السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2011-04-21

من أجل غد أفضل



.. أسرة تعيش في جو من المحبة .. جو من المودة .. جو من التفاهم .. جو من التنازل عن بعض الحقوق للطرف الآخر في غير معصية .. طاعة .. عبادة .. روحاينة .. إيمان يخيم على سماء هذه الأسرة .. أفبعد كل هذا .. نستغرب إن قال الزوجان أنهما يعيشان السعادة الزوجية الحقيقية ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : مع كل فجر يوم جديد .. يوقظنا الأذان بصوته الندي الذي يصفّي النفوس .. ويوقظ الهمم .. ويطرد الشيطان .. ويحل العقد .. يشع نور الإيمان من قلب الزوجين .. فيتفاعلان مع هذه المعاني الرفيعة وهما يرددان كلمات الأذان .. يتفاعلان معها استعداداً لإحياء يوم جديد بإحياء الإيمان في القلوب .. والسكينة في النفوس .. وقبل هذا كانا قد رددا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) . البخاري ( 8 / 85 ) .

قلت : زوجان يحييان يومهما بتلك المشاعر الجياشة .. ألا تصفو النفوس بعدها وتطمئن الأفئدة والأرواح ؟؟!! بلى .

إن في الدنيا جنة من لم يدخلها .. لا يدخل جنة الآخرة .. فالحياة مع الله سعادة لا تنتهي .. ولذة لا تنقطع .. حياة كلها لله ..

حياة : الإيمان فيها يلامس أوتار القلب .. يبث في الجوارح لذة السعادة .. وتتردد في جنباتها مناجاة الساجدين ودعاء المحبين ..

أسرة تعيش مثل هذه المعاني .. تتقلب في جنة العبادة .. لاشك أن الله يسبغ عليها نعمه الظاهرة والباطنة ..

نعمه الظاهرة : بإشاعة السعادة والراحة النفسية بين الزوجين .. صلاح الأبناء والذرية .. التوفيق في العمل .. القبول في الأرض .. الخ .

ونعمه الباطنة : بالرضى .. القناعة في الرزق .. القبول بقضاء الله وقدرة .. والتسليم لأمر الله .. الخ .

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : وبانعدام الإيمان في القلب .. يختفي النور من الأسرة .. وتختفي السعادة معها .. تزداد الخلافات الزوجية لأتفه الأسباب .. يتشتت الأبناء .. وفي النهاية تنهار البيوت ..

قلت : ومن هنا كان السلف يفسرون سبب المشاكل بين الزوجين .. و سوء خلق الزوجة .. و سوء معاملتها .. على أنها من كثرة الذنوب والمعاصي ومخالفة أمر الله ..

إننا كثيراً ما ننسى الآخرة في خضم أمواج الحياة الهادرة .. نحن لا ننسى شراء الملابس الجديدة كل عيد .. لا ننسى شراء ألوان الأطعمة والشراب استقبالاً لشهر كريم .. لا نفوت فرصة التخفيضات ( التنزيلات ) السنوي ..

نحن نتسابق ونتنافس في أن تظهر بيوتنا في أبهى صورها – وهذا شيء طيب ومطلوب – لكن هل نتسابق بنفس الدرجة في أعمال الآخرة ؟؟!!

أيها الزوجان الكريمان : انظرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطرق باب ابنته فاطمة وزوجها علي رضي الله عنهما ليلاً وهو يقول لهما : ( ألا تصليان ) .. إنها دعوة إلى التنافس في الخير .. وإلى الخلوة مع الله .. حتى تصفوا الأرواح وتحل البركة ..

وفي الحديث ( رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) صحيح الجامع برقم ( 3494 ) .

ولا أظن أن أسرة هذه حالها ، يمكن أن ترقى إليها مشكلات أو تحدث بينها فجوات .. بل الخير كل الخير في بيت تعلوه الطاعة والحض على الخيرات ..

فعندما يعود كل من الزوجين إلى الله .. تعود الحياة إلى طبيعتها .. فالمحبة الحقيقية تنبع من قلب يقظ يغمره الإيمان .. وطاعة الله تضفي على البيوت السرور ..
أحبتي في الله : إنه من المتعارف لدى الجميع .. ولعلها تكون معلومة عند أغلب النساء : ( أن أقصر أو أقرب طريق لقلب الزوج ، هي المعدة !! ) .. ولكن هل حقاً المعدة طريق من الطرق الموصلة إلى قلب الزوج ؟؟!!

إن مما لاشك فيه أن الجوع يُحدث خللاً من نوع خاص في أجهزة الجسم .. فيضطرب الفكر .. وربما يضيق الخلق .. خاصة إذا جاء الرجل إلى بيته بعد يوم شاق ولا يجد الطعام قد أعد .. أو أنه أعد بطريقة غير سليمة كأن يجد فيه رائحة احتراق مثلاً ..

هنا نجد أن النفس الإنسانية وخاصة عند الجوع ، كثيراً ما تشتاق إلى ألوان الطعام والشراب الشهي ، وتسعد بذلك وتحب من صنع لها هذا الطعام .. وكذلك يكون العكس ..

وفي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها عند الزواج : ( التفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن تواتر الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة ) .

والمرأة التي تحترم مواعيد الطعام الخاصة بزوجها .. وفي المقابل تتفنن في إعداد أجود أنواع الأطعمة بحسب ما يتاح لها .. جديرة بأن تكسب ود الزوج واحترامه .. بل ربما يصل الأمر إلى أكثر من ذلك عند بعض الأزواج ، فنجده يشكر ويمتدح جودة طعامها وخبرتها الكبيرة في إعداد الأطعمة ، عند أقاربه وزملائه ..

ولا يعني هذا أن تضيع المرأة الساعات الطوال في إعداد الطعام والتبذير والإسراف .. بل تصنع ما يحب زوجها من غير أن يطغى ذلك على واجباتها الأخرى ..

فإذا ما عاد الزوج من عمله والجوع يلهبه .. وجد الطعام معداً ، والبيت نظيفاً .. والروائح الزكية تعم المكان .. ووجد زوجته وأميرته تنتظرة حتى تشاركه الطعام .. عندها يبارك الله هذه الأجواء الإيمانية .. وتلك الأسرة الكريمة ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : إن علاقة المرأة مع زوجها ليست متعلقة فقط بالاهتمام بطعامه وإهمال حقوقه الأخرى ، بل على العكس فإن علاقة المرأة مع زوجها فن .. وذوق .. وتجديد .. وابتكار .. يقابلها من الطرف الآخر ، تلك الكلمات الجميلة التي يعجز اللسان عن وصفها والتعبير عنها .. فالدنيا متاع .. وجنة تحوي بين حناياها زوجة صالحة .. فيتفيء الرجل ظلالها .. ويتنفس من عبيرها ..

هل تعلمين أيتها الزوجة الصالحة أن جمال الحياة يكون في يدك أنتِ ؟؟!! ولكن كيف ذاك ؟!!
قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : أختي الزوجة .. كوني فنانة في بيتك !! نعم كوني فنانة ، ولا أقصد بالفنانة تلك التي تمثل وترقص أو تغني أو .. أو .. وإنما قولي بأن تكوني فنانة ، أي أن تكوني فنانة في إدراة بيتك و ترتيبه وتزيينه ..

قلت : إذا كان مفهوم الفن ، هو البحث عن الجمال الذي يثير الإعجاب في النفس ، فيملؤها بهجة وسعادة .. فالمطلوب من كل زوجة أن تكون طبقاً لهذا المفهوم ( فنانة في بيتها ) ..

ونؤكد على ذلك فنقول : البيت السعيد هو الذي يشرق بالنظافة ويروع بالتنسيق ، ويضيء بالفن صوراً ولوحات ، وينفح بالعطر ، وتكملة ذاك الفن وجود المكتبة ..

فإن نظافة بيتك تعلن عن نظافتك ، وتنسيقه يومئ إلى ذوقك ، وضبط أموره يدل على شخصيتك ، ( فكوني فنانة في بيتك ) ..

قلت : إن الرجل عند عودته من عمله ، يعود منهكاً .. فما الذي يعيد إليه نشاطه وحيويته ؟!! إنها الزوجة التي تخرجت من كلية الجمال والفن ، فتسحره بعطرها الفواح .. وتحفّه بأجنحتها الدفيئة ، وتبهره بتنسيقاتها اللطيفة و ترتيباتها العجيبة .. فينشرح صدره ..ويطمئن فؤاده .. وتسكن جوارحه .. فينطلق لسانه بكل ما يحفظ من كلمات الإعجاب والتقدير والثناء .. فيزيد كل ذلك من قربها منه ، فينسى كل ما يكدر صفوه ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : إن لمستكِ الرقيقة تجعل من جدران منزلك الجامدة ، مرتعاً للحب والدفء ، وثقي بأن باقة صغيرة من الزهور أو إصيصاً هنا وهناك يفيض على عشك بالجمال والعطر ، ويهدئ النفوس المتعبة ..

وإن مجرد لوحة طبيعية للشروق أو الغروب ترتفع ببيتك درجات لتقول في صمت : هنا إنسانة رفيعة الحس تقدر الفن والجمال ..

هنا تبدو الحياة جديدة وكأنها محفوفة بالزهور والورود والياسمين .. فإذا تجمل القمر ( الزوج ) بنوره .. والشمس ( الزوجة ) بإشراقها .. والنجوم ( الأبناء ) بلمعانها .. تجملت الحياة للزوجين ..

قلت : وثقي أيتها الزوجة أن وجود مكتبة بسيطة وصغيرة في بيتك ، تعلن أنه توجد حياة في نسقها الأعلى .. توجد أشياء أخرى غير الطعام والشراب والنوم تهتم بها الزوجة .. وبمثل هذه الأشياء تسمو المنازل وتطيب الحياة ..

وأعود وأقول : ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها .. وتكون أكثر سعادة إن كانت مبنية على طاعة الله ..
عندما يأتي المساء .
قلت : عندما يأتي المساء .. احرص عزيزي الزوج على إسعاد زوجتك .. مهما كانت الظروف .. خاصة بعد عناء يوم كامل من العمل والكد .. وسواء كان هذا العمل عادياً أم شاقاً .. فلا بد من السكون .. ولابد من الراحة .. الراحة والاستمتاع ، بالكلمة الطيبة .. واللفتة الإنسانية الخلابة .. وحديث القلب والروح .. وهمس المشاعر .. ولمسات الحب الحانية .. كل هذه وأكثر هو ما يسعد كل زوجة .. وسواء انتهى ذلك باللقاء ، أم اقتصر المساء على اللفتات واللمسات والهمسات ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : وفي المساء يكون الهناء .. وكثير من الزوجات تنتظر حلول المساء لتنعم بالسعادة الزوجية .. وما أكثر ما ينسى الأزواج أن زوجاتهم تلتمس الحب من الزوج أكثر من اهتمامهن باللقاء .. ولذلك تشتهي الزوجة من زوجها دائماً أن يقدم اللقاء مصحوباً بمظاهر الحب ملفوفاً بدلائل الإعزاز والتكريم والتدليل .. بل ترى كل زوجة أن تقديم الحب أولاً شرط أساسي لنجاح اللقاء ..

قلت : وأكثر ما يسعد الزوجة ، هو سلوك الزوج الحنون معها .. وتفانيه في البذل والتضحية من أجل سعادتها .. كما وأن استغلال المساء لللقاء فقط دون الجانب الإنساني والعاطفي .. يجعل الزوجة تشعر بأن زوجها لا يحبها لنفسها ، بل لمتعته فقط ..

عندما يأتي المساء اجعل قلبك مفتوحاً لزوجتك .. اجعل مشاعرك مُلكاً لها .. شاركها الإحساس بالحب وبالمشاعر المتدفقة .. فالزوجة مهما طالت سنوات زواجها تسعد حين تشعر بأن زوجها يحبها ويرغب فيها لشيء أسمى من متعة الجسد ..

فإذا عسعس الليل .. وتلامست الأجساد .. وآوى كل حبيب إلى حبيبه .. ولبس كل زوج لباس زوجه { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } .. لبس الليل ثوبه المزخرف بلونه البهي لينساب في الحياة .. ويبث السعادة في الوجود ..

فعندما يتستر الليل بثوبه الأسود .. يتستر الزوجان .. فتتعانق الأرواح في جو مشحون بالمودة والرحمة .. فهدوء الليل يسكن كل ما في وجداننا من شجون وحنان .. و الأزواج كالأرواح .. جنود مجندة .. ما تعارف منها ائتلف ، وما تنافر منها اختلف ..

قالت ( أميرتي ) أم عبد الله : والحقيقة التي يجب أن يعرفها كل زوج يرغب في اكتساب قلب زوجته ويصبح زوجاً ناجحاً ، أن الزوجة تهتم بالمشاعر أكثر من المتعة الجسدية ، وأن كثيراً من الزوجات تشكو من أن الحب عند أزواجهن يبدأ وينتهي في الفراش ..

قلت : إنه ينبغي على كل زوج ألا ينسى أن يسمع زوجته بين الفينة والأخرى أعذب الكلمات وأصدق العبارات .. خاصة تلك التي تمتدح جمالها وأناقتها ، أو حسن ذوقها .. لماذا ؟!! حتى لا يتسرب إلى نفسها تلك المشاعر التي ذكرتها ( أميرتي ) ..

وليعلم الجميع أن التفاهم والحب والحنان والمودة واستمرار كل ذلك ، يجب أن يكون على الدوام وليس فقط عندما يأتي المساء.
بقلم: عبد النور خبابة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق