السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-08-30

خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432ه



خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432ه
المسجد العتيق بلدية غيلاسة بقلم أ عبد النور خبابة
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي سهل لعباده طريق العبادة ويسر، ووفَّاهم أجورهم من خزائن جوده التي لا تحصر، سبحانه له الحمد على نعمه التي تتكرر، وله الشكر على فضله وإحسانه وحق له أن يشكر. نشهد أنه الله لا إله إلا هو انفرد بالخلق والتدبير، وكل شيء عنده بأجل مقدور، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام وزكى وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهر. الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه التي لا تحصى، وآلائه التي تترى، ألا وإن يومكم هذا يوم شريف، فضله الله وشرفه، وجعله عيدًا سعيدًا لأهل طاعته، يفيض عليهم فيه من جوده وكرمه، فاشكروه على إكمال عدة الصيام، واذكروه وكبروه على ما هداكم وحباكم من نعمة الإسلام، واعبدوه حق عبادته،  فإنه خلقكم لها قال سبحانه:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون﴾ واعرفوا ـ رحمكم الله ـ نعم الله عليكم وفضله في هذا اليوم السعيد، فإنه اليوم الذي يفيض الله فيه على المؤمنين سوابغ نعمائه، ويعمهم بواسع عطائه، ويشمُلهم بفضله وإحسانه، هذا يوم توّج الله به الصيام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام.قال ربنا جل وعلا:﴿وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
أمّة الإسلام: العيد استمرارٌ على العهد وتوثيق للميثاق. فيا من وفّى في رمضان على أحسن حال، لا تغير في شوال. ويا من أدرك العيد، عليك بشكر المنعِم والثّناء عليه، ولا تنقض غزلاً من بعد قوّة وعناء، ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾  العيد بقاء على الخير وثبات على الجادة واستمرار في الطّريق،.أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى حق التقوى، فإن التقوى هي زمام الأمور، وهي وقاية للإنسان من الوقوع في المهالك والشرور، هي سبيل النجاة من النار دار الخزي والعار دار الجحيم والبوار, هي تكفير للسيئات ورفع للدرجات ومرضاة لمالك الأرض والسماوات، قال الله سبحانه في كتابه الفرقان:"يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" الله أكبر، الله أكبر،لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيّها المسلمون،إن العيد من شعائر الإسلام العظيمة الظاهرة، عباد الله إنكم في يوم العيد والذي يتضمن معاني سامية ومقاصد عالية، الذي يلتقي فيه  المسلمون على صعيد الحب والإخاء، يتبادلون أحاديث الود والصفاء، فتقوى صلاتهم وتتوثق أخوتهم،فيحمدون الله عز وجل على نعمة الشريعة الإسلامية التي جمعتهم برباطها،وألفت بين قلوبهم، فأصبح مثلهم في المودة والتراحم كمثل الجسد الواحد والبنيان المرصوص، قال رسول الله:
(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهـر والحمى). والمحبة بين المسلمين والتواد غاية عظمى من غايات الإسلام، فجاهد نفسك ـ أيها المسلم ـلتكون سليمَ الصدر للمسلمين،قال الله تعالى"إنما المومنون إخوة"وقال:"المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولا يحقره..." أيها المسلمون، اعلموا أنه ليس السعيد من تزين وتجمل للعيد، فلبس الجديد، ولا من خدمته الدنيا وأتت على ما يريد،ليس العيد لمن عق والديه فحرم الرضا في هذا اليوم السعيد لكن السعيد من فاز بتقوى الله تعالى، وكتب له النجاة من نار حرها شديد، وقعرها بعيد، وطعام أهلها الزقوم والضريع، وشرابهم الحميم والصديد، وفاز بجنة الخلد التي لا ينقص نعيمها ولا يبيد.. كيف يسعَد بالعيد من تجمَّلَ بالجديد وقلبُه على أخيهِ أسود؟! لا يعرِف من العيدِ إلا المآكلَ والثوبَ الجديد، ولا يفقَه مِن معانيه إلاّ ما اعتاده من العاداتِ والتقاليد، ليس لهم منَ العيد إلا مظاهرُه، وليس لهم من الحظِّ إلى عواثِرُه. أيها المسلمون، رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية، وأحقهم بالعناية، وأجدرهم بالإكرام والحماية، صلتهم مثراة في المال، ومنسأة في الأثر، وبركة في الأرزاق، وتوفيق في الحياة، يقول النبيr:(من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه) رواه البخاري.هي أمارة على كرم النفس وسعة الأفق وطيب المنبت وحسن الوفاء، ومعاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيها خاسر، والمنتصر مهزوم، فاجعل يا عبد الله عيد هذا اليوم منطلقا لوأد القطيعة وطيّ صحيفة الشقاق والنزاع، الله أكبر، الله أكبر،لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. 
شبابَ الإسلام: أنتم عدّة الأمّة وأملُها بعد الله، أوصيكم بتقوى الله، عليكم بالحِلم والأناة، ابتعِدوا عن الطَّيش والعَجَلة، أدّوا فرائضَ الإسلام وابتعِدوا عن نواهيه،الزموا علماءكم، وجالسوا عقلاءَكم وكبراءكم، واحذروا الاعتدادَ بالآراء. شبابَ الإسلام، احذَروا الآراءَ الوافِدة والأفكار البعيدةَ عن الدّين مهما كانت شعاراتها، كونوا عناصر بناء ولا تكونوا معاول هدم، تجلبون للأمة البلاء. تفقّهوا في دينكم، ابتعدوا عن المعاصي والآثام .الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.      
أيها المسلمون: الصلاة، الصلاة، فإنها عماد الإسلام، وناهية عن الفحشاء والآثام، وهي العهد بين العبد وربه، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن قُبلت قبُلت وسائرَ العمل، وإن رُدَّت رُدَّت وسائرَ العمل. أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، تطهروا بها نفوسكم، وتحفظوا بها أموالكم من المهالك، وتحسنوا بها إلى الفقراء، وتثابوا على ذلك أعظم الثواب، وصوموا شهر رمضان، وحجوا بيت الله الحرام، فإنهما من أعظم أركان الإسلام. احفَظوا أقدارَ العلماء، وصونوا أعراضَ الدعاة والفُضَلاء، مُروا بالمعروف أمرًا رفيقًا، وانهوا عن المنكر نهيًا حليمًا حكيمًا رقيقًا، عليكم بالصدق والوفاء بالعهد والأمانة والصيانة تراحموا تلاحموا تسامحوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا.إياكم والإشراك بالله "إن الشرك لظلم عظيم" احذَروا الغشّ وقولَ الزور والكذب والخيانةَ، ولا تقرَبوا الزنا، واحذروا الربَا والرشوةَ، واجتنبوا المسكِرات والمخدّرات، فإنها من الكبائرِ وسببُ البلايا والجرائر، وإياكم والنميمةَ والغيبةَ والظلم والبهتان والشائعات والتساهلَ في حقوق العباد؛ فإنها مجلبةٌ لغَضَب الجبار والذلّةِ والصغار وحَطِّ الأقدار، بل هي الآثام والأوزار،وإياكم وقتل النفس المحرمة، فقد قرن الله ذلك في كتابه بالشرك بالله عز وجل، قال تعالى: "وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن َفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً"وفي الحديث:(لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) واعلموا أن هذه التفجيرات هنا وهناك ما هي إلا محض إرهاب وعدوان وإجرام وإزهاق لأنفس معصومة. الله أكبر، الله أكبر... الله أكبر،الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر.. معاشرَ المؤمنين يقول ربكم جل وعلا:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته.." فما أحوجَ المسلمين اليومَ إلى الالتزام بالمنهجِ الذي تصفو به قلوبُهم، وتسلَم معه صدورُهم، وتُنشَر من خلاله مبادئُ المحبَّة والوئام في مجتمعاتهم، وبالجملة:"إن قوتكم في الاتحاد فاتحدوا..." أيها الآباءُ والأمهات، واجبُكم تقوى الله في أبنائكم، رَبّوهم التربيةَ الصالحة، راقبوا سلوكَهم وتصرّفاتهم، حذِّروهم من مجالسِ السّوء ومن دعاةِ الباطل والضلال والانحراف..
رجالَ التربية والتعليم: واجبُ الجميعِ الأخذُ على أيدي أبنائنا، وتوجيهُهم التوجيهَ السليم، وتحذيرهم من كلِّ أمر فيه ضررٌ عليهم في دينهم ودنياهم اعملوا بوصية البشير الإبراهيمي رحمه الله موصيا لكم قائلا: إنكم تجلسون من كراسي التعليم على عروش ممالك، رعاياها أطفال الأمة؛ فسُوْسُوهُمْ بالرفق والإحسان، وتَدَرَّجوا بهم من مرحلة كاملة في التربية إلى مرحلةٍ أكملَ منها.إنهم أمانة الله عندكم، وودائع الأمة بين أيديكم، سلمتهم إليكم أطفالاً؛ لتردوها إليها رجالاً، وقدمتهم إليكم هياكل؛ لتنفخوا فيها الروح، وألفاظاً؛ لتعمروها بالمعاني، وأوعية؛ لتملأوها بالفضيلة و المعرفة" الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: كم هو جميل أن تظهر أعياد الأمة بمظهر الواعي لأحوالها وقضاياها، فلا تحولُ بهجتُها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فئامٌ من أبنائها حيث يجب أن يكون الشعور بالإخاء قوياً ، فلا ننسى فلسطين ولا العراق والصومال ولا أراضيَ في المسلمين أخرى منكوبةً ، بمجاهديها وشهدائها، بيتاماها و أراملها، بأطفالها وأسراها،لا بد أن نتذكر هؤلاء في عيدنا.لقد جاء العيد والأمة تواجه حرباً صليبية مسعورة تستهدف دينها ومقدساتِها، ومضى شهر رمضان ومضت معه وفي أثنائه مئات الأرواح إلى بارئها قتلاً وتقطيعاً وحرقاً إنه عام عصيب على الأمة المحمدية لاقت فيه أعتى المآسي وأدمى المجازر، فظائعَ دامية، وجرائم عاتيةَ، ونوازلَ عاثرة، وجراحاً غائرة، غصصاً تثير كوامن الأشجان، وفجائع تبعث على الأسى والأحزان ﴿وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ﴾  لقد شنوها حرباً لا هوادة فيها على الإسلام والمسلمين في بقاع الأرض لسان حالهم ومقالهم .. 
لأنّك مسـلم سـتــرى  العذابــــا   وسـوف  تواجه العجب العجابـا
لأنـك مسـلم سـتـموت همّــــــا    وغمّـا واضطـهادا  واغتـرابــــا 
ستنزف في دروبـك ألفَ جـرح   وتمضي لا سـؤالَ  ولا جـوابــــا
لأنّـك مسـلم سـتذوق ضعفــــا    وتشرب من كؤوس الحقد صابا
لأنــك مسلم  سـتزور سجنـــا    وتنهـبُك السّـياط بـــــه نِهـــــابا
ستسأل عن طلوع الشمس حتى  تظنَّ الصُّبــحَ من حلك غُـرابـــا
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.إنّ أمريكا إسرائيل تمارسان أمام نظر العالم وسمعه الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه، وبجميع أنواعه وأدواته، فأين من يوقف وحشية هذا الإرهاب وبشاعته، ويطارد رجاله وقادته، ويستأصل شأفتهم، ويقتلع كافَّتهم؟! أين ميزان العدل والإنصاف يا من تدعونه؟! أين شعارات التقدم والتحرر والحضارة والسلام، التي لا نراها إلا حين تصبّ في مصلحة يهود ومن وراء يهود؟!! ..
إذا مات مــن صهيـــون كلب         سمعت كلاب أمريكا تنـــوح
وشعب القدس يذبح كالمواشي      فما ناحوا عليه ومن ينوح؟؟
أيّها المسلمون: كيف يهنأ المسلم بعيش ويفرح بعيد ، أو يرقأ له دمع، أو يدرك فرحاً بأمنية في دار كلها قذى وأذى، المسلمون فيها ما بين قتيل مرمّل، وجريح مجدّل، وأسير مكبّل. عبد الله ؛ أمة الله إن هناك من إخواننا من يقول: غِبْ يا هِلال ..قالوا ستجلِبُ نحوَنا العيدَ السعيد .. عيدٌ سعيد ؟!  والأرضُ ما زالت مبللةَ الثرى بدمِ الشهيد . والحربُ ملَّت نفسَها وتقززتْ ممن تُبيد ! عيدٌ سعيدٌ في قصور المترفين !!  عيدٌ شقيٌ في خيام الَّلاجئين !! هَرِمت خُطانا يا هلال ..ومَدَى السعادةِ لم يزلْ عنَّا بعيد !غِبْ يا هِلال ..لا تأتِ بالعيدِ السعيدِ مع الأنين ؟ لا تأتِ بالعيدِ السعيدِ مع الأنين ؟ أنا لا أريدُ العيدَ مقطوعَ الوتين ..أتظنُّ أنَّ العيدَ في حَلْوى وأثوابٍ جديدة ؟! أتظنُّ أنَّ العيدَ تهنئةٌ تُسطَّرُ في جريدة ؟! غِبْ يا هِلال ..واطلَع علينا حين يبتسمُ الزمن .. وتموتُ نيرانُ الفتن ..اطلَع علينا حين يُورِقُ في ابتسامتنا المساء ..ويذوبُ في طرقاتنا ثلجُ الشتاء..اطلَع علينا بالشّذى .. بالعِزِّ .. بالنصر المبين .اطلَع علينا بالْتئامِ الشملِ بين المسلمين ..هذا هو العيد .. هذا هو العيدُ السعيد ..وسواهُ ليس لنا بعيد !! غِبْ يا هِلال .. حتى نَرى راياتِ أمتِنَا تُرفرفُ في شَمَمْ..فهناك عيد .. أيُّ عيد ؟ هناك .. يبتسمُ الشقيُ مع السعيد ! غِبْ يا هِلال..
الخطبة الثانية:  
الحمد لله مدبّرِ الأحوال، أحمده سبحانه وأشكره في الحال والمآل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرّد بالعظمة والجلال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أكرمه الله بأفضل الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما دامت الأيام والليال.أما بعد: 
أخواتي المسلمات : اتقين الله عزّ وجلّ في أنفسكن، أطعن الله ورسوله، أطعن أزواجكن بالمعروف،كنَّ من الصالحات القانتات، احذرن الألبسة المخالفة لشرع الله التي تظهر الزينة، أو تتضمّن تشبهًا بالكافرات وتعوُّدًا على ترك الحياء وإظهار الفتنة يا فتاة الإسلام تخلّقي بأخلاق الإسلام، واحذري التبرّج والسّفور﴿وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ﴾ احذري الميوعة والانحلال، تمسكي بتعاليم ربك من عفة وحشمة وكرامة، ألا فاتّقين الله أيّتها الأخوات، وكنّ خير خلف لخير سلف من نساء المؤمنين، يا معاشر الأخوات الكريمات، اتقين الله في صلاتكن لاتؤخرنها عن وقتها ، يا نساء المسلمين، أمانة كبيرة تلك التي حملتِن إياها في تربيتكِن لبناتكن في دينهن وأخلاقهن وحشمتهن وسترهن وحسن تعاملهن مع أزوجهن .أعاد الله عليَّ وعليكم من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين.
أيّها المسلمون، إنكم في دارٍ ليست للبقاء وإن تراخى العمر وامتدَّ المدى. أيّامُها مراحل، وساعاتها قلائل، والمرءُ لا شكَّ عنها راحِل. شبابُها هرَم، وراحتُها سَقَم، ولذّاتُها نَدَم. الدنيا قنطرةٌ لمن عَبَر وعبرةٌ لمن استبصَر واعتبر، "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ" فاستبقوا الخيرات، وبادِروا قبل أن تتمنّوا المهلةَ وهيهاتَ هيهات، ولا تغترّوا بحياةٍ تقود إلى الممَات، لا يُرى في حُشودِها إلاّ الشتات، ولا يُسمَع في ربوعِها إلا "فلان مرِض" و"فلان مات".فيا مَن سارت بالمعاصي أخبارُهم، يا مَن قد قبُح إعلانهم وإسرارْهم، يا مَن قد ساءت أفعالهم وأقوالهم، تذكَّروا القبرَ المحفور، تذكَّروا النفخَ في الصور، تذكَّروا البعثَ والنشور، تذكَّروا الكتابَ المسطور، تذكَّروا السماءَ يومَ تتغيَّر وتمور، والنجومَ يومَ تنكدِر وتغور، والصراطَ يوم يُمَدّ للعبور، فهذا ناجٍ وهذا مأسور، "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا"أيها المسلمون، أين مَن عاشَرناه كثيرًا وألفنا؟! أين من مِلنا إليه بالوِداد وانعطفنا؟! كم أغمَضنا من أحبابِنا جَفْنًا، كَم عزيزٍ دفنّاه وانصَرَفنا،كم قريبٍ أضجعنَاه في اللّحد وما وقفنا، فهل رحِم الموت منَّا مريضًا لضعف حاله وأوصاله؟! هل تركَ كَاسِبًا لأجلِ أطفالِه؟! هل أمهَلَ ذا عِيال من أجلِ عِياله؟! أين من كانوا معَنا في الأعوام الماضية؟! أتَاهم هادِم اللذات ومفرّق الجماعات، فأخلى منهم المجالِسَ والمساجد،تراهُم في بطون الألحاد صرعَى، لا يجِدون لما هم فيه دَفعًا،ولا يملِكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا، ينتظِرون يومًا الأمَمُ فيه إلى ربها تُدعَى،والخلائق تُحشر إلى الموقف وتسعَى، والفرائِصُ ترعد من هولِ ذلك اليوم والعيون تذرف دَمعًا، والقلوب تتصدَّع من الحسابِ صَدعًا.
أيّها المسلمون، أينَ الحسَرات على فواتِ أمس؟! أين العَبرات على مُقاساة الرمس؟! أين الاستعداد ليوم تدنو فيه منكم الشَّمس؟! فتوبوا إلى بارئكم قبل أن يشتملَ الهدم على البناء،والكدَر على الصفاء،وينقطع من الحياة حبلُ الرَّجاء،وقبل أن تخلُوَ المنازل من أربَابها، وتؤذِنَ الديار بخرابها،واغتَنِموا ممرَّ الساعاتِ والأيام والأعوام،وليحاسِب كلُّ واحدٍ منكم نفسه،فقد سعِد من لاحظها وحاسبها،وفازَ من تابعها وعاتَبها،وهلمّوا إلى دار لا يموت سُكّانها،ولا يخرَب بُنيانها،ولا يهرَم شَبَابها،ولا يتغيَّر حُسنُها، يقول النبيُّ:(من يدخلِ الجنة ينعم لا يبأس،لا تبلى ثيابُه ولا يفنى شبابُه) أخرجه مسلم يا عبدَ الله،استدرِك من العمر ذاهبًا،ودع اللهو جانبًا،وقم في الدُّجى نادِبًا،وقف على الباب تائبًا،فعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله:(إنَّ الله عزّ وجلّ يبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار، ويبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيء الليل، حتى تطلعَ الشمس من مغربها) أخرجه مسلم .فأحسِن فيما بقي يُغفَر لك ما مضى، فإن أسأتَ فيما بقِي أُخِذت بما مضَى وبما بقي."يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبّكَ كَدْحًا فَمُلَـٰقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ مَسْرُورًا إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا".

بقلم: أ عبد النور خبابة

هناك 8 تعليقات:

  1. عيد سعيد وكل عام و الأمة العربية الإسلامية بخير تقبل الله صيامكم و قيامكم و سائر الأعمال اللهم أعد لنا شهر رمضان بالخير و البركة و الأمان.

    ردحذف
  2. شكرا أستاذ خطبة جميلة في قمّة الروعة مثقلة بالأمل وينابيع الحلم الجميل لأمة قادمة لا محالة اعاده الله علينا باليمن والخير والبركات يعطيك الصحة والعافية

    ردحذف
  3. السلام عليكم أستاذي الفاضل
    أهنئك أولا بعيد الفطر المبارك و أسأل الله أن يعيده عليك و على كل الأمة المسلمة باليمن و البركات. و أهنئك أيضا بهذه الخطبة القيمة التي حملت الكثير من التوجيهات الضرورية و أعجبني أانك في كل مرة خصصت فئة من فئات الأمة بالنصح و التوجيه الصحيح . جزاك الله خيراو تقبل صالح أعمالك. لك مني أعطر التحايا

    ردحذف
  4. أخي محمد عيد سعيد وكل عام وانت بخير ، وتقبل الله منا ومنكم صالحات الأعمال، أشكرك جزيل الشكر على مرورك الجميل . تحياتي

    ردحذف
  5. العفو استاذتي خديجة، بل الجميل مرورك هنا وقمة الروعة تعليقك، نعم مع الانفاس سيبقى الأمل لا محالة موجودا،أعاد الله علينا وعليك من عوائد الإحسان،تقبلي مني فائق الاحترام والتقدير .

    ردحذف
  6. الاستاذة الشاعرة صابرة منايلي :
    ةعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
    هنأك الله أختي بما يسرك في الدنيا والآخرة، عيدك مبارك واعمالك تبارك وتقبل الله منا ومنكم صالحات الاعمال والاقوال، أرجو ان اكون قد وفقت لجعل الخطبة جامعةواسال الله تعالى ان يجزي قارئها وسامعها وكاتبها والمعلق عليها خير الجزاء وأن يكرمه في الدنيا والآخرة ، وأن ينفع بنا وبكم يارب . اشكرك استاذتي جزيل الشكر . تقبلي تحياتي الخالصة .

    ردحذف
  7. و طابعها يا أستاذ، أراك نسيته؟!!، عليك أن تخصه بالدعاء أيضا فهو أحوج الناس للدعاء..ههههههه.
    تحياتي القلبية.. بوركت

    ردحذف
  8. نعم أخي وأستادي وحبيبي الغالي أحمد لك الأجر في كل حرف فيها كتابة وصوتا ، ولك أجر كل من سمعها وقراها وحضرها، فأنت الذي اخرجتها إلى الضوء جزاك الله خيرا ومتع بعمرك على طاعته ، أنت دعواتي لك خاصة جدا ، تحياتي صديقي .

    ردحذف