السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2013-11-11

المساجد فضائل وآداب خطبة

خطبة الجمعة               المساجد فضائل وآداب   عبد النور خبابة

أما بعد: فيا عباد الله، خيرُ المقام الذي وعظَ وكفَى، وأصابَ الحقَّ وما جفَا: تقوى الله في السرِّ والخفَا، ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واعلَموا أن دُنياكم دارُ ممرٍّ وارتِحال، سريعةُ التقضِّي والزوال، وحقيقتُها كسرابٍ وآل، وكل من فيها إلى انتِقال، إما إلى نعيمٍ وحُسن مآل، وإما شقاءٍ ووَبال، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الحشر: 18]. أيّها المسلِمون، المساجِدُ بيوتُ الله، بُنِيت جُدُرها ورفِعَت قواعدها على اسمه وحدَه لا شريك له، يُعبَد فيها ويوحَّد، ويعظم فيها ويمجَّد، ويركَعُ له فيها ويُسجَد، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الجن: 18].
أذِنَ الله برَفعِها وعِمارتها، وأمَرَ ببنائها وصِيانَتِها، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifفِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [النور: 36]. بِناؤها من أعظم القُرَب لمن أخلص لله واحتَسَب، فعَن عثمانَ http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif قال: سمعتُ رسولَ الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif يقول: ((مَن بَنَى لله مَسجدًا يَبتغِي به وجهَ الله بَنى الله له بيتًا في الجنة)) متفق عليه.
أمَرَ الشارع بتطهِيرِها وتنظيفِها وتنزيهِهَا وتطيِيبِها، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: أمَرَ رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif ببناء المساجِدِ في الدور ـ يعني: في القبائل ـ وأن تُنَظَّف وتُطَيَّب. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
هِي أحبُّ البقاع وأطهر الأصقاع، فعن أبي هريرة http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif أنَّ رسولَ الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif قال: ((أحَبّ البلاد إلى الله تعالى مساجدُها، وأبغَضُ البلاد إلى الله أسواقُها)) أخرجه مسلم.
ولِعظيمِ فضلها وشريفِ مكانتها شُرِع لقاصدها من الآداب والسنَن والأحكام ما يحسُن التنبيهُ عليه؛ رعاية لحرمتها وتذكيرًا بحقِّها.
أيّها المسلمون، يُستَحَبُّ لقاصِدِ المسجد أن يتجمَّل لصلاتِه بما يستطيع من ثيابِه وطيبِه وسِواكه، قال جل في علاه: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifيَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأعراف: 31]، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif((إذا صلَّى أحدُكم فليبَس ثوبَيه، فإنَّ الله أحقُّ مَن يُتزيَّن له))أخرجه البيهقي.
ولا يجوز أن يصلِّيَ في ثوبٍ رقيق يَشفّ عنه أو ضيّقٍ يكشف عن عورته  فعن ابن مسعود http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif قال: سمعت رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif يقول: ((من أسبل إزارَه في صلاتِه خُيلاءَ فليس مِنَ الله جلّ ذِكرُه في حلٍّ ولا حَرام)) أخرجه أبو داود.
وعلى المصلِّي اجتنابُ الروائحِ الكريهة في ملبسِه ومأكله، فلا يؤذِي إخوانه المصلين ببخَر فمِه وقَذَر أنفِه وطَفَسِ ريقِه وسهكِ عرقه ونَتَن رائحته، فعن جابر http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif أنَّ رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif قال: ((مَن أكَلَ البصلَ والثومَ والكرّات فلا يقربنَّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم)) أخرجه مسلم، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كان الناس ينتابون الجمعةَ من منازلهم ومن العَوالي، فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسولَ الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif((لو أنكم تطهَّرتم ليومِكم هذا)) متفق عليه. فأكرِم بعبدٍ يأتي بيوتَ الله مُتطهِّرًا مُتنظِّفًا، تفوح رائحته طيبًا وقَطرًا وتسطَع أرجًا ونشرا وتتضوّع عُودًا وعَرفا.
ويخرج المسلم إلى المسلم للصلاة بسكينة ووقار، ويقارب خُطاه، ويقول ما وردَ، ولا يشبِّك أصابعَه، وإن سمع الإقامةَ لم يسعَ إليها، فعن أبي هريرَةَ http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif قال: قال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif((إذا سمعتمُ الإقامةَ فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقارِ، ولا تسرِعوا، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتَكم فأتمّوا)) متفق عليه.ويستَحَبّ التبكير والتهجير إليها، فعن أبي هريرةَ http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif أن رسولَ الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif قال: ((لو يعلَم الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأول ثم لم يجِدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتَمَة والصبح لأتوهما ولو حبوًا)) متفق عليه.ويقدِّم رجلَه اليمنى عند دخولِ المسجد، ويسلِّم على النبيِّ محمَّد http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif، ويقول: اللّهمّ افتح لي أبوابَ رحمتك، وإذا خرَج سلَّم على النبيِّ http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif وقال: اللّهمّ افتح لي أبواب فضلك، أو: اللّهمّ أجِرني من الشيطان الرجيم.ولا يجلِسُ حتى يصّلِيَ تحيّةَ المسجد ركعتين، فعن أبي قتادةَ  أنَّ رسولَ الله  قال: ((إذا دخل أحدُكم المسجدَ فليركع ركعتين قبل أن يجلِس)) متفق عليه. ومَن دَخَل يومَ الجمعة والإمامُ يخطُب فلا يجلِس حتى يصّلِيَ ركعتين في أصحِّ قولي العلماء، يخفِّفهما ويتجوَّز فيهما، فعن جابرٍ  قال: جاءَ سُليكٌ الغطفانيّ يومَ الجمعة ورسول الله  يخطب فجلس، فقال له النبيّ ((يا سُلَيك، قم فاركع ركعتين وتجوَّز فيهما))، ثمّ قال ((إذا جاء أحدكم يومَ الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتَين وليتجوَّز فيهما)) أخرجه مسلم. ومَن دخَل يومَ الجمُعةِ والمؤذِّن يؤذن الأذانَ الثاني فليُبادر بصلاةِ تحية المسجد، ولا ينتظر المؤذّنَ حتى ينتهيَ؛ لأنَّ ذلك يفضي إلى أن يشرَع في تحيّة المسجد والإمامُ يخطب والإنصاتُ للخطبة واجب.
وإذا أقيمَت الصّلاةُ فيحرُم على المصلّي أن يشرَعَ في نافلةٍ أو سنّة راتبة في أصحّ قولي العلماء؛ لحديث أبي هريرة  قال: قال رسول الله ((إذا أقِيمَت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبة)) أخرجه مسلم. أيّها المسلمون، المصلُّون في المسجدِ كلُّهم سواء، فمن سبَقَ إلى مكان في المسجدِ استحقَّه، ومن أقامه منه بغيرّ حقٍّ فهو مغتصِب، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif قال: ((لا يقيمَنَّ أحدكم الرجلَ من مجلسِه ثم يجلس فيه)) أخرجه مسلم. وليس لأحدٍ أن يتحجَّر من المسجد شيئًا، فيضَعَ سُجّادةً أو بساطًا أو عصا أو غير ذلك قبل حضورِه، أو يوكِّل من يحجز له، وليس لشيء مما وضَعَ حرمةٌ، بل يزال ويُصلَّى مكانَه. ومَن سبَق إلى مكانٍ في المسجدِ ثم فارَقَه لتجديدِ وضوء ونحوِه فلا يبطُلُ اختصاصُه به، وله أن يقيمَ من قعد فيه، ويجِب على القاعد طاعتُه، فعن أبي هريرةَ  أن رسول الله  قال: ((من قام من مجلسِه ثم رجَع إليه فهو أحقُّ به)) أخرجه مسلم.ولا يَصُفّ في طرقات المجلس وأبوابه لئلاّ يمنع المصلين دخولَ المسجد، بل يتقدَّم إلى الصفوف المتقدِّمة، فعن أنس  أن رسولَ الله  قال: ((أتمُّوا الصفَّ المتقدِّم ثم الذي يليه، فما كان من نقصٍ فليكن في الصفِّ المؤخَّر)) أخرجه أبو داود والنسائي.
ويستَحَبّ صلاة المصلي إلى سترةٍ ودنوُّه منها ولو لم يخشَ مارًّا، وإن أراد أحدٌ المرور بين يديه فله منعُه، فإن أبى فلَه دفعُه، فإن أبي فلَه المبالغةُ في قهرِه عن المرور بما لا يفضِي إلى الفتنةِ وفسادِ الصلاة، فعن أبي سعيد الخدريّ  قال: قال رسول الله ((إذا صلّى أحدُكم فليصلِّ إلى سترة، وليدنُ منها، ولا يدع أحدًا يمرُّ بينه وبينها، فإذا جاء أحدٌ يمرّ فليقاتله فإنّه شيطان)) أخرجه أبو داود وابن ماجه.
ويحرُم المرور بين يدَيِ المصلّي حتى ولو لم يجِدِ المارّ مَساغًا وسبيلاً غيرَه، إلاّ لضرورة أو مشقّة عظيمة لا يمكِن دفعُها؛ لما روى أبو جهيم الأنصاريّ http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif قال: قال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif((لو يعلم المارّ بَين يديِ المصلّي ماذا عليه لكان أن يقفَ أربعين خيرًا له من أن يمرَّ بين يديه))، قال أبو النضر: لا أدرِي قال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة.
أيّها المسلمون، وعلى قاصِد المسجد أن لاَ يؤذِيَ إخوانه المصلّين بتخطِّي رقابهم ومضايَقَتهم ومزاحمَتِهم ومحاولةِ اقتحام الصفّ عليهم مع تعذُّر ذلك بسبَبِ الضيق والازدحام الشديد، أو بالتشويشِ عليهم بالجهر بالقراءةِ والدعاء، فعن أبي سعيد الخدريّ  قال: اعتكف رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gifفي المسجدِ، فسمعهم يجهرون بالقراءةِ، فكشف السترَ فقال: ((ألا إنَّ كلَّكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذِيَنَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفَع بعضكم على بَعضٍ في القراءة)) أو قال: ((في الصلاة)) أخرجه أحمد وأبو داود.
ومن التشويشِ والإيذاء الذي عمَّ وطمَّ في مساجدِ المسلمين وقطَعَ عليهم خشوعَهم وسكونهم ما يصدُر من أجهزةِ الجوّال اليومَ من المقاطع الغنائيّة والنغمات الموسيقيّة والأصوات المطرِبَة التي آذت المسلمين أيّما إيذاء، فعَلى كل مسلم يخشى ربَّه ويخاف عقوبتَه أن لا يدنِّسَ بيوتَ الله التي بُنيَت للذكرِ والصلاة وقراءةِ القرآن بهذه النَّغَمات المحرمة والأجراس الشيطانيّة، وعليه أن يسارع في محوِها والتخلُّص من شرِّها وإثمها.
الخطبة الثانية:
أيّها المسلمون، وممّا تُصان عنه المساجد إنشادُ الضالة والبيعُ والشراء، فعن أبي هريرةَ أنَّ رسول الله  قال: ((إذا رَأَيتم من يبيعُ أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربَحَ الله تجارتَك، وإذا رأيتم من ينشُد ضالّة فقولوا: لا ردَّ الله عَليك)) أخرجه الترمذيّ.
ويجب أن يُصان المسجد عن الأقوال الرذيلَة والأحاديثِ السيّئة واللَّغط والأصوات المرتفعة، قال سعيد بن المسيّب رحمه الله تعالى: "من جَلَس في المجلس فإنما يجالِس ربَّه، فما حقُّه أن يقولَ إلا خيرًا".
أيّها المسلمون، إنما شُرِعت الجماعة في المسجد لمقاصِدَ عظمى، منها التعارف والتآلف والتعاوُن والتكاتُف، فتصافَحوا يذهبِ الغِلّ، وتَسَامحوا تذَهب الشحناء، وخُذوا بأيدي بعضكم، وطهِّروا قلوبَكم مِن الأحقاد والضغَائِن، واستبدلوا القطيعةَ والجفاء بالصِّلة والمحبة والصَّفاء، وأدّوا حقوق بعضكم على بعض، وليعطِف غنيُّكم على فقيركم وقوِيّكم على ضعيفِكم، وكونوا عباد الله إخوانًا.



هناك تعليق واحد:

  1. خطبة قوية و هادفة ، لكنّها مختصرة بعض الشيء ، صراحة .. توقّعت أن تسهب في الحديث عن العديد من المظاهر المنكرة التي صرنا للأسف الشديد ندركها عند قصدنا بيوت الله ، خاصة ما يحصل في المصلّى الخاص بالنساء ، نحن بحاجة إلى نشر الوعي و تجديد الرّباط بالله عز و جلّ ، بوركت أستاذي و شيخي الفاضل عبد النور لك منّي أجمل تحيّة

    ردحذف