السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آخر أخبار قناة العربية

آخر موضوعات المدونة

2024-07-17

الرّواية الجزائريّة إلى أين ؟


 الرّواية الجزائريّة إلى أين ؟

إذا كان الهدف من العمل الرّوائي تشريح الواقع المعيش بكلّ تفاصيله وتقديمه على أساس محايد للكاتب الذي يتملّص من الفكرة المراد الإشارة إليها والإمعان في تقديم تفسير جمالي للواقع ، وطرح رؤية فنيّة ، والتّملّص قدر المستطاع من الرّتابة في السّرد والتّسلسل المنطقي للأحداث والخروج عن الإطار الزّمني والمكاني ، وتسليط الضّوء الفني على العلاقات الإنسانية والاجتماعية وتحليلها في قالب روائي جديد بعيد كلّ البعد عن الكاتب ولصيق بواقع الشّخصيات وتحليله والكشف عن مكنوناته وخفاياه فإن هذا لا يخوّل لبعض الكتّاب الذين يتشبّثون برداء الحداثة الجديدة السّفور الأدبي ، والوقاحة الفنيّة ، والانسلاخ عن القيم ككلّ ، وتقديم عمل لم أجد له مبرّرا ولا تسمية سوى أنه قلّة أدب وليس أدبا بالمرّة ، والمؤلمّ من ذلك وصوله لنيل جائزة ثقيلة لها وزن وتاريخ أدبي نزيه .
تساءلت وأنا أتصفّح ما نشر من صفحات الرواية الفائزة بجائزة آسيا جبار عن الهدف من هذا العمل الروائي؟!! ، ما المميزات التي جعلته يفتكّ المرتبة الأولى؟!!! ، وهل هذا العمل جدير بتمثيل الأدب الجزائري وتقديمه للعالم الخارجي ليمثّل ثقافة وطن؟!!! ، هل هذا هو الواقع الحقيقي الذي ينقله الكاتب للقارئ والعالم؟!!! ، وما زاد حيرتي توظيف الألفاظ البذيئة والسوقية التي طغت على هذا العمل بشكل مستفزّ ومنفّر وقاتل للجمال الأدبي ، هل هذا هو الواقع الجزائري المعيش حقّا؟!! ، هل هذه هي الأسرة الجزائرية من منظور الكاتبة التي خرجت من عرش المزابيين الشّرفاء المحافظين؟!!! ، علّ وعسى ساورتها خشية عظيمة من ردود فعل البيئة التي نشأت فيها لذلك بحثت عن بيئة أخرى تلصق عليها هذه العاهة الأدبية وتفرغ ما علق بها من كبت .
إنه لإجرام أدبي، وطعن قاتل للأدب الهادف، وإعدام متعمّد للقيم السائدة في مجتمعنا الجزائري الذي يحاول الكثير من المتبرّئين منه إثبات العكس في أعمالهم ، وقتل عن سبق الإصرار لجماليات اللغة العربية، فأغلب ما وقعت عليه عيني مقاطع حوارية سوقيّة، بذيئة بالعاميّة وألفاظ قبيحة جدا أفسدت النّص وأفقدته جماليته لأنه عمل مرتكز بالأساس على إثارة الغرائز بشكل فاضح وإباحيّ جدا لا طائل من ورائه سوى تغييب الحقائق
صرت متيقنا أن الأعمال الأدبية التي تحيد عن أطر الالتزام والعفاف و المحافظة تحظى باهتمام بالغ ، ويصفق لها كثيرا، وتكشف لها الأضواء ، فكلما انسلخت عن مبادئك الإنسانية وقيمك و ثباتك عليها كلما فرش لك البساط الأحمر ، وتوجت بتاج الإبداع والابتكار ، ونصبت ملكا على عرش الانبعاث الجديد والتطور المرغوب.
أعتبر هذا العمل إساءة للأدب الجزائري وللرواية الجزائرية، وإهانة لمدينة وهران كمدينة تاريخيّة عريقة وللوطن بشكل عام ، إنه عمل هادم للأدب يرام منه تشويه صورة الجزائري وتحطيم المجتمع الجزائري المحافظ على عكس ما يدعيه البعض من انفتاح وتحضر متخلف بحجّة الخروج عن النمطيّة والتّجديد الفنّي بأسلوب التّعرّي اللّفظي البذيء .
هل الكاتبة فعلا استصاغت أحداث الرواية من الواقع الوهراني الجزائري أم من نسج خيالها المريض، الكاتب كما نعرف لا بد أن ينغمس جيدا في البيئة و المكان الذي يود مسرحة أحداث روايته عليه بتسليط الضّوء عليها وليس تزييفها وإلباسها سلوكات شاذة ليست غالبة على المجتمع الجزائري، أم أنها مجرد فكرة مسبقة وانطباع سطحي أخذتها عن المدينة وراحت تنفخ فيها الرماد والفساد وسعت بكل جهد على تشويهه بنماذج إنسانية لا يقاس عليها .
الهدف الحقيقي من وراء هذا العمل النتن هو تسلق الشهرة السريعة المستهلكة التي سريعا ما تنطفئ ولا تعمر طويلا ، وأغلب المواضيع التي تحدث طفرة جمالية في اعتقاد المرضى بالآخر هو جرأة الخوض في مواضيع حساسة كالجنس ، ليتها طرحت الفكرة بسرد يخدم النصّ ، بل أراها خرجت عن النّص وتاهت في سفور .
الرداءة والانحطاط والسوقية والبذاءة وكراهية الاعتدال الإنساني وضغينة للمبادئ والأخلاق يشوبه اعتلال في المنبت الذي ارتوت منه الكاتبة وجعلته مرجعا لأعمالها، عمل يشكل خطرا على الذوق الفني والإنساني والتاريخي للمجتمع، و شذوذ أدبي نال حصّته الكافية من المباركة باعتباره طفرة جديدة في الانحلال الأدبي للكاتب .
كم توجعهم حقيقة المجتمع الجزائري الذي لا يزال محافظا على دينه وعقائده وعاداته مقارنة بمجتمعات أخرى ، لذلك يحاولون قد استطاعتهم الحياد عن هذه الحقائق وتشويهها
برغبة مستميتة في الانسلاخ الأعمى تقودها النخبة المثقفة للأسف الشديد لمجرّد أن الكاتب تجرّأ على المحظور خرج عن صمته ، الجرأة في الطّرح لا تنفي تقييم موضوع العمل ككلّ
وما يقلق أكثر خروج بعض الأدباء المعروفين على الساحة الأدبية كالأعرج أعرج الفكر والقلم والذوق لتثمين هذا العمل وتشجيعه بكلّ وقاحة، وكذا لجنة التحكيم والهيئات المباركة لهذا النشاز، لتتبيّن مخالبهم الفكرية والإديولوجية التي يسعون لغرسها مهما كان الثّمن، ويعتبر كلّ الرافضين لهذا العمل قلّة أدب ، فقلّة الأدب أن تشجّع على الرّذيلة الأدبيّة على حساب العمل كفنّ جميل قائم على السّرد الجمالي الذي يشدّ القارئ ويثير دهشته ، لم نر في العمل غير الأسلوب السوقي الفاضح الذي تدعمه هذه النخبة المثقّفة التي لا تحمل رسالة ولا ضميرا ولا حسّا أدبيّا ، لا أعرف ربما المسألة كلها مسألة معرفة وانحياز لاسم الكاتب ودعم الجهويّة والبيروقراطيّة الأدبية مهما كان العمل فاشلا وأعني هنا لجنة التحكيم التي أبدعت في تتويج العمل اللّاأخلاقي اللاأدبي اللا جمالي بكل المقاييس، وساءني كثيرا أن تكون الدكتورة أمينة بلعلى في اللجنة وساءني أكثر مدافعتها عن الرواية بعنوان: ليس دفاعا....، هل تتلاعبين بعقولنا؟!! لقد سقطت سقطة كبيرة بهذا الفعل ليتك سكت يا دكتورة!!!
أما أنت يا إنعام ستنعمين بما أردته من وراء هذا العمل لكنه لن يدوم طويلا، ولن تدومي وأقول لك ما هي إلا سيئات جارية تتركينها خلفك بعد أن تغادر روحك الحلقوم.
واللوم والعتاب على دور النشر التي تطبع دون دراية أو دراسة أو قراءة لهذه الأعمال الخادشة ، الرديئة التي تردها ، طبعا لأن الهدف من الدار لم يعد يخدم الأدب بقدر ما صار يملأ الجيب .. الدور صارت تجارية والأعمال الأدبية بضاعة بعضها لا يرقى للنشر والطبع ، والذي يوجعنا أن اصحاب هذه الدور أغلبهم كتاب وأدباء من الطبقة المثقفة فكيف يرتقي عمل كهذا إلى هذه المنزلة التي لا يستحقها ولا مكان له إلا المهملات.
✍🏿
بقلم عبد النور خبابة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق