السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2013-06-30

اختر لنفسك ... ما شئت


إن تأملت في أحوال البشر من حولك ، وتفكرت مليّاً ، تجد في كل يوم يولد آلاف من البشر ، ويعيشون في هذه الدنيا وتمضي بهم الحياة ، ثم يغمضون عيونهم إلى رقدة الموت ، ولم يعلموا لماذا أتوا إلى الوجود ؟ وما الذي يجب عليهم فعله في هذه الدنيا ؟ وأين يكون مصيرهم بعد الموت ؟ .
تخبطٌ وتيه ، يعيشه كل من غابت عنه حقيقة ما بعد الموت ، ويعاني من الضيق والضنك كل من أدار ظهره لما سيؤول إليه حاله في الآخرة ، فكل إنسان غاب عنه الإيمان باليوم الآخر ، أو نسيه أو تناساه ، فإنه سيعيش في هذه الدنيا كحيوان يجري في فلاة ، لا هم له سوى إشباع غرائزه وشهواته ، لا يدري ما الحكمة التي من أجلها جاء إلى هذا الوجود .
هذا الفيلسوف الفرنسي (ميشيل) ، الذي عاصر الرئيس الفرنسي جيسكار ديستاه – " قرر أن الحياة عبث ، وأن انتظار المزيد منها حماقة ، لأن استمرار الحياة ليس إلا مجرد فرصة لتبادل الإساءات مع الآخرين ، فمن أراد أن يجنب نفسه أو أحبابه شر نفسه وشر غيره فليبادر بالتخلص من حياته وحياة أحبابه .
وتطبيقاً لذلك ، فما إن رأى زوجته في سعادة ، حتى تقدم إليها ليمنع عنها أي شقاءٍ قادم فذبحها ، ثم سلم نفسه للشرطة . ورفعت الشرطة أمره إلى أن وصل إلى رئيس الجمهورية- يوم ذاك - الذي قال : عار على فرنسا أن تعتقل عقلها !! ولكن أودعوه مستشفى المجانين!! . ليجعل له بذلك مخرجاً من أن تناله طائلة القضاء " *.
نعم ، فمن يعتقد أنه لا بعث بعد الموت ولا حساب ، فليس مستغرباً أن يكون هذا حاله ، وهذا مصيره ،  
((لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ))[الرعد/34] ، (( وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى )) [طه/127] .
ولهذا فإن من أعظم القضايا التي لابد أن يعيها المسلم ، هي أن لا ينسى المصير الذي سيواجهه بعد أن يركب قطار الرحيل متوجهاً نحو المستقبل الدائم ، والحياة الأبدية ، هناك حيث لا يسمح له بحمل أمتعةٍ لا حاجة له بها ، سوى عمله ، فإما أن تكون حياته سارة ، وإما أن تكون .....!!!! ، (( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ )) [الشورى/7] .
فاختر لنفسك ما شئت ... 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): المتحدث بأحاديث مفتعلة ليضحك الناس أو لغرض آخر عاص لله ورسوله، وقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ويل له ويل له ثم ويل له". وقد قال ابن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا يعد أحدكم صبيه شيئا ثم لا ينجزه. وأما إن كان في ذلك ما فيه عدوان على مسلم وضرر في الدين فهو أشد تحريما من ذلك. وبكل حال ففاعل ذلك مستحق للعقوبة الشرعية التي تردعه عن ذلك. اهـ.

وقال كما في (مختصر الفتاوى المصرية): الذي يحدث ليضحك الناس ويل له ثم ويل له، والمصر على ذلك فاسق مسلوب الولاية مردود الشهادة. وما كان مباحا في غير حال القراءة مثل المزاح الذي جاءت به الآثار وهو أن يمزح ولا يقول إلا صدقا لا يكون في مزاحه كذب. اهـ.

******************************************************

قَال العلاّمة ابن باز رحمه الله:

"المزاح بألفاظ فيها: كفر أو فسق أمر موجود في بعض المجتمعات المسلمة، فحبذا لو ألقى سماحتكم الضوء على هذا الأمر، وموقف طلبة العلم والدعاة منه."

لا شك أن المزح بالكذب وأنواع الكفر من أعظم المنكرات ومن أخطر ما يكون بين الناس في مجالسهم. فالواجب الحذر من ذلك وقد حذر الله من ذلك بقوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[1].
وقد قال كثير من السلف رحمهم الله: إنها نزلت في قوم قالوا فيما بينهم في بعض أسفارهم مع النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، فأنزل الله فيهم هذه الآية. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح.
فالواجب على أهل العلم وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات، الحذر من ذلك والتحذير منه، لما في ذلك من الخطر العظيم والفساد الكبير والعواقب الوخيمة، عافانا الله والمسلمين من ذلك، وسلك بنا وبهم صراطه المستقيم إنه سميع مجيب.
[1]
سورة التوبة الآيتان 65 – 66.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق