السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2014-08-13

نواميس النَّجاح وسُننُه |~


نواميس النَّجاح وسُننُه |~
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّـةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}[فاطر: 43]
ثمَّةَ نوعان من النَّواميس والقَوانين التي تحكمُ تصرُّفاتنا كبشرٍ في هذا الكون:
النَّوع الأوَّل: القوانين والدَّساتير المُنظِّمة للحياة الاجتماعيَّة والأخلاقيَّة والزَّوجيَّة والفِكريَّة والسِّياسيَّة، وهذه أُصولُ أحكامِها موجودةٌ في القرآن الكريم، والسُّنَّة النَّبويَّة، وبها مساحةٌ واسعةٌ للاستنباط والاجتهاد والتَّغيير وَفقَ المُستَجدَّات.
النَّوع الثاني: سُننٌ إلهيَّةٌ، ونواميسُ كونيَّةٌ لا تتخلَّفُ ولا تتبدَّل. وإذا كان البشرُ لديهم من الحِيل والذَّكاء ما يُمكِّنُهم من التَّخلُّص أو الفرار من القوانين البشريَّة، فإِنَّ ذلك غيرُ ممكن بالنِّسبة للسُّنن الإلهيَّة، فهي حتميَّةٌ لا يستطيعُ البشرُ الفرار من قبضتها، أو التَّخلُّص من قيودها.
عند دراسة سِيَر وتراجم النَّاجحين والعُظماء، يتبيَّنُ أَنَّهم كلَّهم أَحسنوا التَّعامل مع السُّنن الإلهيَّة التي لا تتبدَّلُ، وأنجزوا في سنواتٍ معدودات ما يُنجِزُه النَّاسُ العاديون في أَعمارِهم كلِّها. ويُظهرُ الواقِعُ أيضًا أَنَّ النَّجاح كان حليفَهم لأَنَّهم أحسنوا التَّوفيقَ بين حياتهم الخاصَّة، وبين هذه السُّنن والنَّواميس.
هذه السُّننُ والقوانينُ التي تحكمُ الكونَ تنقسِمُ إلى قوانين فيزيائيَّة مثل الجاذبيَّة والتَّجمُّد والتمدُّد وغيرها، وقوانين ذهنيَّة مثل التَّفكير الإيجابي، وقانون الجذب وغيرها. وكلُّها الفيزيائيّة والذِّهنيَّة تعملُ بنسبة 100 % في كل زمانٍ ومكان.
فالجاذبيَّةُ تعملُ في كل زمانٍ، وفي كل مكان، وأينما توجَّهت، وحيثُما حللت أو نزلت فأنت في قبضة قانون الجاذبيَّة مثلاً، وغيرها من النَّواميس المنظِّمة لسير الحياة في الكون الذي خلقه الله تعالى.
وهذه القَوانينُ تعملُ بشكلٍ منتظمٍ، علمتَ بها أم لم تعلم. سواءٌ عمِلتْ في صالحك أم ضدّك. هي حياديَةٌ ولا تفتُرُ عن العمل في جميع الأوقات، وكذلك القوانينُ الذِّهنيَّةُ شأنُها هذه السَّبيلُ، فهي لا تتخلَّفُ أبدًا. وعلى الرَّغم من أَنَّها تختلِفُ عن القوانين الفيزيائيَّة في كونِها غيرَ مرئِيَةٍ إلاَّ أَنَّها لا تتخلَّفُ أبدا.
وعندما ترى إنسانًا ناجحًا في الحياة فاعلمْ أَنَّه يعملُ بالتَّوافقِ معها؛ فهو مُنسَجِمٌ في تصرُّفاته، وتفكيره، ومشاعره، وإجراءاته التي يتَّبِعُها مع النَّواميس الذِّهنيَّة التي تقودُ إلى النَّجاح.
قال تبارك اسمه: {سُنَّةَ اللهِ التي قَدْ خَلَتْ مِنْ قبلُ ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تبديلاً} [الفتح: 23]
وهذا يقودُنا إلى مسلَّمةٍ مُفادُها أَنَّك إذا كنتَ تُواجِهُ مشاكلَ من نوعٍ ما، فأنتَ تسيرُ ضدَّ تيَّار هذه النَّواميس، أو أنتَ بالأحرى مُخالِفٌ لواحد أو اثنين أو أكثر منها؛ مِن هنا تأتي أهمِّيَّةُ التَّعرُّفِ عليها، فكلُّ شخصٍ يبتغي النَّجاحَ مُطالَبٌ بمُراعاتها والتَّوافقِ معها في كلِّ حركاته وسكناته.
وهذه النَّواميس والقوانينُ الذِّهنيَّة هي التي ارتأيتُ تسميتَها في هذه المُقاربة مفاتيح النَّجاح، وسُنن السَّعادة، وهي مُستقاةٌ ومُلخَّصةٌ من عدد من الكتب الرّائعة المنشورة في حقل التَّنمية البشرية وتطوير الذّات، وهذه الكتب بدورها نِتاجُ بحوثٍ ومُقاربات جادت بها عبقريّاتُ كُتّابٍ ومُدرِّبين خاضوا لُججًا من البحث والتَّنقيب في سير وتراجم عددٍ كبيرٍ من النَّاجحين في العالم، ووقفوا مُتأمِّلين في الأحداث والمحطّات التي مرُّوا بها، وتعلَّموا منها.
وأثناءَ عرضي لبعض تجارب النَّاجحين من الغرب، ووقوفي عند المفاتيح والنَّواميس التي أخذوا بها، حاولتُ بما تيسَّرَ لديَّ مِن التَّقدير، وتقدَّر من التَّيسير أن أُؤَصِّلَ لهذه الأَفكار وهذه المفاتيح في فِكرنا وتُراثنا العربيّ الإسلاميّ الأصيل، حتّى أُجنِّبَ نفسي مُنزلقين خطيرين هما:
أوَّلُهما: سِهامُ وانتِقاداتُ الذين يُهاجمون كلَّ ما لدى الغرب مِن حُلوٍ ومُرّ، وحسنٍ وقبيح وصحيحٍ وخطأ.
وثانيهما: حتّى لا تَزِلَّ بي النَّعلُ في هضم تراثنا الإسلامي حقَّه من الفضل، وبخسه نصيبه من الدِّراسة والتَّأمُّل؛ فَهو تراثٌ غنيٌّ وثرٌّ بأصوله التي لا تنضبُ، ومصادره التي لا ينفَدُ عطاؤها وإغداقُها على المُتأمِّل فيها، وبمناهج البحث وأسباب العلوم والمعارف التي أخذ بها أسلافُنا الأعلام في كلّ ميدانٍ وفنٍّ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق