السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2015-06-04

آيات تصف أحوال أكثر الناس بوصف قبيح

 
في القرآن الكريم آيات تصف أحوال أكثر الناس بوصف قبيح؛ كقوله سبحانه: {فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين} (الروم:43)، وقوله عز وجل: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (الأعراف:187)، وقوله تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} (البقرة:243)، وقوله عز من قائل: {فأبى أكثر الناس إلا كفورا} (الفرقان:50)، وقوله سبحانه: {قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون} (العنكبوت:63)، وقد تتكرر هذه الأوصاف قليلاً أو كثيراً بحسب مقتضيات الموضوع. وبالمقابل، فقد وردت بعض الآيات تمتدح القلة من الناس، من ذلك قوله تعالى في سياق الحديث عن تسخير الريح والجن للنبي سليمان عليه السلام: {وقليل من عبادي الشكور} (سبأ:13). وقد سمع عمر رضي الله تعالى عنه رجلاً يقول: اللهم اجعلني من القليل! فقال عمر: ما هذا الدعاء؟ فقال الرجل: أردت قوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور}. فقال عمر رضي الله عنه: كل الناس أعلم منك يا عمر! والقرآن الكريم من خلال وصفه لأكثر الناس بتلك الأوصاف إنما يقرر قاعدة عامة، وسنة كونية، حاصلها أن الخير والصلاح والهداية في البشر عامة قليل، وأن الأكثرية على عكس ذلك، فكثير منهم لا يؤمنون، وكثير منهم لا يعلمون، وكثير منهم لا يشكرون، إلى غير ذلك من الأوصاف التي تناولها القرآن الكريم. والمراد بمصطلح (الأكثرية) الأغلبية المطلقة، أو معظم الشيء. وقد يراد من (الأكثر) الجميع؛ لأن أكثر الشيء يقوم مقام الكل، فيكون ذكر الأكثر كذكر الجميع. وفيما يلي نحاول أن نتتبع أوصاف (الأكثرية) في القرآن، ونستخلص من كل وصف ما يدل عليه: أولاً: وصف الأكثرية بأنهم مشركون ليس يخفى أن الشرك بالله من أعظم الذنوب، بل هو الذنب الأعظم، وقد أخبر سبحانه أنه يغفر ذنوب عباده كلها إلا الشرك به، فإنه لا يغفره إذا مات العباد عليه. ووصف (الأكثرية) بالشرك ورد في آيتين كريمتين: 
 الأولى: قوله عز وجل: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (يوسف:106)، قال ابن كثير: "يخبر تعالى عن غفلة أكثر الناس عن التفكر في آيات الله ودلائل توحيده، بما خلقه الله في السموات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت، وسيارات وأفلاك دائرات، والجميع مسخرات، وكم في الأرض من قطع متجاورات وحدائق وجنات وجبال راسيات، وبحار زاخرات، وأمواج متلاطمات، وقفار شاسعات، وكم من أحياء وأموات، وحيوان ونبات، وثمرات متشابهات ومختلفات، في الطعوم والروائح والألوان والصفات، فسبحان الواحد الأحد، خالق أنواع المخلوقات، المتفرد بالدوام والبقاء والصمدية ذي الأسماء والصفات". الثانية: قوله تعالى: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين} (الروم:42) فالآية صريحة في أن أكثر الذين خلوا من قبل كانوا مشركين بخالقهم ورازقهم ومدبر أمرهم.
 ثانياً: وصف الأكثرية بأنهم لا يؤمنون الإيمان الصادق هو الضابط والمحرك والموجه للمسلم نحو العمل الصالح، وثمة علاقة طردية بين الإيمان وبين العمل الصالح، فكلما قوي الأول قوي الثاني، والعكس صحيح أيضاً. وقد وردت ثلاث عشرة آية تنص على أن {أكثر الناس لا يؤمنون} والآيات هي: - قوله تعالى: {ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} (هود:17). - قوله جل وعلا: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} (يوسف:103). - قوله سبحانه: {المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} (الرعد:1). - قوله تعالى: {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} (الشعراء:8) تكررت هذه الآية ثماني مرات في هذه السورة. - قوله جل وعلا: {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون} (يس:7). - قوله عز وجل: {إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} (غافر:59). يقول الشيخ السعدي: {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} بهذا القرآن، إما جهلاً وإعراضاً عنه وعدم اهتمام به، وإما عناداً وظلماً؛ فلذلك أكثر الناس غير منتفعين به، لعدم السبب الموجب للانتفاع". وأيضاً، فلأن أكثر الناس قد استحوذ عليهم الشيطان، فمسخ نفوسهم وقلوبهم، فصاروا مع حرص أهل الحق على إيمانهم، وحرصهم على دعوتهم إلى الحق، لا يؤمنون بالحق المبين، ولا يستجيبون للصراط المستقيم؛ لاستيلاء المطامع والشهوات على نفوسهم، وسيطرة الأحقاد على قلوبهم. ومن الآيات ذات الصلة بالآيات المخبرة بعدم إيمان الأكثرية، قوله عز من قائل: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} (الأنعام:116)، قال الشنقيطي: "ذكر في هذه الآية الكريمة أن إطاعة أكثر أهل الأرض ضلال، وبين في مواضع أُخر أن أكثر أهل الأرض غير مؤمنين، وأن ذلك واقع في الأمم الماضية، كقوله: {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون}.
 ثالثاً: وصف الأكثرية بأنهم لا يعلمون حث الشرع الحنيف عموماً، والقرآن على وجه الخصوص على العلم، ومدح أهل العلم، وجعلهم في مرتبة متقدمة عن أهل الجهل، ومع ذلك فقد أخبر سبحانه في مواطن كثيرة من كتابه بأن {أكثر الناس لا يعلمون}. والمتأمل في الآيات الكريمة التي اختتمت بأن الأكثرية {لا يعلمون}، يجدها في جملتها سبعاً وعشرين آية؛ منها إحدى عشرة آية خُتمت بقوله سبحانه: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (الأعراف:187)، (يوسف: الآيات 21، 40، 68) (النحل، الآية 38) (الروم، الآيتان 6، 30) (سبأ، الآيتان 28، 36) (غافر، الآية 57)، (الجاثية، الآية 26). وثمة تسع آيات خُتمت بقوله سبحانه: {ولكن أكثرهم لا يعلمون} (الأنعام:37)، (الأعراف، الآية 131) (الأنفال، الآية 34) (يونس، الآية 55) (القصص، الآيتان 13، 57) (الزمر، الآية 49) (الدخان، الآية 39) (الطور 47). وست آيات تضمنت قوله سبحانه: {بل أكثرهم لا يعلمون} (النحل:75) (النحل، الآية 101) (الأنبياء، الآية 24) (النمل، الآية 61) (لقمان، الآية 25) (الزمر، الآية 29). ووردت آية واحدة خُتمت بقوله سبحانه: {ولكن أكثرهم يجهلون} (الأنعام:111). ووصف الأكثرية بعدم العلم احتراس؛ لإنصاف ومدح القلة من الناس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق