السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-12-27

الأنترنت بين الجريمة واللعب

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نص‏‏‏

برعاية السيد والي ولاية برج بوعريريح وتحت إشراف مديرية الشباب والرياضة وديوان مؤسسات الشباب 
مركز الترفيه العلمي قيطوم الفوضيل وبالتنسيق مع رابطة نشاطات هواء الطلق، وجمعية سند الطفولة والشباب
ينظمان يوما دراسيا حول: الأنترنت بين الجريمة واللعب، تحت شعار توعيته الآن تعني الأمان
################################
تشرفت بتقديم مداخلة في الموضوع بمعية اجهزة الدولة ممثلين في الأمن الوطني والدرك الوطني واخصائيين نفسانيين وقانونيين وأئمة وإعلاميين ومشاركة اطياف كثيرة فكل الشكر لاصحاب المبادرة. 
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
لكل عصر وزمن أدواته وثقافته وسماته، التي لا غنى لنا عنها، ولعل وسائل ووسائط تكنولوجيا الاتصال الحديثة كافة ـ و”الإنترنت” أهمها ـ باتت أهم أدوات عالمنا المعاصر، التي نستخدمها ونسخرها ونوظفها لتلبي احتياجاتنا، ومن خلالها نتمكن من أن نتواصل مع هذا العالم ونصبح جزءاً منه. وفق هذه القاعدة، علينا أن نعمل ونتعامل مع الواقع ونستوعبه ونتوافق معه، بمميزاته وعيوبه، دون أن ننحي أو نتجاهل أهم معطيات العصر وندفن رؤوسنا في الرمال إلى أن يلتهمنا الخطر. ومن أهم المخاطر التي تتربص بنا وبأطفالنا، وتفرض حداً فاعلاً من الحماية ـ تلك التأثيرات السلبية التي تكتنف تعامل الأطفال الصغار مع عالم “الإنترنت”، في ظل غياب الوعي المجتمعي لتأثيراته وتداعياته على سيكولوجية وشخصية الطفل، في ظل تراجع تأثير الأسرة بشكل عام وانحسار دورها في عملية التنشئة الاجتماعية أمام العوامل الأكثر تأثيراً، وأبرزها وأخطرها الفضائيات المفتوحة و”الإنترنت”
إن “حماية الطفل” باعتبارها مسؤولية أسرية ومجتمعية، لم تعد قاصرة على مجرد توفير المأكل والملبس والمسكن، أو تقديم خدمات صحية ومادية له، أو مجرد منع الضرر والإيذاء الجسدي، بل هي عملية وقائية، وتحصين نفسي ومعنوي وأخلاقي وإنساني في المقام الأول، بعد أن أصبحت شكوى عالمية تؤرق المجتمع الإنساني بأسره، وأصبحت من أخطر القضايا الشائكة التي تحتاج إلى استراتيجية وثقافة مجتمعية لإنجاحها رغم تأكيد دراسات عديدة في كثير من البلدان ـ حتى المتقدمة منها ـ أن الآباء والأمهات أنفسهم لا يزالون غير مدركين تماماً المخاطر التي يتعرض لها أطفالهم من عالم “الإنترنت”.
إن المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صدقت عليها كل دول العالم فيما عدا الولايات المتحدة الأميركية والصومال، تنص بالتزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية الملائمة لضمان حماية الطفل، وتنص المادة التاسعة عشرة من الاتفاقية أيضاً على التزام الدول بحماية الطفل من أشكال العنف كافة أو الضرر أو الإساءة البدنية وإساءة الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية، وفي مادته الثالثة يلزم البروتوكول الدول الأعضاء أن يغطي قانونها الجنائي جرائم إنتاج وتوزيع ونشر واستيراد وتصوير وعرض وبيع وحيازة مواد إباحية تتعلق بالطفل.
من ثم كانت الاستراتيجية الوطنية في الدولة لحماية الطفل، ترجمة حقيقية لإدراك هذا الخطر، باعتبارها مسؤولية مجتمعية، وانطلقت مؤسسات المجتمع وأجهزته المعنية، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، ومؤسسة الرعاية الأسرية، بالتعاون والتنسيق مع كل من له صلة وشأن في تربية الطفل، وصوب كل اتجاه لمحاصرة الخطر، ووضع آليات عملية وبناءة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، لإشاعة ثقافة الاستخدام الآمن للإنترنت، وتبني حملة وطنية تحت شعار: “أمنوا سلامتهم ولا تغفلوا فضولهم”.
تساؤلات:
ما المخاطر المتوقعة لاستخدام الأطفال “الإنترنت”؟ هل نقيد استخدامهم، أم نترك لهم الحبل على الغارب؟ أم نلغي وجود أجهزة الكمبيوتر في منازلنا؟ وإذا حدث ذلك فماذا سيفعل الآباء والأمهات تجاه مقاهي “الإنترنت” التي تنشر أمامهم في كل مكان؟ وكيف يمكن السيطرة والرقابة على مثل هذه المواقع بما يحمي الأطفال من هذه المخاطر؟
الإقبال المتزايد للأطفال والصبية والمراهقين على شبكة الإنترنت، لم يعد نوعاً من الترف، لقد أصبحت الإنترنت ضرورة ووسيلة من أهم وسائل الاتصال اليوم، إلا أنها بلا شك باتت محفوفة بالمخاطر، فالأطفال بإمكانهم ممارسة العديد من الأنشطة العصرية مثل المحاورة مع الأصدقاء، وإرسال الرسائل الفورية، والاستماع إلى الكثير من الصوتيات على (الإنترنت)، بالإضافة إلى مشاهدة الأفلام وممارسة الكثير من الألعاب. فـ(الإنترنت) وسعَّ عالم الأطفال ومداركهم ووضع بين أيديهم مختلف المعلومات الوافدة من أنحاء العالم كافة. فلا نود أن نحرم جيل المستقبل من مواكبة تكنولوجيا العصر، ولا نريد أن نحرمهم من المعرفة، وفي الوقت نفسه نريد لهم السلامة من قضايا نسمع عنها، نريد لأطفالنا التعلم والبحث عن المفيد لهم بما لا يضرهم ولا يخل بمعتقداتنا وديننا وأخلاقياتنا، لهذا لا بد من الاستعانة بأنفسنا أولاً والبحث عن البرامج التي تمنع الأطفال من دخول المواقع الإباحية ومواقع الدردشة المشبوهة، فهناك برامج آمنة، لا تسمح بدخول أي برامج أخرى غير محددة لها. وفي النهاية، يجب علينا متابعة أطفالنا متابعة دقيقة أثناء اتصالهم بـ”الإنترنت”، ومن الأمور المهمة أيضاً أن يكون جهاز الحاسب الآلي المتصل بالإنترنت في مكان عام من المنزل، بحيث يكون في غرفة الجلوس مثلاً، ولا يكون في غرفة الأطفال الخاصة حتى يتسنى لولي الأمر متابعة أطفاله عن قرب، ومعرفة ما يدور أثناء تصفح أبنائه الإنترنت وتحذيرهم وتوعيتهم بالأمور السيئة حتى لا يقعون فريسة لها ولا تتكرر المآسي التي نسمع عنها بين الحين والآخر حتى لا يقعوا في المحظور”.
العلاقات «الإنترنتية»
يوضح حمدان محمد، اختصاص اجتماعي، أن أكثر ما يعجب الأطفال في التواصل عبر شبكة “الإنترنت” هو عنصر المجهول. فالأطفال يمكنهم التواصل مع أي أحد عبر”الإنترنت” لا يحدّهم في ذلك مظهر ولا عمر ولا أي جوانب أخرى قد تؤثر على التواصل الواقعي. وهو ما يضفي شعوراً بالحرية والانطلاق، وكثيراً ما نقرأ تقارير عن أحاديث راقية ومواضيع ناضجة تدور بين بالغين وأشخاص آخرين عبر “الإنترنت”، يظنهم البالغون كباراً ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم مجرد أطفال أو مراهقين. لكن هذه العلاقات “الإنترنتية” تتسم بطابع أكثر شخصية وحميمية من العلاقات الشخصية الخارجية بسبب عنصر التخفي الذي يحرّر الأفراد من الحاجة إلى التظاهر أو الحرج ويجعلهم ينطلقون بانفتاح وصراحة أكبر في هذه العلاقات. وكثيراً ما يقع الأطفال فريسة الابتزاز غير الأخلاقي، ويصبحون ضحايا سوء الاستغلال الجنسي للشواذ والمنحرفين، وهناك عصابات عالمية تنشط عبر “الإنترنت” لهذا النوع من السلوكيات المشينة المنحرفة.
تدابير احترازية
من جانبها، تشير الاستشارية الأسرية انعام المنصوري، إلى أن أخطر المراحل التي يتأثر بها الإنسان طوال حياته هي مرحلة الطفولة والتي من المفترض أن ينشأ فيها الطفل على أخلاقيات وقيم وسلوكيات أصيلة؛ لأنه يكون في طور التشكيل العقلي والفكري، وهي أخطر من مرحلة الشباب؛ لأن ما يتم غرسه في مرحلة الطفولة من مكتسبات خارجية ومدخلات، يظل مترسباً في ذاته مدى الحياة، لذلك نقول دائماً إن التربية الصحيحة تكون في سن الطفولة؛ ولهذا السبب فإن هذه المواقع تشكل خطراً كبيراً على الأطفال؛ لأنها تغرس سلوكيات جنسية شاذة بدلاً من القيم والأخلاقيات والسلوكيات الحميدة في نفس الطفل والذي ستظل مقترنة به حتى نهاية العمر. فالرسوم الكارتونية تساهم في تربية الطفل وتشكيل سلوكه والأكثر من ذلك أن الطفل يتأثر بالكارتون أكثر مما يتأثر من الدراما العادية والأشخاص العاديين؛ لأنها تجذب انتباه الطفل مما يؤكد مدى خطورتها. لذا ما يحصله الطفل من سلوكيات خارجية قد يدمر أخلاقياته، وبالتالي يدمر المستقبل القادم بأكمله، ومن ثم يجب الرقابة الحاسمة عليهم للحد من المدخلات السلبية إلى الأطفال والتي تعتبر سياسة مضادة وموجهة ضد المجتمعات العربية بأكملها لإفساد سلوكهم. لذلك لا بد من الحذر من هذه المواقع المدمرة، ولا بد من إيقافها بأي صورة من الصور؛ ولأن التكنولوجيا الحديثة أصبحت شيئاً مهماً وضرورياً بالنسبة للأطفال.
وتضيف المنصوري: “بناء جسور الحوار والصراحة والحب والمكاشفة بين الآباء والأطفال، ومشاركة الطفل في اختيار أصدقائه بشكل سليم، والتعارف الأسري على أسر أصدقائه، للتأكد من التقارب في أسلوب تنشئة الأطفال، وللمزيد من رعاية والحفاظ على الأبناء، وتوعية الطفل بمواصفات الشخصية السوية السليمة من الصدق، والحياء، والكرم، والاجتهاد، والأدب، واحترام الأكبر، والأمانة، والشجاعة في الحق... إلخ، مع دعم ذلك بالقصص لتقريب معنى كل صفة، بحيث تكون تلك المواصفات نصب عينيها لتتصف بها، وليكون التطبيق العملي لكل قصة هو الاتصاف بتلك الصفة ومحاولة تطبيقها، لتكون المحصلة أن يكون الوازع نابعاً من داخلها لمفارقة من لا يتصف بتلك الصفات أو من يرفضها ويصر على الخطأ، ولا بد من ملاحظته جيداً دون تخويف، ومتابعة أنواع لعبه وممارساته اليومية مع أصدقائه ومع نفسه. ويفضل أن يكون اللعب مع الأطفال أمام أعين الأب أو الأم ما استطاعا، ولا بد من توعية الطفلة بقواعد التعامل مع الناس، وأن البنت الجميلة لا يقبلها سوى والدها أو جدها أو عمها فقط، أما أي أحد آخر فلا يصح أن يقبلها، وأن الله يرانا في كل مكان. مع دعم ذلك بالقصص، وبالتالي فما لا يصح أن يفعله الإنسان أمام الناس لا يصح أيضاً أن نفعله في الخلوة”.
كل راع مسؤول عن رعيته:
علينا أن نقر ونعترف بأن عالم الإنترنت أصبح واقعاً لا يمكن الابتعاد عنه أو تجاهله، أو حجبه عن أطفالنا، فالأخذ بمسببات العلم والتطور ضرورة، ولا يمكن أن نربي أبناءنا بمعزل عن العالم من حولنا وما يفرضه التقدم العلمي من تطور يشمل جميع مناحي حياتنا، لكن علينا في المقابل أن نستحضر سنة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها).. ثم ذكر الولاة، ثم قال: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، إذاً يا أيها الأب في البيت أنت راع. ومسؤولية الأب تجاه أهله عظيمة فعليه توجيه أهله وأولاده إلى الالتزام بأحكام الدين وأداء العبادات والخلق الكريم وتعليمهم العلوم التي يحتاجون إليها في شؤون دينهم ودنياهم، ومراقبتهم، وفتح قنوات الاتصال والحوار معهم، وإرشادهم، وأن يكن لهم قدوة حسنة، وتحري المتابعة والانضباط وكل ما يؤثر على أخلاقياتهم وسلوكياتهم، ولا تشغله أعماله وشؤونه عن أبنائه، فعمل الزوج والزوجة قد يحول دون التفرغ الكامل لرعاية الأبناء والاهتمام بشئونهم. فالروابط الأسرية في المجتمع المعاصر أصبحت أقرب إلى التفكك والانهيار، لكن الشريعة أوصت بالأبناء وقررت حقوقهم وأولها الرعاية والتربية السليمة، ومن ثم لا بد أن يكون استخدام الإنترنت في المنزل مقنن ومراقب حتى يسلم الأبناء من أي مخاطر مؤكدة، هي غريبة ووافدة على أخلاقنا وثقافتنا، والإهمال هنا يصل إلى درجة التأثيم والتقصير المنهي عنه في الإسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق