لقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعظّم العشر الاواخر
من شهر رمضان ، ويجتهد فيها اجتهادا حتى لا يكاد يقدر عليه ، علما انّ الله قد غفر
له ما تقدّم من ذنبه وما تاخر ، فما احرانا نحن المذنبين ، المخطئين ، المقصّرين
ان نقتدي به صلى الله عليه وسلم ...وندرك قيمة وفضل هذه الأيام العشر الاخيرة ،
ونجتهد فيها لعلّ الله يدركنا بواسع رحمته ، ومغفرته . فما تبقّى من
هذا الشهر سوىأيام قليلة معدودة ، وقد ذهب منه اكثره .... لقد بقي فيه العشر
الاواخر التي هي زبدته وثمرته .
وقد دلّت الاحاديث على فضل العشر الاواخر من رمضان ،
وشدّة حرص النبيّ على اغتنامها ، والاجتهاد فيها بمختلف الطاعات ، والعبادات التي
تقرّبنا الى الله عزّ وجلّ ، وتشغلنا عن ملذات الدنيا التي لا تنتهي ... لذلك
علينا ان نجتهد اكثر بأنواع العبادات من صلاة ، وذكر ، وقراءة ، ودعاء ، وصدقة ،
وصلة رحم .
ولا احد يعلم إن كناّ سندرك هذه العشر مرة أخرى ، أم
يحول بيننا وبينها الموت، لذلك علينا ان نغتنم أيامها ولياليها بالاجتهاد ، وشدّ
المئازر كما كان يفعل نبينا الكريم .
ويستحب طلبها في الوتر من العشر الاواخر من رمضان ، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يجتهد في طلبها ، وكان إذا دخل العشر الاواخر أحيى الليل وأيقظ اهله ، وشدّ المئزر .
وللعلماء آراء في تعيين هذه الليلة ، فمنهم من يرى انها ليلة الحادي والعشرين ، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين ، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين ، ومنهم من ذهب إلى انها ليلة التاسع والعشرين ومنهم من قال انها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الاواخر ، واكثرهم اجمع على انها ليلة السابع والعشرين .
روى احمد باسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :" من كان متحرّيها فليتحرّها ليلة السابع والعشرين "
وروى مسلم ، واحمد ، وابن داود ، والترميذي عن ابيّ بن كعب انه قال : " والله الذي لا اله الا هو ، إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - والله إني اعلم اي ليلة هي ، هي الليلة التي امرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بقيامها ، هي ليلة سبع وعشرين ، وامارتها ان تطلع الشمس في صبيحة يومها ، بيضاء ، لا شعاع فيها ."
قيامها والدعاء فيها فيه فضل واجر كبير . روى البخاري ومسلم ، عن ابن هريرة ، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدّم من ذنبه "
وروى احمد ، وابن ماجة ، والترميذي عن عائشة رضي الله عنها قالت : " قلت يار سول الله .ارأيت إن علمت ، اي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : قولــــــــــــــــي :" اللهم إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعف عنّي ". وفي رواية لمسلم : " كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ".
ومن
خصائص هذه العشر أيضا استحباب الاعتكاف فيها والاعتكاف هو لزوم المسجد والتفرّغ
للعبادة وطاعة الله ، وهو من السنة الثابتة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في
كلّ رمضان عشرة ايام ، وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت :" كان
النبيّ يعتكف في كل رمضان عشرة ايام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين
يوما ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق