العيد أحكام
وآداب وفضل يوم عرفة
الخطبة الأولى:
أما بعد
معاشر المسلمين والمسلمات أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا فاتقوه حق التقوى
واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى واهتدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم
تفلحوا في الدنيا والأخرى...
ثم
اعلموا رحمكم الله تعالى أن الدين الإسلامي الحنيف جعل للمسلمين مناسبات شرعية؛
يفرح فيها المسلم بفضل الله جل وعلا وكرمه، وقد كان أهل الجاهلية يجعلون لهم أياما
يفرحون فيها ويمرحون ، فجاء الإسلام مبدلا هذه العادة إلى شريعة محمودة هي يومي
عيد الفطر وعيد الأضحى مكرمة من الله سبحانه وتعالى يقول انس ابن مالك رضي الله
عنه "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما
في الجاهلية فقال عليه الصلاة والسلام:" قدمت عليكم ولكم يومان تلعبون فيهما
في الجاهلية فقد أبدلكم الله سبحانه
وتعالى خيرا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى".
عباد
الله: لقد شرع الله تعالى في العيد سننا وآدابا ينبغي للمسلم أن يلتزمها وأن يحرص
عليها فمن ذلك أنه يستحب للمسلم أن يتطيب وأن يغتسل وأن يلبس أجمل ثيابه ليوم
العيد، وان يبكر إلى الصلاة وأن يدنو من الإمام، وأن يشهد دعوات المسلمين وخيراتهم،
ويستحب أن يخرج النساء والأطفال يوم العيد للمصلى ولتعتزل الحيض المصلى كما امر
بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسن للمسلم في عيد الأضحى أن لا يأكل حتى
يرجع من صلاة العيد فيأكل من أضحيته لما رواه بريدة ابن الحصيب رضي الله عنه قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتي يطعم ويوم النحر
لا يطعم حتى يرجع فيأكل من نسيكته" ت بإسناد حسن. ومن السنة أن يكبر في
العيدين فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى
يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام، الإرواء3/123. ويستمر
التكبير في عيد الأضحى من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ومن سنن العيد
مخالفة الطريق في الذهاب والإياب من المصلى لما رواه جابر رضي الله عنه قال:"
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق" البخاري .
وصلاة العيد إخوة الإيمان فرض عين على الصحيح على المسلمين أن لا يفرطوا فيها ل،ها من شعائر الله العظيمة " ومن يعظم
شعائر اللله فإنها من تقوى القلوب"ويشرع للمسلمين في هذا اليوم ان يهنئ بعضهم
بعضا بالعيد فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال جبير بن نفيل
:" كانوا إذا صلوا العيد اقبل بعضهم
لبعض فقال لعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم" وافضل عمل يقوم به
المسلم يوم العيد ذبح الأضاحي ائتساء بالخليلين عليهما الصلاة والسلام.
ايها
المسلمون : إن الواجب على المسلم أن يفرح
بهذا العيد وان يكون هذا الفرح منضبطا بشريعة الله تعالى، فلا يكون فرحه
بالعيد داعيا إلى أن يتجاوز حدود الشرع ، فلا يجوز للمسلم أن يسمع الأغاني إظهارا
للفرح، بل واجب عليه أن يحمد الله تعالى في هذا العيد وأن يسأله المزيد من فضله.
عباد
الله: اعلموا أن بين أيدكم يوم عرفة يوم سعد الواقفون فيه؛ وفاز الذين لبسوا ثياب
الإحرام وخلعوا ملابس الترفيه، فهنالك تسكب العبرات وتقال العثرات، وترتجى
الطلبات، وتغفر السيئات، فواأسفا لمن أبعدته الخطايا عن ذلك المقام، وأقعدته عن
أهل عرفات قبائح الآثام، فتداركوا ما فاتكم منها باغتنام صالح العمل؛ وأنيبوا إلى
ربكم من فرطات الزلل، وصوموا يوم عرفة فإن صومه من سنة نبيكم المختار وكفارة للسنة
الماضية والقابلة كما ورد في الأخبار، وتعرضوا لنفحات ربكم بالتضرع والاستغفار،
وإدمان ذكره بالعشي والإبكار.
عباد
الله: من فاته هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه، ومن عجز عن المبيت
بمزدلفة فليبيت عزمه على طاعة الله وقد قربه وأزلفه، ومن لم يقدر على نحر هديه
بمنى فلذبح هواه هنا وقد بلغ المنى، من لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب
البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد..
بارك
الله لي ولكم في القرآن الكريم .....
الخطبة الثانية: الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا، وجعل الليل
والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، نحمده بجميع محامده حمدا كثيرا،
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها ليوم كان شره مستطيرا،
ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه بشيرا ونذيرا، صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم تسليما كثيرا:
أما بعد
:
إخوة
الإيمان: إن أعياد المسلمين أعياد طيبة مباركة ملؤها البشر والسرور؛
ومن تمام السرور يوم العيد أن يعفو المؤمن عمن ظلمه، وأن يحسن إلى من أساء إليه،
وان يصل من قطعه، وان يسعى بالصلح بين المسلمين، وأن يبر بوالديه، وأن يكرم جاره،
ويطهر قلبه من الغش والغل والبغضاء للمسلمين، وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، إن من
تمام السرور والبهجة والسعادة والحبور أن يسعى المسلم لزيارة رحمه وذوي قرباه؛
والتودد إليهم وأن يعمل الموحّدون في كل مكان على تحقيق التآلف والتراحم والترابط
والتآخي لتصير أمّة الإسلام كما كانت
عزيزة منيعة مرهوبة الكلمة قويّة الجانب،فما أروع وأجمل أن نجد المسلمين كما صوّرهم
هاديهم ومرشدهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله" مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد
بالحمى والسهر".
أيها
الإخوة المؤمنون: اعلموا رحمكم الله تعالى أن الذي يهنأ حقا بالعيد هو الذي يخفض
جناحيه ذلا ورحمة لوالديه يتأدب معهما، يسعى لمرضاتهما؛ يسمع نصحهما، إن الفرحة
بالعيد لا تكتمل في نفس المؤمن إلا إذا أدخل البهجة والمسرة على قلوب اليتامى
والأرامل والمساكين؛ بالصدقة والإحسان والعطف والمودة، إن العيد هو الذي يعود على
الموحدين وقد تباعدوا عن كل ما يغضب الرحمن وطهروا قلوبهم من الحسد والبغضاء
وأسباب الخصومات؛ وعاشوا إخوانا في صفاء ونقاء، وأطعموا الطعام ووصلوا الأرحام،
وعملوا على رعاية الضعفاء والبائسين، وأقبلوا على صالح الأعمال.
إخوة
الإيمان: ليس العيد لمن لبس الجديد، وتمتع بالعدد والعديد، إنما العيد لمن طاعاته
تزيد، ولمن خاف يوم الوعيد، ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب؛ إنما العيد لمن
غفرت له الذنوب. ...
بقلم عبد النور خبابة
ألقيتها بالمسجد العتيق
بغيلاسة
(أسعد الله قلوبا طاهرة إن وصلناها شكرت وإن قصرنا عذرت).
ردحذفلقد زرتك بمسجد "صهيب الرومي " ولم أجدك
أسعدك الله بكل خير أستاذي الغالي وشاعري المفضل وأديبي المبجل، ألا ترى أستاذي أني اكتب تحت الخطب من مدة ألقيتها بالمسجد العتيق بغيلاسة، يعني أني تحولت إلى هذا المسجد أسعد كثيرا بزيارتك، تحياتي عزيزي .واعتذر كوني أتعبتك.
ردحذف