السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2021-08-20

شـرح_الـحـديـث

 


يَحْكي أبو بَكْرَةَ نُفَيْعُ بنُ الحَارِثِ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال يومَ النَّحْرِ في حَجَّةِ الوَداعِ : إنَّ الزَّمانَ في انْقِسامِهِ إلى الأعْوامِ ، والأعْوامَ إلى الأشْهرِ ، عادَ إلى أصلِ الحِسابِ والوَضْعِ الَّذي اختارهُ الله ووَضَعَهُ يَومَ خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ.
🔅
السَّنةُ اثْنَا عَشَرَ شَهرًا منها أربعةٌ حُرُمٌ ؛ ثلاثةٌ مُتَوَالِياتٌ : ذو القَعْدَةِ للقُعودِ عنِ القتال ، وذُو الحِجَّة للحَجِّ ، والمُحَرَّمُ لتَحريمِ القِتالِ فيهِ ، وواحدٌ فَردٌ ، وهو رَجَبُ مُضَرَ ؛ لأنَّها كانتْ تُحَافِظُ على تَحريمِهِ أشدَّ منْ مُحافظةِ سائرِ العربِ ، ولمْ يَكُنْ يَسْتَحِلُّهُ أحدٌ منَ العربِ ، الَّذي بين جُمَادَى وشَعْبانَ.
▪️
فسألَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أيُّ شَهرٍ هذا؟ وأيُّ بلدٍ هذا؟ وأيُّ يومٍ هذا؟ وفي كُلِّ مَرَّةٍ يُجيبونَهُ : الله ورسولُهُ أعلَمُ ؛ مُراعاةً للأدبِ وتَحَرُّزًا عنِ التَّقدُّمِ بينَ يَدَيِ الله ورَسولِهِ وتَوقُّفًا فيما لا يُعْلَمُ الغَرَضُ مِنَ السُّؤالِ عنه ، فَسكتَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى ظَننَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسمهِ. فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الشَّهرِ : إنَّه ذو الحِجَّةِ ، والبلدُ مَكَّةُ ، واليومُ يومُ النَّحْر.
▪️
ثُمَّ قال : فإنَّ دِماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عَليكمْ حَرامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكم هذا في بَلدِكم هذا في شَهرِكم هذا ، وهذا فيه تَأكيدٌ شَديدٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تَحريمِ هذِه الثَّلاثةِ ، وهي : الدِّماءُ وتَشْمَلُ النُّفوسَ وما دونَها ، والأموالُ وتَشْمَلُ القَليلَ والكَثيرَ ، والأعراضُ وتَشْمَلُ الزِّنا واللِّواطَ والقَذْفَ ونَحوَه ؛ فكُلُّها محرَّمَةٌ أشدَّ التَّحريمِ ، وحَرامٌ على المُسلمِ أنْ ينتَهِكَها منْ أخيهِ المُسلمِ.
#وقوله : سَتَلْقَوْنَ ربَّكم فَسَيَسْألُكم عنْ أعمالِكم ، أي : يومَ القِيامة ، وهذا تَأكيدٌ لِمَا سبقَ منْ ذِكْرِ حُرمةِ الدِّماءِ وما عُطِفَ عليها ، أي : إذا تَأكَّدَ لَدَيْكُمْ شِدَّةُ حُرْمَةِ ذلك ، فاحْذَروا أنْ تَقَعوا فيه ، فإنَّكُمْ سَوفَ تُلاقونَ ربَّكم ، فَيَسْألُكُمْ عنْ أعمالِكم ، وهو أعلمُ بها منكم ، والسُّؤالُ يَتضمَّنُ الجَزاء.
▪️
ثُمَّ قال : ألا فلا تَرْجِعُوا بَعدي ضُلَّالًا ، أي : إيَّاكُم أنْ تَضِلُّوا بَعدي وتُعرِضوا عَمَّا تَركتُكم عليه ، مِنَ التَّمَسُّكِ بِكتابِ ربِّكم وسُنَّةِ نَبيِّكم ؛ فإنَّكم إنْ مِلْتُمْ عنْ ذَلِكُمْ ضَلَلْتُمُ الطَّريقَ وارْتَكَبْتُمْ أعظَمَ ما حذَّرتُكمْ منه ، وأصبحَ يَضرِبُ بَعضُكم رِقابَ بَعضٍ ، وهذا هو الضَّلال.
ثُمَّ قال : ألَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ ، أي : الحاضِرُ الَّذي حَضرَ وسَمِعَ كَلامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُبَلِّغِ الغائِبَ ؛ فَلعلَّ بَعضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكونُ أوْعَى ، أي : أكثرَ وَعْيًا وتَفهُّمًا له مِنْ بَعضِ مَنْ سَمِعَهُ.
▪️
ثُمَّ خَتَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطْبَتَهُ بقولِهِ : ألَا هلْ بلَّغْتُ ، أي : بلَّغْتُ ما فُرِضَ عليَّ تَبليغُهُ مِنَ الرِّسالةِ ، وهو اسْتفهامٌ على جِهةِ التَّقْريرِ ، أي : قد بلَّغْتُكُمْ ما أُمِرْتُ بتبليغِهِ لكم ، فلا عُذْرَ لَكم.
ويَحْتَمِلُ أنْ يَكونَ على جِهةِ اسْتعلامِ ما عِندَهُمْ ، واسْتِنْطَاقِهِمْ بذلك ، وكرَّرَ كَلامَهُ لِيكونَ أكثرَ وَقْعًا وتَعظيمًا.
1⃣
إشارةٌ إلى بُطلان النَّسِيء ، وتَأكيدُ وُجودِ الأشهُرِ الحُرُمِ مع تَحدِيدِها.
2⃣
وفيه : تَأكيدُ تَحريمِ دِماءِ المُسلمين ، وأموالِهم ، وأعراضِهم.
3⃣
وفيه : الأمرُ بِتَبليغ العِلمِ ونَشرِه ، وإشاعَةِ السُّنَنِ والأحكام.
4⃣
وفيه : مشروعيَّةُ التَّحمُّلِ قَبْلَ كَمالِ الأهْلِيَّةِ ، وأنَّ الفَهْمَ لَيسَ شَرْطًا في الأداء.
5⃣
وفيه : أنَّ العِلمَ والفَهْمَ مُمتدٌّ في الأُمَّة ، ولَيسَ مُقْتَصِرًا على مَنْ سَمِعَ النَّبيَّ أو رَآهُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق