السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2012-11-29

خطــــــــأ .....



كـــــان لقاؤنا خطــــــأ ...
وكــــان ما بيننا كثير الخطــــأ ...
 ففرّق بيننا خطــــأ .......

حكمة ... الأسبوع





أحْياناً بَعضُ القُلوبْ ....
 تَرفُض البَديلْ
 حَتى  لو عآشتْ خآليه لِلأبدْ

2012-11-15

على عتبة عام جديد

على عتبة عام جديد
 خالد بن محمد الوهيبي

بسم الله الرحمن الرحيم

تمضي الأعوام عامًا بعد عام..
ونحن نعدّ الأيام في تقلب الليل والنهار..
فحمدًا لربي على طول عمر وحسن عمل وتقلب في نعمة وأمن وأمان..
﴾ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴿
﴾وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴿
ففي تقلب الليل والنهاروتعاقبهما عبرة وعظة...
ففي مضي الايام وطي الاعوام تأمل وتفكر..
مع كل اشراقة شمس نقلب ورقة التقويم او ننزعها..

ايذانا بانصرام يوم واستقبال يوم جديد.. وهكذا واحدة بعد أخرى ..
حتى يأتي يوم لانجد ورقة نقلبها او ننزعها..
عندها نعلم اننا على عتبة عام جديد..
فهناك قف مكانك والتفت وراءك..
وانظر الى تلك الايام التي تصرمت من عامك وفاتت من حياتك..
وقلّب تلك الصفحات التي طويت من عمرك..
وانظر الى الزوايا المظلمة في طريقك.. والى مصابيح الدجى واعمال الخير التي اضاءت لك الطريق في عاااام مضى!!
كم من هم مر بك؟ وكم من مصيبتة ابتليت بها؟
حتى ظننت انك هلكت ففرجها الله وكشفها,,
وكم من ذنب اقترفته وخطيئة اكتسبتها؟
حتى ظننت ان الله لايغفرها فاستغفرته فغفر لك ولا يبالي,,

وكم من اعمال الخيرومكاسب الحسنات التي لولا توفيق الله لما عملتها فله المنّ والفضل؟؟
إنك ان تنظر في ايام مضت وساعات خلت..
تتقلب فيها بين نعمة وفتنة.. وبين منحة ومحنة.. وبين طاعة ومعصية..
وتنظر الى توفيق الله لك.. وستره عليك.. وفضله ومنته..
والهامك الصبر والشكر.. والمد في عمرك.. وامهالك للتوبة والاستغفار..
لتحس بشعور ينبعث من خلجات قلبك وحنايا صدرك كله خضوع وذلة لله!!
تترجمه النفس بالحاجة والافتقار,,
وتترجمه العيون بالدموع والانكسار,,
ويترجمه اللسان بالحمد والثناء للعزيز الغفار!!

فاليوم وقد مضى من عمرك سنين عددا.. وازددت من الآخرة قربا..
هل تفكرت في عام مضى على اي شيء امضيته؟!
هل تفكرت في اعمال نسخت في كتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة الا احصاها ؟؟!!
كيف نُسخت؟!
هل تفكرت في كلمة قلتها فرصدت من رقيب عتيد !! كيف قلتها؟؟
إن لم تتفكر فيها اليوم فستتفكر بها غدا يوم تنشر الدواوين وتنصب الموازين..
ويقال : (اقرأ كتابك..كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)
فترى اعمالا احصاها الله ونسيتها!!
فليت شعري ماذا تريد ان تقرأ فيه؟
هل تريد ان تقرأ فيه اعمالا صالحة من صلاة وزكاة وصوم وذكر وقراءة قرءان وعلم ينتفع به وأمر بمعروف ونهي عن منكر وخير وبر واحسان ؟؟
ام تريد ان تقرأ فيه تمرد وعصيان وتثاقل عن الطاعات وتضييع للصلوات وانتهاك للمحرمات واقتراف للمنكرات واتباع للشهوات؟

اختر لنفسك اليوم ماتريد حفظه على صفحات كتابك ,,,
فهما اثنان لاثالث لهما :
رجل آخذ كتابه بيمينه يقول هاؤم اقرؤا كتابيه ..
ورجل آخذ كتابه بشماله او من وراء ظهره ويقول ياليتني لم أوت كتابيه..


فهاهو العام الجديد قد أقبل عليك بثوبه الجديد
والايام قادمة فيه كالسراب..
ما إن تصلها حتى تمضي وراءك محملة بما فيها من الخير والشر..
فماذا انت مودع فيها من العمل؟؟
﴾ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿
فهل سيمضي كالعام الذي قبله؟؟
ام انه سيكون عاما جديدا وحياة جديدة وثوبا جديدا..؟؟!!

أمد الله أعماركم أعواما عديدة وأزمنة مديدة
على طاعة وحسن عمل..

محبكم / خالد بن محمد الوهيبي


الهجرة دروس وعبر

الهجرة دروس وعبر
سامي بن خالد الحمود

2012-11-09

الأمّ _ وراء _ النّافذة



أليس غريبا أن تزورني سعاد في وقت أحتاج فيه لأحد ينفضّ عني غبار القلق .... وبعضا من الحزن المنثور ....هذه المرّة جاءتني مبتسمة ، وكأنّها تقول لي .... " استرجعي طفولتك وافعلي مثلي ولا تفكّري في أيّ شيئ " وقفت قربي تحمل كرّاسة مهملة .... عليها تمرين بسيط طلبت منّي أن أساعدها في حلّه ..... الغريب أنّ التمرين فيه جمل كثيرة استوقفتني كثيرا ... كلّ جملة تتحدّث عن فرد من العائلة .... والغريب أنّ  دور الأب كان غائبا تماما .... وكأنّ هذه الجمل كلّها تلخّص حياة سعاد بحكم أن والدها غير موجود أصلا،  ولا تعرف عنه أيّ شيئ .... الجملة الأولى من التمرين تقول  وراء _ الأم _ النافذة .... كان من السّهل جدا عليها أن ترتّب الجملة فقلت لها : ما الترتيب الصحيح للجملة فقالت " الام وراء النافذة . كرّرت الجملة مرارا وحفظتها ، وانتقلنا الى جمل أخرى مماثلة كرضا أمام باب المدرسة ... الجدة قدّام المنزل  ... والجدّ لا يذهب الى المدرسة ..... فرحت جدا لانها ردّدت الجمل امامي بشكل صحيح أعطيتها قطعة حلوى وقبّلتها وقلت لها لا تنسي  شيئا من الدرس الذي حللناه معا .... قاطعتنا والدتها بحكم وقت المدرسة ..... وحين خرجت سعاد سألتها عن وضعها وحالتها الصحيّة .... فنظرت اليّ نظرة الأمّ المهزومة التي لا تكتب المدارس عنها ..... ولا عن دور بعض الآباء عديمي المسؤولية .... فكلّ ما تخطّه الكتب والصور المدرسية .... لا يعبّر دائما عن أغلب حالات الحرمان التي يعيشها معظم الاطفال .... فكيف ستكون ردّة فعل الطفل الذي لا أب له ، أو الذي لا أمّ له ، أو الذي لا يعرف أصلا معنى عائلة بأن يحفظأو يرتّب  جملة تقول " ذهب الأب والام في نزهة الى الحديقة مع الأولاد "..... كيف ستكون ردّة فعل سعاد التي لا تعرف شيئا عن هذه المشاعر ..... حتّى عقلها وذاكرتها الضعيفة تقف ضدّها وتتعبها جدا لادراك الحقائق وحفظها ...... أخبرتني والدتها أن مدير المدرسة أعادها في الصفّ الأول بحكم مرضها وعدم استيعابها للبرنامج الدراسي .... لكن ما أخبرتني به أثار دهشتي الكبيرة .... وزادني ألما .... تتابع الأم بحسرة عميقة  تبدأها بآهات وتنهيدات متوالية عن الوضع الذي تعيشه ابنتها داخل المدرسة .... سعاد الطفلة التي يقف كلّ شيئ ضدّها  ...  تعامل معاملة خاصة جدا بحيث  تجلس وحدها في آخر الصفّ .... ولا تتوفّر لها جميع الكتب ... هذا التهميش وهذه المعاملة السيّئة التي تحظى بها كم ستعيدها الى الوراء ، كم ستفتح في قلبها الصغير أسئلة لا أجوبة لها .... توقّفت كثيراعند هذه النقطة واسترجعت بعضا من طفولتي ... لا أدري كيف استحضر عقلي جوانبا من حياتي في المدرسة ... وكأنّي صرت سعاد .... كم سعاد مضت .... وكم سعاد كبرت ، و تخطّت بعضا من مشاكلها الصّغيرة ... وكم من سعاد ظلّت سعاد .....  تصرّفات مدير، ومعلّمة  تجاه هذه الطفلة بهذه الطريقة القاسية الخالية من المشاعر النبيلة والانسانية .... كم ستزيد من حالة سعاد سوء ، وكم ستعمّق من جرحها  .... حتى أقرانها يعاملونها معاملة سيّئة جدا ..... ناهيك عن الألفاظ القاسية التي تسمعها كلّ يوم من زملائها في القسم .... فالصّغار دائما يتبعون ويحفظون جيدا الدروس التي يقدّمها الكبار في مدرسة الحياة ......  طبيبتها المشرفة على علاجها تقول بأنّ سعاد بحاجة ماسّة للاندماج الاجتماعي وتوفير جوّ طبيعي لتتحسّن ... فأين للأمّ بهذا العلاج ولا احد يساعدها .......
أحيانا يفقد البشر جوانبهم الانسانية ، فتصبح جميع أفكارهم آلية مبنية على المادة فقط .... فيسقط عرش الحسّ بداخلهم ، وتنمو طفيليات الجشع والطمع في عقولهم .... إذ من غير المعقول أبدا أن تساهم بشكل كبير في تعميق هوّة النسيان في عقل الطفلة فتتضاعف مشاكلها النفسية والمرضية ، وتحرم من حقوقها الطبيعية فقط لانّ عقلها المصاب بالنسيان يشكّل عائقا ومشكلة كبيرة ... لابدّ من عزلها وحصرها حتّى لا تعرقل حركة التعليم .... ودورة الحياة التي يعيشها كلّ الأطفال 
قلّبت مواجعي هذه الطفلة كثيرا ...  على غير عادة المرّات السابقة ... أحسست هذه المرّة ببرودة يديها أكثر  وبقصرقامة أحلامها  التي لم تعد احلاما بقدر ما أصبحت حقوقا مهدورة ..... أغلقت مباشرة النافذة التي نجلس دائما تحتها لانها أشعرتني ببرد شديد تسرّب الى عقلي  وكأنّه يقتلع مدن الامل بداخلي .... بذهاب سعاد صرت أكثر حزنا  .... أبحث هنا وهناك عن شيئ يدثّرني  .......... ويسكّن ألم التفكير ...لأنّها عمّقت جرحي اكثر هذه المرّة ..... خصوصا أنّ النور  تأخّر في كسر صمت النّوافذ  التي تسكنني ... لكنّي لم  اجد شيئا غير صوت الزّجاج .....
                              بقلم خديجة ادريس

نصائح للشيخ عائض القرني



نصائح  للشيخ عائض القرني

_1
ما مضى فات , وما ذهب مات , فلا تفكر فيما مضى , فقد ذهب وانقضى ..

_2
اترك المستقبل حتى يأتي , ولا تهتم بالغد لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك .

_3
عليك بالمشي والرياضة , واجتنب الكسل والخمول , واهجر الفراغ والبطالة .

_4
جدد حياتك , ونوع أساليب معيشتك , وغير من الروتين الذي تعيشه ..

_5
اهجر المنبهات والإكثار من الشاي والقهوة ,..

_6
كرر( لاحول ولا قوةإلا بالله ) فإنها تشرح البال , وتصلح الحال,وتحمل بها الأثقال , وترضي ذا الجلال .

_7
أكثر من الإستغفار , فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع والتيسيروحط الخطايا

_8
البلاء يقرب بينك وبين الله ويعلمك الدعاء ويذهب عنك الكبر والعجب والفخر ..

_9
لا تجالس البغضاء والثقلاء والحسدة فإنهم حمى الروح , وهم حملة الأحزان ..

_10
إياك والذنوب , فإنها مصدر الهموم والأحزان وهي سبب النكبات وباب المصائب والأزمات ..

_11
لا تكثر من القول القبيح والكلام السيء الذي يقال فيك فإنه يؤذي قائله ولا يؤذيك ..

_12
سب أعدائك لك وشتم حسادك يساوي قيمتك لأنك أصبحت 
شيئا مذكورا وشخصا مهما .

_13
اعلم أن من إغتابك فقد أهدى لك حسناته وحط من سيئاتك وجعلك مشهورا, وهذه نعمة ..

_14
ابسط وجهك للناس تكسب ودهم, وألن لهم الكلام يحبوك , 
وتواضع لهم يجلوك ..

_15
إبدأ الناس بالسلام وحيهم بالبسمة وأعرهم الإهتمام لتكن محببا 
إلى قلوبهم قريبا منهم ..

_16
لا تضيع عمرك في التنقل بين التخصصات والوظائف والمهن
فإن معنى هذا أنك لم تنجح في شيء .

_17
كن واسع الأفق والتمس الأعذار لمن أساء إليك لتعش في سكينة وهدوء , وإياك ومحاولة الإنتقام ..

_18
لا تفرح أعدائك بغضبك وحزنك فإن هذا ما يريدون , فلا تحقق
أمانيهم الغالية في تعكير حياتك ..

_19
اهجرالحب المحرم فإنه عذاب للروح ومرض القلب 
وافزع إلى الله وإلى ذكره وطاعته .

_20
أنت الذي تلون حياتك بنظرك إليها, فحياتك من صنع أفكارك ,
فلا تضع نظارة سوداء على عينيك ..

_21
إذا وقعت في أزمة فتذكر كم أزمة مرت بك ونجاك الله منها, حينها تعلم أن من عافاك في الأولى سيعافيك في الثانية

حكمة ... الأسبـــــــــوع




"  هناك كلام لا يقول أيّ شيء
   و هناك صمتٌ يقول كل شيء 
"

2012-11-08

زينةُ العلماء، وحليةُ الأولياء/ عمر بن سليمان الأشقر


زينةُ العلماء، وحليةُ الأولياء/ عمر بن سليمان الأشقر
د. محمد بن يوسف الجوراني


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

فُجِعت أمة الإسلام فاجعة عظيمة، ونزلت بها مصيبة كبيرة، بوفاة عالِـم من كبار علمائها، وفقيهٍ من أفقهِ فُقهائها، ذلكم العالِـم العامل، الإمام المجاهد الرَّباني، التَّقي النَّقي الخفي، زينة العلماء، وحِلْية الأولياء، الشَّيخ العلَّامة الإمام عمر بن سليمان الأشقر: رحمة واسعة، وأنزل على قبره الرَّحمات، ورفع منزلته في أعالي الدَّرجات.
رحل هذا الإمام المبارك وقد كان مِلْئَ السَّمع والبصر، رحل بعد أن ألـمَّ به داء البطن إلماماً شديداً، رحل وكأنِّي غير مُصدِّق لهذا الرَّحيل، إي والله، فعُدْتُ بعد دفنه:، وكانت يدي آخر مَن مسَّت جسده الطاهر حين أنزلتُه في قبره، وكشفتُ عن وجهه الوضَّاء المُبتسم، وقد همستُ له همسة يعرف شجونها وأسرارها:، عدتُ أَهِيمُ على وجهي وكأني فقدتُ كلَّ شيء والله، عدتُ كأني أسير تائهاً ضائعاً يتيماً، عدت وقد سُئلتُ في مسألة يسيرة جداً، فلم أُحسِن جواباً! ولم أعرف ما أقول إلا: «رحل الشيخ، فالله أعلم»، فعادوني السائل مُتعجِّباً يقول: الله أعلم! فقلت: هو ذاك.
عدت وأنا أتذكَّر حديث أنس رضي الله عنه حين قال عن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: لـمَّا كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كلُّ شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء.

وها نحن تلامذة الشيخ:
اليوم نتألَّـم شديداً برحيله: عنَّا، فإذا كان هذا شعورنا نحن في هذا العصر، فيا لله كم كانت المصيبة على الصحابة رضوان الله عليهم في فقدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أعظم مَوْجِدتهم لرحيله!
في لحظةٍ واحدة أيقنتُ أنَّ الشيخ: رحل، نعم رحل لأنِّي كنتُ أَرْجعُ إليه في كل أموري العلمية، أرجع إليه في سُؤالاتي واستشكالاتي، في مراجعاتي وتأليفاتي وتحقيقاتي، فكان نِعْم الرِّدء، والُمرشِد، والنَّاصِح، والعالِـم، والُمربِّي، والمُقدِّم، و..، كلُّ هذا لن يكون بعد اليوم، اللهم آجُرْني في مصيبتي واخْلُف لي خيراً منها، نعم رحل هذا العالم الرَّباني إلى رضوانٍ من الله، رحل بعد سبعين عاماً ونيِّف، أُسِّست على خير، وأرجو الله أن تكون خُتِمت بخير وعلى خير، أحسبه والله حسيبه. عدتُ إلى مكتبتي أقرأ كتبه ــ ولها مكان خاص مُميَّز عندي مطبوعها ومخطوطها ــ لكنَّها كانت قراءة من نوع آخر، شرعتُ أقرأ لأُسلِّي نفسي بقراءة كتبه وكأنَّ شيخي: إمامي يُخاطبني؛ أشعر بحياته، وبدِفْءِ كلماته، وقُرب حنانه، بل وبحركاته الهادئة، وهمساته الحانية، ونظراته الأبوية، فأتنسَّم عبير نفَسِه، وشفافية روحه، وعاطفة قلبه، آهٍ يا شيخي، كم هي الشُّجون والمُنون، كم هي عزيزةٌ على قلبي، تلك اللِّقاءات العلمية، والجلسات الأُنسية، والنُّزهات الأخوية، كم هي عزيزةٌ على قلبي، فمن حُبِّي لها أحتفظ بها في جنبات صدري، خلِّها في جُوَّانيِّ قلبي؛ فإنِّي أغار عليها غيرة شديدة
لا تُذِعِ السِّرَّ المصُـــون فإنَّني --- أغارُ على ذِكْر الأحبَّة مِن صَحْبي
ويحي ماذا أكتب؟
وهل تتَّسع الصفحات، وهل يسعفني القلم لأبثَّ ما عندي الآن؟ رحماك ربي، عدتُ، وقد مرَّ بي شريط الذكريات مع شيخنا، فخَلصتُ إلى أنَّ مثل هذا العالِـم الرَّباني الُمبارك الذي عاش كريماً مهيباً عزيزاً، وتُوفِّي كريماً مهيباً عزيزاً شهيداً ــ إن شاء الله ــ عزيز الوجود، فمن عرف كمعرفتي، وشاهد كمشاهداتي خَبُر ذلك، إيه يا شيخي، مَن لي من بعدك، بعد الله سبحانه؟ من لي بتلك الهيبة الرَّبانية، التي كانت في حياتك، وفي مماتك، التي كنتُ كلَّما لقيتك فيها بهيبتك وجلالك وسمتك انتفعت بك، سبحان ربي:
علوٌّ في الحياة وفي الممــــــات ** ** بحقٍّ أنت إحدى المعجزات
تالله إنَّ حياة وممات هذا العالِـم المجاهد الرَّباني فيها من الشَّأن ما ينبغي أن يقف معه كلُّ مَن يبغي صلاح نفسه والارتقاء بها عملياً وعلمياً، مُنذ النَّشئة وحتى الممات، وكم في حياته من عِبَرٍ وأيُّ عِبَر، وها أنا ذا أبثُّ لك بعض هذه العِبَر والشجون، وغايتي أن تجد فيها أُسوة، ومنفعة، وفائدة، وأرجو أن يكون هذا بعض وفاء لشيخنا وعالمنا؛ وسأسوقها لك من خلال ثلاث محاور:

المحور الأول: مُهيِّئات الحفظ والنُّبوغ
في حياة هذا العالِـم الرَّباني منذ الصِّغَر:
أراد الله سبحانه لهذا الفتى منذ نُعومة أظفاره أن يكون له شأن، وأن يكون شَامةً في جبين عصر من العصور، فكان ثمَّة أمارات للحفظ الرَّباني له، وثَمَّة مُهيِّئات وإرْهاصَاتٌ للنُّبوغ والمنزلة الرفيعة، فهاك بعضاً منها أمام عينيك، وفي مُتناول يديك:
1. حفظُ الله له مِن قتل اليهود: يُخبرني شيخنا: عن أُعجُوبةٍ وقعت له، وكيف أنجاه الله من قتل اليهود وهو رضيع، فيقول: أخبرتني الوالدة أنَّ الإنجليز حين شَنُّوا الحرب علينا، ودخلوا منازلنا، خرَّبوها وأفسدوها، وكنتُ في ذلك الوقت رضيعاً، ولـمَّا دخلوا بيتنا، كنتُ فيه، فأعمى الله أبصارهم عنِّي، فما أصابني بفضل الله ومنتَّه أذى.
قلتُ: وهذه إشارة لحفظ الله له لِـمَا سيكون مِن خَبره وشأنه في مُقتبل عمره، وقارن ذلك مع قصة نبي الله موسى ؛ وكيف حفظه الله في الصِّغَر ؟!
2. مرض الصِّغَر يحدُّه من اللَّهو واللَّعب حتى الثامنة عشرة من عمره مع الرَّعاية الخاصة: أُصيب شيخنا: في صغره بمرض كدَّر عليه طِيْب العيش لأجلٍ محدود، فيقول شيخنا: عنه:«نَعِمْتُ في الصِّبا بأيام كثيرة طيبة، ولكن نغَّص طِيْب العيش فيها مرضٌ لازمني إلى سِنِّ الثامنة عشرة، وحدَّ من اللَّهو واللَّعب الذي يطيب للفتيان في مرحلة الصبا» مما جعل من ذلك رعاية خاصة في صغره من والدته رحمهما الله.
قلت: فلعلَّك تلحظ أنَّ في هذا البلاء ما هو خير لهذا الفتى مِن أن ينخرط في صفوف اللَّاعبين واللَّاهين، وما لا يُحمد من الفِعَال، ويكاد يُصدِّق ذلك، أنَّ هذا الفتى لم يكن طريح الفراش دوماً، بل مع عِلَّته استطاع أنْ يصعد قمم الجبال في قريته، ويكأنَّها إشارة للرِّعاية والعناية عمَّا لا يُحمد، ثم الدُّربة على المشاق الآتية فيما بعد، وقارن ذلك مع قصة النبي صلى الله عليه وسلم حين صرفه الله عن حضور سمر الجاهلية ذات مساء، فضرب الله عليه النَّوم، فما أيقظه إلا مسُّ الشمس، فكان هذا صارف عن السَّهوة، كما أنَّ ذاك صارف عن الغفلة، فمن يفهم لُطف الله به؟ ومِن هذا اللُّطف أيضاً:
3. رؤيةٌ منامية في العاشرة من عمره: ففي تلك الحالة المرضية لهذا الفتى اليافع، يرزقه الله تعالى رؤية قلَّ نظيرها لمن كان في سِنِّه، حدَّثني شيخنا: قال: رأيت حين كنتُ في العاشرة من عمري، أني أتجوَّل بين حقول القرية، وبينما أنا أمشي، إذ بالطريق ينقسم إلى قسمين: طريق فيه ارتفاعٌ وصعود إلى أعلى الجبل، وهو صعب وشاق، وطريق إلى أسفل الوادي، وهو سهل ويسير، فاحترتُ أيهما أسلك فرأيتُ فيما أُلْـهِم لي آنذاك النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر الصديق رضي الله عنه، فأشارا إليَّ أنِ اسلُك الطريق العالي المرتفع ولو كان صعباً، فسلكته، وفرحت بها فرحاً عظيماً. فكان بحمد الله هذه الرفعة العلمية، والمنزلة التي بوَّأها الله له في الحياة وبعد الممات، فقُلِّي بربِّك: أوَ تظنُّ هذا عبثاً؟
4. توفيقُ الله وهدايتُه بصرفه عن السفر لبلاد الغرب: حدَّثني شيخنا؛ أنه كان في مقتبل عمره يرغب بالسَّفر إلى هناك، وكان يودُّ أن يدرس الدراسة العلمية التجريبية، ولكنَّ الله أبدله خيراً من ذلك كلِّه، فها هو يَقصُّ مِن خبره فيقول عن إرادة الله به الخير في عدم سفره: «أنا أعلم اليوم أن عدم سفري كان هو الخير، فلو قُدِّر لي أن أنطلق إلى تلك الديار البعيدة الغريبة، فالله أعلم بما سيكون عليه حالي، قد أجمع المال والثروة، وقد أتبوأ المناصب، ولكن هل سيبقى لي ديني وإسلامي، وهل سأصبح داعية أدعو إلى لله على بصيرة، في الأغلب لا، لقد أراد الله بي خيراً ورحمني، وأختار لي، فسبحانه ما أرحمه وأحلمه» «صفحات من حياتي» (ص28).
قلت: تأمُّل هذا وحده يُغنيك عن تعليقي؛ لتَذهبَ به كلَّ مَذهب، وعلى نفسك فَقِسْ ما اختار الله لك، ووفَّقك له، وفتح عليك به، فتعاهد أمرك وشأنك، وفي كلٍّ خير.

المحور الثاني: الدُّروس والعِبَر من حياته ومماته، خذها في رياحين سبع:
حياة هذا العالم الرَّباني مليئة بالدُّروس والمواعظ والعِبَر، وعلى امتداد هذه السبعين عاماً ونيِّف، فقد كانت بساتين عِلْم، وعبادة، وخُلُق، وخشية، وإخلاص، وتواضع، وطِيْب نَفْس، وحُسْن مَعْشر، ولين جانب، وقُلْ ما شئت، فما حالي في هذه العُجالة إلَّا أن أقتطف لك من هذه البساتين الغرَّاء، وورودها الزهراء، ريحانة، وهذه الرَّيحانة كفيلةٌ أن تُنْعِم حياتك كلها إنْ أخذت بها، فكيف بالرَّياحين كلها؟ وهي التي بلَّغت هذا الإمام ما بلَّغته من العلم والمكانة والرِّفعة في الدنيا، وأرجو الله أن تكون شاهد حق ودليل صدق له في الآخرة.
الرَّيحانة الأولى:
الإخلاصُ والصدق مع الله في القول والعمل.
وهذه هي المنزلة التي رفعت الشيخ: أيَّما رِفْعة، فإنَّ هذا العالم الرَّباني له سِرٌّ عجيب بينه وبين ربِّه في عباداته ومعاملاته، ومن هنا لـمَّا ذُكِر للإمام أحمد: الصِّدق والإخلاص، قال: بهذا ارتفع القوم. إي وربي، بهذا حاز شيخنا: قَصَب السَّبْق في الخيرات والطاعات، وخُذْ حادثة جرت بيني وبين شيخي:
كنتُ قد راسلتُ كثيراً من أهل العلم؛ أَنوي إعداد كتاب تحت عنوان: «أبحاثٌ عِلْميَّة مُهدَاةٌ للعلَّامة الشيخ عمر الأشقر» وكنتُ أنوي أنْ أضعه أمامه بعد فراغي منه، أمراً واقعياً لا مـَحِيْدَ عنه، ولم أُخبره به لعلمي أنَّ الشيخ: سيمنع كلَّ هذا لمعرفتي به من حادثاتٍ شتَّى، فإذا به ذات يوم يتَّصل بي ويخبرني برؤيته، فلمَّا جئته؛ خرجنا سوياً في نزهة لطيفة، أنستُ وتعلَّمت وانتفعت فيها، ثم بعد الانقضاء منها، وقبل مغادرته، أهداني درساً أثَّر فيَّ كثيراً، فقال لي: في همس لطيف وحنون - وكان قد وصله الخبر من أحدهم -: الكتاب الذي تُعدُّه أنا غيرُ راضٍ عنه، ولا أقبل به، ورضاي عليك أن تمنع هذا البتَّة، فجهدتُ في إقناعه فلم أفلح، فكان أول أمر يردُّه الشيخ لي، فما كان لي مِن بُدٍّ إلَّا أنْ أُوقف المشروع، وعُدْتُ بإرسال من وصلتني منه مشاركة بإعادتها، والاعتذار له عن إتمام المشروع؛ نزولاً تحت رغبة شيخنا الحبيب أبي سليمان؛ ولعَمْر الله إنَّ فرحته ورضاه خيرٌ عندي من آلاف الكتب.
وانظر إلى نفع الله له في مصنَّفاته، وانتشارها وترجمته إلى لغات شتى تصل إلى خمسة وعشرين لغة، فهذا شَأْنُ الإخلاص، يكتب الله لصاحبه، الفَتْح والتَّوفيق، ثُمَّ يكتب له القَبول وحُسْن التَّلقي، والنَّشر بين العباد في البلاد، فأيُّ فَضيلة أعظمُ مِن الإخلاص؟
«وقد جَرتْ عادة الله التي لا تُبدَّل وسُنَّته التي لا تُحوَّل ؛ أن يُلْبَس المُخلِص من المهابة، والنُّور، والمحبَّة في قلوب الخلق، وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلاصه، ونِيَّته ومعاملته لربِّه، ويُلْبَس المرائي اللَّابس ثوبي الزُّور من المقْتِ، والمهانة، والبُغْضة ما هو اللَّائق به ؛ فالمُخلِص له المهابة والمحبَّة، وللآخر المقت والبغضاء»، فرحمك الله شيخنا، وأنزل على قبرك شآبيب رحمته.
الريحانة الثانية:
التَّربية العلمية الإيمانيَّة:
حَبا الله شيخنا من العلم الواسع، والفقه المتين، والبصيرة الُمنوَّرة بهدي الكتاب والسُّنة الكثير الكثير، فربَّى نفسه على ذلك وروَّضها، وإذا قرأتَ كتابه «معالم الشخصية الإسلامية» أيقنتَ أنَّ هذا الُمؤلِّف عالِـمٌ من الطراز الفريد، وتجده رباني العِلْم والتربية المؤمنة، ومن فضل عليَّ جاء اليوم الذي أَراه، وتكتحل عيني بطلَّته البهية، ويُقدَّر الله أن أكون من تلاميذه، ثُمَّ من المقرَّبين الخواص، فرأيتُ عجباً، وكنتُ أُقيِّد مِن مثل ما رأيت في هذا الجانب الكثير، وحين يلمحني يقول لي لا تفعل، ويوم ألْححتُ عليه في الكتابة عن حياته، وأنِّي أدَّخرها لهذا الشأن، امتنع بشدة، وكان يقول لي: «ما أدري ما يُفعل بي ولا بكم» فأحاول، فيقول: «الحي لا تُؤمن عليه الفتنة» فأكرِّر الإلحاح، فيذكر قصة الشيطان مع الإمام أحمد: وقوله: «فُتَّنِـي يا أحمد، ويقول: لا بعد» ثم أُثني على إسهاماته الدَّعوية وجهوده العلمية، فيقول ــ أعلى الله منزلته ــ: «لا أعدُّ هذا شيئاً» ! وهكذا كلما طَرقتُ باباً سدَّه وامتنع، حتَّى ألححتُ عليه كثيراً كثيراً، وبعد جُهد جهيد، وقد منع غيري، رَضِيَ - أرضاه الله - بالموافقة أن أُسطِّر عنه، لحظوتي ومكانتي عنده، هذه واحدة، والثانية لرؤيا رأيتها، إلَّا أنَّ شيخنا: اشترط عليَّ نشرها بعد وفاته، وسيكون، فالحمد لله على فضله وتوفيقه.
الريحانة الثالثة:
التَّربية الجهادية:
أمَّا عن الجهاد فأمره عجيب مع هذا العالِـم الرَّباني، فلقد كانت له أيادٍ بيضاء فيه، ولكن دُون أن يُحدِث كبير ضجَّة حوله عن اهتمامه بهذا، وكثيرٌ من الناس يجد لذَّة ونشوة في الحديث عن هذا الجانب وأنَّه من أربابه وأصحابه، وربما لم يُصب به إلَّا بسهم التَّحدُّث به والمفاخرة!! وما هكذا العُظماء؟ أَوَمَا عقلتَ قولةَ الفاروق حين عُدِّد له شهداء المعركة، قالوا: وآخرين يا أمير المؤمنين لا تعرفهم، فقال: «لا يَضرُّهم أنْ يعرفهم عمر، لكنَّ الله يعرفهم»، وكفى، نعم كفى.
هذه خصيصة الرَّبانيين، لا يُشهِدُون على أعمالهم إلَّا ربهم، هو أُنسهُم وشاهدُهم، وخبيرُ أمرهم وأحوالهم، فما أسعدهم، وأَسْعِد بهم!

وهكذا كان شيخنا؛ فأقرب الناس حوله خَفِيت عنهم هذه العنايات، وقد ادَّخر عند ربِّه هذه العبادة الخفية، وعلم الناس عنه في هذا الباب المبارك بعد وفاة الكثير الكثير. غير أنِّي ظفرت بنَزْرٍ يسير منها في حياته بموقفين:
الأول: موقف المجاهدين الأفغان، وكيف كان على صِلَة ودراية واهتمام بواقعهم، وقد ذكر: لي عنهم أموراً عجيبة، ثم ما نصحهم به وذكَّرهم بالله تعالى حين دبَّ الخلاف بينهم، وكان قد أرسل لهم رسائل في ذلك، وقد أطلعني على شيء من ذلك:.
والثاني: يوم استشهاد الشيخ أحمد ياسين؛ أبان لي بعضاً منها، فذهب يذكر شيئاً من وميض الذكريات وما منَّ الله به عليه، وصلته بالشيخ: في هذا الباب، وكم حاول: أنْ يَذهب بالموضوع بعيداً إلَّا وكنتُ أحاول ردَّه إليه لأسمع وأسمع، غير أنه: كان يُخفي كثيراً وكثيراً، ولا عَجب، فهو رجل من رجال الإخلاص الأول في هذا العصر، وصفحات شيخنا: غير المحكيَّة في هذا الباب كثيرة.
الريحانة الرابعة:
حُسْنُ الُخلُق ودماثتُه:
وهذه خَصْلة نادرة ومتميِّزة في الشيخ؛ قد مَلأت حياته كلَّها، أَنْعِم بهذا الشَّيخ: حَسَنُ الأخلاق، زَكيُّ النَّفس، طيِّبُ القلب، سليم الصدر، عفيف اللِّسان، عجيب الصَّمت، ولصمته أسرار وأخبار، لا تجد في قلبه غِلَّاً ولا حقداً أو حسداً لمسلم، وكيف لا يكون كذلك، وقدِ امتثل خبر نبيِّه صلى الله عليه وسلم: «إنَّ خِيارَكم أَحاسنُكُم أخلاقاً» وأحلف بالله غير حانث: أني لا أعلم لشيخنا: عدواً ولا خصماً، وهل أكثرَ مِن أن تَرى في جنازته وقد شيَّعه الآلاف، فخرج المُوافِق والمُخالِف على اختلاف مذاهبهم وتوجُّهاتهم، وخذ هذا الأدب الجم والُخلُق الرَّفيع ممَّا لمسته من شيخي برَّد الله ضجيعه: أعطاني أحد الدكاترة بحثاً له؛ لمراجعته والنظر فيه، وهو سيقدِّمه للترقية، فما أنْ قرأته ونظرتُ فيه إلَّا وتذكَّرتُ أنَّ هذا البحث قد مرَّ عليَّ، وسبق لي مُطالعتُه، فلمَّا انقلبتُ أبحث بين أرْوِقة مكتبتي، فإذا بي أجده، فإذا هو يُوافق البحث الآخر بكامله حتى في الأخطاء! فعجبتُ والله كثيراً، من هذه السرقة العلمية الفاضحة - وما أكثرها اليوم - ووقعتُ في حَيْرة، هل أرجعُه وأسكت؟ أو أخبر عميد الكلية شيخنا الراحل، أو ماذا أفعل؟ فانشرح صدري للذهاب لشيخي؛ وقلت له الأمر دون ذكر اسم هذا الدكتور الخائب! فما كان من الشيخ إلَّا أنْ تألَّـم وقال: اكتُم هذا الأمر، ولا تخبرني عن صاحبه - مع العلم أنه سيُقدَّم عنده للترقية - وأَرْجِعْهُ ولا تكشف له سِتْراً، وذكِّر صاحبه بالله بأسلوب حكيم موفَّق، طالما أنَّ الأمر لم يصل إلينا، فالسِّتر على المسلم خيرٌ كبير، مع عدم إقراري لهذا الفعل الشنيع، فعمِلْتُ بهذه الوصية، وحَفِظَ ذاك ماء وجهه فلم يُقدِّمه.

فانظر إلى هذا الآداب العملية التي تحلَّى بها الشيخ: مع هذه البصيرة المباركة، وهكذا والله كان شيخنا: مدرسة في الأخلاق، فتِّش عن أيِّ خُلُق، تجد هذا الشيخ المهيب قد نال حظاً وافراً منه، فلا تَسَلْ عن لين الجانب، والسَّماحة، والتَّواضع بأنواعه: تواضع الفِكْر والرَّأي، وتواضع المعاملة، وتواضع العيش، إلا أنَّ أميز سِمَةٍ كانت في الشيخ؛ عزَّة المؤمن والعالـم الذي يخشى الله تعالى، ولو ذهبتُ أسوق مواقف لهذه الخصال من هذا السُّمو الأخلاقي الرفيع، والامتثال الضَّليع؛ لطال بي المقام.
الرَّيحانة الخامسة:
اعرف كيف تموت:
فإنَّ من الناس مَن يموت يوم يموت لا يُساوي شيئاً، ولكنَّ القليل من الناس من يموت يوم يموت يُساوي أمةً مِن الأمم، وهكذا كان الشيخ؛ فالعُظماء والنُّبلاء، يُحسنُون صناعة الموت، وكيفيَّة الموت، وإنِ استعرضتَ التاريخ الإسلامي الحافل مِن لَدُن العهد النَّبوي إلى أيامنا هذه، تجد أنَّ أهل الفضل والَمنقَبة في الإسلام لهم مع صناعة الموت حكايات وأسرار، ولئن قَعدتْ بهم أجسادهم، فإنَّ نفوسهم توَّاقةٌ لمدارج المعالي، ولمعارج الرِّفعة والسُّمُو، «والأعمال بالنِّيات» والجوارح شاهدات، ولذا ألْـهَم الله الإمام المُبجَّل أحمد بن حنبل: أن يقول: بيننا وبينكم يوم الجنائز!
وجاءت جنازة الشيخ عمر: واحتشد الآلاف، وأكتظَّ الجامع بالزِّحام، وهرع الدُّعاة وأهل العلم، من الداخل والخارج، لتشيعه حتى غدا أهل البيوت في طريق المقبرة يفتحونها للوضوء، والراحة من كثرة من شيَّع في تلك القرية ذهاباً وإياباً؟
هكذا هو الإحسان في صناعة الموت والتأهب له، فمن رام خاتمةً حسنة طيبة، عمل لها في حياته ابتغاء وجه الله سبحانه، وامتثل بنفسه وقلبه وعقله وجوارحه هِدَايات الكتاب والسُّنة النَّبوية في كلِّ حياته؛ فاستقامت كما أراد الله، وفَقِهَ عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وحينها أَبْصِرْ بما يُجريه الله على يديه من ألوان الخيرات والبُشريات، ورفعة الدَّرجات، وأمَّا من قعدت به نفسُه، فكسرته عن معالي الأمور، فقد حرمها الخير كل الخير، وكان أسيراً لدركات الشهوات والشبهات، و«كلُّ الناس يَغْدُو؛ فبَايِعٌ نَفسَه فمُعْتِقُها أو مُوبِقُها»، فاخْتَرْ لنفسك أي صناعة للموت تريد؟
الريحانة السادسة:
الأثر الصالح قبل الرحيل:
العقلاء يُبقون لهم آثاراً تدلُّ على حُسْن حالهم، ومِن أحسن الأثر، العِلْم النَّافع، والعمل الصالح، والولد البار، وقد حازها بفضل الله شيخنا: كلها، فعِلْمُه أشهرُ مِن أنْ يُذكر، وعمله عمل السَّابقين بالخيرات - نحسبه - وأبناؤه من الأبرار الفضلاء البارِّين به، فما أحسن العمل، وما أجمل الأثر، فليتفكَّر المسلم والمسلمة وليتزوَّد كلٌّ من الخيرات، وليترك أثراً صالحاً قبل رحيله، حتَّى يُغدِق الله به عليهم حسنات تترى، وفضائل شتَّى، والمُوفَّق من وفَّقه ربُّه للخير وفي الخير، وخَتَمه على خير، ومن لطائف هذا الأثر، أن يكون للمرء بعد وفاته الذِّكر الحسن بين الناس، ولهذا سأل نبي الله إبراهيم الخليل ؛ربَّه عزَّ وجل فقال: (وَاجْعَلْ لي لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ)، قال أهل التفسير: هو الذِّكْر الجميل، والثناء الحسن بعد الممات قروناً تِلْو قرون.
يَمُوتُ قَومٌ فيُحْي العِلْمُ ذِكْرهُمُ ** **والجهْلُ يُلْحِقُ أَمْواتاً بأمْــــــــواتِ
الريحانة السابعة:
ختامه مسك مع المسك:
ففي الحديث عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيها الناس، إنه لم يَبقَ مِن مُبشِّرات النُّبوة إلَّا الرُّؤيا الصالحة يراها المسلمُ، أو تُرى له).
ولشيخنا: مع الرُّؤى مواقف وعجائب، وخذ ثلاث رؤى عن المسك:

الأولى: رأى أحدهم أنِّي أسير مع شيخنا: في أروقة الجامعة، وأُوزِّع مِسْكاً على الناس أُطيِّبهم، وأعطيهم منه. فكان التعبير: أكتب كتباً تنفع الناس، ولم يكن لي سابق تأليف، وهكذا كان بحمد الله وفضله، فلمَّا ألَّفتُ وحقَّقتُ، كان الشيخ: يُراجع كلَّ ذلك، ويُقدِّم له، ويُقرِّظ، وهذا من فضل الله عليَّ، وكم اليوم أفتقدك شيخنا رحمك الله، إلَّا أنَّ يقيني أنَّ ما عند الله هو خير لك وأبقى من هذه الدنيا، فلمَّا قَصصتُ عليه هذه الرُّؤيا وخبرها، قال:: خُذْ منِّي الثانية، وهي بالمسك:
الثانية: قال الشيخ: رأيتُ أني وقفتُ على أبواب المسجد الأقصى، وكنتُ أُوزِّع على الناس مِسْكاً.فسألتُ شيخنا:: فما أوَّلتها ؟ فقال هذه الكتب النَّافعة، وكانت كُتبي تُوزَّع على أبواب المساجد في الكويت وغيرها.
أما الثالثة: فهي عزيزة عليَّ، فقد رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام، وكنت قد لبستُ عباءة سوداء مذهَّبة، وقال لي: اكتب ترجمة عن عمر الأشقر، ولم يَدُرْ بخلدي أنْ أقوم بهذا الأمر، حتَّى جاءت هذه الرُّؤيا. ففرحتُ بها كثيراً، وتلهَّفت بطلوع الصباح، وقدمت مُسرِعاً لشيخنا، وقصصت من خبري عليه، فصمت كثيراً، وهو يحسن الصمت ويُتقنه أيَّما إتقان، فما نطق بحرف واحدٍ، إلَّا أنَّ الشيخ: بعد أيام! أذن لي بالكتابة عن حياته وما أَبغيه من تدوين كثير من ذلك، فشرح الله صدره لهذا الأمر، وأفاض عليَّ بما لم يُعطِه لأحدٍ، فحدثني وحدَّثني، ووهبني وأعطاني، وخصَّني وميَّزني، فالحمد لله على توفيقه.

المحور الثالث: عاجل بُشرى المؤمن:
والمُبشِّرات لهذا الإمام المبارك: كثيرة، ونحسن الظنَّ بربنا أنها دلائل خير وبشرى، وما هذه البشارات إلا شهادة تُؤدَّى، وستكتب شهادتهم ويسألون، فمِمَّا ورَد في صحاح الأحاديث:
1. رشح عرق الجبين: ويشهد له حديث بُريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ المؤمن يموت بعَرق الجبين»
2. المبطون شهيد: ويشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة؛ المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الَهدْم، والشهيد في سبيل الله»
3. الوقاية من عذاب القبر: ويشهد له حديث عبد الله بن يسار يقول: كنت جالساً مع سليمان بن صُرَد وخالد بن عُرْفُطَة فذكروا رجلاً تُوفِّي مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شَهِدا جنازته فقال أحدهما للآخر: ألم يقل رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «مَن يَقتُلُه بطنُه فلن يُعذَّب في قبره؟» فقال الآخر: بلى.
4. والشهادة بالثناء الحسن للمُتوفَّى: يصدِّقه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: مرُّوا بجنازة، فأثنوا عليها خيراً، فقال النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَتْ» ثمَّ مرُّوا بأخرى فأثنوا عليها شرَّاً، فقال: «وجبت» فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: «هذا أثنيتم عليه خيراً؛ فوجبت له الجنَّة، وهذا أثنيتم عليه شرَّاً، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض»
5. شفاعة المصلين لاسيَّما أهلُ التوحيد للمُتوفَّى: ويدل لهذه الشفاعة أحاديث:
- حديث عائشة رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مَيِّت يُصلِّي عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مئة، كلُّهم يشفعون له إلا شُفِّعوا فيه» وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً إلَّا شَفَعهم الله فيه»
6. الختم على عمل صالح: فعن أنس بن مالك، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا أراد الله بعبدٍ خيراً يستعمله» قيل: كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال: «يُوفِّقه لعمل صالح قبل الموت»
وعن عمرو بن الْـحَمِق الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا أراد الله بعبد خيرا عَسَلَهُ قبل موته» قيل: وما عسلُه قبل موته ؟ قال: «يُفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى يَرْضى عنه»
فيا لله، هل هنا عملٌ خير من تفسير كتاب الله يُختم عليه المرء، آه يا شيخي فتفسيرك «المعاني الحِسَان» افتقدك، وقد أنهيتَ تفسير ثمانية عشر جزءاً، وكنتَ تَشُوق وتَتوق لإكماله، فهنيئاً لك هذا الختم المبارَك، وإنَّا على دربك سائرون ومُكمِّلون.
هذه ومضة سريعة عن هذا الإمام المبارك، والعالم الرَّباني، وهي بعضٌ من بعضٍ ممَّا تميَّز به، فهكذا كان، وهكذا فلنكن، فهذا العالِـمُ الذي لو كتبتُ فيه مِن الصَّفحات عشرات، ومِئات لا أُوْفِيه حَقَّه، ولا بعض حَقِّه، وحَسْبي أنْ أكُون في هذه الشجون والعِبَر ممَّن يُحيي مَجداً، ويَرسُم قدوةً، ويُهيِّئ دَرْباً للمَعالي، راجياً أنْ يكون بما قيَّدتُ نِبرَاساً للاهتداء، وعَلَماً للاقتداء.
فاللَّهُمَّ اغفر لشيخنا ووالدنا ومُعلِّمنا ومُربِّينا ذنبه، واستُر عيبه، وضَعْ عنه وِزْره، وأرفع له ذِكْره، واجعل له لسان صِدْقٍ في الآخرين، واجمعنا به مع النَّبيين والصِّديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقاً، وأختم بوصية شيخنا؛ التي دوَّنها في مطلع كتابه «الصفحات»:
«أوصي أولادي وذريتي، ومن انتفع بكتبي، ومن يريد الإحسان إليَّ أن يستغفروا لي كثيراً، فأنا عبد الله الخطَّاء، وأسأل الله رحمته وعفوه وإحسانه، وأن يتمَّ عليَّ ستره وعافيته، ومغفرته في الدنيا والآخرة»

الكلمات الإيجابية تصنع أطفالا مقتدرين


الكلمات الإيجابية تصنع أطفالا مقتدرين
د.مصطفى ابوسعد
@drmostafa64

 
بسم الله الرحمن الرحيم

ليس المديح أو القمع هما اللذان يحددان مستوى ثقة الطفل بنفسه فحسب، هناك طرائق أخرى مهمة نبرمج بمقتضاها أطفالنا.

لاسيما من خلال طريقة إعطائنا للتعليمات و الأوامر، وذلك عن طريق الاختيار الإيجابي أو السلبي للكلمات.

نحن الراشدين نوجه سلوكنا و مشاعرنا بوساطة "المحادثة الذاتية" أي الثرثرة التي تدور داخل رؤوسنا مثل: "ينبغي عدم نسيان تأمين السيارة, آه يا للغرابة, لقد نسيت محفظتي, لقد بدأت أنسى!" و يدهش علماء النفس من الفروقات بين كيفية محادثة النفس لدى الناس السعداء من جهة و التعساء من جهة أخرى.

و محادثة الذات أمر يتم تعلمه مباشرة من الوالدين أو المعلمين.

و لذلك فمع أطفالك, هناك فرصة كبيرة لتقديم كل أنواع البيانات الإيجابية المفيدة التي يستطيع طفلك تبنيها لتصبح جزءاً مشجعاً ومريحاً.

يتعلم الأطفال كيف يوجهون و ينظمون أنفسهم ذاتياً, من طريقة كلامنا في توجيههم و تنظيمهم,

و لذا فمن المجدي أن يتم ذلك بشكل إيجابي.

فمثلا باستطاعتنا أن نقول للطفل: "بالله عليك لا تتنازع اليوم مع أحد في المدرسة!" أو نقول: "أريدك أن تقضي وقتا ممتعا في المدرسة, والعب فقط مع الأطفال الذين تحبهم".

وتؤكد كلية الطب بكاليفورنيا سنة 1986: أن الإنسان من الميلاد إلى سن 18 سنة يتلقى مابين 50000 إلى 1500000 رسالة سلبية مقابل 600 رسالة إيجابية!!

وفيما يلي اثنتان وعشرون عبارة من أسوأ ما صدر عن شخص بالغ لطفل:


* إنك لن تصلح أبدا لأي شيء.

* لكم أتمنى لو لم أنجبك, أو إننا لم نكن نريدك.

* كيف يمكن أن تكون بهذا الغباء.

* إنك عديم الفائدة.

* لا يمكنني احتمالك.

* إذا لم تصلح من نفسك, فسوف أعهد بك إلى دار رعاية الأطفال.

* إنك لن تصبح طالبا في الجامعة أبدا.

* إنك كاذب.

* إنك لن تصلح لذلك أبدا.

* لماذا لا تصبح مثل أخيك "أو أختك".

* إنك سمين وقبيح.

* إن لك شخصية بشعة لا تتناسب إلا مع إنسان أحمق مثلك.

* ينبغي أن نرى الأطفال لا أن نسمعهم.

* ينبغي أن تكون سعيدا, فهذه هي أفضل فترة في حياتك.

* لولاك ما كنت أنا ووالدتك سعينا للحصول على الطلاق.

* لقد كنا دائما نحب زوجة والدك الأولى أكثر من والدتك, و طالما تمنينا أنه لم يتزوج والدتك أبدا.

* إذا فعلت ذلك, فأنت لست ابني.

* افعل ما أقول لك و ليس ما أفعله.

* لماذا تكون أنت ولدي من بين جميع الناس.

* إنك أقصر طفل في الفصل لذلك فأنت آخر من يسلم أوراقه.

* آسف إنك لم تلعب معنا, لكننا كنا نريد الفوز بالمباراة.

* أحبك, لكن..

سواء كانت عباراتنا القاسية صدرت في لحظة انفعال أو غضب, فإنها تضرب جذورها في قلب الطفل و تعيش معه مدى الحياة, علينا إذن أن نفكر قبل أن نتحدث.

أفضل ثلاثين عبارة صدرت عن شخص بالغ لطفل


* أحبك.

* كيف حالك.

* إنك إنسان طيب.

* يمكنك أن تفعل أي شيء تختاره.

* إنك شديد الذكاء.

* إنني سعيد أن الله رزقني بك.

* إنك متميز جدا.

* عندما تعقد العزم على أن تفعل أي شيء, عليك أن تلتزم بذلك دائما.

* إنك رقم واحد.

* خالص تهنئتي, إنك تستحق ذلك فعلا.

* يمكنك الذهاب فلن أشعر بالقلق عليك.

* إنك جميل.

* إنك تضيف الكثير لهذه الأسرة.

* إنك ممتاز فعلا في..

* إنني أحبك كما أنت.

* ما شعورك نحو هذا الأمر؟ أو ما رأيك؟

* إنني أكن لك التقدير والاحترام.

* إنك أكثر تحملا للمسؤولية من كثير من الكبار الذين أعرفهم.

* إنك سوف تتمكن من تحقيق كل أحلامك بفضل شخصيتك الرائعة.

* لقد قمت بعمل رائع إنني فخور بك.

* إنني سعيد لأنه يمكن الاعتماد عليك.

* أنا ووالدتك نحبك منذ لحظة خروجك للحياة , و حبنا لك لن يتوقف أبدا.

* إن أكتافك تحمل رأسا عظيما و مفكرا.

* إنك تمتلك مواهب لا حد لها.

* إنني أؤمن بك.

* إن صحبتك ممتعة.

* إنني معجب بك حقا.

* إن عملك الشاق قد أتى بثماره.

* إنني أقدرك كل التقدير.

* إنني محظوظ لمعرفتك.

وفيما يلي ثمانية أشياء ينبغي تذكرها بشأن عبارة”أحبك":


1) إن أهم شيء هو أن تتذكر أن تقولها لطفلك! وتقولها على نحو متكرر! (فلا يحدث مثلا أن تقول: لقد قلت لك إنني أحبك عام 1994 م, فهذا ليس مثل الذهاب لطبيب الأسنان مرتين كل عام!).

2) تذكر أن قول "أحبك" يختلف كثيرا عن الشعور بالحب أو الإقدام على أفعال تعبر عن الخبر (مثل التكفل بطفلك, و شراء حاجاته و غسيل ملابسه)، فالأطفال يحتاجون إلى الشعور بالحب بطرق مختلفة, بما في ذلك أن يقال لهم إنهم موضع الحب و الاهتمام.

3) لا تتوقع من طفلك أن يرد عليك قائلا "وأنا أحبك أيضا". فعليك أن تخبره بحبك بدافع رغبتك في ذلك ولأن هذه هي مشاعرك نحوه.

4) جنب أن تقوم بالربط بين قول "أحبك" و شيء قام طفلك بفعله "أحبك عندما..." تذكر دائما أن "أحبك" عبارة مفيدة كاملة الأركان و عليك أن تجعلها غير متعلقة بقيد أو شرط.

5) لو وجدت من الصعب عليك قول "أحبك" اكتبها على ورقة وضعها بجانب وسادة طفلك.

(ذكرت إحدى الأمهات أنها تمرنت على قول أحبك إلى حيوان أليف أولا قبل أن تجد لديها الشجاعة لقولها لأطفالها!).

6) إن إتباع عبارة "أحبك" بكلمة "لكن" يجعلها محيرة و توحي بالتحايل.
لا تستخدم عبارة "أحبك" لتهدئة المناخ قبل عرض مشكلة تحتاج للمواجهة.
عليك فقط أن تطلب السلوك الذي تريده أو تعبر عن السلوك الذي لا ترغبه.

7) إن عبارة "أحبك" شخصية وخاصة جدا, ومن شأن إعلانها إلى طفلك أمام أصدقائه أن يثير حرج الحاضرين, خاصة في مراحل عمرية معينة, (وهذه حقيقة نسبية).

كيف تعاقب طفلك بالضرب ؟

كيف تعاقب طفلك بالضرب ؟
 إن تربية الطفل والسمو بأخلاقياته إلى أعلى مستوى هو مراد كل الآباء ، ولكن كثيراً من ألآباء قد يفشلون في اتباع الأساليب التربوية ، سواء الفكرية منها أو النفسية ، فإذا لم تجد أي وسيلة مع الطفل ، فهذا يعني أن الطفل بحاجة إلى علاج بالتأديب ، لكي يحس بأن الأمر جاداً لا هزل فيه ، فيذوق ألم التأديب ، فيعرف قيمة الحنان والعاطفة التي تدفقت عليه من والدية قبل التأديب ، ويشعر بضرورة الإنقياد والطاعة ، وحسن الخلق والسية ، ولكن ماهي أسس التأديب وكيف يؤدب الأب ابنه فيحقق حديث النبي صلى الله عليه وسلم (( لأن يؤدب الأب ابنه خير له من أن يتصدق بصاع )) رواه الترمذي بسند ضعيف ...

لا بد قبل الشروع في هذا أن نعرف المفهوم الفقهي للتأديب حيث يقول الكسائي في بدائع الصنائع : إن الصبي يعزو تأديباً لا عقوبة لأنه من أهل التأديب ، ألا ترى إلى ماروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً )) .. وذلك بطريق التأديب والتهذيب لا بطريق العقوبة ، لأنها تستدعي الجناية ، وفعل الصبي لا يوصف بكونه جناية التصحيح الفكري للخطأ ...

إن الطفل كأي كائن حي يجهل أكثر مما يعلم ، فإذا علم فعل الصواب سار سيراً محموداً ، لذلك تكون مرحلة تعليمه الصحيحة من الصغر ، أولى الخطوات في تقويمه ، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصحح البنى الفكرية للطفل ، وكان يتبع في ذلك شتى الأساليب المعينة التي تمتاز بالرفق واللين ، وذلك لتصحيح فكر الطفل .وإليكم بيان ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ( كخ كخ ) : إرم بها ، أما علمت أنا لا نأكل صدقة ))...

ففي هذا الحديث فائدة لطيفة وهي طريقة الزجر بهذه الكلمة ( كخ كخ ) ثم مالبث أن علل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه للطفل سبب عدم الأكل ، وعدم حمله له لتكون قاعدة فكرية عامة في حياته كلها ( أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) وذلك في صيغة رائعة .. أما علمت ..؟؟! وذلك ليكون وقعها في النفس أقوى تأثيراً . كثيراً ما يطلب من الطفل القيام بأعمال لم يسبق له عملها ، أو شاهد من عملها لذلك يبقى في جهل ، فإذا طلب منه العمل وقع في أخطاء تحتاج إلى تصحيح ، فإذا عوقب على خطئه هذا كان ظلماً وحيفا .

وأن رسول الله عندما يتعرض لمثل هذه المشاهد لا يلبث أن يفهم الطفل بالطريقة العلمية ، فيشمر عن يديه ، ويري الطفل كيف يحسن العمل ، وفي هذا تعليم للوالدين والمربين ، وأي تعليم روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مر بغلام يسلخ جلد شاة ، وما يحسن ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تنح حتى أريك ) ) فإنه أدعى للعلم الصحيح ، والعمل البناء الموجه ، والطريقة السليمة في العملية التربوية .
*******************
التدرج في التأديب ... 
فإذا لم يصلح الطفل التصحيح الفكري أو العملي واصر على ارتكاب الخطأ كان التأديب حتماً لازم عليه ، ويتبع معه العقوبات بالخطوات التالية :
1- رؤية الأطفال للعصا والخوف منها : كثير من الأطفال يردعهم رؤية العصا ، وأداة العقوبة فبمجرد اظهارها لهم يسارعون إلى التصحيح ، ويتسابقون في الالتزام ، وتتقوم اخلاقهم وسلوكهم ، فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعليق السوط في البيت .
2- شد الأذن : وهي أول عقوبة جسدية للطفل إذ بهذه المرحلة يتعرف على ألم المخالفة ، وعذاب الفعل الشنيع الذي ارتكبه ، واستحق عليه شد الأذن ، عن عبد الله بن يسر المازني الصحابي رضي الله عنه قال بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف من عنب فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه ، فلما جئت أخذ بأذني وقال ياغدر )) .
3- الضرب وقواعده : وإذا لم يجد مشاهدة العصا ، ولم يجد شد الأذن مع الطفل ، ومازال مصراً على المشاكسة والعناد ، كانت المرحلة الثالثة هذه كفيلة بكسر العناد ، ولكن هل الضرب يمشي هكذا بلا ضوابط ؛ لا .. بالالضرب من الوالدين والمربين له
قواعد تتبع فما هي هذه القواعد ؟
ابتداء الضرب من سن العاشرة : انطلاقاً من الحديث ، مروا صبيانكم بالصلاة وهم أبناء سبه واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ... ومع أن التقصير في عمود الدين وركنه الأساسي الذي يحاسب عليه المرء يوم القيامة أولا ً بعد العقيدة ، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن بضرب الطفل على التقصير به قبل سن العاشرة فمن الأولى في باقي الأمور الحياتية والسلوكية والتربوية التي لا تساوي مكانة الصلاة أهمية ومنزله عند الله تعالى الا يضرب عليها الطفل ، لذلك على المربي أن يتبع قبل العاشرة المراحل السابقة بكل دقة ، وأناة وصبر وحلم على الطفل ، وفي هذا لفته نبوية تربوية رائعة في تقرير سن الضرب لهذا فإن لوالدين في معالجة تصرفات الطفل خصوصاً أن الطفل في مرحلة نموه الجسدي والعقلي إذا تعرض لكثرة الضرب قد تؤذي أحد أعضائه ، وأحياناً قد تؤدي إلى إيذاء نفسي وفكري ، أي يمكن القول أن الضرب للتأديب كالملح للطعام ، فكما أن الملح يوضع بشكل قليل فيغير من طعم الطعام ويحسنه فكذلك الضرب القليل المفيد المثمر هو المطلوب في العملية التربوية ، لأن الهدف كما ذكر هو أن الضرب ضرورة تربوية ، وليست انتقامية أو تفريغ شحنة غضب الوالدين أو المربين ، ولا ننسى أن كثرة الضرب واستخدامه تقلل من هيبته وتفقده مفعولة بالإضافة لما يولده من آثار سلبية في النمو النفسي والفكري للطفل .
* أقصى الضربات عشراً : إن أقصى عدد الضربات لا يتجاوز في أي حال من الأحوال في العملية التربوية عن عشر ضربات وذلك لما أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله )) ....
* الالتزام بمواصفات إدارة الضرب وطريقته ومكانه : إن الالتزام بمواصفات أداة الضرب ومكانه وطريقته يجعل منه ضابطاً لحماقة بعض الوالدين والمربين ، ويضعهم في مواجهة الحقيقة مع أنفسهم عندما لا يلتزمون بها ، فإن هذا يعني منهم الانتقام لا التربية والغضب لا الرحمة والتأني ...
* مواصفات طريقة الضرب : وكذلك يجب أن يكون الضرب بين الضربين ، وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه يقول للضارب ، لا ترفع إبطك ، أي لا تضرب بكل قوة يدك ، والفقهاء متفقون على أن الضرب لاينبغي أن يكون مبرحاً أي موجعاً ولخص الشيخ الفقيه ( شمس الدين الانباري ) طريقة ضرب تأديب الطفل ( في كتابه رسالة رياضة الصبيان ) ...
فقال في كيفية الضرب : 1- أن يكون مفرقاً لا مجموعاً في محل واحد ...
2- أن يكون بين الضربتي زمن يخف فيه ألم الضربة الأولى .
3- أن رفع الضارب ذراعه لنقل السوط لأعضده حتى يرى بياض إبطه ، فلا يرفعه لئلا يعظم ألمه ..
إن هذه الضوابط من أجل أن يؤتى الضرب ثماره التربوية في التأديب والتهيب ، فيتقدم الطفل نحو الأحسن لا الأسوء ، ونحو الأعلى لا أسفل ، ونحو الكمال لا النقصان ، ونحو القمة الأخلاقية والسلوكية لا الحضيض .
مواصفات مكان الضرب : 
لا ينبغي أن يكون في موضع واحد من الجسد بل ينبغي أن يفرق على الجسد كله حيث يأخذ كل عضو من أعضائه حقه ، إلا الوجه والفرج والرأس ، يفضل ابن سحنون أن الضرب على الرجلين ما نقل القابسي عنه في رسالته أحوال المتعلمين ، وأحكام المعلمين والمتعلمين فيقول : وليتجنب أن يضرب رأي الصبي أ ووجهه فإن سحنون قال فيه : لا يجوز أن يضربن ، وضرر الضرب فيهما بين قد يوهن الدماغ ، أو تطرف العين ، أو يؤثر أثراً قبيحاً ، فليتجنبا ، فالضرب في الرجلين آمن وأحمل للألم في سلامة .
لا ضرب مع الغضب والسب ومع ذكر الطفل لله تعالى : لا بد أن يبتعد الضرب عن مصاحبته ببذاءة اللسان في السب والشتم وتقبيح الطفل ، ولهذا أوصى القابسي في رسالته بالابتعاد عن ذلك ، فقال : عندما يكثر خطأ الطفل ولم يغن فيه العزل ، والتقريع بالكلام الذي فيه القواعد من غير شتم ولا سب لعرض ، كقول من لا يعرف لأطفال المؤمنين حقاً فيقول : يا مسخ يا قرد !!!

ارفع يدك عن الضرب إذا ذكر الطفل الله تعالى وأنت تضرب طفلك وتؤدبه .. وهو يتألم .. فإذا استجار بالله تعالى فيدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقف عن الضرب وترفع يدك وتترك الطفل .. وفي هذا لفته رائعة .. فإن الطفل وصل إلى قناعة بخطئة وسيصلحه ، أو وصل إلى مرحلة الألم التي لم يعد يتحملها ، أو وصل على مرحلة الانهيار النفسي ، أو الخوف الشديد ، وإن الاستمرار في الضرب وحالة الطفل هذه تعد جريمة في صورة تربية الطفل وهو دليل على حب الانتقام والتشفي من هذا الطفل المسكين – الذي وقع في ظلم وأحضان الوالد الظالم ..
روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فارفعوا أيديكم ..
وقد يقول قائل أن الطفل إذا علم بهذا قد يتخذها وسيلة للتخلص من الضرب ، ويعاود فعله فالجواب على ذلك : الإقتداء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيه من تعظيم الله عزوجل في نفس الطفل ، وهو كذلك علاج للضارب من أن حالته الغضبية كبيرة جداً مما يستدعي من الطفل ذكر الله تعالى ، والاستعانة به  .
============== مجلة الشقائق . 

قطتي ذبحها "عمــر"

قطتي ذبحها "عمــر"
عبدالهادي الخلاقي

بسم الله الرحمن الرحيم

طفلة بسن السادسة من عمرها كان لديه قطه ماتت وحزنت عليها هذه الطفلة حزن شديد وهذا أمر طبيعي كون الأطفال يتعلقون في هذه الحيوانات الأليفة والتي تعد بالنسبة لهم كفرد من أفراد الأسرة، هذه الطفلة بدت عليها ملامح الحزن والأسى على موت قطتها فكان هذا الحزن واضح جلياً على وجهها في مدرستها فما كان من معلمتها إلا أن أخذتها على انفراد فسألتها عما يضايقها وعن سبب حزنها الشديد فقالت الطالبة: "قطتي ماتت" فسألتها المعلمة وما سبب موتها ؟ فردت عليها الطالبة بانفعال وبوجه حزين قتلها "عمر" فقالت لها المعلمة من أخبرك بأن عمر هو من قتل قطتك فقالت الطالبة: أمي هي من أخبرتني بذلك.

هذه القصة وغيرها من القصص والأكاذيب التي يلقنها الكبار للأبناء وهم في هذه السن حتى ينشئوا على كره هذه الشخصية منذ نعومة أظافرهم، المشكلة ليست في (عمر رضي الله عنه وأرضاه) الذي يعد ثاني الخلفاء الراشدين ومن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن علماء الصحابة الذي في عهده فتحت بقية العراق وشرقه ومصر وليبيا والشام وفلسطين وفارس وخرسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينيا وطجكستان وعادت القدس إلى الدولة الإسلامية والمسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين تحت حكم المسلمين لأول مرة ولا فيما يقال ويفترا عليه ولكن المشكلة الأدهى والأعظم بأن هؤلاء الأطفال يربون على الحقد والكراهية منذ صغرهم، يربون على الكذب وكيفية التعامل بهذه الصفة البغيضة منذ صغرهم، يربون على تزوير الحقائق وتلفيق التهم منذ صغرهم ، يربون على أنهم مظلومين وان حقوقهم سلبت منهم منذ صغرهم. فكيف إذا كبر هؤلاء ما تُـرى أن يكونوا وأي مبادئ سيحمل هؤلاء الناشئة في حياتهم إذا كانت تربيتهم قد بنيت على هذا الأساس وهذه القواعد الكاذبة الحاقدة المطعمة بتزوير الحقائق .

وعندما عادت المعلمة في محاولة منها بإقناع هذه الطالبة بأن هذا ليس صحيح ، تساءلت كيف تبرر لهذه الطفلة بأن (عمر ابن الخطاب) توفي منذ أكثر من 1367 سنة وإنه لم يقتل قطتها ولم يكن هو المتسبب في موتها وإن ما قيل عنه إنما هو كذب وافتراء عار عن الصحة.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، وكما يُقال:"التربية في الصغر كالنقش على الحجر" فإذ كان الأساس تربية صالحة صادقة بعيدة عن الكذب وتلفيق التهم والأكاذيب وخلق قصص لا تمس للواقع بصلة كان لهذا النشء أن يكون لبنة صالحة في المجتمع وفي أسرته وإذا كان غير ذلك فلا يستطيع البناء عليه ويكون ممن يعتمدون الكذب والتلفيق وتدلس الحقائق في حياتهم اليومية بكل أعمالهم وهذا ما يذكرنا به الشاعر بقوله : "وينشا ناشا الفتيان فينا كما قد كان عوده أبوه". ولاشك بان على الوالدين مسؤولية كبيره لأن بيدهم الأساس الذي تقوم عليه شخصية الإنسان لقوله صلى الله عليه وسلم (معلم البشرية وخير مربي لها) " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " فلنحسن تربية أبنائنا ونغرس في نفوسهم صادق الأفعال ونربيهم على القيم الحميدة الفاضلة واحترام الأخلاقيات ومنها قول الصدق والعمل به والاتزان في الحكم على الأمور بمنظور الحيادية يقول النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا) ولا نبرر لهم القيام بأعمال منافية للواقع بأي حجة من الحجج ومهما كانت الغاية التي نسعى إليها فتربية الإنسان دون قيم حميدة وأخلاقيات فاضلة تربية فاسدة غير صحيحة وعواقبها وخيمة سواء على الفرد نفسه أو على أسرته أو على مجتمعه. 


2012-11-06

كــــــــــــــرسيّ ... الحجّاج





وجد الحجاج على منبره مكتوباً : " قل تمتع بكفرك إنك من أصحاب النار " سورة الزمر آية 8 
فكتب تحته : " قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور " سورة ال عمران آية 119 

2012-11-03

حتــــــّى ... لا ننسى




ســجن باربــاروس ( اللحظات الأخيرة ) :كانت ليلة 19 جوان 1956 على الساعة الرابعة صباحا ليلة تنفيذ الحكم اقتيد الى المقصلة وهو يردد ان مت فالجزائر تحيا يقص لنا محاميه لحظاته الأخيرة فيخبرنا أنه رفض أن يلمسه جلادوه وصرخ لا تلمسوني فلستم طاهرين وعلى طول ممر الزنزانات تعالت التكبيرات التي قوبلت في مشهد مهيب بزغاريد النساء في الأحياء المجاورة مودعة أول شهيد ينفذ فيه حكم لإعدام بالمقصلة 
في قاعة المقصلة قبل تنفيذ الحكم أصر على الصلاة وبعد توسلات المحامي سمحوا له بذلك فصلى أحمد لربه فأطال صلاته مما أغضب الفرنسيين فحاولوا أن يقطعوا صلاته إلا أن المحامي والشيخ المفتي طاهر مزياني الحاضر بالقاعة تدخلا وأكدا أنه حقه المطلق بعد أن أتم أحمد زبانة صلاته سلم للمحامي رسالة لأهله ثم أُخذ ووضع على المقصلة وجاءت لحظة الصفر فأسقط الجلادون الشفرة على عنقه ولكنها توقفت على بعد بضع سنتمترات منه في هذه الحاله يقول القانون الدولي أن التنفيذ يلغى نهائيا ولكن بما أن المعدوم ليس إلا خارجا عن قانون فرنسا فهذا لايهم وأعاد الجلادون المحاولة للمرة الثانية فحدث نفس الشيء وتوقفت ال

شفرة وأمام إحتجاجات الدفاع الذي أكد على ضرورة إيقاف التنفيذ كونها إرادة الرب حاول الجلادون للمرة الثالثة فكانت ناجحة ولكن وسط استغرابهم جميعا لم يقع رأس زبانة في السلة على الأرض كما هو معتاد ولم تملأ دماؤه المكان بل سالت ببطئ شديد غريب
الرســالة الأخـــيرة :
تلك الرسالة التي كتبها أحمد زبانة لأهله وخرجت للعلن فيما بعد حملت إيمانا كبيرا تهز كيان من يقرأها رغما عنه وتجعلني ببساطة أبكي وهذا نصها:
أقربائي الأعزاء أمي العزيزة : أكتب إليكم ولست أدري إن كانت هذه الرسالة هي الأخيرة والله وحده أعلم فإن أصابتني أي مصيبة فلا تيأسوا من رحمة الله إنما الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها وما الموت في سبيل الوطن إلا واجب وقد أديتم واجبكم إذ ضحيتم بأعز مخلوق لكم فلا تبكوني بل افتخروا بي وفي الختام تقبلوا تحية ابن وأخ كان دائما يحبكم وكنتم دائما تحبونه ولعلها آخر تحية مني إليكم وأجملها وأني أقدمها إليك يا أمي وإليك يا أبي وإلى نورة والهواري وحليمة والحبيب وفاطمة وخيرة وصالح و دنيا وإليك يا أخي العزيز عبد القادر وإلى جميع من يشارككم في أحزانكم الله أكبر وهو القائم بالقسط وحده
ابنكم وأخوكم الذي يحبكم من كل قلبه 
كان لزاما على جبهة وجيش التحرير أن يأخذا بثأر ابنهما البار كان يجب أن ينتقما له وبالفعل في الليلة الموالية للإعدام قتل جيش التحرير 47 عميلا وأعدم رهينتين فرنسيتين 

قال : اشنقوني فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا 

وامتثل سافرا محياك جلادي ولا تلتثم فلست حقودا 

واقض يا موت في ما أنت قاض أنا راض إن عاش شعبي سعيدا 

::أنا إن مت فالجزائر تحيا حرة مستقلة لن تبيدا ::

من موسوعة إبن الأوراس للتاريخ المجيد