كنت راجعا من مدينة إلى مدينة حيث أسكن، الجو بارد جدا ثلوج تتساقط بكثافة راديو السّيارة مفتوح على الإذاعة المحلّية من القناة الأولى يقرع سمعي تقرير بأصوات تذمّر من متحدّثة عن أزمة في نقص غاز البوتان وفي رفع سعر القارورة الواحدة إلى 900دج؟ !!
في هذا الوقت أصحاب غاز المدينة يمرحون ويفرحون فانعكس عندي ما سار وطار :"مصائب قوم عند قوم فوائد" لتصبح عنوان ما سطرته على عجل، شعرت من خلال المتحدثين الناقمين على وضعهم تصورت أن لهم أبناء صغارا وشيوخا كبارا يزمجر البرد القارص على عتبات أباب بيوتهم ونوافذها وهم بين متلحف بأغطية لا يقدر على تغيير جنبه من كثرتها وثقلها، وبين ضام بيديه إلى صدره مرتجفا، وبين من هو أمام المدفأة يشتم عبق رائحة مازوتها، أو يستنشق دخان فرن الخشب المسروق وقوده غالبا ...
من خلالها شعرت بحجم معاناة أصحابها لأني اكتويت يوما ما بنارها كيف لا وأنا ابن عشر سنوات أو أقل عندما كنت أبيت الليل كله قرب محطة توزيع الغاز في ليلة شتاء الثلج فيها يتساقط لهذا كانت هذه هي الصورة التي أراها كلما رأيت الثلج
كنا نغير على خشب بعض المقاولين المعدّ للبناء لنوقد نارا نحلق حولها فنحسٌّ بصيف شتاء وشتاء صيفا زمهرير أمامك يكاد يحرقك ويعمي دخانه عينيك ولفح ثلج فوق ظهرك برده يلامس عظمك ... ننتظر طلوع النهار لتأتي شاحنة التوزيع من أجل قارورة غاز
تحية ثلجية ساخنة حارة لكل الفقراء والبؤساء والضعفاء
الحمد لله على كل حال ...ربي يعين كل فقير محتاج ....شكرا استاذي
ردحذف