السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2016-03-20

صانع الســــــيوف خباب بن الأرت

صانع الســــــيوف خباب بن الأرت
كان خباب بن الأرت عبدا مملوكا لسيدة قرشية اسمها أم أنمار، و كان يعمل في محل للحدادة يصنع السيوف و يبيعها لأهل مكة و يعطي ثمنها لأم أنمار. ولم يكن من عادة خباب أن يتأخرعن صناعة السيوف أو أن يغيب عن دكانه… الا أنه وفي ذلك النهار،جاء الرجال لأخذ سيوفهم فلم يجدوه في المحل!! وانتظر الرجال في الدكان طويلا، فلما عاد خباب سألوه عن السيوف فلم يجب.. كان في عينيه فرح غريب ، و كأنه كان يناجي نفسه و يقول إن أمره لعجيب… و استغرب الرجال الجواب و أعادوا السؤال: – أين سيوفنا يا خباب؟هل أتممت صنعها؟…. ولكن خباب لم يكن يسمع لهم و لا يجيب إن أمره لعجيب. وانتبه أحد الرجال للأمر، فأحس أن هناك شيئا ما فسأله: – وهل رأيته أنت يا خباب؟…. ورفع خباب يديه الى السماء و أجاب بصوت عميق واثق: – أجل رأيته و سمعته…. رأيت الحق يتفجر من جوانبه و النور يتلألأ من جوانحه…. ولم يكد خباب يتم الجملة حتى فهم الرجل قصده فهب الرجل في وجهه صائحا: -أتعني محمدا!! و بهدوء أجاب خباب: – نعم إنه هو…. رسول الله صلى الله عليه و سلم….أرسله الله إلينا ليخرجنا من الظلمات  إلى النور… و لم يكمل خباب كلامه… ولم يدر ماذا جرى له و لا ماذا قيل له…فقد هجم الرجال على (العبد) خباب يوسعونه ضربا و لكما بالأيدي و الأرجل و القدوم و الأزاميل و هم يقولون: – لم يبق إلا أنت أيها العبد الحقير حتى تؤمن بدين محمد هذا….عبد حقير…. و غاب خباب عن الوعي و تركه الرجال ملقى على الأرض،و انطلقوا إلى أم أنمار… كانت أم أنمار إمرأة قرشية قوية…و كانت تستغل عبدها خبابا أبشع استغلال،لا ترحمه في الليل أو في النهار…فذهب الرجال إليها يشكون هذا العبد الذي تجرأ على دين أسياده و أصنامهم. و بدأت أم أنمار تعذب عبدها بيديها… جعلت تحمي الحديد الذي في محلها و تكوي به جسد خباب و رأسه وأطرافه.  فكانت تكويه بالحديد الملتهب صباح مساء…. و صبر خباب ولم يصدر عنه  أي ألم أو صرخة عذاب.كان يتلوى من الألم ، وكان لحمه يتساقط و لكنه كان صابرا..صامدا و محتسبا أجره عند الله. و مر به رسول الله صل الله عليه و سلم يوما و الحديد المحمى فوق رأسه فطار قلبه رحمة و حنانا و أسى،ولكن الرسول لم يكن يومها يملك شيئا لحماية خباب و المستضعفين من المسلمين إلا الدعاء، فرفع يديه إلى السماء و قال: “اللهم انصر خبابا…اللهم انصر خبابا” و لم تمض سوى أيام، حتى نزل بأم أنمار مرض غريب….لقد ارتمت أم أنمار في فراشها تصرخ و تئن .فقد أصابها ألم في رأسها حتى كادت تنفجر..و تغير صوتها إلى صوت يشبه نباح الكلب!! و جاء قرار الطبيب صاعقا مخيفا .قال إنه مرض السعار…يجعل المريض يعوي كالكلاب .ولا علاج له إلا الكي بالنار.. و ذهل الجميع …
 هل يكون هذا المرض قصاصا لأم أنمار؟هل يكون انتقاما لخباب؟ هل يكون انذارا لمن تسول له نفسه تعديب المستضعفين و الفقراء من المسلمين؟ و بدأ الطبيب يحمي الحديد و يكوي به رأس أم أنمار كل صباحا و مساء!! و مضت الأيام و حفظ خباب القران الكريم و أجاد ترتيله وتجويده.. و كان يذهب إلى بيوت المسلمين سرا ليعلمهم القران.و طلب منه الرسول (ص) أن يذهب إلى بيت سعيد بن زيد زوج فاطمة بنت الخطاب ليعلمها القرآن..و لم يكد خباب يقرأ أول سورة من سورة طه حتى سمع الجميع طرقا شديدا على الباب ، فنظرت فاطمة فرأت أخاها عمر قد تقلد سيفه و جاء غاضبا و فعادت إلى خباب خائفة تريده أن يختبىء. – إنه عمر أخي … جاء متقلدا سيفهه و سيقضي علينا جميعا. و لكن خباب و بهدوء غريب قال: – لا تخافي يا أختي… لعل الله يهديه ، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ” اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك: أبي الحكم بن هشام وعمر بن الخطاب”. و دخل عمر و ضرب أخته فاطمة على وجهها, و تناول الصحيفة و قرأ: (طه ما أنزلنا عليك القران لتشقى*إلا تذكرة لمن يخشى* تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى*الرحمن على العرش استوى).صدق الله العظيم و صاح عمر صيحته المشهورة: – دلوني على محمد… لقد أضاء القرآن قلب عمر، و أخرجه من الظلمات إلى النور. فسأل خبابا: – أين أجد الرسول الآن يا خباب؟ – و أجاب خباب: – عند الصفا ، في دار الأرقم بن أبي الأرقم…. و مضت الأيام و خباب حفيظ على إسلامه و عبادته و صيامه.. هاجر مع المهاجرين إلى المدينة ، و شهد جميع الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه و سلم… و ساعد في نشر الإسلام و تحفيظ القراآن و صناعة السيوف، و توفي رسول الله و هو عنه راض. كان خباب رضي الله عنه فقيرا ، فلما أعز الله الإسلام , و توسعت الدولة الإسلامية في شرق الأرض و مغربها و شمالها و جنوبها.. وفاض بيت المال في عهد ” عمر بن الخطاب” و “عثمان بن عفان” فرض عمر لخباب مبلغا شهريا كبيرا لأنه كان من أوائل المسلمين ومن اللذين ضحوا كثيرا في سبيل الاسلام، فبنى خباب دارا له في الكوفة في أرض العراق ووضع أمواله في مكان ظاهر فيها و قال لرفاقه: – هنا في هذا المكان من الدار أضع كل أموالي….والله ما شددت عليها من خيط ،ولامنعتها من سائل، فيأخذ من يريد ما يريد!! كانت الدموع تنزل من عيني خباب و هو يذكر إخوانه المسلمين الأوائل اللذين مضوا و لم ينالو من ترف الدنيا شيئا.. كان يقول باكيا: – انظروا هذا كفني قد أعددته لموتي .أما حمزة عم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة ملحاء قصيرة .. اذا و ضعت على رأسه قلصت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه!!
و مات خباب بن الأرت رضي الله عنه عام سبع و ثلاثين للهجرة، مات أستاذ صناعة السيوف ، و أستاذ صناعة التضحية و الفداء…فرحمه الله…..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق