إلى أنصاف البشر!!!
رسالة من قطة وضع لها السم في الحليب هي وصغارها.
جمدت بعد أن قلّبها الوجع كزوبعة في صحراء قاحلة ، وحيدة رفقة صغارها على فراش الأرض الذي احتواها كضمّة الأمّ الدّافئة في عراء الإنسانيّة المفقودة .
صورة التقطها القلب وهو في زخم الكلمات العاجزة يخجل صنع نصّ يليق بمجرمي الأرض الذين لم تسلم منهم الكائنات الضّعيفة وأنا أرقب منظر القطّة وصغارها تهاوت بداخلي أشجار كثيرة من الكلمات الرثّة وخلتها تحدّثني قائلة
ما ذنبي إن كان الجوع من يقود غريزتي ، ما جريمتي إن كانت أمومتي تحفّني بالمخاطر بحثا عن لقمة طائشة أهديها لصغاري ، ما ذنب صغاري الذين أعادهم غدر البشر إلى صناديق الأرض قبل أن ألهو في فناء الحياة معهم .
اعتقدت أنّ في كيس حليبك صوت الرّحمة ، وأنّ ابتسامتك لي همسة رأفة ولكنّ الجوع الذي أنهكني جعلني أرتوي من سمّك ، ومستنقع ابتسامتك التي لوّحت لي من بعيد لتصطاد شمسي الطّالعة .
لم أكن أدري أنّ الحذف مؤلم على يديك ، وأنّ احتضان الموت أرحم من قسوتك التي غدرت بي وجعلتني أتوسّد الرّماد .
ما كنت سعيدة ولا حزينة فالشّوارع التي خُلقت لي بيتا لم تكن أسوأ منك ولكنّها كانت المأوى الوحيد لبقائي .
فوق جسدي ماتت قلوب الكثيرين ، على عيون صغاري تنعكس بشاعة الكثيرين ، على بياض الحليب المسكوب تكتب حكايات طويلة عن خيانة اللّون ، و خداع المواقف التي في لحظة ما أنستني كينونتي وذكّرتني بك طويلا .
من سيلتفت لقتلي ، من سيلاحظ تسمّم صغاري وأنا أشغر مكانا ليس من حقّي ، من سيحزنه منظري في شارع مزدحم بأنصاف البشر .
بقلم عبد النور خبابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق