السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-05-18

العيش مع الحدث مدعاة للكتابة والتوجيه:


العيش مع الحدث مدعاة للكتابة والتوجيه:
إن الكتابة الصادقة في أي فن من الفنون، هي نتيجة لمعاناة صاحبها ، ولذلك تأتي الكلمة مؤثرة وبانية ويتكون على إثرها جيل، ولهذا لا يحسن الكتابة عن الصبر إلا من عاش معاناته، وإلا فيه كلمات وعبارات توضع  بعضها مع بعض ليبعث بها إلى آلات الطباعة، لتأتي بعد ذلك باردة لا روح فيها، فالكلمة قد تولد على الورقة البيضاء ميتة لا حراك فيها، وقد تخرج من بين الصفحة البيضاء وريشة الكتابة لتنطلق عبر مجاميع الناس، وعلى ألسنة الناس، فتغير سلوكا، وتوصل للمجاميع منهجا، وقد تكون في أولها ثقيلة على صاحبها وعلى سامعها ولكنها بعد ذلك درس يتم البحث والتشاور والتدارس فيه  ، ولننظر معا إلى أحمد بن يوسف بن يعقوب الطيبي، شمس الدين كاتب الإنشاء بطرابلس، المولود في 649هـ ، قال جمال الدين بن رزق الله: أنهم كانوا مع الطيبي هذا، وجماعة في نزهة فتذاكروا وقعة "شقجب" فقالوا له : لو نظمت في نصر المسلمين شيئا؟ فتناول الدواة وكتب قصيدة نحو تسعين بيتا ، أولها :
برق الصوارم للأبصار يختطف.................
        ثم قاموا إلى النوم، فلما استيقظوا ذكروها له فأنكرها وأخذ يحلف أنه لا يستحضر أنه نظم شيئا، فأروه إياها فتعجب، نعم إنها قريحة شاعر،جال في ذكره وسرح في خياله بمعركة انتصر فيها المسلمون، وأعزهم الله، فامتلأت نفسه بنشوة الانتساب لهذا الدين العظيم وانتصاراته المشرقة، ففجر هذا المخزون ،فانطلق اللسان يقذف من داخل النفس صدقا واعتزازا, هكذا بالأمس وكذلك اليوم نجد صاحب الدعوة مستلقيا على فراشه ، أو في عمله الذي يتكسب منه، وإذا بالأفكار الدعوية والمشاريع الإسلامية والكتابات الهادفة تتداعى عليه، فإن أمسك بالقلم وقيد ذلك، فقد اصطاد ما ينتفع منه،  وإلا فعند خروج نفسه من معاناتها فسيبحث عما جال في نفسه فلا يجد منه إلا القليل !! وهذا العيش مع الدعوة والعلم ، يجعل هناك ألفة ومحبة بين الطرفين ، وكأنهما جزء واحد ، فهذا شافع بن علي بن عباس الكناني العسقلاني(649 – 730هـ) أصابه سهم في وقعة حمص في صدغه سنة 680هـ فكان سبب عماه فألزمه بيته، كان يحب جمع الكتب حتى إنه لما مات ترك نحو العشرين خزانة، ملآى بالكتب النفيسة، وكان من حبه للكتب إذا لمس الكتاب يقول : هذا الكتاب الفلاني ، ملكته في الوقت الفلاني وإذا طلب منه أي مجلد قام إلى الخزانة فتناوله وكأنه وضعه فيها قبل لحظة، وكان ذلك بعد فقدانه لبصره، فحبه ذلك جعل هناك هاديا بينه وبين الكتب، عشقها فأحبته فنادته  إلى مكانها، وهكذا العالم مع علمه وطلبته والكاتب مع قلمه كحال أخي أحمد وقلمه السيال بحبره، والداعية مع حركته وأجياله ، إنها ألفة لا تنقطع ما دام هناك صدق ووفاء، وطلب للعلم والاستمرارية فيه، والبحث عن الجديد النافع دائما، صفة العلماء والكبراء.
بقلم: أ عبد النور خبابة

هناك 4 تعليقات:

  1. أحمد بلقمري
    اخي عبد النور ما أروع ما كتبت، هذا موضوع جيد، أقول لك بان الكتابة في الهنا و الآن رأسمال الكاتب الجاد و الواعي، الكاتب الرسالي صاحب الرسالة الخالدة، أشكرك على هذا الموضوع..تقبل تحياتي

    ردحذف
  2. عبد النور خبابة
    أخي أحمد شكرا جزيلا لك على تعليقك الرائع،ثق تماما أنه يدفعني دفعا للكتابة أكثر وللعناية بمدونتي المتواضعة أكثر من ذي قبل شكرا لك أخي الغالي تحياتي واحترامي وتقديري.

    ردحذف
  3. قال رسولنا الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة و السلام
















    (اطلبوا العلم ولو فى الصين).
    العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة و نتمنى من كل شباب المسلمين الاهتمام به و العودة اليه بدلا من اللهو و البحث عن المحرمات التى اضاعوا اوقاتهم فيها.
    جميل ان نجد من يذكرنا بالسلف الصالح. جزاكم الله خير الجزاء و اكثر من امثالكم.

    ردحذف
  4. جزاك الله خيرا اختي الفاضلة واشكرك جزيل الشكر على تعليقك الماتع الرائعن ارجو ان تبقي وفية لمدونتي المتواضعة؛ تغذينها بتعليقاتك الزكية الندية، شكرا لك مرة أخرى تقبلي مني أسمى عبارات التقدير والاحترام.

    ردحذف