السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-04-03

ذرة تفاؤل تبني مجرة إبداع

إن الشخصيةَ المتفائلةَ هي شخصيةٌ سعيدةٌ، لا تستسلم للهزائم النفسية، ولا تعرف الإتكال، فهي تشحذُ كل طاقاتها للتميز والنجاح وصناعة الإبداع؛ وذلك لأن التفاؤلَ يحقِّق لها السلامَ الداخلي الذي يُعينها على العمل والعطاء، فإذا استطاعَ كل متفائل أن يبني إستراتيجيةً لحياته، فسنصلُ لمجتمعات متطورة، وقادرة على العطاء والإنتاج.
إن الشخصية المتفائلة تحبُّ ذاتها وتقدرُها، واهتمامها بذاتها يشجعُها على تنمية ثقتها بنفسها وعلى شعورِها بالرضا والطمأنينة، ويساعدُها في مواجهة مشكلاتها وعلاج عيوبها، ويحفزها على الاهتمامِ بالآخرين؛ حتى لا يتحولَ حبُّها لذاتها إلى أنانية مفرطة.
إن وجودَ التحدياتِ ضروريٌّ في المجتمعات الإنسانية، فكل أمة واجهت تحدياتِها بصلابة وإرادة قوية صنعت المنجزاتِ الكونية، واهتدت للصواب والحكمة، فلا علاج لمشكلاتنا التربوية والتنموية والحضارية إلا بإعداد أجيال متفائلة تؤمن بأن لكل داء دواءً، وأن استنهاضَ الهممِ يحتاج لتحفيزِ الدوافع والأهداف، وشحذِ الطاقات للبذل والعطاء والإنجاز.
إن التفاؤلَ يبني الطموحَ والهممَ العالية التي لا تعرف الكسلَ، أو تأجيلَ عملِ اليوم إلى الغد، فصعود الأمم للفاعلية الحضارية يحدثُ بالانتقال من حياة التشاؤم إلى حياة التفاؤل، الذي يقودُها إلى الكدِّ والسعي والحركة والإبداع، فالأمم المتفائلة تبني حضارتَها بجدارة بما تملك من قدرات حضارية عظيمة، وخبرات بشرية متفائلة تؤهلها للصعود والارتقاء، وقد قالوا: "إذا أردتَ أن تجعلَ العالمَ مكانًا أفضلَ، فانظر إلى نفسِكَ، وافعلِ التغييرَ من داخلِك"، ومن هنا فالتفاؤل لا يبني شخصية متفائلة فحسب، بل ذرة تفاؤل يمكن أن تبني مجرةَ تغيير وإبداع.
انظر إلى كل مبدع وناجح في حياته، فستجد أن روحه المتفائلة مكَّنته من بناء ما بنى، وانظر إلى كل أبٍ متفائلٍ وأم متفائلة ستجد نجاحات بلا حدود في تربيتهم لأولادهم، وإذا كان المتشائم يركز على المواقف التي فشِل فيها؛ بما يبعث في حياته القلقَ والحزن والاكتئاب، فإن المتفائل يحارب الوساوس التحطيمية، ويركز على المواقف الإيجابية؛ بما يرفع همته لأعلى.
فالمتفائل قدوةٌ لزوجته وأولاده، وأبناء مجتمعه ووطنه، في تفاؤله وقوته وسعادته وإيمانه، الذي يقرِّبه من ربه، يحذون حذوه، ويتعلمون منه، ويقتدون به، كما أن النفوس المتفائلة لا ترحل عن هذا العالم قبل أن تضع بصمتها الكونيةَ الإبداعية، التي تخدم التاريخ والحضارة والمجتمع الإنساني.
هناك جوانبُ كثيرة في حياتنا مشرقة، قد لا نلتفتُ إليها وهي تساعدنا - حتمًا - في تحقيقِ طموحاتنا وأحلامنا وبلوغ أهدافنا، والمطلوب من الإنسان أن يعيدَ اكتشافَ هذه الجوانبِ، ويسعى لتقييم ذاته؛ ليتمكن من القيام بأدوار إبداعية، وأولويات تنموية، تمكِّنُه من التخطيط والنجاح والتميز في حاضره ومستقبله.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق