السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2018-12-26

الثبات على المبدأ

الثبات على المبدأ
الثبات على المبدأ 
للقيم والمبادئ أهميّة عظمى وأثرٌ كبيرٌ عند الشعوب والأمم، فهي تشكل المصدر الذي ينير درب الدولة، ويعكس درجة رقيّها وتحضّرها أو درجة تخلفها، وكلّما ارتقت الدول بقيمها ومبادئها دلّ ذلك على تطوّرها وازدهارها، وكلّما أهملت الدول هذه القيم والمبادئ زاد جهلها وتخلّفها، ومن أعظم المبادئ تلك التي تنظم حيات الأفراد والمجتمع ويحفظ له كرامته وحريته وينشر الأمن والأمان والاستقرار، ويوفّر السعادة والحرية في المجالات المختلفة ومن الضروري الالتزام بهذه المبادئ وحمايتها والتمسك بها، والعمل بها في مختلف المجالات من أجل تحقيق أماني الدولة وتطلعاتها
 لذلك الثبات على المبدأ في المواقف التي يكون فيها الحق هو الهدف، يعتبر من أسمى وأشرف الواجبات التي يجب على الدولة التمسك بها، ممّا يؤدّي إلى انتشار القيم والأخلاق. 
المبادئ الإسلاميّة 
تعتبر المبادئ الإسلاميّة الخالدة بفضل خصائصها من أكمل وأفضل المبادئ، فهي الوحيدة التي تتناسب مع التكوين الخُلقي للإنسان السليم، وتجمع بين القيم الماديّة والروحيّة وتوفّر لمن تمسّك بها السعادة في كل جوانب الحياة، كما وحقّقت من المنافع ما لم تقدر عليه غيرها من المبادئ. 
عملت المبادئ الإسلامية على ظهور حضارةٍ عريقةٍ ومجدٍ وأخلاقٍ حميدةٍ وعلمٍ لا يقارن به علم من قلب الأمة العربية، والتي لطالما امتازت بالتخلّف من قبل والفضل الكبير في ذلك يعود على ثبات العرب على مبادئهم المجيدة وعملهم على حمايتها ونصرتها، وأدّى تخلي الأمم العربيّة عن هذه المبادئ والقيم إلى حصول الضربات المتتالية والنكسات. 
مجّد القرآن الكريم المسلمين الثابتين والمستمسكين بمبادئهم الرفيعة، كما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان خيرُ مثالٍ للإنسان الثابت على مبادئه، فكان هو وأهل بيته يحمون المبادئ ويضحون في سبيلها بكل ما يملكون من مال ونفس، فكان الرسول يزداد ثباتاً وإصراراً كلّما زادت عليه المؤامرات من الكفار والظالمين، فبهذا الصمود والثبات تزلزلت قوى الظلم والكفر. أصناف الناس في ثباتهم د
إنسانٌ ثابت لا يتأثّر بعواطفه ومشاعره مهما كانت الظروف صعبة وقاسية، فإنّه يثبت على المبدأ الذي يتّخذه ثباتاً لا يتراجع ولا يتزحزح عنه، ويتمسّك به بكل ما أوتي من قوة، مهما كلّف الأمر، وفي بعض الأحيان قد يبلغ به الثبات الشديد إلى التطرّف في مجالٍ معيّن أو العشق، وهذا دليل على الصدق والإخلاص والمتانة والأخلاق الحميدة بشرط ألّا يصل بثباته إلى درجة التعصب الباطل والثقة العمياء. 
إنسان يثبت على مبدأ معيّن اليوم ويتخلّى عنه غداً، فهو غير صادقٍ في مشاعره وفكره تجاه هذا المبدأ وهذا بسبب ضعفه فلا دين له ولا صديق ولا رفيق ولا حبيب، وحتّى أنهّ يكون غير قادرٍ على الثبات في قيام أي مشروع في حياته، فيفقد الناس ثقتهم به، ويصبح لا يؤتمن ولا يصدّق.
ثبات النبي محمد عليه السلام 
ثبت النبي صلى الله عليه وسلّم في سبيل نشر دعوة توحيد عبادة الله تعالى وحده وإخراج الناس من دائرة الضلال والكفر واستمر في دعوته ليلاً ونهاراً وصيفاً وشتاءً، على الرغم من الأذى الذي أصابه من كفار قريش، ففي البداية حاولوا رده من خلال العنف؛ (عن محمد بن إبراهيم التيمي، قال حدثني عروة بن الزبير، قال سألت ابن عمرو بن العاص، أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم) [صحيح البخاري]
الثبات أمام قريش 
انتقل كفار قريش إلى أسلوب الإغراء والمساومة لإقناعه عليه الصلاة والسلام بالعدول عما جاء به، فجاءه عتبة بن ربيعة وهو شخص يتصف بالرزانة فأغراه بالمال، والجاه، والملك والأمرة عليهم، إلا أنّ النبي رفض كلّ ذلك، كما حاولوا إقناعه بفكرة تقارب الأديان والمشاركة فيها من خلال أن يعبد آلهتهم سنة، ثمّ يعبدون معه آلهته السنة التي تليها وهكذا، فرفض صلى الله عليه وسلّم ذلك. 
بعد أنْ فشِل كفار قريش بمحاولة مساومة النبي على دعوته انتقلوا إلى أسلوب التحدي بأنْ يأتيهم بالمعجزات والدلائل التي تثبت نبوته، ووعدوه باتباعه والإيمان بما جاء به، ويقصدون بذلك تعجيزه، فأخبرهم عن ظاهرة انشقاق القمر إلّا أنهم صدّوا وتكبّروا. 
انتقلت قريش إلى التعذيب والترهيب في محاولة القضاء على الإسلام والمسلمين؛ فأعلنوا المقاطعة لبني هاشم وبني عبد المطلب فلا يبيعوهم، ولا يشتروا منهم، ولا ينكحوا منهم، ولا يناكحوهم حتى يسلّموا النبي لهم، إلّا أنّ النبي صبر على الجوع، والتعب، والمشقة ولم تتزحزح عزيمته أبداً، ولم تنتهي محاولات الكفار في القضاء على الإسلام عند حدّ معيّن، لكن كان ثبات النبي صلى الله عليه هو القاسم المشترك فيها جميعاً.
 الثبات في الأخلاق 
يعتبر التوازن في صفاته صلى الله عليه وسلّم مثالاً آخر على ثباته، فهو نفسه في رضاه وفي غضبه، فلا يظلم، ولا يغلط، ولا يسيء عند الغضب، كما أنّه لا يتغيّر في حالة الحرب عن حالة السِلم، وهو الرحيم من دون ضعف، والمتواضع من غير ذلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق