السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2017-08-11

مهارات الإصغاء وآدابه


يجهل معظم الناس اليوم أهمية الإصغاء , وخاصة فى ظل التطورات الاقتصادية والسلوكية وما يلزم تلك التطورات من سرعة واستغلال للوقت , فضلاً عن سرعة دوران عجلة الزمان "غياب البركة فى الوقت" , ورغم ذلك فإن الإصغاء له تأثير عظيم فى مجال العلاقات الاجتماعية والعملية والدبلوماسية , ومن هنا فالإنصات الجيد جزء لا يتجزأ من الحديث الفعال , فهو وسيلة لكسب ثقة الناس وتأييدهم , الأمر الذى دعى خبراء التنمية البشرية إلى الاعتقاد بأن الإصغاء فن وأنه أساس كل حديث جيد .
والأن نعرض لأهم آداب الأصغاء من خلال منهجنا الإسلامى :-
* الانصات باهتمام وتركيز:-
أول آداب الاستماع هو الانصات ومتابعة المتحدث وعدم مقاطعته , فهذا من قبيل الاحترام والتقدير وهو وسيلة فعالة فى كسب القلوب وترك انطباعاً جيداً واثراً حسناً , فإن المتحدث يشعر بالإيناس والطمأنينة إذا بدا على مستمعه الإنصات والرغبة فى الاستماع , فكم من شخصية ترجع جاذبيتها الى قدرتها على الإنصات بتركيز وإقبال , وظهورها بمظهر المهتم بما يقال , وفى المقابل كم من شخصية لا يحب الناس مجالستها ويغتمون لحضورها ليس إلا أن صاحبها لا ينصت لهم فيشعرون بأنه لا يقدر حديثهم ولا يعبأ بكلامهم , والإنسان بطبعه يهتم بنفسه وبرغباته أكثر من أي شيء أخر , وكما قيل إذا أردت أن تكون مهماً فكن مهتماً . 
ولنا فى رسولنا صلى الله عليه وسلم أسوة , فما قاطع متحدثاً قط حتى مع المخالفين له فى الرأي والاعتقاد , كان يسمع وبعد أن ينتهوا , يرد عليه بما يناسبهم .
وكان العلماء يقولون: أول أبواب العلم الاستماع . ومن الحقائق المتعارف عليها فى علم النفس , أن الإنسان يفكر بأضعاف السرعة التى نتحدث بها , لذلك فإن العقول تكون فى حالة سباق مع الصمت , ومن ثم فالمستمع أقوى من المتحدث , وقد وجه القرآن الى المسلمين الأمر بالإنصات أمام القرآن , للتفكر والتدبر ونيل الرحمة والهداية, قال تعالى " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" {الأعراف :204}.
ومن الجدير بالذكر أن الإنصات ليس بالشيء الهين , فالإنسان مجبول على الكلام ومدفوع إلى الرغبة فى الصدارة والتميز , فتجد الكثيرين لا يصبرون أمام هذا الدافع فيحاولون التحدث بدلاً من الاستماع , والعاقل هو الذى يتذكر اثار الإنصات فيكبت جماح نفسه , ومن هنا كانت التأكيد على أهمية الصبر . 
* تجنب الاستماع إلى الغيبة , الكلام القبيح :-
كما حرم الشرع أن يغتاب المسلم أخاه , حرم كذلك أن يستمع إلى غيبه أخيه دون أن ينكر على قائلها , قال تعالى : " وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ " { المؤمنون : 3 } , وقال تعالى : " إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " { الاسراء : 36 } , وعن أبى الدرداء – رضى الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من رد عن عرض أخيه , رد الله عن وجهه النار يوم القيامه " 
فمن تمام المرؤة وحسن الخلق , أن يذب المرء عن عرض أخيه وأن يدفع عنه ما يسؤه فى غيبوبته , لأن عدم الذب فيه إقرار , والمقر بالشيء كمن فعله أو شارك فيه .
وسمعك صن عـن سماع القبيح --- كصون اللسان عن النطق به
فـإنـك عنـد سماع القبيح --- شـريك لقائله فـانــتِ
* البشاشة والوجه الطلق :- 
من آداب الاستماع تحلى المستمع بالبشاشة والوجه الطلق , وتجنب العبوس والكأبة , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحقرن من المعروف شيئاً , ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق "  , وقال صلى الله عليه وسلم : " تبسمك فى وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة الحديث  
الابتسامة تبث الطمأنينة والارتياح, تعمل على توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية , ولها تأثير فعال فى امتصاص الغضب وكسر الحدة والعنف , لذلك قال الصينيون إذا لم تستطع أن تبتسم فلا تفتح دكاناً . 
* حفظ السر : - 
السر عهد يعهد به المتحدث إلى المخاطب , والله أمر بالوفاء بالعهود , قال تعالى : " وأوفوا العهد إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا " { الاسراء : 34 } , وقال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " { النور : 19 } . 
إفشاء الإسرار من أخطر الوسائل التى تثير الفتن وتفضى الى البغض لأنه ما سمى سراً إلا لخطروة انتشاره وذيعه , والأنسان بطبعه يميل إلى الفضفضة بالهموم والملمات لعله يجد من يريح عنه ويطمئنه , لذلك جعل الإسلام السر أمانة . ومن هنا تجد الأمين على الأسرار يقبل عليه الناس ويفتحون له قلوبهم ثقة فيه .
قال أنس بن مالك أسر إلى النبى صلى الله عليه وسلم سراً فما أخبرت به أحداً بعده ولقد سألتنى أم سليم فما أخبرتها به  .
 وعن جابر بن عبدالله – رضى الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهى أمانه "  .
وقيل : كتمان الاسرار يدل على جواهر الرجال , وكما أنه لا خير فى آنيه لانمسك ما فيها , فكذلك لا خير فى إنسان لا يمسك سره .
قال الحسين بن عبد الله:
لا يكتم السر إلا كل ذى خطر --- والسر عند كرام الناس مكتوم
والسر عندى فى بيت له غلـق --- قد ضاع مفتاحه والباب مردوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق