القرآن الكريم
هو كلام الله عزّ وجلّ، وهو أعظم كتاب، أنزله الله -سبحانه وتعالى- على نبيه محمّد صلّى الله عليه وسلّم؛ ليُحاجِج به كفّار قريش، لذلك فإنّ القرآن الكريم هو معجزة سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- العظيمة، بل إنّ القرآن الكريم معجزة الله -تعالى- الخالدة التي لا يوجد فيها تحريف ولا تبديل، وليس إعجاز القرآن محصوراً في فصاحته وبلاغته فحسب؛ إنّما يحتمل العديد من الجوانب الإعجازيّة، مثل الإعجاز الغيبيّ، والإعجاز البيانيّ، والإعجاز التشريعيّ، ومن إعجاز القرآن أيضاً تأثير قراءته على الإنسان وصحّته بشكلٍ إيجابيٍّ، فما مدى صحّة هذه المعلومة، وبمَ يتميّز حافظ القرآن عن غيره في الدنيا والآخرة؟
معنى القرآن
القرآن في اللغة: مصدر قَرَأَ، يقرأُ، قرآناً، وهو الكتاب الذي أُنزِلَ على سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وعددُ سورهِ مئةٌ وأربعَ عشرةَ سورةً، وعددُ آياتهِ 6.236 آيةً.
القرآنُ في الاصطلاح: هو كلامُ الله سبحانه وتعالى، الذي أنزلهُ على سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، المُعجِز بألفاظهِ، ومعانيه، المُتعبَّدُ بتلاوتهِ، المنقول إلينا بطريقِ التواترِ، وكُتِب في المصاحفِ؛ حيث ابتُدِئ بسورةِ الفاتحةِ، واختُتِم بسورةِ النّاسِ.
مَن يقرأ القرآن لا يخرف ولا يَهرم ثبت في العديد من الرِّوايات المُضافة إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وللصحابة رضي الله عنهم، أنّ من يقرأ القرآن لا يخرف ولا يهرم، ولا يُرَدّ إلى أرذل العمر، ومن ذلك ما رُوِي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، أنّه قال: (من قرأ القرآنَ لم يُرَدَّ إلى أرذلِ العمرِ؛ وذلك قولُه تعالَى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا...)، قال: الَّذين قرؤُوا القرآنَ). وقد أوردَ العلماء ذلك الرأي في تفسيرِ سورةِ التّينِ، وتحديداً عند قول الله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)،فالإنسان في شبابه يكون قوياً فتيّاً، فإذا بلغ سنّ الشيخوخة عجز عمّا كان يفعله في صباه وشبابه؛ فيُرَدّ إلى أرذل العمر؛ وهو الخرف والشيخوخة بعد الشباب والقوّة، فيصبح كالصبيّ الذي لا يستطيع فعل شيءٍ، ولا يعلم شيئاً من الأمر، وهذا تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ).
أمّا تفسيرُ قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)؛أي أنّ مَن في هذه الفئة هم الذين لا يهرمون، ولا يخرفون، ولا تذهب عقولهم على رأي من قال بذلك من العلماءِ، بل تُكتَب لهم حسنات، وتُمحى عنهم سيئاتهم، ويرى ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنَّ المقصود من الآية الكريمة؛ أنَّ هؤلاء الذين أدركهم الكبر ممّن عملوا الصالحات في شبابهم لا يُؤاخَذون بما يعملونه في شيخوختهم، في حين يرى عكرمة أنّ من كان يقرأ القرآن لا يخرف، ولا يهرم، ولا يذهب عقله، وهو ما يُوصَف بأنّه أرذل العُمر.
فضل قراءة القرآن
إنّ لقراءة القرآن الكريم والمواظبة عليه العديد من الفضائل والثمرات، بالإضافة إلى أنّ قارئ القرآن لا يخرف ولا يهرم، ولا يردّ إلى أرذل العمر، كما ورد في الأحاديث الصحيحة، وكما فسّر العلماء آيات الله -سبحانه وتعالى- فإنّ من فضائل قراءة القرآن ما يأتي: من قرأ القرآن في المسجد مع مجموعةٍ، حفَّتهم الملائكة، وغشِيتهم الرّحمة، ونزلت عليهم السّكينة، وذكرهم اللهُ في جلسائهِ من الملائكة؛ فقد قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: (ما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلون كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلّا نزلت عليهم السكينةُ، وغشيتهم الرحمةُ، وحفّتهم الملائكةُ، وذكرَهم اللهُ فيمن عنده...)، وهل أعظمُ من أن يذكرَ الله -سبحانه وتعالى- قارئَ القرآن في مجلسهِ، وبينَ ملائكتهِ؟ من يقرأ القرآن يأجرهُ الله بكلّ حرف يقرأهُ عشرُ حسنات، والحسنةُ بعشر أمثالها، واللهُ يضاعفُ لمن يشاء، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن قَرَأ حَرفاً مِن كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشرِ أمثَالِهَا، لاَ أقول: ألم حَرفٌ، وَلكِن: ألِفٌ حَرفٌ، وَلاَمٌ حَرفٌ، وَمِيمٌ حَرفٌ).
الذي يقرأُ القرآنَ، ويتلوهُ باستمرار هو من أهلِ اللهِ وخاصَّته، وليس هناك ميزةٌ وفضلٌ أعظم من ذلك؛ فقد صحَّ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: (إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ، قالوا: من هم يا رسولَ اللهِ؟ قال: أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه).
نيلُ الشفاعة بتلاوةِ القرآنِ الكريمِ؛ قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (اقرَؤُوا القُرآنَ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَومَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصحَابِهِ). قراءةُ القرآنِ باستمرارٍ؛ تُوصلِ صاحبها إلى أعلى الدرجات في الجنّةِ يومَ القيامة؛ فعن النبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قَالَ: (يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ: اقرَأ وَارقَ وَرَتِّل كَمَا كُنتَ تُرَتِّلُ في الدُّنيَا، فَإنَّ مَنزِلَتَكَ عِندَ آخِرِ آيةٍ تَقرَؤُهَا).
خصائص حافظ القرآن
يتميّز حافظ القرآن بالعديد من الخصائص، ومنها ما يأتي: يُقدَّم حافظ القرآن على غيره من النّاس في إمامة الصّلاة.
يُقدَّم حافظ القرآن في استلام الإمارة والرئاسة، إذا اجتمعت فيه شروط الإمارة والرئاسة الأخرى.
تكون منزلة حافظ القرآن في الجنّة عند آخر آية حفظها من كتاب الله.
يكون حافظ القرآن رفيقاً للملائكة في منازلهم يوم القيامة.
يلبس حافظ القرآن تاجاً اسمه تاج الكرامة، ويلبس أيضاً حلّة الكرامة. يشفع الله -سبحانه وتعالى- لحافظ القرآن؛ لحفظه لكتاب الله عزّ وجلّ.
يلبس والدا الحافظ لكتاب الله تاجاً من نورٍ يوم القيامة، ويُكسيَان حُلّتين؛ لرعايتهما وتعليمهما القرآن لابنهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق