السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2018-12-26

الفرق بين الرجل والمرأة في الإسلام

الفرق بين الرجل والمرأة في الإسلام
العدل والمساواة في الشريعة الإسلامية
 اختلف الناس في تحديد معنى كلمة المساواة، حيث ظهر لها اتجاهان مختلفان: 
الأول منهما هو المساواة المطلقة وذلك يعني إزالة جميع الفوارق بين الناس وجعلهم سواسيةً في كلّ شيءٍ، مهما اختلفت أجناسهم أو ثقافاتهم، أو أديانهم، وأمّا الثاني فهو: المماثلة الكاملة بين الأشياء، إلّا ما جاءت الشريعة بنفي التساوي فيها، وذلك على اعتبار أنّ للشريعة الحقّ في التسوية والتفريق بين الأمور، والواضح من التعريف الأول أنّه فتح الباب على مصراعيه في المساواة، فجعل الأمور المختلفة متساويةً مع أنّ الأصل في التسوية التشابه بين الأشياء والمخلوقات، فالمساواة تكون عادلةً في حال تشابهت الخصائص والصفات بين الشيئين وليس إن كانا مختلفين بالخصائص والصفات والقدرات كما هو الحال بين الرجل والمرأة مثلاُ فإنّ المساواة بينهما تكون ظالمةً لا عادلةً، كما أنّ التعريف الأول يصادم النصوص الصريحة في القرآن بالتفريق بين الأمور، ودليل ذلك قول الله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لاَ يَسْتَوُونَ).
وقد قال الشيخ ابن عثيمين إنّ من قال أنّ الإسلام دين المساواة؛ فهو مخطئٌ في حقّ الإسلام، فالحقيقة أنّ الإسلام دين العدل، لا دين المساواة، فالإسلام يقرر المساواة العادلة التي تجمع بين المتشابهين وتفرّق بين المختلفين فإن الإسلام يساوي بين المرأة والرجل في الخصائص الإنسانية، والثواب، والعقاب، والتكاليف الشرعية، إلّا أنّه يفرّق بينهما في الخصائص الجسدية، والنفسية، والعقلية، وذلك عين العدل الذي لا تحققه المساواة المطلقة بجمعها بين المختلفين دائماً، والعدل شرعاً هو: 
وضع كلّ أمرٍ في الموضع الذي أراده الله له، فيكون التوازن الذي يؤتي كلّ طرفٍ حقّه دون ظلمٍ أو جورٍ، والحقيقة أنّ المساواة المطلقة بين الناس أمرٌ مستحيلٌ عقلاً، والواقع يؤكّد ذلك، فالموظفون في المؤسسة الواحدة يتفاوتون في رواتبهم، مع أنّهم يتشابهون في الأحوال الاجتماعية، ويحتاجون نفس متطلبات الحياة؛ من مأكلٍ، ومشربٍ، وملبسٍ، ويواجهون نفس الصعوبات الحياتية غالباً، وليس في ذلك ظلماً عند النظم الاجتماعية الحديثة. الفرق بين الرجل والمرأة في الإسلام 
خلق الله -تعالى- الرجل والمرأة، وجعلهما شطرا النوع الإنساني، ودليل ذلك قول الله -تعالى- في القرآن الكريم: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ‌ وَالْأُنثَىٰ)، جعل الله الزوجان يشتركان في واجب عِمارة الأرض، وواجب العبودية لله تعالى، وذلك في عموم أمور الدين؛ كالإيمان، والثواب، والعقاب، والترغيب، والترهيب، وفي عموم التشريعات من حقوقٍ وواجباتٍ أيضاً، حيث قال تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ‌ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرً‌ا)، ومع ذلك فقد قدّر الله -تعالى- أن تكون خِلقة الرجل على غير خِلقة المرأة، وهيئتها، وطبيعة تكوينها، فإنّ في الرجل قوةً طبيعيةً والمرأة أنقص منه في ذلك؛ لما يعتريها من أحوال الحيض، والنفاس، والمخاض، والإرضاع، وغيره من تربية الأبناء، وتقديم الرعاية لهم فكان من آثار ذلك الاختلاف في الخِلقة الاختلاف في القدرات الجسدية والعاطفية والإرادية، إضافةً إلى أمورٍ كثيرةٍ أخرى أشار إليها الطب الحديث، من اختلافٍ بين المرأة والرجل في الخلق.
 وقد نتج عن هذا الاختلاف والتفاوت بين الجنسين، اختلافٌ بينهما في بعض الأحكام الشرعية لتوافق ما جُبل عليه كلّ منهما، فلكلٍ منهما وظائفٌ ومهامٌ تلائمه، وجُملة وظائف الرجال خارج البيت؛ من سعيٍ لكسب الرزق وعملٍ من أجل الإنفاق على البيت والزوجة والأولاد، والرجل مكلّفٌ بالقِوامة على البيت بالحفظ والحماية، وأوجب الله -تعالى- على الرجل عدداً من العبادات غير الواجبة على النساء، من مثل: صلاة الجماعة، والجمعة، والجهاد في سبيل الله عزّ وجلّ، كما جعل الله الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة، وجعل نسبة الأبناء إلى أبيهم لا إلى أمهم وللرجل في بعض حالات الميراث ضعف ما للمرأة، أمّا المرأة فجملة وظائفها ومهامها في البيت فتقوم بشؤون منزلها وتحفظ زوجها وأولادها، وتقوم على حسن التربية والرعاية لهم، ولها أحكامٌ شرعيةٌ خاصةٌ كذلك؛ كأحكام الحيض، والطهارة، ووجوب الحجاب، وغير ذلك مما فصّلت فيه كتب الفقه ومدوناته.
 ضوابط العلاقة بين الرجال والنساء
حرّم الله -عزّ وجلّ- اتخاذ الأخدان من الأصدقاء والصديقات على كلٍ من الرجال والنساء، ودليل ذلك قول الله تعالى: (محْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ)، وإنّ ذلك الأمر محرمٌ سواءً أكان عبر مواقع الإنترنت والتواصل الإجتماعي أو عبر الهاتف، أو عبر اللقاءات المباشرة بينهم، فليس في الإسلام شيءٌ يسمى الصداقة بين الرجل والمرأة فإمّا أن تكون المرأة زوجةً للرجل، أو من محارمه، أمّا زمالة العمل أو الدراسة فقد فرض الواقع على الجنسين التواجد معاً في مكانٍ واحدٍ وفي تلك الحالة لا بدّ من مراعاة الضوابط الشرعية للقاء بينهما، ووضع حدودٍ واضحةٍ للعلاقة بين الجنسين، وفيما يأتي بيان بعضها:
 الالتزام بغض البصر من كلا الطرفين، فلا يتحرى كلاً منهما النظر إلى عورة الآخر، ولا يطيل النظر لغير حاجةٍ، ولا يسمح لنفسه بالنظر إلى الآخر نظرة شهوةٍ. 
التزام المرأة باللباس الشرعي الكامل الساتر للبدن كلّه، عدا الوجه والكفين، ولا يكون اللباس واصفاً لجسدها أو شافّاً له.
 التزام المرأة في الآداب العامة كلّها؛ كأدب الكلام، فلا تخضع المرأة بالقول عند الحديث إلى الرجال، وتلتزم بأدب المشي والحركة، فلا تتمايل في ذلك؛ حتى لا يعلم ما تخفي من زينتها. 
أن تتجنب المرأة كلّ ما من شأنه أن يفتن الرجل، ويغريه، ويثير غريزته؛ كالعطر، والزينة، والألوان الملفتة، وغير ذلك من أنوع الفتنة. 
الحذر من الخلوة بين المرأة والرجل لما في ذلك من حرمةٍ، خاصةً إن كان الرجل من أقارب الزوج؛ لما دلت عليه الأحاديث النبوية الشريفة. 
أن يكون اللقاء فيما بينهما في حدود الحاجة فقط، فلا يمتدّ ويتوسّع دون داعٍ.

كيف كان سيدنا محمد يعامل زوجاته

كيف كان سيدنا محمد يعامل زوجاته
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم 
تُعتبر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم زاخرةً بالمواقف الخلوقة؛ حيث يتّسم سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم بالأخلاق الفاضلة وحسن المعاملة من قبل البعثة؛ فهو الصادق الأمين الذي لم يكذب أبداً، ولم يشرب الخمر، ولم يدخل في أيٍّ من الأجواء المحرّمة التي كانت تقوم بها القبائل، واكتملت شخصيته بعد البعثة؛ حيث جاء ليُكمل مكارم الأخلاق. 
شهد للرسول صلّى الله عليه وسلّم كلّ من تعامل معه وعاصره على نبل أخلاقه وتمّيزها كالعدل، والمساواة، والتواضع، والحكمة، ومساعدة الناس، وحل المشاكل بالطرق المناسبة.
 إنّ من يدرس سيرة الرسول الزوجيّة يجد بأنّ كلّ ما ينادي إليه الناس اليوم من كيفيّة التعامل مع الزوجة كان صلّى الله عليه وسلم يتبعه في ذلك الزمان، ومن يحتاج إلى أيّ إرشادٍ لتحقيق السعادة الزوجية عليه قراءة السيرة النبوية وعلاقة الرسول صلى الله عليه وسلّم مع زوجاته.
 كيف كان يُعامل الرسول عليه الصّلاة والسّلام زوجاته.
 كيفية تعامل الرسول مع زوجاته 
الخلق الحسن
كان سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم يتعامل مع زوجاته على أنّهنّ كائناتٍ لطيفاتٍ حسّاسات، فكان يلاعبهنّ ويداعبهنّ، ويضحك معهنّ ويحوّل جو الأسرة إلى المرح والفرح مع أنّه زعيم الأمة الإسلامية ورسول العالمين جميعاً والقائد الناجح الفذّ، كما كان يساعدهن في أعمال البيت؛ حيث قالت عنه السيدة عائشة إنّه كان يعمل بعمل أهل البيت يخيط ثوبه ويخصف نعله، كما كان يمتدحهن ويناديهن بألقاب محببة، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يستشير أزواجه في بعض شؤون المسلمين ويأخذ بالمشورة المناسبة. 
المشاعر النبيلة 
اتّصف الرسول صلى الله عليه وسلم بحبه الشديد لزوجاته وخاصةً خديجة بنت خويلد الزوجة الأولى؛ حيث كان يحبّها ويحترمها، وبقي وفياً لها بعد وفاتها فكان يزورمن كانت تحبهم، وكان عليه الصلاة والسلام يشعر بآلام زوجاته وأحاسيسهنّ ويقدِّر ظروفهن، وكان دائماً يُشعرهن بأهميتهن؛ فقد كان يشرب من نفس المكان الذي يشربن منه، كما كان لا يعتزلهن في فترة الحيض بل يأكل ويشرب معهن ويجلس إلى جانبهن، ويتحمّل منهن الخطأ والغضب والغيرة. 
لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلّم يلجأ إلى العنف والكلام الجارح والقاسي في حلّ مشكلاته مع زوجاته؛ بل على العكس كان يحلّها بكل هدوء ولطف، وكان حليماً، وقد كان يذهب معهن في نزهٍ للترفيه عنهن، ويخرج معهنّ لممارسة الألعاب الرياضية مثلما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها بأنّه صلى الله عليه وسلّم سابقها بالجري.
أمر الله سبحانه وتعالى بمعاملة النساء معاملةً حسنةً؛ حيث قال في كتابه العزيز: {وعاشروهن بالمعروف} النساء 19، كما أوصى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بهنّ وأمر بالرفق في التعامل معهنّ فقال: (استوصوا بالنساء خيراً)، وكان يُقدّر المرأة تقديراً فائقاً وكان خير قدوة للمسلمين في الأخلاق الراقية مع نسائهم، ورغم كونه قائدَ الأمة وانشغاله بأمر الدعوة فقد أعطى أزواجه حقوقهنّ كاملةً وكان خير الأزواج لنسائهم رعايةً ومحبّةً وعنايةً. صور من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته
العدل: كان ينام عندهنّ واحدةً تلوَ الأخرى، ولا يزيد في المبيت عند إحداهن على حساب الأخرى، إلا إذا تنازلت واحدةٌ عن يومها لأختها. 
الاصطحاب في السفر: حيث كان يقرع بينهنّ عندما يسافر، ويأخذ معه الزوجة التي خرج سهمها، فتكون معاملته لها أثناء السفر خيرَ معاملة، من رفق وممازحة وتبسّم... 
الصبر عليهن: فلم يكن يوبّخهن على ما يبدر منهن، فهذه عائشة رضي الله عنها عندما جاءت قصعة الطعام إلى النبي عليه الصلاة والسلام من إحدى ضرائرها، قامت بكسرها، فأخذ عليه الصلاة والسلام الصحن بيده الشريفة وجعل يجمع الطعام ويقول: "غارت أمكم"
مساعدة الزوجة: فرغم أنّ العمل لم يكن كثيراً في تلك الأيام، إلا أنّ هذه المبادرة منه عليه الصلاة والسلام تدلّ على المواساة والتعبير عن المحبة والمودة، وتشعر الزوجة بقربها من زوجها، وفي هذا التعامل اللطيف دعوة لرجال الأمة أن يكونوا رحماء بنسائهم.
 الوفاء: ويتجلى ذلك مع السيدة خديجة رضي الله عنها، فحتى بعد وفاتها كان يكثر من ذكرها. 
الممازحة والمداعبة: فقد كان يدخل السرور على قلوبهنّ بمزاحه المنضبط بهدي النبوة الراقي، الخالي من الكذب والترويع؛ فمرةً كان جالساً بين السيدة عائشة والسيدة سودة، فجاءت عائشة بطعام طبخته وعرضت على سودة أن تأكل منه فأبت، فقالت لها: لتأكلنّ أو لألطخنّ وجهك، فأبت. فأمسكت بشيء من الطعام ولطخت به وجه سودة، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ووضع فخذه لها وقال لسودة: "الطخي وجهها". فلطخت وجهها، فضحك عليه الصلاة والسلام مرّةً أخرى. 
اللعب معها: فقد سابق السيدة عائشة يوماً فسبقته، ومرّت الأيام حتى حملت اللحم، فسابقها يوماً آخر فسبقها وقال: هذه بتلك، كما كان يتنزّه معها ليلاً ويتحدّثان. 
الرفق: كان عليه الصلاة والسلام يوماً في سفر، وكانت معه صفية رضي الله عنها، فأبطأت في المسير، فأخذت تبكي، فجاءها عليه الصلاة والسلام وأخذ يمسح دموعها ويواسيها. 
حسن المعاشرة: فقد كان صلى الله عليه وسلم يرفع اللقمة إلى فم زوجته، ولا يضربها، ويحضر لها حاجتها ويُضفي جو المرح في الأسرة.

الثبات على المبدأ

الثبات على المبدأ
الثبات على المبدأ 
للقيم والمبادئ أهميّة عظمى وأثرٌ كبيرٌ عند الشعوب والأمم، فهي تشكل المصدر الذي ينير درب الدولة، ويعكس درجة رقيّها وتحضّرها أو درجة تخلفها، وكلّما ارتقت الدول بقيمها ومبادئها دلّ ذلك على تطوّرها وازدهارها، وكلّما أهملت الدول هذه القيم والمبادئ زاد جهلها وتخلّفها، ومن أعظم المبادئ تلك التي تنظم حيات الأفراد والمجتمع ويحفظ له كرامته وحريته وينشر الأمن والأمان والاستقرار، ويوفّر السعادة والحرية في المجالات المختلفة ومن الضروري الالتزام بهذه المبادئ وحمايتها والتمسك بها، والعمل بها في مختلف المجالات من أجل تحقيق أماني الدولة وتطلعاتها
 لذلك الثبات على المبدأ في المواقف التي يكون فيها الحق هو الهدف، يعتبر من أسمى وأشرف الواجبات التي يجب على الدولة التمسك بها، ممّا يؤدّي إلى انتشار القيم والأخلاق. 
المبادئ الإسلاميّة 
تعتبر المبادئ الإسلاميّة الخالدة بفضل خصائصها من أكمل وأفضل المبادئ، فهي الوحيدة التي تتناسب مع التكوين الخُلقي للإنسان السليم، وتجمع بين القيم الماديّة والروحيّة وتوفّر لمن تمسّك بها السعادة في كل جوانب الحياة، كما وحقّقت من المنافع ما لم تقدر عليه غيرها من المبادئ. 
عملت المبادئ الإسلامية على ظهور حضارةٍ عريقةٍ ومجدٍ وأخلاقٍ حميدةٍ وعلمٍ لا يقارن به علم من قلب الأمة العربية، والتي لطالما امتازت بالتخلّف من قبل والفضل الكبير في ذلك يعود على ثبات العرب على مبادئهم المجيدة وعملهم على حمايتها ونصرتها، وأدّى تخلي الأمم العربيّة عن هذه المبادئ والقيم إلى حصول الضربات المتتالية والنكسات. 
مجّد القرآن الكريم المسلمين الثابتين والمستمسكين بمبادئهم الرفيعة، كما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان خيرُ مثالٍ للإنسان الثابت على مبادئه، فكان هو وأهل بيته يحمون المبادئ ويضحون في سبيلها بكل ما يملكون من مال ونفس، فكان الرسول يزداد ثباتاً وإصراراً كلّما زادت عليه المؤامرات من الكفار والظالمين، فبهذا الصمود والثبات تزلزلت قوى الظلم والكفر. أصناف الناس في ثباتهم د
إنسانٌ ثابت لا يتأثّر بعواطفه ومشاعره مهما كانت الظروف صعبة وقاسية، فإنّه يثبت على المبدأ الذي يتّخذه ثباتاً لا يتراجع ولا يتزحزح عنه، ويتمسّك به بكل ما أوتي من قوة، مهما كلّف الأمر، وفي بعض الأحيان قد يبلغ به الثبات الشديد إلى التطرّف في مجالٍ معيّن أو العشق، وهذا دليل على الصدق والإخلاص والمتانة والأخلاق الحميدة بشرط ألّا يصل بثباته إلى درجة التعصب الباطل والثقة العمياء. 
إنسان يثبت على مبدأ معيّن اليوم ويتخلّى عنه غداً، فهو غير صادقٍ في مشاعره وفكره تجاه هذا المبدأ وهذا بسبب ضعفه فلا دين له ولا صديق ولا رفيق ولا حبيب، وحتّى أنهّ يكون غير قادرٍ على الثبات في قيام أي مشروع في حياته، فيفقد الناس ثقتهم به، ويصبح لا يؤتمن ولا يصدّق.
ثبات النبي محمد عليه السلام 
ثبت النبي صلى الله عليه وسلّم في سبيل نشر دعوة توحيد عبادة الله تعالى وحده وإخراج الناس من دائرة الضلال والكفر واستمر في دعوته ليلاً ونهاراً وصيفاً وشتاءً، على الرغم من الأذى الذي أصابه من كفار قريش، ففي البداية حاولوا رده من خلال العنف؛ (عن محمد بن إبراهيم التيمي، قال حدثني عروة بن الزبير، قال سألت ابن عمرو بن العاص، أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم) [صحيح البخاري]
الثبات أمام قريش 
انتقل كفار قريش إلى أسلوب الإغراء والمساومة لإقناعه عليه الصلاة والسلام بالعدول عما جاء به، فجاءه عتبة بن ربيعة وهو شخص يتصف بالرزانة فأغراه بالمال، والجاه، والملك والأمرة عليهم، إلا أنّ النبي رفض كلّ ذلك، كما حاولوا إقناعه بفكرة تقارب الأديان والمشاركة فيها من خلال أن يعبد آلهتهم سنة، ثمّ يعبدون معه آلهته السنة التي تليها وهكذا، فرفض صلى الله عليه وسلّم ذلك. 
بعد أنْ فشِل كفار قريش بمحاولة مساومة النبي على دعوته انتقلوا إلى أسلوب التحدي بأنْ يأتيهم بالمعجزات والدلائل التي تثبت نبوته، ووعدوه باتباعه والإيمان بما جاء به، ويقصدون بذلك تعجيزه، فأخبرهم عن ظاهرة انشقاق القمر إلّا أنهم صدّوا وتكبّروا. 
انتقلت قريش إلى التعذيب والترهيب في محاولة القضاء على الإسلام والمسلمين؛ فأعلنوا المقاطعة لبني هاشم وبني عبد المطلب فلا يبيعوهم، ولا يشتروا منهم، ولا ينكحوا منهم، ولا يناكحوهم حتى يسلّموا النبي لهم، إلّا أنّ النبي صبر على الجوع، والتعب، والمشقة ولم تتزحزح عزيمته أبداً، ولم تنتهي محاولات الكفار في القضاء على الإسلام عند حدّ معيّن، لكن كان ثبات النبي صلى الله عليه هو القاسم المشترك فيها جميعاً.
 الثبات في الأخلاق 
يعتبر التوازن في صفاته صلى الله عليه وسلّم مثالاً آخر على ثباته، فهو نفسه في رضاه وفي غضبه، فلا يظلم، ولا يغلط، ولا يسيء عند الغضب، كما أنّه لا يتغيّر في حالة الحرب عن حالة السِلم، وهو الرحيم من دون ضعف، والمتواضع من غير ذلة.

أهمية القدوة ونماذج منها

أهمية القدوة ونماذج منها
القدوة
القدوة هي التأثر بشخصيةٍ معينةٍ ومتابعتها وتقليدها والتأسي بها، وقد تكون هذه القدوة حسنةً أو سيئةً، ويحتاج الجميع في حياتهم إلى وجود شخصية إيجابية وناجحة لمحاولة الاستفادة من تجربتها في الحياة بهدف تطوير النفس والقدرات وتحديد الرغبات والاتجاهات منذ بداية الطريق. 
أكثر الفئات التي تحتاج إلى معرفة طريقة اختيار القدوة الحسنة هم الأطفال، فعندما يقوم المربون بتعليمهم طريقة اختيار القدوة الحسنة منذ الصغر، فإنهم بذلك يجنبونهم الوقوع في الاختيار الخاطىء للقدوة وبالتالي الفشل في الحياة. 
أهمية القدوة الحسنة في الحياة 
توفِّر القدوة الكثير من الوقت والجهد على الوالدين في تربية أبنائهم ومحاولة غرس السلوكيات الجيدة فيهم. فعندما يختار الطفل القدوة الجيدة فإنه يقلِّدها في سلوكياتها.
 إنتاج أفراد يتسمون بالسلوكيات والصفات الجيّدة مثل المثابرة على العمل والنجاح بعيداً عن الصفات السلبية وغير الجيدة.
 بناء مجتمع متماسك وقوي يستطيع مواجهة التهديدات الخارجية. نماذح من القدوة الحسنة عندما يتم الحديث عن اتخاذ شخص ما قدوةً يجب البحث عمن تتطابق أقواله مع أفعاله، فالصِّدق يجب أن يكون المحور الأساسي الذي تقوم عليه شخصية القدوة، ومن نماذج القدوة الحسنة ما يلي: 
الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعتبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الشخصية الأولى في تاريخ البشرية التي تُعتبر القدوة الحسنة في جميع ظروف الحياة وجوانبها. 
فهو الذي استطاع أنْ يبلِّغ رسالة ربه عز وجل بإخلاصٍ وأمانةٍ، واستطاع أن يكون القائد الناجح للناس في السلم والحرب، وكان القاضي العادل والمرشد الحكيم. 
قد عُرِف منذ صغره صلى الله عليه وسلّم باتصافه بالأخلاق الفاضلة والحميدة مثل الصدق والوفاء بالعهود، والابتعاد عن الأمور المنكرة والخاطئة. 
كما أنه صلى الله عليه وسلّم كان حسن العشرة في تعامله مع أهل بيته فكان الشَّخص الحنون والطيب واللطيف الذي يُدخل السرور والبهجة في قلوب أزواجه كما كان يخصص لهم أوقاتاً ليقضي لهم حاجاتهم وينظر في أمورهم.
 كان صلى الله عليه وسلم يتصف بالرحمة مع الأطفال، فعندما كان حفيده الحسين يدخل عليه كان يلاعبه ويلاطفه ولا يعبس في وجهه، وحتى أثناء الصلاة عندما يسمع صراخ طفلٍ فإنه يقصِّر من القراءة في الآيات ولا يطيل فيها. 
عندما يأتي وقت العبادات فإنه صلى الله عليه وسلم كان يلتزم بها ولا يقصر في أيٍّ منها أو يستخف بها، فكان يجعل لكل شيءٍ وقتاً. من نماذج القدوة الحسنة الأخرى الصحابة الكِرام من أمثال أبو بكرٍ الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعاً.
أهمية القدوة 
القدوة الصالحة والمطبّقة قولاً وعملاً للنهج الصحيح تجعل من الآخرين يسيرون على الطريق نفسها، ولا سيّما عند الشدائد والمحن فعندما تثبت القدوة ولا تزل؛ تكون المثل الأعلى وتكبر في النفوس وتعظم وكم من شخصٍ كان يعدّ قدوةً، لكنّه سقط عند حلول الفتن فخالف قوله واعتقادُه عملَه فنطق بكلمةٍ أريد بها باطلٍ، أو تصرّف تصرّفاً خالف الصواب، فسقط من أعين الناس وخابت ظنونهم به. 
شروط يجب توفرها في القدوة 
الإيمان بالفكرة: يجب على القدوة الاقتناع بما يتعلمه ويفهمه جيّداً، كي تكون نتيجة إقناع الآخرين أمراً سهلاً، فمن كانت الفكرة لديه غير واضحةً أو أنّه غير مقتنعٍ بها، فهذا سيجعل بينه وبين من يتبعه هوّةً شاسعةً، وبالتالي الانصراف عنه. 
تعلُّم العلم الصحيح: يجب على القدوة أن يكون لديه العلم الكافي والصحيح والذي يؤهله لهذه المهمّة العظيمة، وعليه أن يُقنع مُقتديه بما لديه. 
التطبيق العملي: لا فائدة من تعلّم علمٍ والعمل بما يُنافيه، ولن يقتدي أحدٌ بمثل هؤلاء بل سيتعرّضون للنقد والإعراض. 
متابعة تحصيل العلم النافع: وعدم الانقطاع عنه، فكلما ازداد المرء علماً تفتحت مداركه أكثر وصار عنده حجة الإقناع أقوى وأبلغ. التاكد من صحّة المعلومة ودقتها: فلو كان هناك خلل في المعلومة أو خطأ وعلِمَ بذلك الأتباع بعد حين فسيفقدون الثقة به، أو أنهم سينهجون نهجه في ذلك.

عمل الخير

عمل الخير
عمل الخير 
حث الدين الإسلامي على التحلي بالأخلاق الحميدة التي من شأنها أن تهذب الفرد وتصلحه وتؤدي إلى قيام مجتمعٍ متماسكٍ وقوي، ولعل عمل الخير أحد هذه الخصال والأخلاق، حيث يتصف المجتمع المسلم بأنه مجتمعٌ متكاتفٌ لا يرضى فيه الغني أن ينام والفقير جائع على سبيل المثال، ويوصف المسلم بأنه سباقٌ لفعل الخيرات فلا يتكاسل عن أي فرصةٍ تجعله يساعد غيره ويقدم لهم يد العون في أي أمرٍ من أمور الحياة 
 سنتحدث عن بعض الأمثلة على عمل الخير وسنتطرق للحديث عن فوائد عمل الخير. 
أدلّة على أهميّة عمل الخير
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله في سورة البقرة في الآية 110: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"، في إشارةٍ إلى عظيم الأجر والثواب الذي يحصل عليه الإنسان من ربه جل وعلا عندما يفعل الخيرات، وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: " الدال على الخير كفاعله"، وفي هذا دليلٌ على عدم اقتصار فعل الخير على فاعل الخير فقط، بل يستطيع الإنسان أن يدلّ غيره وأن يحصل هو أيضاً على الأجر والحسنات. 
أمثلة على عمل الخير 
لعمل الخير عدّة وجوهٍ وأمثلة ونذكر منها  ما يلي: 
الإصلاح بين المتخاصمين.
 حسن الجيرة. 
النصيحة بالخير والمنفعة للآخرين.
 مساعدة الفقير والمسكين بالصدقة. 
إزالة الأذى عن الطريق. 
رعاية الأيتام.
 فوائد عمل الخير
لعمل الخير وتقديم المساعدة للآخرين العديد من الفوائد والمنافع وسنذكرها كالتالي:
 نيل رضا الله سبحانه وتعالى والتقرّب منه ففاعل الخير يقوم بما يقوم به رغبةً في الحصول على الأجر والثواب والحسنات، وهو الأمر الذي يضمن له رضا ربه ودخول جنته. 
فعل الخيرات هو ضمانٌ لرقيّ الأمم وتقدّمها فالأمم التي تكتسي بطابع الأنانيّة والفرديّة هي أممٌ تسير في طريق الضياع والتشتّت؛ لأنّ أفرادها لا يحبون بعضهم ولا يشعرون ببعضهم البعض. تحقيق الأمان على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي فلا يقلق أحدٌ إن حلّت به أزمةٌ ما لأنّه يعلم أن أفراده وإخوانه لن يتركوه فريسةً للعوز والحاجة، أمّا الأمان الاقتصاديّ فيتحقّق من خلال صناديق تعرف بصناديق الزكاة تسدّ حاجات الفقراء وتساعدهم. 
كسب محبة الناس وودهم واحترامهم. 
تعميق قيم المحبة والتكافل والتآزر بين أفراد المجتمع الواحد، فتنعكس من خلال فعل الخيرات أسمى معاني النبل والأخلاق والأخوة، فتسقط البغضاء والكراهية ويسود الخير ويعلو. 
التماسك الذي يحققه فعل الخير، من خلال تلبية احتياجات الآخرين فترى الحاجة اختفت فالكلّ متماسكٌ وغير محتاج.

ارتباط الأخلاق بالعقيدة

ارتباط الأخلاق بالعقيدة
الأخلاق
 إنّ تحلّي الإنسان المسلم بالأخلاق العالية والرفيعة يعتبر من أهمّ لوازم الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وأساسٌ لقبول أعماله، إذ إنّ هناك ارتباطٌ وثيقٌ ما بين الأخلاق والعقيدة، فالإيمان هو اعتقادٌ وتصديقٌ بالقلب، ونطقٌ سليمٌ باللسان، كما أنه عملٌ وفعلٌ بالجوارح، وذلك اقتداءً بنبي الله الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، والذي قال عنه تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]، و سنتعرف على جوانب ارتباط الأخلاق بالعقيدة. 
العقيدة والأخلاق 
جوانب ارتباط العقيدة بالأخلاق 
عندما يؤمن الإنسان بالله سبحانه وتعالى، ويكون على علمٍ بكافة أوامره ونواهيه، وأنّه يراقبه بشكلٍ دائمٍ ويطلع على مكنونات قلبه، فإنه سيلتزم الأخلاق الطيبة، ويترك الأخلاق السيئة، وما يدلّ على ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء/128]
عندما يؤمن الإنسان بالعذاب الأبدي الذي أعدّه الله تعالى للكافرين، وغير الملتزمين بالعقيدة الصحيحة، فإنّ ذلك سيدفعه إلى القيام بكل ما هو محبوبٌ ومرغوبٌ عند الله، من خلال التحلّي بالأخلاق الحسنة والطيبة، فالإيمان يقوي من الأخلاق، ويدفع إلى الإحسان للآخرين. 
عند معرفة النعيم وجنات الخلد التي تنتظر المؤمنين والمحسنين، فذلك سيدفع الإنسان إلى العمل للتمتع والفوز بهذه الحياة في الآخرة. الإيمان بقضاء الله وقدره يمنع المسلم عن سلوك الأخلاق والعادات السيئة كالتي كانت موجودة في الجاهلية، كالنواح، واللطم، وشق الثياب وغيرها، وتدفعه إلى الصبر عند البلاء، واحتساب الأجر والثواب من الله تعالى. الإيمان بسنة نبي الله عليه الصلاة والسلام، ومعرفة أنّ الله تعالى بعثه ليتمم مكارم الأخلاق ستدفع الإنسان إلى الاقتداء به، والعمل بأوامره، والابتعاد عن نواهيه. 
من الجدير بالذكر أنّ الشريعة والعقيدة الإسلامية حثت الإنسان على القيام ببعض الأعمال والطاعات التي تقرب من الله تعالى، والابتعاد عن بعض الصفات التي من شأنها إدخال فاعلها في النار، ومن الأمثلة عليه النفاق، والكذب والخيانة. 
خطوات الوصول إلى حسن الخلق 
مجاهدة النفس على ترك المغريات والمفسدات. انتقاد النفس ولومها عند القيام بالأعمال السيئة. 
قراءة سنة نبي الله عليه السلام، والتعلم منه. 
الصبر، والقوة، والتحلي بالشجاعة وعزة النفس.
 الابتعاد عن المجادلة، والترفع عن السباب. 
الرفق واللين، والصفح، ونسيان الأذى.
 التواضع والابتعاد عن التكبر واللؤم مع الآخرين.
 الحفاظ على أداء فرائض الله تعالى، ومن أهمّها الصلاة، حيث إنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر. 
إفشاء السلام بين الناس.
 الالتزام بالطاعات.
 التبسم في وجه الآخرين، وعدم العبوس، فالتبسم في الإسلام صدقة. 
العدل، وعدم ظلم الآخرين.

2018-12-25

تقوية الايمان بالله

تقوية الايمان بالله
الإيمان أصل سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ولذلك اهتم القرآن الكريم ببيان حقيقته، وعوامل زيادته، وبيّن نواقضه: 
حقيقة الإيمان: 
تصديق وقول وعمل يقتضي الإيمان من صاحبه أن تجتمع فيه أمور ثلاثة هي: التصديق القلبي بعقيدة الإسلام، مثل: التصديق الجازم بأن الله واحد لا شريك له، وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- الرسول المبعوث رحمة للعالمين، وأن اليوم الآخر حق. الإقرار باللسان: وهو أن يتلفظ الإنسان بالشهادتين. العمل الصالح: وهو أن يقوم الإنسان بالأعمال الصالحة، كالعبادات، والمعاملة الحسنة مع الناس، وأن يبتعد عن المعاصي والآثام. ويقسم الناس بالنسبة إلى هذه الأمور إلى أربعة أصناف: 
المؤمن: هو الذي وُجد فيه التصديق والإقرار والعمل. الكافر: هو الذي فُقد فيه التصديق والإقرار والعمل. المنافق: هو الذي انتفى عنده التصديق القلبي، مع تظاهره بالإقرار بلسانه، وبالعمل الصالح. 
الفاسق: هو الذي يصدق بقلبه ويقر بلسانه، ولكنه يقترف بعض الكبائر، كالزنا، وشرب الخمر. زيادة الإيمان ونقصانه: وضحت آيات القرآن الكريم أن الإيمان يزيد في نفس صاحبه بالطاعات، ومن الطاعات التي تزيد الإيمان:
 ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم، قال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" (الأنفال: 7). 
التفكُّر: فكلما نظر الإنسان في خلق الله، ازداد استشعاراً لعظمة الله تعالى ودقة صنعه، قال تعالى: "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"
العلم: فكلما ازداد الإنسان علماً بالله تعالى ومظاهر قدرته، ازدادت خشيته له، قال تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".
 الإكثار من النوافل: فالإقبال على النوافل يهذب نفس المؤمن، ويزيده قرباً من الله تعالى وحباً له، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي: " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وما زال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني عبدي أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه"
نواقض الإيمان
 هي اعتقادات أو أقوال أو أعمال، تُخرج صاحبها من الإيمان إلى الكفر.
 ومن صور هذه النواقض: التوجه بأي شكل من أشكال العبادة لغير الله تعالى، كالنذر لغير الله تعالى. 
إنكار ما علم من الدين بالضرورة، أي إنكار أي أمر من الأمور التي دلت النصوص الشرعية القاطعة والصريحة على أنها من الدين، مثل: إنكار الجنة أو النار، أو حرمة الزنا، أو وجوب الصلاة. 
استحلال الحكم بغير ما أنزل الله تعالى: فمن يستحل الحكم بغير ما أنزل الله، يكون معتقداً بنقصان شريعته، وتفضيل شريعة البشر عليها. 
الاستهزاء بأحكام الدين وشعائره، مثل: الاستهزاء بالله، أو بأحد من الأنبياء، أو بشيء من القرآن الكريم، أو بشيء من شعائره الإسلام. 
سب الذات الإلهية، أو الرسول، أو الدين :
 فالتلفظ بشيء من هذه الشتائم، يخرج من الإيمان إلى الكفر، ولا ينفع المتلفظ بها الاعتذار بأنها عادة لا يمكنه تركها، أو أنه لا يملك نفسه حين الغضب. 
موالاة الكافرين: إذ أنها تدل على الرضا بالكفر، وحب الكافرين.

القيادة في الإسلام

صفات القائد الناجح في الإسلام
القيادة في الإسلام 
عرّف العالم أوردوي تيد القيادة بأنّها: النشاط الذي يقوم به الشخص ويصدر منه؛ للتأثير على غيره من الناس والأشخاص، وذلك ليتعاونوا في تحقيق الأهداف التي يرغبون بها، وبناءً على التعريف السابق يتّضح أنّ القيادة تتكوّن من ثلاثة عناصر؛ وهي: وجود مجموعةٍ من الأفراد، ووجود فردٍ من الجماعة يؤثّر عليها، والسعي لتحقيق أهدافٍ مشتركةٍ بينهما، أمّا القيادة في الإسلام: فهي السلوك والتصرّف الذي يقوم به المتصدّر لمنصب الخلافة خلال تفاعله مع غيره من الأفراد، فالقيادة في الإسلام عمليّةٌ سلوكيّةٌ، ونشاطٌ تفاعليٌّ للتوجيه والتأثير، كما أنّها مركزٌ للقوة، ومن الجدير بالذكر أنّ القيادة في الإسلام ليست قيادةً مستبدّةً وظالمةً، أو فوضويّةً، وإنّما قيادةٌ قائمةٌ على مبادئ الإسلام، والعقيدة الراسخة، والشورى في اتخاذ القرارات؛ إذ إنّ القرآن الكريم بيّن أهميّة وضرورة التشاور مع أهل العلم والمعرفة، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)
 ومن أهمّ المبادئ التي تقوم عليها القيادة في الإسلام
 العدل فمن الواجب على القائد أن يتعامل مع غيره بعدلٍ وإنصافٍ، على اختلاف اللون والجنس والأصل، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ)، كما على القائد أن يتقبّل النقد البنّاء ممّن يرأسهم، حيث إنّ التعبير عن الآراء وإبدائها من حقّهم، والقدوة في القيادة، وخير مثالٍ على القائد الناجح: النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقد وردت العديد من الآيات القرآنيّة التي توجّه الرسول في أمور القيادة، حيث قال الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، فكان تعامل الرسول مع غيره باللين واللطف، والعفو عن الصحابة، والدعاء والاستغفار لهم، والتشاور معهم.
صفات القائد الناجح في الإسلام 
يجب على القائد أن يتحلّى بالعديد من الصفات التي تجعل منه قائداً ناجحاً، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:
 الإيمان بالله تعالى وطاعته والقيام بأوامره، والحرص على الإخلاص في العمل، فقد قال الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
علوّ الهمة والقوة، والسموّ في الغايات والأهداف، وبيان المنهج والطريق ووضوحهما، وطهارة الاعتقاد وسلامته من الشوائب، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ).
 تقدير الأشخاص والاهتمام بهم، فذلك من أهم ما يجب على القائد، حيث الرغبة في الثناء والشكر من الأمور التي يحبّها الناس وترغبها نفوسهم، وذلك ما قام به الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مع أبي سفيان عندما فتحت مكّة المكرّمة، حيث روى الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ الرسول قال: (مَن دخلَ دارَ أبي سفيانَ فَهوَ آمنٌ، ومَن أغلقَ علَيهِ بابَهُ فَهوَ آمنٌ).
 عدم الإكثار من النقد وذكر المساوئ، والحرص كذلك على عدم الإكثار من العتاب، فالنفس البشريّة تستثقل وتكره كلّ ما يخدش ذاتها ويقلّل من قيمتها، فالواجب على القائد اختيار الطريقة المُثلى في التوجيه والنصح والإرشاد، حيث قال الله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا).
 حب الخير والمعروف لجميع الأشخاص، والسعي والعمل على قضاء حاجاتهم، والحرص على قضاء الحاجات المتعلّقة بالأمّة عامةً وتقديمها على المصالح الشخصيّة. 
تقديم النصحية والتذكرة للغير بصدقٍ وإخلاصٍ، وذلك يدلّ على شدّة حرص القائد على الأفراد، وحبّه لهم، وشفقته عليهم. عدم الحقد على أحدٍ وعدم بغضهم، والابتعاد عن الخصومة والنزاعات والخلافات، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، وورد عن الأحنف بن قيس أنّه قال: (كثرة الخصومة تنبت النفاق في القلب)
الصبر والتحمّل، والقدرة على مناقشة ومحاورة الآخرين وإقناعهم، والحرص على الاستماع الجيّد لهم. الخوف من الله تعالى، والخضوع والتذلّل والانكسار له، والحرص على محاسبة النفس، فقد قال سعيد بن المسيب: (منِ استغنى بالله افتقر الناس إليه).
 قادة من الصحابة 
كان الكثير من الصحابة -رضي الله عنهم- يتمتّعون بالقدرة على القيادة، وفيما يأتي بيان جانبٍ من ذلك: تولّى الصحابي أسامة بن زيد -رضي الله عنه- القيادة وهو في الثامنة عشر من عمره، وذلك بأمرٍ من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، إلّا أنّ الرسول توفي قبل نفاذ أمره، فولّى أبو بكر الصديق أسامة بن زيد قائداً للجيش، وكانت المعركة التي قادها ضدّ الروم، إلّا أنّه رغم صغر سنّه انتصر، وكان بعض الصحابة قد طلبوا من الرسول أن تكون القيادة لمن هو أكبر من أسامة في العمر، إلّا أنّ الرسول قال لهم: (ما بال أقوامٍ يقدحون في أن ولّيت أسامة على الجيش؟ وأيم الله أن كان للإمرة لخليق، وإنّه لمن أحبّ الناس إليّ، فاستوصوا به خيراً فإنّه من خياركم)، وبعد ذلك الموقف أطلق على أسامة حِبُّ النبي عليه الصّلاة والسّلام.
 كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قائداً عظيماً، وزرع في النفوس العديد من المبادئ والقيم، فبيّن أنّ العزة والقوة لا تكون إلّا باتخاذ الإسلام منهجاً للحياة، كما أنّه تحمّل قيادة جيش معركة مؤتة بعد استشهاد القادة الثلاثة، وبعد أن كانت الغلبة لجيش الروم، فتحمّل قيادة الجيش، وقسّم الجيش إلى عدّة أقسام، وأوكل إلى كلّ قسمٍ مهماته، فانقلبت المعركة لصالح المسلمين، فكان المستحقّ للقب سيف الله المسلول من الرسول صلّى الله عليه وسلّم.


أخلاق المسلم

أخلاق المسلم
مفهوم الأخلاق
 الأخلاق من أهمِّ اللّغات التي تُمكّنُ الإنسانَ من إتقانِ التَّواصلِ وتبادلِ النّشاطاتِ الحياتيّة القائمةِ على التّعايُش البشريّ ومبادلةِ المُعاملاتِ اللفظيّةِ والسُّلوكيّة، وتُعرفُ الأخلاقُ بأنَّها المبادئُ والقواعدُ المُنظِّمةُ للسُّلوكِ الإنسانيّ، وهيَ من أنظِمةِ العملِ الخيريَّةِ المُؤطِّرةِ للتّعامُلاتِ البينيّةِ المُجتمعيّةِ.
 الأخلاقُ لغةً "الأخلاقُ جَمعُ خُلقٍ، والخُلُق-بِضَمِّ اللَّامِ وسُكُونِها- هُو الدِّينُ والطَّبعُ والسَّجيَّةُ والمُروءَة"،
والأخلاقُ في مَعْجم المَعاني جمعُ خُلُق: حالٌ للنفْس رَاسِخَةٌ تَصدُرُ عنها الأفْعالُ من خَيرٍ أو شرٍّ مِن غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويَّةٍ، وهي مجموعةُ الصِّفاتِ والسُّلوكاتِ البشريَّةِ التي تُوصَفُ بالحُسنِ أو القُبْح.
 الأخلاقُ اصطلاحاً عُرِفت الأخلاقُ بموازينَ عديدةٍ ومعاييرَ مُتنوعةٍ تبعاً للمدارس الفلسفيّةِ والدينيَّة، ويَرى أَرسطو وأفلاطون أنَّ الأخلاقَ تتمثّلُ في قدرة الفرد على التّمييز بينَ الخيرِ والشَّر، وأنَّها الفضيلة التي يَتغلَّبُ فيها الجانِبُ الإلهيُّ من الفَردِ على الجانِبِ الشّهوانيّ، بينَما يَرى الرواقيِّون (مَذهبٌ فَلسفيٌّ يُغلِّبُ الفِكْرَ الشَرقيّ) أنَّ الأخْلاقَ هيَ ضَبطُ الشَّهَواتِ بالعَقلِ ومُمارسَةُ الفَضائِل.
 أمَّا مِن المَنظور الإسلاميِّ فَتُعرَفُ الأخلاقُ بأَنَّها مَجموعَةُ المبادئِ والقَواعِدِ التي يُحدِّدُها الوحيُ لِتنظيمِ حياةِ النّاسِ وسُلوكاتِهم على نحوٍ يُحقِّقُ الغايَةَ من وُجودِهم،" ويُعرِّفُها الجَرجانيّ بأنَّها: الطِّباعُ والسُّلوكاتُ العفويَّةُ التي تَصدُر عن الإنسانِ مِن غيرِ إرجاعِها للعَقلِ والتَّدبُّرِ والمُراقَبةِ، وتعتَمدُ على ما يَرسخُ في النَّفْسِ مِن حُسْنٍ وقُبْحٍ، ويَنْعَكِسُ عَنها مِن غَيْر فِكرٍ ورَويَّة.
أخلاق المسلم 
يُعتَبَرُ الدِّينُ الإسلاميّ من أبرزَ مَصادِر الأخلاقِ والفَضائِل، وهوَ دِينٌ ثابِتٌ وبِثَباتِهِ تَثبُتُ كُلُّ القِيَمِ النّّابِعَةِ مِنْه، وتَتَّسِمُ الأخلاقُ الإسلاميّة بِسِماتٍ فريدةٍ تتمثَّلُ بالخُلودِ، والصِّدقِ، والصِّحةِ، والشُّمولِ، والتَّكامُلِ، والتَّوافُقِ العَقليّ والفِطْريِّ؛ نظراً لِتفرُّدِ مَصدَرِها بالوَحيِ وَتَشريفِها بآياتِ القُرآنِ والسُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وأخلاقُ المُسلِمِ مَبنيَّةٌ بِبناءٍ قَويمٍ يَتَناسَبُ مَع ظُروفِ الزَّمانِ والمَكانِ، ويَتلاءَمُ مَع تَكوينِ الفَرْدِ والمُجتَمعِ، ويَسْتوعِبُ حياةَ الإنسانِ من جَميعِ جوانِبِها.
" ونِظامُ الأخلاقِ في الإسلامِ مُرتبِطٌ بِجَوانبِ الإيمانِ والعبِادةِ والمُعاملات؛ إذْ تَربِطُ الأدلّةُ الشَّرعيَّةُ من القرآنِ والسُّنَّةِ بينَ الإيمانِ وحُسْنِ الخُلُقِ، فَفي الحديثِ الشَّريفِ: (أَكمَلُ المؤمنينَ إيماناً أَحسَنُهم أَخلاقاً)
تَظهرُ المُفاضلةُ بينَ المؤمنين استناداً لمعيارِ حُسْنِ الخُلُق. وفي قَولِ الرّسول عليهِ الصّلاة والسّلام: (إِنَّما بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكارِمَ الأَخْلاق)
 يَبرُزُ الهدفُ الأَسمى والمُشترَك لجميعِ الدِّيانات السماويَّة وجَوهَرُها الذي يتمثَّلُ في تَعزيزِ الأخلاقِ وتَهذيبِها.
" حُسْنُ الخُلُق مُعظَمُ العباداتِ التي يتقرّبُ بها العبدُ إلى ربِّهِ تحتاجُ إلى جهدٍ بدنيٍّ ومُجاهدةٍ نفسيَّةٍ لِتحصِيلِ أجرها وتثبيتِ مُستحقِّها؛ فالصَّلاةُ والصِّيامُ والزَّكاةُ والحجُّ وغيرها عباداتٌ عظيمةٌ تحتاجُ إلى جَلَدٍ عظيمٍ وهِمَّةٍ عاليةٍ لأدائِها والتقرُّبِ بها، بل إنَّ الخَلل البسيطَ في بعضِ أركانِها قَدْ يُبطِلها ويوجِبُ قَضاءَها أو التَّكفيرِ عنها. 
أمَّا عبادةُ حُسْنِ الخُلُق فَهيَ آدابٌ وفَضائِلُ فِطريَّةٌ إيمانيَّةٌ تَنعَكِسُ على عاداتِ المَرءِ وسُلوكاتِهِ دُونَ جُهدٍ مَبذولٍ أو تَكلُّفٍ وعَناءْ، فَهِيَ عِبادةٌ صامِتةٌ عَظيمَةُ الأجْرِ ويَرتَقي أَجْرُها لدَرَجاتِ قائِم اللَّيلِ صائِم النَّهارِ كَما وَرَدَ عَن رَسولِ الله صلَّ الله عليهِ وسلَّم، فعَن عائِشَةَ رضيَ الله عنها قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلَّ الله عليهِ وسَلَّمَ يَقول: (إنَّ المؤمن لَيُدركُ بحُسْن خُلقه درجاتِ قائم اللّيل صائمِ النهار) فعِبادةُ حُسنِ الخُلُق تُزيِّنُ سائِرَالعِباداتِ، وتُكمِّلُها، وتَحتلُّ مساحةً من الأَجرِ مِثلَ غيرِها، وتُفاضِلُ دَرجاتِ الإيمانِ كما جاءَ في الحديثِ (أَكمَلُ المؤمنينَ إيماناً أَحسَنُهم أَخلاقاً).".
 كيفَ تُكْتَسَبُ الأخلاقُ الحَسَنة 
سُئِلَ عبدالله بن عباس رَضِيَ الله عنهُ عن حُسنِ الخُلقِ كَيفَ يَكون فأجاب: (حُسنُ الخُلُقِ أمْرٌ هَيِّنٌ وَجهٌ بَشوشٌ وكلامٌ لَيِّن).
 مَكارِمُ الأخلاقِ مخزونةٌ عندَ الله يمنَحها لِعبادِه بالفِطرةِ ثمَّ بالتعلُّم، وهي رزقٌ يُسخِّرهُ الله لمن يُحِب من عبادهِ جزاءً لتقرُّبهم ووَصلهم بالطّاعات، وتُكتَسَبُ الأخلاقُ بالتَّفكُر والتَّعقٌّلِ وصُحبَةِ الأخيارِ ابتداءً حتى تُصبحَ سُلوكاتٍ تُمارَسُ دونَ شُعورٍ وقََصد، ومَكارِمُ الأخلاقِ في الإسلامِ كثيرةٌ، منها الصَّبرُ، والكَرَمُ، والإيثارُ، والرِّفقُ، والعَدلُ، والحَياءُ، والشُّكرُ، وحِفظُ اللِّسانِ، والعِفَّة، والوَفاء، والصِّدق. ونَقيضُها صفاتٌ خُلُقيَّةٌ مَذمومةٌ نَهى عنها الرَّسولُ عليه الصّلاة والسّلام، كالغَضَبِ، والغِيبةِ، والنَّميمَةِ، والكَذِبِ، والكلامُ الفاحِشُ وغيرها من الصِّفاتِ التي لا تَقبَلُها الفِطرةُ السَّليمةُ.
 أهم الأخلاق 
التي ينبغي على المسلم التحلّي بها ينبغي على المُسلِمِ أن يَتمسَّك بالأخلاقِ الإسلاميَّة جميعها دون تفريدٍ أو انتقاء، وأن يتحرَّى التخلُّق بكلِّ الفضائِلِ والخِصالِ الحَسنةِ حتَّى يتطبَّع بها وتُصبِح برمجةً ذاتيَّة في أفعالِه وانعِكاساتِه السُّلوكيَّةِ واللفظيَّة، ومِن أهمِّ الأخلاق التي ينبغي على المُسلِم أن يتحلَّى بها: 
الأمانة: وهِي من أخلاقِ الرَّسول عليه الصّلاة والسّلام التي عُرِفَ وتميَّزَ بها قبل البعثَةِ لِحُسنِ ما كانَ يتخلَّقُ بها.
 وتعني حفظُ الحقوقِ وأداؤها لأصحابها، وقد أَثنى الله تَعالى عَليها وذَكَرها في كِتابِه العَظيم وجَعَلها من علاماتِ الإيمانِ ونَقيضُها الخيانةُ من علاماتِ النِّفاق.
 الحِلم: وهُو الترَّفع عن مُبادلة النّاسِ الإساءةَ بالإساءَة وإظهارِ الصَّبرِ عليهِم وسِعةَ الصَّدر لأفعالِهم. وهو خُلُقٌ ربَّانيٌّ نَسَبَهُ الله لنفسِهِ وجعَلهُ من أسمائِه.
 العِفَّة: وهيَ الكفُّ عن المُحرَّماتِ واجتنابها والابتعادِ عن مَسالِكها، وترويضُ النَّفسِ عن طلبِها والترغُّبِ فيها، والعفَّةُ من أخلاقِ الأنبياء وعَلاماتِ الصَّالحين، وبِها يتلذّذُ المؤمنُ الحقُّ ويستَشعِرُ حَلاوةَ إيمانِهِ وعِفَّته.

2018-12-03

نَظرَة مُختلفة

نَظرَة مُختلفة
كلما أسرعت في إدراكك بأن الحياة تتبع قوانين الطبيعة و قوانين الجذب ، كان إصلاحك لنفسك و قلبك و عقلك أشد حضورا من غيره .. حتى تغدو تلك القوانين تتماشى معك أينما ذهبت ! - وجودك في بيئة واحدة لا يعني أنك فهمت الحياة ، معاشرتك لأشخاص معينة لا يجعل من أحكامك عادلة عن البشر ، طريقة التفكير المتشابه لا يسمح لعقلك بأن يستوعب القوانين التي نعيش بالأصل عليها لكننا لا نراها ! كتاب واحد لا يجعل منك مثقفا و درس واحد لن يجعل منك متعلما ! - تكاد تعيش الحياة من زاوية واحدة .. لون واحد .. فكرة واحدة.. و إذا بادرت بالنظر إلى ما هو أبعد من تلك الزاوية .. و تلك الفكرة و ذلك اللون .. حتما ستتغير نظرة الحياة بالنسبة لك .. كل شيء جديد و طعم رائع في نفس تلك الأشياء القديمة في حياتك.. ستملك تلك النظرة الباسمة .. المسامحة .. والآملة في قلب تلك الخيوط الصغيرة لتتشابك معا و تخلق هالة من الإنسجام و التناغم و الموسيقى الرائعة ! 
- مواقف عدة تلك التي تشعر فيها أنك لا تعلم.. لا تستطيع.. أو لا تفهم .. ماذا يحدث؟!.. من يستطيع مجاراة الأمور؟ .. مصطلحات عدة تلك التي تطلقها على نفسك تبعا لما تشعر به حقا ... فنحن جميعنا نستطيع القراءة جيدا و قد أمضينا كل حياتنا في المطالعة .. لكن هل نفهم حقا ما يود أحدا أن يوصله إلينا؟!.. هل نرى الإشارات الخفية؟!.. هل نسمع العقول التي حولنا جيدا ؟! وقفة لا بد منها ، لأننا سئمنا الأساليب القديمة في التفكير.. و مللنا من الأفكار المتكررة ذاتها و التي لا تهدينا إلى درب الحب و السلام و الخير ! - غالبا ما نؤمن بمعتقد خاطئ ، نفكر و نتصرف بطريقة خاطئة ، و نستوعب الأمور أيضا بطريقة خاطئة ! و من ثم نرمي اللوم و العتاب بأكمله على الحياة .. الظروف .. أو المجتمع ! فنقضي بقية حياتنا البائسة في إنتظار أي شيء بأن يتغير للأفضل من أجلنا ! فكيف نتوقع بأن النتيجة ستتغير و نحن نفكر بطريقة مشابهة في كل مرة ؟!.

لماذا يموت الإنسان؟

كيف يموت الانسان
الإنسان ! كلمة فريدة و تعبير عن كائن، عاقل، يعيش على هذه الأرض التي استخلفه خالقه -جل شأنه- فيها، و أمره بإن يعمرها و يسكنها، لكنه كان و ما يزال يبحث و يسعى للخلود، مع علمه بمحدودية عمره، و فناء أرضه و مقر معيشته. يولد إنسان، فتولد حياة جديدة، فيتدرج بمراحل النمو التي تعقب مراحل نموه داخل رحم الأم، التي لم و لن تستطع الكلمات أن تصف حنانها، وصبرها و كذا حبها، لوليدها، و هو الذي يحفظه الله -عز وجل- في رحمها و من قبل أن تعرف ذكراً كان أم أنثى، فتلك وديعة الله تعالى التي فيها سرا ً عظيما ً و معجزة خالدة. يكبر ذلك الطفل، الضعيف، البسيط، المجبول على الفطرة السليمة، والنقاء القلبي، والبراءة التي لطالما قرنت بالطفولة؛ و ذلك -للإسف- كونها تتلاشى بعد تلك المرحلة الهامة و تذرو كالرياح في جو عاصف، إلا من رحم ربي !. يزداد عمره، ويزداد معه حب فطري يدعوه للتملك، و البقاء سليما ً قدر المستطاع. 
الموت الذي هو باب بيت الحياة، يدخله كل إنسان رغم أنفه، شاء أم أبى، معلناً بذلك، إنتهاء حياة شقاء أو حياة سعادة. 
لا فرق الآن بينهما و لكن ما يحير ذلك الإنسان، و ما يصبو إليه هو الخلود. كيف يموت الإنسان ؟ 
 يموت الإنسان بفقده حقه بجريان الدم في عروقه، وفي تنفسه هواء يحييه بمشيئة خالقه العظيم؛ الذي بيده منح الحياة و إنهاؤها، و لكن قد يسأل السائل: لماذا يموت الإنسان ؟ .. و الإجابة تكمن بعكس ذلك؛ أي بالحياة، حيث أن الامور تتضح و ينجلي عنها الغموض بمقارنتها بما يناقضها. 
فلا بد من اتزان يحفظ الأرض و يقيم ميزان عدلها.
الحياة و الموت، ثنائي متلازم، أبد الدهر، حتى يرث الله الأرض و من عليها.

الموت
 يُعتبر الموت من الحقائق الأساسيّة في الكون، ويعاينه الإنسان فيمن حوله، وسيمر به لا محالة، وقد اهتمّ الكثير من العلماء بموضوع الموت وماهيّته وما بعده من الجزاء والثواب ومن الحساب، ويتردّد على ألسنة الكثير من الناس سؤالهم بالحكمة من موت الإنسان، وكيف يحصل الموت، ورغم تقدّم العلم واتّساع المعارف واشتهار المعدّات الطبيّة الدقيقة إلّا أنّ الموت حقيقة لا بدّ من وقوعها على كلّ إنسان، فلماذا يموت الإنسان؟ 
معنى الموت 
كلمة الموت كغيرها من الألفاظ، ولها عند العلماء عدّة معانٍ؛ وفيما يأتي بيان المعنى اللغوي والاصطلاحي للموت: 
معنى الموت لغةً: الموت في اللغة اسم، وهو مصدر من الفعل الثلاثيّ مَاتَ، ويُقصد به: زوال الحياة عن كلّ كائن حيّ، قال الله سبحانه وتعالى: ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).
 معنى الموت اصطلاحاً: الموت في اصطلاح العلماء هو: مفارقة الرُّوح للجسد، ويُعرّف أيضاً بأنّه: زوال صفة الحياة عمّن اتّصف بها.
 الحكمة من موت الإنسان 
كتب الله -سبحانه وتعالى- على الإنسان الموت لحِكم جليلة، منها ما يأتي:
 بيان قدرة الله -سبحانه وتعالى- في خَلْق الإنسان من العدم، ثمّ مرور الإنسان في عدّة أطوار من الخَلق، حتى أصبح بشراً سويّاً، يسمع ويبصر، ويتكلّم ويتحرّك ويعقِل، ويأكل ويشرب، ويتزوّج ويتناسل، ويعيش في الأرض، ويسعى في طلب رزقه الذي كتبه الله -تعالى- له، ثمّ تتجلّى قدرة الله -سبحانه وتعالى- الكاملة في موت الإنسان؛ فيُصبح ساكناً بلا حركة، وكلّ ذلك بقدرة الله -تعالى- وحده، فجاء في القرآن الكريم: ( فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ*تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
 وصول النفس الإنسانيّة بالموت إلى درجة اليقين والتعرّف بالموت على حقيقة النفس الإنسانيّة؛ من حيث إنّها مخلوقة من قِبل خالق عظيم، وأنّ خلقُها لم يأتِ عبثاً بل كان لسببٍ وغايةٍ عظيمةٍ. استخلاف الله -سبحانه وتعالى- للبشر في الأرض؛ يخلف بعضهم بعضاً، فلم يُخلق البشر خِلقةً قابلة للدوام، فلو كانوا كذلك لذهبت المصلحة والحكمة من جعلهم خلائف في الأرض. 
ابتلاء الله -سبحانه وتعالى- للإنسان، بأن جعل نهايته في الحياة الدنيا هي الموت؛ ليعلم من يطيعه ومن يعصيه؛ قال الله سبحانه وتعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
استشعار نِعَم الله -سبحانه وتعالى- العظيمة على الإنسان، فلولا الموت ما هَنِأ للإنسان العيش في الأرض، ولا طاب له مقام فيها. حقيقة الموت عند الفقهاء يعدّ الموت من الأمور التي لا يعلمها إلّا الله سبحانه وتعالى، وقد استأثر الله -سبحانه وتعالى- به في علم الغيب عنده لحِكمة يعلمها؛ قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مفاتيحُ الغيبِ خمسٌ لا يعلمُها إلّا اللهُ: لا يعلمُ ما في غدٍ إلّا اللهُ، ولا يعلمُ ما تغيضُ الأرحامُ إلّا اللهُ، ولا يعلمُ متى يأتي المطرُ أحدٌ إلّا اللهُ، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ، ولا يعلمُ متى تقومُ الساعةُ إلّا اللهُ)، أمّا بالنسبة لحقيقة الموت فقد قال بعض العلماء بأنّها انقطاع لتعلّق الروح بالجسد والمفارقة بينهما، فالانقطاع بينهما ليس انقطاعاً تاماً، وإنما هو تبدّل الحال، والانتقال من دار إلى دار؛ فالإنسان عندما يأتي أجله تنتهي حياته الدنيويّة بصفة نهائيّة، ويدخل في حياة أخرى لا يعلم حقيقتها وتفاصيلها إلّا الله سبحانه وتعالى، والإنسان يكون ميتاً في الشّرع بانقطاع الحياة عن جسده، وهذا موت نسبيّ؛ أي: بالنسبة لعلم الإنسان المحدود، وموت نسبي بالنسبة للدار الدنيا، وهو في الوقت ذاته بداية لدار البرزخ؛ وهي المرحلة التي بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
أمّا بالنسبة لمقدمات الموت، أو ما يُعرف بسكرات الموت؛ فهي: الآلآم والشّدة التي تعتلي المرء عند قدوم أجَلِه، وهذه الشّدة إذا كانت على المؤمن لا تدلّ على نقصٍ في إيمانه وتقّواه، وإنّما هي زيادة له في حسناته، أو تكفير له عن سيئاته، أمّا الشدّة بالنسبة للكافر فهي زيادة له في عذابه، فالأموات نوعان؛ هما: ميّت مستريح، وميّت مستراح منه، فعن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه: (أنّ رسولَ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- مُرَّ عليه بجنازةٍ، فقال: مُستريحٌ ومُستراحٌ منه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما المستريحُ والمستراحُ منه؟ قال: العبدُ المؤمنُ يَستريحُ من نَصَبِ الدنيا وأذاها إلى رحمةِ اللهِ، والعبدُ الفاجرُ يَستريحُ منه العبادُ والبلادُ، والشجرُ والدَّوابُّ).
 حكم تمنّي الموت 
نهى الإسلام عن تمنّي المرء للموت، لِما ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : (لا يتمنَّى أحدُكمُ الموتَ، إمّا محسِناً فلعلَّه يَزدادُ، وإمّا مُسيئاً فلعلَّه يَستَعتِبُ)، فالعبد لا يعلم ما ينتظره بعد الموت، وإذا كان تمنّي المرء للموت بسبب شدّة ألمّت به، فإنّ هذا يعدّ من باب الجزع ممّا أصابه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا يَتمنَّينَّ أحدُكمُ الموتَ مِن ضُرٍّ أصابَهُ، فإن كانَ لا بدَّ فاعِلاً، فليقُلْ اللَّهُمَّ أحيِني ما كانتِ الحياةُ خَيراً لي، وتوفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خَيراً لي)،
 إلّا أنّ هناك حالتين يجوز تمنّي الموت فيهما؛ الحالة الأولى: أن يخشى المرء على نفسه من الوقوع في الفِتن، والحالة الثانية: تمنّي الشهادة في سبيل الله.