إحياء يوم العلم . .. بحناجر الطّفولة الواعدة:
روضة دنيا الأطفال
قاعة البشير الإبراهيمي
السبت 21 أفريل 2018
بديع هو صوت الطّفولة حين يشاطرنا هدوء الفكر ، وبراءة الإلقاء ، وعفوية اللّغة التي تصدح بها أفئدتهم الغضّة كأنّها تخرج من حدود الحواس لتغمسنا في روعة إدراكها المبكّر لفضائل العلم التي تطرحها عقولهم الصّغيرة في محاكاتها لعالم يستضيء من براءتهم قوّة بالغة لا يحدثها إلاّ من فتح كالزّهرة ذراعه وأمسك من مجراها الحكمة والفضيلة و الخلق .
وما أحسست نفسي إلاّ مغيّبا بين هؤلاء الأطفال الملهمين في ألفاظهم ، السّابحين كالأفلاك بتعابير كلّها تنادي بالعلم . وقد كان لصوتهم الصّدى العميق ، بحيث استطاعوا أن ينفذوا إلى أعماق كلّ قلب وعقل حضر ليتمتّع باللّوحات الصّافية التي شكّلتها تلك البراعم المترعرعة في أحضان أرض طيّبة سيّجها أصحابها برعايتهم الفائقة لهم .
انتظارا للحضور قدم البهلواني " قوفريطة" عرضا ترفيهيا حرّك عقول الأطفال وجعلهم يستمتعون باللّعب معه ، مشركين حواسهم التي علقت في حركاته الخفيفة التي أبدعت في اجتذاب اهتمامهم وجعل الجوّ متلوّنا بضحكاتهم وتفاعلهم وتجاوبهم ومشاركتهم إيّاه اللّعب بعفويّة تامّة .
ثم بدأ البرنامج والحفل حيث كان مسك الانطلاق بتلاوة آيات بينات من الذّكر الحكيم بصوت التلميذة شيماء
بعد هذه الرّحلة الإيمانية الرّوحانية عرجنا إلى دفء آخر لحناجر طفوليّة ستختطفنا من أنفسنا وتحتجزنا عميقا في أغوار دواخلنا بإنشاد النّشيد الوطني من إلقاء أطفال روضة دنيا الأطفال ليعلنوا بحناجرهم الصّغيرة أبديّة الانتماء للوطن الذي يولد مبكّرا في مهد كلّ بيت من بيوت هذا البلد الأمّ الذي يرعانا حقّ الرّعاية والاحتواء كإعلان صريح على الوطنيّة المبكّرة والانتماء الذي يولد في المهد
وقد تقلّدت إحدى البرعمات قيادة هذا النّشاط العلمي المتنوّع بإلقاء كلمة ترحيبية أضرمت حرائق الإعجاب والثّناء .
وقد صدح أطفال روضة دنيا الأطفال بإنشاد أنشودة بسم الله التي انتزعت من صدورنا عواطف الإعجاب والسّرور . وقد كان للعلامة عبد الحميد بن باديس حضور النّهار ، وتوهّج الشّمس ، وانسياب الغدير الذي لا ينضب إذ كان الحديث عنه شيّقا في حوار مميّز صنعته طيور المستقبل التي نعوّل على أريج عطائها الذي يلوّح من بعيد ، كما كان لأطفال الرّوضة نشاط آخر تمثّل في إلقاء قصيدة ابن باديس المعلّم التي أبصرت من خلالها العيون روعة الإلقاء بألوان الظلّ والماء والسّماء وما يتسحّب فيها من سحر . لتعرض على إثرها مسرحيّة العلم والجهل التي أجاد فيها كلّ طفل اللّعب بالألفاظ ، والمرايا التي عكست في كلّ مرّة ملامح الجدّ والثّقة والإيمان بانتصار العلم دوما على الظّلمات
وقد عقبها مجموعة من الأناشيد التي كانت كصوت الطّبيعة ، وغدير الأنهار ، وحفيف الأوراق تأخذنا وتعيدنا دون أن نحسّ بثقل الوقت ومن هذه الأناشيد لننطلق إلى العلا ، الجيل رهن يديك ، يا معلّمي ، كما كان للطّفلة الجميلة" نوال" تقديما مميّزا ، وظهورا مشعّا بإنشادها لأنشودة رائعة عن الأمّ .
وقد تتخلل البرنامج مسابقة فكرية حول الموضوع شارك فيها الأطفال لتسحب في الأخير أسماء الفائزين عند نهاية الحفل ، وقد كان للمهرّج نصيب آخر في الختام حيث قدّم عرضا ختاميا بهيجا اغتبطت له نفوس الصّغار كثيرا كما عكس ملمحا تفاؤليا مشرقا ليتمّ توزيع جوائز رمزية على خمس فائزين تكريما لهم على نبل عطائهم المبكّر آملين أن تبقى مصابيحهم مشتعلة ليضطرم فجر أيّامهم ويمتدّ ويعلو .
كما أشكر الأولياء الكرام الذين رافقوا صغارهم هذه الرّحلة لتكون كرنّات الفرح تجري تحتها جداول الأمل ، كما أشكر الجمهور الحاضر الذي لبّى الدعوة وضمّ هذه المبادرة إلى صدره كما تضمّ الزّهرة أوراقها وعلى رأسهم الرائد بوشليل مختار الذي كان كريما جدا كصباح نشر ربيعه ليمتعنا برحيق لغته وكلماته التي حثّ فيها على العلم ونبذ الجهل ، لأغتنم هذه الفرصة وأشكره على إيصالي رفقة أبنائه و أبنائي، وقد سعدت برفقته مستمتعا بحديثه الشيق وإفاداته ، متعه الله بصحته ، كما أشكر الدكتورة لينة شبير وممثلي الإذاعة صيام فتيحة عبدوني وسامي بن سيدهم الذين ساهموا بشكل كبير في سرقة الفرح من فم الوقت لتسعد هذه الوجوه الصّغيرة التي تصنع دوما سعادتنا
وفي الأخير أقدّم بستانا من لغتي عبقا بمعاني الشّكر والتّقدير والامتنان لمديرة الروضة ورئيسة جمعية حماية الطفولة والشباب المراهق على البذل وعلى الدعوة وعلى التكريم حيث كرمتني بشهادة تقدير أعتزّ بها كزهرة ليّنة حملتها رياح الجود إلى لجج عجزي عن ردّ هذا الكرم ، رغم أنّي كنت المنشّط الذي قاد سمفونيّة العروض على اختلافها ببساطة الكلمات التي كانت تقع في قلب الصّغار قبل أسماعهم دون أن أنسى شكر من شرّفني بهذا الدّور الذي منحني أكثر ممّا منحنه ، وأعطاني أضعاف ما أعطيته آملا أني كنت كالظّلال الخفيفة على أرواحكم .
بقلم عبد النور خبابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق