السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-12-30

فوائد التسبيح والاستغفار

أحاديث عن التسبيح والإستغفار
التسبيح والاستغفار
 يعتبر التسبيح والاستغفار من نعم الله عز وجل على الإنسان، فقال تعالى في كتابه الكريم: "استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليك مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً"، التسبيح والاستغفار لا وقت محدد له، فيستطيع الإنسان أن يسبح ويستغفر في أي وقت، وفي أي مكان فهما طاعة لله عز وجل، ويتقرب الإنسان من خلالها إلى ربه، وتجلب له البركة والرزق وتيسير الأمور على الإنسان، وفيهما تكفير للذنوب والخطايا التي يرتكبها الإنسان في الليل والنهار. 
لذلك يجب على الإنسان الإكثار من التسبيح والاستغفار، والمداومة عليه أناء الليل وأطراف النهار، والحذر من مخالفة الشرع، والسير على نهج سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا المقال سنتعرف على التسبيح والاستغفار وفوائدهما على الإنسان المسلم. ومن أكثر عبارات التسبيح التي وردت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، و "سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله وأكبر"، و " سبحان الله وبحمده" و " سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم" و "لا إله إلا وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، وغيرها الكثير من التسابيح والأذكار، ويمكن التسبيح على أصابع اليد وهذا محبب بشكل كبير، لأن أصابع اليد تشهد يوم القيامة على صاحبها، وفي القلب، وعلى المسبحة. 
وهناك العديد من عبارات الاستغفار التي يلجأ إليها الإنسان، ومن أفضلها: "اللهم أنت ربي لا إله إلاّ أنت، خلقتني وأنا على عهدك، ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت"، و "أستغفر الله"، و " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه" و" ربّ اغفر لي"، و"استغفر الله العلي العظيم". فوائد الاستغفار والتسبيح 
ترضي الله عز وجل. 
تطرد الشيطان. 
تجلب الرزق، وتبارك فيه.
 تمحو السيئات. 
تنور وجه المسلم. يزيل الغم، والهم. 
تحيي القلب. 
تجلب الطمأنينة، والراحة. 
تجلب السعادة، والسرور.
 تقوي القلب، والنفس.
 سبب من أسباب القوة، والنصر على الأعداء. 
يبقى لسان الإنسان رطب بذكر الله عز وجل. 
تسهل الأمور، وتخفف المشاق، وتسهل الصعاب على المسلم. تزيل الخوف من قلب الانسان.
 الاستمرار في التسبيح، والاستغفار تكثر من شهود الإنسان يوم القيامة. 
تجلب البركة في الوقت. 
تقرب الإنسان من ربه.
 تذكر المسلم بلآخرة، وتبعده عن الدنيا الفانية. 
تزيل الهموم، والأحزان، والغموم، والحسرات.
 تسد حاجات المسلم، وتغني القلب. 
يتم الابتعاد عن النميمة، والغيبة، والفحش.
أحاديث عن التّسبيح والاستغفار
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( سيد الإستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقنا بها ، فمات من يومه قبل أن يمسي ، فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها ، فمات قبل أن يصبح ، فهو من أهل الجنة) رواه البخاري. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ، ثلاثاً ، غفرت له ذنوبه و إن كان فاراً من الزحف) صححه الألباني. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ألآ أخبرك بأحب الكلام إلى الله , قلت يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله , فقال إن أحب الكلام إلى الله , سبحان الله وبحمده) رواه مسلم. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (يا أيها الناس إستغفروا ربكم وتوبوا إليه فإني أستغفر الله وأتوب إليه في كل يوم مئة مرة أو أكثر من مئة مرة) حديث صحيح. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( من قال الحمد الله مائةَ مرة قبلَ طلوعِ الشمس وقبلَ غُروبها كان أفضلَ مِن مائة فِرسٍ يُحمَلُ عليها في سبيل الله) حسنه الألباني. 
عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها , أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلّى الصبح ، وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى ، وهي جالسة ، فقال : ((ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ " قالت : نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد قلت بعدك أربع كلمات ، ثلاث مرات ، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته )) رواه مسلم. 
عن أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله سأله (بأي شيء تحرك شفتيك يا أبا أمامة ؟ فقلت : أذكر الله يا رسول الله ! فقال : ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار ؟ قلت : بلى يا رسول الله ! قال : تقول : ( سبحان الله عدد ما خلق ، سبحان الله ملء ما خلق ، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء ، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه ، سبحان الله ملء ما أحصى كتابه ، سبحان الله عدد كل شيء ، سبحان الله ملء كل شيء ، الحمد لله عدد ما خلق ، والحمد لله ملء ما خلق ، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء ، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء ، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه ، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه ، والحمد لله عدد كل شيء ، والحمد لله ملء كل شيء) صححه الألباني.
 قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال : يسبح مائة تسبيحه ، فيكتب له ألف حسنة ، أو يحط عنه ألف خطيئة ) رواه مسلم. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من قال سبحان الله وبحمده ، في يوم مائة مرة ، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) رواه البخاري. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من قال : سبحان الله مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ؛ كان أفضل من مئة بدنة) حسنه الألباني. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من قال حين يصبح و حين يمسي : سبحان الله العظيم و بحمده ، مائة مرة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به ، إلا أحد قال مثل ذلك ، و زاد عليه) صححه الألباني. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من قال : سبحان الله العظيم وبحمده ؛ غرست له نخلة في الجنة) صححه الألباني. قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( الحمد لله تملأ الميزان ) رواه مسلم. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله العظيم ، سبحان الله وبحمده)) رواه البخاري. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من أكل طعاماً فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا و رزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه) حسنه الألباني. 
قال صلى الله عليه وسلم : (( أفضل الذكر : لا إله إلا الله)) حسنه الألباني. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من هاله الليل أن يكابده ، أو بخل بالمال أن ينفقه ، أو جبن عن العدو أن يقاتله ، فليكثر من "سبحان الله وبحمده" فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل) صححه الألباني. 
قال صلى الله عليه وسلم : (إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقاً من قلبه فيموت على ذلك إلا حَرُمَ على النار، لا إله إلا الله) صححه الألباني.
 سُئلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل ؟ قال : (ما إصطفى الله لملائكته أو لعباده : سبحان الله وبحمده) رواه مسلم. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه) رواه البخاري.

ما علامات الساعة؟

ما علامات الساعة
يعتبر يوم القيامة أحد الأحداث التي يؤمن بها المسلمون فهو اليوم الأكبر الذي ينتظره المسلمون فيعتبر أحد علامات الإيمان هو الإيمان باليوم الآخر، فهو اليوم الذي سيحاسب فيه كل إنسان عمّا اقترف من أفعال في الحياة الدنيا ويحاسب عليها بين يدي الله عز وجل فعندها يوضع الميزان وتقاس أعمال البشر فيدخلون تبعاً لذلك إمّا للجنة أو إلى النار، ومن أسماء يوم القيامة الأخرى هو الساعة والتي سميت به بذلك لأنّ الناس عند وقوعها وهم شرار البشر كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم، تحدث عليهم فجأة في ساعة واحدة فيموت جميع الناس في ذلك اليوم عند الصيحة. وكما أنّ أيّ حدثٍ في الكون تحصل قبله علامات تدلّ عليه وعلى حدوثه فإنّ الحدث الأكبر في الكون أيضاً تسبقه علامات تدلّ على حدوثه، وهذه العلامات تمسّ كل ما في الكون من تصرفات الإنسان وحياته إلى الأحداث المختلفة في الأرض والكون، وقد عرف الناس هذه العلامات عن طريق القرآن الكريم وعن طريق أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فتم تقسيم هذه العلامات المختلفة والعديدة إلى ثلاث علامات هي علامات الساعة الصغرى والكبرى، فالعلامات الصغرى هي العلامات التي تسبق يوم القيامة بفترة طويلة، ولا تؤثر بشكل كبير على حياة الناس فمن الممكن ألّا يشعر بها العديد من الناس، وقد ابتدأت هذه العلامات ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهنالك علامات صغرى كثيرة حدثت أيضاً كانشقاق القمر وموت الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم، ومنها ما قد حصل ويستمر في الحصول في الوقت الحالي كانتشار الفتن والمعاصي بين الناس وكغلاء المهور بين الشباب، ومنها ما لم يحدث بعد ككثرة الأموال بين الناس بحيث تصبح فائضة عن حاجاتهم وهدم الكعبة. 
أمّا علامات الساعة الكبرى فهي العلامات التي تسبق حدوث الساعة بوقت قصير وذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح وذكرت في القرآن الكريم أيضاً وهي عشر علامات وهي: ظهور المسيح الدجال، ونزول عيسى بن مريم، وظهور يأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف: حسف في المشرق، وخسف في المغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والنار التي تظهر في اليمن وتسوق الناس إلى محشرهم، وتحدث هذه العلامات بشكل متتابع فإذا ظهرت أول علامة لحقتها باقي العلامات بشكل متتابع وسريع، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه العلامات وذكرت في القرآن لإنّها تسبق أكبر حدث في الدنيا كما ذكرنا في السابق، كما أنّها أيضاً تذكر الناس بيوم القيامة عند تفكرهم بها.
 عَلامات القيامة أو الساعة تعني الدّلائل والوَقائع والأحداث التي تحصل قبل يوم القيامة، وتدلّ بمُجملها على اقترابها، ولحكمةٍ أرادها الله سبحانه وتعالى، فقد أخفاها ولم يُطلع عليها أحد، ليَعمل المُسلمون لهذا اليوم ويَزدادوا إيماناً، ولتَنبيههم من غفلتهم، وحثّ المسلمين على الاستعداد للقائه بالعمل الصَّالح. 
إنّ قيام الساعة من الأمورِ الغيبية التي لا يعلمُ وقتها وميعادها إلا الله تعالى؛ فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ)،أمّا في السنّة النبوية فقد روى البخاري في صحيحه(أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يومًا بارزًا للناسِ، إذْ أتاهُ رجلٌ يمشِي، فقالَ: يا رسولَ اللهِ ما الإيمانُ؟ قالَ: الإيمانُ: أنْ تؤمِنَ باللهِ وملائكتهِ ورسُلِهِ ولقائِهِ، وتؤمنَ بالبعثِ الآخرِ. قالَ: يا رسولَ اللهِ ما الإسلامُ؟ قالَ: الإسلامُ: أنْ تعبدَ اللهَ ولا تشركَ به شيئًا، وتقيمَ الصلاةَ، وتؤتِيَ الزكاةَ المفروضَةَ، وتصومَ رمضانَ. قال: يا رسولَ اللهِ ما الإحسانُ؟ قالَ: الإحسانُ: أنْ تعبدَ اللهَ كأنكَ تراهُ، فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنَّهُ يراكَ. قالَ: يا رسولَ اللهِ متى الساعةُ؟ قالَ: ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السائلِ، ولكن سأُحدِّثُكَ عن أشراطِهَا: إذَا ولَدتْ المرأةُ ربَّتَهَا، فذاكَ من أشراطِهَا، وإذا كان الحفاةُ العرَاةُ رؤوسَ الناسِ، فذاكَ من أشراطِهَا، في خمسٍ لا يعْلَمُهُن إلا اللهُ: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ)، ثمّ انصَرَفَ الرجلُ، فقالَ: ردُّوا عليَّ. فأخَذُوا ليَردُّوا فلمْ يرَوْا شيئًا، فقالَ: هذا جبريلُ، جاءَ ليُعَلِّمَ الناس دينَهُم) 
أقسام علامات الساعة 
إنّ علامات الساعة قسمين: علاماتٌ صغرى، وعلاماتٌ كبرى؛ حيث وَرد في القرآن الكريم عدد منها، وأشار الرسول - عليه الصلاة والسلام- إليها في أحاديثه، وفصّل الحديث عنها، ومن هذه العلامات: علاماتٌ صغرى وقعت، وشاهدها الناس، وعلامات صغرى لم تَحدث بعد، أمّا العلامات الكبرى فلم يقع منها شيء، وهي كثيرةٌ ومُتعدّدة، وقد تحدّث عنها النَّبي - عليه الصلاة والسلام - في مواقف كثيرةٍ ونبَّه المسلمين لذلك الأمر، حيث ورد عنه أنَّه قال: (بعثتُ أنا والساعةُ كهاتينِ قال شعبةُ وسمعتُ قتادةَ يقولُ في قصَصِه كفضلِ إحداهُما على الأخرى).
 يدلُّ الحديث السابق على اقتراب السّاعة، وسرعة قُدومها، وأنَّ بعثة الرسول الله - عليه الصلاة والسلام - تعدّ إحدى علامات الساعة.
 علامات الساعة في القرآن الكريم ورَدت في القرآنِ الكريم علامات الساعة في كثيرٍ من المواضعِ والآياتِ، ومن هذه العلامات ما جاء ذِكرُها لبَيان حدوثها، وقد حصلت في زمن الرسول - عليه الصلاة والسلام - وشاهدها الناس جميعاً، وبعض العلامات ذُكرت في القرآن وسَتَقع في المستقبل، ومن هذه العلامات: الدُّخان، قال سبحانه وتعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ، يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ).
 انشقاق القمر، قال الله تعالى في سورة القمر: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)،
 فقد قرنَ اللهُ سبحانه وتعالى حادثة انشقاقِ القمرِ التي عاينها أهل قريش بقربِ قدوم يوم القيامة.
 ظهور يأجوج ومأجوج، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ).
 خروج دابةٍ من الأرض تتحدّث إلى الناس، ورد ذلك في سورة النمل حيث قال الله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).
 آخر ما ظهر من علامات الساعة الصغرى علامات الساعة الصغرى منها ما ظهرت وانقضت، ومنها ما لم تظهر بعد، وهي: علامات ظهرت وانقضت قديماً هذه العلامات التي ظهرت وانقضت قديماً لن يتكرّر حدوثها مرةً أخرى، وأبرز هذه العلامات وأهمّها :
 بعثةُ الرسول - عليه الصلاة والسلام - ووفاته، يقول النَّبي - عليه الصلاة والسلام -: (بعثتُ أنا والساعةُ كهاتينِ قال شعبةُ وسمعتُ قتادةَ يقولُ في قصَصِه كفضلِ إحداهُما على الأخرى)، خروج نارٍ في بلاد الحجاز: فقد ورد ذلك في الحديث النَّبوي الشريف، حيث قال - عليه الصلاة والسلام -: (لا تقومُ الساعةُ حتى تخرجَ نارٌ من أرضِ الحجازِ ، تضيءُ أعناقَ الإبلِ ببُصْرَى).
 ظاهرة انشقاق القمر، ذكرها الله سبحانه في كتابه فقال: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)، وقد انشقّ القمر زمن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - وشاهده الناس جميعاً في مكّة والبلاد الأخرى، وقد كانت حادثةُ انشقاقِ القمر دليلاً جليّاً على صدقِ نبوةِ الرسول - عليه الصلاة والسلام - فقد طلب منه المشركون ما يُثبتُ صِدق نبوته، فكانت دليل ما جاء به من نبوةٍ. 
فتح بيت المقدس وكان ذلك في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمير المؤمنين. عَلامَات ظهرت ومستمرّة الظهور هذه العلامات وقعت بالفعل، وما زالت مستمرّةً في وقوعها، ومن هذه العلامات : ظهور من يدّعي النّبوة، وقد حدث هذا الأمر وظهر قديماً من يدّعون أنَّهم أنبياء، كأمثالِ مسيلمة الكذاب، وما زال يخرجُ في كل فترةٍ أناسٌ يدَّعون النبوة. 
ظهور الفتن، وهي مستمرّة، فقد ظهرت فتنٌ كثيرةٌ قديماً، وما زالت الفتنُ تَظهرُ إلى الآن. 
إسنادُ أمر الناسِ إلى غيرِ أهلهِ: وهي كثيرةٌ ومنتشرةٌ هذه الأيام ويُمكن مشاهدتها، روى أبو هريرة - رضي الله عنه - في الحديث النَّبوي فقال: (بينما النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في مجلسٍ يُحدِّثُ القومَ، جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعةُ ؟ فمضى رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُحدِّثُ، فقال بعضُ القومِ: سمِع ما قال فكَرِه ما قال، وقال بعضُهم: بل لم يَسمَعْ، حتى إذ قضى حديثَه قال: أينَ - أراه - السائلُ عن الساعةِ، قال: ها أنا يا رسولَ اللهِ، قال: فإذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظِرِ الساعةَ، قال: كيف إضاعتُها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظِرِ الساعةَ).
 ظهور المعازف والقيان واستحلالها، وكثرة ظهور الزنا، وانتشارُ شربِ الخمر، واسـتحلالها، وتعددِ أسمائها وتنوعها.
 تباهي وتفاخر الناس بتزيين المساجدِ وزخرفتها، وهذا حاصلٌ ومُشاهدٌ في كثيرٍ من المساجدِ اليوم. 
تطاول الحفاة العراة في البنيان، رعاة الشاة، روى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه : (بينما نحن عند رسول الله عليه الصّلاة والسّلام ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب شديد سواد الشّعر، لا يُرَى عليه أثر السّفر، ولا يعرفه منّا أحد، حتى جلس إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفّيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وتُقيم الصّلاة، وتُؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتُؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، قال: فأخبرني عن السّاعة، قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السّائل، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: أن تلد الأَمَة رَبَّتها، وأن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق، فلبثت مليّاً، ثم قال لي: يا عمر: أتدري من السّائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنّه جبريل أتاكم يُعلّمكم دينكم).
 توجد أيضاً علامات أخرى مثل: كثرة الهرج والمُراد به القتل، وكثرة الشُح، وانتشار الكذب ، والتماس العلم من غير أهله من الأصاغر، وظهور الكاسيات العاريات من النساء، وكثرة شهادة الزور، وغيرها من العلامات. 
علامَات الساعة الصغرى التي لم تظهر هذه العلامات ستظهر بلا ريب، ذلك لأنَّ الله سُبحانه تعالى أخبر عنها، ومن هذه العلامات ما يأتي:
رجوع جزيرة العَرب إلى جناتٍ خضراء، وتصبح غنيّةً بالأنهارِ، وسبب ذلك أنَّ أهل الجزيرة العربية يحفرون الآبار ويزرعون الأرض ويصلحونها، أو يرجع السبب إلى حدوثِ تغيرٍ في المناخِ، روى أبو هريرة - رضي الله عنه - فقال: قال رسول الله: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا)
 انحسار نهر الفرات وظهور جبـل مــن ذهـب: رُوي في الصحيحين عن البخاري ومسلم أنَّ أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا)، والمقصود هنا بانحسارهِ: أن يَقلَّ ويُفقد ماؤهُ، وتَظهرُ كنوزٌ ولآلئٌ ودررٌ من تحتهِ، فعندما يتغير مجرى نهر الفرات أو يقل ماؤه، فإنّ هذا الجبل من الذهبِ سيظهرُ ويشاهدهُ الناسُ بأعينهم. 
خروج رجل من قحطان، يأمر الناس ويسوقهم بعَصَاةٍ، ويدينون هم له بالطاعةِ. 
قلة الرجال، وكثرة النساء، مُقارنةً مع الرجال، حتى يُصبحُ لخمسين امرأة قيّمٌ واحدٌ من الرجال. 
هدمُ الكعبةِ المشرفةِ، على يدِ رجلٍ يأتي من الحبشة يُدعى ذو السويقتين ثـُم بعد ذلك لا تعمـر بعدها. 
قتال المسلمين لليهودِ وانتصارُ المسلمينَ عليهم.

شفاعة الرسول يوم القيامة

أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بعبادته وحده وعدم الإشراك به وأمرهم كذلك بفعل الخيرات واجتباب المحرّمات، فبعث الله نبيّه بالشّريعة الخالدة هدىً للعالمين، قد أكمل الله بها الدّين فأصبحت حجّة للعالمين، فيها من الأحكام ما يصلح حال المسلمين، فمن سار على نهجها واقتفى أثرها أفلح وسعُد ومن تنّكب طريقها ضلّ وخسر، وقد تعهّد الله لعباده بغفران الذّنوب إن تحلّل العبد منها واستغفر ربّه وأناب، فالله سبحانه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك من الذّنوب والمعاصي لمن يشاء، فرحمته واسعةٌ لا يغيضها شيء . 
و قد جعل الله سبحانه وتعالى الشّفاعة لخاصته من البشر، والشّفاعة هي الواسطة التي يتحقّق بها جلب خيرٍ ومنعةٍ أو دفع ضررٍ ومفسدةٍ، وقد أُكرم النّبي عليه الصّلاة والسّلام بأن أعطاه الله المقام المحمود ودرجة الوسيلة والشّفاعة التي تكون ملاذاً للعباد حين يقفون بين يدي الله سبحانه فيشتدّ حالهم وغمّهم فيلجؤون إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيشفع لهم عند ربهم بعد أن يراجعوا عدداً من الأنبياء في ذلك فيعتذرون لهم، فهذه الشّفاعة هي خاصةٌ للنّبي الكريم عليه الصّلاة والسّلام وهناك شفاعة لأهل الجنّة حين يقفون على الصّراط منتظرين دخول الجنّة فيشفع لهم النّبي الكريم، وهناك الشّفاعة لأهل الكبائر من هذه الأمة فقد بيّن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أنّ لكل نبيٍّ سبق دعوةٌ مستجابةٌ وإن دعوته اختبأها شفاعةً لأمته يوم القيامة، فمن قال لا إله إلا الله يوماً خالصاً من قلبه وجبت له شفاعة الرّسول، فيشفع له النّبي ويدخله برحمة الله تعالى الجنّة . 
و للشّفاعة شروطٌ وأحوالٌ فلا يعطيها الله سبحانه إلا لمن اصطفى من عباده كالنّبيّين والصّديقين والشّهداء، فالشّهيد من كراماته أنّه يشفّع في سبعين من أهل بيته، وكذلك فأنّ المشفوع له يجب أن يكون ممّن أذن الله أن تسعه الشّفاعة، قال تعالى ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )، فالشّفاعة لأهل الباطل لا تنفع قال تعالى ( فما تنفعهم شفاعة الشّافعين )، فالشّفاعة هي إكرامٌ من الله سبحانه لعباده المصطفين يتوسّلون بها عند الله لمن أذن ورضي الله عنه من عباده المؤمنين أو الضّالين .
شَفاعَةُ الرَّسولِ عليه السّلام
 إنَ سَيِّدنا مُحمَّد عليه الصّلاة والسّلام رسولُ الله هو خَيرُ البَريِّة جَميعاً، وهو خاتمُ الأنبياء والمُرسَلين، ومُنجي النَّاس مِن العَذاب بِشفاعته يومَ القيامَة، حيث أنَّ لكلِّ نَبيٍّ مِن الأنْبياء دَعوةٌ يَدعوها لِربِّه على قَومه فَيستَجيبُ له بهذه الدَّعوة، إلا النَّبي مُحمد لم يدعُ رَبَّه بَعد، وتَركها إلى يوم القِيامَة حَيث اخْتَبَأَها لِيشْفَعَ بِها لِأُمَّته. فَعَن أبي هُريرَة رَضِي الله عَنه قَال: قال رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا).
 وإنّ هذا الموقِفَ مِن رَسولِ الله عليه الصّلاة والسّلام يَدلُّ على عِدَّةِ أُمورٍ مِن أبرَزِها: رَحمتُهُ وحُبُّهُ لأمَّتهِ، وتَقديمِه لِمصلَحةِ أُمَّتهِ على مصلَحتِه الشَّخصيَّة فَهو على يَقينٍ مِن إِجابَةِ هذا الدُّعاء لِوعدِ الله لَه بِذلك مُسبقاً كما جاء في نَصِّ الحَديث، ولَكنَّه تَركهُ ليومِ العَرضِ على الخالقِ عزَّ وجلَّ حيثُ تكون الحاجةُ للإجابةِ أشدُّ وأبْلغُ مِنها في الحياة الدُّنيا، وقد استأثَر بالدُّعاء لأمَّتِهِ بَدَل أن يَدعو لِنفسِه في ذلك اليومِ العَصيبِ الذي لا ينفَعُ فيه المالُ ولا البَنون، قالَ تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
في ذلكَ اليَوم لا يَعرِف أحدٌ أحداً إلا نَفسَه ولا يَهَبُ الابنُ لأبويهِ ولو حَسَنة، كلُّ شَخصٍ يقولُ نفسي نفسي، ولا يأبَه بغيره إلا الرَّسولُ عليه الصّلاة والسّلام فهُو يَخشى على أمَّتِهِ عذابَ يومٍ عَصيب، يوم يُعرَضُ فيه الخَلقُ عُراةً حُفاةً غُرلا كَمَا وُلِدوا.
الشَّفاعةُ حقٌ يجبُ الإيمانُ بها الشفاعةُ حقٌ يَجِبُ الإيمان بِها، والمَقصودُ بها: سُؤالُ فِعلِ الْخَيْر وَتَرْكِ الضَّرَر عَن الْغَيْر لأَجلِ الْغَيْر على سَبِيل الضَّراعَة، فهي نَوعٌ من أنواع الدُّعاء المُستَجاب. ولقَد وَرَدَ عن النَّبيِّ الكَثيرَ من الأحاديثِ عن الشَّفاعة في الصَّحيحَيْن، وعن جَماعةٍ من الصَّحابة -رِضْوانُ الله عَليهِم-، وتلكََ النُّصوُص وغَيرُها تُثبِتُ الشَّفاعة وتُدلِّل على حَقيقتها ووَقتها، وهي ثابِتةٌ لِرسولنا عليه الصّلاة والسّلام وغيرُه من الأنبياء والصَّالحين والشُّهداء إذ يُشفَّع الشَّهيد بسبعين من أقاربِه كما جاءَ في الحديثِ الصَّحيح الذي يَرويه أبو داوودَ في سُنَنِه عن الوَليد بن رباح الذِماريّ قال: (حَدَّثني عمِّي نُمران بن عُتبة الذِّماري قال: دَخَلنا على أمِّ الدَّرداءِ ونَحنُ أيتامٌ، فقالت: أبشروا، فإنِّي سَمعتُ أبا الدَّرداء يقول: قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: يَشفَعُ الشَّهيدُ في سَبعينَ من أهل بيتِه).
 أنواع الشَّفاعة 
للشفاعة أنواعٌ وهي على النَّحو الآتي:
الشَّفاعة الأولى أو العُظمى: وهي خاصَّة بِنبيِّنا محمد عليه الصّلاة والسّلام من بَين الأنبياء والرُّسل، وفيها يأتي الله -سُبحانه وتعالى- لفَصل القَضاء بين الخَلائق، كما ورَد في حَديثٍ عن النَّبي، حيثُ يَستشفِعون إلى آدم فمِن بَعدهُ من الأنبياءِ من نوح وإبراهيم وموسى ومن بعده عيسى، ثم يأتونَ محمداً عليه الصّلاة والسّلام، فيذهبُ ليسجُد تحتَ العرشِ في مكانٍ يُقال له الفَحص، فيَشفعُ قائلاً: (ياربِّ وَعَدتني الشَّفاعة فّشفِّعني في خَلقك، فاقضِ بينَهم)، فيقولُ الله -تعالى- : (شفَّعتُك، أنا آتيكُم فأقضي بينهم)، قال: (فأرجِعُ فأقِفُ مع النَّاس).
 الشَّفاعتان الثَّانية والثَّالثة: شَفاعةٌ لأقوامٍ تَساوت حَسناتُهم مع سَيِّئاتِهم فَيشفَع لهم لِيدْخلوا الجنَّة. 
الشَّفاعة الرَّابعة: رَفعُ دَرجاتِ أعمالِ الذينَ يَدخُلون الجنَّة في ما يفوقُ أعمالَهم. 
الشَّفاعةُ الخامسة: الشَّفاعةُ في أقوامٍ أن يَدخلوا الجنَّة بغير حسابٍ ويَشهدُ لهذا حَديثُ الرّسولِ عليه الصّلاة والسّلام حيث قال:(عُرِضَت عليَّ الأُمَم، فَجعَل النبيُّ والنَّبيانِ يمرُّون مَعَهُم الرَّهط، والنَّبيُّ ليسَ مَعَه أَحَد، حتى رُفِع لي سَوادٌ عَظيمٌ، قلتُ: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيلَ: بل هذا موسى وقومه، قِيل: انظُر إلى الأُفُق، فإذا سَوادٌ يَملأُ الأُفُق، ثمَّ قيل لي: انظر ها هُنا وها هُنا في آفاق السَّماء، فإذا سوادٌ قد مَلأَ الأُفُق، قِيل: هذهِ أُمَّتُك، ويَدخُل الجَنَّة مِن هؤلاءِ سَبعونَ ألفًا بغيرِ حِساب، ثُمَّ دَخَل ولم يُبيِّن لهم، فَأفاضَ القَوم، وقالوا: نُحن الذين آمنَّا بالله واتَّبعنا رسولَه، فنحنُ هم، أو أولادُنا الذين وُلدوا في الإسلام، فإنَّا وُلدنا في الجاهليَّة، فبَلغَ النَّبيَّ صلَّ الله عليه وسلَّم فَخَرج، فقال: «هُمُ الذين لا يَستَرِقون، ولا يَتطيَّرون، ولا يَكتوون، وعلى ربِّهم يتَوكَّلون» فقال عُكاشَةُ بن مُحصن: أمِنهُم أنا يا رسول الله؟ قال: «نعم» فقام آخر فقال: أمِنهم أنا؟ قال: «سَبقَك بها عُكاشة»).
 الشَّفاعة السَّادسة: الشَّفاعةُ في تَخفيفِ العَذاب عمَّن يَستحقُّه، كشَفاعتِه في عمِّه أبي طالب أن يُخفِّف عَنه العَذاب.
 الشَّفاعة السَّابعة: شَفاعتُه أن يُؤذَن لِجميعِ المُؤمنين في دُخول الجنَّة، وهُم على القُنطُرة بعد الصِّراط.
 الشَّفاعة الثَّامنة: شَفاعتُه في أَهلِ الكَبائِر من أمَّتِه مِمَّن دَخَل النَّارَ فَيخرُجونَ مِنها. فَيخرُج كُلُّ من تَشفَّع إليهِ النَّبي، ولا تَتمُّ الشّفاعَة إلا بإذنِ الله تعالى.

حقوق الجسد علينا

حقوق الجسد علينا
حق الجسد في الإسلام
فضَّل الله الإنسان على جميع مخلوقاتهِ، وخلقه بأحسن صورةٍ وخِلقة، وأمره أن يحافظ على جسده، وكلَّفه بتلبية حاجات هذا الجسد ورغباتهِ، وبيَّن أنَّه أمانة يجب المحافظةُ عليها، وسيُسأل عن هذه الأمانة يوم القيامة، فإن أدّاها وصانها فقد فاز برضا الله وفاز بجنتهِ. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتَّى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه)
 ويُعتبر اهتمام الإسلام بحق الجسد دليلاً واضحاً على شمولية الدين الإسلامي، فقد شرع الله عز وجل ما يتناسب مع القدرات البشرية؛ ليقوم الإنسان بالوظيفة التي خُلق من أجلها وهي العبادة وإعمار الأرض. فحثّ المسلم على العناية بالجسدِ، وجعل العناية بالجسد باباً ينال به الأجرَ والثوابَ من الله سبحانه، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ)، ففي الحديث دلالةٌ على أنَّ الخيرية بين المؤمنين تكون لمن لديهِ القوة وإن كان الخير في كل المؤمنين، ذلك أنَّ الأقوياء فقط هم القادرون على القيامِ بالواجباتِ والتكاليفِ المطلوبةِ منهم، فيتحقق الهدف، ويزدهر المجتمع، وتزداد قوة الأمة.
حقوق الجسد علينا 
بيّن الدين الإسلامي الحنيف جُملةً من الأمورِ الواجب على المسلمِ مراعاتها، والحرص عليها، واعتبرها حقوقاً، لجسد المسلم منها: من حق الجسد على العبدِ المسلم العناية بطعامهِ وشرابهِ، فلا يُدخل عليه ما يُؤذيه، ولا يُدخل عليه إلا المقدار المناسب له من الطعام. للحديث الذي رواه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنِه، بحسْبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلبَه، فإن كان لا محالةَ، فثُلُثٌ لطعامِه، و ثُلُثٌ لشرابِه، و ثُلُثٌ لنفَسِه).
المحافظة على نظافته والعناية به، وتحري أسباب الوقاية من الأمراض التي قد تُصيبه إن أهمل جسده، ولم يعتنِ به، وبنظافته. روى أبو هريرة عن النَّبي - عليه الصلاة والسلام - قال: (منْ كان له شعرٌ فليُكْرمهُ).
وروى عبد الله بن عباس فقال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال طَهِّروا هذه الأجسادَ طهَّرَكم اللهُ فإنَّه ليس مِن عبدٍ يبيتُ طاهرًا إلَّا بات معه في شِعارِه مَلَكٌ لا ينقلِبُ ساعةً مِنَ اللَّيلِ إلَّا قال اللهمَّ اغفِرْ لعبدِك فإنَّه بات طاهرًا).
 الاهتمام براحته، وعدم تحميل الجسد ما لا يقوى عليه، حتى إن كان ذلك عبادة يفعلها المسلم تقرّباً لله تعالى لنيل رضاه، والفوز بجنته سبحانه. 
فعلى المسلم الموازنة بين راحة الجسد، وواجب العبادة من صومٍ، وصلاةٍ، وقيام ليلٍ. وغيرها من العبادات، كي لا يُصاب الجسد بالمرض أو الهزال، فيعجز عن القيام بما عليه من واجباتٍ دينيةٍ أو دنيوية. عن عبد الله بن عمرو قال: (قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عبدَ اللهِ، ألم أُخبَرْ أنك تصومُ النهارَ وتقومُ الليلَ. فقُلْتُ: بلَى يا رسولَ اللهِ، قال: فلا تَفعَلْ، صُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ، فإن لجسدِك عليك حقًّا، وإن لعينِك عليك حقًّا، وإن لزَوجِك عليك حقًّا، وإن لزَورِك عليك حقًّا، وإن بحَسْبِك أن تصومَ كلَّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، فإن لك بكلِّ حسنةٍ عشْرَ أمثالِها، فإن ذلك صيامُ الدهرِ كلِّه. فشَدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ. قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إني أَجِدَ قوةً؟ قال: فصُمْ صيامَ نبيِّ اللهِ داودَ عليه السلامُ ولا تَزِدْ عليه. قُلْتُ: وما كان صيامُ نبيِّ اللهِ داودَ عليه السلامُ؟ قال: نِصفَ الدهرِ. فكان عبدُ اللهِ يقولُ بعدَما كَبِرَ: يا ليتَني قَبِلْتُ رُخصَةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).
 عدم إرضاء النفس وإشباع الرغبات بالملذات على حساب الجسد وصحته، وإهدار قوته، كالإفراط في المذات المحرمة، كالتدخين وتعاطي المسكرات والمخدرات، وإرهاق الجسد بكثرة السهر بالأعمال الشاقة، لإشباع رغبة جمع المال وتوفيره، فهذا حقٌ من أهم الحقوقِ للجسدِ، فعلى المسلم عدم الإفراط أو التفريط في حق الجسد، والاقتصاد في الأمور كلها. 
قال رسول الله: (لن يُنجِّيَ أحدًا منكم عملُه. قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟ قال: ولا أنا، إلَّا أن يتغمَّدَني اللهُ برحمةٍ، سدِّدوا وقارِبوا، واغدوا وروحوا، وشيءٌ من الدُّلجةِ، والقصدَ القصدَ تبلُغوا).
 من حق الجسد على المسلم فعل ما يقوّيه ويساعده على توفير الطاقة له، كممارسة الرياضة بأنواعها، ومراعاة أنواع الرياضة التي تناسب كل شخص، ليحافظ المسلم على جسده، ويكون بعيداً عن الأمراض والهُزال. 
من أوجه عناية الإسلام بالجسد تحريم بيع الأعضاءِ أو الاتجار بها، وبيَّن الإسلام أنَّ جسد المسلم ملكٌ لله وعلى المسلمِ العناية به، وعدم التفريط فيه، أو الإقدام على فعلٍ يؤدي إلى ضررهِ أو هلاكهِ. الأدلة الواردة في المحافظة على الجسد كثيرة هي الآيات الواردة في كتاب الله تعالى التي تحثُّ المسلم على المحافظة على جسدهِ وسلامتهِ مما قد يؤذيهِ، وتحرّم الاعتداء على جسدِ الإنسان، سواءً بالقتلِ، أم بالإيذاء، أم غير ذلك، فتكريمُ الله سبحانه لجسدِ المسلم شامل. ومن هذه الآيات: في سورة النساء، قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا).
 في سورة المائدة، قال تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ).
 ودعت الآيات الكريمه إلى الاعتناءِ بالصحةِ، وطهارة الجسد، وأخذ ما يناسب الجسد من الطعام والشراب: في سورة البقرة قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، وفي سورة الأعراف قال تعالى: (وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ).

إحسان الظن بالناس

 إحسان الظن بالناس
دعا الإسلام المسلم إلى إحسان الظن بالناس جميعاً، حيث إنَّ المطَّلع الوحيد على البواطن هو الله سبحانه وتعالى فقط، وهو يتولى السرائر ويُحيط بها، ولإحسان الظن بالناس منزلة عالية في الإسلام لما له من نشر التحابب بين الناس، ودفع العدواة والبغضاء فيما بينهم، كما أنّ إحسان الظن بالناس من الأخلاق النبيلة التي لا يتَّصف بها إلا مؤمنٌ معلوم الإيمان، فماذا يعني إحسان الظن بالناس، وكيف يصل المسلم إلى درجة إحسان الظن بالناس وعدم الشك بهم؟ 
معنى إحسان الظنّ الظنّ في اللغة: يأتي الظنّ في اللغة بمعنى الاعتقاد الراجح الذي يحتمل وجود نقيضٍ له، كما يَرِد الظن بمعنيين في اليقين هما الشكّ واليقين، فربما يرد الظن ويُقصد به التَّيقن والتحقق من الشيء، وربما يرد بمعنى الشك، ويُشير إلى ذلك موضع الظن في الجملة.
[١] حسن الظن اصطلاحاً: حُسن الظن يَرِد بعدة معانٍ، فإحسان الظن بحقِّ الله يعني: أن يعلم المسلم أنّ الله إنّما يبتليه إذا ابتلاه لحكمةٍ عنده، وأنّه سبحانه وتعالى لم يُرد بابتلائه له إهلاكه أو تعذيبه أو إيذاءه، إنّما ابتلاه كما ابتلى غيره من الخلق؛ ليمتحنه ويمتحنهم جميعاً كما اقتضت حكمته جلَّ وعلا، كما اقتضت مشيئته وسنته في خلقه، وليعلم الله المؤمن الصابر الراضي بما يصيبه من البلاء ممن يجزع ويكفر، ولكي يسمعه يدعوه ويرجوه ويضرع إليه أن يكشف ما أصابه من البلاء، ويلجأ إليه بالدعاء في جوف الليل.
[٢] كما يرد إحسان الظنُّ في الاصطلاح على غير الله ويأتي بمعنى: أن يُرجِّح الإنسان ويُغلِّب جانب الخير على جانب الشر لجميع من يُقابله من الناس فلا يضمر ويتوقع منهم إلا الخير، ولا يضمر لهم إلا الخير.
[٣] أهمية إحسان الظن بالناس يحتلُّ حُسن الظن بالناس أهميةً مميزةً في الإسلام، لذلك حثّ عليه الإسلام ودعا له في العديد من الآيات والأحاديث النبوية، ونذكر من أهميته ما يلي:
 يؤدي حسن الظن إلى سلامة الصدر من الأحقاد والأضغان، ويدعو إلى حب الناس وتدعيم روابط المحبة والألفة بين أفراد المجتمعات المسلمة، وقد ورد حثُّ النبي صلى الله عليه وسلم على حُسن الظن من خلال قوله: (إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أَكْذبُ الحديثِ ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تَنافسوا، ولا تحاسَدوا، ولا تباغَضوا، ولا تدابَروا، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا).
[٤] إذا تمثَّل المجتمع المسلم خلق حسن الظن بالناس حتى يصبح ظاهرةً عامةً فيه، فإنّ أعداء المسلمين سيعجزون عن النيل منهم، وستفشل كل محاولاتهم لذلك، حيث إنّ القلوب التي يكون أساسها مبنياً على إحسان الظن ببعضها تكون متآلفةً صافية، ولا يستطيع أحدٌ الولوج إليها وتعكير صفوها، كما أنّ مثل تلك المجتمعات تصبح أبعد ما يكون عن المنكرات. 
الظن السيئ يؤدي بصاحبه للمهالك ويورده الموارد الصعبة التي توصله إلى غضب الله وسخطه بعد أن يتتبع عورات الناس ويبحث عن زلاتهم وسقطاتهم. 
يزرع سوء الظن التنازع بين المسلمين، ويقطع عنهم حبال الأخوة والمودة، وقد حذَّر الله سبحانه وتعالى من الظن وسوئه في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).
[٥] كما روى البوصيري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: (حسنُ الظنِّ مِن حسنِ العبادةِ)،[٦] فهذا الحديث يُظهر أنّ حسن الظن يرجع إلى ما يحوي قلب المؤمن من العبادة، فهو ترجمةٌ فعلية لها على أرض الواقع. 
كيفية إحسان الظن بالناس 
ينبغي على المسلم حتى يصل إلى مرتبة إحسان الظن بالناس أن يقوم ببعض الأمور والوسائل المعينة على ذلك، ويسعى إليها بالعمل لا بالقول، فإنّ الإيمان يؤخذ بالأفعال لا بالأقوال، ومن بين الأمور المعينة على بلوغ درجة إحسان الظن بالناس ما يلي:
[٧] أن يُنزل المسلم نفسه منزلة الخير، ويسعى لذلك بكلّه، ويتوجه إليه بأفعاله وأقواله ومعاملاته.
 أن يحمل المسلم ما يسمعه من الكلام الصادر عن جميع الناس على أحسن المحامل وأفضلها، فلا يعتقد أو يظن في كلامهم شراً، ولا ينظر إلى أقوالهم وتصرفاتهم نظرة ريبةٍ وشك. 
التماس العذر للناس خصوصاً الأقارب والأصدقاء والمعارف، قال ابن سيرين رحمه الله: (إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه)
عدم الحكم على النوايا حيث إنّ النوايا لا يعلم حقيقتها إلا الله، فعَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ، قَالَ: (بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ مِن جُهَيْنَةَ قَالَ: فَصَبَّحْنَاهُمْ، فَقَاتَلْنَاهُمْ، فَكَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ: إِذَا أَقْبَلَ الْقَوْمُ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَلَيْنَا وَإِذَا أَدْبَرُوا كَانَ حَامِيَتَهُمْ، قَالَ: فَغَشِيتُهُ، أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ، وَقَتَلْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا مِنَ الْقَتْلِ، فَكَرَّرَهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ).
[٨] أن يستحضر المسلم في قلبه وعقله آفات ومصائب سوء الظن بالناس وعدم تزكية نفسه بالشك بهم، قال سفيان بن حسين: (ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال: أغزوتَ الرومَ؟ قلت: لا، قال: فالسِّند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفَتسلَم منك الروم والسِّند والهند والترك، ولم يسلَمْ منك أخوك المسلم؟! قال: فلَم أعُد بعدها).
الأسباب المعينة على حُسن الظن 
هناك العديد من الأسباب التي تعين المسلم على إحسان الظن بالآخرين، ومن هذه الأسباب: الدعاء: فإنه باب كل خير، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يرزقه قلباً سليماً.
 إنزال النفس منزلة الآخر: فلو أن كل واحد منا عند صدور فعل أو قول من أخيه وضع نفسه مكانه لحمله ذلك على إحسان الظن بالآخرين، وقد وجه الله عباده لهذا المعنى حين قال سبحانه: {لوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} (النور:12). وأشعر الله عباده المؤمنين أنهم كيان واحد، حتى إن الواحد حين يلقى أخاه ويسلم عليه فكأنما يسلم على نفسه: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ } (النور:61)
حمل الكلام على أحسن المحامل: هكذا كان دأب السلف رضي الله عنهم. 
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً"، وانظر إلى الإمام الشافعي رحمه الله حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده، فقال للشافعي: قوى لله ضعفك، قال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني، قال: والله ما أردت إلا الخير، فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.فهكذا تكون الأخوة الحقيقية إحسان الظن بالإخوان حتى فيما يظهر أنه لا يحتمل وجهاً من أوجه الخير. التماس الأعذار للآخرين: فعند صدور قول أو فعل يسبب لك ضيقاً أو حزناً حاول التماس الأعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذراً، وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه، إنك حين تجتهد في التماس الأعذار ستريح نفسك من عناء الظن السيئ وستجنب الإكثار من اللوم لإخوانك تأنّ ولا تعجل بلومك صاحباً.. لعل له عذراً وأنت تلوم تجنب الحكم على النيّات: هذا من أعظم أسباب حسن الظن؛ حيث يترك العبد السرائر إلى الذي يعلمها وحده سبحانه، والله لم يأمرنا بشق الصدور، ولنتجنب الظن السيئ. استحضار آفات سوء الظن: فمن ساء ظنه بالناس كان في تعب وهم لا ينقضي فضلاً عن خسارته لكل من يخالطه حتى أقرب الناس إليه ؛ إذ من عادة الناس الخطأ ولو من غير قصد، ثم إن من آفات سوء الظن أنه يحمل صاحبه على اتهام الآخرين، مع إحسان الظن بنفسه، وهو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (النجم:32)، وأنكر سبحانه على اليهود هذا المسلك: (ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} (النساء:49).
 إن إحسان الظن بالناس يحتاج إلى كثير من مجاهدة النفس لحملها على ذلك، خاصة وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولا يكاد يفتر عن التفريق بين المؤمنين والتحريش بينهم، وأعظم أسباب قطع الطريق على الشيطان هو إحسان الظن بالمسلمين.

2017-12-27

لعبة الموت

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏

جدران البيت باردة و أثاث المنزل صامت كأهله الذين ابتاعوه ليملأ المكان بالحياة ، كلّ شيء من حولي يستدعي الهروب والمقاومة لذلك لم أجد أمامي غير الوهم الرّقمي الذي يبغض الصّواب ويحفّز على الإنفراد والتّوحد بألعابي الآليّة التي تجعلني أبلغ عالما وجدت فيه انشغالي حيث تبدأ أضواء المرح ترقص في عينيّ كلّما داعبت أزرار الحاسوب وتنطلق ضحكاتي من غرفتي المعزولة كلّما انتصرت في جولة مع اللّعبة .
لا أعرف وجه أبي ولا أذكر صوته إلا في أحلامي ، وكلّما حاولت أن أستبدل الحاسوب بحضنه ، والألعاب بيديه لا أجد غير ظهره ورائحة قلبه التي يتركها ويرحل ، أمّي التي طلّقني حضنها منذ أن بدأت الإعتماد على نفسي لتستبدل جسمي الصّغير بهاتفها وعلبة مكياجها وجلسات مستمرّة مع صديقاتها ، وكلّما حاولت أن أظفر بعطرها يتشتّت مطلبي في الهواء بانشغالها الدّائم عنّي ودفعها لي دفعا نحو حضن الحاسوب الزّجاجي كي لا أشتّت حواسها لم أجد أمامي غير الألعاب لتكون رفيقتي وميزتها الوحيدة أنّي كلّما انتصرت عليها شجّعتني أكثر ، وكلّما خسرت جولة في عراكها لا تدير ظهرها لي بل تظلّ معي دائما حتّى أنّي ظننت أنّ العالم الرّقمي هو العالم الحقيقيّ الوحيد الذي أنتمي إليه .
لكن مع الوقت انتهت الألعاب وبدأت أملّ من واقع خرج منه خيالي ، من كلّ صورة استفرغت فيها طاقتي ، و مع الوقت اكتشفت لعبة جديدة لينعدل ليل الوحدة راجعا إلى مآبه ويحلّ نهار المتعة والحماس واليقظة فأقرّ في موضعي لا ينحرف بصري ولا يضطرب فكري ، ولا يتململ شعوري إلاّ حين أوشك على الخسارة.
هذه المرّة اكتشفت أنّ اللّعبة مختلفة ، وأنّ أوان التّراجع قد فات ، وأنّي مهما حاولت لن أستطيع أن أنقذ نفسي فألعابي الآن صارت تحمل موتي ، تقوم بتهديدي إن لم أفعل ما تطلب منّي .
مطارد صرت أنا أنتظر عدوّي خارج باب المنزل ، وفي الشّارع وفي سريري ، صارت تهدّدني ألعابي إن لم أحقّق ما تطلبه منّي .....
لم أعد أعرف أيّ عالم تصدّقه طفولتي فالمرّة الأولى جرحت معصمي كما طلبت لعبتي وصرت أؤذي نفسي دون أن أدرك الحقيقة من الوهم إلى أن اكتشفت وأنا ألفّ الحبل حول عنقي أنّها مجرّد لعبة وأنّي الخاسر الوحيد الذي لاعب الموت طويلا إلى أن أمسك به دون أن يفلته ، وأنّي ضيّعت زهرة عمري تحت أقدام بشريّة لا ضمير لها .. وأنّي كنت ضحيّة إهمال في هذا العالم الذي لم أنضج فيه كفاية لأعرف الخطأ من الصّواب . لأعرف أنّ اللّعب جريمة و خطيئة أعاقب عليها بهذا الشّكل . كلّ هذا عرفته متأخّرا حين أيقنت أنّي انتهيت بين يدي حبل صنعته كما طلب منّي تحت التّهديد . 
كلّ هذا حدث لي دون أن ينتبه أحد من حولي وغادرت المكان ولوحة الألعاب في يدي كأنّي أقول لمن تركوني بلا حماية قد أخذت يا أمّي من كان بصحبتي طيلة الوقت ، قد حملت يا أبي لعبتي معي دون أن أزعجك . ها قد رحلت في صمت كما ترحل الطيّور الغريبة دون بكاء .
رسالة من طفل لعب بلعبته دون أن يدرك أنّه يلعب بموته .
بقلم عبد النور خبابة

وسائل التواصل في الميزان

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏

وسائل التواصل في الميزان 
خطبة الجمعة ليوم 15 12 2017م الموافق ل 27 ربيع الأول 1439ه 
المسجد العتيق اولاد لعياضي
الحمد لله العليم الخبير، المتفضل بالإنعام والتدبير، القائل: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له...... أما بعد عباد الله:فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عزَّ وجلَّ، ومراقبته في السر والعلن؛ فالأعمال محصاة، والألفاظ مدونة في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا حصاها، ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].
معاشر المؤمنين:لقد جاء التحذير من خطر اللسان في كتاب الله عز وجل وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وحذَّر من مخاطره وآفاته العلماء والوعاظ؛ وما من مؤمن إلا ويستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِى بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)).كان هذا في زمنٍ كان فيه اللسانُ مَلِكَ البيان، أما اليوم فقد تغيرت الحال، فصارت أصابعُ كثيرٍ من الناس تتحدث أكثرَ من ألسنتهم؛ بما فتح الله عليهم من علوم الاتصال والتواصل.بل أثَّرت تلك الأجهزة والبرامج على بعض الناس في دينهم، فنُشرت عبرها عقائد فاسدة، وعبادات مبتدعة، وشركيات خطيرة على العبد وعلى المجتمع، ووراءها من يروِّجها، كالتهنئة بأعياد الكفار ومناسباتهم، والكهانةِ والتنجيمِ وادِّعاءِ علم الغيب وغيرِها من أنواع الشرك التي يقع فيها أبناء المسلمين دون علمٍ منهم؛ لضحالة علمهم، وبُعدهم عن أهل العلم ومجالسِهِم.علاوة على ما نراه من تأثيرٍ على العبادات؛ فكم نرى من الشباب من هو مشغول بين الأذان والإقامة في المسجد بجهازه، أشغله عن ذكر الله وعن قراءة القرآن، وكم من قارئٍ للقرآن أمسك عن القراءة واشتغل بالمحادثة ومصْحَفُه في حِجْرِه، ومنهم من لا يكاد يُسلِّمُ من صلاته إلا ويلتقط جهازه لينظر فيه قبل الأذكار، وكم رأينا من المعتكفين من يُمضون أكثر أوقاتهم في المحادثات؛ ويَنْشَغِلون بها عن القرآن والذكر والصلاة، ومن الحُجَّاج من تُشغلهم عن الدعاء في أفضل المواطن، وتُلهيهم عن التعبد في المشاعر، وغير ذلك كثير مما لا يخفى، حتى أصبحت سبباً من أسبابِ الصدِّ عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، فعلى من وجد في نفسه شيئا من ذلك أن يُسارع لإصلاح حاله؛ لئلا يذهب عليه دينُه.عباد الله:لقد غيَّرت تلك الأجهزةُ والبرامجُ الأخلاقَ والسلوك والتعامل بين الناس؛ فأصبحت البيوتُ الحيَّةُ بحديث أهلها صامتةٌ كأنها خالية، واستُبدلت مجامع الناس للحديث والمؤانسة بمقاهٍ مظلمة، وبيوتُ الأجداد والجدات التي تعجُّ بالضوضاءِ في آخر الأسبوع؛ حيث يجتمع الأولاد والأحفاد، أطبق عليها صمتٌ عام؛ حيث يأتي كلُّ واحدٍ منهم متأبِّطاً جهازه، الصغيرُ منهم والكبير، والذكر والأنثى؛ فإذا أدى السلام اتجه لزاوية من زوايا الغرفة أو ناحيةٍ من نواحي المنزل؛ فيعيشُ معهم بجسده، أما روحه وعقله فمع جهازه، حتى إنه ليُكَلَّمَ فلا يَسْمع، ويُسألَ فلا يُجِيب، ولا يتحرك من مكانه إلاَّ بهزِّ جسده أو أن يُحال بين بصره وجهازه.يجوع وهو لا يعلم أنه جائع، ويعطش وهو لا يعلم أنه عطشان، وإن دُعي إلى طعامٍ أشار بيده، وإن كُرِّر عليه غَضِب، فهو سادر في جهازه لا نائمٌ ولا يقضان، ولا ذو عقل ولا سكران، ولن أُطيل في وصف حاله فكثير منا يعلمها ويعرفها.لقد أودت هذه الوسائل في كثيرٍ من الأحيان إلى العقوق، فالجَدَّةُ تسأل ولا أحد يجيبها، وتتحدث ولا أحد ينصت لها، فإذا شعرت بذلك صمتت منكسرةً النفسِ من أقرب الناس إليها.وترى الولدَ مع أمه أو مع أبيه ولا يشاركهم في حديث، جهازُهُ بين يديه ومشغول معه بنظره وعقله، وإن استحيا حاول الجمع بينهما، والله جلَّ وعلا يقول: ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ﴾ [الأحزاب: 4]، حتى إذا أعياه التركيز اختار البِرَّ إن كان من الخيار فأقفل جهازه، وإلا اختار العقوق والعياذ بالله؛ وتخلص من مأزقه بالاستئذان في الخروج، وما له من حاجة؛ إلا أنه يريد أن يحادث جهازه. ولو أنه أشرك أمه وأباه فيما يرى ويقرأ لسرهما بذلك، ولكنه لا يفعل، ربما لأن ما يشاهده وما يقرؤه لا يَسُرُّ ولا ينفع بل ربما يُحزن ويضرُّ.
والواجب على الولد إذا كان بحضرة أحد أبويه أن يقفل جهازه، ويُقبِل عليه بكليَّتِه، ويُصغي إليه، ولا ينشغلُ عنه، إلا إذا كان سيُشرِكُهُ فيما يقرأُ ويشاهد، ويعلم محبَّتَهُ لذلك.ومن سوء الأدب أن ينشغل الجليسُ عن جليسِهِ بمحادثةٍ أو نحوها، إلاَّ أن يستأذنَهُ لأمرٍ لا يَحتَمِلُ التأخير.ومن المآسي التي جلبتها هذه الأجهزة والبرامج: أنها قرَّبت الرجالَ من النساء، والشبابَ من الفتيات، فأوقعت في كثيرٍ من البيوتِ الرِّيَبَ والشكوك، وأودت بكثيرٍ من الأزواج والزوجات إلى عتَبَةِ الطلاق بعد الخصام والشقاق، ولا يخفى على متابعٍ ما وصلت إليه أعدادُ حالات الطلاق، وارتفاعُ نسبَتِها ارتفاعاً مُخيفا بعد ثورة التواصل الاجتماعي.وكم من فتاة لا تعرف للشر طريقاً، ولا للخنا سبيلا، غُرِّرَ بها بهذه الأجهزةِ والبرامج.فكم سهَّلت تلك الأجهزةُ والبرامج من خلوةٍ بين ذكرٍ وأنثى، فتباسطا بالحديث، وارتفعت الكُلفَةُ بينهما، وسهرا الليالي على أوهام، وعاشا مدَّةً طويلةً في أحلام، وكثيراً ما يضحك عليها بجميل الكلام، فتُصدِّقه الضعيفةُ وتبعثُ إليه صُورَهَا، فيستغلها في ابتزازها، ويُهدِّدُها في عِرْضِها، وكم في البيوت من مآسٍ لا يعلمها إلا الله تعالى، نسأل الله عز وجلَّ أن يحفظ نساءنا ونساء المسلمين من كل مكروهٍ وسوء.ومما أفرزته تلك الوسائل بما فيها من سيل عارمٍ من المعلومات والمعارف والصور والمقاطع، تأثيرُها على عقليات الشباب والفتيات، فغَلَبَ عليهم التمردُ والتفرد، والانعزاليةُ والانطواء، وتثاقلوا الجلوسَ مع الأسرة، والتَّسَخُّط من كل شيء، حتى أصبح إرضاءُ الوالدين لأولادهم من المهماتِ العَسِرَةِ جداً، رغم ما يغمرونهم به من المال والهدايا.وانتشرت أخلاقٌ ليست سَوِيَّة، وممارساتٌ غير مَرْضِيَّة، يُفرِّغونها في نُكَتٍ سامجةٍ تُشعِلُ الحروب بين الذكر والأنثى، أو بين الطالب والمعلم، أو بين مشجعي فريقين، أو نحو ذلك، ولا يقع حدثٌ إلا وازدحمت مواقعُ التواصلِ ووسائلُهُ بمقاطعٍ ساخرة، أو تعليقاتٍ لاذعة، وقْعُهَا على أصحابها أشدُّ من وقع السياط الحارة.
ومن المُحزن: أن ترى أحدَهُم خالداً إلى فراشه، مُتعباً يغالبه النوم، وقد تكاسل عن كثيرٍ من السنن التي قبل النوم من شدة تعبه، ولكنَّه يُطِلُّ طلَّةً على جهازه قبل النوم، فيرى محادثةً فيرُدُّ على صاحبها، وتظَلُّ المحادثةُ حتى منتصف الليلِ أو بزوغ الفجر ولم يشعر بتعبه ونومه، فأمضى معها الساعات، وقد بخل على ربه بركعات، وعلى نفسه بدعوات.وإذا صحا من نومه أوَّلُ حركةٍ يقوم بها التقاط جهازه لينظر مَنْ حادَثَهُ أثناء نومه، قبل أن يذكر الله تعالى، وقبل أن يقول أذكارَ الاستيقاظ من النوم وقد ينساها.كما أنها ساعدت على نشرِ الأكاذيب، وبثِّ الأراجيف، واتهام الأبرياء، وقلب الحقائق، وتزوير الصور، فتبلغ الآفاق في ثوان معدودة، فيتضرر بها أبرياء، وقد جاء في حديث الرؤيا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ((عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ، بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولى...)) وقد فُسِّرَ في الحديث بأنه: ((فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ)).وقد يكون لإضحاك الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ)).
ولْيَعلم الناقلُ للكذب أنه أحدُ الكذابين، والراضي بالسُّخريةِ كالفاعل، فالحذَرَ الحذَرَ من اكتسابِ أوزارٍ وتضييعِ حسناتٍ بسبب هذه الوسائل، فإنها بحورٌ من الأوزارِ والآثام إن استخدمت في الشر، كما أنها مجالٌ رحبٌ لكسب الحسنات إن استُخدمت في الخير، ولم تُضيَّع بسببها الواجباتأعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المجادلة: 6]بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله.....أما بعد عباد الله:فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وانظروا ماذا تكتُبُون وماذا تُرسِلُون؛ فإنه يُحصى عليكم بخيره وشره ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80].
أيها المسلمون:إنَّ هذه الثورة العظيمة في التواصل بين الناس، من تقارب الزمن المذكور في أشراط الساعة؛ فقد قرَّبت البعيدَ، وكسرت جميع الحواجز، وألغت الحدود؛ فتُحادِثُ من تشاءُ في أي وقت تشاء، وبأي أسلوب تشاء.وهي من فتن العصر التي عمَّت المجتمعات، واقتحمت البيوت ولم يسلم منها إلا بعض الأسر الفقيرة، فكان فقرُها نعمةً على شبابها وفتياتها، ومن العصمةِ أن يعْجِزَ المرءُ عن تحصيلِ ما يأثَمُ به ويكونُ نقصاً عليه في دينه.عباد الله:لقد جعلت هذه الوسائلُ بعضَ مستخدميها يعيشون بشخصيتين متنافرتين؛، فكانت مراقبتهمم للناس أشدَّ من مراقبته لله؛ ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].
أيها الأحباب:إنه من الصعب علينا أن نحارب هذه الأجهزة والبرامج ونرفضها، وقد عمت وانتشرت، ولكن من واجب التربية والنصح علينا، أن نزرع مراقبةَ الله وتعظيمَهُ ومحبَّتَهُ في القلوب، ونُنمي الخوفَ منه والرجاء فيما عنده في النفوس، وبالموعظة والتذكير بأساليبَ متنوعةٍ ومشوِّقة، والتوجيهِ إلى استخدام هذه الأجهزة فيما ينفع.
قال رجل للجنيد: بم أستعينُ على غضّ البصر؟ فقال: بعلمِكَ أنَّ نَظَرَ النَّاظِرِ إليك أسْبَقَ من نَظَرِكَ إلى المنظُورِ إليه.هذا وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم ربكم بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
عبد النور خبابة

لغتي الجميلة

لغتي الجميلة 
المعهد الدولي للغات والاتصال سطيف 
اليوم العالمي للغة العربية (أمسية شعرية) 
سررت بلقاء كوكبة من الكتاب الادباء والشعراء كما سعدت بلقاء مدير الشؤون الدينية لولاية سطيف، و زادني سرورا حصولي على نسخة من من ديوان صديقي واخي الشاعر الفذ عاشور دبشون " صيحة وإباء " بتوقيعه. جزيل الشكر للدكتور حمدي الشريف زين العابدين وطاقم المعهد على حفاوة الاستقبال. 
#################################
اللّغة العربيّة لغة القرآن والرّوح والوجدان تلك الحقيقة الظّاهرة كالحجر الثّمين في صدور الفكر يستضيء منها اللّسان ليبدّد آلام الصّمت وعثرات الفهم . فهي كغزل السّحر تنسج خيوطا تلتمع فيها الحروف والكلمات والأدب والفصاحة لتنجب كيانا تساغ منه أضواء المعاني التي تأخذنا كبر اق الأنبياء إلى أرض البصيرة فنصبح كالرّوح الواثبة التي لا يمسكها قيد ولا يخضعها زمام فتجعل بهيبتها ليلنا صبحا ، ومغربنا شمسا وخاتمتنا قمر .
إنّه اليوم العالمي الذي نحتفي فيه باللّغة العربيّة كعروس تزفّها الحياة إلى العروبة ، إلى ربيع البحر الذي يجري فوقه انتماؤنا اللّغوي ، وما احتفالنا بها إلاّ حبّا فيها واجتهادا لبلوغ الكنوز الخالدة التي تملأ الأرض بجملها المعجز الذي نزل وحيا وظلّ كالرّسالة الفصيحة نقتطعها من كتب الأجيال ونقرأها كما نقرأ المعرفة من صدر ياقوتة أنجبها سحر الحياة ، فاللّغة هي المكان الوحيد الذي نجد فيه هويّتنا ، وتعابير إنسانيّتنا ، هي ذاك الجسر المهذّب الذي تلتقي فيه أرواحنا وأفكارنا لتبقى كالسّاحل الذي يبتلع فينا روعة هذا الإنتماء . 
فاللّغة خيال بديع يخرجك من صورة ليدخلك إلى صورة أخرى أعمق تعكس شخصيّتك ، وتنوب عن عواطفك ، وتترجم تجاربك الحياتية لتتقاسمها مع غيرك ، وتستفرغ فيها كلّ همومك وقواك محمّلا ألفاظها المعاني التي لا تستطيع أن تقولها إلاّ لغة .
اللّغة تنجب نفسها بنفسها وهي صلة معنوية تجمع النّاس على اختلافهم ، وهي بمثابة الأمّ الواحدة التي خرجنا من رحمها وتربّينا على فضيلة فصاحتها لنصبح لسانا واحدا و قوّة واحدة نحتمي تحت جناحيها لنظلّ كما نحن غيورين على قداستها من زفرات التّهديد والتّضليل والتّشويه .
عبد النور خبابة

الأنترنت بين الجريمة واللعب

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نص‏‏‏

برعاية السيد والي ولاية برج بوعريريح وتحت إشراف مديرية الشباب والرياضة وديوان مؤسسات الشباب 
مركز الترفيه العلمي قيطوم الفوضيل وبالتنسيق مع رابطة نشاطات هواء الطلق، وجمعية سند الطفولة والشباب
ينظمان يوما دراسيا حول: الأنترنت بين الجريمة واللعب، تحت شعار توعيته الآن تعني الأمان
################################
تشرفت بتقديم مداخلة في الموضوع بمعية اجهزة الدولة ممثلين في الأمن الوطني والدرك الوطني واخصائيين نفسانيين وقانونيين وأئمة وإعلاميين ومشاركة اطياف كثيرة فكل الشكر لاصحاب المبادرة. 
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
لكل عصر وزمن أدواته وثقافته وسماته، التي لا غنى لنا عنها، ولعل وسائل ووسائط تكنولوجيا الاتصال الحديثة كافة ـ و”الإنترنت” أهمها ـ باتت أهم أدوات عالمنا المعاصر، التي نستخدمها ونسخرها ونوظفها لتلبي احتياجاتنا، ومن خلالها نتمكن من أن نتواصل مع هذا العالم ونصبح جزءاً منه. وفق هذه القاعدة، علينا أن نعمل ونتعامل مع الواقع ونستوعبه ونتوافق معه، بمميزاته وعيوبه، دون أن ننحي أو نتجاهل أهم معطيات العصر وندفن رؤوسنا في الرمال إلى أن يلتهمنا الخطر. ومن أهم المخاطر التي تتربص بنا وبأطفالنا، وتفرض حداً فاعلاً من الحماية ـ تلك التأثيرات السلبية التي تكتنف تعامل الأطفال الصغار مع عالم “الإنترنت”، في ظل غياب الوعي المجتمعي لتأثيراته وتداعياته على سيكولوجية وشخصية الطفل، في ظل تراجع تأثير الأسرة بشكل عام وانحسار دورها في عملية التنشئة الاجتماعية أمام العوامل الأكثر تأثيراً، وأبرزها وأخطرها الفضائيات المفتوحة و”الإنترنت”
إن “حماية الطفل” باعتبارها مسؤولية أسرية ومجتمعية، لم تعد قاصرة على مجرد توفير المأكل والملبس والمسكن، أو تقديم خدمات صحية ومادية له، أو مجرد منع الضرر والإيذاء الجسدي، بل هي عملية وقائية، وتحصين نفسي ومعنوي وأخلاقي وإنساني في المقام الأول، بعد أن أصبحت شكوى عالمية تؤرق المجتمع الإنساني بأسره، وأصبحت من أخطر القضايا الشائكة التي تحتاج إلى استراتيجية وثقافة مجتمعية لإنجاحها رغم تأكيد دراسات عديدة في كثير من البلدان ـ حتى المتقدمة منها ـ أن الآباء والأمهات أنفسهم لا يزالون غير مدركين تماماً المخاطر التي يتعرض لها أطفالهم من عالم “الإنترنت”.
إن المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صدقت عليها كل دول العالم فيما عدا الولايات المتحدة الأميركية والصومال، تنص بالتزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية الملائمة لضمان حماية الطفل، وتنص المادة التاسعة عشرة من الاتفاقية أيضاً على التزام الدول بحماية الطفل من أشكال العنف كافة أو الضرر أو الإساءة البدنية وإساءة الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية، وفي مادته الثالثة يلزم البروتوكول الدول الأعضاء أن يغطي قانونها الجنائي جرائم إنتاج وتوزيع ونشر واستيراد وتصوير وعرض وبيع وحيازة مواد إباحية تتعلق بالطفل.
من ثم كانت الاستراتيجية الوطنية في الدولة لحماية الطفل، ترجمة حقيقية لإدراك هذا الخطر، باعتبارها مسؤولية مجتمعية، وانطلقت مؤسسات المجتمع وأجهزته المعنية، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، ومؤسسة الرعاية الأسرية، بالتعاون والتنسيق مع كل من له صلة وشأن في تربية الطفل، وصوب كل اتجاه لمحاصرة الخطر، ووضع آليات عملية وبناءة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، لإشاعة ثقافة الاستخدام الآمن للإنترنت، وتبني حملة وطنية تحت شعار: “أمنوا سلامتهم ولا تغفلوا فضولهم”.
تساؤلات:
ما المخاطر المتوقعة لاستخدام الأطفال “الإنترنت”؟ هل نقيد استخدامهم، أم نترك لهم الحبل على الغارب؟ أم نلغي وجود أجهزة الكمبيوتر في منازلنا؟ وإذا حدث ذلك فماذا سيفعل الآباء والأمهات تجاه مقاهي “الإنترنت” التي تنشر أمامهم في كل مكان؟ وكيف يمكن السيطرة والرقابة على مثل هذه المواقع بما يحمي الأطفال من هذه المخاطر؟
الإقبال المتزايد للأطفال والصبية والمراهقين على شبكة الإنترنت، لم يعد نوعاً من الترف، لقد أصبحت الإنترنت ضرورة ووسيلة من أهم وسائل الاتصال اليوم، إلا أنها بلا شك باتت محفوفة بالمخاطر، فالأطفال بإمكانهم ممارسة العديد من الأنشطة العصرية مثل المحاورة مع الأصدقاء، وإرسال الرسائل الفورية، والاستماع إلى الكثير من الصوتيات على (الإنترنت)، بالإضافة إلى مشاهدة الأفلام وممارسة الكثير من الألعاب. فـ(الإنترنت) وسعَّ عالم الأطفال ومداركهم ووضع بين أيديهم مختلف المعلومات الوافدة من أنحاء العالم كافة. فلا نود أن نحرم جيل المستقبل من مواكبة تكنولوجيا العصر، ولا نريد أن نحرمهم من المعرفة، وفي الوقت نفسه نريد لهم السلامة من قضايا نسمع عنها، نريد لأطفالنا التعلم والبحث عن المفيد لهم بما لا يضرهم ولا يخل بمعتقداتنا وديننا وأخلاقياتنا، لهذا لا بد من الاستعانة بأنفسنا أولاً والبحث عن البرامج التي تمنع الأطفال من دخول المواقع الإباحية ومواقع الدردشة المشبوهة، فهناك برامج آمنة، لا تسمح بدخول أي برامج أخرى غير محددة لها. وفي النهاية، يجب علينا متابعة أطفالنا متابعة دقيقة أثناء اتصالهم بـ”الإنترنت”، ومن الأمور المهمة أيضاً أن يكون جهاز الحاسب الآلي المتصل بالإنترنت في مكان عام من المنزل، بحيث يكون في غرفة الجلوس مثلاً، ولا يكون في غرفة الأطفال الخاصة حتى يتسنى لولي الأمر متابعة أطفاله عن قرب، ومعرفة ما يدور أثناء تصفح أبنائه الإنترنت وتحذيرهم وتوعيتهم بالأمور السيئة حتى لا يقعون فريسة لها ولا تتكرر المآسي التي نسمع عنها بين الحين والآخر حتى لا يقعوا في المحظور”.
العلاقات «الإنترنتية»
يوضح حمدان محمد، اختصاص اجتماعي، أن أكثر ما يعجب الأطفال في التواصل عبر شبكة “الإنترنت” هو عنصر المجهول. فالأطفال يمكنهم التواصل مع أي أحد عبر”الإنترنت” لا يحدّهم في ذلك مظهر ولا عمر ولا أي جوانب أخرى قد تؤثر على التواصل الواقعي. وهو ما يضفي شعوراً بالحرية والانطلاق، وكثيراً ما نقرأ تقارير عن أحاديث راقية ومواضيع ناضجة تدور بين بالغين وأشخاص آخرين عبر “الإنترنت”، يظنهم البالغون كباراً ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم مجرد أطفال أو مراهقين. لكن هذه العلاقات “الإنترنتية” تتسم بطابع أكثر شخصية وحميمية من العلاقات الشخصية الخارجية بسبب عنصر التخفي الذي يحرّر الأفراد من الحاجة إلى التظاهر أو الحرج ويجعلهم ينطلقون بانفتاح وصراحة أكبر في هذه العلاقات. وكثيراً ما يقع الأطفال فريسة الابتزاز غير الأخلاقي، ويصبحون ضحايا سوء الاستغلال الجنسي للشواذ والمنحرفين، وهناك عصابات عالمية تنشط عبر “الإنترنت” لهذا النوع من السلوكيات المشينة المنحرفة.
تدابير احترازية
من جانبها، تشير الاستشارية الأسرية انعام المنصوري، إلى أن أخطر المراحل التي يتأثر بها الإنسان طوال حياته هي مرحلة الطفولة والتي من المفترض أن ينشأ فيها الطفل على أخلاقيات وقيم وسلوكيات أصيلة؛ لأنه يكون في طور التشكيل العقلي والفكري، وهي أخطر من مرحلة الشباب؛ لأن ما يتم غرسه في مرحلة الطفولة من مكتسبات خارجية ومدخلات، يظل مترسباً في ذاته مدى الحياة، لذلك نقول دائماً إن التربية الصحيحة تكون في سن الطفولة؛ ولهذا السبب فإن هذه المواقع تشكل خطراً كبيراً على الأطفال؛ لأنها تغرس سلوكيات جنسية شاذة بدلاً من القيم والأخلاقيات والسلوكيات الحميدة في نفس الطفل والذي ستظل مقترنة به حتى نهاية العمر. فالرسوم الكارتونية تساهم في تربية الطفل وتشكيل سلوكه والأكثر من ذلك أن الطفل يتأثر بالكارتون أكثر مما يتأثر من الدراما العادية والأشخاص العاديين؛ لأنها تجذب انتباه الطفل مما يؤكد مدى خطورتها. لذا ما يحصله الطفل من سلوكيات خارجية قد يدمر أخلاقياته، وبالتالي يدمر المستقبل القادم بأكمله، ومن ثم يجب الرقابة الحاسمة عليهم للحد من المدخلات السلبية إلى الأطفال والتي تعتبر سياسة مضادة وموجهة ضد المجتمعات العربية بأكملها لإفساد سلوكهم. لذلك لا بد من الحذر من هذه المواقع المدمرة، ولا بد من إيقافها بأي صورة من الصور؛ ولأن التكنولوجيا الحديثة أصبحت شيئاً مهماً وضرورياً بالنسبة للأطفال.
وتضيف المنصوري: “بناء جسور الحوار والصراحة والحب والمكاشفة بين الآباء والأطفال، ومشاركة الطفل في اختيار أصدقائه بشكل سليم، والتعارف الأسري على أسر أصدقائه، للتأكد من التقارب في أسلوب تنشئة الأطفال، وللمزيد من رعاية والحفاظ على الأبناء، وتوعية الطفل بمواصفات الشخصية السوية السليمة من الصدق، والحياء، والكرم، والاجتهاد، والأدب، واحترام الأكبر، والأمانة، والشجاعة في الحق... إلخ، مع دعم ذلك بالقصص لتقريب معنى كل صفة، بحيث تكون تلك المواصفات نصب عينيها لتتصف بها، وليكون التطبيق العملي لكل قصة هو الاتصاف بتلك الصفة ومحاولة تطبيقها، لتكون المحصلة أن يكون الوازع نابعاً من داخلها لمفارقة من لا يتصف بتلك الصفات أو من يرفضها ويصر على الخطأ، ولا بد من ملاحظته جيداً دون تخويف، ومتابعة أنواع لعبه وممارساته اليومية مع أصدقائه ومع نفسه. ويفضل أن يكون اللعب مع الأطفال أمام أعين الأب أو الأم ما استطاعا، ولا بد من توعية الطفلة بقواعد التعامل مع الناس، وأن البنت الجميلة لا يقبلها سوى والدها أو جدها أو عمها فقط، أما أي أحد آخر فلا يصح أن يقبلها، وأن الله يرانا في كل مكان. مع دعم ذلك بالقصص، وبالتالي فما لا يصح أن يفعله الإنسان أمام الناس لا يصح أيضاً أن نفعله في الخلوة”.
كل راع مسؤول عن رعيته:
علينا أن نقر ونعترف بأن عالم الإنترنت أصبح واقعاً لا يمكن الابتعاد عنه أو تجاهله، أو حجبه عن أطفالنا، فالأخذ بمسببات العلم والتطور ضرورة، ولا يمكن أن نربي أبناءنا بمعزل عن العالم من حولنا وما يفرضه التقدم العلمي من تطور يشمل جميع مناحي حياتنا، لكن علينا في المقابل أن نستحضر سنة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها).. ثم ذكر الولاة، ثم قال: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، إذاً يا أيها الأب في البيت أنت راع. ومسؤولية الأب تجاه أهله عظيمة فعليه توجيه أهله وأولاده إلى الالتزام بأحكام الدين وأداء العبادات والخلق الكريم وتعليمهم العلوم التي يحتاجون إليها في شؤون دينهم ودنياهم، ومراقبتهم، وفتح قنوات الاتصال والحوار معهم، وإرشادهم، وأن يكن لهم قدوة حسنة، وتحري المتابعة والانضباط وكل ما يؤثر على أخلاقياتهم وسلوكياتهم، ولا تشغله أعماله وشؤونه عن أبنائه، فعمل الزوج والزوجة قد يحول دون التفرغ الكامل لرعاية الأبناء والاهتمام بشئونهم. فالروابط الأسرية في المجتمع المعاصر أصبحت أقرب إلى التفكك والانهيار، لكن الشريعة أوصت بالأبناء وقررت حقوقهم وأولها الرعاية والتربية السليمة، ومن ثم لا بد أن يكون استخدام الإنترنت في المنزل مقنن ومراقب حتى يسلم الأبناء من أي مخاطر مؤكدة، هي غريبة ووافدة على أخلاقنا وثقافتنا، والإهمال هنا يصل إلى درجة التأثيم والتقصير المنهي عنه في الإسلام

2017-12-19

أجر ختم القرآن

ما هو أجر ختم القرآن
القرآن الكريم هو كتاب سماوي خاص بمعتنقي الديانة الإسلامية أنزله الله جل وعلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المبارك، فدأب الصحابة رضوان الله عليهم على حفظه في الصدور، ثمّ دوّنوه بين السطور في دفتي كتاب عُرف فيما بعد بالمصحف الشريف المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، وقد سار الناس على نهج الصحابة في حفظه اقتداءً بهم، وطمعاً في نيل الأجر والثواب، ونوراً يهديهم إلى طريق الحق في جميع أمورهم الحياتية، فهو نهج دين ودنيا في الوقت نفسه. 
ما هو أجر ختم القرآن 
تجارة رابحة للمسلمين: فتزداد حسانتهم وتحط خطاياهم لينالوا بذلك الدرجات العليا في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر: 29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: "ألم" حرف، ولكن "ألف" حرف، و"لام" حرف، و"ميم" حرف) [صحيح]. 
قبول الدعاء واستجابته: 
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً ينبغي الالتزام به، بل يدعو الانسان بما شاء، بلهجة عامية أو فصيحة، وبأمنيات أخروية ودنيوية دون التكلف في حفظ أدعية أو عبارات معينة. 
من أسباب دخول الجنة: 
فالقرآن يشفع لصاحبه يوم البعث، قال صلى الله عليه وسلم: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ) [صحيح]. الأترجة: وصف النبي صلى الله عليه وسلم قارء القرآن بالأترجة، فقال: (مثلُ المؤمنِ الذي يقرأ القرآنَ مثلُ الأترُجَّةِ. ريحُها طيِّبٌ وطعمُها طيِّبٌ) [صحيح].
 ملاحظة:
قراءة القرآن الكريم بعد صلاة الفجر مشهودة، أي تشهدها الملائكة، وقراءته في رمضان يزيد أجره، وكذلك قراءته في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، وإن لم تتيسر قراءته في الأمكنة المذكورة فلا يشق المسلم على نفسه بل يؤدي ما هو أيسر له. 
آثار ختم القرآن الكريم 
انشراح الصدر يساعد قراءة القرآن على انشراح الصدر والشعور بالسكينة والراحة والخلاص من الهموم والأحزان، تصديقاً لقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]
حسن البصيرة في الدين 
يساعد قراءة القرآن على حسن البصيرة في الدين وزيادة معرفة المسلم بأحكام دينه وما يترتب عليه من قضاء، ورخص، وكفارة وغير ذلك، ناهيك عن زيادة حصيلته المعرفة في ما يتعلق بالأحداث التاريخية والمعلومات العلمية، فقد تطرق القرآن الكريم إلى ذكر الكثير من الأمور التي جعلت منه كتاب معجزة خالد إلى يوم الدين.
طريقة ختم القرآن مرة في الشهر 
نقرأ بعد الصلاة صفحتين من القرآن (أربعة أوجه) فيصبح المجموع في اليوم الواحد عشرين وجهاً، أي جزءاً كاملاً يومياً وبما أنّ الشهر ثلاثون يوماً، وعدد أجزاء القرآن ثلاثون جزءاً تكون لك ختمةٌ واحدة في الشهر.
 طريقة ختم القرآن مرتين في الشهر
نقرأ قبل الصلاة صفحتين، وبعدها مثلهما أيضاً فيصبح عدد الصفحات التي تمّت قراءتها في كلّ صلاة أربع صفحات (ثمانية أوجه)، ويصبح المجموع في اليوم الواحد أربعين وجهاً، أي جزئين كاملين في اليوم، وبذلك يتمّ ختم القرآن مرتين في الشهر. ختم القرآن ثلاث مرّات في الشهر
نقوم بتقسيم الشهر إلى ثلاث أقسام، وكلّ قسم مدّته عشرة أيام، ويجب علينا أن نختم القرآن كلّ عشرة أيام مرّة، وبإمكاننا فعل ذلك إذا واظبنا على قراءة ثلاث صفحات قبل كلّ صلاة وثلاث بعدها، فيصبح مجموع ما تقرؤه يومياً ستين وجهاً، وبذلك تتم ختمة القرآن كلّ عشرة أيام. 

فضائل حفظ القرآن الكريم

فضائل حفظ القرآن الكريم
إن من أعظم الأعمال التي يمكن أن يتقرب بها العبد إلى الله، هي حفظه للقرآن الكريم، كيف لا وهو كلام الله، وأي كلامٍ أعظم من كلام الله، وأيُّ عملٍ أشرف من حفظ كتاب الله، ومما يُدلِّل على أهمية وفضل حفظ القرآن الكريم أن عمد الكثير من الصحابة الكرام - عليهم رضوان الله جميعاً - إلى حفظه وبيان معانيه وتدبُّر آياته، كما جاءت العديد من الأحاديث النبوية في بيان فضل وأهمية حفظ القرآن الكريم ومنها ما عرض مكانة حافظ القرآن يوم القيامة ومكانته في الدنيا، وفي هذه المقالة سيجري عرض فضل وأهمية حفظ القرآن الكريم، ومكانة حافظ كتاب الله عند الله وعند الناس، كما سيجري عرض بعض الوسائل التي تُعين من يريد حفظ كتاب الله على ذلك وتُسهِّل عليه الحفظ. 
فضل حفظ القرآن الكريم 
جاء بيان فضل حفظ كتاب الله في القرآن الكريم والسنة النبوية من خلال العديد من النصوص والآيات والأحاديث والتي من خلالها استمدَّ العلماء أهمية وفضل حفظ القرآن الكريم، ومن تلك الفضائل والأدلة عليها من كتاب الله وسنة نبيه ما يلي:
 حافظ القرآن من أهل الله وخاصَّته: 
فإن من أهمِّ وأبرز فضائل حفظ القرآن الكريم والتي ينفرد بها من يحفظ كتاب الله أو يقرؤه أنه يُصبح من أهل الله في الدنيا والآخرة، ويُشير إلى ذلك ما رواه المنذري في الترغيب والترهيب عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه).
 القرآن يرفع حافظه: 
من أهمِّ فضائل حفظ القرآن أنَّ القرآن يرفع من يحفظه حتى يبلغ منزلة الملائكة الكرام، حيث صحَّ من حديث السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها ذكرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ).
 رفعة القدر في الدنيا: 
من فضائل حفظ القرآن الكريم في الدنيا أن يُصبح صاحبه رفيع القدر، كما أنه يكون من أهل الإجلال والتقدير عند الناس ويفرض احترامه على الناس لما يحمل في قلبه من القرآن، فقد رُوي عن عمر رضي الله عنه قوله: (أما إنَّ نبيَّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد قال: إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)،
 كما جاء في سنن أبي داود من رواية أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ).
 حافظ القرآن مغبوطٌ في الدنيا والآخرة: 
فإن أهل الدنيا يغبطون حافظ القرآن على المكانة التي وصل إليها بحفظه لكتاب الله، وفي ذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (لا حسدَ إلا في اثنتَينِ: رجلٌ علَّمه اللهُ القرآنَ فهو يَتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ...).
حافظ القرآن له الأولوية في إمامة الناس في الصلاة: 
فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه إلى تقديم أكثرهم حفظاً لكتاب الله وأقرئهم له، مما يُشير إلى أولوية حافظ القرآن وأحقيته بإمامة الناس وأنه الأجدر بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ).
 يشفع القرآن لحافظه يوم القيامة: 
فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القرآن يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة حتى يخرجوا به من النار، حيث يروي أبو أمامة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ...).
 حافظ القرآن يرتقي في منازل الجنة: 
فإن من يحفظ القرآن الكريم يرتقي في الجنة بمقدار حفظه من كتاب الله، وكلما ازداد حفظه ازداد رفعةً في درجات الجنة، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ اقرَأْ وارْقََ ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها).
 إكرام الله لوالدي حافظ القرآن: 
فإن الله سبحانه وتعالى يُكرم والدي حافظ القرآن ويُعلي من قدرهما ويرفع منزلتهما مما يُشير إلى إكرام حافظ القرآن وفضله حتى إنّ والدَيه ينتفعان بحفظه ويعلو قدرهما ببركة ما حفظ من كتاب الله، فعن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا).
 طرق ووسائل تسريع حفظ القرآن الكريم 
 ينبغي بيان بعض الوسائل التي تُعين المسلم على حفظ القرآن الكريم وتُسهل عليه ذلك، حيث إن الكثير يعانون من هذا الأمر، ولعل من أهمِّ النصائح التي يرشد العلماء من أراد حفظ القرآن الكريم إليها ما يلي:
 الإخلاص:
فإن الإخلاص من أهم الوسائل المُعينة على حفظ القرآن الكريم، لأن الحافظ أمينٌ على رسالة الوحي الخالدة التي نزلت على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفظت في الصدور وفي السطور. 
تصحيح النطق: 
بأن يقرأ القرآن قبل حفظه على المشايخ المتقنين ويتعلم منه كيفية النطق الصحيح للآيات، خاصة المواضع التي فيها تشابه وصعوبة في اللفظ. تحديد كمية الحفظ: حيث إن لكل شخصٍ حداً ومقداراً معيناً لا يستطيع أن يزيد عليه، وتحديد مقدارٍ ثابتٍ للحفظ يعتبر من أهم الوسائل المعينة على ديمومة الحفظ والصبر عليه. 
اختيار الزمان والمكان المناسبين: 
فينبغي على الذي يريد حفظ كتاب الله أن يُحدد المكان والتوقيت المناسب للحفظ فلا يحفظ في وقت اشتداد الحر أو في مكانٍ مليءٍ بالإزعاج وأفضل مكانٍ لحفظ القرآن على الإطلاق المسجد. 
لا ينبغي على الذي يريد حفظ القرآن الانتقال إلى موضع حفظٍ جديد حتى يُتقن الذي حفظه سابقاً؛ حيث إن ذلك يؤدي إلى تشتيت القرآن في عقله ولا يكون قد استقرَّ في ذهنه شيءٌ منه إلا النزر اليسير. 
حافظ على الحفظ من مصحفٍ خاص ( له رسمٌ واحد)؛ 
لأن عقل الإنسان يهتمُّ بالتفاصيل فإذا تغيرت المصاحف في رسمها من حيث عدد الأسطر ولون الكلمات تشتت الحافظ ولم يُثبت حفظه كما ينبغي. 
المحافظة على ترابط السور والآيات: 
فالسورة الواحدة تحتوي على أحداث متسلسلة، وكذلك الآيات الطويلة، فلا ينبغي حفظ جزءٍ من السورة ثم الانتقال إلى موضعٍ آخر منها دون ربط السابق باللاحق، والترابط بين آيات السور وقصصها يُسهل من الحفظ ويجعله يسيراً مرناً. 
الفهم من أسرع طرق الحفظ:
فإن الحافظ إذا فهم مغزى الآيات حفظها وإن توضَّح له معناها سهُل عليه الربط بين جزئيات السورة وبالتالي حفظها بيسرٍ وسهولة. 
التفسير يُعين على الحفظ: 
فيجب على من يريد حفظ القرآن أن يقرأ التفاسير ليُدرك أسباب النزول والمعاني الخفية وراء الآيات وبعض الكلمات ذات الدلالات البعيدة، مما يُعينه على الحفظ بشكلٍ أيسر. 
العناية بالمتشابهات: 
في بعض المواضع المتشابهة بين السور والآيات ينبغي العناية بتلك المواضع وربط أطراف الآيات ومواضع السور حتى يسهل التفريق بين المتشابهات من الآيات والسور.
 التسميع والتسابق مع أهل القرآن: 
فينبغي على من يريد الحفظ أن يختار صُحبةً ممن يسعون إلى حفظ كتاب الله ليشجعوه على الحفظ ويتسابق معهم عليه مما يُحرك فيه روح المنافسة ويجعله أكثر نشاطاً وهمة.
 معاهدة القرآن الكريم: 
حيث إن القرآن الكريم شديد التَّفلُّت من صاحبه ما لم يتعاهده بالمراجعة والمذاكرة.
 اغتنام سنوات الحفظ: فينبغي أن يسعى الإنسان إلى تحفيظ أبنائه القرآن الكريم وهم في بداية عمرهم حتى يسهل عليهم الحفظ ويترسخ في أذهانهم، وهذا لا يعني عدم قدرة الكبار على الحفظ إن توافرت العزيمة والإرادة لذلك. 
الصلاة خلف إمام حافظ متقن: 
لأن المسلم إذا صلى خلف إمامٍ يحفظ القرآن يتشجع على الحفظ طمعاً بالوصول إلى ما وصل إليه الإمام من الحفظ. 
المحافظة على الورد:
ينبغي على الحافظ أن يجعل له ورداً مخصصاً يذاكره يومياً حتى يترسخ القرآن في عقله وقلبه.

2017-12-12

طرق حل المشاكل الأسرية

حل المشاكل الأسرية
المشاكل الأسرية
 لا تخلو أيّ أسرةٍ مهما كان عدد أفرادها من المشاكل، فهناك بعض الاختلافات في طريقة تفكير الزوجين، كما أنّ تفكيرهما يختلف أيضاً عن تفكير الأبناء، فلكلّ عمرٍ خصائص وطريقة تفكيرٍ كما أنّ هناك فرقاً في التفكير بين الرجل والأنثى، ولكن هناك من يكبِّر هذه المشاكل ويضخِّمها ولا يستطيع التعامل معها بالشكل السليم لتترك أثراً كبيراً في النهاية، فحلّ المشكلات الأسريةّ يحتاج إلى نوعٍ من المهارات التي يفتقدها الكثيرون وبالتالي تبقى هذه المشكلات موجودةً وتؤثِّر بشكلٍ سلبيّ على سير الحياة الأسريّة.
تُعتبر المشاكل الأسرية جزء من الحياة الزوجية، فلا تخلو أسرة من التعرض لها، وهناك العديد من العوامل التي تتسبب في حدوث هذه المشاكل، كاختلاف الزوجين في طريقة تفكيرهما، وهناك من يبالغ في هذه المشاكل، ويُضخمها إلى أن تصل الأسرة إلى وضع حرج، وهناك من يمتص هذه المشاكل، ويجد لها الحلول الملائمة، لذلك وفي هذا المقال سنذكر بعضاً من الطرق التي تُساهم في حل المشاكل الأسرية. 
طرق حل المشاكل الأسرية 
في البداية تحتاج عملية حل المشاكل الأسرية إلى الصبر والعدالة وتفهّم وجهات نظر الجميع وعدم التزمّت والتعسّف، كما أنّها تحتاج إلى الحكمة والخبرة. يجب معرفة المشكلة الحقيقة وليس ما هو ظاهرٌ منها، فقد يعاني بعض أفراد الأسرة من مشكلةٍ ما ولكنه يعبِّر عنها بطرقٍ مختلفة ممّا يبعده عن المشكلة الأساسيّة، وعندما يتمّ حلّ المشكلة الأساسية فإنّ المشاكل الأخرى تكون عبارة عن فقاعاتٍ تختفي معها. استخدام الأسلوب الديمقراطي في حلّ المشكلة، فيجب على الشخص الذي يريد حلّ المشكلة الاستماع إلى جميع أطراف المشكلة على حدةٍ لمعرفة سبب وجود المشكلة عند كلٍّ منهم، وبالتالي تحديد المصدر الرئيسي للمشكلة. التشاور مع أصحاب الخبرات والحكمة من كبار السن فهم بحكم عمرهم ينظرون إلى بعض المشاكل بطريقةٍ مختلفةٍ عما هي، ويجب أن يتم اختيار من هم ثقةً، ولكن يجب الانتباه إلى عدم توسيع دائرة المشكلة أو نشرها بين المحيطين؛ لأنّها بذلك تزداد تعقيداً، وتضع كلّ طرفٍ من أطراف في المشكلة أمام فخّ إثبات الذات للآخرين.
الحديث بوضوح من الأخطاء التي يقع بها أغلب الأزواج عند حدوث المشاكل فيما بينهم هو عدم تحدثهم بشكل واضح حول المشكلة، فيلتزم كل منهم الصمت منتظرين قراءة أفكار بعضهما، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأمور وتعقيدها، فليس هناك من يقدر على قراءة الأفكار، فعدم الصراحة بالتحدث لا يحل المشاكل، بل على العكس من ذلك يزيد من حدتها، لذلك يجب البدء بالتحدث بوضوح كي يعرف كل طرف خطأه، ويتجنب وقوعه مُجدداً. 
عدم الخصام لفترة طويلة يُفضل عند حدوث المشاكل بين الزوجين أخذ كل منهما فترة هدوء، يتجنب خلالها كل منهم الآخر كي يفكر، ويوازن الأمور دون تعرض للضغط، ولكن لا يعني ذلك الإطالة في هذه الفترة، لأنّ ذلك يُسبب ضرراً لكلا الزوجين، وتعقيداً للمسألة. 
تقديم الاعتذار يُعد ذلك من الخطوات المهمة لحل المشاكل، فقبول الطرف الآخر للاعتذار يُنهي النزاعات الزوجية، أما إن لم يقبل العذر فإنّ الحياة الزوجية ستصبح عبارة عن سلسلة متكررة من المشاكل التي لا تنتهي.
 تقديم التنازلات هناك بعض المشاكل الزوجية التي لا يكون فيها أحد مخطئ من الزوجين، ولكن العناد، وعدم تنازل أي طرف للآخر يؤدي إلى تكبير المشكلة الأمر الذي قد يُهدد الزواج والاستقرار. 
ضبط النفس يجب على كلا الزوجين ضبط النفس، والتحكم بالانفعالات أثناء حدوث نقاش حول أمر ما، فالعصبية تؤدي إلى حدوث تفاقم في المشكلة، وإلى عدم التوصل إلى حلول بشأنها. العقلانية في التفكير يُعتبر التفكير بعقلانية ومرونة من أسس حل المشكلات الأسرية، فيجب عدم العناد، والإصرار على الرأي دون السماح للطرف الآخر بالتعبير، وتوضيح ما يجول بخاطره، حيث إنّ التصلب في الرأي لا يصل إلى حلول مناسبة، بل يُشكل تراكمات، وحواجز بين الزوجين. 
الترويح عن النفس عند الشعور بأنّ المشكلات الزوجية وصلت إلى مرحلة خطيرة، فيجب ترك الأمور كما هي، وعدم نقاشها، والخروج في نزهة، أو سفر من أجل الترويح عن النفس، وتهدئة الأعصاب، وإن عجز الزوجان عن حل المشاكل بعد ذلك يُنصح باللجوء إلى أحد الأقارب للتدخل، أو إلى المختصين في مجال الإرشاد النفسي لإيجاد الحلول، ولمساعدتهم في التخلص من الضغوطات التي يعانيان منها.

لغة بدون حواس

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، و‏‏أشخاص يقفون‏‏‏


مدرسة المعوقين سمعيا لولاية برج بوعربريج :
وبدعوة كريمة من مدرسة المعوقين سمعيا وبمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة قدمت كلمة بعنوان: عناية الاسلام بذوي الاحتياجات الخاصة. كنت سعيدا بينهم فلطاقم المدرسة كل الشكر والتقدير.
يستشعر الإنسان العالم بحواسه ويطلق عنانها في الفضاء الواسع ليكتشف الأشياء وروعتها ، لكن أحيانا يجيش الموج ببعض آلامه ليلقيها في بعض القلوب كأنّه يستخرج الصّدى من خشب الصّمت ويجعله كالقطرة الهشّة التي تسحبها الرّياح ببطء وتبقيها على منأى من الزّهور الطّافية في الهواء.
هناك من البراعم الصّغيرة التي لم تختبر طعم الصّوت ، لم تجرّب نكهة الحروف حين تزفّ إلى الألحان ، آذانها الصّغيرة المعطّلة عن السّمع تقف حاجزا أمام خفقان طفولتها في عالم يجحد حاجتها إلى كلمة الحياة . 
وما أقسى أن تشهد تساقط الزّهر في أوّل نباته ، ما أفجع أن يقابل الإنسان آلامها بآلام تجاهله ، باستصغاره الفاضح للعقبات التي تواجهها هذه الفئة المعطوبة في إحساسها ، المجروحة في إنسانيتها ، المتروكة لعاصفة الرّيح التي تنثر آخر الأوراق دون أن تربطهم بالحياة ، بصخبها الذي لا يعرفون عنه سوى لغة الإشارات .
لغة الملامح التي تتوارى خلف النّظرات لتبقى مبهمة ، مذعورة ، مهمّشة تذوب في صمت .
ذنبها الوحيد أنّها خلقت بعاهة سمعية أو أي عاهة أخرى كافية لجعلها مذنبة ومنبوذة في ذات الوقت ، كمصيبة نزلت علينا وأثقلت الحياة بضعفها غير آملين فيها راحة الألم ، وجرح الأمل ، وعزيمة الضّعف التي تبديها هذه الفئة الشفّافة في حضورها بيننا لتعلّمنا دروسا في برّ الرّحمة ، و تقديس الإيمان ، وتطهير الحقائق ، والخشوع في الرّأفة بهذه الطّفولة المجروحة التي تكبر قبل الأوان دون أن تصبح أملا لذيذا تداعبه الحياة بأصابعها .
لذلك أنا أناشد من هنا ، من منبر الكلمات التي تبارك النّفوس الحيّة وتزكّيها أن نهتمّ أكثر بهؤلاء المعطوبين في أرواحهم قبل أجسادهم خصوصا إن كانوا من فئة الأطفال جنان الأرض ، وبساتين القلوب ، ورياض الفرح .
عبد النور خبابة