السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-04-03

من محاسن الأخلاق الإسلامية التواضع

التواضع: هو لين الجانب، وعدم التعالي على الناس.
(والتواضع من الأخلاق المثالية والصفات العالية، فالمسلم متواضع في غير مذلة ولا مهانة، والمتعالون في الأرض يطبع الله على قلوبهم ويعمي أبصارهم، فلا يستشعرون قدرة الله القاهرة فوقهم ولا ينتفعون بآيات الله الباهرة من حولهم يقول تعالى ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].
وقد توعد الله تعالى هؤلاء المتكبرين في الأرض بالنهاية الذليلة في الدنيا والحساب الأليم في الآخرة)
وقيل: (التواضع سلَّم الشرف)
وقال الشاعر:
تواضع تكن كالبدر لاح لناظر ** على صفحات الماء وهو رفيع
وقال آخر:
تواضع إذا ما نلت في الناس رفعة ** فإن رفيع القوم من يتواضع
من الناحية العقلية:
التواضع صفة الإنسان الذي يعرف قدر نفسه، صفة الحكيم العاقل..
ومن الناحية البيولوجية العضوية:
المتكبر يحمل صفة الحقارة.. فالإنسان الذي يحمل في جوفه القذر، كيف يتكبر؟ وعلى من يتكبر؟.
ومن الناحية الإيمانية:
التواضع صفة العبد الطائع الرضي الذي يعرف أن الكبر من صفات الله تعالى وحده يقول في الحديث القدسي:
"الكبرياء ردائي".
والمسلم يعرف مقدار نفسه، ويعلم علم اليقين أنه عبد لله ناصيته بيده والخلق كلهم عيال الله، فإذا تكبر لقوة في بدنه فإن بعوضة ترديه، وقد أهلكت النمرود، وإذا تكبر لمال فإن قارون كان أغنى منه فخسف الله به وبداره الأرض، وما تكبر عبد؛ إلا نقص من عقله بمقدار ما تكبر به على الناس.
ولم يذكر القرآن لفظة (التواضع) إنما صورها بهذه الصورة البلاغية المعجزة فقال: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].
وقال جل من قائل: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].
اخفض جناحك. أرأيت إلى الطائر الذي يرفرف بجناحيه عندما يقترب من عشه، وفيه فراخه الجائعة وقد اقترب الأب ومعه الطعام والشراب لفراخه، كيف يخفض جناحه حباً ورحمة وحناناً؟
والصورة الثانية ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24] لا نريد أن نحللها تحليلاً بلاغياً، فليس هنا مجال البلاغة المتخصصة فنقول: استعارة مرشحة... وإنما نتذوق هنا الصورة الجمالية بعد استحضار هيئة الطير الحنون الذي يشفق على من يحب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً يعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه".
(وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: وجدنا الكرم في التقوى، والغنى في اليقين، والشرف في التواضع.
وقال عروة: أشد العلماء تواضعاً أكثرهم علماً، ومن الأمثال قولهم: كلما ارتفع الشريف تواضع، وكلما ارتفع الوضيع تكبر)
ورسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المتواضعين، فالمعروف أن القادة المنتصرين في المعارك، والفاتحين الذين يدخلون المدن المفتوحة كانوا يشمخون بأنوفهم نحو السماء بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة فاتحاً قد أحنى رأسه حتى إن لحيته الشريفة لتمس رحل ناقته وكان رحلاً رثاً زيادة في تواضعه صلى الله عليه وسلم، فأين عظمة العظماء من عظمة محمد صلى الله عليه وسلم في تواضعه في كل شأن من شؤون حياته؟
(نلمس التواضع في حياة محمد صلى الله عليه وسلم الشخصية في بيته وفي ملبسه وفي فراشه وفي طعامه..
يروي لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقفاً ترك أثراً في نفسه حتى أبكاه، يقول وهو يصف حاله عند دخوله على محمد صلى الله عليه وسلم.. وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت).
ويتجلى تواضع محمد صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الناس في اعتنائه بالضعفاء، كان يعني بقضاء حوائجهم ومشكلاتهم، ولا يأبى أن يمشي مع الأرملة أو المسكين فيقضي حاجته.
المؤرخون يشهدون بتواضع محمد صلى الله عليه وسلم:
ولقد شهد عديد من المؤرخين الذين درسوا سيرة محمد صلى الله عليه وسلم بتواضعه إذ يقول المستشرق الأسكتلندي وليام مونتغمري: إن محمداً اكتسب احترام الناس وثقتهم عن طريق أعماله التي بنيت على أساس ديني، وكذلك خصال تمتع بها كالشجاعة والحزم والنزاهة.. إلى جانب أنه كان يتمتع بأخلاقيات تأخذ بمجامع القلوب منحته محبتهم وأمنت إخلاصهم وقال المؤرخ البريطاني إدوارد جيبون في كتابه الشهير (انهيار وسقوط الإمبراطورة الرومانية) إن الوعي الأخلاقي الطيب لمحمد نبذ خيلاء السيادة، فقد تعامل مع المهام المنزلية البسيطة التي تكون داخل الأسرة؛ فقد كان يوقد النار ويكنس الأرض ويحلب الشاة ويرتق بيديه حذاءه وجلبابه.
ويحدثنا عن تواضعه القس بوزورث سميث فيقول: لقد كان رئيساً للدولة ولجماعة تدين بنفس العقيدة، لقد كان يجمع سلطة ومقام قيصر والبابا معاً، لكنه بابا بدون خيلاء البابا وغروره وقيصر بلا فيلق أو حشود وبلا جيس عامل ولا حارس شخصي ولا قوة من الشرطة ولا دخل ثابت فقد كانت معه جميع السلطات من غير أن يكون معه ما يدعمها أو يحافظ عليها وقد كانت حياته الخاصة متطابقة ومنسجمة مع حياته العامة.
يشارك أصحابه الأعمال والمهمات:
لم يكن دأب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يعايش الواقع مع صحابته أن يكتفي بإصدار أوامره إليهم ن وقد كان قادراً على ذلك، ولكنه كان يعايشهم ويشاركهم بكل أريحية، فحين قدم المدينة كان من أول أعماله أن قام ببناء مسجده بالتعاون مع أصحابه فشاركهم في بناء المسجد.
وفي غزوة الخندق حمل التراب أثناء حفر الخندق وقام بنقله مع صحابته بلا كلل أو تأفف)
لقد علمنا الإسلام كيف يكون الإنسان عظيماً بالتواضع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق