السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2021-02-16

رعاية الطفل في الإسلام



 يقول رب العالمين سبحانه  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } 

أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلي الله عليه وسلم اليوم موعدنا بعون الله تعالي لنتحدث عن ضرورة أن يكون المؤمن أبا صالحا مصلحا وعن ضرورة أن تكون المؤمنة أما صالحة مصلحة .. وفي مستهل الحديث أقول إن الأبوة والأمومة نعمة من نعم الله سبحانه وتعالي إن الأبوة والأمومة هبة وعطية من الحكيم العليم سبحانه وتعالي  {يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الأبوة والأمومة ليست وجاهة وليست ميزة يتميز بها الآباء والأمهات وإنما هي مهمة عظمي وإنما هي مسئولية كبري فيها إصابة وفيها خطأ فيها نجاح وفيها رسوب يكفي أن تعلم أخي أن من الأبناء أبناء يأتون يوم القيامة فيقول قائلهم يا رب إن كنت قد كتبت لي أجرا وثوابا فأجره أولا علي أمي وأبي {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ }  {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ}   {رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}  ومن الأبناء من يأتي يوم القيامة فيقول يا رب إن كنت كتبت عليّ عقابا وعذابا فعاقب أولا أمي وأبي عذب أولا أمي وأبي ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) 

الأبوة والأمومة أيها المؤمنون مسئولية ثقيلة: قبل أن تكون مسئولية أمام النفس وأمام الناس هي مسئولية أمام الله عز وجل من الناس من فيها ينجح ومن الناس من فيها يرسب وفي صحيح السنة بيان واضح يقول: الأب راع ومسئول والأمة راعية ومسئولة قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ) يسأل الله الأب عن أولاده ما الذي دار بينه وبينهم حفظ أمن ضيع نصح أم غش اعتني أم أهمل وجه أم لم يوجه دقق أم لم يدقق حاسب أم لم يحاسب وكما سيسأل الأب ستسأل الأم « وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَامْرَأَةُ الرَّجُلِ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ بَعْلِهَا وَرَعِيَّتِهَا» 

الأبوة والأمومة حمل ثقيل لكنه يسير علي من يسره الله تعالي عليه نجاحك فيه أن تكون قدوة حسنة يقتدي بها أن تكون معلما مربيا مؤدبا مهذبا قال علي رضي الله عنه "علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم" مجموعة من شباب الصحابة: نزلوا في وقت من الأوقات ضيوفا علي النبي عليه الصلاة والسلام يقولون : أتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلينا سألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رحيما رفيقا فقال « ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم» ) 

الأبوة والأمومة نصح وتوجيه بمحبة وصدق ثم هي تأديب وتدريب وتعويد علي محاسن الأخلاق والأعمال {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } هذا حديث بين والد وبين ولده الوالد يعلم والولد يتعلم الوالد يعظ والولد يتعظ الوالد ينصح والولد يتقبل الوالد يحلب والولد يشرب (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ) وجهه أول ما وجهه لأن يخلص فيما بينه وبين الله  { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ثم بعدها دعاه بنفس الدرجة من المودة والمحبة إلي أمهات العبادة فقال {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } 

 وحتي يتوازن النصح كان مع الترغيب ترهيب ومع التحبيب تحذير وإنذار من مساوئ الأخلاق والأعمال {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} صدق محبة الوالد للولد أفعال وليست فقط أقوال صدق محبة الوالد للولد أن تعلمه ما ينفعه أن تجعل منه رجلا .. أن تجعل منه مؤمنا يعرف ربه يحب ربه ويبذل المعروف وينفع الناس  {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}  في سورة الأحقاف أورد الله تعالي حديثا وحوارا: دار بين أب وأم وبين ولد لهما كان الولد كافرا شرد عن الحق وحاد عنه أما أبواه فكانا مؤمنين حبهما لولدها خوفهما عليه رأفتهما به صورها القرآن الكريم تصويرا دقيقا في قول الله عز وجل {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} المشهور بين الناس أن هذه الآية {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} المشهور أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر .. وهذا غير صحيح . فعبد الرحمن أسلم وحسن إسلامه وكان من خيار أهل زمانه وفي الصحيح أن معاوية استعمل علي الحجاز مروان بن الحكم فخطب مروان الناس يوما فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايعه الناس بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال مروان للجند خذوه .. فدخل عبد الرحمن بيت عائشة فلم يقدروا فقال مروان إن هذا الذي أنزل الله فيه{والذي قال لوالديه أف لكما} . فقالت عائشة من وراء الحجاب يا مروان ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل برائتي من فوق سبع سموات .. وعند النسائي أن عائشة لما سمعت باتهام مروان لعبد الرحمن بأنه نزلت فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} قالت كذب مروان والله ما هو به ولو شئت ان أسمي الذي أنزلت فيه لسميته .. وهذا نفهم منه أن الآية لم تنزل في عبد الرحمن كما هو مشهور وإنما نزلت في حق كافر جمع بين الكفر وبين انكار البعث وبين عقوق الوالدين وقد عرفته عائشة ولو شاءت أن تسميه لسمته {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}  

هذه هي الأبوة رحمة وحنان ورأفة لم يحرم منها مخلوق خلقه الله تبلغ هذه الرحمة ذروتها إذا الولد مرض أو مسه سوء والحديث الأبرز في هذا الباب حديث القرآن عن أن موسي عليه السلام {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} 

وقع الولد في يد الفرعون وجاءت الرياح بغير ما تشتهي السفن وهنا طار قلب الأم خوفا علي ولدها حتي كادت أن تقول للناس هو ولدي لولا لطف الله سبحانه وتعالي  { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}  

هذه هي الأمومة رحمة هذه هي الأمومة رأفة وشفقة حتي بين العجماوات أعزكم الله الأب أب والأم أم قال النبي عليه الصلاة والسلام «جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مَائَةَ جُزْءٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا فَمِنْ ذلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ »

وإذا كان في صحيح السنة أن بر الوالدين سبب من أسباب دخول الجنة ففيها أيضا بيان واضح أن حسن رعاية الوالد للولد سبب من أسباب الخلود في الجنة قال النبي عليه الصلاة والسلام «لأنْ يُؤَدِّبَ الرجلُ وَلَدَه ، خيرٌ من أن يتصدق بصاع» وقال (من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ويكسى والديه حلتان لا يقوم بهما الدنيا فيقولان بما كسينا فيقال بأخذ ولدكما القرآن ) هذه الأحاديث ماذا تقول ؟ هذه الأحاديث تقول إن مفاتيح الجنة بين يديك وفي بيتك فتنبه لها . نسأل الله .... الخطبة الثانية بقي لنا في ختام الحديث عن الأبوة والأمومة أن نقول إن أبنائنا وبناتنا هم ثمار قلوبنا وهم نور عيوننا وهم عماد ظهورنا سعادتنا من سعادتهم وفرحتنا من فرحتهم نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين .. أعظم فرحة في الدنيا أن نري أولادنا وقد نجحوا وقد تفوقوا وتألقوا أعظم فرحة في الدنيا أن نلمس فيهم الأدب والحياء والخلق الحسن هذا رجاؤنا في أولادنا وهذه هي أمانينا .. لكن يأتي الواقع فيهدم بعض آمالنا .. الأب يبني والأم تبني والمعلم يبني والمربي يبني ودعاة الشر من وراءنا يهدمون كل ما بنيناه رفيق السوء يهدم جليس السوء يهدم قنوات الشر تهدم فماذا عسانا أن نفعل ؟ أنا بان ومن ورائي ألف هادم ماذا يراد مني وأنا أغرد في الميدان وحدي وأعدائي لا أحصيهم عددا ؟ يراد مني أن أثبت يراد مني ألا أكل ولا أمل لسان حالي ومقالي ( {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} ) أخلص النية لله وراقب ووجه وعلم ما استطعت إلي ذلك سبيلا واستعن بمولاك يعنك مولاك لا تحرم ولدك من صالح دعواتك فمن الدعوات المستجابات دعوة الوالد كن لهم أرضا ذليلة وسماء ظليلة , لو أن حاجزا بينك وبين ولدك حطم هذا الحاجز وصاحبه وشاوره واسمع له حتي يألفك ويألف القرب منك .. واعلم أن عملك الصالح تسري بركته حتي تنفعك وتنفع ولدك وتنفع الأحفاد من بعدك ( {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا } )



حفظ اللسان عن الغيبة

 

قال تعالى:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12].  

 وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ»؟.  

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ»[2].   وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ».   وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».   

وعن أبي برزة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتهن، قال: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ»؛ رواه أبو داود بإسناد جيد، قاله الحافظ العراقي. 

  وقال الحسن البصري: والله، للغيبة أسرع في دين الرجل من الأكلة في الجسد.   قال الحسن أيضًا: يا بن آدم، إنك لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب، فتصلحه من نفسك، فإذا فعلت ذلك كان شغلك في خاصة نفسك، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا.  

 وقال عمر رضي الله عنه: عليكم بذكر الله؛ فإنه شفاء، وإياكم وذكر الناس؛ فإنه داء.   وذكر الإمام مالك رحمه الله: أن عيسى ابن مريم عليه السلام قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فتقسموا قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون.  

 ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية.  

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ» ؟»، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».  

 ورُوي عن الحسن البصري رحمه الله أن رجلًا قال له: إن فلانًا قد اغتابك فبعث إليه الحسن رطبًا على طبق، وقال: قد بلغني أنك أهديت إلي من حسناتك، فأردت أن أكافئك عليها، فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام!   لكن ما الغيبة؟ لقد عرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ»، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»[9] (رواه مسلم، والترمذي وقال: حسن صحيح).  

 قال الغزالي رحمه الله: اعلم أن حد الغيبة: أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه، سواء ذكرته بنقص في بدنه، أو نسبه، أو في خلقه، أو في فعله، أو في قوله، أو في دينه، أو في دنياه، حتى في ثوبه، وداره، ودابته.   أما في البدن، فذكرك العمش، والحول، والقرع، والقصر، والطول، والسواد، والصفرة، وجميع ما يتصور أن يوصف بما يكرهه كيفما كان.  

 وأما النسب: فبأن يقول: أبوه نبطي، أو هندي، أو فاسق، أو خسيس، أو إسكافي، أو زبال، أو شيء مما يكرهه كيف كان.   وأما الخلق: فبأن تقول: هو سيئ الخلق، أو بخيل، أو متكبر مُراء، أو شديد الغضب، أو جبان عاجز، أو ضعيف القلب، أو متهور، وما يجري مجراه.   

وأما في أفعاله المتعلقة بالدين: فكقولك: هو سارق، أو كذاب، أو شارب خمر، أو خائن، أو ظالم، أو متهاون بالصلاة أو الزكاة، أو لا يحسن الركوع أو السجود، أو لا يحترز من النجاسات، أو ليس بارًّا بالوالدين، أو لا يضع الزكاة موضعها، أو لا يحسن قسمتها، أو لا يصون صومه عن الرفث والغيبة والتعرض لأعراض الناس.   

وأما في أفعاله المتعلقة بالدنيا: فكقولك: إنه قليل الأدب، متهاون بالناس، أو لا يرى لأحد على نفسه حقًّا، أو يرى لنفسه الحق على الناس، وأنه كثير الكلام، كثير الأكل، نؤوم نيام في غير وقت النوم، ويجلس في غير موضعه.   وأما في ثوبه: فكقولك: إنه واسع الكم، طويل الذيل، وسخ الثياب؛ ا.هـ[10].  

 ما يباح من الغيبة: قال النووي رحمه الله: اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح وشرعي، لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو بستة أسباب: 

الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما بمن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان بكذا.  

 الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب، فيقول: لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حرامًا.  

 الثالث: الاستفتاء فيقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو زوجي، أو فلان بكذا، فهل له ذلك؟ وما طرقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظلم، ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا، فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى.  

 الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه: منها: جرح المجروحين من الرواة، والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب.  

 ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو مجاورته، أو غير ذلك.   ويجب على المشاور ألا يخفى حاله، بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة.   

ومنها: إذا رأى متفقهًا يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يغلط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويلبس الشيطان عليه ذلك، ويخيل إليه أنها نصيحة، فليتفطن لذلك.   ومنها: أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما بأن لا يكون صالِحًا لها، وإما بأن يكون فاسقًا أو مغفلًا، ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة؛ ليزيله ويولي من يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله، ولا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به. 

  الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة أموال الناس وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلمًا، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.   السادس: التعريف إذا كان الإنسان معروفًا بلقب كالأعمش، والأعرج، والأصم، والأحول، وغيرها جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقيص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك، كان أَولى.   

قال: فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء، وأكثرها مجمع عليه، ودلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة فمن ذلك: عن عائشة رضي الله عنها أن رجلًا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ». 

  احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد، وأهل الريب.   وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا»، رواه البخاري، قال: قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين.   وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا جهم ومعاوية خطباني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ  لَا مَالَ لَهُ»، وفي رواية لمسلم: «وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ»، وهو تفسير لرواية: «فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ». وقيل: معناه كثير الأسفار. 

  وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبدالله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبدالله بن أبي، فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع في نفسي مما قالوا شدة، حتى أنزل الله تصديق ذلك: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1]، ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر لهم، فلوَّوا رؤوسهم.  

 وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، فقال: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ» ؛ ا.هـ كلام النووي رحمه الله.



كن مع الله


 أخرج الترمذي بسننه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي: «يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ اليَوْمَ إِلَهًا»؟ قَالَ أَبِي: سَبْعَةً، سِتَّةً فِي الأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ: «فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ»؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: «يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ». قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِيَ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: قُلْ: «اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي».   

لا فوز ولا نجاة، ولا فلاح ولا نجاح، إلا بالإقبال على الله.   وأجدرُ خلقِ الله ِبالفوزِ مؤمنٌ *** إلى الله ِأدَّى فرضَه وتطوعا   أمش في مناكب الأرض، وكل من رزق ربك، وابتغ من فضله.. ما أخطأك تسلط على الخلق، وإعراض عن الخالق: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124].   امش إلى الله سراعًا في طاعاتك وإخباتك، ليهرول إليك في خيره ورضاه، وليكن الله تجاهك في أمورك، ومفزعك عند ملماتك.. وإليه الحول والقوة عند ضعفك وعجزك.. لا تلتجأ لمخلوق فتذل نفسك، ولا تنس ربك فينساك.   

يـــا أيـهــا الإنـســـان إنــك كــادح   ***   إلى الله كـدحـا مـا خـلـقـت لتلعبـا  فإن طبت سعيا تلقه عنـك راضيـا   ***   وان سؤت سعيا تلقه عنك مغضبـا  وحـولـك آفـات مـن الـخـلـق جمة   ***   تنـوشـك فـاحذر أن تصاب وتعطبا  ومـن فـر من بعض العباد لبعضهم   ***   فـقـد فـرمـن أفعـى ليـقـرب عـقربا  فـكـن هـاربـا منهم الى الله وحده   ***   ولـم أر غـيــر الله للمــرء مــهــــربا    من اهتدى بهدى الله واستعمل ما وهبه الله من مَلَكات ومواهب استعمالا رشيدًا، واتجه بها اتجاه خير وصلاح كان مهتديا وفائزا حقا وصدقا، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 5 - 7]، ومن أعرض عن ذكر ربه واستعمل ما وهبه الله من مَلَكات ومواهب استعمالا سفيها، واتجه بها اتجاه شر وفسق وفساد كان ضالا وخاسرًا {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 8 – 10]، {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف: 186].  

 الصبر على الطاعات، والمجاهدة في الثبات عند التنازلات، واليقين بنصرة الحق وقت الشدائد والأزمات.. رمز البقاء، وبشرى بورد الحوض مع المصطفى.. دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال لهم: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ»  (متفق عليه).   

الـحـق أبـلـج والـمنجـاة عـن كثـب   ***   والأمـر لله والعـقبـى لـمــن صلحا  يا ويح نفس تـوانت عن مراشـدها   ***   وطرفها في عنان الغي قد جمحـا  تـرجـو الخلاص ولم تنهج مسالكها   ***   مـن بـاع رشـدا بغـي قـلمـا ربـحـا    من أراد محبة الله فليلزم فرائضه.. ومن أراد قربه فليلذ بجنابه، ولا يضعف عن دعائه، ومنافذ القربات كثيرة "فاسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ.. الصَّلاَةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا".  

 هذه مقومات النجاح لمن أرادها، وبراهين الفوز لمن تمسك بها، "فمَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ".   بلغنا الله وإياكم منازل الأبرار، بجوار النبي المختار، {فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54، 55]

  من أراد أن تكتمل سعادته فاليسعَ في فكاك نفسه من تعلق الحقوق على رقبته فهي من كمال الخشية وصدق الإقبال على الله.. وللرسول وصحابتِه القدحَ المعلى في ذلك.  

 لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قدم على أبي بكر مالُ البحرين، فأمر مناديا فنادى: من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم دين أو عِدةُ فليأتني، قال جابر: فجئت أبا بكر فأخبرته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا» قال: فأعطاني، خمس مائة. متفق عليه.  

 لا يمكن أن يكون الإنسان مخبتًا حتى يكون لحقوق الخلق مؤديا «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (أخرجه مسلم). 

  ولا يمكن أن ينجو المرء بصلاحه وعبادته وهو لأسرته وأهل بيته مضيعًا، ولتربيتهم مهملا «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ». «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» متفق عليه.  

 اللهم اهدنا بهداك واجعل أعمالنا في رضاك اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا...



مبادرة يدا بيد لنبني جيل الغد


 مبادرة يدا بيد لنبني جيل الغد تواصل ارتقاءها نحو الضّوء من خلال رحلتها المتواصلة لتكريم جنود الفكر ، وأصحاب الكفاح المسلّح بالمبادئ حيث سعدنا بتكريم مدرستين ، إضافة لتكريم المركز النفسي البداغوجي برأس الوادي بمساهمة تعجز الشّعور والحرف للسيّد عمار بوضياف .

حضر هذا الحفل التكريمي كل من أعضاء المجلس الشعبي الولائي الطبيب خوجة الطيب، الأخ العزيز رضوان زعيتر، بن عبيدة بوبكر،غضبان عبد القادر. والشيخ الإمام فيصل حلقوم، وبعض الأساتذة الكرام على غرار محمد داود . التكريم كان بتقديم إعانات مدرسية للتّلاميذ والأساتذة والإدارة، ملصقات الوقاية من الوباء لهذه المدارس النائية التي لا يصلها الدّعم الإنساني، كما تمّ تكريم المركز بدعم متمثّل في وسائل طبية وغيرها.
الشّكر لمدير مدرسة الإخوة بن عامر اولاد عمارة على حفاوة الاستقبال الذي حضينا به كأنّنا أفراد البيت وصديقي زميل الدراسة لوعيل أيوب مدير مدرسة بن الشيخ لخضر بير حمودي، على صدره الرحب ، كما الشكر موصول للسيدة مسعودي صليحة زميلة الدراسة أيضا مديرة المركز النفسي البيداغوجي للمعاقين ذهنيا شرقي العمري التي رحّبت بنا ترحيب الأخوّة .
ومن عجيب الأقدار أن نلتقي بزملاء الدّراسة بعد غياب طويل مع تغيّر الأحوال والمصير إذ صار الطالب مديرا ، والصّديق الغائب حاضرا .
أشكر الحاضرين على تزيينهم لجلسة اللقاء هذه خصوصا مشاركة التلاميذ لنا وفرحهم بالمبادرة كما لا يفوتني أن أثمّن كرم الأخ عمار بوضياف الذي ختم لقاءنا البهيج بوجبة غداء ببيته ، و شكر خاص لأصحاب المبادرة الثّمينة التي لا يقدّرها قول أو فعل .
كما أوجّه باقة شكر بديعة لإذاعة البيبان التي كانت حاضرة ممثلة في شخص الأخ نبيل جدي الذي سلّط عدسته بكلّ محبة على الأحداث التي لا بدّ أن ترى نورها وسط المجتمع .
وقفة الهلال الأحمر إلى جانبنا منحتنا وزنا وبعدا ضاربا في الأمل والتضامن نشكر لهم اهتمامهم الكبير بلقاءات كهذه.
رأس الوادي في: 15 02 2021.
بقلم عبد النور خبابة