السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-12-12

لغة بدون حواس

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، و‏‏أشخاص يقفون‏‏‏


مدرسة المعوقين سمعيا لولاية برج بوعربريج :
وبدعوة كريمة من مدرسة المعوقين سمعيا وبمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة قدمت كلمة بعنوان: عناية الاسلام بذوي الاحتياجات الخاصة. كنت سعيدا بينهم فلطاقم المدرسة كل الشكر والتقدير.
يستشعر الإنسان العالم بحواسه ويطلق عنانها في الفضاء الواسع ليكتشف الأشياء وروعتها ، لكن أحيانا يجيش الموج ببعض آلامه ليلقيها في بعض القلوب كأنّه يستخرج الصّدى من خشب الصّمت ويجعله كالقطرة الهشّة التي تسحبها الرّياح ببطء وتبقيها على منأى من الزّهور الطّافية في الهواء.
هناك من البراعم الصّغيرة التي لم تختبر طعم الصّوت ، لم تجرّب نكهة الحروف حين تزفّ إلى الألحان ، آذانها الصّغيرة المعطّلة عن السّمع تقف حاجزا أمام خفقان طفولتها في عالم يجحد حاجتها إلى كلمة الحياة . 
وما أقسى أن تشهد تساقط الزّهر في أوّل نباته ، ما أفجع أن يقابل الإنسان آلامها بآلام تجاهله ، باستصغاره الفاضح للعقبات التي تواجهها هذه الفئة المعطوبة في إحساسها ، المجروحة في إنسانيتها ، المتروكة لعاصفة الرّيح التي تنثر آخر الأوراق دون أن تربطهم بالحياة ، بصخبها الذي لا يعرفون عنه سوى لغة الإشارات .
لغة الملامح التي تتوارى خلف النّظرات لتبقى مبهمة ، مذعورة ، مهمّشة تذوب في صمت .
ذنبها الوحيد أنّها خلقت بعاهة سمعية أو أي عاهة أخرى كافية لجعلها مذنبة ومنبوذة في ذات الوقت ، كمصيبة نزلت علينا وأثقلت الحياة بضعفها غير آملين فيها راحة الألم ، وجرح الأمل ، وعزيمة الضّعف التي تبديها هذه الفئة الشفّافة في حضورها بيننا لتعلّمنا دروسا في برّ الرّحمة ، و تقديس الإيمان ، وتطهير الحقائق ، والخشوع في الرّأفة بهذه الطّفولة المجروحة التي تكبر قبل الأوان دون أن تصبح أملا لذيذا تداعبه الحياة بأصابعها .
لذلك أنا أناشد من هنا ، من منبر الكلمات التي تبارك النّفوس الحيّة وتزكّيها أن نهتمّ أكثر بهؤلاء المعطوبين في أرواحهم قبل أجسادهم خصوصا إن كانوا من فئة الأطفال جنان الأرض ، وبساتين القلوب ، ورياض الفرح .
عبد النور خبابة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق