بمناسبة ذكرى مجازر 8 ماي 1945
أقامت متوسطة عبد الله بلكعلول بالتّنسيق مع جمعية براءة للطفولة السعيدة معرضا تاريخيا تحت شعار حتّى لا ننسى
على أطفالنا ألاّ ينسوا جراح الأجداد التي طبعت على الأرض وبقيت في ذاكرتنا ساكنة ، عليهم ألاّ يستهينوا بأمنياتهم المعطوبة التي بترها الظّلم في مجازر تندى لها الإنسانية وتخجل منها أخبار الأيّام الجافّة ، عليهم أن يتذكّروا أنّ التّراب الذي يطؤونه ممزوج بعظامهم التي حملها غبار التّضحيات الكبرى بعيونها الممزّقة ودمائها التي أنجبت قطعة آمنة تجوبها أجسامكم دون خوف من غدر طائش تدسّه الأيام تحت إبطها .
علينا ألاّ ننسى وشم الألم المحفور في صدورنا يوم الصّرخة التي زلزلت الشّوارع والأرصفة منادية بحقوقها التي قوبلت بقمع وحشي حصد 45000 أمنية ، وحلما ، وزهرة أتلفت أعضاؤها لتصبح عصيرا من الحزن ارتوت منه الطّرقات وبقيت شاهدا على هلاك مفجع .
لذلك إحياء لهؤلاء الصّناديد الذين أسلموا روحهم للموت من أجلنا ، من أجل قضيّة الحياة التي لا يساومنا عليها أحد احتضنت متوسّطة عبد الله بلكعلول بهذه المناسبة الأليمة معرضا في الهواء الطّلق في ساحة المتوسّطة من تنظيم جمعية براءة للطّفولة السّعيدة حيث فتحت العروض المنتقاة بعناية ذاكرتنا كما يفتح الجرح العميق العظم والإحساس بتلك الصّور الصارخة بالأحداث التي دوّنها التّاريخ بالدّم لتعيدنا إلى تلك اللّحظات المجروحة كي لا ننسى أصحا ب الواجب الذين خرجوا من ضعفهم ليصنعوا قوّة ضاربة في الوطنيّة والتّضحية والعطاء أمثال الفذّ الأمير عبد القادر ،شيخ العلم العلامة عبد الحميد بن باديس وغيرهم ممّن سجّلوا أسماءهم بالذّهب والمعدن النّفيس في عالم كلّه عبرات تحت نغمات ثوريّة وأناشيد وطنيّة أطربت الوجدان ، وأيقظت العزائم وربطت أواصر المحبّة بين الأجيال الصّاعدة والسّابقة التي تركت بصمتها في الكتب والتّاريخ والذّاكرة والفنّ .
فكان من الجميل أن يتعرّف التّلاميذ على أبطالهم الحقيقيين الذين لم ينجبهم الخيال ولم تشكّلهم الصّدف ولم تطرحهم المستحيلات بعيدا ، لانّهم بكلّ بساطة هم الخيال نفسه ، والمستحيل ذاته الذي أصبح حافزا وأملا منشودا للمظلومين في كلّ بقاع الأرض .
كما تمّ بالمناسبة حملة تشجير بالمؤسّسة حيث اشترك التّلاميذ بمعيّة الأساتذة والسيّد المدير في هذه الحملة التي كان الهدف من ورائها غرس حبّ الأرض ، وتثبيت عقيدة الانتماء ، و التّشبع برموز الحياة التي تمثّلها الشّجرة كرمز متجذّر في عقل الإنسان .
فكانت الأجواء ساحرة يعجز المداد على خلع معانيها الجامدة كالتّراب الذي تنفّسنا منه حبّ الوطن ، ولامسنا من خلاله رسم الشّهداء ، وعبير أنفاسهم التي لا تزال عالقة كأنّها الآن من عمق الأرض خرجت .
كما اغتنم بالمناسبة طاقم المتوسطة الفرصة لاستقبال أطفال من مؤسسة الطفولة المسعفة ومدّ جسور الرّحمة في أقاصي البعد الذي تعيشه هذه الفئة المعطوبة التي مدّت انقطاعها في نظرات الوجوه التي اقتحمت عالمها الصّامت بكلّ الحب والعطف وأخرجته من زواياه الخانقة الضيّقة ، فتبدّد بهذه الالتفاتة الإنسانية بعض الحزن ، وكثير من الوحدة ، وقليل من العواطف التي أحيت ابتساماتهم وجعلتها كالبستان متنقلا بين أرجاء المؤسسة ليبدّد بعض الظلمة والوحدة والتّهميش .
شاكرا في الأخير السيّد المدير الحاضر الواقف الباعث لآيات الإرادة والنّشاط و الذّكرى رفقة طاقمه الإداري الذي يرفع في كلّ مرّة راية التّحدّيات بعينين يغشاهما الفرح والأمل والعمل.
بقلم عبد النور خبابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق