويلِدْ، كانتْ تاجرةً وهُنَا يُردُّ على الذينَ يكيلُونَ التُّهَمَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأنَّهُ كانَ ولُوعَ القلبِ بالنساءِ، فإنَّ أصغرَ نسائِهِ سناً عائشةَ رضي الله عنها لما كانَ دورُ المبيتِ عِندَهَا في بيتها كَانَ النبيُ صلى الله عليه وسلم يستأذِنُهَا ويذهبُ ليلاً إلى البقيعِ مدفَنِ المسلمين يَدعُو اللهَ تعالى للمسلمينَ ويتركُ أصغرَ زوجاتِهِ وأجملهنَّ وما عدَّدَ النساءَ إلا لِحِكَمٍ منها أنَّه صلى الله عليه وسلم تزوجَ من قبائِلَ مُتعددةٍ وفي هذا تأليفٌ لما بينَ قبائلِ العربِ، ثمَّ إنَّ تعليمَ أحكامِ الإسلامِ المتعلقةِ بالنساءِ أسرعُ انتشاراً من النساءِ إلى النساءِ ولم يكن صلى الله عليه وسلم ولوعَ القلبِ بالنساءِ بل كان عليه الصلاة والسلام شديدَ الخشيةِ من اللهِ تعالى يبكي جوفَ الليلِ.
يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى: {الذِينَ يَتَّبِعُونَ الرسولَ النبيَ الامّيَ الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ في التَّوراةِ والإنجِيلِ يَأمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُ لَهُمُ الطيِبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ والأغْلالَ التي كانَتْ عَلَيْهِم، فَالذينَ ءامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ} ألا فاسْمَعُوا أيُّها المُؤمِنُونَ وَأَسْمِعُوا الوَهابيةَ عُمْيَ القُلُوبِ أَسْمِعُوهُمْ قَولَ اللهِ تَعَالى: {فَالذينَ ءامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ}. عَزَّرُوهُ أيْ عَظَّمُوهُ، اللهُ عَظَّمَ جَاهَ مُحمدٍ صَلى الله عليه وسلم، {واتَّبَعُوا النُورَ الذي أُنْزِلَ مَعَهُ أولئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}. 
فَأيُّ بَأْسٍ في تَعْظِيمِ النبيِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَمَ بالاحْتِفالِ بِمَوْلِدِهِ عليه الصلاةُ والسلامُ وقد كانَ هذا بينَ المسلمينَ قبلَ ثمانِمِائةِ سَنةٍ إلى يومِنَا هذا وافَقَ عَلَيهِ المسلمونَ عُلماؤُهُم وعامَّتُهُم المحدِثُونَ والفُقَهاءُ والصُّوفِيَّةُ والمفَسِرونَ وكان الملِكُ المظفَّرُ مَلِكُ إربل أولَ من أحدثَ عَمَلَ المَوْلِدِ وكانَ تَقِياً صالحاً وكانَ يُطْعِمُ الطَّعَامَ عَلى حُبِ النبيِ صلى الله عليه وسلم وأقرَّهُ على ذلك الحفَّاظُ والمحدثُونَ، فلماذا يُنكِرُ الوهابيةُ المجسمةُ نُفاةُ التَّوسلِ الاحتفالَ بِمَولِدِ خَيرِ الانبِياءِ أَفْضَلِ الخلقِ عندَ اللهِ تباركَ وتعالى وها هي صُحُفُ الوهابيةِ (عكاظ وجريدة الجامعة) تُثْبِتُ عليهم أنهم يحتفلونَ بيومِ الشجرةِ، حسبيَ اللهُ ونعمَ الوكيل، يحتفلونَ بيومِ الشجرةِ وَيُكفِرُونَ عَامةَ المسلمينَ الذينَ يُصلونَ على النبيِ جهرةً بعدَ الأذانِ ويكفرونَ المسلمينَ وَيُحرِمونَ عليهم عَمَلَ المولدِ ويقولُونَ: هذه بدعةٌ محرمةٌ وها هو بيتُ محمدَ بنِ عبدِ الوهابِ في نجدِ الرياضِ الذي كان قبل مائتين وخمسين سنةً، بيتُهُ إلى الآن قائمٌ يدعونَ الناسَ والزوارَ والسواحَ لِدُخُولِهِ وأما بيتُ النبيِ صلى الله عليه وسلم الذي ولدَ فيه بمكةَ المكرمةِ هَدَمُوهُ وجرفوهُ ولم يبقَ له أيُ أثرٍ هَؤلاءِ هم الوهابيةُ مَعْشَرَ المُسلِمينَ،
اللهُ عظّمَ قدرَ جاهِ محمدٍ وأنالَهُ فضلاً لديهِ عَظيماً
أمَّا هؤلاءِ ففي الزرقاءِ في الأردنِ في مدرسةِ الليثِ بنِ سعدٍ كانَ أحدُ أحبابِنَا طالباً في المدرسةِ ومعه أُستاذٌ وهابيٌ يدرّسُ اللغةَ العربيةَ وينكِرُ على المسلمينَ التبركَ بقبرِ النبيِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فقالَ له هذا الطالبُ المنزّهُ الموحدُ السنيُ قالَ للأستاذِ الوهابيِ: أبو أيوبٍ الانصاريُ صاحبُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جاء إلى قبرِ النبيِ عليه الصلاة والسلام ووضعَ خدَهُ على القبرِ الشريفِ تبركاً، قال له: هذا إشراكٌ، قالَ له: يا أستاذُ اقولُ لك أبُو أيوبٍ الانصاريُ صاحبُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وضعَ خَدَّهُ على قبرِ النبيِ تبركاً وتقولُ لي هذا إشراكٌ، فما كانَ من الوهابيِ مدرّسِ اللغةِ العربيةِ في الزرقاءِ في الاردنِ في مدرسةِ الليثِ بنِ سعدٍ إلا أن قالَ لهذا السنيِ: لو فعل محمد مثل هذا لكان مشركا، ألا فَلَعنَةُ اللهِ على ابنِ تيميةَ ومحمدَ بنِ عبدِ الوهابِ ومن ساعَدَ على نشرِ العقيدةِ الوهابيةِ وأخذَ بيدِ هؤلاءِ اليهودِ لنشرِ معتقدِهِم.
هؤلاءِ يبغضونَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يحتفلونَ بيومِ الخشبِ ولا يحتفلونَ بمولِدِ النبيِ عليه الصلاة والسلام، يمنعونَ حُجاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ مِنَ التمسُكِ بِشباكِ قبرِ النبيِ تبركاً ويضعونَ العلاماتِ للزوارِ إلى بيتِ محمدَ بنِ عبدِ الوهابِ. 
واللهُ تَعَالى أخذَ العهدَ والميثاقَ على جميعِ النبيينَ أن يؤمنوا بنبيِ ءاخرِ الزمانِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
قال اللهُ تعالى: {وإذْ أخذَ اللهُ ميثاقَ النبيين لمَا آتيتُكُم من كتابٍ وحكمةٍ ثم جاءَكُم رسولٌ مصدقٌ لما معكم لتُؤمِنُنَّ به ولَتَنصُرنَّه قال أأقررتم وأخذتم على ذالكمْ إصري قالوا أقررنا قالَ فاشهدوا وأَنَا معكم من الشاهدين} مَا من نبيٍ إلا واخذَ اللهُ عليهِ العهدَ والميثاقَ أنْ يؤمنَ بنبيِ آخرِ الزمانِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وما من نبيٍ إلا وبلّغَ قَومَهُ "من أدرَكَ منكم محمداً صلى الله عليه وسلم فَليُؤمِنْ بِهِ وليناصِرْهُ وليؤازِرْه".
اليمنُ كانَ حكامُهَا يُسمَّوْنَ التبابعةَ، وَتبَّعُ الأوسَطُ أسعدُ الحميريُ كان أحدَ حكامِ اليمنِ قبل ستِمائةِ عامٍ وشىءٍ من بِعثَةِ ومولِدِ النبيِ عليهِ الصلاة والسلام ما بينَ موسى وعيسى، صُفَّتْ له الجيادُ من بلادِ اليمنِ إلى بلادِ الشامِ، تَوجَّهَ اليها ليكسِرَهَا وليجعَلَهَا تحتَ سلطانِهِ فَمرَّ وهو بطريقِهِ من اليمنِ إلى بلادِ الشامِ، مَرَّ بالمدينةِ المنورةِ يثربَ فالتقى بِحَبرينِ من أحبارِ اليهودِ المسلمينَ الذينَ كانوا على دينِ موسى عليه السلام وقد قَرَأا في التوراةِ البشرى بِبعثةِ نبيِ آخِرِ الزمانِ محمدٍ عليه الصلاة والسلام فقالا لأسعدَ الحميريِ تبَّعَ الاوسطِ الذي ذكَرَهُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكريمِ في سورةِ الدخانِ بقوله :{أهُمْ خيرٌ أم قومُ تُبَّع}، أسعدُ الحميريُ هذا قالا له هذهِ المدينةُ أي يثربُ أي التي صارت فيما بعدُ المدينةَ المنورةَ مُهَاجَرُ نبيِ آخِرِ الزمانِ أحمد، أي سيهاجر اليها نبيُ آخرِ الزمانِ أحمدٌ صلى الله عليه وسلم كما قرأ كلاهُمَا في التوراةِ فأنشدَ يَقُولُ:
شَهدتُ على أحمدٍ أنَّه رسولٌ من اللهِ باري النَّسمْ

ولو مُدَّ عُمري إلى عُمْرِهِ لكُنْتُ وزيراً له وابنَ عَمْ

وَجَاهَدتُ بالسيفِ أعداءَهُ وفرّجتُ عن صَدرِهِ كُلَّ غَمْ
فَصارَ أهلُ المدينةِ المنورةِ منذ ذلك الحينِ يحفظونَ هذه الأبياتِ التي قالَهَا أسعدُ الحميريُ تبَّعُ الاوسطُ حتى صاروا يحفظونَهَا خلفاً عن سلفٍ وكان مِمَّنْ حَفِظَهَا أبو أيوبٍ الأنصاريُ الذي نزلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أوَّلَ ما نزلَ يومَ وصلَ المدينةَ مُهاجِراً، نَزلَ في بيتِ أبي أيوبٍ الأنصاريِ وكانَ يُسَمَّى خالدَ بن زيدٍ.
هكذا البشائرُ على لسانِ الأنبياءِ وفي الكتبِ السماويةِ المطهَّرةِ ببعثةِ خيرِ الأنبياءِ وأفضلِ العالمينَ محمدٍ وأحمدٍ والماحي والعاقبِ والحاشِرِ، لَهُ صلى الله عليه وسلم خمسةُ أسماءٍ: محمدٌ واحمدٌ والماحي أي الذي يمحو اللهُ به الذنوبَ والخطايا والعاقِبُ أي الذي لا نبيَ بَعدَهُ والحاشِرُ أي الذي يُحشرُ الناسُ عندَ قدمِهِ يومَ القيامةِ.
هذه بعضٌ من أخبارِ البشائرِ ببعثةِ ومولدِ خيرِ الانبياءِ محمدٍ عليه الصلاة والسلام وفي الصحيحِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مرَّ بنبراسِ اليهودِ فقالَ لهم: "يا مَعْشَرَ اليهودِ، أسلِمُوا فوالذي نفسي بيدِهِ إنكم لَتَجدونَ صِفتي في كُتُبِكُم" ولكنهم حرّفوا التوراة.

أقوال العلماء في وقت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وذِكر الراجح منها


اختلف أهل السيَر والتاريخ في تحديد يوم وشهر ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر له سببه المعقول حيث لم يُعلم ما سيكون لهذا المولود من شأن ، فكان حاله كحال غيره من المواليد ، ولذا لم يكن لأحد أن يجزم على وجه اليقين بوقت ميلاده صلى الله عليه وسلم .

قال الدكتور محمد الطيب النجار – رحمه الله - :
ولعل السر في هذا الخلاف أنه حينما ولد لم يكن أحد يتوقع له مثل هذا الخطر ، ومن أجل ذلك لم تتسلط عليه الأضواء منذ فجر حياته ، فلما أذِن الله أن يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته بعد أربعين سنة من ميلاده : أخذ الناس يسترجعون الذكريات التي علقت بأذهانهم حول هذا النبي ، ويتساءلون عن كل شاردة وواردة من تاريخه ، وساعدهم على ذلك ما كان يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه عن الأحداث التي مرت به أو مر هو بها منذ نشأته الأولى ، وكذلك ما كان يرويه أصحابه والمتصلون به عن هذه الأحداث . 
وبدأ المسلمون – حينئذٍ - يستوعبون كل ما يسمعون من تاريخ نبيهم صلى الله عليه وسلم لينقلوه إلى الناس على توالي العصور .
" القول المبين في سيرة سيد المرسلين " ( ص 78 ) .
ثانياً:
من مواضع الاتفاق في ميلاده صلى الله عليه وسلم تحديد العام ، وتحديد اليوم :
1. أما العام : فقد كان عام الفيل ، قال ابن القيم – رحمه الله - :
لا خلاف أنه ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجوف مكّة ، وأن مولده كان عامَ الفيل .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 1 / 76 ) . 
وقال محمد بن يوسف الصالحي – رحمه الله - :
قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى : عام الفيل . 
قال ابن كثير : وهو المشهور عند الجمهور . 
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري : وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء . 
وبالغ خليفة بن خياط وابن الجزار وابن دحية وابن الجوزي وابن القيم فنقلوا فيه الإجماع . 
" سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " ( 1 / 334 ، 335 ) 
وقال الدكتور أكرم ضياء العمري – وفقه الله - :
والحق : أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد ، وهي تفيد أن مولده بعد الفيل بعشر سنوات ، أو ثلاث وعشرين سنة ، أو أربعين سنة ، وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل ، وأيدتهم الدراسة الحديثة التي قام بها باحثون مسلمون ومستشرقون اعتبروا عام الفيل موافقاً للعام 570م ، أو 571م .
" السيرة النبوية الصحيحة " ( 1 / 97 ) .
2. وأما اليوم : فهو يوم الاثنين ، ففيه وُلد صلى الله عليه وسلم ، وفيه بُعث ، وفيه توفي .
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال : ( سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟ قَالَ : ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ - ) .
رواه مسلم ( 1162 ) .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وأبعدَ بل أخطأ من قال : ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من ربيع الأول . 
نقله الحافظ " ابن دحية " فيما قرأه في كتاب " إعلام الروى بأعلام الهدى " لبعض الشيعة . 
ثم شرع ابن دحية في تضعيفه وهو جدير بالتضعيف إذ هو خلاف النص . 
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .
ثالثاً:
أما موضع الخلاف فقد كان في تحديد الشهر واليوم منه ، وقد وقفنا على أقوال كثيرة في ذلك ، ومنها :
1. أن ميلاده صلى الله عليه وسلم كان لليلتين خلتا من ربيع الأول .قال ابن كثير – رحمه الله - :
فقيل : لليلتين خلتا منه ، قاله ابن عبد البر في " الاستيعاب " ، ورواه الواقدي عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدنى .
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) . 
2. وقيل : في ثامن ربيع الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقيل لثمان خلون منه ، حكاه الحميدى عن ابن حزم ، ورواه مالك وعقيل ويونس بن يزيد وغيرهم عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم ، ونقل ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه ، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي ، ورجحه الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه " التنوير في مولد البشر النذير " .
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) . 
3. وقيل : في عاشر ربيع الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقيل : لعشر خلون منه ، نقله ابن دحية في كتابه ، ورواه ابن عساكر عن أبي جعفر الباقر ، ورواه مجالد عن الشعبى . 
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) . 
4. وقيل : في ثاني عشر ربيع الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقيل : لثنتى عشرة خلت منه ، نصَّ عليه ابن إسحاق ، ورواه ابن أبى شيبة في " مصنفه " عن عفان عن سعيد بن ميناء عن جابر وابن عباس أنهما قالا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، وفيه بعث ، وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر ، وفيه مات .
وهذا هو المشهور عند الجمهور ، والله أعلم .
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) . 
وقيل : ولد في رمضان ، وقيل في صفر ، وقيل غير ذلك .
والذي يظهر لنا أن أقوى ما قيل في مولده صلى الله عليه وسلم يدور بين الثامن والثاني عشر من ربيع أول ، وقد حقق بعض العلماء المسلمين من أهل الحساب والفلك أن يوم الاثنين يوافق التاسع من ربيع الأول ! فيمكن أن يكون هذا قولاً آخر ، وفيه قوة ، وهو يعادل العشرين من نيسان لعام 571 م ، وهو ما رجحه بعض العلماء من كتَّاب السيرة المعاصرين ومنهم الأستاذ محمد الخضري ، وصفي الرحمن المباركفوري .
قال أبو القاسم السهيلي – رحمه الله - :
وأهل الحساب يقولون : وافق مولده من الشهور الشمسية " نيسان " ، فكانت لعشرين مضت منه .
" الروض الأُنُف " ( 1 / 282 ) . 
وقال الأستاذ محمد الخضري – رحمه الله - :
وقد حقق المرحوم محمود باشا الفلكي - عالم فلكي مصري ، له باع في الفلك والجغرافيا والرياضيات وكتب وأبحاث ، توفي عام 1885م - : أن ذلك كان صبيحة يوم الاثنين تاسع ربيع الأول الموافق لليوم العشرين من أبريل / نيسان ، سنة 571 من الميلاد ، وهو يوافق السنة الأولى من حادثة الفيل ، وكانت ولادته في دار أبي طالب بشعب بني هاشم .
" نور اليقين في سيرة سيد المرسلين " ( ص 9 )، وينظر: " الرحيق المختوم " ( ص 41 ) .
رابعاً:
أما يوم وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : فلا خلاف في أنها كانت يوم الاثنين ، وما نقل عن ابن قتيبة أنه يوم الأربعاء : فليس بصواب ، ولعل مراده أنه صلى الله عليه وسلم دفن يوم الأربعاء ، فهذا صحيح .
وأما سنة الوفاة : فلا خلاف في أنها كانت في العام الحادي عشر من الهجرة .
وأما شهر الوفاة : فليس ثمة خلاف أنها كانت في شهر ربيع أول .
وأما تحديد يوم الوفاة من ذلك الشهر : ففيه خلاف بين العلماء :
1. فالجمهور على أنها كانت في الثاني عشر من شهر ربيع أول .
2. وذهب الخوازمي إلى أنها كانت في الأول من ربيع أول .
3. وقال ابن الكلبي وأبو مخنف إنها كانت في الثاني من ربيع أول ، ومال إليه السهيلي ، ورجحه الحافظ ابن حجر رحمه الله . 
والمشهور هو ما ذهب إليه الجمهور من أن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الثاني عشر من ربيع أول في العام الحادي عشر للهجرة . 
وينظر : " الروض الأنف " ، للسهيلي ( 4 / 439 ، 440 ) ، " السيرة النبوية " لابن كثير( 4 / 509 ) ، " فتح الباري " لابن حجر ( 8 / 130 ) .
والله أعلم

2016-12-08

[ أَرْ سِلْهُ مَعَنِا غَدَاً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ]


اللعب .. حاجة من حاجيات الطفولة ..
ومن الوسائل المساعدة على تنمية مدارك الطفل . ما لو استثمرت هذه الحاجة بطريقة إيجابية صحيحة من خلال : 
- الألعاب التي تنمّي الذّهن بـ [ النّظر والتفكّر والتفكير ] 
- وتكون الحركة البدنية فيها حاضرة .
- ويكون فيها روح المشاركة مع المجموعة .
فلاحظ قوله [ يرتع ويلعب ] 
الرّتع : فيه معنى الهدوء النّفسي من خلال ما يمارسه من ألعاب وما يراه في مكان اللعب ، من النظر إلى الشجر والجبال والبحر ونحو ذلك مما يثير عملية [ التفكّر ] عند الطفل ، ويحفّ. عنده عملية [ السؤال ] وتنمية الذّاكرة .
واللعب : فيه معنى الحركة البدنية .
وقد صرنا إلى زمن دخلت علينا فيه الألعاب الالكترونية كل بيت ، حتى لا تكاد تجد طفلاً إلاّ وهو متشبّث بجهاز صغير ، ينعزل به عن أقرانه ليلعب !
وقد حذّر الخبراء والمختصّون في تربية الطفل من خطورة هذه الألعاب الالكترونية :
- فقد وجد العلماء أن الألعاب السريعة (games action) تسهم فعلياً في تدمير بعض خلايا العقل خلال ثلاثة أشهر من الاستعمال, حيث إن لها تأثيراً على ثلاث قدرات أساسية للاستيعاب لدى الطفل، وهي : قدرة الانتباه , والتركيز , وقدرة التذكر , عندما يلعب الطفل بمعدل عشرين دقيقة يومياً.
- كشفت دراسة طبية حديثة ان الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة الموجودة في الألعاب الإلكترونية يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، وان الاستخدام المتزايد لهذه الألعاب الاهتزازية يزيد احتمال إصابة الأطفال بمرض ارتعاش الأذرع والأكف .
أضافة لما تتسبب فيه هذه الألعاب من : 
- البُعد العاطفي بين الطفل وأسرته والمجتمع حوله .
- العزلة الشعوريّة والانطوائية .
- قد نجرّه هذه الألعاب الالكترونية إلى مناظر خادشة للحياء ، من صور وأفلام ومقاطع إباحيّة .
الأبناء أمانة .. فلا تضيّعوا أمانة الله عندكم .

أردتك أسداً لا ثعلباً !


قيل أنه كان لأحد التجار ولد وحيد ، فلما بلغ أشدّه أعدّ له أحمالاً من البضائع النفيسة ، و أرسله يتاجر بها ، فبينما هو سائر بأحماله ، و قد توسط البرية ، رأى ثعلباً قد شاخ و كبر حتى عجز عن المشي ولم يعد يستطيع أن يخرج من جحره إلا زاحفاً , فقال في نفسه : ما يصنع هذا الثعلب في حياته ؟ وكيف يقدر أن يعيش في هذه الصحراء المقفرة , وهو لا يقدر أن يصيد ؟ !
وبينما هو كذلك إذ بأسد قد أقبل وفي فمه كبش , فوضعه على مقربة من الثعلب وأكل حاجته, ثم تركه ؛ وانصرف , فأقبل الثعلب يجر نفسه إلى أن أكل ما تبقى عن الأسد .
وكان ابن التاجر ينظر إليه. فقال : سبحان الله , يرسل الرزق للثعلب وهو في مكانه لا يستطيع المشي وأنا أتعب و أسافر لأرتزق !!
وعاد وأخبر والده بالأمر ، فقال الأب :إني أرسلتك تتجر وتتعب كي تكون أسداً تطعم الناس ,لا أن تكون ثعلباً تنتظر أن يطعمك سواك .
رغم طرافة هذه الحكاية و ربما عدم وقوعها لكن أحببت أن أجعلها مدخلا لمفاهيم ومعان بودي أن نقف عندها نتأملها جيدا لتكون واضحة في أذهاننا فنستفيد منها و نؤصلها في أنفسنا و في الآخرين. 
الأولى : لا تكن عالة على غيرك واسْعَ في الأرض .
لأن ابن التاجر اعتاد أن يعيش عالة على والده، يصرف عليه و يعطيه فكان أول ما تبادر إلى ذهنه أن يصنع كما يصنع الثعلب لا الأسد فرجع لوالده يحمل مفهوم التواكل لا التوكل ، و فرق بينها : ففي الأول اعتماد على الله سبحانه وتعالى لكن بدون بذل سبب إنما مجرد تمني ، و الثانية : اعتماد عليه سبحانه مع بذل الأسباب.
و هذا المفهوم يجدر بنا أن نؤصله في أنفسنا واقعيا بعيدا عن النظريات و أن نسترشد فيه بهدي المصطفى صلى الله عليه و سلم " احرص على ما ينفعك ، و استعن بالله و لا تعجز " و أن نحذر من القعود سواء كان عن عمل الآخرة أو عن عمل الدنيا و لقد عاب الله على الذين تخلفوا عن الغزو مع الرسول صلى الله عليه و سلم " إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين " التوبة : 83 ".
الثانية : علينا أن نهجر عالم الأماني و الأحلام وأن نخوض غمار الحياة .
لأن المطالب العالية لا تأتي بالأمنيات بل بالتضحيات و رحم الله شوقي إذ يقول :
و ما نيل المطالب بالتمني : : و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
فمن كان يتوقع أن يحصل على ما يريد بمجرد أنه يعرف ما يريد أو أن يتمناه فقد أخطأ، لا بد من السعي و الطلب ، يذكر - أنتوني روبنز في كتابه قدرات بلا حدود - أنه درس الأسباب التي بذلها الكثير من القادة و المؤثرين في حياة شعوبهم أياً كانت مبادئهم سواء مبادئ إصلاحية أو تدميرية فوجد أنها :
- وضوح الهدف
- و السعي الدؤوب لتحقيقه .
لم يُعرف أن مزرعة أثمرت بمجرد أمنيات المزارع ، و هذا المبدأ ليس بجديد علينا أمة الإسلام لننتظر أنتوني ليخبرنا به بل هو أصيل في شريعتنا الغراء ، كثيرا ما أمرنا الشارع به و من ذلك قوله سبحانه و تعالى "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ 7. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ8 } [ الزلزلة ] .
كذلك قوله جل في علاه " وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَاكُنتُمْ تَعْمَلُونَ 105 ) [ التوبة ] .
و قول المصطفى – صلى الله عليه و سلم " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " . و هنا يجب التذكير بأنه لا بد مع العمل من الاستمرار لأن الأمور بعواقبها و خواتيمها.
الثالثة : الإنسان قيمته بقدر عطائه و بقدر ما يعمل .
إن قيمة بما يقدمه لنفسه و للآخرين و اليد العليا خير من اليد السفلى. اعرف أخوة كان أبوهم نجما بارزا من نجوم السياسة في الكويت و كانوا زمن حياته يجاورونه تحت الأضواء لكن بمجرد وفاته فقدوا الأضواء و لأنهم لم يسيروا على نهج والدهم فقد أضاعوا المجد الذي بناه لهم ولأنهم لم يقدموا لأنفسهم وللناس كما قدم أبيهم فإن الناس ابتعدوا عنهم و هذه عادة الدنيا فأخذوا يصرخون نحن أبناء فلان أين من كان يأتينا من قبل و لا مجيب .إن قيمة الإنسان يجب أن تنطلق منه و أن يكون هو من يرسم مجد نفسه لا أن ينتظر أن يرسمه له الآخرون و لو كان أقرب قريب. فكن يا أخي عصاميا لا عظاميا تبني مجدك بيديك ولا تجتر من الأموات أمجاد أبائك.
و لم أجد الإنسان إلا ابن سعيه : : فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
و بالهمة العلياء ترقى إلى العلى : : فمن كان أعلى همة كان أظهرا
ابحث عن العمل الذي يناسبك و لا تتهرب من المسئوليات فيكون حالك كحال النعامة التي قيل لها : احملي و انقلي ، فقالت : أنا طائر . فقيل لها : طيري و امرحي ، فقالت : أنا بعير. 
الرابعة: العزيمة...الهمة العالية...الإرادة
كلمات يجب أن يكون لها مساحة كبيرة في قاموس حياتنا، قال طاغور : سأل الممكن المستحيل : أين تقيم فقال في أحلام العاجز. مع العزيمة تتصاغر العظائم و تتحقق المعجزات و تضيق دائرة الغير ممكن، بالعزيمة شيدت الحضارات و قامت الدول و بالعزيمة انتشرت الديانات و الملل و بالعزيمة افترق الناس إلى رفيع و وضيع و بالعزيمة سيطر الإنسان المخلوق الضعيف على الدنيا و اقام بها حضارته، و لأبي قاسم الشابي
إذا ما طمحت إلى غاية : : لبست المنى و نسيت الحذر
و من لا يحب صعود الجبال : : يعش أبد الدهر بين الحفر
من فقد العزيمة فقد إكسير الحياة ،من فقد الإرادة فقد الوقود الذي يسير حياته ، من فقد الهمة العالية فقد حياته.
يجب على الواحد منا أن يشحذ همته و يجددها دائما، قال العقاد :" ما الإرادة إلا كالسيف يصدئه الإهمال و يشحذه الضرب و النزال" ،" فإذا عزمت فتوكل على الله " آل عمران :159

معالم نبوية في تربية الصّغار


احترام وتقدير ذات الطفل .
هذه من أهم الأمور التي يحتاج إليها الطفل دائماً، ويغفل عنها الآباء غالباً. فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يُشعر الناشئة بمكانتهم وتقدير ذاتهم، فيروي سيدنا أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه– أن سعد بن مالك – رضي الله عنه – ممن استُصغِر يوم أحد، يقول -رضي الله عنه- إن الرسول – صلى الله عليه وسلم- نظر إليه، وقال: سعد بن مالك؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي. قال: فدنوت منه فقبّلت ركبته، فقال : "آجرك الله في أبيك"، وكان قد قتل يومئذٍ شهيداً. فقد عامله الرسول – صلى الله عليه وسلم- وعزّاه تعزية الكبار، وواساه في مصيبته بعد ميدان المعركة مباشرة.
فما أحوجنا جميعاً إلى احترام عقول الأطفال، وعدم تسفيهها، وتقدير ذاتهم واحترام مشاعرهم، وهذا يجعل الطفل ينمو نمواً عقلياً واجتماعياً سليماً إن شاء الله.
تعويد الطفل على تحمل المسؤولية .
هذه ضرورة لا بد من تعويد الأطفال عليها، ونحن في أوقات فرضت الاتكالية والاعتمادية نفسها على الكبار والصغار سواء بسواء، فالمربي الواعي يساعد الناشئ على تنمية مفهوم إيجابي عن نفسه، يعينه مستقبلاً على تحمل المسؤولية. فقد اهتم الرسول – صلى الله عليه وسلم- في بناء شخصية الناشئين من حوله، روى مسلم عن سعد الساعدي – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره شيوخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء"؟ فقال الغلام: لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً". وهكذا يعتاد الطفل على الجرأة الأدبية، فينشأ وفيه قوة رأي ورجاحة عقل، بعيداً عن روح الانهزامية والسلبية، وهذا يتنافى مع الحياء الذي فرضه الإسلام.
حاجة الطفل إلى الإحساس بالعدل في التربية .
من أهم عوامل الاستقرار النفسي هو الاحاس بالعدل ، فلا يلهب الآباء الغيرة بين الأبناء، ولا يثيرون التنافس فيما بينهم بتفضيل بعضهم على بعض، وقد تكون من وجهة نظر الآباء يسيرة وبسيطة كالقبلة أو الابتسامة أو الاهتمام الزائد بتلبية حاجة واحد على الآخر، وتلبية رغباته في المأكل أو المشرب أو الملبس.
فعن النعمان بن بشير أن أمه -بنت رواحة- سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة ثم بدا له فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي وأنا يومئذ غلام. فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أم هذا (بنت رواحة) أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "يا بشير ألك ولد سوى هذا"؟ قال: نعم. فقال :" أكلهم وهبت له مثل هذا"؟ قال: لا . قال : " فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور" وفي رواية قال: " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء"؟ قال : بلى. قال النبي – صلى الله عليه وسلم : "فلا إذاً" رواه مسلم.
حاجة الطفل للحنان والمرح .
هذه حاجة ضرورية للطفل وهي الحنانو المرح و هي طبيعته ما دام ذلك في الحدود الشرعية، فلا يجب أن تسرف فيها؛ حتى لا يتعود الطفل على التدليل، ولا تقتر فيها؛ فيحرم الطفل من أهم حاجياته الطبيعية، فيكون معقداً أو يتولّد عنده الانطواء والخجل.
ومما رواه البخاري عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي – صلى الله عليه وسلم-، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إذا دخل يتقمَّعن منه، فيسرِّبهًن إليّ، فيلعبن معي.
وهكذا لا تحرم الناشئة من الحنان الطبيعي، والمرح الذي يجدد النشاط، على أن يكون ذلك متوازياً، يحفظ لهم شخصياتهم وتماسكهم الوجداني.
أنت أفضل معلم لطفلك .
ليكن واقعك للتقدم هو مرضاة الله، وليس لأن يكون ابنك أفضل من فلان، وعوده دائماً على التشجيع، ولا تتوقع منه الكمال، واعلم أن كثرة الكلام –أحياناً- لا تؤتي أكلها، في حين تجد أن الموعظة الحسنة والقدوة الطيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وهذا ما أدركه الصحابة من فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- فيروي أحد الصحابة أن وائل بن مسعود – رضي الله عنه – يذكرنا كل خميس مرة . فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أن ذكرتنا كل يوم. فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أمِلَّكم، وإني أتخوَّلكم بالموعظة كما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يتعهدنا بها مخافة السآمة علينا" متفق عليه.