السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2020-03-17

"كورونا: موقف شرعي فكري عاجل..."

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏

"كورونا: موقف شرعي فكري عاجل..."
مع اقتراب دخول "الجزائر العاصمة"، و"البليدة"، و"بومرداس"، لا قدَّر الله، المرحلة الثانية من تفشي "وباء كورونا"؛ فإنني من باب المسؤولية الأخلاقية، والشرعية، والعلمية في لحظات مماثلة، وإذ لم يتسن لي الوقت الكافي للتشاور مع السادة العلماء والباحثين، وإني تحت ضغط اللحظة، لأنه ليس مما يجوز تأجيل الفصل فيه؛ فإنني أقرر الآتي:
أولا: أن حالة "الاستهتار"، و"التنكيت"، و"الهزء"، و"الاستهزاء" المتجاوز مع المرض، في نطاق واسع من المواطنين، يُعَدّ استخْفافا بقيمة الأرواح، واستهْتارا بمقصد شرعي كلِّيٍّ وهو "حفْظ النفس" من كل مكْروه، لذا فيجب التحلي بمستوى مقبول معقول من المسؤولية تجاه المرض وأعراضه، واتخاذ التدابير الصحية والاحترازية بصرامة دون تهويل أو تهوين.
ثانيا: "الطبيب المعالج"، و"البيولوجي المتخصص" هو المرجع الأساس في الحكم الشرعي: فما يقوله بخصوص "وباء كورونا": "حكم شرعي" واجبٌ الأخذ به، و"فتوى فقهية ملزمة" في هذه الحالة، وتحذير الطبيب المعالج بمستشفى "البليدة"، مثلا، لا يجوز أخذه على أنه نصيحة طبية، أو ثقافة عامة بل هي فتوى شرعية ليست للاستئناس بل للالتزام، ومن لم يأخذ برأي "الأطباء" و"البيولوجيين المتخصصين"، و"علماء الفيروسات" في هذه اللحظة فهو "عاصٍ آثمٌ" بين يدي الله سبحانه وتعالى.
ثالثا: على "المريض" في الحجر الصحي ممن يمتلك مناعة ومقاومة للمرض، أو للمواطنين في المدن المصابة بالوباء التي تقع تحت "الاحتراز الطبي" أن يستثمر وقته في الذكر والدعاء لله أن يرفع الوباء والبلاء، وأن يعمُر وقته بالاستزادة في العلم من خلال التعليم الإلكتروني الافتراضي المشاع في هذا العصر، أو المطالعة، والبحث... وغيرها من المبرات، والمصالح، والطاعات...
رابعا: الرِفْق بنفسيّة الأطفال الصغار من كل تهويل، والحفاظ على نفسيتهم الهشة الشفافة أن تقع تحت وطأة الإرهاب الإعلامي، أو التخويف العائلي، وضرورة برمجة نشاط عائلي يؤطّرهم ويأخذ بأيديهم لكيلا تتحول هذه الأيام، التي اختار الله أن يبتلينا فيها بهذا الوباء، إلى صدمة نفسية يعانون آثارها فيما تبقى من أعمارهم.
خامسا: واجب تأجيل كل التجمعات، واللقاءات ذات الحضور الواسع بما في ذلك: المحاضرات، والندوات، والأعراس، والمنتديات... بكل أنواعها وأشكالها، حفظا للأرواح، وحفاظا على الأنفس، وتحقيقا لمقاصد الشريعة، وكل من عطل مصلحته الخاصة من برنامج تجاري أو اقتصادي أو تربوي أو أكاديمي أو صناعي أو مناسبة عرس بنية حفظ الأنفس والأرواح فإنه مأجور بين يدي الله تعالى، ولا شك أن أعماله ستكون محط بركة ونماء بإذنه تعالى، لأنه قدم شرع الله على مصلحته الخاصة.
سادسا: تفادي التنقل غير الضروري، حفاظا على الأرواح فحالة الوباء ليس يخاف المرء فيها أن تنتقل إليه العدوى فحسب، بل الخوف الأكبر أن ينقل إلى غيره المرض والعدوى بخاصة إن لم تظهر عليه الأعراض (Porteur sain) فينقل المرض لمن يزوره بنية صلة الرحم، فينقل إلى أهله وعائلته وأحبته الداء والوباء بحسن نية.
سابعا: الارتباط بالمصادر الرسمية للمعلومة: مثل وزارة الصحة، وكالة الأنباء الرسمية...، ولا يجوز تداول أو تشارك المعلومات المغلوطة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، بسذاجة وغباء، وليعلم الجميع أن كل معلومة مغلوطة في لحظة حالة وبائية مماثلة؛ فإن صاحبها يتحمل إثمها وإثم تبعاتها وآثارها أمام الله سبحانه وتعالى.
ثامنا: على الدولة ومصالح الإدارة إيقاف كل الرحلات الجوية القادمة والمسافرة إلى الدول موقع الوباء وهذا واجب شرعي على الحاكم، والإداري، والوزير، والمسؤول، فمهما تكن المصالح المحققة فهي أدنى من المفاسد والمضار المتحققة والمتوقعة.
هذا رأيي مما علّمني الله، وأستغفره فيما أخطأتُ فيه.
والله على ما أقول شهيد.

د/طه كوزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق