جمعية نور للثّقافة والإبداع والتوعية لولاية سطيف
تحت إشراف رئيس المجلس الشّعبي ببلديّة قجال
بالاشتراك مع فوج الصباح لقدماء الكشّافة الإسلاميّة
وتحت فضاء مكتبة ابن سينا ببلدية قجال.
نظّمت : الملتقى الأدبي بمناسبة عيد الاستقلال والشّباب 2024
عيد الاستقلال عيد نتذكّر فيه قيمة الأمان ، وقدر الشّهداء ، وعظمة الأفعال التي تركها رجال لا يخافون الموت بقدر خوفهم من طمس الهويّة وتبديدها كالغيوم بين الأيّام ، رجال داسوا على أرواحهم ليبقى وجه الوطن سليما .
ولا بدّ للأدب أن يقول كلمته الأدبيّة بهذه المناسبة العظيمة ، ويستلّ مجازه من غمد المداد ويكتب قرحته الطّافية على الأيّام ويضمّدها بتاريخ ثوري جمع بين الرّصاص والكلمة معا
كبريت الثّورة شبّ في كلّ مكان جسديّا وروحيا وفكريا وأدبيا ، معركة وجود وحرب هويّة ساهم فيها الشّباب بشكل كبير لندرك قيمة هذه الفئة ودورها في قلب المصير .
عيد للذّاكرة تزيّنه الكلمات الرّنانة ، والقصائد العذبة والدّلائل المجازية التي ترفض النّسيان ثورة أخرجت الرّجولة الشّرسة من لبّ الحجارة وجذوع الشّجر وحبر الدّم ومن المعاناة الّتي تكبّدها رجال ذابت جلودهم تحت وسائل التّعذيب ، وقطعت رؤوسهم على أبواب المعارك ، وشرّدت الطّفولة على الملأ ، وجرحت الأمومة حتى استؤصلت ضفائرها الناعمة ، وتكوّمت آلاف الجثث الطّاهرة على الطّرقات ، وامتزجت بالوديان ، وأحرقت في أكوام كبيرة .
كيف لا يكون للكاتب ذاك العازف المحترف على وتر الشّعور ليخرج من ذاته الوطنيّة حبّا أكبر من الوصف يشذو به على المنابر وتغرّد روحه به على سور الحريّة .
مداد لا بدّ أن ينزف من الرّوح كما نزف قبلا من شعاب الوطن ، ويبلّل الدّفاتر بمفاخر ثورة مجيدة لا ينساها التّاريخ طالما هناك رسول حرف يبثّ مواجعها بأسلوب فنيّ أدبيّ يرسّخ ذاكرة أمّة .
عيد حين نقف أمام ذكرياته نزداد قامة وغبطة وألما لأنّ الثّمن كان غاليا جدا ولأنّ الكتابة عنه تتطلّب جيوشا مدجّجة بالعبارات والسّطور تسير في نسق واحد وتنفجر بإبداعها الممزوج بالفخر والألم لتشذو بحنجرة واحدة .ترانيم استقلال عظيم لشعب عظيم
زيّن الأمسية الأدبيّة الاحتفائيّة بذكرى الاستقلال وقاد مجلسها بحنكة لغويّة بائنة الشّاعر القدير عاشور دبشون والشاعرة القديرة نكاز زهية التي كانت بمثابة فراشة ملوّنة بجميل حضورها ، وعذوبة مفرداتها مثل عود هادئ يصدح بالجمال ، استهلّ اللّقاء بكلمة ترحيبيّة لرئيس الجمعية الذي قدّم عبارات كلّها فرح وسرور بالحضور الكريم الذي وضع ثقته في الجمعيّة كما ثمّن هذه المناسبة العظيمة التي سنحت لتشييد هذا الصّرح الأدبيّ بالقامات الكبيرة التي ساهمت في علوّه ، ليتمّ بعدها الافتتاح بآيات بينات من الذّكر الحكيم لأحد أشبال الكّشافة الإسلاميّة بقراءة روحانيّة رهيبة بحنجرة عذبة هادئة ، استمعنا بعدها للنّشيد الوطنيّ الجزائري الذي اقشعرت له الأبدان والجدران ، وقد أثرى بعدها الجوّ الفكري والأدبي الدكتور ساعد بروشي بمداخلته القيمة التي أبدع في إلقائها كلمة ودلالة ومغزى ، تقدّم الدكتور نزيم مسعودي بمداخلة لا تقلّ عن سابقتها روعة وثقلا فكريا عميقا ، لنرتحل بعدها مع السيد رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي ألقى على مسامعنا كلمة زكيّة ثمّن من خلالها الوفاء الوطنيّ للجمهور الحاضر كما أبدى سعادته الغامرة بإحياء مثل هذه المناسبات القيّمة منوّها بجهود الجمعية الجبّارة في مختلف الميادين والملتقيات ، لتنطلق بعدها الرحلة الموعودة نحو الفن والأدب والجمال بدون أحزمة أو مراكب أو سفر بقراءة شعرية ماتعة للكاتبة والشاعرة لبنى مجرقي بعنوان ما لم تقله الذكرى الأخيرة كانت قراءة أشبه بالسّفر بلا أجنحة نحو العمق الإنساني بصوت عذب كصوت العصافير التي تطلق العنان لحناجرها كلّ صباح ، تلتها قراءة شعرية ممتعة للشاعر احمد حجيري بقراءة للقصائد: ذكرى وتذكر، الجزائر جمال وتاريخ حيث أمتعنا جدا ببديع الصّور وقوّة المجاز والتّلاعب باللغة والحروف ، أحيلت كلمة الوجدان للشاعر بوزيد بن دريس بتقديم قصيدته في شعر المعارضة بعنوان بقايا عاشق حول المناسبة أمتعنا خلالها ببديع ما نسجته روحه من بوح يفوق جمال البلاغة ، استمعنا بعدها لتغريد منفرد لقصيدة سفر الخلود ، وقد كان لي شرف تقديم كلمة حول مناسبة عيد الاستقلال المجيد بكلمة أدبيّة فنيّة متواضعة سعدت بإلقائها على مسامع القلوب قبل الآذان متمنّيا لها إقامة طيّبة في شعاب الأرواح الحاضرة التي أسعدني التواجد برفقتها .
وقد انتقل الشّاعر الجميل من منصّة التّنشيط إلى ركح البوح بقراءة شعريّة ماتعة لإحدى قصائده الرائعة التي عطّرت جوّ القلب المتعب ، تلته كلمة الدكتور محشاشة حول غزة وفلسطين ذاك الجرح الغائر حدّ النخاع ، ليعتلي صهوة الشّعر من بعده الشّاعر أحمد حجيرة بإلقاء بعض من حروفه الفنيّة الجميلة التي دغدغت الوجدان بإيقاعاتها الهادئة .
وفي ختام اللّقاء الأدبيّ التّاريخي تمّ تكريم المشاركين الذين فعّلوا الأمسية بحناجرهم الرّنانة وكذا تكريم جمعية قدماء الكشافة الاسلامية التي كانت حاضرة ببراعمها الذين زيّنوا اللحظات بحضورهم اللّطيف .
أشكر في الأخير رئيس المجلس الشّعبي البلدي على تواضعه الجميل وحرصه العميق وعنايته الرّشيدة واهتمامه الكبير بمثل هذه التّظاهرات وليس غريبا عنه هذا الانحياز الروحاني لفضاءات الأدب والفن والثّقافة كأنه شقّ من مزهريّتها المتفتّحة على الدّوام ، أشكر الجمعية وكلّ أعضائها على إحياء هذه المناسبة تحت ضوء الصّدق والأخوة والعطاء ورسم هذه اللّوحات الحقيقيّة ، كما أشكر شكرا خاصا مديرة المكتبة على ما قدّمته من حرص واهتمام وحسن إدارة واستقبال.
قجال في 30ذو الحجة1445هـ 06 جويلية 2024م
بقلم عبد النور خبابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق