السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2015-04-26

الإحسان عبادة الأبرار

الإحسان مستق من «الحُسن» الذي هو الجمال والبهاء لكل ما يصدر من العبد من خطرات ونبرات وتصرفات، وهو أعلى مقامات الرفعة الإنسانية والمفتاح السحري لكل أزماتها وجسر سعادتها الأبدية، وكفى الإحسان شرفا أن البشرية جمعاء اتفقت على حبه ومدحه وأجمعت على كره ضده من كافة صنوف الإساءة، ولذلك أولى الإسلام الإحسان عناية بالغة وجعله أسمى هدف تصبو إليه نفوس العابدين، وهو طريق الوصول لمحبة الله تعالى ومعيته ورحمته، بل ورؤيته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، في جنة الخلد، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
من أبلغ الأقوال في الإحسان قول من أوتي جوامع الكلم –صلى الله عليه وسلم-: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» [البخاري ومسلم]
ففي هذه الكلمات النبوية الجامعة من مقتضيات المراقبة والخشية والإنابة والإتقان والإتباع وصفاء السريرة .. ما فيه صلاح الدنيا والآخرة. فبين صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين، (أعلاهما) عبادة الله كأنك تراه، وهذا «مقام المشاهدة»، وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه حيث يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان، وهذا هو حقيقة مقام الإحسان. ولذلك لما خطب عروة إِلَى ابن عمر ابنته وهما في الطواف لم يجبه بشيء، ثم رآه بعد ذلك فاعتذر إِلَيْهِ، وقال: «كنا في الطواف نتخايل الله بين أعيننا».[الحلية، أبو نعيم]
(الثاني): «مقام المراقبة» وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى؛ لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل، قال الحارث المحاسبي: «أوائل المراقبة علم القلب بقرب الرب»، وقال بعض السَّلف: «من عمل لله عَلَى المشاهدة فهو عارف، ومن عمل عَلَى مشاهدة الله إياه فهو مخلص».
ويتفاوت أهل هذين المقامين بحسب نفوذ البصائر لذلك قال النووي –رحمه الله-: (وهذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين، وقاعدة مهمة من قواعد المسلمين، وهو عمدة الصديقين، وبغية السالكين، وكنز العارفين، ودأب الصالحين).
وقالوا أيضا في الإحسان: «فعل الخيرات على أكمل وجه». «تحسين الظاهر والباطن». «الإتيان بغاية ما يمكن من تحسين العمل المأمور به، ولا يترك شيئاً مما أمر به». «امتلاء القلب بحقيقة الألوهية كأنه يشاهد الله عياناً». «مراعاة الخشوع والخضوع».
وبالجملة فالإحسان هو الذي خُلقنا من أجله، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} ثم بيّن الحكمة فقال: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2].
والإحسان ذروة الأعمال، وهو أن تقدم الفعل من غير عوض سابق، بل يساء إليك ولا يسعك إلا أن تقدم الإحسان، كما فعل يوسف الصديق عليه السلام {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 46-48] فعاملهم بالإحسان فلم يعبر لهم الرؤيا فقط بل أعطاهم الحل معه {فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ}.
بل إن الذي يستلفت النظر في قصة يوسف عليه السلام كثرة تكرار صفة الإحسان، فكان محسنا مع ربه ومع الناس –وهما متلازمان- فقد سمى الله قصته {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ} [يوسف:3] أي من أحسنه.
ورتب على الإحسان إيتاءه الحكم والعلم مع الشباب {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:22]
ووصفه السجناء بذلك {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:36]
وبه مكنه الله تعالى في الأرض {وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:56]
وقال له إخوته وهم لا يعرفونه {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:78]
وقال عن نفسه وأخيه {قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:90]
ثم أثنى على ربه بإحسانه إليه {وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف:100]
فلم يذهب إحسانه سدى، فكل إحسان يفعله العبد حتى فيمن لا يستحقون لابد أن يكافئه عليه الله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن:60] فاصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن صادف أهله فهو أهله، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله.
والإحسان خير مكانة يتبوأها العبد لأنه إن أساء وسعه بعده الإيمان ثم الإسلام، أما من يعيشون على الحد الأدنى للإسلام فهو مع النقص مهدد بكفر الاعتقاد أو كفر النعمة.
قال ابن تيمية: (جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات: أعلاها الإحسان، وأوسطها الإيمان، ويليه الإسلام. فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسنا، ولا كل مسلم مؤمنا ..)، ثم قال: (وأما الإحسان فهو أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان، والإيمان أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإسلام، فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام، والمحسنون أخص من المؤمنين، والمؤمنون أخص من المسلمين).
وخلق الإحسان يتسع ليشمل القول والعمل والعبادات والمعاملات .. فهو إكسير الحياة الذي يحيلها طيبة متآلفة، لذلك جعل الله تعالى رحمته ومحبته جائزة المحسنين {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134] {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56]
كما أن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم-: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» [الترمذي]
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم** فطالما استعبد الإنسان إحسان
وأعظم ثمرات الإحسان قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] الحُسْنَى: أي البالغة الحسن في كل شيء، من جهة الكمال والجمال، وهي الجنة، وقد ثبت عن النبي في صحيح مسلم تفسير الزيادة المذكورة في هذه الآية الكريمة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة، ولا يخفى ما بين هذا الجزاء وذلك الإحسان من المناسبة، فالمحسنون الذين عبدوا الله كأنهم يرونه، جزاهم على ذلك العمل النظر إليه عياناً في الآخرة {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن:60] وعكس هذا ما أخبر الله به عن الكفار في الآخرة بقوله: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم:31]
إن الإحسان هو الأمارة الدالة على الفوز والنجاة. فمن كان من أهل السعادة، عمل عمل المحسنين، ومن كان من أهل الشقاء عمل عمل المسيئين. فهو طريقك وهدفك ومحل كدك ونصبك .. روى الطبراني عن أبي سلمة عن معاذ –رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله أوصني. قال: «اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية» [حسن لغيره، الألباني]

الحب صانع المعجزات

 طلب أحد الأستاذة الجامعين من طلابه الذهاب إلى حي فقير جدا بمدينة (بالتيمور) بالولايات المتحدة وتقييم مستقبل 200 فتى يعيشون في حالة بائسة، فكان تعليق الطلاب على كل حالة درسوها عبارة: «لا أمل» وبعد 25 سنة أحب أستاذ جامعي آخر - رأى الدراسة السابقة - أن يعرف ما حلّ بهؤلاء الفتيان، فأرسل طلابه للبحث عنهم فوجدوا 180 منهم، وتبين لهم أن من هؤلاء الـ180، حقق 176 منهم نسبا من النجاحات كأطباء ومحامين ورجال أعمال. بسؤالهم عن الأسباب التي ساهمت في نجاحهم أشاروا جميعا إلى معلمة فذة كانت تعلمهم في مرحلة من مراحل دراستهم .. بحث الطلاب عن تلك المعلمة فوجدوها على قيد الحياة، وسألوها عن سرّها مع هؤلاء الفتية، فأجابتهم : «الأمر بسيط .. لقد أحببتهم» .. نعم إنه الحب صانع المعجزات.
ليس من المهم أن نعمل أكثر، ولكن من المهم أيضاً أن نفعل ذلك بحب ورغبة، لأننا عندما نعمل بجد نؤدي العمل بطريقه جيده .. وعندما نعمل بحب نؤدي نفس العمل بطريقة رائعة، فبالحب نسير بإيجابية بعيداً عن كدر الحياة، فلا تندم على لحظات كفاح عشتها بحب، حتى ولو صارت ذكرى تؤلمك، فإذا كانت الزهرة قد جفت وضاع عبيرها ولم يبق منها غير الأشواك، فلا تنسى أنها منحتك يوماً عطراً جميلاً أسعدك.
هناك من لا يدري ما يحب وما يكره  من الأعمال؟ .. فيحيا كل يوم بشكل آلي روتيني، رغم أنه قد  أنسب شخص لأداء مثل هذه الأعمال على وجه الأرض، ولكنه أغمض عينيه عن بعض الأفكار والمشكلات فأغرق نفسه فيها متجاهلا ما في أعماله من نعم  الله تعالى ومتعة لا نهاية لها.
فلماذا لا نكتشف أنفسنا من جديد، ونعيد صياغة عقولنا ومهاراتنا ورؤيتنا لحياتنا بشكل أكثر تفتحاً وثقة في أن الله قد كتب لنا ما نحن فيه لنتقنه ونبرع فيه لا أن نهرب من أنفسنا ومن حياتنا.
أما إن كان عملك لا يحقق لك كل أمنياتك
، فلا تنسى أنه يتيح لك تحقيق جزء من ذاتك، ويكف وجهك عن سؤال الناس، وهذا كفيل بأن تحرص كل الحرص على  إنجازه بصدق ومحبّة ، وتنمي استعدادك وقابليتك على تذوق ما تفعله، والتلذذ ببهجة في أدائه
إن النجاح شعور، والناجح يبدأ رحلته بحب النجاح والتفكير بالنجاح .. فكر وأحب وابدأ رحلتك نحو هدفك .. تذكر أن النجاح يبدأ من الحالة النفسية للفرد، فعليك أن تؤمن بأنك ستنجح _بإذن الله _ من أجل أن يكتب لك فعلا النجاح .. فالناجحون لا ينجحون وهم جالسون  ولا يعتقدون أنه ضربة حظ، وإنما يصنعونه بالعمل والجد والتفكير والحب واستغلال الفرص والاعتماد على ما ينجزونه بأيديهم.
الحب الحقيقي
يقول د. عائض القرني: كن من أولياء الله وأحبائه لتسعد، إن من أسعد السعداء ذاك الذي جعل هدفه الأسمى وغايته المنشودة حب الله عز وجل، وما ألطف قوله تعالى {يحبهم ويحبونه} قال بعضهم: ليس العجب من قوله {يحبونه} ولكن العجب من قوله {يحبهم} فهو الذي خلقهم ورزقهم وتولاهم وأعطاهم ثم يحبهم، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران:31]
إن رجلا من الصحابة أحب {قل هو الله أحد} فكان يرددها في كل ركعة ويتوله بذكرها ويعيدها على لسانه، ويشجي بها فؤاده، ويحرك بها وجدانه، فقال له –صلى الله عليه وسلم-: (حبك إياها أدخلك الجنة) .. إن مجنون ليلى قتله حب امرأة، وقارون حب المال، وفرعون حب المنصب، وقتل حمزة وجعفر وحنظلة حبا لله ولرسوله، فيا لبعد ما بين الفريقين.
إنما يتعثر من لم يخلص
يقول ابن الجوزي رحمه الله: واعلم أن الطريق الموصلة إلى الحق سبحانه ليست مما يقطع بالأقدام، وإنما يقطع بالقلوب، والشهوات العاجلة قطاع الطريق، والسبيل كالليل المدلهم، غير أن عين الموفق بصر فرس، لأنه يرى في الظلمة كما يرى في الضوء، والصدق في الطلب منار أين وجد يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص.
حب الناس
التعامل مع الناس فن من أهم الفنون نظراً لاختلاف طباعهم، فليس من السهل أبداً أن نظفر باحترام وتقدير الآخرين، وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر كل الناس، وكما يقال: «الهدم دائماً أسهل من البناء»، فإن استطعنا توفير بناء جيد من حسن التعامل فإن هذا سيسعدنا نحن في المقام الأول، لأننا سنشعر بحب الناس لنا وحرصهم على صحبتنا ودعمنا.
والتوجيهات النبوية في هذا الشأن جواهر ثمينة، حرى بنا أن نقتنيها. قال –صلى الله عليه وسلم-:
(ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)، (شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس)، (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)، (أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما)، (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل).
كلمات في الحب
- الإنسان قبل الحب شيء، وعند الحب كل شيء، وبعد الحب لا شيء.
- الحب فرصة ليصبح الإنسان أفضل وأجمل وأرقى.
- الحب ليس عاطفة ووجداناً فقط، إنما هو طاقة وإنتاج.
- الحب فضيلة الفضائل، به نعلو بأنفسنا عن العبث والتهريج والابتذال العاطفي، ونحمي عقولنا من الضياع والتبعثر الفكري.
- الحب تجربة إنسانية معقدة، وهو أخطر وأهم حدث يمر في حياة الإنسان، لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده، فيجعله يشعر وكأنه وُلد من جديد.

2015-04-20

لديك الكثير لتقوله!!


هل حاولت ذات مرة أن تبث شكواك لله وحده؟!
قليل منَّا الذي يوجهه لنفسه هذا السؤال!!
فلكم شكوت فقرك لهذا، وعجزك لذاك، وفاقتك لأولئك؟!
ولكنك لم تلجأ بحاجتك كلها إلى الله تعالى!! على الرغم من أن جميع من لجأت إليهم، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً!!
إن ضعفنا البشري، ليدفعنا دوماً إلى اللجوء إلى المخلوقين والغفلة عن الخالق، على الرغم من إيماننا النظري بأن الأمر كله بيد الله وحده، إلا أن واقعنا العملي يشهد بضعف يقيننا، وقلة بصيرتنا، وغلبة عجزنا، ومرد هذا كله . . (ضعف الصلة بالله تعالى)!!
وقد يعجب المرء إذا علم أن أسرع سبيل لتقوية صلته بالله تعالى، هي سؤاله الدنيا!! أفليس هو من خلقك وتكفل برزقك وحياتك وموتك؟! فما الذي يمنعك من اللجوء إليه بصدق الطلب في أمري الدنيا والآخرة، لاسيما وقد ندبك لهذا بقوله سبحانه :
(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (البقرة) فلجوء العبد بحاجته كلها إلى الله، وإقباله بصدق عليه سبحانه؛ من أفضل سبل تقوية الصلة به، حتى ولو كانت الدنيا مسألته!!
إذ أن مجرد استشعار العبد لضعفه، وإقباله على من بيده الأمر كله، سوف يرتقي به من منزلة الإيمان النظري إلى مرحلة الممارسة العملية للعبودية الحقة (الدعاء مخ العبادة) التي يألف بها قلبه دوام اللجوء لمصدر القوة والمنعة والرزق والأمان والراحة والسكينة والطمأنينة (الله) حتى يرتقي تلقائياً لمنزلة الرضا بقضائه وقدره!!
فهل قطعت الأمل في المخلوقين يوماً، وجردت قلبك لله وحده في إحدى سجداتك، وألجات حاجتك كلها بصدق إليه سبحانه؟!
جرَّب ذلك محاولاً تفريغ قلبك من جميع مشاغله؛ كي يصفو منك صدق التوجه إلى الله في الدعاء، واسأله مسألة من ينتظر إجابة دعوته الساعة!! وتعوَّد الإلحاح عليه في الدعاء، حتى تستشعر وكأن عينا قلبك لا يفارق ناظريها السماء!!
إنك لو نجحت بالفعل في الوصول إلى تلك الحالة؛ فكن على يقين من أنه . .
سيكون لديك الكثير والكثير لتقوله!!

مفارقات بين الخلق والخالق

كم هو الفرق عظيمٌ بينَ الخَلْقِ والخالق، بينَ الخلقِ المطبوعين على النقص والضعف والتقصير، وبين الخالقِ الكاملِ ذي القوَّة المطلقة.
إنَّ الخَلْقَ يغضبون إذا سألتهم وأكثرت من سؤالهم، أما الخالق فهو الذي حثَّك على سؤاله، ويجيب دعوة الداعي، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وإذا ذكرتَ الله في نفسك ذكرَكَ في نفسه، وإذا ذكرتَهُ في ملأ ذكرَكَ في ملأٍ خير منهم..
فالله الودود قد تكفل لعباده وهو الغني عن العالمين بأن من ذكره وحمده أن يشرِّفه الله عز وجل ويذكره ويكون معه، ففي الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة). متفق عليه. فمن ذكر الله بالتنزيه والتقديس سرّاً ذكره الله تعالى بالثواب والرَّحمة سرّاً، وإن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم.
إنَّ الخَلْقَ يضيقون بتكرر الخطأ منك وقد لا يقيلون العثرات ولا يقبلون الاعتذار، أما الخالق فهو الذي أمر عباده بالتوبة وهو يحب التوابين، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
وقال النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: (لَـلهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَاني الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) متفق عليه واللفظ لمسلم.
وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) متفق عليه واللفظ لمسلم. أي: ما دمتَ تذنب ثم تتوب غفرت لك.
إنَّ الخالقَ يوفق عبده للطاعة ثم يشكره ويثيبه عليها، أما الخَلْق فقد لا يساعدوك على الخير، ثم إنْ فعلتَ الخير فقد يشكروك وقد لا يشكروك عليه، وإذا شكروك فإنَّ شكرَهم ناقصٌ محدودٌ، أما الخالقُ فهو الذي يوفِّق عبادَه للطاعات ثم يُثيبُهُم عليها، قال تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقال سبحانه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
إن التذلل والخضوع لله هو العزُّ والشرف ويقودك إلى الرفعة والكرامة، أمَّا الخضوع للمخلوقين فهو الذل والهوان.
ففي العبودية لله يوفقك الله إلى ما فيه خيرك ونفعك وصلاحك، أما في العبودية للبشر فهي تقوم على الأنانية والأثَرَة ففيها يأخذ السيدُ مصلحتَه ومنفعتَه من غلامه ولا يهتم بعد ذلك بخيره ومنفعته.
إنَّ الخَلْقَ إذا أرادوا مجازاة أحد كان جزاؤهم محدوداً منقطعاً، أما الخالق فيجزي عن الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبعمائةِ ضِعْفٍ إلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً).
وقال رَسُول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً). متفق عليه.
إنَّ الخَلْقَ لا يعترفون بالنيَّات الحسنة ولا يكافؤون عليها، أما الخالق سبحانه فيرحم ضعفك ويكتب لك أجرَ ما نويتَ من الخير وإنْ لم تستطع فعله، عن جابر الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ ، فَقالَ : (إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالاً ما سِرْتُمْ مَسِيراً ، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً ، إلاَّ كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ). وَفي روَايَة: (إلا شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ) الروايتان رواهما مسلم.
وفي رواية عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال : (إنَّ أقْواماً خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادياً ، إلاّ وَهُمْ مَعَنَا فيه؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ). رواه البخاري.
وكذلك إذا كنت تعمل العملَ وأنت في صحتك وعافيتك، ثم حال بينك وبين هذه العمل مرض أو سفر، كتب اللهُ لك أجرَ ما كنتَ تعمله في حال عافيتك أو إقامتك، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً). رواه البخاري.
إنَّ الخَلْقَ قد يتقربون إليك لمصلحة يرجونها منك، أما الخالق فإنه يتودد إليك ويغمرك بإحسانه وهو ليس بحاجة إليك فهو الغني عن العالمين.
إنَّ الخلقَ قد ينافسونك ويحقدون عليك ويتمنون لك الشر، أما الخالق فيريد لك الهداية ويريد أن يتوب عليك، ويريد أن يخفف عنك، قال تعالى: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً).
وقال: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وقال سبحانه: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

إن إرادة الخالق مطلقة لا يحدُّها شيء، أما إرادة الخلق فهي ضعيفة ومحدودة، (وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ)، فعندما تعتمد على الله وتتوكل عليه فأنت تتوكل على القوي القادر الذي لا يعجزه شيء، قال سبحانه: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). وقال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فقدرة الله تَخرِقُ القوانين المعروفة، فقدرته هي التي جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي التي نصرت المؤمنين في مواقع كثير على قلة عددهم وعتادهم، فلا يمكن لشيء أن ينفع أو يضر إلا بإذن الله تعالى، فالله هو الذي جعل النار محرقة فهي لا تحرق بذاتها، فإذا أراد لها أن تكون برداً وسلاماً صارت كذلك، قال ابن عباس: (لو لم يتبع بردها سلاماً لمات إبراهيم من شدَّة بردها).
فالله الذي جعل النار برداً سلاماً هو الذي يجعل المِحَن مِنَحاً وعطايا، ويجعل الفقرَ والحاجةَ سعةً وغنى، ويجعل الهمومَ والأحزانَ أفراحاً ومسرَّات، ويجعل المنعَ عطاءً ورحمةً، وهذا كلُّه لمن توكَّل على الله تعالى وأيقن به وأحسن الظن بالله سبحانه.
10ـ إن أصحاب المكانة من المخلوقين يصطنعون لأنفسهم حُجَّاباً وحُرَّاساً، ويمنعون كثيراً من الناس من الدخول إليهم أو إرسال حاجاتهم، أما الخالق سبحانه فأيُّ مسلم في أطراف الأرض، وفي فجاج البحر، يستطيع بمفرده أن يتصل بربه، ولا يحتاج إلى واسطة في سؤاله، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
11ـ إنَّ الخَلْقَ قد ينظرون إلى نسبك أو بلدك أو لونك، أما الخالق فإنه ينظر إلى قلبك وعملك، فالعلاقة بين الخلق والخالق تقوم على أساس العبادة وحدها، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ). رواه مسلم.
12ـ إذا اقترض أحد من الخلق مالاً منك، فإنه إذا رده رده كما هو، أما الله سبحانه فيضاعفه أضعافاً كثيرة وهو ثواب خالد لا يفنى، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً). وقال: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
والذي يقدم المعروف إنما يقدمه لنفسه، قال سبحانه: (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً).
فهل لعاقلٍ بعد هذا أنْ يعلقَ قلبَهُ بالمخلوقين ويكونَ همُّهُ منصرفاً إلى إرضائهم ويتركَ إرضاءَ الخالقِ الذي بيده قلوب العباد وله الملكُ كلُّه..
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين.

فضل قراءة القرآن


من أعظم ما يتقرب به العبد وخاصة في شهر رمضا هو تلاوة القرآن ..فلا ريب أنّ تلاوة القرآن من صفات المؤمنين الصادقين، ومن أكثر ما يسهم في التعرض لرحمات الله ونفحاته، .. فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة ما أُنزل إليه فقال : { ورتّل القرآن ترتيلاً } قال الحسن :\" اقرأه قراءةً بينةً\" ..وقال تعالى –مادحاً من قام بهذا العمل- :{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} .. وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، قَالَ : وقَالَ رسل الله - صلى الله عليه وسلم - : « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ...
وللتلاوة ثمار عديدة منها : أن فيها نجاةً من مثل السوء الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم:فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ » ومن الثمار أن المكثر من تلاوة القرآن يُحسد غبطة على هذه النعمة :قال صلى الله عليه وسلم : (( لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ )) ..وتلاوته سبب للرفعة في الدنيا والآخرة : قال صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ ))
وتلاوة القرآن بركة في الأولى والآخرة :عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أوصني . قال :«عليك بتقوى الله ؛ فإنه رأس الأمرِ كلِّه» . قلت : يا رسول الله زدني . قال :«عليك بتلاوة القرآن ؛ فإنه نور لك في الأرض ، وذخر لك في السماء » وقال ابن عباس رضي الله عنهما :\" ضمن الله لمن اتبع القرآن ألا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة ثم تلا : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي}
...وبتلاوة القرآن يحقق الله لك أربعة أمور :
قال صلى الله عليه وسلم :«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم .
وما أعظم أن يذكرك الله فيمن عنده! ولذا ثبت في الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لأبي بن كعب :«إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» . قَالَ أبيٌّ : آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ :«اللَّهُ سَمَّاكَ لِي» .
قَالَ فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي..
ومن الثمار أن كل حرف من القرآن يُقرأ بعشر حسنات : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا ، لاَ أقول : {ألم} حَرفٌ ، وَلكِنْ : ألِفٌ حَرْفٌ ، وَلاَمٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي ..
والتالون للكتاب أهل الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»..
وبها تُنال شفاعة القرآن :قال صلى الله عليه وسلم : «اقْرَؤُوا القُرْآنَ ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ» ..
والتلاوة تورث الدرجات العالية في جنة المأوى :عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ : « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا ، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا »

في ظلال الآية الكريمة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :

قال ﷻ [ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ] [البقرة: 216]
في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد ، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب ، والمحبوب قد يأتي بالمكروه ، لم يأمن أن توافيه المضره من جانب المسرة ، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب ، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد أوجب له ذلك أموراً :
منها : أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليھ في الإبتداء ، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع . وكذلك لا شيء أضر عليھ من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه ، فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب ، وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير ، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل .
فنظر الجاهل لا يجاوز المبادئ إلى غاياتها ، والعقل الكيّس دائماً ينظر إلى الغايات من وراء تلك الستور من الغايات المحمودة والمذمومة ، فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سمُّ قاتل ، فكلما دعته لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم ، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مفضٍ إلى العافية والشفاء ، وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعهُ بالتناول .
ولكن هذا يحتاج إلى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها ، وقوة صبر يوطن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤمل عند الغاية ، فإذا فقد اليقين والصبر تعذّر عليھ ذلك ، وإذا قوي يقينه وصبره هان عليھ كلَّ مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة .
ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور ، والرضا بما يختاره له ويقضيه له ، لما يرجو فيه من حسن العاقبه .
ومنها : أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليھ ولا يسأله ما ليس له به علم ، فلعل مضرَّته وهلاكه فيه وهو لا يعلم ، فلا يختار على ربه شيئاً بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك .
ومنها : أنه إذا فوّض أمره إلى ربه ورضي بما يختاره له أمدَّه فيما يختاره له بالقوة عليھ والعزيمة والصبر ، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه ، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه .
ومنها : أنه يريحه من الأفكار المتبعة في أنواع الإختيارات ، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في آخرى ، ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليھ ، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه ، وإلا جرى عليھ القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه ، لأنه مع اختياره لنفسه ، ومتى صح تفويضه ورضاه ، اكتنفه في المقدور والعطف عليھ واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه ، فعطفه يقيه مايحذره ، ولطفه يهون عليھ مافدّرهُ .
إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده ، فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحاً كالميته ، فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف .
والله أجل وأعلم

2015-04-16

كيف أصنع طفلاً قارئًا مُحبًّا للكتاب

لماذا أصنع طفلاً قارئًا؟
* ليستقيم لسانه، وتتحسن مهارته اللغوية، ويستطيع التعبير عمّا يريد.
* ليتمكن من التواصل مع الآخرين بشكل فعَّال ومؤثر، وتزداد علاقاته الاجتماعية متانة.
* زيادة حصيلته العلمية والمعرفية، وهذا يُقوي إدراكه ويجعله يتعلم بشكل أسرع.
* القراءة الواسعة للطفل تعطيه قدرة على التخيل وبُعد النظر ورؤية الأشياء من زوايا مختلفة.
* تنمية التفكير السليم، حيث تشكل المعلومات أفكارًا تُحرِّك العقل، وتعوده على المناقشة والحوار الفعَّال الذي يثري عقله وإدراكه.
* التعرف على تجارب الآخرين وأسرار الأشياء، فتنمو خبرته وتزيد ثقافته.
* إكسابه المهارات التعليمية، وزيادة حبه للمعرفة والاستزادة منها.
* تنمية حِس البحث العلمي لديه، والوصول إلى الحقائق، وجعله دومًا في المقدمة.
* المساهمة في غرس القيم الحسنة، فالطفل لا يحب النصائح المباشرة غالبًا، لكن بإرشاده لكتب نافعة تغرس في نفسه بعض القيم الإيجابية التي لها أثر على سلوكه في الحياة.
* قراءة القصص النافعة والهادفة تهذِّب نفس الطفل، وتسمو بمشاعره وعواطفه.
* القراءة تملأ وقت الطفل، وتصرفه عن الجلوس الطويل أمام التلفاز والألعاب الإلكترونية.
وسائل وأساليب لتشجيع الطفل على القراءة
القراءة مع الطفل:
مشاركة الطفل والقراءة معه هي نوع من الحميمية بين الآباء وأطفالهم، وفيها تشجيع للطفل على مواصلة القراءة والاستمتاع بها، وللقراءة مع الطفل عدة طرق منها:
- القراءة الجماعية بصوت عالٍ، فالأطفال يحبون القراءة بشكل جماعي، وهي فرصة لتعديل أخطاء القراءة بطريقة لبقة.
- القراءة المتبادلة، يقرأ الطفل بعض الجمل، ثم تقرأ أنت بعده أو العكس، وهذه الطريقة يحبها الطفل؛ لأنها تشعره بنوع من الأهمية والتقدير.
مكتبة الطفل:
المكتبة أداة مهمة في تعويد الطفل على القراءة، ولمكتبة الطفل شروط، منها ما يلي:
- أن توضع في مكان واسع ومريح يستوعب مجموعة من الأطفال، وأن تصمم بشكل جذاب ومحبب للطفل.
- أن يتم تجديد الكتب أولاً بأول، ويتطلب ذلك زيارات دورية للمكتبات.
- توفير أقلام ووسائل وسبورة وأوراق ومراسم وكروت وبطاقات، وطاولة وكراسي، وسماعات للأذن وغيرها من التجهيزات.
- مشاركة الطفل سواء في أخذ رأيه في التأثيث، أو التصميم لأن هذه المكتبة له شخصيًا وليست لأحد غيره.
جعل القراءة متعة لا التزامًا:
يجب أن يتذكر الوالدان دائمًا أن القراءة ينبغي أن تكون تجربة ممتعة بالنسبة للطفل، وليست فرضًا أو التزامًا روتينيًّا.
القدوة في القراءة:
من المهم أن يكون الوالدان قدوة جيدة لطفلهما، حيث سيدرك الطفل أن القراءة شيء مهم في حياة الإنسان عندما يرى أباه وأمه يقرآن بشكل مستمر في المنزل، وعلى الوالدين أن يقترحا القراءة كنشاط يمكن أن يقوم به الطفل أثناء وقت فراغه.
إنشاء مجموعة القراءة للصغار:
يمكن أن يقوم المربي باختيار مجموعة من الأطفال المتقاربين سنًّا من أبناء حيّه، ويختار لهم كتبًا مصورة مشوقة، ويقوم بتوزيعها عليهم، وليس شرطًا أن يقوموا بقراءة الكتاب بتعمق، بل يكفي أن يتصفَّحوه بقراءة سريعة، ثم يكون اللقاء بعدها حيث يتولى مدير الجلسة سرد القصة بشكل عام، ومناقشة الصغار حول شخصياتها، وحول المواقف المختلفة فيها ودلالاتها، وسؤالهم عما أعجبهم وما لم يعجبهم، وعن كيفية الاستفادة من القصة في حياتهم الشخصية.
ويستحسن في مجموعة القراءة للصغار، أن يخصص وقتًا للألعاب والمسابقات على هامش الكتاب، وذلك لإمتاع الأطفال وزيادة تعلقهم بعالم الكتب والقراءة، وكذلك يستحسن أن تقترن الجلسة بتوزيع الحلوى أو اللُعب، بحسب الفئة العمرية للمشاركين. [اقرأ: 113- 114]
اصطحاب الطفل للمكتبة:
مهما كانت أشغال الأب وارتباطاته فينبغي أن يحدد يومًا أو يومين في الشهر للذهاب إلى المكتبة، والذي ينبغي التنبيه عليه: أن يكون الذهاب إلى المكتبة رحلة ممتعة للطفل، وأن يجعل في طريق الذهاب أو العودة ارتباطًا شرطيًّا محببًا للطفل، كأن يشتري (الآيس كريم) المفضل للعائلة، أو يذهب إلى أماكن ترفيه محببة للطفل.
تشجيع أي بادرة نحو القراءة:
البدايات دائمًا صعبة، فإذا وجدت الطفل يقترب من الكتاب، ويحاول أن يقرأ، فأظهر ابتهاجك بذلك، واحتفل به، واستمع إليه وهو يقرأ، وإذا رأيته يخطئ فلا تصحح له أخطاءه، حتى يشعر بمتعة القراءة أيًّا كانت، ولكي يحس أن من حوله يستحسنون أي جهد يبذله من أجل القراءة.
القراءة للطفل ومعه بحب وعطف وحنان:
إن ابن الثالثة يشعر بالدفء والأمان حين تضعه والدته في حجرها، وتبدأ بالقراءة له.
وما أجمل ما قاله الشاعر الإنجليزي مفتخرًا بأمه:
قد تكون لديك ثروة حقيقية مخفية، ،
علب جواهر وصناديق وذهب، ،
لكنك لن تكون أبدًا أغنى مني، ،
لأن لي أمًّا تعلمني، وتقرأ لي، ،
 

تقاطع الأهداف وقطع العلاقات وتقطيع المودات !


الحمدلله العزيز الحكيم الوهاب والصلاة والسلام على نبينا محمد القرشي الهاشمي الإمام وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد أما بعد
فكم تسبب تقاطع الأهداف في قطع العلاقات وتقطيع المودات والصداقات وهجر القرابات .
وقبل الحديث عن تقاطع الأهداف دعنا نتحدث عن تقاطع الطرقات الذي نمر به كل يوم في حياتنا العادية وتأمل في الحركة المرورية عند تلك التقاطعات !
وكيف ستكون حالة الناس لو لم يكن هناك اشارات ورجل مرور وتعليمات سلامة معينة .
كم سيكون ذلك مزعجا ومؤذيا لو كنت تذهب من عملك إلى بيتك وتعود في طريق كثير التقاطعات ولا يوجد به إشارات ولا تنظم فيه حركة المرور .
وكم هو متعب لك نفسيا منظر الحوادث اليومية على هذه التقاطعات .
ثم عُد إلى واقعك وكيف أنك بحمدالله تعبر هذه التقاطعات يوميا بقصل الله ثم بوجود الاشارات الضوئية وتنظيم حوكة المرور بدون وقوع ضرر جسمي أو أذى نفسي من توقع مخاطر معينة أو دخول في عراك وشجار مع هذا أو ذاك .
تقاطع الأهداف هو صورة معنوية مماثلة تماما للصورة الحسوية في تقاطع الطرقات .
كل الناس لهم أهداف وطموحات وهذه الأهداف قد تكون مشتركة عند نقطة معينة لبعض الناس مع غيرهم .
عندما نحاول تجاوز هذا التقاطع سيرا نحو أهدافنا الشخصية دون النظر للآخرين تقع مشاكل نفسية وتتولد عداوات وتموت صداقات وتهجر القرابات .
فما هو الحل ؟
هل تتنازل عن أهدافك الشخصية من أجل عدم خسارة الآخرين ؟
أم هل تسعى لهدفك دون مراعاة أو اهتمام أو نظر للآخرين ؟
من يختار الخيار الأول يخسر كثيرا من طموحاته ويتنازل مع الوقت تدريجيا عن أبسط أمنياته .
ومن يختار الخيار الثاني يخسر الأشخاص الذين قدر الله أن يكونوا معه في أحد تقاطعات الأهداف وهؤلاء الناس قد يكون منه الأخ أو الزوجة أو الصاحب أو الزميل .
لا فرق فهذه المنهجية لا تفكر فيمن تخسر طالما أنه كان عائقا عن هدف معين !
حتى تتصور مسألة تقاطع الأهداف أضرب لك مثالا بسيطا لو طلب ترشيح موظف واحد لدورة مميزة وتنافس كثير من الموظفين على ذلك وفاز بها أحدهم.
فإنه للأسف يبقى في نفوس بعض الموظفين شيء على هذا الموظف لأنه خطف حلما كان من الممكن أن يكون لأحدهم .
سوف تتعب كثيرا وتُتعب غيرك عندما تجعل تقاطع أهدافك في طريقها مع أهداف الآخرين سبب عداواة.
وبعد أن وضحت صورة تقاطع الأهداف أورد بعض النقاط التي تساعد أفراد المجتمع بإذن الله في تلافي الأضرار التي قد تنتج عن تقاطع الأهداف :
أولا / أن نعلم أن من حق كل واحد منا أن يسعى لكل هدف مشروع من طريق مشروع حتى لو كان في سعيه هذا ينافسنا على هذا الهدف .
ثانيا / أن نعلم علم اليقين أنه لن ينال أحد منا من رزق غيره شيئا أبدا ؛ ولن يأخذ إلا ما قسمه الله وكل ميسر لما خُلق له .
ثالثا / أن نوطن أنفسنا على المبادرة بتهنئة من كسب شيئا كنا نسعى لتحقيقه وأن ندعو له بظهر الغيب.
رابعا / أن نحذر من أن تكون خسارتنا لحظ يزول ولا يدوم من حظوظ الدنيا سبب لخسارة آخرتنا باقتراف سيئات حسد وغيبة وغيرها مما لا يُحصى عددا .
خامسا / أن نتقي الله ونعلم أن عاقبة الظلم وخيمة فلا نظلم شخصا حقا له أو نظلمه منزلة له .
سادسا / أن ننشر الثناء بالخير والحق على من يستحق ذلك ولا ندع مجالا لأهل النميمة والكذب وتلفيق الكلام .
سابعا / أن نعلم أن من أعظم الأهداف نشر المحبة والإخوة والتعاون والتسامح فلا نغفل عنها من أجل تحقيق أهداف أقل منها أجرا وأدنى منها منزلة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احذرو سبب خراب الدنيا والآخرة !



الحمد لله حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما والصلاة والسلام على من كشف بطنه ليضربه من قال له بأن له عليه حق . أما بعد
فالآيات والأحاديث في بيان عظيم جرم الظالم وبيان مآله كثيرة معلومه .
وإنما أحببت التذكير ببعض أخطار الظلم وعلاقته بخراب دنيا العبد وآخرته .
فبالظلم يسلب العبد حلاوة الطاعة ثم يُسلب الطاعة نفسها ثم يُبتلى بالذنوب .
وبالظلم يخسر العبد راحته النفسية وسعادته الأسرية .
وبالظلم يخسر العبد ماله وولده .
بالظلم يحال بين العبد وبين التوفيق والنجاح .
والظلم قبيح وخطير سواء كان المظلوم إنسانا أو حيوانا .
تأمل ظلم هرة أدخل امرأة النار :( حبستها فلا هي اطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض).
فكيف حال من يظلم مسلما ؟
فكيف لو كان هذا المسلم قريبا ؟
من يعلم عاقبة الظلم وأثره على دنيا الإنسان وآخرته يفر منه أشد من فراره من الأسد وود لو أنه كان مظلوما ولم يكن ظالما .
ومن يعلم عاقبة الظلم يشفق على الظالم أكثر من شفقته على المظلوم ؛ لأن المظلوم في الحقيقة منصور مأجور ، والظالم مخذول مأزور .
زوج يظلم زوجة ومدير يظلم موظفا ومعلم يظلم طالبا وتاجر يظلم عاملا هذه بعض صور الظلم في حياتنا اليومية من سلم منها فهنيئا له .
الظلم درجات ومع هذا فأقل درجة من درجات الظلم خطيرة ومتوعد صاحبها بالعقاب .
كيف يقر للظالم قرار وتطمئن له نفس وينعم بعيش وهو يعلم جواب رب العباد لدعوة المظلوم :( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ).
كيف يثبت قلبه في صدره وهو يقرأ هذا الجواب .
فوآسفى على موقف خرج العبد منه ظالما .
ويا آسفى على ظلم علمه العبد ولم يتحلل من صاحبه .
ويا آسفى على ظلم وقع العبد فيه ولم يشعر به ولم يحلله من ظلمه .
كم نحن بحاجة إلى مراجعة وتصحيح لما هو مُقبل من أيامنا بالابتعاد عن أقل القليل من الظلم .
وكم نحن بحاجة إلى تحلل ممن ظلمناه ممن نعلم !
وكم نحن بحاجة الى استغفار يصحبه غيث من دموع دائمة على ظلم وقعنا فيه ولم نشعر به .
  اللهم إنك تعلم ولا نعلم فأغفر لنا ما تعلمه ولا نعلمه وجنبنا يارب العباد ظلم العباد ؛ نعوذ بك أن نظلم أو نُظلم .
والله المستعان .

2015-04-11

الملل الزوجي .. الخراب الصامت


الملل آفة من آفات النفس البشرية ومرحلة من الخمول تنتابها بين الحين والآخر، وهي وإن كانت فطرة طبيعية لكنها ليست محمودة على كل حال، لأن الملل يدفعنا لترك قضيتنا ويجهض رسالتنا بعد بدايات متوهجة وعزيمة متقدة، لكن يبقى الرفق بالنفس هو خير دواء مع الوضع في الاعتبار أن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل.
«الملل الزوجي» .. شعور يعتبره الزوجان نذير خطر، ولكن هذا الإنذار قد يكون مفيداً إذا أدرك الزوجان أنه طور عابر يعني الحاجة الماسة إلى التغيير والتجديد في نمط حياتهما، وقد لا يكون الإنذار بهذه البساطة إذا أخذ منحى آخر، ووصل أحد الزوجين إلى حلٍ منفرد فأحدث التغيير بمفرده بعيداً عن الأسرة والمنزل كالسهر الطويل خارج البيت والتنزه والرحلات. الانغماس في هوايات ومواهب جديدة، كالألعاب الإلكترونية والإنترنت. الانخراط في عمل طويل ومجهد. اختلاق المشاكل والمنغصات داخل البيت التي قد تصل إلى الانفصال. بعض الأزواج يلجأ إلى الزواج ثانية وأحياناً ثالثة والبعض يبحث عن علاقات غير شرعية أو سلوك خاطئ.
والملل شيء يأتي غالبًا من داخل الإنسان لانتصار الظروف السيئة وكثرة المشاغل والأعباء والضغوط، ولكي ينجو الزواج من مصيدة الملل، يجب الاهتمام بتجديد طقوس الحياة الزوجية ورعاية تغيير أنماطها من وقت لآخر، فالزواج مثل الكائن الحي يظل متمتعًا بالحيوية ما دام هناك الجديد، ولن يتم قهر الملل إذا لم يكن لدى الإنسان غاية في هذه الحياة.
- تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية، فوردة توضع على مخدة الفراش قبل النوم لها سحرها العجيب، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال، والرجل حين يدفع ثمن الهدية، فإنه يسترد هذا الثمن إشراقًا في وجه زوجته، وابتسامة حلوة على شفتيها، وكلمة ثناء على حسن اختيارها، ورقة وبهجة تشيع في أرجاء البيت.
- تخصيص وقت للجلوس معًا والإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم، وقد تعجَّب بعض الشرّاح لحديث أم زرع من إنصات الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة –رضي الله عنها- الطويل وهي تروي القصة .. من المهم تخصيص هذه الجلسات الحميمية يتصارح فيها كلا الزوجين، ويتحدثان لبعضهما عما يشعر كل طرف منهما تجاه الآخر، وذلك حتى يتخلصا من كمِّ المشاحنات الداخلية والرواسب النفسية.
- النظرات التي تنم عن الحب والإعجاب، فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلها عن طريق أداء الواجبات الرسمية، أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية من خلال تعبيرة الوجه، ونبرة الصوت، ونظرات العيون .. فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي.
- التحية الحارة والوداع عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم، وعبر الهاتف.
- الثناء على الزوجة، وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها، وعدم مقارنتها بغيرها.
- الاشتراك معًا في عمل بعض الأشياء الخفيفة كالتخطيط للمستقبل، أو ترتيب المكتبة، أو المساعدة في طبخة سريعة، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد، أو كتابة طلبات المنزل الأسبوعية، وغيرها من الأعمال الخفيفة التي تكون سببًا للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة.
- التوازن في الإقبال والتمنع، وهذه وسيلة مهمة، فلا يُقبل على الآخر بدرجة مفرطة، ولا يتمنع وينصرف عن صاحبه كليًا، وقد نُهِيَ عن الميل الشديد في المودة، وكثرة الإفراط في المحبة، ويحتاج التمنع إلى فطنة وذكاء فلا إفراط ولا تفريط، وفي الإفراط في الأمرين إعدام للشوق والمحبة، وقد ينشأ عن هذا الكثير من المشاكل في الحياة الزوجية - التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات، كأن تمرض الزوجة أو تحمل، فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج لسبب ما، فيحتاج إلى عطف معنوي، وإلى من يقف بجانبه، فالتألم لآلم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين، وجعلهما أكثر قربًا ومحبة أحدهما للآخر.
- التجديد المستمر؛ فلا بد أن تجيد الزوجة فنّ التغيير، التغيير في الملبس والتغيير في المكياج، والتغيير في تسريحة الشعر، والتغيير في العطور... نعم عند الزوجة ملابس مناسبة، وعطور جيدة وشعر جميل، ولكن هذا لا يُغني؛ إذ إن التغيير مطلوب في حدّ ذاته، فهو من البهارات اللازمة لتغيير نمط العلاقة الزوجية.
- لا تلغي وجود زوجتك، فالشورى مهمة في الحياة الزوجية، ولابد أن يشعر كل واحد بأنه مشارك فعال في الأسرة وأنه غير مهمل.
- الاختلاف الدائم في الرأي يؤدي غالباً إلى اختلاف القلوب، فوافقي زوجك أحياناً حتى وإن كنت غير مقتنعة. واعلمي أن الطاعة في غير معصية الله، وأنها من المعروف.
- الإجازات من أعظم الوسائل لقتل الملل في الحياة الزوجية، فلابد من جعل يوما واحدا في الأسبوع للخروج للترفيه عن النفس الابتعاد عن الروتين المنزلي، وجعل يوم في الشهر لخروج الزوج والزوجة فقط دون الأبناء، وحبذا لو كان الذهاب إلى مكان شاعري أو مكان له ذكريات جميلة في حياة الزوجين، ولو خُتمت النزهة بهدية رقيقة من أحد الزوجين لكان أفضل وأروع.
- يجب على الزوجة أن تراعي ظروف زوجها، فالحياة صارت من الصعوبة لتوفير حياة كريمة، كما يجب عليها أن تشاركه روحيًّا ومعنويًّا لتشعره أنَّها شريكته في الكِفاح، ولتصرف عن نفسه الشعور بأنه وحيد في حياته، أو أنها بعيدة عنه وتريد نفسها فقط، أو أن اهتمامها به قلَّ نظرًا لظروفه الحياتية التي أجِبَر عليها.
وأخيرا فلقد ثبت علميا أن المرأة لديها القدرة على التجديد والابتكار أكثر من الرجل. إذ أن طبيعة المرأة تجعل لديها القدرة على التخيل والابتكار، والتجديد دائماً يحتاج إلى تخيل وابتكار، ومن المشاكل التي تواجه المرأة المجددة في الحياة الزوجية أن الزوج لا يشجعها أحيانا، وإذا كان الزوج لا يشجع زوجته على التجديد فأنها لن تستمر.
يقول علماء السلوك: «إننا إذا لم نمتدح صاحب السلوك الحسن، فإنه سيترك سلوكه، ولكن ذم السلوك السيِّئ لا يؤدي دوماً إلى ترك السلوك السيِّئ» لذا فهم يؤكدون على أهمية امتداح السلوك الإيجابي.
وفي أحيان أخرى ترى الزوجة التجديد من زاوية معينة ولكن الزوج يراه من زاوية أخرى، ولكن الأصل في الموضوع هو السعادة، فليحاول كل طرف أن يري الطرف الآخر من زاويته، فهي غاية الهدف، لأنهم سيرون زاويتين جديدتين، وهي مشاعر في قمة الروعة والجمال.
والمشكلة الأخرى هي مشكلة هؤلاء الأشخاص الذين ينتظرون من الآخرين أن يدخلوا السرور على قلوبهم ولا يبادرون هم بهذا العمل.

حكمة الأسبوع

صورة مستخدم.


عندما ترغب بتلوين حياتك فاستعن بالألوان التالية ::::
الصلاة ..الصبر ..الإبتسامة ..التفاؤل ..
حينها ستصبح حياتك جميلة

قصة آية .. "يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا"

صورة مستخدم.
  
قصة آية .. "يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا"
-----------------------------------------------------
نزلت هذه الآية الكريمة في عقبة بن أبي معيط حيث كان من وجهاء قريش وكان هو وأمية بن خلف الجمحي خليلين , وكان عقبة يجالس النبي صلى الله عليه وسلم , بمكة لا يؤذيه ، وكان رجلاً حليماً ، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه ، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشا , ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم , وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش أحد فأسلم ونطق بالشهادتين , فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل من طعامه وكان خليل أبي معيط أمية بن خلف غائب عنه بالشام
فقالت قريش: صبأ أبو معيط ، وقدم خليله من الشام ليلاً ،
فقال: ما فعل خليلي أبو معيط ؟
فقالوا له : صبأ ، فبات بليلة سوء ، فلما أصبح أتاه أبو معيط ، فحياه ، فلم يردّ عليه التحية ،
فقال : مالك لا تردّ عليّ تحيتي ؟ ،
فقال: كيف أردّ عليك تحيتك ، وقد صبوت ؟ قال : أو قد فعلتها قريش ؟
قال نعم ، فقال عقبة : رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش , فقال له أمية : وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا
قال أبو معيط : فما يبريء صدرك إن أنا فعلته ؟ فقال له خليله : لا أرضى حتى ترجع وتأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه ، وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت ففعل عدو الله ما أمره به خليله , طاعة لخليله وإرضاءً له ولما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه , حتى أثر في وجهه وأحرق خديه , فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل ,
فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله فلما كان يوم بدر ، وخرج أصحابه أبى أن يخرج ، فقال له أصحابه : أخرج معنا ، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً فقالوا : لك جمل أحمر لا يدرك ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه ، فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين ، وحمل به جمله في جدود من الأرض ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش ، وقدم إليه أبو معيط ،
فقال : أتقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم بما بزقت في وجهي ، فأنزل الله في أبي معيط { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ (29) } الفرقان فقتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر , وقتل أمية في المعركه
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً[27]يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً[28]لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27ـ29].

2015-04-08

ما لا تعرفه عن كلمة التوحيد

  ما لا تعرفه عن كلمة التوحيد
(( لا إله إلا الله محمد رسول الله ))
كلمة التوحيد هي كلمة الإخلاص , وشهادة الحق , ودعوة الرسل , وبراءة من الشرك , ونجاة العبد , ورأس هذا الأمر , ولأجلها خُلق الخلق كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }[ الذاريات / 56 ] ولأجلها أرسلت الرسل , وأُنزلت الكتب كما قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون }[ الأنبياء / 25 ] ومن أجلها أفترق الناس إلى فريقين , فريق في الجنة وفريق في السعير , ومن أجلها حقت الحاقة , ووقعة الواقعة , ومن أجلها سُلت سيوف الجهاد , وفارق الابن أباه , والزوج زوجته فلا يدخل الإنسان في الإسلام إلا بعد أن يشهد هذه الشهادة , شهادة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فإن أبى فلا يكون من أهل الإسلام والتوحيد , بل هو من أهل الكفر والشرك , ولذا هي الركن الأول من أركان الإسلام , وهي مفتاح الجنة .
وفي الصحيحين عن ابن المسيب عن أبيه , قال : ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل , فقال له : (( يا عم قل : لا إله إلا الله . كلمة أحاج لك بها عند الله )) فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟! فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا , فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب . وأبى أن يقول لا إله إلا الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لأ ستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك )) فأنزل الله عزوجل : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }[ التوبة / 113 ] وانزل في أبي طالب : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء }[ القصص / 56 ] ) .
وهذا يدل على عِظم هذه الكلمة الجليلة , فأبى طالب مات على ملة الشرك , ملة أبيه عبد المطلب بسبب عدم نطقه لهذه الكلمة العظيمة .
* ومعنى هذه الكلمة أي : لا معبود بحق إلا الله . فهي جامعة للنفي والإثبات , فـ( لا إله ) نفي لجميع ما يعبد من دون الله - كالأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء والأولياء والجن الذين عُبدوا من دون الله - و ( إلا الله ) إثبات العبادة لله وحدة لا شريك له في العبادة دون غيره من المعبودات .
وأما ( محمد رسول الله ) فمعناها : طاعته فيما أمر , وتصديقه فيما أخبر , واجتناب ما نهى عنه وزجر , وأن لا يعبد الله إلا بما شرع . وهذا التعريف لمعنى شهادة محمد رسول الله شامل لها , لأن العبادة لابد أن تكون موافقة لما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا يُعبد الله بالبدع , والخرافات , وما يستحسنه الناس من عند أنفسهم .
* وأما خصائص كلمة التوحيد فمنها : أنها لا تشتمل على حرف منقوط . قال ابن عبد الهادي الحنبلي : ( ومن خواصها أن حروفها كُلها مهملة ليس فيها حروف معجمة تنبيهاً على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى )[3] وقال محمد بن أبي الفتح البعلي : ( ومن خواصها أن جميع حُروفها جوفية , ليس فيها شيء من الشفوية , إشارة إلى أنها تخرج من القلب ) . * وأما شروطها فثمانية وقد نظمها بعضهم في قوله :
عـلم يقين وإخلاص وصدقك مع * * * محبةٍ وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما * * * سوى الإله من الأشياء قد أُلها

فالأولى : العلم بمعناها المنافي للجهل . وقد ذكرنا أنفاً معناها أي لا معبود بحق إلا الله .
الثانية : اليقين المنافي للشك , فلابد في حق قائلها أن يكون على يقين بأن الله سبحانه هو المعبود بحق .
الثالثة : الإخلاص وذلك بأن يخلص العبد لربه سبحانه في جميع العبادات , فلا يصرف شيء من العبادات لغيره - كالأصنام , أو الملائكة , أو الأنبياء , أو الأولياء , أو الجن - أو غير ذلك .
الرابعة : الصدق ومعناه : أن يقولها وهو صادق بحيث يطابق قلبه لسانه , ولسانه قلبه , فإن قالها باللسان فقط بدون إيمان القلب , فهو من المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .
الخامسة : المحبة ومعناها : أن يحب الله عزوجل , فإن قالها بدون محبة الله , فهو أيضاً منافق قال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حباً لله }[ البقرة / 165 ] .
السادسة : الانقياد لما دلت عليه من معنى , بحيث يعبد الله وحده وينقاد لشريعته , فلا يكون مستكبراً عن العبادة كما استكبر إبليس عن طاعة الله .
السابعة : القبول لما دلت عليه من إخلاص العبادة لله , وترك عبادة ما سواه راضياً بذلك .
الثامنة : الكفر بما يعبد من دون الله . أي : يتبرأ من عبادة غير الله , ويعتقد أنها عُبدت بالباطل , كما قال تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميعٌ عليم }[5][ البقرة / 256 ] .
* وأما الفوائد التي تحصل لذاكرها ومرددها فكثيرة جداً . نقل ابن حجي الحنبلي في رسالةٍ له سماها \" الكلام المُنقى مما يتعلق بكلمة التقوى \" عن صاحب كتاب \" فاكهة القلوب والأفواه \" أنه قال : (
فمنها الزهد , ونعني به خلو الباطن من الميل إلى فان .
ومنها التوكل , وهو ثقة القلب بالوكيل الحق سبحانه وتعالى .
ومنها الحياء , بتعظيم الله عز وجل بدوام ذكره , والتزام امتثال أمره ونهيه .
ومنها الشكر , وهو إفراد القلب بالثناء على الله تعالى , ورؤية النعم في طي النقم )
ثم قال ابن حجي مستدركاً عليه : ( قلت : ومنها أنها تعصم الدم والمال لمن قالها إلا بحقها ) .
* وأما فضائلها فقد عقد الحافظ زين الدين ابن رجب , فصلاً يبلغ (13) صفحة في كتابه \" التوحيد أو تحقيق كلمة الإخلاص \" وسوف أذكر بعضها باختصار :
1/ هي نجاة من النار .
2/ توجب المغفرة .
3/ أحسن الحسنات .
4/ تمحو الذنوب والخطايا .
5/ تجدد ما درس من الإيمان في القلب .
6/ لا يعدلها شيء في الوزن .
7/ تخرق الحُجب كلها حتى تصل إلى الله عزوجل إذا قالها القائل .
8/ ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه إذا كان قالها مخلصاً .
9/ أفضل ما قاله النبيون .
10/ أفضل الذكر .
11/ أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفاً في الأجر وتعدل عتق رقبة وتكون حرزاً من الشيطان .
12/ أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر .
13/ شعار المؤمنين إذا قاموا من القبور .
14/ أن قائلها لا يخلد في النار[7].
* وأما نواقضها فكثيرة جداً حتى قيل أنها تبلغ (400) ناقض لكن أهمها وأخطرها عشرة نواقض , وهي :
1/ الشرك بالله , كالذبح للجن وللأولياء - مثل ما كان يُعمل في الجاهلية للأصنام - .
2/ من جعل بينه وبين الله وسائط , يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم .
3/ من لم يُكفر المشركين , أو شك في كفرهم , أو صحح مذهبهم 4/ من أعتقد أن هدي غير الرسول صلى الله عليه وسلم , أكمل من هديه , أو أن حكم غيره أحسن من حكمه - كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكم الشرع - .
5/ من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به - كمن يبغض القرآن أو السنة - .
6/ من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم , أو ثوابه - كنعيم الجنة - أو عقابه - كالآخرة وما فيها من أنواع العذاب - .
7/ السحر , والصرف , والعطف .
8/ مناصرة المشركين والكفار على المسلمين .
9/ من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة الرسول - كما فعل الخضر مع موسى - .
10/ الإعراض عن تعلم دين الله فلا يتعلمه ولا يعمل به.

عُنْوَانِ الحِكَمِ ( النُّونِيَّةُ )

صورة مستخدم.
   
عُنْوَانِ الحِكَمِ ( النُّونِيَّةُ ) ( )
شَاعِرُ زَمَانِهِ , المُحَدِّثُ
أَبُو الفَتْحِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحُسَيْنِ البُستي
[ عدد الأبيات : 63]
[البحر : البسيط]

زِيَادَةُ المَرْءِ فِي دُنْيَاهُ نُقْصَانُ
(1) وَرِبْحُهُ غَيْرَ مَحْضِ الْخَيْرِ خُسْرَانُ
وَكُلُّ وِجْدَانِ حَظٍّ لاَثَبَاتَ لَهُ
(2) فَإِنَّ مَعْنَاهُ فِي التَّحْقِيقِ فِقْدَانُ
يَا عَامِراً لِخَرَابِ الدَّارِ مُجْتَهِداً
(3) بِاللهِ هَلْ لِخَرَابِ العُمْرِ عُمْرَانُ ؟
وَيَا حَرِيصاً عَلَى الأَمْوَالِ تَجْمَعُهَا
(4) أُنْسِيتَ أَنَّ سُرُورَ المَالِ أَحْزَانُ ؟
زَعِ الفُؤَادَ عَنِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
(5) فَصَفْوُهَا كَدَرٌ وَالْوَصْلُ هِجْرَانُ( )
وَأَرْعِ سَمْعَكَ أَمْثَالاً أُفَصِّلُهَا
(6) كَمَا يُفَصَّلُ يَاقُوتٌ وَمَرْجَانُ
أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ
(7) فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإِنْسَانُ إِحْسَانُ
يَا خَادِمَ الجِسْمِ كَمْ تَشْقَى بِخِدْمَتِهِ
(8) أَتَطْلُبُ الرِّبْحَ فِيمَا فِيهِ خُسْرَانُ ؟
أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا
(9) فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لاَ بِالْجِسْمِ إِنْسَانُ
وَإِنْ أَسَاءَ مُسِيءٌ فَلْيَكُنْ لَكَ فِي
(10) عُرُوضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وَغُفْرَانُ
وَكُنْ عَلَى الدَّهْرِ مِعْوَاناً لِذِي أَمَلٍ
(11) يَرْجُو نَدَاكَ فَإِنَّ الحُرَّ مِعْوَانُ
وَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِماً
(12) فَإِنَّهُ الرُّكْنُ إِنْ خَانَتْكَ أَرْكَانُ
مَنْ يَتَّقِ اللهَ يُحْمَدْ فِي عَوَاقِبهِ
(13) وَيَكْفِهِ شَرَّ مَنْ عَزُّوا وَمَنْ هَانُوا
مَنِ اسْتَعَانَ بِغَيْرِ اللهِ فِي طَلَبٍ
(14) فَإِنَّ نَاصِرَهُ عَجْزٌ وَخِذْلاَنُ
مَنْ كَانَ للخَيْرِ مَنَّاعاً فَلَيْسَ لَهُ
(15) عَلَى الْحَقِيقَةِ إِخْوَانٌ وَأَخْدَانُ
مَنْ جَادَ بِالمَالِ مَالَ النَّاسُ قَاطِبَةً
(16) إِلَيْهِ وَالمَالُ للإِنْسَانِ فَتَّانُ
مَنْ سَالَمَ النَّاسَ يَسْلَمْ مِنْ غَوَائِلِهِم
(17) وَعَاشَ وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ جَذْلاَنُ
مَنْ كَانَ للْعَقْلِ سُلْطَانٌ عَلَيْهِ غَدَا
(18) وَمَا عَلَى نَفْسِهِ للْحِرْصِ سُلْطَانُ
مَنْ مَدَّ طَرْفاً لِفَرْطِ الْجَهْلِ نَحْوَ هَوَىً
(19) أَغْضَى عَلَى الْحَقِّ يَوْماً وَهْوَ خَزْيَانُ
مَنْ عَاشَرَ النَّاسَ لاَقَى مِنْهُمُ نَصَباً
(20) لأَنَّ سُوْسَهُمُ بَغْىٌ وَعُدْوَانُ
وَمَنْ يُفَتِّشْ عَنِ الإِخْوَانِ يَقْلِهِمُ
(21) فَجُلُّ إِخْوَانِ هَذَا العَصْرِ خَوَّانُ
مَنِ اسْتَشَارَ صُرُوفَ الدَّهْرِ قَامَ لَهُ
(22) عَلَى حَقِيقَةِ طَبْعِ الدَّهْرِ بُرْهَانُ
مَنْ يَزْرَعِ الشَّرَّ يَحْصُدْ فِي عَوَاقِبِهِ
(23) نَدَامَةً وَلِحَصْدِ الزَّرْعِ إِبَّانُ
مَنِ اسْتَنَامَ إِلَى الأَشْرَارِ نَامَ وَفِي
(24) قَمِيصِهِ مِنْهُمُ صِلٌ وَثُعْبَانُ
كُنْ رَيَّقَ البِشْرِ إِنَّ الحُرَّ هِمَّتُهُ
(25) صَحِيفَةٌ وَعَلَيْهَا البِشْرُ عُنْوَانُ
وَرَافِقِ الرِّفْقَ فِي كُلِّ الأُمُورِ فَلَمْ
(26) يَنْدَمْ رِفيقٌ وَلَمْ يَذْمُمْهُ إِنْسَانُ
وَلاَ يَغُرَّنْكَ حَظٌّ جَرَّهُ خَرَقٌ
(27) فَالخَرْقُ هَدْمٌ وَرِفْقُ الْمَرْءِ بُنْيَانُ
أَحْسِنْ إِذَا كَانَ إِمْكَانٌ وَمَقْدِرَةٌ
(28) فَلَنْ يَدُومَ عَلَى الإِحْسَانِ إِمْكَانُ
فَالرَّوْضُ يَزْدَانُ بِالأَنْوَارِ فَاغِمَةً
(29) وَالحُرُّ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ يَزْدَانُ
صُنْ حُرَّ وَجْهِكَ لاَ تَهْتِكْ غِلاَلَتَهُ
(30) فَكُلُّ حُرٍّ لِحُرِّ الْوَجْهِ صَوَّانُ
فَإِنْ لَقِيتَ عَدُواً فَالْقَهُ أَبَداً
(31) وَالْوَجْهُ بِالبِشْرِ وَالإِشْرَاقِ غَضَّانُ
دَعِ التَّكَاسُلَ فِي الْخَيْرَاتِ تَطْلُبُهَا
(32) فَلَيْسَ يَسْعَدُ بِالْخَيْرَاتِ كَسْلاَنُ
لاَ ظِلَّ لِلْمَرْءِ يَعْرَى مِنْ تُقَىً وَنُهىً
(33) وَإِنْ أَظَلَّتْهُ أَوْرَاقٌ وَأَفْنَانُ
وَالنَّاسُ أَعْوَانُ مَنْ وَالَتْهُ دَوْلَتُهُ
(34) وَهُمْ عَلَيْهِ إِذَا عَادَتْهُ أَعْوَانُ
"سَحْبَانُ" مِنْ غَيْرِ مَالٍ "بَاقِلٌ" حَصِرٌ
(35) وَ "بَاقِلٌ" فِي ثَرَاءِ المَالِ "سَحْبَانُ"
لاَ تُوْدِعِ السِّرَّ وَشَّاءً يَبُوحُ بِهِ
(36) فَمَا رَعَى غَنَماً فِي الدَّوِّ سِرْحَانُ
لاَ تَحْسَبِ النَّاسِ طَبْعاً وَاحِداً فَلَهُمْ
(37) غَرَائِزٌ لَسْتَ تُحْصِيهِنَّ أَلْوَانُ
مَا كُلُّ مَاءٍ كَصَدَّاءٍ لِوَارِدِهِ
(38) نَعَمْ وَلاَ كُلُّ نَبْتٍ فَهْوَ سَعْدَانُ
لاَ تَخْدِشَنَّ بِمَطْلٍ وَجْهَ عَارِفَةٍ
(39) فَالْبِرُّ يَخْدِشُهُ مَطْلٌ وَلَيَّانُ
لاَ تَسْتَشِرْ غَيْرَ نَدْبٍ حَازِمٍ يَقِظٍ
(40) قَدِ اسْتَوَى فِيهِ إِسْرَارٌ وَإِعْلاَنُ
فللتَّدَابِيرِ فُرْسَانٌ إِذَا رَكَضُوا
(41) فِيهَا أَبَرُّوا كَمَا للحَرْبِ فُرْسَانُ
وَلِلأُمُورِ مَوَاقِيتٌ مُقَدَّرَةٌ
(42) وَكُلُّ أَمْرٍ لَهُ حَدٌّ وَمِيزَانُ
فَلاَ تَكُنْ عَجِلاً بِالأَمْرِ تَطْلُبُهُ
(43) فَلَيْسَ يُحْمَدُ قَبْلَ النُّضْج بُحْرَانُ
كَفَى مِنَ الْعَيْشِ مَا قَدْ سَدَّ مِنْ عَوَزٍ
(44) فَفِيهِ للحُرِّ إِنْ حَقَّقتَ غُنْيَانُ
وَذُو الْقَنَاعَةِ رَاضٍ مِنْ مَعِيشَتِهِ
(45) وَصَاحِبُ الحِرْصِ إِنْ أَثْرَى فَغَضْبَانُ
حَسْبُ الْفَتَى عَقْلُهُ خِلاًّ يُعَاشِرُهُ
(46) إِذَا تَحَامَاهُ إِخْوَانٌ وَخِلاَّنُ
هُمَا رَضِيعَا لَبَانٍ : حِكْمَةٌ وَتُقَىً
(47) وَسَاكِنا وَطَنٍ : مَالٌ وَطُغْيَانُ
إِذَا نَبَا بِكَرِيمٍ مَوْطِنٌ فَلَهُ
(48) وَرَاءَهُ فِي بَسِيطِ الأَرْضِ أَوْطَانُ
يَا ظَالِماً فَرِحاً بِالعِزِّ سَاعَدَهُ
(49) إِنْ كُنْتَ فِي سِنَةٍ فَالدَّهْرُ يَقْظَانُ
مَا استَمْرَأَ الظُّلْمَ لَوْ أَنْصَفْتَ آكِلُهُ
(50) وَهَلْ يَلَذُّ مَذَاقَ المَرْءِ خُطْبَانُ
يَا أَيُّهَا العَالِمُ المَرْضِيُّ سِيرَتُهُ
(51) أَبْشِرْ فَأَنْتَ بِغَيْرِ المَاءِ رَيَّانُ
وَيَا أَخَا الْجَهْلِ لَوْ أَصْبَحْتَ فِي لُجٍَج
(52) فَأَنْتَ مَا بَيْنَهَا لاَ شَكَّ ظَمْآنُ
لاَ تَحْسَبَنَّ سُرُوراً دَائِماً أَبَداً
(53) مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ
إِذَا جَفَاكَ خَلِيلٌ كُنْتَ تَألَفُهُ
(54) فَاطْلُبْ سِوَاهُ فَكُلُّ النَّاسِ إِخْوَانُ
وَإِنْ نَبَتْ بِكَ أَوْطَانٌ نَشَأْتَ بِهَا
(55) فَارْحَلْ فَكُلُّ بِلاَدِ اللهِ أَوْطَانُ
يَا رَافِلاً فِي الشَّبَابِ الرَّحْبِ مُنْتَشِياً
(56) مِنْ كَأْسِهِ هَلْ أَصَابَ الرُّشْدَ نَشْوَانُ ؟
لاَ تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ رَائِقٍ نَضِرٍ
(57) فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الشِّيبِ شُبَّانُ
وَيَا أَخَا الشَّيْبِ لَوْ نَاصَحْتَ نَفْسَكَ لَمْ
(58) يَكُنْ لِمِثْلِكَ فِي اللَّذَّاتِ إِمْعَانُ
هَبِ الشَّبِيبَةَ تُبْدِي عُذْرَ صَاحِبِهَا
(59) مَا عُذْرُ أَشْيَبَ يَسْتَهْوِيهِ شَيْطَانُ؟!
كُلُّ الذُّنُوبِ فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُهَا
(60) إِنْ شَيَّعَ المَرْءَ إِخْلاَصٌ وَإِيمَانُ
وَكُلُّ كَسْرٍ فَإِنَّ الدِّينَ يَجْبُرُهُ
(61) وَمَا لِكَسْرِ قَنَاةِ الدِّينِ جُبْرَانُ
خُذْهَا سَوَائِرَ أَمْثَالٍ مُهَذَّبَةً
(62) فِيهَا لِمَنْ يَبْتَغِي التِّبْيَانَ تِبْيَانُ
مَا ضَرَّ حَسَّانَهَا ـ وَالطَّبْعُ صَائِغُهَا ـ
(63) إِنْ لَمْ يَصُغْهَا قَرِيعُ الشِّعْرِ "حَسَّانُ"

فائدة:

صورة مستخدم.
 فائدة:
تأمّل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله, وله الحمد كله أزمّة الأمور كلها بيده, ومصدرها منه, ومردّها إليه, مستويا على سرير ملكه, لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته, عالما بما في نفوس عبيده, مطّلعا على أسرارهم وعلانيتهم, منفردا بتدبير المملكة, يسمع ويرى, يعطي ويمنع, ويثيب ويعاقب, ويكرم ويهين, يخلق ويرزق, ويميت ويحيي, ويقدر ويقضي ويدبّر.الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها, وصاعدة إليه لا تتحرّك ذرّة إلا بإذنه, ولا تسقط ورقة إلا بعلمه. فتأمّل كيف تجده يثني على نفسه, ويمجّد نفسه, ويحمد نفسه, وينصح عباده, ويدلّهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم, ويرغّبهم فيه, ويحذّرهم مما فيه هلاكهم, ويتعرّف إليهم بأسمائه وصفاته, ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه, فيذكّرهم بنعمه عليهم, ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها, ويحذّرهم من نقمه ويذكّرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه, وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه, ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه, وكيف كابت عاقبة هؤلاء وهؤلاء, ويثني على أوليائه بصالح أعمالهم, وأحسن أوصافهم, ويذم أعداءه بسيئ أعمالهم, وقبيح صفاتهم. ويضرب الأمثال, وينوّع الأدلّة والبراهين, ويجيب عن شبه أعدائه أحسن الأجوبة, ويصدق الصادق, ويكذب الكاذب, ويقول الحق, ويهدي السبيل, ويدعو إلى دار السلام, ويذكر أوصافها وحسنها ونعيمها, ويحذّر من دار البوار, ويذكر عذابها وقبحها وآلامها, ويذكر عباده فقرهم إليه وشدّة حاجتهم إليه من كل وجه, وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين, ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات, وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه, وكل ما سواه فقير إليه بنفسه, وأنه لا ينال أحد ذرّة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته, ولا ذرّة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته. ويشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب, وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم ومقيم أعذارهم, ومصلح فسادهم والدافع عنهم, والمحامي عنهم, والناصر لهم, والكفيل بمصالحهم, والمنجي لهم من كل كرب, والموفي لهم بوعده, وأنه وليّهم الذي لا ولي لهم سواه فهو مولاهم الحق, ونصيرهم على عدوهم, فنعم المولى ونعم النصير.فإذا شهدت القلوب من القرآن ملكا عظيما رحيما جوادا جميلا هذا شأنه فكيف لا تحبّه, وتنافس في القرب منه, وتنفق أنفاسها في التودد إليه, ويكون أحب إليها من كل ما سواه, ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه؟ وكيف لا تلهج بذكره, ويصير الحب والشوق إليه والأنس به غذاؤها وقوتها ودواؤها, بحيث إن فقدت ذلك فسدت وهلكت, ولم تنتفع بحياتها.
من كتاب الفوائد لابن القيم رحمه الله رحمة واسعة .