السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-05-18

العلاقة مع الأنظمة

العلاقة مع الأنظمة
بنت الحركاتُ الإسلاميّة علاقتَهَا مع الأنظِمة – في الأغلب الأعمّ- على العداء والصّراع؛ لأنّها رأت أنّ هذه الأنظمة إمّا كافرة أو موالية للكفّار، وفي كلتا الحالتين فالعلاقة يه علاقة صراع وبادلتها الأنظمة صراعا بصراع وعداءً بعداء، ممّا كلّف الحركةَ الإسلاميّة سنواتٍ طويلة من العناء والبلاء، والسّجون والمعتقلات، حتى صار الأمر كأنّه قدر لازم للحركات الإسلاميّة، والأمر ليس كذلك في حقيقته.
        وقد اعتبرت الحركة الإسلامية كلها في بلاد الإسلام نظاما واحدا لا يختلف في شيء من بلد لآخر ولا مكان لآخر مما ترتب عليه كسب عداء جميع الأنظمة بغير استثناء ، والأمر ليس كذلك في الحقيقة، إذ لكل دولة ظروفها وبيئتها ونظمها الاجتماعية وأعرافها السائدة فيها، وأخذها أو تركها من الشريعة الإسلامية ، وبالتالي تختلف نظرة النظام في بلد ما لمواطنيه عن نظرة نظام آخر في بلد آخر لمواطنيه، فما بالنا ننظر للجميع نظرة واحدة يغلفها الصراع والعداء؟
ولماذا غلبت علينا النصوص التي تدعو إلى مقاطعة السلطان وعدم مجالسته وتقديم النصح له، وسرنا في هذا المجال خطوات فسيحات، وتناسينا النصوص الأخرى التي تأمر بتوجيه النصح للسلطان، ومعاونته على الخير والتحمل والصبر على ما يبدر منه من مواقف أحيانا لا تكون متوافقة مع مبدئنا وغايتنا، وتناسينا كذلك قول الغمام احمد:"لو كانت لي دعوة مستجابة لادخرتها للسلطان".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فكان من نتيجة العد أن امتد الأذى وتشعب، وانتشر وتوزع في آفاق الحركة الإسلامية التي تبنّت مذهب السّيف، فأخذت برأي المعتزلة في ذلك، وتركت مذهب أهل السنّة والجماعة الدّاعي إلى الصّبر، وعدم مقابلة العنف بمثله حتى لا يشتد العنف ويقوى ويحصد رؤوسا من رؤوس الدعاة، ويعطل مسيرة الدعوة في كثير من الحالات. وعلى هذا لابد من التفكير في المسلمات الاجتهادية السابقة، وتغيير العلاقة مع الأنظمة بحسب قربها أو بعدها عن الحق، لينشا بعد ذلك فقه تقديم النصح والعون في الخير، ومحاولة الوصول إلى التفاهم مع هذه الأنظمة بقدر ما يسمح الدين بذلك، بعيدا عن النظرة الحزبية الضيقة التي لا مصلحة فيها للحركة الإسلامية، ولا للأنظمة القائمة.
        ولنتخلى عن نظرة العداء والصراع ليقوم نوع من التعاون يتم فيه التصالح بين الجميع لمصلحة الجميع، وأرجو أن لا يوصف هذا الطرح بالوصفات الجاهزة عند صيادلة الدعاة- بأن هذا تدجين وممالأة للحكام، وغير ذلك، بل الأمر قائم على مصلحة المجتمع المسلم والحفاظ على الدم المسلم ، وما هذه الأحداث بليبيا وسوريا واليمن وغيرها في بقاع الأرض عنا ببعيد. 
بقلم : أ عبد النور خبابة  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق