السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2014-07-26

أقبل العيد .. ولكن ..


الهدف من الاحتفال بعيد الفطر هو الاحتفاء بعودة الناس إلى حياة الفطرة الإنسانية ، وعودتهم إلى نظام العادة من تناول الطعام والشراب ، وما تدعو إليه الحياة بعد أداء فريضة شاقة دامت شهراً كاملاً احتساباً لله وابتغاء لرضوانه ، احتساباً حباً لله من غير طلب الجزاء أو ترقب الثواب وابتغاء رضوان الله مطلب من مطالب النفوس الساعية دوماً وراء الأجر والثواب والمنفعة ، فهي تطلبه من المولى عز وجل الذي وعدها به .
وقد اهتم الإسلام بعيد الفطر اهتماماً روحياً وحسياً وبعث في المسلمين الرغبة في استقباله ، والجد في لقائه ، ففرض فيه الاجتماع للصلاة والخطبة المقرون بالتهليل والتكبير ، امتثالاً لقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : ( زينوا أعيادكم بالتكبير) “ والتكبير مع كونه تمجيداً لله تعالى وتعظيماً لشأنه في النفوس ، فهو جهر بالفرحة ، وإعلان لمكنون النفس من الرضا ، بأداء فرض الصيام وإكماله.
وفرض الإسلام في عيد الفطر أداء زكاة الفطر ، وأوجب تبادل الزيارات والمودة والمحبة والتسامح بين الأهل والأقارب والأصدقاء وزكاة الفطر أبعد في إنسانيتها من زكاة المال حيث أن زكاة المال لا تجب إلا بعد اكتمال نصابها وبلوغها الحول، أما زكاة الفطر فهي تجب على كل مسلم ومسلمة من غير أن يكتمل لها نصاب من المال، فيدفعها المسلم عن نفسه وعن كل الأشخاص الذين يعولهم ومن هو مسؤول عن نفقتهم . ثم إن نسبة ما يدفعه المرء من زكاة الفطر محدودة ، لا بنسبة ما يمتلكه من مال ، ولكن بنسبة تكفي سد حاجة آخذها ، ليعيش في يوم عيده ولديه قوت يومه ، وهو عمل إنساني ينفرد به الإسلام دون غيره من الأديان.
وقد حرص الإسلام على أن تكون أعياده في حدود المباح من اللهو الممتع واللذة التي لا تخرج المبتهج إلى اقتراف محرم.
ومجيء عيد الفطر على أثر عبادة شاقة كعبادة الصوم يمنع الإنسان من الخروج فجأة من الصيام إلى لهو عابث أو مجون صارخ لأن النفس التي التزمت الوقار شهراً كاملاً ليلاً ونهاراً لا تستسيغ الخروج فجأة إلى ضده ، وهو ما يجعل العيد الإسلامي يكتسب طابع الوقار، لا طابع الصخب والضجيج والإزعاج.
وليس بخاف أن الانتعاش الذي يصيب النفوس الكسيرة من فقراء المجتمع بما يدفع إليهم من زكاة الفطر قبيل العيد يدخلهم في الفرحة العامة التي تعم المجتمع، وبذلك يتم مظهر التكافل الاجتماعي ، والتقارب بين المسلمين حتى في الطعام والشراب والتجمل بالثياب.
ومن حق الصائمين جميعاً أن تشع في وجهوهم أضواء العيد وتلمع في جباههم أنواره ، ومن حقهم أن تداعب شعورهم النسمات وتضاحك أحاسيسهم البسمات ، فقد جاهدوا وجالدوا ، وساندوا وعاضدوا ، فمن حقهم أن يحتفلوا بالعيد ، وأن ينعموا بالسعادة بعد ذلك الجهد الجهيد ، غير أن بعض الناس للأسف تراهم في العيد كثيري الشكوى والتذمر من سوء الحال فترى وجوههم مكفهرة ، ونفوسهم مشمئزة ، بسبب حالة الحرمان التي يعيشونها ، بحيث لا يستطيعون تلبية حاجات العيد ومتطلباته . فإلى هؤلاء أقول :مهما كانت معاناتكم ، دعوا الشكوى واغتبطوا بالعيد ، 
وتأملوا قي قول الشاعر:
أقبل العيد ولكن *** ليس في الناس المسرة
لا أرى إلا وجوهاً *** كالحات مكفهرة
وخدوداً باهتات *** قد كساها الهم صفرة
و شفاهاً تحذر الضحك كأن الضحك جمرة
ليس للقوم حديث *** غير شكوى مستمرة
لا تسل : ماذا عراهم؟ *** كلهم يجهل أمره
حائر كالطائر الخائف *** قد ضيع وكره
فهو إن حط إلى الغبراء شك السهم صدره
وإذا ما طار لاقى *** قشعم الجو وصقره
كلهم يبكي على الأمس ويخشى شر بكره
أيها الشاكي الليالي *** إنما الغبطة فكرة
ربما استوطنت الكوخ وما في الكوخ كسرة
وخلت منها القصور العاليات المشمخر
وإذا رفت على القفر استوت ماءً وخضره
وإذا مست حصاة *** صقلتها ، فهي درة
لك ما دامت لك الأرض ، وما فوق المجرة
فإذا ضيعتها فالكون لا يعدل ذر
أيها الشاكي رويداً *** لا يسد الدمع ثغرة
أيها العابس لن تعطي على التقصيب أجره.
لا تكن مراً ولا تجعل حياة الغير مرة

لا تكن مراً ولا تجعل حي إن من يبكي لهحول على الضحك وقدر
فتهلل وترنم *** فالفتى العابس صخره
إنه العيد وإن العيد مثل العرس مرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق