السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2018-05-26

رحلة مدرسية



السبت 12 ماي 2018
المدرسة الابتدائية بلالطة عمار
رحلة مدرسية للتلاميذ رفقة طاقم المدرسة 
إلى مدينة الاثار جميلة ولاية سطيف
ثم حديقة النور والنسيم بالبرج
توسّدنا الصّباح لتسوقنا حافلة الأفكار إلى العشب الأخضر نحو مدينة سطيف قاصدين آثارها التي جاءها الشعر في صورة مقدّسة خلعت نومها لتستقبل أطفالا لا يرتدون في حضرة المجهول غير انعتاق النّفس وراء جدران الشّغف ، والسّرور ، ومسرح المفاجآت الذي ينتظر أجسامهم الصّغيرة المدفوعة بقوّة كأوتار منسوجة من أخشاب الفرح لتغرّد أرواحهم المعطّرة ، وتقفز خطواتهم كالنّحلة الحائمة حول الحقول والزّهور .
يترنّمون على خشبة الأرض يداعبون موكب الحبّ ، ويمشون تحت عيون السّماء لا تسع أقدامهم الفضولية خلجان الفضاء ، ولا تشبع المراعي والغيوم الحائمة حول الجبال لهفة أطلقها الجدران دون أن يحكم عقالها ، فيمحو القلب في داخل الفرح غبارهم المتروك تحت أدراج الصّمت والطّاولات دون أن يسرق حبره .
أومأت السّعادة من وراء نظراتهم ، واندفعت أطرافهم كفراشات ملوّنة لتجوب المكان وتلامس عن قرب عالما آخر لا يزال شفّافا ، جليّا في مدينة الماضي والحاضر حيث تقف في منعطفات الذّكرى حكمة شامخة ترويها صخورها الصّامدة في وجه الزّمن ، فتأمّلت عيونهم الصّغيرة الآثار كما يتأمّل عالم ظاهرة كونيّة .
لا يوجد أجمل من منظر عصفور وأنت تقذف جسمه خارج القفص ، خارج الجدران ، خارج الثّبات الذي يقتل الرّوح ويخنقها ، لا يوجد أعذب من عاطفة فتحت أقفالها وشرّعت أبوابها لتبدو كعاصفة هادئة تقتلع الملل من جذوره وتكسر التّعب من أعماقه ، وتدهس دون رأفة شفاها عابسة ، وأصواتا محبوسة ، وأطرافا لا تعمل .
هكذا رأيتهم وهم يسابقون الرّياح ، يداعبون العشب ، يدورون حول الشّجر ، يجرون خلف الحلم دون قيد أو خوف أو قلق حتّى كادت روحي تزاحم لطفولتهم لتأخذ مكانها بين أيديهم المتماسكة ، بين ضحكاتهم المتعالية ، بين ألعابهم التي أحيت بداخلي حياة جميلة ما عرفتها إلاّ وأنا معهم وفيهم .
وقد كان للطّاقم الإداري المرافق وعلى رأسهم السيد المدير كلّ الفضل في إخراجنا جميعا من صناديق الهموم التي نحتجز فيها أنفسنا الضّائقة التي غادرت ظلالها كزهرة نبتت في نور الشّمس .
ولقد كان لنا تعريج آخر رفقة الأطفال إلى حديقة النور والنسيم بالبرج عائدين من رحلة التّأمّل إلى رحلة السّكينة حيث استمتعوا بجمال الطّبيعة ، والألعاب الشّيّقة ، ومداعبة الأزهار والألوان والنّسائم التي ترتّل على صدورهم أنشودة الأحلام التي لا تنهي عزفها إلاّ لتبدأ عزفا آخر تتمايل صدحاته بين الأرجاء دون توقّف 
شاكرا في الأخير من دعوني لأخرج الطّفل الذي بداخلي ، وأقحمه بين الصّغار ليمتلئ غبطة دون أن يتذكّر عودته إليّ ، كما أشكرهم مرارا على أكاليل اللّطف و التّرحاب التي غمروني بها ، آملا أن تكون الحياة في أيامهم كرحلة اليوم آخذة ، ساحرة ، تصفّهم إلى جوار الصّباح دون أن تتذوق عيونهم النّقية ظلمة اللّيل ، وشقاوة العمر وتعب الأيام .
لكم منّي عناقا لغويّا لا ينتهي
عبد النور خبابة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق