السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-06-10

رمضان شهر الدعاء

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
فمن نعم الله تعالى على عباده أن أذن لهم بدعائه وسؤاله، ورغَّبهم فيه وحثَّهم عليه، ووعدهم بإجابة سؤالهم، وقضاء حوائجهم، وامتن على من فعل ذلك بالأجر العظيم والثواب الجزيل والسعادة في الدنيا والآخرة .
وفي هذه المقالة نقف وإياكم مع آية من كتاب الله العظيم، وهي قول الله تعالى :﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186].
يقول ابن كثير - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية:
" وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدّة، بل وعند كل فطر ".
ويقول ابن الجوزي - رحمه الله - في كتابه زاد المسير عند تفسير هذه الآية:
" فصل:
إن قال قائل : هذه الآية تدل على أن الله تعالى يجيب أدعية الداعين وترى كثيرًا من الداعين لا يُستجاب لهم!
فالجواب:
أن أبا سعيد الخدري روى عن النبي ﷺ، أنه قال:
( ما من مسلم دعا الله تعالى بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم ؛ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال:
إما أن يعجل دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها ).
وجواب آخر:
وهو أن الدعاء تفتقر إجابته إلى شروط أصلها الطاعة لله، ومنها أكل الحلال، فإن أكل الحرام يمنع إجابة الدعاء، ومنها حضور القلب، ففي بعض الحديث:( ولا يقبل الله دعاء من قلب غافل لاه ).
وجواب آخر:
وهو أن الداعي قد يعتقد المصلحة في إجابته إلى ما سأل، وقد لا تكون المصلحة في ذلك، فيجاب إلى مقصوده الأصلي، وهو: طلب المصلحة، وقد تكون المصلحة في التأخير أو في المنع ".ا.هـ.
ثمَّ اعلم - رحمني الله وإياك - أن الدعاء مفتاح لكل خير، ومن وُفِّق للدعاء فقد وُفِّق لخيرٍ عظيم، وللفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عبارة عميقة تحتاج إلى أن نستحضرها باستمرار حيث يقول:( إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ).
يقول ابن القيِّم - رحمه الله -:
" إذا كان كل خير أصله التوفيق، وهو بيد الله لا بيد العبد، فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجًا دونه ".
فإذا علمت هذا أيها المبارك فليكن همك أن تتحرى مواطن إجابة الدعاء، كما بين الأذان والإقامة، والثلث الأخير من الليل .
وفي شهر رمضان تفتَّح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران، فإياك أن تغفل عن الدعاء فيه، وهو شهر الدعاء، فألحَّ على الله سبحانه وتعالى بالدعاء .
وتذكر أيها المبارك أن الله - جلَّ في علاه - أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، قال تعالى:﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ ، وفي الحديث يقول ﷺ :
( ادعوا الله وأنتم [ موقنون بالإجابة ] ).
اليقين :
ألا يخطر ببالك قط أن الله تعالى يردك!
وتذكر رحمك الله أنك وأنت تدعو الله تعالى أنك في عبادة ؛ قال ﷺ :( الدعاء هو العبادة ).
وصية أخيرة :
احرص أيها المبارك على حفظ الأدعية الواردة في السنة النبوية الصحيحة، واحرص على جوامع الدعاء منها، وليكن لهجك بالدعاء بها، وسترى الخير العظيم إن شاء الله تعالى .
اللهمَّ وفقنا للدعاء وتقبل منا يا ذا الجلال والإكرام 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق