السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2021-07-13

من الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى

 فخذوا أيها المؤمنون بأسباب الرحمة يرحمكم الله تعالى وتجدون آثارها في أنفسكم وفي أموالكم وفي أولادكم وفي دنياكم وأخراكم أيها الإخوة الكرام: إن القرآن الكريم الذي أودعه الله تعالي في قلوبنا وجعله في بيوتنا وفي مساجدنا وفي كل مكان هوبين أيدينا سهلا ميسرا .. 

في هذا القرآن عرفنا رب العالمين سبحانه وتعالي بذاته العلية عرفنا إليه بأسماءه وصفاته جل في علاه ..

 ورد في القرآن أن الله تعالي كريمٌ ورد أنه حكيمٌ حليمٌ عليمٌ ودودٌ قريبٌ هذه السماء الحسنى وهذه الصفات العلى وردت في القرآن بكثرة لكن ما ورد أكثر وأكثر من الأسماء والصفات أن الله تعالى رحمنٌ رحيمٌ أول آية في القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم وعروس القرآن سورة الرحمن وورد الحديث عن رحمة الله تعالي في القرآن ثلاثمائة وخمس عشرة مرة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هو الرحمن سبحانه وتعالي هو الرحيم جل في علاه هو خير الراحمين هو أرحم الراحمين الذي وسعت رحمته كل شيء  {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ}  أرسل الله الرسل رحمة وأنزل الكتب رحمة وأمهل العصاة رحمة وفتح أبواب الصالحات رحمة  {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}  

سبحانه وتعالي يرحم الكبار لشيبتهم يرحم الصغار لضعفهم يرحم من أطاعه فيثيبه يرحم من عصاه فيستره يرحم المؤمن فيكرمه يرحم الكافر فيمهله {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}  أن تبصر بعينيك هذه رحمة من الله تعالي أن تستوي قائما علي قدميك هذه رحمة من الله تعالى أن تصبح وتمسي آمنا في سربك معافى في جسدك عند قوت يومك هذه رحمة من الله سبحانه وتعالي أن تكون صاحب فهم وعلم أن تكون ذا مال وزوج وولد وأن يكون لك مأوى تأوي إليه هذه أيضا رحمة من الله تعالي أن تحيا مؤمنا وأن توفق لعمل الصالحات وأن تُرزق الإخلاص وأن يتقبل الله منك وأن تموت موحدا هذه رحمة وأي رحمة {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 

كل مخلوق له من رحمة الله تعالي نصيب .. لكن تتفاوت أنصبة الناس وتتفاوت حصص الناس من رحمة الله تعالي فالناس في رحمة الله ليسوا سواء منهم من يحظى من رحمة الله بنصيب الأسد ومنهم من حظه من رحمة الله عند أدني درجة ولا يظلم الرحمن أحدا .. ذلك أن رحمة الله الكاملة لا تُنال إلا بطاعته إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها إن الله تعالي حدّ حدودا فلا تعتدوها إن الله تعالي حرم أشياء فلا تنتهكوها .. 

رحمة الله التامة لا تُنال إلا بتقواه لا تُنال رحمة الله تعالي إلا بذكره وشكره وحسن عبادته وطاعة رسوله صلي الله عليه وسلم تُنال رحمة الله تعالي بالتوبة إليه بالعودة إليه تنال بخشيته تنال بمحبته تنال بالحياء منه واستحضار عظمته سبحانه وبحمده .. {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ}  

وفي قراءة {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَساءَ}   {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ, الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} 

 اللهم اجعلنا منهم يا ذا الجلال والإكرام .. ثم إن رحمة الله تعالي بتمامها بكمالها تُنالها أيضا ويكون نصيبك منها وافرا بإحسانك إلي الناس قال الله جل في علاه  {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}  أكْرم الكبار ارْحم الصغار عًلّم الجاهل أطْعم الجوعان اسْق الظمآن أَغث اللهفان وَاس الفقير عُد المريض امسح رأس اليتيم خذ من مالك شيئا خذ من جاهك شيئا خذ من علمك شيئا خذ من قوتك نصيبا فاجعله في سبيل الله أحسن إلي الخلق (كل الخلق) يرحمك الخالق سبحانه وتعالى.. ورد في الصحيح أن صحابيا قال «يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا - أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا – فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: " وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ» " «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ " قالها مرتين» . وخطب النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس يوما فقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: " «ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللهُ لَكُمْ»  وقال عليه الصلاة والسلام «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ» فخذوا أيها المؤمنون بأسباب الرحمة يرحمكم الله تعالى وتجدون آثارها في أنفسكم وفي أموالكم وفي أولادكم وفي دنياكم وأخراكم الخطبة الثانية ورد في الصحيح أنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» » بقي لنا في ختام الحديث المختصر عن رحمة الله تعالي أن نقول : نحن أفقر ما نكون إلي رحمة الله تعالي في الدنيا والآخرة فلا غنى لنا عن رحمة الله طرفة عين نحن فقراء إلي رزقه إلي حفظه نحن فقراء إلي ستره إلي عفوه إلي توفيقه ومدده {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}  قلت: وأفقر ما نكون إلي رحمة الله يوم القيامة يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ, يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ, يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا, يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.. من المبشرات ومن دلائل الرحمات: أن الله تعالي سيحكم بين الناس يوم القيامة باسمه الرحمن {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ}  { لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}  هذه الآيات ما دلالتها ؟ دلالة هذه الآيات أنه إذا كان يوم القيامة رحم الله جل في علاه عباده .. يرحم الله عباده بحسنات يضاعفها يرحمهم بموازين يثقلها يرحمهم بوجوه يبيضها يرحمهم بذنوب يغفرها بعيوب يسترها وبالنار يزحزحهم عنها يرحم الله عباده يوم القيامة فيدخلهم جنته ومستقر رحمته برحمته .. قَالَ النبي عليه الصلاة والسلام:  «سَدِّدُوا وَقَارِبوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَا يُنَجِّيهِ عَمُلُهُ» قِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ» 



عشر ذي الحجة.. اغتنموها ولا تضيعوها



 

اختار الله من الأيام أياما جعلها مواسم خيرات، وأيام عبادات، وأوقات قربات، وهي بين أيام السنة كالنفحات، والرشيد السعيد من تعرض لها، ونهل من خيرها قالﷺ: «افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده»
ومن هذه المواسم النيرات، والنفحات المباركات، أيام العشر الأول من ذي الحجة الحرام، فقد اختارها الله على ما سواها، ورفع شأنها واجتباها، وجعل ثواب العمل فيها غير ثوابه فيما دونها، علاوة على ما خصها الله به من أعمال فريضة الحج التي لا تكون في غيرها.
ومن مظاهر اختيار الله لها:
إقسام الله تعالى بها في كتابه: فهي الليالي العشر في سورة الفجر، وهي الأيام المعلومات في سورة الحج، وفيها يوم عرفة، يوم المباهاة والعتق، وفيها يوم النحر، أفضل أيام الدنيا، وكذلك تفع فيها معظم أعمال الحج وكل أركانه، وكذلك لما فيها من الأضاحي والتزام أمر الله، وإحياء سنن المرسلين محمد وإبراهيم عليهما أزكى الصلوات والتسليم.
وقد توج النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاختيار لأيام العشر ببيان فضل العمل فيها وتقديمه على ما يعمل في سواها، .. فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام» ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء».
وعند الإمام البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى...».(قال الألباني سنده جيد). وروي الطبراني في معجمه الكبير بإسناد جيد: [ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير].
* ما يستحب من العبادات فيها: وقد استحب السادة العلماء أعمالا يفعلها المسلم في هذا الموسم الجليل.. فمنها: أولا: الحج إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر
حج بيت الله الحرم، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (متفق عليه). ثانيا: الصيام فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة كاملة، أو ما يقدر عليه منها؛ لأنه من أصلح الأعمال أولا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها
ثانيا.. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: [كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر...](النسائي وأبو داود وصححه الألباني).
11ثالثا: صوم يوم عرفة لغير الحاج وهو وإن كان من أيام التسع إلا أننا خصصناه بالذكر تنبيها على فضله ففيه زيادة أجر ورجحان مثوبة.. فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» (أخرجه مسلم). فلا يفوتنك أخي المؤمن هذا الأجر العظيم.
11رابعا: الأضحية يوم العيد وهي سنة مؤكدة لمن وسع الله عليه وقدر عليها، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: [ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ ،وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا](متفق عليه). والصفحة هي جانب العنق.. والسنة أن يشهد المضحي أضحيته، وأن يباشرها بنفسه، وأن يأكل منها شيئاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وإن وكَّل غيره كالجمعيات والهيئات الخيرية جاز، ولو كانت خارج البلاد.. وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة أو البقرة عن سبعة.
11خامسا: الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح، وسائر أنواع الذكر، في أيام العشر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى. ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة؛ قال الله تعالى: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج/28].
والجمهور على أنها أيام العشر كما جاء عن ابن عباس وغيره. وفي المسند عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» (وصحّح إسناده العلامة أحمد شاكر).
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ـ ولاسيما في أول العشر ـ فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. سادسا: التكبير دبر الصلوات وهذا أيضا مما يسن في هذه الأيام ومن صالح العمل فيها، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمة رحمه الله قال: "كان علي رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام التشريق ثم يكبر بعد العصر"(أخرجه ابن المنذر والبيهقي. و صححه النووي وابن حجر).
وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن تيمية: "أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة"(مجموع الفتاوى:24/20). وقال ابن حجر: "وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود: "إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى. أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم" (الفتح:2/536) .
أما صيغة التكبير أ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرًا. ب) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد. ج) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد. وهذه الصيغ ذكرها كلها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.. وقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح أثر ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، و الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
سابعا: سائر أعمال البر كالصدقات ونوافل الصلوات، وصلة الأرحام، ومراعاة الأيتام، وكل عمل صالح سواها، فهي كلها داخلة في العمل الصالح الذي هو في هذا الشهر أفضل من غيره. فلنبادر باغتنام تلك الأيام الفاضلة، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل. نسأل الله أن يديم علينا أيام النعم ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

من فاته موسم استدرك في آخر



فمن فاته عشر رمضان الأواخر ولم يحصل فيها ما قصد وعزم ، أو أراد المزيد من أبواب الحسنات والطاعات ، فأمامه عشر ذي الحجة الأوائل بكل ما فيها من فضائل ورحمات من رحمة الله الواسعة ، ولطفه بعباده ، وعلمه بضعفهم وقلة صبرهم أن نوع لهم مواسم الطاعات ووالى بينها .
فمن فاته موسم استدرك في آخر ، ومن قصر في طاعة عوض في أخرى ، وكل ذلك {لمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } فمن فاته عشر رمضان الأواخر ولم يحصل فيها ما قصد وعزم ، أو أراد المزيد من أبواب الحسنات والطاعات ، فأمامه عشر ذي الحجة الأوائل بكل ما فيها من فضائل ورحمات ، ومنن ونفحات ، واجتماع لأنواع العبادات العظيمة .
فما أكرمها وأجلها من أيام. قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم «أفضل أيام الدنيا أيام العشر » وحث صلى الله عليه وسلم الأمة على الإكثار من الأعمال الصالحة فيها، فقال « «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجهاد فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الجهاد فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» "

استر ما ستره الله عليك


 استر ما ستره الله عليك

استُر ما ستره الله عليك"، تلك عبارةٌ نسمعها وقلَّما نقف عندها، فمجتمعنا الذي نعيش فيه اليوم قد كشف كلَّ مستور، وأباح كلَّ محظور. فكم نرى اليوم من العورات التي كُشفت، دون حياءٍ من الله، أو حتى من الناس، وكم نسمع عن قصصٍ أبطالُها فاسدون فاسقون، ينشرون الرذيلة أينما حلُّوا، وإذا قدَّمتَ لهم النُّصح، قالوا: تلك حريةٌ شخصيَّة، نأبى أن تحبسها عنا.
كم منا مَن ابتُليَ بمعاصٍ كثيرة، وأخرى كبيرة، وكم منا مَن نال الشيطان منه في كثير من الأحيان، فأعانه على الإثم، وعلى الفسوق والعصيان، غيرَ أن رسولنا قد أمرنا أن نستتر إذا ابتُلينا بتلك المعاصي والآثام. لقد ستر الله علينا؛ إذ أمرنا بستر سوآتنا وعيوبنا، غير أن نساءنا يكشفْنَها دون حياءٍ من أحد، فكيف لا تُؤثِر نفوسُهن أهواءَهنَّ، وقد تسمَّرن وراء شاشاتٍ لا تَكَلُّ ولا تَمَلُّ عن عرض "فضائحيات"، لا تُبقي سترًا إلا وتكشفه، ولا عيبًا إلا وتظهره، ولا حرامًا إلا وتحلله؟! فالتلفاز بات وسيلةً لنشر فضائح المشاهير، وأصبحت وسائل الإعلام والصحافة - إلا من رحم الله - تستخدم ما يعرف بإعلام الـ paparazzi؛ أي: صحافة التشهير والفضح. أما غير المشاهير، فأصبحوا عُرضةً للتجارب؛ فهذا مَن حاول الانتحار، وتلك مَن تحلم بتغيير شكلها، وهذا يريد أن يقوم بريجيم على الهواء. وقد تتعجب عندما تسمع أحد الإعلاميين "المثقفين والمخضرمين إعلاميًّا"؛ إذ يعتبر العفَّة الحقيقية ليست عفَّةَ الجسد، وإنما عفة العقل! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
على صعيد آخر نرى سيارات الشباب - وغير الشباب أيضًا - تصدح بالأغاني المحرَّمة، ومتى؟ في وقتٍ تعلو فيه المآذن بأذان صلاة الجمعة، وخُطب هذا اليوم العظيم المبارك، فبدل أن ينال الشاب من فضل الصلاة، وأجرها، وثوابها - عدا عن أنها صلاة واجبة - يضيِّع ذلك كلَّه باللهو والغناء والمعاصي، دون أن يستحيي من الله، أو يستحيي من الناس. وأما الفتيات اللاتي أُمرنَ بالاستتار، والتحشم بالحجاب والجلباب، فقد خلعن رداء الحشمة والحياء، بلباسٍ يكشف كلَّ قبيح، ويستر كلَّ حسن، ولباس التقوى ذلك خير، لعلَّهم يذَّكرون. نعم، لقد استطاعت الثقافة الغربية المعادية للإسلام أن تنشر سمومها في أفكار أبناء المسلمين وبناتهم، فجعلت الحريةَ التي ينشدون في خلع اللباس، وارتكاب الفواحش والرذائل، وجعلت التقدَّم والتطوَّر الذي يرغبون به بالتفلُّت من أحكام الإسلام - والعياذ بالله. هناك مَن قال: إذا رأيتَ الناس يعجبون بك، فاعلم أنَّ ذلك سترُ الله عليك. لقد ستر الله لنا معاصيَ كثيرةً، وعيوبًا قد لا يعرفها الناس عنا، فلتكن بداية التغيير حياء من الناس، وستر معاصٍ ظاهرة، تحثُّنا على الخشية من الله، والاستحياء منه - جل وعلا - فهو الذي سترنا في دنيانا، فحريٌّ بنا أن نقابل الإحسان بالإحسان، وأن نردَّ النعمة والفضل والكرم، بالحمد والشكر وطلب الغفران.

13 نصيحة للتخلص من الملل والروتين اليومي

 

13 نصيحة للتخلص من الملل والروتين اليومي

الملل هو ع شعور داخلي يصيب الإنسان عند عدم وجود ما يثير اهتمام الإنسان، حيث يشعر بأنّه معزول في مكان مغلق، ويعود سبب الوصول إلى هذه الحالة في كثير من الأحيان نتيجة الحياة الروتينيّة اليوميّة، والمرور بأوقات مملة.
عزيزي القارئ عليك أن تزيد دافعيتك أكثر وتقرر من داخلك أنّك تريد أن تدخل على حياتك التغير والاستمتاع، وفعل ما تحب رغم انشغالك بالأعمال، بالدراسة، بالعناية بأطفالك، ويحدث هذا من خلال التنظيم الجيد لأعمالك وتحديد وقت ترتاح من الأعباء وتجدد نشاطك وتستعيد حيويتك،
نقدم لكم نصائح للقضاء على الملل والروتين:
1- تحديد هدف واضح للإنسان في الحياة، ورسم صورة مستقبليّة يتمنى الوصول إليها.
2- البحث عن السبب الرئيسي وراء الشعور بالملل، وخلق أفكار إبداعيّة لتأديته بطرق مختلفة عن العادة، من خلال إضافة الأشياء الجديدة إليه، فمثلا العمل المنزلي التي تقوم به السيدة بشكل يومي قد يسبب لها الضجر والملل، وللتخلص من هذا الشعور من الممكن أن تستغل فترة العمل هذه بالاستماع إلى البرامج المسليّة والهادفة، أو تأدية الأعمال اليوميّة بشكل حركي بهدف الحفاظ على لياقة الجسم والاستمتاع بالوقت، وفي حال كان الملل بسبب عدم وجود شيء يفعله الشخص فيمكنه ممارسة التمارين الرياضيّة، أو التحدث مع صديق مقرب.
3- الانخراط في الحياة الاجتماعيّة قدر الإمكان، وزيارة الأهل والأصدقاء والحرص على مجالسة الكبار في السن بهدف التعلم من خبرتهم في الحياة والاستفادة من حكمتهم.
4- ترفيه النفس بالأمور التي ترضي الله سبحانه وتعالى كالخروج، والتنزه قليلاً، والسفر، والتحضير لرحلة مع الأصدقاء.
5- استغلال الوقت من خلال تقسيمه على نشاطات الحياة والعمل بالشكل الصحيح.
6- تأمل الكون وفي عظيم ما أبدع الله سبحانه وتعالى.
7- التحكم في الأفكار التي ترد إلى الذهن، واستبدال الأفكار السلبيّة بأفكار إيجابية تفيد الإنسان وتنفعه في تطوير حياته.
8- التحرك للتغلب على الكسل والخمول.
9- تغذية العقل من خلال القراءة في المواضيع المختلفة، ومشاهدة البرامج الوثائقيّة العلميّة التي تشعل فضول الإنسان، والحرص على التثقف في مختلف المواضيع.
10- تعلّم المهارات المختلفة مثل التصوير، والرسم، والحياكة، والأعمال اليدويّة والفنيّة المختلفة.
11- تجنّب الجلوس مع الأشخاص السلبيين والمتشائمين.
12- تعلّم تحضير أطباق جديدة وصحيّة. تصفح المواضيع والمقالات على الإنترنت في مختلف المجالات.
13- ترتيب المنزل والحاجيات الأشياء الخاصة بالفرد مثل ترتيب المكتب، والخزائن، والملابس، وترتيب المطبخ.

2021-07-10

فضل عشر ذي الحجة


 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ» قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: «ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ» الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الله تعالى يفضّل من خلقه ما يشاء ويختار كما قال سبحانه: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68].  

 وقد فضل الله تعالى من البشر الأنبياء والرسل وفضل من الرسل ألي العزم منهم وفضل من أولي العزم من الرسل الخليلين، محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وفضل من الخليلين نبينا صلى الله عليه وسلم، وفضل من الأمكنة مكة أم القرى، وفضل بعض الأزمنة، ففضل من الليالي ليالي العشر الأخيرة من رمضان، ومن الأيام أيام عشر ذي الحجة، وحديثنا هنا عن فضل العشر الأولى من ذي الحجة، فهي من أفضل مواسم الطاعات التي أكرمنا الله تعالى بها فإن العمل فيها أفضل وأحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ» قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: «ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ» (رواه أبو داوود وصححه الألباني).   

وفيما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه» ، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، «إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ». 

  قال ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري": والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره. 

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى"، عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟ فأجاب: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.   أيها الأحبة في الله: إنها أفضل أيام الدنيا فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « [أفضل أيام الدنيا العشر] – يعني: عشر ذي الحجة. قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: «ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه بالتراب...» الحديث. "صحيح الترغيب والترهيب" للألباني. 

  وفي قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، قال ابن كثير رحمه الله: الليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة. 

كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف.   

وفي قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]؛ قال جمع من المفسرين من الصحابة والتابعين أنها أيام العشر.   ومن فضائل هذه العشر أن فيها يوم عرفة خير يوم طلعت فيه الشمس كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم، من صامه كفَّر الله تعالى عنه سيئاته سنة ماضية وسنة مقبلة كما في الحديث الصحيح، ومن فضائلها أن فيها يوم عظيم وهو يوم النحر ويوم الحج الأكبر، قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: 3].  

 ومن فضائل عشر ذي الحجة أن فيها أكمل الله الدين لهذه الأمة فقد روى البخاري ومسلم في الصحيحين أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ.  

 أيها الأحبة الكرام: ينبغي علينا أن نغتنم هذه العشر المباركة بالمسارعة في الخيرات، والإكثار من أنواع الطاعات، كالصلاة وصيام التسع منها وذكر الله تعالى وقراءة القرآن والصدقات وبر الوالدين وصلة الأرحام والحج والعمرة والإحسان إلى الناس، وغيرها من أوجه البر والإحسان.  

 ومما يستحب في هذه العشر على وجه الخصوص الإكثار من التكبير والجهر به، {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28].   قال الإمام البخاري - رحمه الله -: كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهلل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا، وكذلك فعل ابن عمر.   والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وهو من السنن المهجورة التي ينبغي إحياؤها في هذه الأيام المباركات. 

  ويسن إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به النساء، إعلاناً بتعظيم الله تعالى، ويستمر إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق.  

 وأما التكبير الخاص المقيد بأدبار الصلوات المفروضة، فيبدأ من فجر يوم عرفة ويستمر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق، لقوله عليه الصلاة والسلام:  «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله».   فالموفق من جدَّ واجتهد واغتنم هذه المواسم الفاضلة بطاعة ربه ولم تشغله الدنيا وشهواتها الفانية.   قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].   

وفقنا الله وإياكم لطاعته وجعلنا وإياكم من المسارعين في الخيرات وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ____


التكبير جلال وإجلال

 

إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْهَـــا   ***   فَإِنَّ لِكُلِّ عَاصِفَــةٍ سُــكُـــــون  وَلاَ تَغْفُلْ عَنِ الإِحْسَانِ فِيهَا   ***   فَمَا تَدْرِي السُّكُونُ مَتَى يَكُون

{وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}  [البقرة: 231].  

 (الله أكبر) ما أجل معناها وما أعظم ثوابها وما أقوى أثرها.   قال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنَ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا»؟ قَالَ رَجُلٌ مَنِ الْقَوْمِ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ»؛ أخرجه مسلم.   (الله أكبر كبيرًا) جلالٌ للهٍ وإجلالٌ لجنابه، وعلوٌ لله وسموٌ لصفاته {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9].   (الله أكبر) تحيا القلوب بتردادها وتستعذب الآذان بسماعها. 

اللهُ أَكبَرُ مَا أَحْلَى النِّدَاءَ بِهَا ♦♦♦ كَأَنَّهُ الرِّيُّ فِي الأَرْوَاحِ يُحْيِيْهَا   (الله أكبر) تتفكر الأفئدة بمعناها حين تُقهر، وترددها الألسن حين تذل النفوس وتجبر. الله أكبر كل هم ينجلي ♦♦♦ عن قلبٍ كلٍ مكبرٍ ومهلل   تكبير الله يدوي كل الآفاق، ويخترق جميع الأقطار، يعلن أن الله هو الكبير المتعال. وما أتت بقعة إلا سمعت بها ♦♦♦ الله أكبر تسعى في نواحيها   سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيًّا يرعى غنمًا يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْفِطْرَةِ» (أخرجه مسلم).  

 فطرت الله التي فطر الناس عليها.  

 إذا عُظم المخلوق وكثر إطراؤه، فاذكر الله وكبر أسماءه، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45].   

إذا زمجر الباطل وعلا صياحه، فكبر الله، يخبوا صهيله وتتهاوى حصونه.. حاصر النبي صلى الله عليه وسلم خيبر فلما امتنعت حصونها قال: «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ» (متفق عليه).  

 إذا علوت مرتفعًا فكبر الله تذكيرًا بعظمة الله وعلوه.. قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: كان النبي صلى الله عليه وسلم كلَّما عَلَا شَرَفًا مِنَ الْأَرْضِ أَوْ أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ: كَبَّرَ ثَلاَثًا. متفق عليه. 

  تكبير الله قرين التسمية عند التذكية، يقال عند الجمرات وفي صعيد عرفات، ويذكر عند محاذاة الحجر وعند إرادة السفر، يقال أدبار الصلوات وفي الأيام المعلومات، يقال عند الرقاد ويُشرع ليالي الأعياد.  

 قال ابن تيمية رحمه الله: "التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع أو لعظمة الفعل أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة". الله أكبر ما أعلى أياديه ♦♦♦ تبارك الله تمت نعمة الله   (الله أكبر) مع (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله)، هن الباقيات الصالحات، ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].  

 تكبير اللهِ وذكرهِ لا يعذر بتركه أحد، شعارُ هذه الأيَّام، {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: هي أيَّام العشر.   وفي "صحيح البخاري" أن أبا هريرة وابن عمر كانا يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.   

وكان عمر بن الخطاب يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا.   وكان ابن عمر يكبر بمنى خلف الصلوات وعلى فراشة وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعًا. أخرجه البخاري.  

 ويستحب رفع الصوت بالتكبير، قال مجاهدٌ لرجلٍ يكبر: أفلا رفعت صوتك؟، فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر بالمسجد، فيرتج بها أهل المسجد، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي، حتى يبلغ الأبطح، فيرتج بها أهل الأبطح، وكلام الله أفضل الذكر، وإذا رأيتَ من نفسك إقبالًا، فزِدْ فيها أعمالًا.   إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْهَـــا   ***   فَإِنَّ لِكُلِّ عَاصِفَــةٍ سُــكُـــــون  وَلاَ تَغْفُلْ عَنِ الإِحْسَانِ فِيهَا   ***   فَمَا تَدْرِي السُّكُونُ مَتَى يَكُون    كان أبو مسلم الخولانيُّ يقول: "أَيَحسَبُ أصحابُ محمد أن يسبقونا برسول الله؟! والله لنزاحمَنَّهم عليه في الحوضِ".   

نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه، واستغفروا ربكم إنه كان غفارًا.  

 في زماننا فتن عظيمة، وبلايا كبيرة، ومحن جسيمة، لا يثبت فيها على الدين، إلا من وفقه الله للعمل الصالح والعلم المتين، وأبعد نفسه وأهله عن مواطن العطب، قال عليه الصلاة والسلام: «بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يُصبِح الرجل مؤمنًا، ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا؛ يبيعُ دينَه بعَرَض من الدنيا»  (أخرجه مسلم).  

 وقد أطلت علينا خير أيام الدنيا، لا يعدل العملَ فيهن عملٌ آخر في أي يوم من أيام العام، إلا الشهيد المضحي بماله ونفسه، فضلًا من الله ونعمة.  

 فأكثروا يا مؤمنون من الصالحات ومن الدعوات الموقنات، لأنفسكم ولوالديكم واهليكم ولعموم المسلمين ولمن يتعرضون للأذى والضرر، والنكبات، ودعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب من الأدعية المستجابات.  

 ومَن أراد أنْ يُضحِّي فيجب عليه أنْ يُمسِك عن شعره وأظفاره، فلا يأخُذ منه شيئًا؛ كما ثبت ذلك في "صحيح مسلمٌ"، وأخذ اللحيةٍ محرم على الدوام. 

وكان نبيكم صلى الله عليه وسلم كث اللحية.. و"طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا".



2021-07-09

فضل الذكـر

إن من أفضل الأعمال الصالحة اليسيرة التي تقرب المسلم إلى ربه - جل وعلا - الذكرُ. فإن من أفضل الأعمال الصالحة اليسيرة التي تقرب المسلم إلى ربه - جل وعلا - الذكرُ. 

وقد ذكر الله تعالى الذاكرين في كتابه بأجل الذكر، فقال سبحانه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190-191]

وبيَّن في آية أخرى فضل الذكر، وأنه تطمئن به قلوب أهل الإيمان؛ فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، وجعل جزاء الذاكر أن يذكره - سبحانه - وهل هناك أرفع من أن يذكر الله سبحانه عبده المؤمن؟! قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: يقول الله - عزَّ وجلَّ -: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأٍ هُمْ خير منهم» . 

قال ابن القيم - رحمه الله -: "ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلاً وشرفًا". 

وانظر إلى هذا الحديث العجيب في بيان فضل الذكر والذاكرين: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: "بلى يا رسول الله" !قال: ذكر الله عز وجل» . 

 وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في طريقه إلى مكة، فمرَّ على جبل يقال له جمدان" فقال:  «سيروا هذا جمدان، سبق المُفَرِّدُونَ». قالوا: "وما المُفَرِّدونَ يا رسول الله"؟! قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات»

. وعن أنس - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله منذ صلاة الغداة حتَّى تطلع الشمس، أَحَبُّ إليَّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أَقْعُدَ مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، أَحَبُّ إليَّ من أعتق أربعة» .

 قال أبو بكر: "ذَهَبَ الذَّاكِرُون الله بالخير كله". 

وقال أبو الدرداء: "لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل". 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فقد الماء"[8]؟! وقال ابن القيم: "وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان، وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذاكِرُ معانِيَهُ ومقاصِدَهُ".

 عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة،كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يُمْسِيَ، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت كانت مثل زبد البحر» . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "جاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: "ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون". قال: «ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خيرَ مَنْ أنتم بين ظهرانيه، إلا من عمل مثله، تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين»  الحديث. 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن أقول سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، أَحَبُّ إليَّ مِمَّا طَلَعَتْ عليْهِ الشَّمْسُ». 

وقد أمر الله عباده المؤمنين بالذكر الكثير فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41-42].

والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته من الأذكار ما يملأ الأوقات! فلكل حالة أو زمن ذكرٌ يخُصُّه؛ ففي الصباح أذكار مخصوصة، وفي المساء كذلك وعند النوم، واليقظة، وعند دخول البيت والخروج منه، وعند طعامه وشرابه، وغير ذلك من أحواله. ولا شك أن من حافظ على هذه الأذكار فإنه سيكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وبهذا يأمن مما اتصف به المنافقون حيث يقول الله عنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142]

ومن الأذكار العامة التي تشرع في كل وقت: ما رواه ابن عباس عن جويرية: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها بكرة، حين صلى الصبح، وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى". فقال: «مازلتِ على الحال التي فارقتك عليها»؟! قالت: "نعم"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لقد قلتُ بعدكِ أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزنتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» . 

ومن الأذكار التي تقال في الصباح والمساء، ويقولها العبد كلما شعر بحاجته إلى مغفرة ربه، عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: وَمَنْ قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو مُوقن بها، فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» . 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



كن قدوة لابنك

 كن قدوةً صالحة لابنك، كن إنسانًا صالحًا خيِّرًا؛ يتأسَّى بك ابنُك، بل ويتأسَّى بك الآخرون، فلا يمكن أن يتربَّى الأولاد على الأخلاق الرَّفيعة، والمبادئ السَّامية، ولو سمعوا من والديهم مِئات النَّصائح والإرشادات وهم يشاهدونهم وهم يفعلون عكسَ ما يقولون 

  فبعض الآباء ليس قدوةً حسنة لأبنائه، فهو سيِّئ الخلُق مع أبنائه، ومع زوجته، ومع الناس أيضًا، فتجد مثلاً أنه:

 1- لسانه فاحش وبذيء، وهو يريد ابنًا نظيفَ اللِّسان، طاهرَ المقال، حتى إنِّي رأيتُ رجلاً قريبًا لي دخل عليه ابنه فسبَّه - (الابن يسبُّ أباه) - وأخذ الأبُ يضحك، وكأنَّ شيئًا لم يكن، وقال الأب كلمةً بمعنى: انظروا ولدي كَبِر.  

 2- وهو موجود في البيت، فيرنُّ الهاتف، فيقول لمن يَرفع السماعة من أبنائه: قل لهم: إنِّي غير موجود؛ فيكون هناك تناقُض عند الابن، ويبيِّن لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم خطورةَ مثل هذا الفِعل، فعن عبدالله بن عامر رضي الله عنه قال: دعَتني أمِّي يومًا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في بيتنا، فقالَت: يا عبدالله، تعالَ حتى أعطيَك، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما أردتِ أن تعطيه»؟، فقالت: أردتُ أن أعطيه تمرًا، فقال: «أما إنَّك لو لم تُعطِه شيئًا، كُتبَت عليك كَذِبة».

  بعضُ الناس يظنُّ أنَّ الصِّغار لا يفهمون؛ فلذلك لو كذب عليهم فلا يهمُّ، والحقيقة خلاف ذلك

 لذا على المربِّي أن يُدرك أنَّ الصغار لهم إدراك وإحساس، بل لهم مشاعر يَجب أن يراعيها ويقدرها حقَّ قَدرها حتى تؤتِي التربيةُ ثمارها.  

 3- يدخِّن عند أبنائه ولا يبالي ولا يهتمُّوفضلاً عن أنَّه حرام فهو سلوكٌ سيِّئ؛ لأنَّ الابن غدًا سيدخِّن، ومَن قدوتُه في ذلك؟ إنَّه والده.   يقول أحد المدخِّنين: تركتُ علبةَ التدخين عند فراش النوم، ولي طِفل عمره أربع سنوات، فصلَّيتُ الفجرَ ثمَّ عدتُ إلى النوم وما وعيتُ إلاَّ على صوت زوجتي وهي تقول: قم وانظر إلى ولدك في المطبخ ماذا يفعل؟ يقول: رأيتُ ابني وقد أَشعل السيجارة ووضعَها في فمه، فصعق الأبُ وذُهل، ولكنَّه تمالَك نفسَه وقال: بنيَّ، لماذا تفعل هكذا؟ فألهم الله الابنَ فقال: أفعل مثلَك يا بابا، فكانت صفعةً مؤلِمةً للأب، وسببًا من أسباب إقلاعه عن التدخين. 

  ما أجمل أن يرى الابنُ أباه قدوةً حسنَة، أنموذجًا متحرِّكًا في أرجاء المنزل، يترجِم الآدابَ الإسلاميَّة سلوكًا حيًّا؛ فيلمس الأبناءُ ذلك، ويعيشونه واقعًا، فيكون له الأثر الإيجابي في حياتهم.   وإنَّ صلاح الأب لَيؤثِّر على الأبناء، ألم تَقرأ قولَ الله سبحانه: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]

 قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: "حُفِظا بصلاح أبيهِما، ولم يُذكر لهما صلاح..."
؛ أي: لم يَذكر سبحانه وتعالى صلاحًا للأبناء، وإنَّما ذكر الصلاحَ للأب، فحفظ الله الكنزَ بسبب صَلاح الأب.



فضل العشر من ذي الحجة والعمل الصالح فيها

 


 من رحمته بالعباد أن فاضل بين الأوقات والأزمنة، فاختار منها أوقاتاً خصها بمزيد الفضل وزيادة الأجر، ليكون ذلك أدعى لشحذ الهمم، وتجديد العزائم، والمسابقة في الخيرات والتعرض للنفحات، ومن هذه الأزمنة الفاضلة أيام عشر ذي الحجة .. 

الله سبحانه وتعالى هو المتفرد بالخلق والاختيار قال تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون}  [القصص 68]، ومن رحمته بالعباد أن فاضل بين الأوقات والأزمنة، فاختار منها أوقاتاً خصها بمزيد الفضل وزيادة الأجر، ليكون ذلك أدعى لشحذ الهمم، وتجديد العزائم، والمسابقة في الخيرات والتعرض للنفحات، ومن هذه الأزمنة الفاضلة أيام عشر ذي الحجة التي اختصت بعدد من الفضائل والخصائص. فقد أقسم الله بها في كتابه تنويها بشرفها وعظم شأنها فقال سبحانه: {والفجر ، وليال عشر ، والشفع والوتر} [الفجر 

 قال عدد من أهل العلم إنها عشر ذي الحجة . وشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها أعظم أيام الدنيا، و أن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال - صلى الله عليه وسلم-: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»  رواه الترمذي وأصله في البخاري ، وفي حديث ابن عمر : «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» (رواه أحمد). 

وفيها يوم عرفة الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة رضي الله عنها: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء»؟ (رواه مسلم)، وهو يوم مغفرة الذنوب وصيامه يكفر سنتين. وفيها أيضاً يوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله قال - صلى الله عليه وسلم -: «أعظم الأيام عند الله تعالى، يوم النحر، ثم يوم القرّ»  (رواه أبوداود).

 وإنما حظيت عشر ذي الحجة بهذه المكانة والمنزلة لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها. وقد تكلم أهل العلم في المفاضلة بينها وبين العشر الأواخر من رمضان، ومن أحسن ما قيل في ذلك ما ذهب إليه بعض المحققين من أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان الأخيرة، وليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة جمعاً بين النصوص الدالة على فضل كل منها، لأن ليالي العشر من رمضان إنما فضلت باعتبار ليلة القدر وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضلت باعتبار الأيام، ففيها يوم النحر ويوم عرفة ويوم التروية.

 وهناك أعمال صالحة تتأكد في هذه العشر جاءت النصوص بالحث عليها، والترغيب فيها من أهمها:

 التوبة النصوح والرجوع إلى الله، والتزام طاعته والبعد عن كل ما يخالف أمره ونهيه بشروط التوبة المعروفة عند أهل العلم، فقد أمر الله بها عباده المؤمنين فقال: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور 31] ولا غناء للمؤمن عنها في جميع الأوقات والأزمان. ومن أعمال عشر ذي الحجة الحج إلى بيت الله الحرام، فمن المعلوم أن هذه الأيام توافق فريضة الحج، والحج من أعظم أعمال البر كما قال - صلى الله عليه وسلم - وقد سُئل أي العمل أفضل، قال: «إيمان بالله ورسوله»، قيل ثم ماذا ؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» ، قيل ثم ماذا؟ «قال حج مبرور» (متفق عليه)، فينبغي للمسلم إن وجد سعة في ماله، وصحة في جسده أن يبادر بأداء هذه الفريضة العظيمة، لينال الأجر والثواب الجزيل، فهي خير ما يؤدى في هذه الأيام المباركة. ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله في هذه الأيام العشر المحافظة على الواجبات وأدائها على الوجه المطلوب شرعاً، وذلك بإحسانها وإتقانها وإتمامها، ومراعاة سننها وآدابها، وهي أولى ما يشتغل به العبد، قبل الاستكثار من النوافل والسنن ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة: «وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه....»  (رواه البخاري).

 وبعد إتقان الفرائض والمحافظة على الواجبات ينبغي للعبد أن يستكثر من النوافل والمستحبات، ويغتنم شرف الزمان، فيزيد مما كان يعمله في غير العشر، ويعمل ما لم يتيسر له عمله في غيرها، ويحرص على عمارة وقته بطاعة الله تعالى من صلاة، و قراءة القرآن، ودعاء وصدقة، وبر بالوالدين وصلة للأرحام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإحسان إلى الناس، وأداء للحقوق، وغير ذلك من طرق الخير وأبوابه التي لا تنحصر.

 ومن الأعمال التي ورد فيها النص على وجه الخصوص الإكثار من ذكر الله عموما ومن التكبير خصوصاً لقول الله تعالى: {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج 28]،. وجمهور العلماء على أن المقصود بالآية أيام العشر، وكما في حديث ابن عمر المتقدم «فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» (رواه أحمد)

ويسن إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به النساء، إعلاناً بتعظيم الله تعالى، ويستمر إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق، وهو من السنن المهجورة التي ينبغي إحياؤها في هذه الأيام، وقد ثبت أن ابن عمر و أبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. وأما التكبير الخاص المقيد بأدبار الصلوات المفروضة، فيبدأ من فجر يوم عرفة ويستمر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق لقوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} [البقرة 203]. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» (رواه مسلم). 

ومن الأعمال التي تتأكد في هذه الأيام الصيام، وهو بالإضافة إلى أنه داخل في عموم العمل الصالح إلا أنه قد ورد فيه أدلة على جهة الخصوص فعن حفصة رضي الله عنها قالت: ( أربع لم يكن يدعهن النبي - صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة ) رواه أبو داود وغيره، والمقصود صيام التسع، لأنه قد نُهِي عن صيام يوم العيد، قال الإمام النووي عن عشر ذي الحجة " صيامها مستحب استحباباً شديداً "، وآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج، فقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفّر السنة الماضية والباقية» (رواه مسلم). 

ومن الأعمال أيضاً الأضحية وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، بل إن من العلماء من قال بوجوبها وقد حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -. فهذه أهم الأعمال الصالحة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، ويبقى باب العمل الصالح أوسع مما ذُكِر، فأبواب الخير كثيرة لا تنحصر، ومفهوم العمل الصالح واسع شامل ينتظم كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فينبغي لمن وفقه الله، أن يعرف لهذه الأيام فضلها، ويقدر لها قدرها، فيحرص على الاجتهاد فيها، ويحاول أن يتقلل فيها ما أمكن من أشغال الدنيا وصوارفها، فإنما هي ساعات ولحظات ما أسرع انقضاءها وتصرمها، والسعيد من وفق فيها لصالح القول والعمل.



دموع مسكوبة على عتبات العشر

 



سميت عشر ذي الحجة بالأيام المعلومات لأنها أيام ( الحج ) ولأنها أيام القائمين والعاكفين والطائفين والركع السجود، أيام الزحام عند البيت الحرام 

أيها الإخوة الكرام: مرت الأيام بسرعة البرق حتى أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من خير أيام الدنيا .. 

مرت علينا شهور وأيام حتى أصبحنا على موعد مع العشر أيام الأول من ذي الحجة .. ورد في القرآن الكريم أن من أيام الدنيا أيام ( معدودة )، ومنها أيام الدنيا أيام (معدودات)، ومن أيام الدنيا أيام (معلومات).. أما الأيام المعدودة فلم تذكر إلا بشر ولم يأت للخير فيها نصيب، وأما الأيام المعدودات فقد يكون فيها شر وقد يكون فيها خير ، أما الخير الخالص أما الخير كله وأما البركة كلها وأما الفضل كله فقد حازته بحذافيره وفازت به الأيام المعلومات .. 

وما الأيام المعلومات ؟ الأيام المعلومات هي العشر أيام الأول من ذي الحجة، وقد ورد ذكرها في سورة الحج في قول الله تعالى " {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} .. 

" سميت عشر ذي الحجة بالأيام المعلومات لأنها أيام ( الحج ) ولأنها أيام القائمين والعاكفين والطائفين والركع السجود، أيام الزحام عند البيت الحرام نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتوب علينا وأن يجبر خواطرنا وأن يقر أعيننا وأن يفتح أبواب الحج التي أغلقت وأن يأذن به لكل مسلم ومسلمة.. 

سميت عشر ذي الحجة بالأيام المعلومات لأنها أيام ( الحج ) ولا ينعقد حج إلا فيها، أيام معلومة ومشهورة يعلمها القاصي والداني أودع الله فيها مصالح وبسط فيها أرزاق وجعل فيها منافع واسعة قد تسع المؤمن وغير المؤمن .. 

قال الله تعالى (ليشهدوا منافع لهم ) منافع دينية، منافع روحية، منافع مالية، منافع ثقافية، منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة {(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم )} 

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكتبنا جميعا حجابا وزوارا وعمارا للبيت العتيق وأن يعجل برفع البلاء عاجلا غير آجل إنه سبحانه على ما يشاء قدير .. 

أيام العشر الأول من ذي الحجة فاقت في الشرف كل أيام الدنيا حتى أيام رمضان رغم شرفها العظيم إلا أن الأيام العشر الأول من ذي الحجة أشرف منها وأعظم منها أجرا.. عشر ذي الحجة هى الأيام التى قصدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث يوم قال ( «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ » ) فسأله سائل من أصحابه فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فأجابه الرسول عليه الصلاة والسلام بأن العمل الصالح فى عشر ذى الحجة أحب إلى الله وأفضل وأعظم من العمل الصالح فى غيرها من الأيام حتى من الجهاد فى سبيل الله ولا يتحصل أحد على ثواب عظيم مثل ما يتحصل عليه الناس فى عشر ذى الحجة إلا رجل واحد .. أتدرون من هو ؟؟ 

هو رجل خرج مجاهداً فى سبيل الله بماله ونفسه فضاع ماله وعقر جواده ونال هو شرف الشهادة فى سبيل الله.. كما قال النبي عليه الصلاة والإسلام .. خير أيام الدنيا عشر ذي الحجة لأنها من شهر حرام ولأنها جمعت أمهات العبادة.. 

ففي عشر ذي الحجة صلاة وفيها صيام وفيها صدقات وفيها ذكر لله تعالي وفيها تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وفيها عمرة وفيها حج البيت الحرام وفيها النحر وفيها الهدي وما من أيام جمعت هذه العبادات مجتمعة إلا هذه الأيام .. 

قد تكون العمرة إلى البيت الحرام في وقتنا هذا عزيزة، وقد نكون قد حرمنا من زيارة البيت العتيق فلا قرعة ولا سياحة ولا جمعيات لا بري ولا بحري ولا جوي .. 

حرمنا من الطواف حول الكعبة ومن الصلاة عندها لسنتين متتاليتين لعلة وحكمة قد نجهلها ويعلمها الحكيم العليم سبحانه، وقد يكون الحج اليوم حصرا وقصرا للموعود فقط، بضعة آلاف فقط من (حاضري المسجد الحرام) يؤذن لهم بالحج، ويؤذن لنا فقط أن ننظر إليهم وأن نغبطهم على ما أوتوا..

 لكن تبقى جميع أبواب العمل الصالحة مفتوحة بفضل الله تعالي وكرمه ف(صلوا، وصوموا، وتصدقوا، وسبحوا، وهللوا، وكبروا، واذكروا الله تعالى قياما، وقعودا، وعلى جنب،واصدقوا النوايا، وأخلصوا الأعمال " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له" 

 بقي لنا في ختام الحديث أن نقول : كلما أهلت علينا عشر ذى الحجة من كل عام كان لزاماً علينا أن نذكر الناس بسنة النبى عليه الصلاة والسلام فى هذه الأيام المباركة وذلك فى حق من كانت عنده أضحية فقط.. من السنة أيها المؤمنون فى حق من كانت عنده ذبيحة وهلّ عليه هلال ذى الحجة ألا يقلم أظفاره ألا يقص شعره حتى يذبح أضحيته يفعل ذلك تزهدا وتقربا إلى الله تعالى وإحياء لسنة النبي عليه الصلاة والسلام قال الرسول عليه الصلاة والسلام « (من كان له ذبحٌ يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذنّ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي )» 

هذه سنة مستحبة (سنة قولية وفعلية وخلقية ) عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذه الأيام المباركة من كل عام تقوم وتنام وأنت فى كل لحظة يكتب لك أجورا وحسنات.. كونك متأسيا بسنة رسول الله (ترك تقليم الأظافر وترك الحلق أو التقصير )

 فى هذه الأيام سنة مستحبة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وفى الحديث يرغب النبى فى العمل بسنته فيقول ( من أحب سنتى فقد أحبنى ومن أحبنى كان معى فى الجنة هكذا قال النبى عليه الصلاة والسلام.



استشعر أنك في مضمار سباق


 إذا سارع بعض الناس في الاثم والعدوان فسارع أنت في الخيرات، وإذا سابق بعضهم إلى اللذات، فسابق أنت إلى مغفرة ربك وجنته، وإذا فرَّ بعضهم من الله ففرَّ أنت إليه، فإنه لا يقربك منه إلى الإسراع إليه، ولا ينجيك منه إلا الفرارُ إليه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].  

 تأملْ قولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} واستشعر أنك في مضمار سباقِ، وضع نصب عينيك الجائزة الكبرى، إنها المغفرةُ، التي هي أُمنِيةُ كل إنسانٍ، والجنَّةُ مهوى أفئدةِ المؤمنينَ.   وتأمل ما يوحي به ذلك اللفظُ: {سَارِعُوا}، الذي يدلُّ على المفاعلة، ومعناه المبادرة إلى فعل الخيرات، فهناك من يسارعُ إلى اللَّهِ تَعَالَى، ويبادر إلى طاعته فمهما بدت له طاعة طار إليها، ولسان حاله: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84].   وقريب منه قوله تَعَالَى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ}. [الْحَدِيدِ: 22]، والمسابقة شدة العَدْوِ في السيرِ، فهناك من يسابقك إلى الله، وينافسك في مرضاته، وهذا الذي ينبغي أن تصرف همتك إليه، وأن تحرص كل الحرص عليه.   وقريب من المسارعةِ والمسابقةِ الفرارُ، لكنَّ الفارَّ عنده من الحرص ما ليس عند المتسابقين والمسارعين، وإذا كلَّ المتسابق توقف، وإذا أعي المسارعُ تباطأ، والفارُّ ينسيه الفزعُ تعبَهُ، ويُشغِلُهُ الخوفُ عن الإِعياءِ، لذلك ذكر الله تعالى الفرار حين دعا عباده إليه؛ فقال: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}. [الذاريات: 51] فأمر بأعظم الأسباب، لتحقيق أعظم مطلوب. 

  ومن الأمر بالمسارعة والمسابقة الفرار يتبين أن العجلة مذمومة في كل شيء إلا في الخيرات، وفعل الطاعات، والأناة ممدوحة في كل حال إلى فيما يحبه الله، ويقرب العباد إليه.   وَالذين يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ هم أولى بثناءِ الله تعالى كما قال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].  

 فيا عبد الله إذا سارع بعض الناس في الاثم والعدوان فسارع أنت في الخيرات، وإذا سابق بعضهم إلى اللذات، فسابق أنت إلى مغفرة ربك وجنته، وإذا فرَّ بعضهم من الله ففرَّ أنت إليه، فإنه لا يقربك منه إلى الإسراع إليه، ولا ينجيك منه إلا الفرارُ إليه.