السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-12-05

عن سيرة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلم " المعلم "

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏10‏ أشخاص‏، و‏‏‏أشخاص يقفون‏ و‏أشخاص يجلسون‏‏‏‏

السبت 13 ربيع الأول 1439 /02 12 2017م

شلالة العذاورة ولاية المدية 
مكتبة مالك بن نبي 
لم يجرّب أحد أن ينصت للكتب وهي تصلّي صلاة الحزن على نهارها المنكفئ تحت الأوراق ، تتنهّد الغبار بعمق في الرّفوف الخشبيّة كأنّها على موعد مع الموت فتجهش بالبكاء دون أن تكون لها دمعة تخرجها من ظلمة الكهف الذي نسمّيه مكتبة دون أن نعي أنّها في الحقيقة مدافن للعلم في تراب الأبد الذي نترك فيه التّاريخ موؤودا بجهل من الإنسان الذي يصنع من مظهر الكتب حلما من الأسى ، وعينا باردة لا ينبع منها ماء الحياة .
وحتّى لا نجعل من الكتاب جثّة ، ومن المكتبة مقبرة ، ومن القارئ دمية تروح وتجيء لتتحرّك مفاصلها دون أن يتحرّك عقلها بالمعاني الحيّة التي تقدّس حواس الإنسان نحو التّغيير ، فيتكلّم كلّ عضو بالحكمة ، وتتقوّى العقول في معابد الفكر الذي تشيّده الكتب دون أن تضطرّ للسّفر أو التّحليق بعيدا ، أو التّنقّل بجواز سفر أو تأشيرة تصادق على عبورك خارج الحدود .
فالكتب تتيح لك معبرا بديعا من البيان واللّغة والمعاني ، والمكتبة تفرش لك بسقوفها العظيمة مرآة صافية ترى فيها العالم بشكل أوضح . لأجل هذا ارتأينا أن نجعل من صدور المكتبات عناقنا ، ومن خدود الكتب توقّدنا ، ومن رقّة الألفاظ مدادنا تلك كانت لمحة بسيطة عن دور المدرسة والمكتبات في تفعيل كلّ نشاط ثقافي يخرجنا من حياة ميّتة إلى حياة أخرة كلّها خلود 
. لذلك كان شعار المكتبة وضّاء نديّا آنست من حروفه عمقا كأنّه الطّريق إلى القمر ، إلى يقظة الإنسان بصوت الكتب . " المستحيل ليس في قاموس مكتبة مالك بن نبي بمدرسة الشهيد طهاري محمد الشيخ ." كلّ حرف أعمق من حرف وكلّ معنى يقودك إلى معنى آخر تحفّه حاشية من الأفكار والآمال فكان هذا الشّعار شعورا ، وتحفة نفيسة كنجوى النّسائم للزّهر رغم برودة الطقس و تساقط الثلوج إلاّ أنّ الوجوه المحبّة لكلّ جميل ، الفطنة لكلّ تضليل ، السّاعية خلف العزّة بإرادة تبصر تاريخها وثقافتها بعكّازة الأمل .
فكانت حفاوة الإستقبال كبيرة كبر قلوب أصحابها التي تشرق من بعيد ، ساطعة بمن زيّنوا المكتبة بمصابيحهم التي كانت تشعّ بمعان رقيقة كأنّها أرواح خرجت من الكتب وأعادتها من الظّلام ، ونفضت عنها غبار النّسيان لتقابلني في موقف مهيب كأني في موعد مع اللّغة ، مع كبار الكتب ، مع ينبوع من الحبّ الظّمآن إلى رائحة العلم ، وحلاوة المعرفة ، وعذوبة الفكر .
وقد كانت زيارة المكتبة التي خلتها تهيّأت بزينة غير معتادة لا يراها غير من ألفوا كرم ضيافتها حيت استمتعت كثيرا بمصافحة الكتب ، فأخذت بالسّطور و الشموع و العطور و الورود حتّى اعتقدت أني في جنّة كلّها بياض .
إنّها مكتبة مالك بن نبي التي وقّعت في الصّخر اسمها ، ووضعت في اللّيل قمرها الأوّل ، و عايشت بفرح خطوتها الأولى التي ستبعث على إثرها أرواح الكتب التي لن تبقى حبيسة الرّفوف ، منغلقة داخل الجسد ، بل ستكون المنطلق نحو ضياء الوعي ، ومنفذا للطّيور الحبيسة في أكنان الطّبيعة .
ومن هذا المنطلق الرّحب بأمواجه اللّطيفة التي يجري فيها قلبي كزورق بمجذاف كلّه عواطف حوتني ، وقلوبا رافقتني في هذه الرّحلة الإيمانية التي جعلت نهاري مشرقا رغم برودة الجوّ وصخب السّحب وتلاشي الثّلج في سفوح الكلام متمنّيا أن يكون حضوري كهدوء الثّلج في نزوله شاكرا كلّ الطاقم التربوي مديرين وأساتذة الذين كان انعكاسهم كالماء الرقراق يستساغ على الرّيق ، وأخصّ بالذّكر المفتش الكريم عبد الكريم غزال والمفتّش الأنيق في أخلاقه ، النّادر في تعامله كجوهر كريم السيّد حسان قربة الجميل السعيد ابراهيمي . وقد توّجت السّماء هذا اللّقاء الجميل بخيراتها البيضاء التي جعلت القلوب كالأرض ناصعة كأنّها تلقي الحبّ بسلامها الذي كان بشارة خير وبستانا من الزّهور المتناثرة في الجوّ كأنّها بستان أبيض غطّى المكان فرحا و أشعرنا بدفء اللّقاء في صفات الجمال الرّوحي الذي اختزلته الطّبيعة لتراه القلوب في أبهى حلّة فريدة في نقاوتها .
فجاءت زيارتنا لمدرسة الشهداء في جوّ بارد تجمّلت أركانه بمختلف النّشاطات التي صنعها الفكر المبدع حيث تنوّعت العروض الخّاصة بالمولد النّبوي الشّريف فكان للملمح التّقليدي حضورا صنعته البراعم الصّغيرة وآمال الغد الذين تعاملوا مع التّراث تعامل الحكماء فغرست فيهم روح التّشبّت بعادات الأجداد التي لن تموت أبدا مادامت حاضرة في عيونهم البريئة وفي ثيابهم الزّاهية كأنّهم خرجوا من التّاريخ ليعلّمونا دروسا في قوامة التّاريخ الذي لا ينكسر رغم متغيّرات الحياة التي نشهدها كلّ يوم .
فوجدت نفسي عاجزا ألقي الكلام مقصّرا ، وأداعب الأسماع متأمّلا ، أطرح على سواحل العقول ما استطعت من لجج ما أعرف كأنّي في سباق مع الوقت الذي مرّ دون أن أقول شيئا في محاضرة متواضعة ألقيت فيها رجاء انقطع في زمن وقع ، وتركت كلمة طيّبة تسلّلت من صدوعها وتسرّبت إلى القلوب التي أكرمت مجلسي بحسن إصغائها عن سيرة الحبيب المصطفى المعلم الذي لقّننا بحسن خلقه أسمى معاني الرحمة و الرأفة و الرفق حيث كان الحضور حاضرا بإطلالته وفعاليّة تجاوبه ، ورقيّ تحاوره رغم برودة الجوّ التي لم تقف حاجزا أما م إكمال هذه اللّوحة المميّزة التي صنعها بطلّته .
وقد سعدت كثيرا بكلّ ما قد تمّ عرضه حيث لفّ الجمال الرّائع المكان بحفاوة التّرحيب الذي صبّ في النّفس شعاعه لتكون الخاتمة بتكريم قيّم يضاهي كرم أصحابه الذين احتضنونا كما تحتضن الأوطان رجالها ، وقد تشرّفت بصحبة الكريم عبد الكريم غزال مفتش التربية والتعليم،الذي راقني طيلة النّشاط وقبله وبعده، والعزيز حسان قربة مفتش التربية والتعليم الذي آثرني عن نفسه بنزع شماغه الذي أهداني إيّاه عن محبّة لا تقدّر بثمن حتّى لا يصيبني البرد ولكنّه بتصرّفه هذا قد عرّضني لإصابة من نوع آخر لا يحدثها في النّفوس إلاّ العظماء. دون أن أنسى تاج رأسي وسر سعادتي الحبيب الغالي العامر بكل صفات النبل بن رابح عامر وكل نفس نبيلة حضرت ورتبت وساهمت، بل وحتى التي حال دون حضورها عارض من مرض او حاجة، وتبقى الاسماء: طاهر، خديجة، زكية، أحلام،دليلة،السميتان......... أسماء مغروسة في قلب الحدث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق