السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2020-07-31

الأجنحة البيضاء :


الأجنحة البيضاء :
هدية لكل طبيب وعامل في ميدان الصحة.
الكيان البشري مجبول في فطرته على التّضحيات وإشباع تلك اللّذّة النّابعة من عمق الأرض التي تجمعنا تحت إبطها لنعيش الحياة كلّ في مكانه ، نبحث لنا عن الكسب الإنساني قبل الماديّ لاسيما أولئك الذين وضعوا قلوبهم خلف التّحدّيات الرّخوة ولم يستسلموا لخطر التيّار الذي جرف الكثير من الأرواح .
المواقف وحدها تكشف نقاوة البياض المتخفّي وراء المآزر ، المطمور تحت الضّمائر ولا بدّ لنا أن ننتزع أعمق الألفاظ ، وأصدق المعاني من قواميس الحياة لنعترف اعتراف إنسانيّتنا الضّائعة أنّ الصّعاب لا تزال تنجب أمثال هؤلاء الذين تركوا نسائم السّهول ، ونعومة الخمول، وشراهة المثول للانزواء، والرّاحة ، والنّوم ، ومعانقة الأحبّة والأهل من أجل السّلامة الإنسانيّة التي أصبحت مهدّدة بسبب هذا الوباء الذي أخرجهم من دائرة مبهمة إلى دوائر البطولة والشّهامة والتّضحية من أجل الواجب والقضيّة .
الجيش الأبيض أو كما أسمّيهم أنا الأجنحة البيضاء التي تبعثر من حولها سبل العيش وهي تحت تهديد الموت ، تحت أعناق الخناجر المسنّنة لتقايض الخطر في كلّ اللّحظات لأجل أمنية واحدة وهي سلامة البشر ، عافية الأرواح المهدّدة بالعدوى في كلّ زاوية أو ممرّ .
هول العدوى، شبح الموت ، الأعراض القاتلة ، الحجر المتزمّت ، التّرقّب من النّوافذ المغلقة ، الخوف على الأحبّة ، التّفكير المستمرّ في الأهل والأبناء ، الشّوق الذي يسكن المحاجر ، التّعب الذي ينهش الأجساد ، اللّباس الواقي الذي يرهق النّفس ، الصّمود تحت عمود كهرباء منطفئ ، انتظار أمنية مبهمة هي كلّها صراعات يعيشها الجيش الأبيض كلّ لحظة متحدّيا خيانة هذه الأصابع المجهولة تحت المجهر التي نبشت لحم البشريّة وجعلت العالم يتيما، باكيا، عاجزا، منتظرا فجوة فرح ما تخرج من جبين الأفق .
حين تنقذ روحا أوشكت على الموت يخالطك شعور أكبر من الكلمات، وأضخم من العواطف، وأوسع من حدقة كوكب، إنّه لإنجاز عظيم أن تنتشل الحياة المكدّسة خلف أسرّة الموت لتمنحها فرصة جديدة للعيش فذاك أقدس ما يمكن أن يقدّمه إنسان لأخيه الإنسان.
علّمنا الوباء كيف نقدّر بعضنا البعض، كيف نتماسك تحت شلالات الظّلام
كيف نثني على إنجازات من يرعانا خلف جدران المستشفيات التي تحمل الكثير من قصص البكاء والفرح، كيف نقف وراءهم وقفة العيون النّهمة الباحثة عن انتصار مبهر على هذا الوباء المرير ، ولابدّ بمشاعر إنسانية كهذه أن ننتصر عليه قريبا.
بقلم عبد النور خبابة.
🏅🏅🏅🏅🏅🏅🏅🏅🏅🏅🏅🏅
النص الفائز بمسابقة مؤسسة الفنك الثقافية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق