السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2019-07-06

لقاء قدريّ جمع بين أسرار الحروف وتاريخ الجسد

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٥‏ أشخاص‏، و‏‏أشخاص يبتسمون‏، و‏‏أشخاص يجلسون‏‏‏‏
قرية اولاد لعياضي
برج الغدير
*** لقاء قدريّ جمع بين أسرار الحروف وتاريخ الجسد ***
تصنع الحياة معجزاتها لتنجب لنا فسحة زمنيّة بين الماضي والحاضر ، وفي كلّ مرّة تزيد تقاطيع الزّمن وضوحا ويقلّ غبارها الذي ينزف في كلّ مرّة دون أن يوقعنا في مصيدة الذّاكرة والنّفس من الدّاخل يعتصرها التّوتّر والفرح كقنبلة انفجرت بالمشاعر دون أن تحدث ضجّة فلقاء هؤلاء بالنّسبة لنا كعناق الحياة . 
أليس جميلا أن نرجع من الزّمن ونخرج عن الخطّ ، ونتمرّد على الدّفاتر القديمة التي تركنا على صفحاتها سطورنا الضّاحكة ، ونحمل قلم الطّهارة لمن علّمنا الكتابة على جدار الضّمير .
عاد إليه و هو عائد إلى طفولته يحمل حقيبة الفكر بدل محفظة الطّفل الذي تربّى على يديه ، ما عرفه حين وقف على روحه الصّريحة ، وملامحه البسيطة إلاّ حين أخرج من معطف الذّكريات تفاصيله الصّغيرة التي عاشها برفقته .
تعثّر بخطوط الزّمن الواضحة على جسده المنهك ، على ذاكرته التي لا تزال تبحث عن الحماس ولكنّه أخيرا استطاع أن يعيد أزرار الحقائق القديمة إلى مكانها وتعرّف على تلميذه الذي أصبح مفتّشا عليه وهو يقلّب كتابة الذي ألّفه ، فراح يلامس اسمه كأنّه يلامس جوهرة فريدة ، برقت عيناه وتأمّل مفارقات الحياة التي تختزل نهر العمر دون أن تجفّفه . 
رافقني في الزيارة كلّ من المفتش أحمد جلود ، والأستاذ الحاج بلحاج ، والدكتور زواوي عبد الحق ، والزيارة كانت فكرة التّلميذ لأستاذه الذي استقبلنا استقبال الأبّ الذي لا ينسى أولاده مهما غيّرت الحياة من ملامحهم .
سبحنا في العمق وتبادلنا الأمان الذي كان يطفو كالبحر على جلودنا ومرّ الوقت كأرجوحة تهتزّ في حديقة ، وعدنا إلى زمن الطّفولة ، زمن الأحداث والمشاكسات ، زمن الصّرامة والحزم ، زمن جمع بين عمرين ليخلّف من ورائه مشهدا برّاقا استضاءت له منطقة الرّوح التي تسكننا .
إنّه المعلّم الذي يتأبّط كتب الحياة الخالدة ، إنّه كوكب الطمأنينة السيّد كعلول العياشي من مواليد 6جوان 1936 ، درس القرآن لمدة 5 سنوات من 1953 حتي 1958 قبل التدريس النظامي الذي بدأه من 1965 إلى 1996 ، حيث كان معلما بمدرسة بلالطة عمار ، استنزف في التّعليم كلّ طاقته وحكمته التي لاتزال مشعّة بادلنا من خلالها حبّه وتواضعه وقصائد يحفظها ، وفكره الذي لا يزال كصاحب المصنع الحريص على أدواته وأشيائه .
فشكرا لمن أشركنا هذه الرّحلة الإنسانية وجعلنا نجلس على مقاعدها لنظهر بهذا الشّكل اللّطيف من الألفة برفقة هذا الرّجل وتلميذه الذي احتجز لنفسه مقطورة التّفوق والتّميّز والتّواضع الذي سمح لنا بركوب الذّكريات معه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق