السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2019-05-10

كيف أتقرب إلى الله في شهر رمضان ؟

كيف أتقرب إلى الله في شهر رمضان
فضل شهر رمضان 
ليس من نافلة القول أنّ شهر رمضان شهرٌ اختصّه الله -تعالى- ليكون موسماً للرّحمات؛ فهو شهرٌ عظيم مُباركٌ يفتح الله -سبحانه- فيه أبواب الجنّة، ويُغلق أبواب النار، وفي هذا الشهر الفضيل يجتهد المسلمون في تحصيل مغفرة الذنوب، فقد جاء في الحديث الصحيح أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، وقال أيضاً: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ)، وعبادة الصوم عبادةٌ خالصةٌ بين العبد وربّه، ففيها يتجلّى مقام المراقبة والإحسان في قلب العبد الصائم، وفي هذا يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لَه إلَّا الصَّومَ، فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِه، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المسك)،وممّا يؤكّد فضل الصيام أنّه سببٌ من أسباب تحصيل الشفاعة عند لقاء الله -عزّ وجلّ- يوم القيامة، فقد جاء في الحديث أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ)، ويتجدّد الفرح بالطاعة عند عموم الصائمين عندما يدركون إنّ صيام يومٍ في سبيل الله يبعد وجوههم عن النار سبعين خريفاً، فقد صحّ أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما منْ عبدٍ يصومُ يوماً في سبيلِ اللهِ، إلَّا باعدَ اللهُ بذلكَ اليومِ وجهَهُ عن النَّارِ سبعينَ خريفاً)، وليس أدلّ على فضل هذا الشهر العظيم وأجر الصائمين فيه من أنّ الله -عز وجل- اختصّ الصائمين في الآخرة ببابٍ لهم دون غيرهم، يدخلون منه إلى حيث منازلهم في الجنّة، اسمه: باب الريان،وعند اقتراب هذا الشهر الكريم يكثرُ التساؤل عن كيفية القُرب من الله تعالى، وعن أنواع وطُرُق الطاعة فيه، وهذا الموضوع يتناول هذه المسألة بالبحث وشيءٍ من التفصيل. 
كيفية التقرب إلى الله في شهر رمضان 
كثيرةٌ هي الأعمال الفاضلة التي يجدر بالمسلم الاجتهاد فيها في شهر رمضان المبارك، ولعلّ أوّلها وأولاها الصوم، ويحسن بالصائم أنْ يجهد نفسه بالخروج من دائرة الصوم عن المفطرّات إلى الصوم عن كلّ ما يغضب الله تعالى، وعلى المسلم أنْ يعي دلالة قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (قال اللهُ: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلّا الصيامَ، فإنَّه لي وأنا أُجْزي بهِ، والصيامُ جُنَّةٌ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَهُ فلْيقلْ: إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ)، ومن الأعمال الصالحة والقربات التي ينبغي على المسلم الاجتهاد في تحصيل أجورها ما يأتي:
 الشعائر التعبدية تشرع العديد من العبادات في شهر رمضان المبارك، وفيما يأتي بيان عددٍ منها:
 صلاة القيام والتراويح: وفي هذا صحّ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدّم من ذنبه)، والأحسنُ للمسلم أن يُكمل صلاة التراويح مع الإمام حتى يُكتب عند الله من القائمين لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّهُ من قام مع الإمامِ حتى ينصرفَ هو، كُتِبَ لهُ قيامُ ليلةٍ).
 المداومة على قراءة القرآن: فشهر رمضان هو شهر القرآن الكريم، وقد كان جبريل -عليه السلام- يدارس النبي -صلّى الله عليه وسلّم- القرآن في شهر رمضان، وكان للسلف الصالح من العناية بكتاب الله تعالى في رمضان ما يكشف عن همّتهم في الإقبال عليه ومصاحبته في أيام رمضان ولياليه؛ فقد كان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان كلّ ثلاث ليالٍ، وبعضهم في كلّ سبعٍ، وذُكر أنّ الإمام الشافعي كان يختمه في رمضان ستون ختمةً. المكث في المسجد حتى تطلع الشمس: وكان هذا الصنيع المبارك من عادة النبي -عليه السلام- في سائر أيامه، وهو في رمضان أشدّ أجراً وأعظم مثوبةً، وهذا لا يتحصّل إلّا بمجاهدة النفس وعلو الهمّة، يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من صلَّى الفجرَ في جماعةٍ ثمَّ قعدَ يذكرُ اللَّهَ عز وجل حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ ثمَّ صلَّى رَكعتينِ كانت لَه كأجرِ حَجَّةٍ وعُمرةٍ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: تامَّةٍ تامَّةٍ).
 الحرص على سنّة الاعتكاف: فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على الاعتكاف في الثلث الأخير من رمضان، ولا يخفى أنّ الاعتكاف طاعةٌ يجتمع فيها كثير من الطاعات الأخرى؛ فتلاوة القرآن الأذكار والدعاء وغيرها من القربات التي تتيحها سنة الاعتكاف للمسلم في خلوته مع الله تعالى، ذلك أنّ المسلم يحبس نفسه ووقته لله ويعلّق قلبه بالله فلا ينشغل إلّا في رضاه، فضلاً عمّا في سنة الاعتكاف من تربيةٍ للنفس وتدريبٍ على طاعة الله. 
أداء العمرة في رمضان: وقد صحّ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إن عُمرَةً في رمضانَ حَجَّةٌ).
 تحرّي ليلة القدر وقيامها: وقد كان الرسول -عليه السلام- يتحرّاها، ويقوم ويوقظ أهله للقيام في العشر الأواخر رجاء إدراكها ونوال أجرها، وفي بيان فضلها يقول الرسول: (مَن قام ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه)، ومن المسنون للمسلم أنْ يجتهد فيها بالدعاء، وأنْ يكثر من قول: اللهم إنّك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عني. 
الاجتهاد في الدعاء والاستغفار: وخاصةً عند لحظات الإفطار؛ فقد جاء أنّ للمسلم دعوةٌ لا تردّ عند فطره، وفي الثلث الأخير من الليل، والاستغفار في ساعات السّحر، كما يجدر بالمسلم تحرّي ساعة الدعاء المستجاب يوم الجمعة. 
العبادات الاجتماعية 
تشرع العديد من العبادات الاجتماعية في رمضان المبارك، وفيما يأتي بيان عددٍ منها:
 بذل الصدقات: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أجود الناس بالخير، ولكنّه كان أجود ما يكون في رمضان، وقد رُوي عن أنس -رضي الله عنه- أنّه قال: (سُئل النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أيُّ الصَّومِ أفضلُ بعد رمضانَ؟ قال: شعبانُ لتعظيمِ رمضانَ، قال: فأيُّ الصَّدقةِ أفضلُ؟ قال: صدقةٌ في رمضانَ)، ومن الصور الكثيرة للصدقة إطعام الطعام، وقد كان السلف الصالح يحرصون أشدّ الحرص على إطعام الطعام، بل ويقدّمونه على كثيرٍ من العبادات، وقد جاء عن بعض السّلف أنّهم كانوا يؤثرون بطعام إفطار صيامهم الفقراء والمساكين، ومن هؤلاء: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ومالك بن دينار، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهم، وتأكيداً لهذا المعنى جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أيُّما مؤمنٍ أطعم مؤمناً على جوعٍ أطعمه اللهُ يومَ القيامةِ من ثمارِ الجنَّةِ، وأيُّما مؤمنٍ سقَى مؤمناً على ظمأٍ سقاه اللهُ يومَ القيامةِ من الرَّحيقِ المختومِ، وأيُّما مؤمنٍ كسَا مؤمناً على عُرْيٍ كساه اللهُ يومَ القيامةِ من حُلَلِ الجنَّةِ)، ومعلومٌ أنّ إطعام الطعام من شأنه أنْ يرافقه مودةً ومحبةً إلى من يُطعموا، وتفطير الصائمين له من الأجر والمثوبة ما يستحقّ لأجله التضحية والبذل، إذ يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من فطَّر صائماً كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئاً).
 صلة الرحم: وصلة الأرحام من محاسن الأعمال وأبركها وأعمقها أثراً في نفوس المتزاورين والمتواصلين، وبسببها تتحقّق البركة للمسلم في عمره وأيامه، وفي ماله ورزقه.
 مجالسة الأهل: يحسن بالمسلم في أيام رمضان الحرص على مجالسة أفراد الأسرة، الزوجة والأولاد، ومذاكرتهم بأحكام الصيام وآدابه، وتشجيع الأبناء على الصيام وسائر القُربات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق