السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2015-12-18

الزوجة الصالحة أساس الأسرة الصالحة

صورة ‏رخصة قيادة الأسرة‏.

الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، بل تعتبر اللبنة الأساسية التي بقوم عليها المجتمع كله.وبناء الأسرة الصالحة مسؤولية عظيمة وهي الغاية التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها ؛لإن الأسرة المتماسكة المترابطة هي التي تبني مع غيرها من الأسر الصالحة المجتمع المسلم المتماسك والذي يقوم بوظيفة الاستخلاف في الأرض:﴿ إني جاعل في الأرض خليفة ﴾ (1) .وتتألف الأسرة من الزوجة والزوج والأبناء،ولا تتكون الأسرة الصالحة إلاباتباع المنهج الرباني الذي منح كل فرد الإجابة الشافية،والمعرفة الوافية بالطريق الواجب اتباعه،والسلوك الأمثل الواجب الاقتداء به،والخلق الفاضل الواجب التحلي به مما يضمن الأمان والاستقرار؛إذ الهدف الأسمى في الأسرة هو الظفر بنعمة السكينة الإيمانية قال الله تعالى: ﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ﴾ (2).وتعتبر الزوجة حجر الزاوية في صلاح الأسرة ،إذ الزوجة الصالحة هي المرأة المؤمنة العابدة، التي تحفظ نفسها، وتحفظ زوجها في نفسه وعرضه، وتحفظه في ماله وولده، وهي التي تُحسن معاملة زوجها وأهلها وجيرانها، وتُحسن إدارة بيتها الذي هو مملكتها الخاصة التي جعلها الله سبحانه وتعالى ملكة متوَّجة عليه. فالزوج قد يقضي في منزله ساعات قليلة في اليوم لكن المرأة تقضي معظم وقتها في بيتها، فإن كانت صالحة صلَح البيت كله وإن كانت فاسدة فسَد البيت كله. ولم لا وهي بمثابة القلب للإنسان، فإن صلَح القلب صلَح الجسد كله وإن فسَد القلب فسَد الجسد كله وضاع صاحبه. وللزواج بالمرأة الصالحة نتائج حميدة،أذكر بعض ثمراتها المباركة.
المرأة الصالحة نعمة من نعم الله تعالى :
- قال رسول الله :﴿أربع من أصابهن فقد أعطي خير الدنيا الآخرة:لسان ذاكر،وقلب شاكر،وبدن على البلاء صابر،وزوجة لاتبغيه خونا في نفسها وماله ﴾(3).وقال رسول الله :﴿ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة،إن أمرها أطاعته،وإن نظر إليها سرته،وإن أقسم إليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله. ﴾(4). وقال رسول الله :﴿ ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته. ﴾(5)
- المرأة الصالحة كنز: 
عن ثوبان رضي الله عنه قال :لما نزلت: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم﴾ (6) قال:كنا مع رسول الله في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه أنزلت في الذهب والفضة، فلو علمنا أي المال خير فنتخذه ؟فقال:لسان ذاكر،وقلب شاكر،وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه ﴾ (7) .وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال لعمر رضي الله عنه: ﴿ ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته ، وإذا أمرها أطاعته ، وإذا غاب عنها حفظته . ﴾(8) .
- المرأة الصالحة متاع الدنيا وخير الآخرة : 
قال رسول الله :﴿ الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة . ﴾(9) .وقال عليه الصلاة والسلام:﴿من سعادة ابن آدم ثلاثة ،ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم:المرأة الصالحة،والمسكن الصالح،والمركب الصالح؛ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء،والمسكن السوء،والمركب السوء. ﴾(10).قال الله تعالى:﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾(11) قال الزمخشري في الكشاف:قال علي بن أبي طالب:الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة،وفي الآخرة الحوراء،وعذاب النار امرأة السوء. قال الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية: قيل إن حسنة الدنيا هي الزوجة الصالحة،وحسنة الآخرة هي الحور العين. 
- المرأة الصالحة عون على نصف الدين :
قال رسول الله :﴿ من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه‘فليتق الله في الشطر الباقي﴾(12). 
- المرأة الصالحة عون لزوجها على الكسب الحلال: فهي توصي زوجها عند الخروج من المنزل:يا فلان اتق الله فينا ولا تطعمنا من كسب حرام فإنا نصبر على حر الجوع ولا نصبر على حر النار.وإذا رأت من زوجها تقصيرا في أداء عمله الذي يكسب منه عيشهم دفعته لإصلاح ذلك التقصير حتى يحلل لقمة عيشهم.
- المرأة الصالحة تكون عونا للرجل على بر والديه :فهي تضع نصب عينيها دائما وأبدا أن أمه أولى بالبر منها امتثالا لحديث رسول الله لما سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: من أحق الناس بصحابة المرأة؟فقال : ﴿زوجها﴾،فقالت من أحق الناس بحسن صحابة الرجل؟فقال : ﴿أمه﴾. إن الزوجة الصالحة نعمة من نعم الله تعالى، وهي كنز ومتاع الدنيا وخير الآخرة، وعون على نصف الدين كما بين ذلك سيدنا رسول الله لكن ماهي صفات المرأة الصالحة؟
صفات الزوجة الصالحة:
إن صفات الزوجة الصالحة كثيرة ولكن أبرزها:الدين، وحسن الخلق، وحسن الخلقة،وخفة المهر ومراعاة الكفاءة....وغيرها.
1 – الدين:
إن المرأة ذات الدين تكون عونا لزوجها في كل شؤونه، وتربي أولادها على الفضيلة وحسن الأخلاق.وقد وضح لنا نبينا عليه الصلاة والسلام على أي أساس تختار المرأة فأوضح أنها تختار إما لمالها وجمالها وحسبها ودينها وفي النهاية أوضح وركز على أن من ينكح ذات الدين فقد تربت يداه وفاز، قال عليه الصلاة والسلام:﴿ تنكح المرأة لأربع:لمالها،ولحسبها،ولجمالها،ولدينها،فاظفر بذات الدين تربت يداك.﴾ (13) ،فذات ا لدين تطيع زوجها إذا أمرها ،وتحفظه في غيبته،وماله،ونفسها،ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره.وهذا هو المعنى الحقيقي للجمال الذي أشار إليه الشاعر العربي في قوله:
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب
وإذ تحقق مطلب الدين في المرأة فلا مانع أن يجتمع معه المال أو غيره من الجمال والحسب، أما مراعاة المال وحده دون الدين فهذا ما نهى عنه الإسلام، وحذرت منه الأحاديث السابقة، وكذلك الحال بالنسبة للحسب أو الجمال . إن خير ما تنكح عليه المرأة، في هدي النبي عليه الصلاة والسلام، دينها وصلاحها وتقواها وإنابتها إلى الله تبارك وتعالى وإن حسن الاختيار من أولى الدعائم التي ترتكز عليها الحياة الهنيئة فهي التي تؤمن على نفسها ومال زوجها، وتربية أولادها تربية صالحة في صبر وحلم ورحمة.
2 -حسن الخلق :
وهو التحلي بكريم الصفات وطيب الأقوال والأفعال؛ وهو الرفعة عن ردئ الأفعال وبذاءة اللسان وكفران النعم وفحش القول وسوء العمل ؛لأن أعظم ما في الإنسان أخلاقه ،والناس يقدرون بأعمالهم لا بأجسامهم وأحسابهم .
فإذا أوتيت المرأة حظا من الأخلاق فقد أوتيت قدرا كبيرا من الجمال الحقيقي الذي يرفع قدرها ويسعد زوجها ويؤهلها لتربية أبنائها تربية إسلامية أساسها البادئ التي أنزلها الله تعالى والأخلاق التي شرعها رسول الله . ورحم الله الشاعر العربي، حافظ إبراهيم حيث قال :
من لي بتربية النساء فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق 
ربوا البنات على الفضيلة إنها في الموقفين لهن خير وثاق 
وعليكم أن تستبين بناتكم نور الهدى وعلى الحياء الباقي
3 – حسن الخلقة :
وإذ تحقق مطلب الدين في المرأة فلا مانع أن يجتمع معه الجمال فإذا اجتمع حسن الخلقة وحسن الخلق كان أحسن . يقول رسول الله : ﴿خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا أقسمت عليها أبرتك وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك. ﴾(14). فبحسن الخلقة تتم العفة والتحصن، والجمال عند المرأة أمر نسبي، وعلى من يتقدم لامرأة أن ينظر إلى وجهها حيث يُعرف به الجمال من القبح، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي المغيرة بن شعبة بالنظر إلى من خطبها وقال: (( اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) صحيح، أي تدوم الحياة بينهما. 
4- خفة المهر:
إن المرأة الخفيفة المهر تكون أكثر بركة قال رسول الله في معرض التوجيه للأمة للأخذ بأسباب البركة والتوفيق في النكاح : ﴿إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة ﴾؛ وقال عليه الصلاة والسلام : ﴿ أقلهن مهراً أكثرهن بركة ﴾؛وروى أهل السنن عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله لكان أولاكم به رسول الله ).وهذا سعيد بن المسيب قد زوج ابنته من تلميذه بدرهمين، وحملها إليه ليلاً فأدخلها من الباب ثم أنصرف. ومن المعروف أنه من بركة المرأة سرعة تزويجها وسرعة رحمها ((أي ولادتها)). ويسر مهرها، وقال عليه الصلاة والسلام: ﴿ يمن المرأة خفة مهرها ويسر نكاحها وحسن خلقها. وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها﴾ وهذا لا يتنافى مع قوله تعالى:﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ﴾( 16).
5– الكفاءة :
أن تراعى الكفاءة بين الزوجين من حيث السن، والمركز الاجتماعي، والمستوى الثقافي والاقتصادي...فإن التقارب في هذه النواحي يعين على دوام العشرة وبقاء الألفة قال رسول الله : ﴿تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء﴾(17)
وخلاصة القول:
إن الزوجة الصالحة ضرورة حتمية لكل باحث عن السعادة، وكل راغب في حياة شريفة، وكل تقي يأمل في آخرة كريمة، إنها ضرورة شرعاً وعقلاً.. وشرفاً وعرفاً، وإنها ضرورة للدين والدنيا، وللفرد والجماعة، وللأسرة والأمة، وعلى كل صاحب لب وكل تقي وكل عاقل أن لا يرضى عن الزوجة الصالحة بديلاً وليبحث عنها بحثاً حثيثاً وليسع إليها سعياً جاداً، فإن وجدها عضَّ عليها بالنواجذ، وقبض عليها بكلتا يديه فإنها كنز لا يفنى، من وجدها وجد السعادة، ومن فقدها فقد الكثير.والزوجة الصالحة أساس الأسرة الصالحة،والأسرة الصالحة أساس المجتمع الصالح ؛وقد صدق الشاعر العربي حيث قال : 
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فإذا كانت الزوجة صالحة صلَح البيت كله وإن كانت فاسدة فسَد البيت كله. ولم لا وهي بمثابة القلب للإنسان، فإن صلَح القلب صلَح الجسد كله وإن فسَد القلب فسَد الجسد كله وضاع صاحبه.إن الزوجة الصالحة تجعل من البيت جنة ينعم فيها الصغير ويسعد بها الزوج.وتعد للحياة أبناء صالحين.بل تكون أساسا لمجتمع كريم سليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق