السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-10-14

مساء ... الورد

مساء ... الورد
ركبت حافلة الوقت على عجل وطرت كعصفورة مذعورة بين أحضان جسور قسنطينة ، ونقّبت عنك كما ينقّب الموجوع عن حبّة دواء ضائعة ، وأخيرا وصلت متأخّرة على غير عادة العصافير وفتّشت عنك غرفة غرفة في بوم لا يستقبل فيه الزائرون مرضاهم لكنيّ أخيرا دخلت واتّجهت صوب رواق ضيّق ، مظلم ، وكأنه عمود لقطار مشلول ، ممدّد منذ زمن ، فتحت بابا مغلقا لغرفة معزولة تماما عن كل حركة وحياة ، استغربت هذا الّنفي القاسي في مدينة لا تعترف سوى بمدّ الجسور ، دخلت مبتسمة كعادتي الأولى ، غير أني ما جلست هذه المرة مطلقا ، وإنما فتحت بوابة العتمة المطبقة ، وكأنما أشعرني موقف الصمت برائحة شجار بينك وبين نافذتك ، استغربت الفراغ والهواء الذي استلقى على سريرك البارد ، غريب ألا أجدك بعد هذه الرحلة الطويلة ، جلست أقلّب علب الدواء بفضول فوجدتها محظوظة جدا لانها تظلّ ترعاك وربما تحدّثك أيضا عن قصصها مع المرضى الذين سبقوك غير أنها أكيد تقرّ بتميّزك عنهم جميعا ، لأنها بالكاد تفرغ من بلسمها ، رتّبتها ثم أعدت غلق النافذة الحزينة على غير عادة كل ّ النوافذ الباعثة في النفس روح الأمل ، استدرت على وقع خطوات ثقيلة ، متعبة ، مستسلمة وإذا بي ألمحك منتصبا ، مندهشا ، وكانك فنجان فاضت به الدهشة الممزوجة بالسرور، حملت صوبك علبتي المبللة بالتساؤلات، و وضعتها بين يديك حين غابت عني شياطين الكلام وشكرت حقا هذه الغرفة المظلمة لانها ربما تشبهني في صمتها ، في رحيلها المؤجّل بدون مواعيد ، فلكم تختزلني حيطانها وكأنك اخترتها عمدا لانها تشبهني وتشبهك ربما ، غير أن كلينا ظلّ صامتا في حضرتها .... فهل ستسعني حيطانها وحضورك لاستنزاف كلّ قطرات شوقي ، هل ستروي فضولي نوافذها أبوابها وحتى علب الدواء الواقفة وكأنما مستعدّة هي دائما لتلقينك طلاسم الشفاء .فلكم حدّثتني في صحوتك المفاجئة عن جميع حماقاتك ، وعن جميع مشاكساتك ، ورفضك المستمر ، وهزيمتك المقنعة في حضرتها فهل ستنكر في حضرتي أيضا جميع الاتهامات ....... يتبع
بقلم أ خديجة إدريس 

هناك 4 تعليقات:

  1. حين يمتزج الخيال الواسع بالنظرة الثاقبة تأتي اللغة طائعة تيني جمالية النص .. :)

    ردحذف
  2. صرت لا استطيع التعليق عجزا حقيقيا، عندما تلتقيان معا أنت والأستاذة دراج، نص في غاية الجمال والروعة وليس غريبا ذلك فهو لصاحبة القلم الذهبي الذي يبهرني ويهز كياني، ويزلزل كلماتي فتطيش مني كلمات أحسبك أحيانا من قوم قد ارتفعوا عن رُتَّة العراق، وتياسَرُوا عن كَشْكشة بكر، وتيامَنُوا عن: شَنْشَنة تَغْلب، ليس فيهم غَمْغمة قُضاعة، ولا طمطمانيّة حِمْير. دمت بود .

    ردحذف
  3. ألف شكر وألف تحية لتواضعك الجميل ، تبقى مجرد محاولات مني فقط

    ردحذف
  4. ألف تحية لكل من يدفع بقلمي نحو الامام ولو بكلمة واحدة شكرا على هذا المرور الجميل لكم ألف تحية

    ردحذف