السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-06-11

من يروي العطش الروحي..؟؟


من يروي العطش الروحي..؟؟


في الوقت الذي يظن فيه المشدوهون والمبهورون بالحضارة الغربية... إن الغرب المتحضر قد اكتمل رشده الإنساني وبلغ سعادته المثلى وحاز الأهلية المطلقة في السيادة والريادة والسيطرة الأدبية والمادية على العالم... في الوقت ذاته تتعالى صيحات عميقة منذرة من قلب هذا الغرب من عقلائه ومفكريه وفلاسفته تحذر من إهمال الوجه الروحاني للحضارة ومن فراغ هذه الأخيرة من المثل والقيم والالتزامات الأخلاقية.... مما يعتبره هؤلاء المفكرون الغربيون مؤشر هدم خطير وهو اعتبار واقعي وموضوعي.
أي إن ما ننعته نحن الآن ومن سنين في الشرق الإسلامي بأسباب تخلفنا ومن مواصفات رجعيتنا وجمودنا وبالمعوق لتحضرنا وتقدمنا ... اصبح هو المؤمل المرتجى عند عقلاء الغرب وأرباب هذه الحضارة.
ذلك أن الأديان التي نبذها في أول العهد منظرو هذه الحضارة أزاحوا ظلها عن تفكيرهم وحرصوا على محو أي اثر لتعاليمها فيما يقولون ويعملون ولم يتخذوا منها ولو لبنة واحدة كبرت أم صغرت في بنائهم لحضارتهم  إذ اعتبروا الدين والتدين مسألة شخصية... ثم هو مخدر وأفيون يصرف الشعوب عن التمدن والبناء والتغيير و أن على الإنسان وحده أن يبحث عما يلائمه حتى بلغ الأمر بهم أن علقوا إبان الثورة الفرنسية في قرية ( هوتفيلر) منشورا يقول " ابتداء من الغد على مواطني ومواطنات هذه القرية أن لا يعترفوا بأية عبادة باستثناء عبادة العقل والحرية والمساواة وأما مبنى الكنيسة الذي اغلق الآن فسوف يصبح معبدا للعقل ويخصص من الآن للاحتفال بالأعياد الوطنية".
بعد كل ذلك العداء الظاهر والباطن والتهكم الصارخ اصبحوا الآن ينظرون إلى الدين والتدين والقيم والمثل والالتزام الخلقي والروحانيات على أنها الواقي الصلب الذي يحول بين الحضارة والاندثار بعد ما رأوا بطلان اطروحاتهم وفساد نظرياتهم وشلل رؤيتهم.
ولن اذهب بكم بعيدا فهذا " توينيبي" يقول في إحدى محاضراته " إن الأديان الكبرى جميعا مهملة وآخذة في الانحسار وربما توقف مستقبل الجنس البشري على عودتها ثانية إلى سيطرتها السابقة على البشرية" "ثم إن الإنسان الغربي وهو تائه في غمار حضارته قد فشل في دوره كإله ارضي و أقر بأنه يفتقر إلى شيء ما ليكون سعيدا " .

سفينة بلا قيادة ..

وهذا الطبيب الفيلسوف الألماني "البرت شفيتزر" يصرخ من كل أعماقه ".... الخاصية الروعة في حضارتنا هي أن تقدمها المادي اكبر بكثير من تقدمها الروحي ..لقد اختل توازنها.... والحضارة التي لا تنمو فيها إلا النواحي المادية دون أن يواكب ذلك النمو نمو متكافئ في ميدان الروح هي أشبه ما يكون بسفينة اختلت قيادتها ومضت بسرعة متزايدة نحو الكارثة التي ستقضي عليها... إن توكيد العالم والحياة قد تزعزع عندنا فلم يعد الرجل العصري المتحضر يشعر بدافع إلى التفكير في المثل العليا ذلك انه لم يعد يؤمن بالتقدم الروحي والأخلاقي للناس والإنسانية مع أن هذا التقدم الروحي والأخلاقي هو العنصر الجوهري في الحضارة...".
" ومن هنا نشأ الإنسان الغربي المتحضر يتيما تافها لا يعدو أن يكون مجرد جسد ومجرد حاجيات مادية.. نشأ يتيما لأنه لا ينتظر أية مساعدة من الله- كما قال " شبنهاور"- ... ونشأ تافها لأنه اعتبر العالم فوضى من المعقولات والقبائح"
ونحن لا ننكر أن الحضارة الغربية بإقلاعها المادي الباهر قد أشبعت الجانب البطني الترابي من الإنسان وملأت حياته- حد التخمة- بأسباب الرفاه والترف الشيء الذي حبب إليه المجون واللامبالاة والتميع وأوقعه بالقلق والقسوة...
وإزاء هذه الحال المنذرة بمزيد من الشر وهو شر لن يتوقف خطره على الغرب فحسب إنما هو قادم في سباق نحونا إن عاجلا أو آجلا. وذلك بحكم التبعية العمياء التي نسلكها إزاء الغرب والمنهج الذيلي الذي نطبقه في شتى المجالات.... إزاء كل هذا فواجب على المسلمين الصادقين أن ينقذوا الإنسانية من هذه الظلمات المتراكمة و أن يعجلوا بتقديم الجرعة الشافية للبشرية المريضة ذلك أن الله سبحانه قد حملهم الشهادة على العالم.

بقلم: أ عبد النور خبابة

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم
    صحيح لقد زادت تبعيتنا للعالم الغربي في شتى الميادين و الخوف اليوم على ما هو أهم بالنسبة لنا نحن العرب المسلمين خاصة ديننا الحنيف الذي نستمد منه كل شيء، لذا يتوجب علينا أن نكون حريصين على إتباع ديننا الحنيف لا غير و لا أكثر .
    مشكور أخي بارك الله فيك
    وفقك الله لما فيه خير للصالح العام
    تحياتي

    ردحذف
  2. وعليكم السلام ورحمة اله وبركاته:
    اشكرك أخي محمد على تفاعلك مع الموضوع، وكلامك الجميل الذي رصعته به، جزاك الله خيرا وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

    ردحذف