السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2014-01-18

عندما تسقط الأقنعة


إذا كنت معوّقا حركيّا وذهنيّا
ولسانُك طويل
فانشئ صومعة للشّر
في مملكتك .....
يتراءى للناظر أحياناً، و للوهلة الأولى عند لقاء بعض الشخصيات من حولنا، أنهم مثاليون متميزون، ننبهر بهم، نتأمل قسمات وجههم فنرى فيها نوعاً من الطيب أو السماحة أو حتى البساطة ونأمل منهم الكثير، ولا يخطر ببالنا أنهم أتقنوا فن التخفي والرياء، وارتدوا أثواباً أكبر من مقاسهم.
نعيش معهم حلماً وهمياً، فترة غير قصيرة، نظن بهم الظن الحسن، وأنهم بارقة الأمل للكثيرين، ممن علقوا آمالاً عليهم، لتحقيق نوع من العدالة والإنصاف، لجنود مجهولين، وأحياناً من خلال بعض المواقف نفرح لفشل بعض الخبثاء، ممن توضح قسماتهم اللؤم بأشكاله المختلفة بعد أن ينكشف الغطاء وتظهر حقيقتهم، ثم نفزع، ونهرع، ونصدم، نعم تأخذنا صاعقة من سوء المنظر والمشهد المتحول، عجبا لبعض البشر
فتكتشف أن اللقاء الأول، هو أشبه بمرج رائع شكله ساحر مغطّى بالثلج الأبيض  ناصع نقيّ  لا يعرف شيئا من الخبث والتّمثيل البارع ،  ويتكرر اللقاء فإذ بالثلج ينصهر ويذوب ويظهر المرج..  لتجد نفسك أمام  أشياء لم تكن لتراها يوما بهذا القبح والفضاعة  وهذه هي  فاجعة من يحسن الظنّ .
ومثل هؤلاء الأشخاص في زماننا، يتكررون للآسف هذه الأيام، وكأنهم يلبسون أقنعة في حفل تنكري، يخفون وراءهم خبثا ولؤما ونوعا  مميّزا، يغضون النظر عمن كان له بصمة في مراحل من حياتهم، يكنون له كل تجاهل
في زماننا هذا، تلونت الأقنعة وتنوعت تصاميمها، لم تعد سوداء أو بيضاء، بل أصبحت بكل الألوان البراقة الرائعة كألوان قوس قزح ، حسب المواقف
في زماننا هذا كثيرة هي الأقنعة التي يرتديها من يحسنون لعب أدوارها باتقان وكأنّ الابتسامة صارت عنوانا للانتقام والدمعة نهاية كاذبة لبداية خاطئة سرعان ما تنزلق  من تحتها الحقيقة لأنهم بلا ثوابت ولا قواعد، لأنّهم أجساد تتحرك من بعيد كدمى تختفي وتظهر حسب الأدوار المسندة إليها  مثل الحيّة   مدفون سمّها ، مثل الأجداث تركن في مقبرة مهجورة، ومثل الأفاعي أحياناً يتلونون كي يلسعوا ثم يختبئوا، أوكالرمال المتحركة الغادرة
في زماننا كثر مثل هؤلاء وفي النهاية يكتشف البعض أنهم ليسوا حقيقيين بل أقنعة لا بد أن تذوب المادة التي ألصقت بها، أو ترهّلت  لأن القناع نفسه لا يصمد طويلا ، يكابرون ويصرون على تعنتهم،  ويركنون وراء الظل  بلا صدى ولا صوت ولا وضوح..
في النهاية ستسقط الأقنعة ويذوب الثلج  وتظهر الحقيقة ، وتبقى شمعة مضيئة في الظلام الدامس تضيء دروب الكثيرين، تبكي بغزارة كي يرى غيرها النور، وتذوب غير آبهة بنهايتها، حتى لو غدت مجرد نور ظهر واختفى وأصبح في طي النسيان، في النهاية ستسقط الأخطاء ، ويعرف الجميع بأن البقاء للأصدق ، للأنقى  حتّى  ولو  بقيت الحقيقة  خافتة، لا تشاهد عن قرب، إلا أننا سوف نراها، في سلوكياتها، و في صدقها، وعفويتها، وتواضعها ونزاهتها، لأنها لا يمكنها أن تلبس قناعاً يغطي عيوبها، قناعا لن يكون بسعة صدرها، ودماثة خلقها، وتواضعها، ولأن حجمها أكبر من الوصف في مقال، يصمم طبيعتها التي تنعكس في تعاملاتها و طموحها غير المحدود في كسب رضى الله أولاً دون رياء أو أقنعة مزيفة...، فبعض الأرواح  تحترق كالشموع كي تنير دروب الآخرين، وتبقى بصمتها في ذاكرة الكثيرين..
في هذه الأيام قلما نرى هذه النوعية من الشخصيات، ونادراً ما نراها بين فصائل البشر في عصرنا الحالي، فلا تخدعكم أقنعة الكثيرين، الذين يبتسمون لكم، وهم يلبسون أقنعة الطيب والسماحة، ويحاولون التقرب من البعض لتحقيق مصالحهم، بأقنعة غير مكشوفة لبعض البشر، لكنها سرعان ما تسقط بكل تأكيد ويقين لذلك لا تمنح أحدا شرف تحطيم كبريائك ، فالكلاب فقط إن تشرّدت أكلت يد من تطعمها ، فيظلّ فمها مفتوحا مهما ملأته بالعظام ، وإن  لم تسمع في طريقك ، في نجاحك نباح الكلاب فاعلم أنّك في الطّريق الخاطئ ، فالكلاب تعرف جيدا متى تنبح وعلى من تحديدا . ولا يغرنّك بريق النّعال لأنّها حين تبلى سيرميها النّاس في مزابل النّسيان لأنّه المكان الوحيد الذي سيليق بها وتليق به ... ما أقبح أن يسقط قناع اعتقدته وجها حقيقيا لتظهر بشاعة ما يخفيه ليس هناك أناس يتغيرون بل هناك أقنعة تسقط

هناك تعليق واحد:

  1. وما اجمل ان نعيش بقلوب وارواح صافية ونقية لا تتخفى وراء قناع من وهم وزيف وخداع شكرا جزبلا استاذي الفاضل على الموضوع ، حفطك الله ودمت ذخرا للامة والاسلام .

    ردحذف